من هدي القراءن الكريم (محاضرات متفرقة1)

أحاديث، أدعية ، مواعظ .....
أضف رد جديد
أبوزيد
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 13
اشترك في: السبت إبريل 01, 2006 8:58 am

من هدي القراءن الكريم (محاضرات متفرقة1)

مشاركة بواسطة أبوزيد »

دروس من هدي القرآن الكريم





الإرهاب و السلام

ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي

بتاريخ:

8/3/2002م

اليمن-صعدة

هذه الدروس نقلت من تسجيل لها في أشرطة كاسيت، وقد ألقيت ممزوجة بمفردات وأساليب من اللهجة المحلية العامية.

وحرصاً منا على سهولة الاستفادة منها أخرجناها مكتوبة على هذا النحو.

والله الموفق.

إعداد:ضيف الله صالح أبو غيدنة




-كلمة سيدي العلامة المجاهد /بدر الدين بن أمير الدين الحوثي-

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين.

وبعد أوصيكم بتقوى الله ربنا ،وامتثال أمره ،واجتناب ما نهى عنه ،والتمسك بطاعته في كل أعمالنا ؛فإنا عن قليل راحلون من هذه الدنيا ،ومنتقلون إلى الآخرة حيث لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ،فعلينا أن نتقي الله وأن نُعد لذلك اليوم العظيم الذي وصفه الله وصفاً شديداً في القرآن كما قال }إنا نخاف من ربنا يوماً عبوساً قمطريراً{ دَاهية دَهْياء ،يوم عظيم جداً ،عندما تكون السعادة لمن جاء يوم القيامة آمناً ،يوم الفزع الأكبر ،فعلينا أن لا نشتغل بهذه الدنيا حتى نؤثرها على طاعة الله في شيء من الأشياء ،وأهمها أن نتقي الله في الصبر على الجهاد ،على نصر الحق ،ومدافعة الباطل ،وأن نجتهد ونُجِد في دفع الباطل ،ونصرة الإسلام ؛لأن الله تعالى يقول: }يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم{ وقال تعالى: }ولَيَنصرنّ الله من ينصره إن الله لقوي عزيز{ فإذا نصرنا الله بنصر دينه –أما الله سبحانه فهو غني عنا- إذا نَصَرْنا دين الله نَصَرَنا وأعزنا ،وإذا خذلناه خذلنا وأذلنا ،هذا في العاجل في الدنيا أن من نصر الله نصره ،ومن خذل الله خذله.

وفي هذا الزمان استقوى الكفار ،وتسلطوا على المسلمين ،وحاولوا إبطال الإسلام ،وإضاعته ،وتمييعه ،وحاولوا أن لا يبقى منه إلا جسد بلا روح فعلينا أن ندافع عنه بقدر ما نستطيع ؛لينصرنا الله ويعزنا ؛ولنقوم بالواجب علينا قبل أن نرجع إلى الله يوم القيامة ويسألنا ونكون قد فرطنا في حماية الدين ،وقصرنا في الجهاد، وهو قد أمرنا في القرآن أمراً بأن ننصر دينه وندافع عنه ونحميه ،فإذا لم ننصره لم تقبل الطاعات لا صلاة ولا صيام ولا حج ولا زكاة ولا شيء إذا لم نقم بالدين كله بصدق ،إذا تساهلنا في دين الله وتركنا الكفار يتمكنوا ،ويضيعوا الإسلام ،وإذا لم ننصر الإسلام ،ولم نعادِ أعداء الله فالدين لا يقبل منا ؛لأن الدين مترابط لا يقبل بعضه إلا بالبعض الآخر ؛لأن الله تعالى قال }إنما يتقبل الله من المتقين{.

وفقني الله وإياكم ،وأعاننا وإياكم على ما يرضيه ،وجمع القلوب على رضاه وتقواه، وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

- وهذه كلمة لسيدي العلامة /أحمد بن صلاح الهادي-
الحمد لله رب العالمين ،نحمده ونستعينه ونؤمن به ونتوكل عليه.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لـه، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى أهل بيته الأخيار الأبرار الصادقين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.

أما بعد فقد جئنا إلى هنا كزيارة واستضافة عند الأخوان فنقول :كثر الله خيركم ،وأهلاً بكم لقدومكم من الحج. وأنا كنت أريد أن أحول الموضوع كله ،ولم أكن أريد أن أتكلم لأن لدينا ضيف كبير ونريد أن نسمع منه وهو الأستاذ الفاضل العلامة /الحسين بن بدر الدين الحوثي حفظه الله فأحب أن أترك المجال لـه ليكلمنا. لكن أقول :لنتواصى جميعاً بتقوى الله سبحانه وتعالى ،وأن نكون مخلصين مع الله سبحانه وتعالى ،والإخلاص درجة عالية لا ينالها إلا من أزال من قلبه الأمراض كلها ،أسأل الله سبحانه وتعالى أن يزيل عنا المرض مرض القلوب الذي لا يزال يُصَدِّيها ،ولا يزال يبخس علينا الأعمال والله يقول: }يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً{ إذا رجعنا إلى قول الله سبحانه وتعالى }وقولوا قولاً سديداً{ ربما أن هذا علاج للقلوب ،القول السديد ربما أنه يعيننا على قلوبنا، انظروا كيف قال في نهاية الآية }يصلح لكم أعمالكم{ أعمالنا قد تكون أعمال ضعيفة قليلة لكن قد يصلحها الله لنا ؛لأنه ينظر إلى القلوب ،ولا ينظر إلى العمل بدون طهارة القلب ،فالعمل إذا كان من صميم القلب خالص لله سبحانه وتعالى فهو كبير عند الله إلى مستوى عظيم ،ألا ترون أن أمير المؤمنين كرم الله وجهه تصدق بخاتم فن‍زلت فيه آية تتلى إلى يوم القيامة لأنه تصدق بخاتم.

إذاً فلنقل قولاً سديد والله سيصلح لنا أعمالنا }يصلح لكم أعمالكم{ كما أصلح لعلي بن أبي طالب عليه السلام عمله ،وصار له مِنَّة على كل مؤمن وكل مسلم فهو مشارك له في عمله ،انظروا على عظمة حازها. فنحن إذا قلنا قولاً سديداً أصلح الله لنا أعمالنا }يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً{ نرجو أن نكون من الفائزين أما هذه الحياة فهي منتهية ،وعما قليل ننتهي ،وكم قد عرفنا من أناس ،وكم قد مضى ،وهذه الدنيا ليست إلا كظل زائل.وهذا الشعار: الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود ،النصر للإسلام ،فهانحن نقول من هنا ،وهذا تعبير بقول إنشاء الله سديد يصلح لنا ربي به العمل ،فنقول: الله أكبر ، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود ،النصر للإسلام

- الله أكبر/ الموت لأمريكا/ الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود /النصر للإسلام-
يا الله تقبل منا هذا.

فسنقول القول السديد وإنشاء الله أن الله سيصلح لنا العمل ،وإذا رجعنا إلى الله سيصلح لنا أعمالنا إنشاء الله ،ويتقبل منا ،ويعيننا على نفوسنا فإن نفوسنا مريضة وهي محتاجة إلى العلاج ،ولكن ليس لنا من يعالجها إلا مثل هؤلاء الأشخاص مثل سيدي بدر الدين والحسين و الأستاذ عبد الله عيضة. وسيدي بدر الدين يشفي هذا المرض من القرآن ،أمانة إنه يعطينا كلام من الشفاء ،وإننا نرجو الله أن يبقيه لنا ،وأن ما يعطيه هدية من الله فلنستغل حياته ، ألقى لنا خطاباً في يوم (عيد الغدير) يشفي وعلاج. ونحن أمراض أيها الأخوة ،ولا توجد مستشفيات إلا القرآن ومَن يعبر عنه.

وفقني الله وإياكم ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


- ثم السيد /حسين بدر الدين الحوثي-
بسم الله الرحمن الرحيم

}الحمد لله رب العالمين . الرحمن الرحيم . ملك يوم الدين . إياك نعبد وإياك نستعين . اهدنا الصراط المستقيم . صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين{.

اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك الذي بعثته رحمة للعالمين ،الذي بعثته شرفاً لهذه الأمة ،وعزاً لهذه الأمة ،ورحمة لهذه الأمة ،بعثته بكلمة التوحيد وتوحيد الكلمة ،مجاهداً في سبيلك ،محارباً للطغاة والجبابرة من أولياء الشيطان الذي طردته من سمائك فأخرجته مذموماً مدحوراً ، ليخرج كل الطغاة من عالم الإنسانية مدحورين أذلاء ،يُلبسهم الخزي والعار والذلة.

أيها الأخوة الأعزاء شرف عظيم لنا أن نزوركم ، شرف عظيم أن نقف أمام هذه الوجوه النَّيِّرة ،أمام أبناء همدان ،وأبناء علي عليه السلام.

إنني بحق أقول لكم: كلما جئنا همدان ،وكلما التقينا بكم أنتم يا أبناء همدان تذكرونا بالإمام علي عليه السلام. أصبحتم تذكروننا بعلي ابن أبي طالب صلوات الله عليه ، إذا كان أبناء محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم يُذكرون بمحمد فإنكم أنتم تذكرونا بعلي عليه السلام.

الإمام علي الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ((علي مني وأنا من علي)) قرين القرآن الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ((علي مع القرآن والقرآن مع علي)).

علي، بطلُ بدر وأحد والأحزاب وحُنين وخَيْبَر ،بطل صفين والجمل والنهروان ، علي الذي كان رمزاً للتضحية والبطولة في ميادين الجهاد وكان أيضاً عَلَماً ينير الدروب بكلماته المباركة ،بتوجيهاته النيِّرة ، ببلاغته الخارقة. إنه ربيب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ،وحليف وقرين القرآن.

فإذا كنتم أصبحتم تذكرونا بعلي صلوات الله عليه فإنما لأنه ما يزال فيكم أنتم بركة الإمام علي عليه السلام ، فيكم بركة دعاء الإمام علي عليه السلام ودعاء الأئمة من بعده.

كلما وقفنا بين أظهركم ،كلما انتقلنا إلى منطقتكم نرى أنفسنا وكأننا نسافر إلى عمق التاريخ.

ما من إمام من أئمة أهل البيت إلا ووقفت معه همدان إلا وبهرته بصدقها ووفائها ،إلا وانطلق شاهداً تاريخياً على ذلك الوفاء ،على ذلك الصدق على تلك الشجاعة ، فكان ما يمتلكه الأئمة من تعبير عن ذلك كله هو أن يُخلدوا دعاء يقرؤه كل من يتصفح صفحات التاريخ ، يتردد على الشفاه كلما ترددت الأعين تتصفح صفحات التاريخ ،أولم يقل الإمام علي عليه السلام :

فلو كنت بواباً على باب جنة لقلت لهمدان ادخلوا بسلام
إنها عبارة من بهره وفاء همدان ،وشجاعة همدان ،وصدقهم وإخلاصهم:

فلو كنت بواباً على باب جنة لقلت لهمدان ادخلوا بسلام
كلما وقفنا أمامكم أيها الاخوة لنتذكر مسئوليتنا جميعاً أمام الله في أن نكون من أنصار دينه ،فنردد أحياناً عبارات التواصي فيما بيننا بالحفاظ على مذهبنا الزيدي نقول لهمدان :إنكم أنتم لكم المِنّة أكثر من غيركم في ترسيخ قواعد هذا المذهب. أنتم من كنتم أنصار هذا المذهب ،وأنتم في واقعكم لا تحتاجون إلى من يذكركم بأن تكونوا من أنصار هذا المذهب ،أنتم من وقفتم مع أئمته ،من وقفتم مع أعلامه حتى ترسخت قواعده وانتشر نوره في هذه البلاد وغيرها.

إنه اجتماع مبارك ،وإن أي اجتماع في ظروف كهذه اجتماع كهذا أو أقل أو أكثر من هذا لا يناقش فيه الناس هذه الأوضاع التي تعاني منها الأمة المسلمة ،لا يتواصى فيه الناس بالحق ينظرون إلى الحق ليس فقط ليغيب عن الساحة ليغيب عن الأفكار ليغيب عن النفوس ليغيب عن كل شئون الحياة وإنما ليحل محله الباطل والظلام والشر ، كل اجتماع لا يناقش فيه ما يجعلنا نرى الحق ،ونرى أمة الحق ،ونرى أعلام الحق ،وآثار الحق بالشكل الذي يحزن ويقرح القلوب ويبكي العيون.

إذا ما وقفنا جميعاُ لنتأمل سنجد كيف أصبحنا في واقعنا نشاهد الأمور وهي تتبدل ،وتنعكس القضايا ، الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم }كنتم خير أمة أخرجت للناس{ هذا القرآن العربي يخاطب العرب ،وشرف للعرب –ونحن وأنتم من صميم العرب والله يقول عن كتابه }قرآناً عربياً لقوم يعقلون{ }بلسان عربي مبين{-، يقول }كنتم{ أنتم أيها العرب }خير أمة أُخْرِجت للناس{ للناس جميعاً للبشرية جمعاء ، تحملون هذه الرسالة العالمية ،تحملون هذا النور للعالمين جميعاً }تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله{. ما الذي يحدث الآن؟.

هذه الأمة التي يقول عنها الله سبحانه وتعالى أنه حملها رسالة لتخرج بها إلى الناس جميعاً هاهي اليوم يُطلب منها أن تقعد في بيوتها كما تقعد النساء ،بل يُطلب منها أن تصمت فلا تتفوه بكلمة الحق ، ولا تهتف بلعن من هتف الله بلعنهم في كتابه وخلده على لسان أنبياءه }لُعِنَ الذي كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون{.

- الله أكبر/ الموت لأمريكا/ الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود /النصر للإسلام-
ما نشاهده اليوم أن هذه الأمة التي كان المطلوب أن تكون هي من تَجُوب البحار طولاً وعرضاً فتقف في سواحل أوروبا وفي سواحل أمريكا هي الأمة التي تُؤْمَر هي وزعماؤها بالقعود قعود الذلة ،قعود الخزي ،قعود الخنوع والاستسلام ،ونرى أولئك الذين لُعِنوا على لسان الأنبياء هم من يَجُوبون البحار طولاً وعرضاً فرقاً عسكرية تمتلك أفتك الأسلحة ، أليس هذا من تقليب الموازين؟. أليست هذه من القضايا المقلوبة؟. والحقائق المعكوسة؟. في البحار الفرنسيون والبريطانيون والأمريكيون والأسبان وغيرهم هم من يتحركون يحملون الأسلحة ،هم من يتحركون في داخل وأعماق البلاد الإسلامية والمسلمون كلهم لا يجوز لأحد أن يتحرك قيد أنملة.

إن الله أراد لهذه الأمة هكذا أن تكون أمة تتحرك في العالم كله }أُخْرِجت للناس{ لتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ،فهاهي تقعد وأولئك يتحركون. ولماذا يتحركون؟. هل ليأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر أم لينشروا الباطل والفساد والقهر والظلم والذلة والخزي لكل أبناء البشرية وللعرب خاصة؟.

هذه أشياء مؤسفة ،هذه حقائق نحن نشاهدها. في الحج يوم أن بدأ المسلمون يهتفون بالبراءة من المشركين ،يوم أن بدءوا يعملون على أن يعود الحج إلى أصالته الإسلامية ؛لأن الحج في أول عملية لإعادته إلى حج إسلامي إنما كان يوم أرسل الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم الإمام علي ابن أبي طالب صلوات الله عليه ليعلن البراءة من المشركين بتلك العشر الآيات الأولى من سورة براءة ؛ليعلن البراءة من المشركين ،بل ليعلن الحرب على المشركين وليس فقط البراءة منهم ، كانت تلك هي أول عملية لتحويل الحج إلى حج إسلامي وصبغه بصبغة توحي بالأهداف المقصودة من وراء تلك العبادة العظيمة التي هي الحج ، فعندما بدأ المسلمون يهتفون بـ(الموت لأمريكا والموت لإسرائيل) في الحج بأمر من ابن علي عليه السلام الذي هتف ببراءة فقال سبحانه وتعالى حاكياً تلك البراءة }وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين ورسوله{ براءة من الله ،وبراءة من رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ،وبراءة من علي عليه السلام ،قرأها علي عليه السلام كلها براءة من المشركين.

يوم أن تحرك ابن علي عليه السلام الإمام الخميني رضوان الله عليه ليعيد الحج إلى أصالته عرف أولئك الذين لا يريدون للعرب أن يتحركوا قيد أنملة لأداء الواجب الملقى على عواتقهم من الله سبحانه وتعالى في مثل هذه الآية }كنتم خير أمة أخرجت للناس{ صدر المنع وحدث ما حدث في الحيلولة دون أن يتردد ذلك الشعار.

ونحن العرب لا نفهم ،وهذه هي بساطتنا ،وهذا هو ما جعلنا ضحية لليهود، نحن دائماً من نعمل حداً لأعمال المفسدين ،ونضع حداً للفساد أنه إنما سيصل إلى هنا فقط ،ولا نعلم بأن الفساد لا ينتهي ،أن الفساد لا حد له ،أن الفساد لا يتوقف عند نقطة معينة ،أن الظلم والباطل لا يتوقف عند نقطة معينة. من الذي كان يتصور أن بالإمكان أن تصل بنا الحال إلى أن نُمْنَع في مساجدنا من ترديد مثل هذا الشعار؟. أوليس الأمر قد وصل إلى ذلك؟. لقد عُمم هنا في اليمن على المساجد أن لا يتحدث الناس فيها عن أمريكا ،وكنا لا نتصور إلا أنه فقط مُنع في الحج.

- الله أكبر/ الموت لأمريكا/ الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود /النصر للإسلام-
عندما جاء المنع في الحج تجاوب المسلمون ولم يكونوا يهتموا بأن عليهم أن يقفوا موقفاً يجعل أولئك ييأسون من أن باستطاعتهم أن يوقفونا عن أداء الواجب الإلهي الملقى على عواتقنا نحن العرب في مثل قوله تعالى }كنتم خير أمة أخرجت للناس{ لكنا هكذا قلنا لا بأس بذلك في الحج. بعد الحج ما الذي حصل؟. منع في المساجد ،فقلنا :لا بأس فالمساجد هي للعبادة ،كما قال أولئك: (الحج هو عبادة ،وأنت عليك أن تذكر الله فقط ولا تتعرض لشيء). سنقول نفس الشيء : (هذه مساجد وما دخل المساجد بـ(الموت لأمريكا والموت لإسرائيل واللعنة على اليهود) ونحوها). هل المساجد أعظم من القرآن الكريم؟. القرآن الكريم مليء بتلك الآيات التي تلعن الظالمين وتلعن الفاسقين وتلعن اليهود والنصارى لما كانوا عليه من عصيان واعتداء في مثل هذه الآية }لُعِنَ الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون{. ونحن نقول : (لا بأس المساجد ليست لهذا هي للصلاة) ؛لأننا أصبحنا لا نفهم دور المساجد ،ولا دور الصلاة.

ثم بعد ذلك سيقولون لنا: (أيضاً في منازلكم لا تتحدثوا عن أمريكا. أيضاً بأقلامكم لا تصدروا كلمة فيها إساءة إلى مشاعر أمريكا). وهكذا سنرى أنفسنا نطارد نطارد ونحشر إلى زاوية ضيقة.

ما الذي انقلب في هذا الموضوع؟ هم يحشرونا إلى زاوية ضيقة مظلمة لا نرى فيها النور ،ولا نتحدث عن النور ،ولا نصل بالنور إلى قيد أنملة في هذا العالم ،وهم من يتحركون. وبدل أن نتحدث عن الجهاد يتحدثون هم عن (الإرهاب).

وإنني أقول :إن علينا أن نتحدث عن كلمة (الجهاد) ؛لأن كلمة (الجهاد) هي الآن محارَبة بعينها ،يُوضع ويرسخ بدلاً منها كلمة (إرهاب) ،فإذا كان الله أراد من الجهاد أن تكون كلمة شرَّف بها ذلك الصراع الذي كان العرب يتعودون عليه ،ألم يكن العرب متعودين فيما بينهم على القتال والتناحر؟. سمَا بالعرب لأن الإسلام جاء شرف للعرب }وإنه لذكر لك وقومك{ حتى الصراع الذي كان يدور بينهم عمل على أن يتحول إلى صراع مقدس فأضاف إليه اسماً مقدساً فسماه (جهاداً) ،إذاً فبدلاً من أن تتقاتلوا فيما بينكم وتتناحرون فيما بينكم تعالوا إلى حيث يكون صراعكم ويكون قتالكم سمواً وشرفاً ورفعة ،ونشراً للحق ،ونشراً للنور إلى كل أقطار الدنيا فسماه جهاداً في سبيله سماه (جهاداً) وجعله سنام دينه ،وجعله مفتاح جنته ،وجعله ركناً من أركان دينه ، بل جعله علماً لقمة الذوبان في محبته سبحانه وتعالى ،أولم يقل الله عن أوليائه }يا أيها الذين آمنوا من يرتدَّ منكم عن دينه فسوف يأتِ الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم{.

يوم كان العرب فيما بينهم يثور بعضهم على بعض ،يتناحرون فيما بينهم ،يغزوا بعضهم بعضاً هاهو يعطيهم صراعاً من نوع آخر يسميه (جهاداً في سبيله) ،يجعله علماً على الذوبان في محبته }يحبهم ويحبونه{ هذا الجهاد المقدس ،هذا المصطلح القرآني الهام ،هذا المبدأ الذي ترتبط به عزة الأمة وكرامتها ،وترتبط به حيوية القرآن والإسلام ،يرتبط به وجود الأمة كلها وهويتها هاهو يتعرض لأن يُبدّل ،كما بُدّلنا نحن في واقعنا ،قعدنا وهم من يتحركون في البحار ،وهاهم يحولون الجهاد إلى كلمة تصبح سُبَّة نحن نرددها ،ويجعلونها كلمة أمريكية تضفي الشرعية على أي ضربة أمريكية لأي جهة. تُبدل كلمة (جهاد) بكلمة (إرهاب) فمن هو مجاهد فهو إرهابي ،ومعنى أنه إرهابي أنه من قد وقع من جانبه ما يعطي أمريكا شرعية أن تضربه ،ما يعطي عميلاً من عملاء أمريكا شرعية أن يضربه ، ونحن من نبارك تلك الضربة ،سنقول: (هو إرهابي فليضرب ،من الذي قال له أن يهتف بهذا الشعار في هذا الجامع؟، هو إرهابي فليضرب، من الذي قال له أن يتحدث عن الجهاد؟، هو إرهابي فليضرب، من الذي قال له أن يفتح مدرسة هنا يربي الشباب فيها على روح القرآن؟ والذي روحه الجهاد إذاً هو إرهابي فليضرب).

أليست الأمور تتغير وتنعكس؟. فالمصطلحات تتغير ،ونحن نتغير فعلينا أن نقعد وهم الذين يتحركون في البر والبحر ،وجهادنا عليه أن يُمسخ وتوضع بدلاً عنه كلمة (إرهاب) ؛لننظر إلى الجهاد أنه سبة ،وأنه عملية تعطي الشرعية لأولئك أن يضربوا المسلمين بدل أن يكون هو مبدأ يعطي الشرعية للمسلمين أن يضربوا أولئك المجرمين الذين هم إرهابيون حقيقيون. ألم يقل الله سبحانه وتعالى }قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر{ لمن هو هذا الخطاب؟. أليس للعرب والمسلمين؟. }قاتلوا{ ما هو القتال في سبيل الله؟. أليس هو الجهاد؟ ،هاهو يقول للمسلمين إن الجهاد هو هكذا }قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون{ هذا هو الجهاد ، الجهاد شرعية لنا نتحرك على أساسه في ضرب أولئك المفسدين الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، وهم في واقعهم لا يحرمون ما حرم الله ورسوله وهم لا يدينون دين الحق ،إن من واجب الأمة أن تحاربهم أن تقاتلهم أي أن تجاهدهم –والجهاد شرعية لهم هنا- حتى يعطي أولئك الجزية عن يدٍ وهم صاغرون. أليس الواقع يتغير الآن؟.

إن كلمة (الجهاد) تتحول الآن إلى كلمة (إرهاب) فالمجاهد هو إرهابي ،وكلمة (جهاد) هي كلمة (إرهاب).

إذاً فإذا ما سمحنا نحن المسلمين للأمور أن تتغير من حولنا ،فإنه المكر ،المكر في كل شيء ،المكر في واقع حياتنا ،المكر حتى لمفردات لغتنا العربية ، كلمة (جهاد) هي كلمة عربية ،وحتى كلمة (إرهاب) هي كلمة عربية ،أولسنا نسمع زعماء العرب هم من يطالبون الرئيس الأمريكي -وهو إنجليزي في لغته- يطالبونه بأن يفتح قاموس لغته ليفسر للعرب مفردة عربية هي كلمة (إرهاب)؟. كلمة (إرهاب) هي كلمة داخل كتاب عربي ،عندما يقول الله سبحانه وتعالى }وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم{ ،أصبحنا في واقعنا لا نعرف معاني مفرداتنا العربية ،يطالب زعماء العرب الرئيس الأمريكي وهو ليس عربي أن تفسر سماحته وفضيلته مفردة عربية هي كلمة (إرهاب)، (قولوا لنا ماذا تريدون بكلمة (إرهاب)؟)، أليس هذا هو السؤال الذي يتردد؟. لماذا لا نرجع نحن إلى القرآن وإلى لغتنا لنعرف ما هي كلمة (إرهاب)؟ وما علاقتنا بها؟ وأمام من يجب أن يكون الناس إرهابيين؟ وما هو الإرهاب المشروع؟ وما هو الإرهاب الذي ليس بمشروع؟. حتى نحن كلنا مثقفونا وزعماءنا لم نجرؤ على أن نقاوم ذلك الانحراف في معنى هذه الكلمة أن نقاومه وأن نرسخ معناه القرآني.

} ترهبون به عدو الله وعدوكم{ كلمة (إرهاب) في القرآن الكريم تعني أن على المسلمين أن يعدوا القوة بكل ما يستطيعون ،بل وأن يلحظوا حتى الشكليات وأن يلحظوا حتى (المرابط) التي هي في الأخير ستزرع الهزيمة في نفس العدو }ترهبون به عدو الله وعدوكم{ إن عليكم أيها المسلمون – هكذا يقول القرآن الكريم- إن عليكم أيها المؤمنون أن تعملوا بكل ما تستطيعون على أن ترهبوا أعداء الله، هذا هو الإرهاب المشروع، لكننا بدل أن نتحدث عن الإرهاب المشروع نحن من نسمع في وسائل الإعلام والزعماء ،ونسمح بأن تتردد كلمة (إرهاب) بمعناها الأمريكي وليس بمعناها القرآني. أليس هذا من الغبا؟. أليس هذا من مظاهر تغير الأمور وتعكيس الحقائق؟.

إن علينا أيها الأخوة أن نتحدث دائماً عن الجهاد ،حتى أولئك الذين ليس لديهم أي روح جهادية عليهم أن يتحدثوا عن كلمة (جهاد) ؛لأن كلمة (جهاد) في نفسها ،كلمة (جهاد) في معناها هي تتعرض لحرب ،أصبحنا نحن نُحارب كأشخاص ،وتُحارب أرضنا كأرض ،وتُحارب أفكارنا كأفكار، بل أصبحت الحرب تصل إلى مفرداتنا ،أصبحت ألفاظنا حتى هي تُحارب ،كل شيء من قِبَل أعداءنا يتوجه إلى حربنا في كل شيء في ساحتنا ،إلينا شخصياً ،إلى اقتصادنا، إلى ثقافتنا ،إلى أخلاقنا ،إلى قِيَمِنا ،إلى لغتنا ،إلى مصطلحاتنا القرآنية ،إلى مصطلحاتنا العربية. أن لا نسمح أن تتغير الأمور وأن تنعكس الحقائق إلى هذا الحد ،فتغيب كلمة (جهاد) القرآنية ،وتغيب كلمة (إرهاب) بمعناها القرآني ليحل محلها كلمة (إرهاب) الأمريكية.وهذه الكلمة (إرهاب) تعني أن كل من يتحرك بل كل من يصيح تحت وطأة أقدام اليهود سيسمى (إرهابي) ،أن كل من يصيح غضباً لله ولدينه ،غضباً لكتابه ،غضباً للمستضعفين من عباده الكل سيسمون (إرهابيين) ،ومتى ما قيل عنك: أنك إرهابي فإن هناك من يتحرك لينفذ ليعمل ضدك على أساس هذه الشرعية الأمريكية التي قد وُضِعَت من جديد.

نحن نختلف عن أولئك ،نحن نمتلك شرعية إلهية قرآنية ،ونقعد عن التحرك في سبيل أداءها ،وفي التحرك على أساسها ،ونرى كيف أن أولئك يحتاجون إلى أن يؤصِّلوا من جديد ،ويعملوا على أن يخلقوا شرعية من جديد ،ثم متى ما وُجِدت هذه الشرعية فإنهم لا يقعدون كما نقعد إنهم يتحركون ،أوليس هذا هو ما نشاهد؟. لقد تبدل كل شيء ،لقد تغير كل شيء فنحن من نقعد والشرعية الإلهية موجودة ،وهم من يتحركون على غير أساسٍ من شرعية فيُشَرِّعُون ويُؤصِّلُون ثم يتحركون ولا يقعدون.

إن علينا أيها الاخوة أن نتحدث دائماً حتى لا نترك كلمة (إرهاب) بمعناها الأمريكي أن تترسخ في بلادنا ،أن تسيطر على أذهان الناس في بلادنا أو أن تسبق إلى أذهان الناس ، علينا أن نحارب أن تترسخ هذه الكلمة ،لأن وراء ترسخها ماذا؟. وراء ترسخها تضحية بالدين وتضحية بالكرامة وبالعزة وبكل شيء ،حينئذٍ سيُضرب أي عالم من علماءنا سيقاد علماؤنا بأقدامهم إلى أعماق السجون ،ثم يعذبون على أيدي خبراء يهود ،الذين يمتلكون أفتك وسائل التعذيب على أساس ماذا؟. (أنه إرهابي). فيكون الناس جميعاً هم من أصبحوا يسلمون أن كلمة (إرهابي) هي كلمة مَن أُطلقت عليه –بحق أو بغير حق- هو من يصبح أهلاً لأن يُنَفذ بحقه العقاب، ومن هو المنفذ المسلمون أم الأمريكيون؟. الأمريكيون أو عملاؤهم ينفذون ما يريدون عمله فيعذبون علماءنا. وكل من يصرخ ليعيد الناس إلى العمل بكتاب الله هو أيضاً عندهم إرهابي ،وكل من يدرس الناس في مدرسة علوم القران هو أيضاً عندهم إرهابي، وأي كتاب يتحدث عن أن الأمة هذه عليها أن تعود إلى واجبها وأن تستشعر مسئوليتها هو أيضاً عندهم إرهابي.

أولم نسمع جميعاً –أيها الأخوة- أنه عندما جاء المبعوث الأمريكي إلى اليمن دار الحديث بينه وبين الرئيس حول (ضرورة التعاون على مكافحة الإرهاب، وجذور الإرهاب، ومنابع الإرهاب). هل تركوا مصطلحاً آخر لم يصلوا إليه؟. منابع الإرهاب، وجذور الإرهاب هو القرآن الكريم بالمعنى الأمريكي لكلمة (إرهاب) هو إرهابي. هل نسمح بكلمة (جذور إرهاب، ومنابع الإرهاب) أن يكون معناها القرآن الكريم وعلماء الإسلام ومن يتحركون على أساس القرآن؟.

إن الحقيقة أن منابع الإرهاب وجذور الإرهاب هي أمريكا، إن منابع الإرهاب وجذور الإرهاب الإجرامي هم أولئك الذين قال الله عنهم }ويسعون في الأرض فساداً{ ،هم أولئك الذين لفسادهم لاعتدائهم لعصيانهم لبغيهم جعل منهم القردة والخنازير. أليسوا هم منابع الإرهاب وجذور الإرهاب؟. أليسوا هم من يصنعون الإرهاب في هذا العالم؟.

من هو الإرهابي؟ هل هو أنا وأنت الذي لا يملك صاروخاً ولا يمتلك قذيفة ولا يمتلك مصنعاً للأسلحة ولا يمتلك شيئاً أم أولئك الذي يصنعون أفتك الأسلحة؟.

من هو الإرهابي أنا وأنت أم أولئك الذين يستطيعون أن يثيروا الحروب والمشاكل في كل بقعة من بقاع العالم؟. من هو الإرهابي أنا وأنت أم أولئك الذين يستطيعون أن يفرضوا على أي شعب من الشعوب المسلمة المسكينة أي عميل من عملاءهم ليدوسها بقدمه ولينفذ فيها ما تريد أمريكا تنفيذه؟. إنهم هم الإرهابيون ،إنهم منابع الإرهاب وهم جذور الإرهاب. إنهم كما قال عنهم الإمام خميني رحمة الله عليه -وهو شخص لم يكن يتكلم كلاماً أجوفاً- قال عن أمريكا إنها (الشيطان الأكبر) والله تحدث عن الشيطان أن عمله كله فساد ،عمله كله ضر بالناس ،كله شر ،كله باطل وبغي ،لم يكتفِ بأن يوقع بالناس الشر في هذه الدنيا بل إنه كما قال عنه سبحانه وتعالى }إنما يدعوا حزبه ليكونوا من أصحاب السعير{. إنهم هم الإرهابيون ،ومن هناك مِن عندهم منابع الإرهاب ،وبلدانهم جذور الإرهاب، وثقافتهم هي الإرهاب ،وهي من تخرج الإرهابيين.

أليست الثقافة القرآنية هي من تنشئ جيلاً صالحاً؟ ،من ترسخ في الإنسان القيم الفاضلة والمبادئ الفاضلة؟ ؛كي يتحرك في هذه الدنيا عنصراً خيِّراً يدعوا إلى الخير ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وينصح للآخرين؟. يهتم بمصالح الآخرين؟. لا ينطلق الشر لا على يده ولا من لسانه؟. أليس هذا هو ما يصنعه القرآن؟.

أنت لا حظهم أليست ثقافة الغربيين هي من تعمل على مسخ الفضائل؟ ،هي من تعمل على مسخ القيم القرآنية والأخلاق الكريمة من ديننا ومن عروبتنا؟ أليس هذا ما تتركه ثقافتهم في الناس؟. فإذا كانت ثقافة القرآن هكذا شأنها وثقافتهم هكذا شأنها فإن ثقافتهم هم هي التي تصنع الإرهاب الإجرامي. لكنهم يريدون أن يقولوا لنا وأن يرسخوا في مشاعرنا أن ثقافتنا -التي هي الثقافة القرآنية- هي من تصنع الإرهاب. إذاً سيقولون لنا: الكتاب الفلاني من كتب أهل البيت ،من كتبكم أنتم الزيدية ،هذا الركام من كتبكم أنتم الزيدية كلها كتب تصنع إرهابيين إذاً هي جذور إرهاب. ولكننا نرى في واقع الحياة من الذي يمكن أن يتحرك عنصراً خيراً في هذه الحياة؟. يصنع الخير للناس ويدعوا الناس إلى الخير هل هو من يتخرج على أساس ثقافتهم أم من يتخرج على أساس ثقافة القرآن؟.

نحن إذاً نواجه بحرب في كل الميادين ،حرب على مفاهيم مفرداتنا العربية، إذا لم نتحرك نحن قبل أن تترسخ هذه المفاهيم المغلوطة بمعانيها الأمريكية بمعانيها الصهيونية والذي سيكون من وراءها الشر إذا لم نتحرك ستكون تضحيات الناس كبيرة ، ستكون خسارة الناس كبيرة.

عندما نسمع كلمة (أنهم يريدون أن يتحركوا لمحاربة الإرهاب وجذور الإرهاب ،ومنابع الإرهاب) فإن علينا دائماً أن نبادر إلى الحديث عن الإرهاب ماهو؟. ونربطه بأمريكا ،أمريكا هي التي تصنع الإرهاب للناس جميعاً ،وأن اليهود هم من يسعون في الأرض فساداً ،وأن من يسعى في الأرض فساداً هو من يصح أن يقال عنه أنه إرهابي إرهاباً غير مشروع.

وأننا لا نسمح أبداً أن تتحول كلمة (إرهاب) القرآنية إلى سُبَّةٍ وإلى كلمة لا يجوز لأحد أن ينطق بها. فلنقل دائماً أن كلمة (إرهاب) كلمة قرآنية مطلوب من المسلمين أن يصلوا إلى مستواها ، إن الله يقول }وأعدوا لهم –أي لأعداء الإسلام لأعداءكم لأعداء الله- ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم{ هنا كلمة } ترهبون{ يريد الأمريكيون أن تكون كلمة لا يجوز لأحد أن يتحدث عنها؛ لأن معناها قد تغير فكلمة } ترهبون{ قد فسرها الأمريكيون تفسيراً آخر ، فمن انطلق على أساس هذه الكلمة القرآنية فإنه قد أُعْطِيَ للأمريكيين شرعية أن يضربوه ،والله يقول } ترهبون به عدو الله وعدوكم{. وإذا ما سمعنا عن كلمة (جذور إرهاب ومنابع إرهاب) فإن علينا أن نتحدث دائماً عن اليهود والنصارى كما تحدث الله عنهم في القرآن الكريم من أنهم منابع الشر ،ومنابع الفساد من لديهم ،وأنهم هم من يسعون في الأرض فساداً.

- الله أكبر/ الموت لأمريكا/ الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود /النصر للإسلام-
وحينئذٍ سننتصر ،وإنه لنصر كبير إذا ما خُضْنَا معركة المصطلحات ،فنحن الآن في معركة مصطلحات ،إذا سمحنا لهم أن ينتصروا فيها فإننا سنكون من نُضرب ليس في معركة المصطلحات بل في معركة النار ،إذا ما سمحنا لهم أن تنتصر مفاهيمهم ،وتنتصر معانيهم لتترسخ في أوساط الناس.

فعندما نردد هذا الشعار ،وعندما يقول البعض ما قيمة مثل هذا الشعار؟. نقول له :هذا الشعار لا بد منه في تحقيق النصر في هذه المعركة على الأقل، لا بد منه في تحقيق النصر في هذه المعركة معركة أن يسبقنا الأمريكيون إلى أفكارنا وإلى أفكار أبناء هذا الشعب ،وإلى أفكار أبناء المسلمين وبين أن نسبقهم نحن. أن نرسخ في أذهان المسلمين :أن أمريكا هي الإرهاب الإجرامي، أن أمريكا هي الشر ،أن اليهود والنصارى هم الشر حتى لا يسبقونا إلى أن يفهم الناس هذه المصطلحات بالمعاني الأمريكية.

فعندما نرفع هذا الشعار أيها الاخوة نحن نرفعه ونجد أن لـه الأثر الكبير في نفوسنا ، وفي نفوس من يسمعون هذا الشعار، حتى من لا يرددون هذا الشعار فإننا بترديدنا للشعار من حولهم سنترك أثراً في نفوسهم ،هذا الأثر هو أن اليهود ملعونين ،ونذكر مثل هذا الشخص الذي لا يرفع هذا الشعار بتلك الآيات القرآنية ،وعندما يسمع الشعار ونحن نهتف به ويعود ليقرأ سورة البقرة وسورة آل عمران وسورة النساء وغيرها من السور التي تحدث الله فيها عن اليهود والنصارى سيفهمها بشكل آخر ،سيفهمها أكثر من قبل أن يسمع هذا الشعار يتردد من حوله.

وعندما نهتف بهذا الشعار يترافق معه توعية كاملة ، كلها تقوم على أساس أن منابع الشر وجذور الشر ،الفساد في الأرض ،الإرهاب لعباد الله ،الظلم لعباد الله، القهر للبشرية كلها هم أولئك الذين لعنهم الله في القرآن الكريم ،هم اليهود ،هم أمريكا وإسرائيل وفرنسا وبريطانيا وكل من يدور في فلكهم.

لا بد أن نكون واعين ،أن نكون فاهمين ،علينا أن نتحمل المسئولية القرآنية بوعي، أما إذا أصبحنا إلى درجة لا نعي ولا نفهم ما يدبر الآخرون، ولا نعي ولا نفهم خطورة ما يدور من حولنا فإن ذلك يعني أننا سنعيش في حالة أسوء مما نحن فيه. أوليس كل واحد منا يعرف ما في هذا العالم من أحداث كلها تدور على رؤوس المسلمين ،وكلها حرب للإسلام والمسلمين؟ أليس هذا شيء مفهوم لنا جميعاً؟. من هم المسلمون؟. هم نحن ،وما هو الإسلام؟. هو دين الله الذي ارتضاه لعباده ،هو هذا الدين الذي ندين به. إذا أصبحنا لا نفهم ما يعملون ،ومما يعملون هو أنهم يعملون جاهدين على ترسيخ هذه المفاهيم المغلوطة.

على كل واحد منا أن يتحرك ،وعندما يتحرك سيجد أنه باستطاعته أن يعمل الشيء الكثير في مواجهة أولئك. أم أننا سننظر إلى هذه الأحداث تلك النظرة التي سار عليها العرب وزعماؤهم فترة طويلة في هذه المرحلة المتأخرة من هذه الفترة الزمنية التي نحن فيها.

لاحِظوا، اليهود يتحركون، الأمريكيون يتحركون، كل أولئك يتحركون بكل ما يستطيعون في مواجهة المسلمين ،في سبيل إذلال المسلمين ،في سبيل تحطيم اقتصادهم ،في سبيل مسخ ثقافتهم ،في سبيل إفساد أخلاقهم ،ثم أيضاً حرب مسلحة ضد مختلف المسلمين في مختلف بقاع البلاد الإسلامية ،أليس هذا ما نشاهده؟. ما هو الموقف الذي نسمعه دائماً يتردد على أفواه زعماء العرب؟. وعلى شفاه زعماء المسلمين كلهم؟. أليس هؤلاء هم من يقابلون الحرب بكلمة سلام فيقولون: (نحن نريد السلام ،ونحن نسعى للسلام ،ونحن نطالب بالسلام)؟. أليس عرفات ظل يهتف بهذه الكلمة وبحرصه على السلام وبأنه حريص على عملية السلام أن تبقى سليمة بعد أن ضُربت دولته وضربت طائراته ،وضربت مباني حكومته ،وضربت قوات أمنه وشرطته ومع ذلك لا زال يردد كلمة سلام.

أذكر كلمة جميلة يوم أن اجتمع زعماء المسلمين في (الدوحة) قال الرئيس السوداني : (نحن في مواثيق (منظمة المؤتمر الإسلامي) كنا قد ألغينا كلمة (جهاد) وقلنا نريد أن نعيش مع الآخرين في سلام ،ونحن دعاة سلام، ونحن نريد سلاماً، فلم نجد سلاماً من أولئك ،ولا قبلت هذه الكلمة) ثم قال (إن علينا أن نعود إلى الجهاد ،أن نعود إلى القرآن). (لقد ألغينا من مواثيق منظمة المؤتمر الإسلامي كلمة (جهاد) كشف هو أن زعماء المسلمين في مواثيقهم كـ(منظمة المؤتمر الإسلامي) كانوا قد ألغوا هذه الكلمة على أساس أننا في عصر يجب أن تعيش الشعوب مع بعضها بعض تعايشاً سلمياً ومصالح متبادلة ،وحقوق جوار متبادلة ،ونحن دعاة سلام ،ونحن نريد السلام. وهكذا تتردد هذه الكلمة كثيراً.

نحن من نشاهد تلك الأحداث ألسنا نسخر من هذه الكلمة في الأخير؟. ألسنا أصبحنا نفهم أنها كلمة لا أحد من أولئك يسمعها؟. هل إسرائيل تسمع العرب عندما يقولون نريد السلام؟. أم أنها تتحرك هي فتضرب وتقتل وتدمر؟. هل إسرائيل تجيب العرب عندما يقولون نريد السلام؟. هل الأمريكيون يجيبون العرب عندما يقولون نريد السلام؟. لقد أصبحنا جميعاً نعلم أن كلمة (سلام) كلمة لا قبول لها عند أولئك. وأن كلمة (سلام) كلمة ظل يتمسك بها زعماء العرب بعد أن أصبحوا على يقين من أنها كلمة لا أحد يستجيب لها من أولئك.

ونحن إذا ما نظرنا لهذه الأحداث على هذا الأساس فإنما نحن أيضاً انعكاس آخر لأولئك الزعماء الذين ظلوا يهتفون بهذه الكلمة أمام كل حدث يكون ضحيته تدمير منازل وإزهاق أرواح وإحراق مزارع. عندما بدأت هذه الأحداث كلنا لمس أن هناك تحرك من نوع آخر ،تحرك مكشوف ،تحرك ترافقه عبارة صريحة تنبئ عن نوايا سيئة ،تنبئ عن أهداف شريرة ضد المسلمين في كل بلد ،ومع ذلك يبدوا أن تلك الكلمة بدأت تتسرب إلى مشاعرنا نحن كلمة (سلام) بذلك المعنى الذي تردد كثيراً ولم يستجب له أحد.

هانحن نسمع أن اليمن نفسه يواجَه بحملة دعائية أنه دولة إرهابية وأنه بلد خصب للإرهاب. ونسمع أيضاً بأن هناك محاولة بل هناك فعلاً دخول للأمريكيين إلى اليمن ،الأمريكيين قد دخلوا كجنود بالمئات إلى اليمن، وإذا جاء أحد يتحدث مع الناس: أن علينا أن نستيقظ أمام ما نشاهد ،وأمام ما نسمع ،إن العواقب ستكون سيئة ،إن المصيبة كبيرة ،إن نوايا أولئك سيئة إن علينا أن نستيقظ ،إن علينا أن نعِد أنفسنا حتى لا نكون من يسمح لأولئك أن يعملوا ما يريدون فنرى أنفسنا في يوم من الأيام ضحية في الوقت الذي لا نستطيع أن نعمل فيه شيئاً. هناك من قد يرى أن السكوت هو أسلم ،وأنه يجب أن نطالب بالسلام ونحافظ على السلام.

نحن ننسى أمام كل حدث ،أمام كل حرب نواجهها –وهذه هي من المشاكل الكبيرة علينا- نحن ننسى أن نعود إلى القرآن الكريم ،نحن ننسى أننا عبيد الله والله هو رحيم بنا ،وأن الله هو (السلام) من سمانا (مسلمين) ،وهو من سمى حتى جنته (دار السلام). أليس السلام هو من أسماء الله الحسنى؟. أوليس ديننا هو الإسلام؟. أوليست الجنة هي (دار السلام)؟. أولم يقل الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم }قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سُبُل السلام{. ننسى أن من أسماء الله الحسنى (السلام) ،وننسى أننا نحمل اسم كلمة (إسلام) ،وننسى بأننا نسعى لأن نحظى بأن نكون من أهل (دار السلام)، وننسى أيضاً بأن كتابنا القرآن الكريم يهدي إلى سبل السلام. فلماذا لا نعود إلى القرآن لنعرف ما هو هذا السلام الذي هو اسم من أسماء الله الحسنى. ما هو ذلك السلام؟. وأين هي سبل السلام التي يهدي إليها القرآن الكريم؟. إذا كنا نبحث عن السلام.

إذا كان زعماء العرب يبحثون عن السلام فإن عليهم أن لا يبحثوا عن السلام من أمريكا أو من إسرائيل أو من بلدان أوروبا، أوليس هذا هو ما يحصل؟. عرفات عندما أصبح سجيناً في بيته يوجه خطابه إلى أمريكا يناشدها بالسلام ،والزعماء كلهم على طول البلاد العربية وعرضها يناشدون أمريكا بالسلام. هل نسيتم أيها العرب أن ربكم هو السلام؟. هل نسيتم أن اسمكم مشتق من السلام؟. }هو سماكم المسلمين{ ونحن نحمل اسم (مسلمين). هل نسيتم أن الله سبحانه وتعالى قال }قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سُبُل السلام{ لماذا لا نعود إلى القرآن إذا كنا ننشد السلام لنعرف السبل التي يهدي إليها؟. أليس هذا هو الحل؟.

فكل واحد منا أيها الأخوة أمام أي حدث يسمعه عليه أن يعود إلى القرآن قبل أن يفكر هو فيخرج بأفكار قد تجعله يتخذ قرارات يظن أن من ورائها السلامة وهي في الواقع إنما تكون عاقبتها الندامة. إذا كنا نريد السلام فلنعد إلى القرآن ليهدينا هو إلى السلام ،ولنسر على هديه ليتحقق لنا السلام. فلا أحد منا ينبغي أن يعود إلى نفسه عندما يسمع أي حدث. عندما نسمع أن هناك اتفاق على أساس أن اليمن فيه إرهابيون ،وأن هناك اتفاق على أن يكون هناك حرب للإرهاب ومنابع الإرهاب وجذور الإرهاب بالمعنى الأمريكي -أليس هذا حدث يخيف؟- فالكثير قد يفكر :إذاً فإذا كانت كلمة (الموت لأمريكا) قد تثير الآخرين علينا فإن السلام أن لا نتحدث بها. أليس هذا الشعور قد يحصل عند أي واحد منا؟.

دخول الأمريكيين إلى اليمن نحن نعلم أنه بداية شر في هذا البلد الميمون ،ثم نرى بأن علينا أن نسكت لأن لا نثيرهم فيدخلوا من جنودهم أكثر مما قد وصل ،حينئذٍ سيرى كل واحد منا أن السلام سيتحقق من خلال السكوت ،وأن السكوت ،وأن الصمت ،وأن الجمود هو وسيلة السلام. لا .لا. إن هذا ليس منطق القرآن أبداً.

ومن هو الذي يمكن أن نسمي قراره بأنه قرار صحيح من يتخذ قراراً من عند نفسه ويقول لنا بأن السلامة في ذلك القرار الذي اتخذه والحكمة التي وضعها أم من يعود إلى القرآن الكريم ليبحث عن سبل السلام التي يهدي إليها؟. الآية صريحة }يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام{، فلنرجع إلى القرآن الكريم ،هل طلب الله من عباده أن يصمتوا أمام الظالمين أمام الكافرين أمام اليهود والنصارى أم أوجب عليهم أن يتكلموا؟. أوجب عليهم أن ينفقوا ،أن يجاهدوا؟. أوجب عليهم أن ينفقوا في سبيل الله وجاء الأمر في ذلك بعبارة صريحة }وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة{. ألم يقل هنا أنك إذا كنت تريد السلام فإن عليك أن تنفق في سبيل الله، إذا كنتم تريدون السلام فإن عليكم أن تتوحدوا فيما بينكم ،أن تعتصموا بحبل الله جميعاً وأن لا تتفرقوا ،أن تنفقوا في سبيل الله ،أن تتحركوا ،أن تعدوا ما تستطيعون من قوة. أليس هذا منطق القرآن؟.

إنه بكل هذا يهدي إلى السلام ،وإذا كنا نحن لا نفهم منطق القرآن فإن الأمريكيين يفهمون ذلك ، لديهم مثل يقول (إذا كنت تريد السلام فاحمل السلاح).

- الله أكبر/ الموت لأمريكا/ الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود /النصر للإسلام-
عندما يقول القرآن الكريم }إنما المؤمنون اخوة{ }والمؤمنون المؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر{ عندما يقول }ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر{ عندما يقول أيضاً }قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون{ عندما يقول }وأنفقوا في سبيل الله والله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة{ عندما يقول }واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا{ إنه بكل ذلك يهدينا إلى السلام ،يهدينا إلى سبل السلام، فكل من ينشد السلام كل من يريد السلام ،كل من يعرف أن ربه هو السلام أن عليه أن يتحرك على أساس القرآن.

ولنرى مصداق ذلك ماثلاً أمام أعيننا ،(حزب الله) في لبنان أليس الآن يعيش في سلام؟، (حزب الله) في لبنان هل التزم الصمت والسكوت؟. أم أنه مجاميع من المؤمنين تشبعوا بروح القرآن الكريم التي كلها عمل وجهاد ،كلها وحدة ،كلها أخوة ،كلها إنفاق ،كلها بذل؟. هاهم الآن – على الرغم من أن إسرائيل وأمريكا يعلمان أنهم هم الإرهاب بعينه – وفق مفاهيم أمريكا وإسرائيل هاهم الآن يعيشون في سلام. والإسرائيليون والأمريكيون هاهم يضربون الفلسطينيين ويضربون أينما شاءوا ، هاهم يذلون زعماء تلك الملايين ،زعماء يمتلكون مئات الآلاف من الجيوش المسلحة بأحدث الأسلحة ،وذلك الحزب يعيش رافعاً رأسه، مجاميع من المؤمنين تعيش رافعة رأسها، تتحدث بكل ما تريد ضد إسرائيل ، تمتلك قناة فضائية تسخرها كلها ضد إسرائيل حتى فواصلها ضد إسرائيل ،وهاهي إسرائيل لا تجرؤ أن تضربهم بطلقة واحدة ،أليس هذا هو السلام؟.

هاهي إيران – وأمريكا وإسرائيل تعلمان أن إيران هي الإرهاب بكله ،هي الإرهاب بعينه – على حد تعريفهم للإرهاب- وأنها ليست فقط دولة إرهابية بل تصدر الإرهاب كما يقولون- هاهي دولة عندما وُوجهت بتهديد أمريكي تجريبي –لأن الأمريكيين قد عرفوا الإيرانيين وعرفوا الثورة الإسلامية وعرفوا قادتها ،لكن هذا الرئيس الأمريكي جاء ليعمل تهديداً تجريبياً لينظر ماذا ستكون ردة الفعل- والإيرانيين يفهمون كيف يقابلون الأحداث وكيف تكون ردود الفعل الصحيح ، خرجوا بزعيمهم وقائدهم وكل مسئوليهم والشعب كله خرج في مسيرات صاخبة تتحدى أمريكا. ما الذي حصل بعد ذلك؟. هل تحركت أمريكا أو كررت شيئاً من عباراتها الجارحة لمشاعر الإيرانيين؟. أم أن الرئيس الأمريكي نفسه وُوجه بكلام قاس من أعضاء (الكونجرس) الأمريكي نفسه فقالوا لـه :إنك تثير الآخرين ضد مصالح أمريكا. ألم يتحقق بتلك المواقف العملية السلام للإيرانيين.

مَن الشعب الذي يعيش الآن يتلقى الضربات الموجعة من إسرائيل هل هم حزب الله أم الشعب الفلسطيني؟. لأن الشعب الفلسطيني كانوا كمثلنا يتوافد اليهود بأعداد كبيرة من كل بلد إلى فلسطين ولا يهتمون بذلك ولا يتدبرون عواقب ذلك. كانوا كمثلنا وما أكثر من يرى هذه الرؤية ولا يأخذ الدروس من الأحداث التي قد وقعت. كان الفلسطيني يبيع من‍زله من اليهود بمبالغ كبيرة ويراه مكسباً ،كما يبيع الناس هنا في بلدنا الكتب من تراثنا ،يبيعون كتباً من تلك الكتب الزيدية المخطوطات القديمة يبيعها بمبلغ كبير من الدولارات. أليس الناس هنا مستعدون أن يبيعوا منازلهم بمبالغ كبيرة؟. لا نتدبر العواقب، الفلسطينيون كانوا يبيعون منازلهم ويبيعون أراضيهم. كان اليهود يتوافدون إلى بلدهم ولا يحسبون لذلك حساباً كما يتوافد الأمريكيون الآن إلى اليمن ولا نحسب لذلك حسابه ولا نفكر في عاقبته ،الحال واحدة. فما الذي حصل؟. تحول اليهود إلى عصابات وضربوا الفلسطينيين.

وعندما يواجه الناس أيضاً إن كل من لا يرى أن عليه أن يتخذ موقفاً في بدايات الأمور فإنه قد لا يتخذ موقفاً حتى وإن أصبحت الأمور بالشكل الواضح ،لو أصبح هناك ضرب من الأمريكيين لليمن أو لمناطق في اليمن تحت مسمى أنهم يحاربون الإرهاب فسنجد أن هناك من يقول: (لا ينبغي لأي شخص أن يتحرك عندما تتحرك ستثيرهم أكثر). تبريرات لا تنتهي.

لكن ماذا كان عاقبتها في فلسطين؟. عندما توافد اليهود بأعداد كبيرة من كل بلد وكان الفلسطينيون صامتين وكانوا هكذا يسيرون على هذه الحكمة التي تقول أنه (إذا كان الكلام من فضة فإن السكوت من ذهب) أن السكوت حكمة ، سكت الفلسطينيون فإذا بهم يرون أنفسهم ضحايا لعصابات اليهود ،وإذا بهم يرون أنفسهم مواطنين غرباء تحت ظل دولة يهودية ،وإذا بهم في الأخير يرون أنفسهم كما نراهم اليوم على شاشات التلفزيون. أليس هؤلاء يضربون كل يوم؟. هل تظن أن الفلسطينيين أنفسهم ليس فيهم من يقاتل؟. فيهم الكثير ممن يمكن أن يقاتل ،فيهم الكثير ممن يمتلكون أسلحة ،(منظمة التحرير الفلسطينية) تمتلك أسلحة وتمتلك جيشاً ,وتمتلك خبرات قتالية ،كانت بعض الحركات في البلاد العربية تتدرب على أيدي الفلسطينيين لكنهم يمسكون بهذه الحكمة (السكوت من ذهب) ،والجمود هو الحل، والسكوت هو الحل ،والمطالبة بالسلام من أمريكا هو الشيء الذي سيحقق لنا السلام. هؤلاء يضربون يوماً بعد يوم.

لو تحرك هؤلاء كما تحرك (حزب الله) في لبنان لو انطلقوا - وهم الآلاف وفيهم الشباب وفيهم من يعرف كيف يستخدم الأسلحة- لو انطلقوا كما انطلق (حزب الله) في لبنان لحققوا لأنفسهم السلام كما حققه حزب الله لبلده ولشبابه ولمواطني جنوب لبنان. أليس هذا هو ما نشاهده ماثلاً أمامنا؟.

نحن علينا أن نأخذ الدروس ونحن في بداية الأحداث ،لا يجوز بحال أن نسكت ونحن نسمع أن الأمريكيين يدخلون إلى اليمن. لماذا جاءوا؟. وماذا يريدون أن يعملوا؟.

نحن أيضاً من نردد كلمات التبرير لدخولهم فنقول: (إنما جاءوا ليدربوا الجيش اليمني). هل أن اليمن إنما تحول إلى دولة ،وإنما كان له جيش من هذه السنة أم أن لديه جيش تكون منذ سنين ،وتدرب الكثير منه في بلدان أخرى، ولديه هنا مراكز للتدريب!؟. هل الجيش اليمني بحاجة إلى الأمريكيين أن يأتوا إليه ليدربوه؟. ومن أجل من يتدربون؟. والرئيس يقول: (هناك فقط ثلاثة إرهابيين ادعى الأمريكيون أنهم في اليمن). هل مواجهة ثلاثة إرهابيين تحتاج إلى كتائب من الجيش الأمريكي وخبراء أمريكيين يدخلون اليمن؟‍‍!!. وهل ثلاثة إرهابيين في اليمن –كما يقولون- تحتاج إلى أن ترسوا السفن الحربية في سواحل اليمن أم أن هناك نوايا أخرى؟؟!.

ونحن -لأننا قد اتخذنا قرار الصمت والجمود وإغماض الأعين- من ستسكتنا ،من سترضينا ،من سنتشبث بكلمة مثل هذه. لا يمكن أن تكون واقعية.

ثلاثة إرهابيين في اليمن نحتاج إلى جيش أمريكي يأتي ليدرب الجيش اليمني على مواجهة ثلاثة إرهابيين!!. ألم يدخل اليمن في حرب عام 1994م حرب شمال اليمن وجنوبه ،ألم تكن حرب شديدة ؟. هل احتاج اليمنيون للأمريكيين أن يدربوهم؟. لم نحتاج إلى ذلك.

إن دخول الأمريكيين إلى اليمن هو بداية شر ،يريدون أن يعملوا قواعد عسكرية في هذا البلد وإذا ما عملوا قواعد عسكرية في هذا البلد فإنه سيكون قرار البلد بأيديهم أكثر مما هو حاصل الآن ،سيحكمك الأمريكيون مباشرة ، يضعوا من يشاءوا يؤتون الملك هنا من يشاءوا وين‍زعونه ممن يشاءون – إن صح التعبير- ،يسيرون الأمور في اليمن كما يشاءون.

وهل نحن نظن بالأمريكيين خيراً؟. هل يمكن أن نقول أن أولئك الذين قال الله عنهم أنهم ما يودون لنا أي خير ،وأنهم لا يحبوننا ،وأنهم أعداء لنا ،فهل أنهم سيأتون من أجل الخير لنا؟. ومن أجل مصلحتنا؟. إنهم لا يمكن أن يتحركوا إلا ضدنا وضد مصالحنا ،وإفسادنا وإفساد نفوسنا ،وإفساد شبابنا ،وإفساد كل شئون حياتنا.

فإذا كنا نصمت ونحن نراهم ،إذا كنا نسمع أن هناك من يجعل من نفسه جندياً يعمل على أنه متى ما قالوا فلان إرهابي أن يتحرك لأن يلقي القبض عليه ويضربه ثم نسكت ،فإن العواقب ستكون وخيمة وسنرى أنفسنا أبداً لا يمكن أن يتحقق لنا سلام ،ولا تبقى لنا كرامة ولا عزة ،وسنرى قرآننا يُحارب ،سنرى مدارسنا تغلق ،سنرى علماءنا يسجنون ، سنرى شبابنا يُقَتَّلُون ،سنرى مساجدنا تغلق ،سنرى أنفسنا غرباء في بلدنا ،نرى ديننا يُحارب. وفي نفس الوقت أيضاً لا يكون لنا عذرنا أمام الله سبحانه وتعالى فنكون في الأخير من قد أوقعنا أنفسنا في خزي في الدنيا ،ونكون من قد جعلنا أنفسنا ممن يكون لهم العذاب العظيم في الآخرة.

علينا أيها الاخوة أن نفكر دائماً في أن كل من يقول أنه يريد السلامة وأنه لا يريد أن تكون الأمور بالشكل الذي يتطور أكثر فأكثر عليه أن يبحث عن السلام وفق منطق القرآن الذي قال الله فيه }يهدي به الله من اتبع رضوانه سُبُل السلام{. وأن منطق القرآن كله عمل ،كله جهاد ووحدة ،وأخوة ،وصدق ووفاء.

فإذا كنتم أنتم أيها الاخوة تفهمون ذلك فإنه شيء يجب علينا أن نسير عليه من الآن ؛لأن المرحلة طويلة كما قال أولئك أنفسهم ،عندما تحركت القطع البحرية بعد حادث (نيويورك وواشنطن) قال الرئيس الأمريكي: (إن المرحلة ستكون طويلة ،وأن هذه عملية ستتطلب زمناً طويلاً). خلال هذا الزمن الطويل - وهو الزمن الذي قد رسموه لأن يوصلونا إلى أحط مستوى- فإما أن نكون من يستغل تلك المرحلة الطويلة لأن يعودوا فينقلبوا على أدبارهم خاسرين ،ونكون نحن من حققنا السلامة لأنفسنا ولديننا ،ونكون نحن من حافظنا على ديننا وكرامتنا ومصالح بلادنا، فإذا كانت المرحلة طويلة فإنها مرحلة إما أن نرى أنفسنا في الأخير أعزاء كرماء شرفاء رؤوسنا مرفوعة وديننا مرفوعة رايته وإما أن نرى أنفسنا أسوء مما نرى في الفلسطينيين ،فإذا كنا نسمع أولئك يقولون: (إنها مرحلة طويلة) فإننا من الآن يجب أن نحسب حساب ماذا يجب أن نعمل خلال تلك المرحلة الطويلة التي جعلوها الزمن الكافي لضربنا تحت غطاء قيادة أمريكا لمكافحة الإرهاب ،وتحت غطاء كلمة (إرهاب).

وأن أول ما يجب أن نعمله -وهو أقل ما نعمله- هو: أن نردد هذا الشعار. وأن يتحرك خطباؤنا أيضاً في مساجدنا ليتحدثوا دائماً عن اليهود والنصارى وفق ما تحدث الله عنهم في القرآن الكريم. وأن نتحدث دائماً عن هذه الأحداث المؤسفة حتى نخلق وعياً لدى المسلمين ،ونخلق وعياً في نفوسنا.

وأن يكون عملنا كله قائماً على أساس أن تتوحد كلمتنا ،أن يتوحد قرارنا ،أن تتوحد رؤيتنا للأحداث، لا يجوز أن نكون على هذا النحو هذا يرى أن السلامة في السكوت والجمود والصمت ،وهذا يرى أن السلامة في العمل والجهاد والحركة والأخوة والوحدة ؛لأن هذا الذي يرى أن الصمت والسكوت هو الوسيلة هو سيتحرك مثلك في الساحة يدعو الآخرين إلى الصمت ،عليه أن يفهم ،وعليه أيضاً أن يجلس مع الآخرين إذا كان هو لا يفهم أن الصمت وأن السكوت في هذه المرحلة بالذات - ربما قد يكون الصمت في حادثة معينة ،ربما قد يكون الصمت أمام قضية معينة ،ربما قد يكون السكوت في حالة استثنائية له قيمته العملية -لكن الصمت في مرحلة كهذه لا قيمة له ،لا قيمة له إلا الخسارة في الأخير ،لا قيمة له إلا التضحية بالدين والكرامة والعزة ،لا قيمة له إلا الإهانة.

ثم نرشد أنفسنا جميعاً إلى أن نبحث عن سبل السلام من خلال القرآن الكريم ،الذي لا مجال ولا مكان للصمت والجمود بين صدور آياته الكريمة ،وحينئذٍ حينما نتحرك على هذا الأساس فنرفع هذا الشعار ونتحدث دائماً ،ونوعي أنفسنا بل أئمة مساجدنا عليهم أن يرددوا الآيات القرآنية في الصلاة تلك الآيات التي تتحدث عن اليهود والنصارى ،نذكر أنفسنا من جديد بخطورتهم.

إن القرآن الكريم يؤكد أنهم هم الأعداء التاريخيون لهذه الأمة من ذلك الزمن وربما إلى آخر أيام الدنيا ،وقد أعطانا الكثير الكثير من الهدى في سبيل معرفة كيف نواجههم ،وأعطانا ما يجعلنا حكماء في مواجهتهم ،وأعطانا ما يجعلنا أيضاً قادرين على أن نحول كيدهم وخبثهم إلى شيء لا أساس له ولا أثر له ،وأعطانا ما يجعلنا قادرين على أن نحوله إلى هباء منثور }فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفاً{.

أسأل الله سبحانه وتعالى أن يُبَصِّرنا وأن يُفهِّمنا ،أسأل الله سبحانه وتعالى أن يوحد كلمتنا ،وأن يؤلف بين قلوبنا ،ونقول: }ربنا أفرغ علينا صبراً وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين{.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

-الله أكبر ، الموت لأمريكا ،الموت لإسرائيل ،اللعنة على اليهود ،النصر للإسلام-
------------------------------------------
محاضرات من هدي القرآن الكريم

لتحذن حذو بني إسرائيل




ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي

بتاريخ:

7/ 2 / 2002م

هذه الدروس نقلت من تسجيل لها في أشرطة كاسيت ،وقد ألقيت ممزوجة بمفردات وأساليب من اللهجة المحلية العامية.

وحرصاً منا على سهولة الاستفادة منها أخرجناها مكتوبة على هذا النحو. والله الموفق










أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.

والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي اصطفاه الله لأداء أمانته ،وتبليغ رسالته ،وهداية عباده، من بعثه ليتمم مكارم الأخلاق، ليزكي العباد، ليطهر نفوسهم، ليجعل منهم أمة سامية في روحها، مصلحة في أعمالها، صلى الله عليه وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين ورضي الله عن شيعتهم الميامين.

والسلام عليكم أيها الأخوة ورحمة الله وبركاته.

نقول: بارك الله في جمعكم، وتقبل منكم، وجعلكم من أنصار دينه، ومن الهادين إلى صراطه المستقيم، ومن الذائدين عن حرمه.

في هذه الجلسة نحب أن نستعرض -كما وعدنا في الأسبوع الماضي- صوراً عرضها القرآن الكريم عن أنبياء كرماء، عظماء، هم من بني إسرائيل، وعن أمة نبذت كتاب الله وراء ظهرها، واشترت بآيات الله ثمنا قليلا، وانطلقت لتفسد في الأرض، هم أيضا من بني إسرائيل، ونحن العرب الذين كرمنا الله بهذا القرآن العظيم وبنبيه محمد صلوات الله عليه وعلى وآله ، الرسول العربي الذي امْتَنَّ الله به على المسلمين، قد مُنحوا أعظم مما منح الله بني إسرائيل، وامتن الله عليهم، ومنّ عليهم كما منّ على بني إسرائيل.

بنو إسرائيل الذين نلعنهم يجب أن نتعرف أولاً: هل نحن نسير على هدي رسول الله صلوات الله عليه وعلى وآله ،وعلى هدي أولئك الأنبياء العظماء من بني إسرائيل؟. أم أننا نلعن بني إسرائيل ونحن في نفس الوقت نتخلق بأخلاقهم ، نتثقف بثقافتهم، نسلك سلوكهم، نقف مواقفهم، نتأثر بهم في كل مجالات حياتنا؟. حتى تتضح الرؤية لدينا، وحتى يتضح الموقف لدينا ؛لنصحح وضعيتنا في أنفسنا، ولنعمل جميعا على قطع كل الوسائل التي توصل خبثهم إلينا.

في هذه الآيات الكريمة التي سمعناها من كتاب الله الكريم ([1])عرضت صورا متعددة عن أولئك الذين منّ الله عليهم بأن جعل فيهم أنبياء، وجعلهم ملوكاً، وآتاهم ما لم يؤتِ أحدا من العالمين، عن أولئك الذين حظوا برعاية فائقة من قبل الله سبحانه وتعالى ،ثم تحولوا إلى مفسدين في أرضه، إلى صادين عن سبيله. لنعرف أيضا بأنه إن اتضح الأمر جلياً أننا في واقع حياتنا متأثرون ببني إسرائيل ،فلنعرف أننا سنكون أجدر منهم بأن يضربنا الله بأعظم مما ضرب بني إسرائيل أنفسهم.

الله أكبر/الموت لأمريكا..الموت لإسرائيل..اللعنة على اليهود/النصر للإسلام

لأن الله عندما ذكر لنا في كتابه الكريم كيف آل أمرهم، وكيف تحولوا من النور إلى الظلام ، ومن الإصلاح إلى الإفساد، ومن الاعتزاز بكتب الله وأخذها بقوة إلى نبذها وراءهم ظهرياً، ومن العمل لنصر الدين وإعلاء كلمته إلى الاشتراء به ثمنا قليلا. كلها ذكر أنها كانت هي الأسباب لتلك العقوبات العظيمة التي عاقبهم الله بها، وأنها سنة إلهية، سنة إلهية ما عمله ببني إسرائيل يمكن أن يعمله حتى بآل محمد أنفسهم إذا ما سلكوا طريقة بني إسرائيل، سيعمله بالعرب أنفسهم إذا ما سلكوا طريقة بني إسرائيل، وللأسف الشديد أن رسول الله صلوات الله عليه وعلى وآله ذلك اليوم: أن الأمة ستسير سيرة بني إسرائيل ((لتحذن حذو بني إسرائيل حذو القُذَّة بالقذة، والنعل بالنعل حتى لو دخلوا جحر ضَبٍّ لدخلتموه)). وفعلا شهد الواقع، شهد هذا الزمان أننا أصبحنا نتنكر لكتاب الله، نتنكر لهدي رسل الله، نتنكر حتى لقيمنا العربية وننطلق وراء بني إسرائيل، ننطلق وراءهم باعتزاز، ونحن نقول: هذه هي الحضارة، هذا هو التقدم، هذا هو التطور، هذا هو التمدّن، ولم نشعر بأنه الإنحطاط، وأنه الذلة، وأنه الدناءة، وأنه الضلال والضياع.

فيما يتعلق ببيع الدين بالدنيا ذكر الله عن بني إسرائيل في أكثر من آية من كتابه الكريم أنهم كانوا يبيعون الدين مقابل الدنيا، يشترون بآيات الله ثمنا قليلا، يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا ، والإشتراء بمعنى يبيعون هم الدين دون أن يُلْجَئُوا إلى أن يبيعوه ،هم من يبحث عن بيعه، الاشتراء يعني أنهم هم يطلبون الآخرين أن يبيعوا الدين مقابل مواقف معينة، مقابل ثمن معين من حطام الدنيا.

وماذا تدل عليه هذه الحالة؟. تدل على أن الدين لا قيمة له في نفوسهم، لا قيمة له عندهم، ومن العجيب أن يكون الدين هكذا في أنفسهم لا قيمة له بعد أن منّ الله عليهم، بعد أن أنقذهم ،وبماذا منّ عليهم؟. وبماذا أنقذهم؟. ألم يَمُنّ عليهم بموسى عليه السلام الذي أنقذهم من عذاب فرعون وآل فرعون ؟. وموسى عليه السلام نبي من أنبياء الله.

إن الدين هو الذي أنقذهم من العذاب والظلم والإستضعاف، إن الدين هو الذي أعزهم يوم أورثهم الله مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها ،{وأورثنا القوم الذين كانوا يُستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها} ثم في لحظة يتنكرون لهذا الدين الذي إنما اعتزوا على يديه، إنما استقرت أوضاعهم وسعدت حياتهم على أيدي أنبيائه، يصبح هكذا سلعة تباع ويبحثون عن من يشتريها، وبالطبع الطرف الآخر لا يشتري الدين منهم ،إنما معنى المسألة أنهم هم ينبذون الدين، يرمون بالدين عرض الحائط مقابل ثمن من الدنيا.

ولاحظنا أنه في القرآن الكريم يتحدث عن كل ما ذكر في كل موضع يذكر فيه هذه الحالة يسمي ذلك الثمن (ثمناً قليلاً ثمناً قليلاً) حتى ولو كانت الدنيا بأكملها، إنها ثمن قليل ،الدنيا بأكملها مقابل شيء من دينك تبيعه إنه ثمن قليل، إنك بعت نفسك، بعت إلهك، بعت أنبياءك، بعت كرامتك، بعت جنتك، بعت عزتك، وبعت إنسانيتك.

ألم يقل الله عن أولئك الذين يتنكرون للدين ولا يهتدون بهدي الدين {إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل}؟. إن الإنسان يبيع إنسانيته، إن تكريم الله له أعظم تكريم يتمثل في الهدي الذي منّ به عليه ليسير عليه فيحظى بتلك الكرامة، ويكون جديرا بتلك الكرامة، أما إذا تنكر للدين فإنه يصبح في واقعه وهو إنسان يصبح أضل من تلك الأنعام {إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل}.

الله أكبر/الموت لأمريكا..الموت لإسرائيل..اللعنة على اليهود/النصر للإسلام

يقول عنهم سبحانه وتعالى: {وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم ولا تكونوا أول كافر به} لا ينبغي لمثلكم إذا كنتم تتذكرون نعمة الله عليكم أنها كانت كلها بواسطة الدين، وعلى يد الدين، وعلى يد الرسل الذين جاءوا بهذا الدين فلا ينبغي أن تكونوا أول كافر بمحمد، وأول كافر بالقرآن الكريم. {ولا تشتروا بآياتي ثمناً قليلاً وإياي فاتقون }. ويقول أيضا: {إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم} {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا} {وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون}. ألم يقل هنا ثمنا قليلا ثمنا قليلا؟. إن كل ما بأيدي اليهود الآن ،وهو تلك الممتلكات الهائلة في مختلف أقطار الدنيا إنها عند الله ثمناً قليل مقابل ذلك الدين الذي نبذوه وراء ظهورهم، مقابل هدي رسول الله صلوات الله عليه وعلى وآله وهذا القرآن الكريم الذي أمرهم الله أن يؤمنوا به كما أمر بقية عباده ،إنه ثمن قليل ويجب أن نفهم نحن ،وما أكثر ما أكثر الناس من المسلمين أنفسهم الذين يبيعون الدين بثمن قليل .

الدين لا يعني أنك كفرت به بلسانك وصرحت بنبذه، أليس بنو إسرائيل الآن لا يزالون يطبعون التوراة والإنجيل ويوزعونها ‎؟. أليسوا إلى الآن لديهم إذاعات تدعوا إلى النصرانية وتتحدث عن المسيح ،وتتحدث عن أعلام الديانات اليهودية أو النصرانية ؟. أليس ذلك قائماً؟. ماذا يعني الإشتراء ؟. إنه عندما يعرض الباطل بشكل مال، بشكل مصالح، بشكل مكانة أو مقام معنوي ينطلقون فيه ويتركون الدين . أوليست هذه حالة لدينا على نطاق واسع في أوساط المسلمين؟. بكل بساطة ،وبدون اكتراث يدخل أحدنا في موقف باطل، يعمل على أن يحصل على مصلحة ولو من طريق باطلة غير مشروعة ولا يبالي أن دينة يحرم عليه هذا، ولا يبالي أن دينه يهدده إذا ما دخل في هذا، هذا هو البيع للدين ولو في موقف واحد، ولو في قضية واحدة.

ألسنا في الانتخابات ينطلق أعضاء مجلس النواب فيقولون: سنعمل لكم وسنعمل وسنعمل، يعدون هذا بوظيفة، وهذا يعدونه برتبة عسكرية، وهؤلاء يعدونهم بمدرسة، وأولئك يعدونهم بخط، وأولئك يعدونهم بمستوصف، وفلان يعدونه بأنه إذا ما وصل إلى مجلس النواب سيقف معه، وسيعمل على حل مشكلته، وسيحاول أن يكون موقفه هو الأعلى ضد خصمه ،فننطلق للتصويت لمن يترشح دون أن نلحظ هل أننا - من وجهة نظر ديننا - وقفنا موقفاً ينسجم مع الدين أم أنه متخالف ومخالف له؟.لا نبالي.

ألم يبع الناس في كثير من المناطق أصواتهم لأعضاء قد يكون بعضهم ليس من الدين في شيء ،ولا تهمه مصلحة الدين، ولا تهمه مصلحة الأمة، ولن يفي بوعوده، يبيعون أصواتهم بقليل من السكر ،أو من الرز ،أو بتنور غاز ،أو بأي شيء من الوعود.

ما الذي يدل على أن هناك سوق كبيرة قائمة؟. هو أننا نرى كل من يترشح هل تسمع من أحد كلمة يقول فيها: (أنه سيعمل على إعلاء كلمة الله، أو أنه سيعمل على نصر الدين، أو أنه سيعمل على محاربة المفسدين في أرض الله، أو الظالمين لعباد الله). هل نسمع عبارات من هذه؟. لأن هذه بضاعة غير نافقة ،لن يحصل على صوت واحد، البضاعة النافقة هي أن تقول: سنعمل لكم ونعمل ونعمل ونعمل أشياء من حطام الدنيا، مصالح ،ماديات ،فننطلق نصوت ولا نلحظ أي جانب من الجوانب التي هو عليها في واقعه مخالف للدين،قد تقول: (حقيقة هو لا يصلي، وإنسان عدو لله لكن وعد أنه سيعطي لنا ويعطي لنا إلى آخره). أليس هذا حاصلا؟. حتى نعرف أنه حاصل -وأكرر- أنها هي السلعة التي ينزلها المرشحون في كل انتخابات، ومتى رأينا دعاية، متى رأينا وعودا من أحد المترشحين -سواء كان لرئاسة الجمهورية، أو لمجلس النواب- يتحدث عن جانب الدين، يتحدث عن جانب المحاربين للدين، أو يتحدث عن الأشياء المهمة بالنسبة للأمة ، الجانب الزراعي مثلا ‎، أنه سيعمل على تحقيق اكتفاء ذاتي للوطن ، هل نسمع عبارات من هذه ؟. لاشيء.

من أين جاءنا هذا؟. أننا فعلا كما قال الرسول صلوات الله عليه وعلى وآله : ((لتحذن حذو بني إسرائيل)) .

ألم يقل الله لهم: {أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار} هؤلاء الذين اشتروا بدين الله، بعهد الله، بأيمانهم ثمنا قليلا {أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة} تعبير عن إعراضه، عن أي شيء فيه رحمة لهم يوم القيامة، إعراض عنهم أولئك ليس لهم جزاء إلا النار، سوء الحساب، وجهنم، {ولا يزكيهم، ولهم عذاب اليم}. ويقول في الآية الأخرى{فبئس ما يشترون} أن يبيعوا الدين مقابل ثمن.

هنا هو لا يقول بأنهم لم يبيعوا الدين بالثمن الذي يساويه، إنما قال ثمنا قليلا في كل المواضع يقول ثمنا قليلا ليس اعتراضه على أساس أنهم باعوه بـ(250) لو باعوه بـ(1000) كان أفضل ولو باعوه بـ(1000) لما قال ذلك. لكن المشكلة أنهم باعوه بثمن قليل هو (250). إن كل شيء في مقابل الدين هو ثمن قليل وإن كانت الدنيا بملئها ذهبا هي ثمنه فهي قليل ؛لأنك تبيع نفسك، لأنك توبق نفسك توقعها في جهنم .

الله أكبر/الموت لأمريكا..الموت لإسرائيل..اللعنة على اليهود/النصر للإسلام

ألم يقل الله: {ولو أن للذين ظلموا ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به من سوء العذاب يوم القيامة وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون} لو أن لك الأرض بكلها، ومثلها معها، وملؤها ذهبا ،يوم القيامة عندما ترى جهنم، عندما تبرز جهنم للغاوين فتسمع شهيقها وزفيرها، وتسمع صراخها المرعب توَد لو أن الدنيا بأضعاف ما فيها لك لسلمتها فدية مقابل أن تنجى.. أليست الدنيا إذاً ثمنا قليلا ؟. ولهذا تجدون في كل موضع يقول :(ثمنا قليلا ثمنا قليلا).

كلنا سواء من ينطلقون مقابل مصالح مادية، أو من ينطلقون باسم الدين نفسه فيتكيف مع هذا، وينسجم مع هذا، ويكتم جزءاً من الدين من أجل أن يرضى عنه هذا، أومن أجل أن يحصل على مساعدة منه، يقف معه موقفا باطلا من أجل أن يدفع له أكثر حتى يتمكن من إقامة مراكز أكثر ،ويقول باسم الدين ،من أجل نصر المذهب. يقول: هذه لا بأس بها ليست مشكلة. ولا بأس أن ندخل معهم في هذا الموقف وإن كان باطلا. هذا نفسه من بيع الدين، هذا نفسه من بيع الدين بثمن قليل، بل هذا أسوء من الآخرين.

الذين باعوا الدين وهم حملة الدين، أو يكونوا في مواقفهم وإن كان من باب مراعاة المصلحة للدين، إنهم أسوء وأكثر أثرا وضررا على الأمة ؛لأنه إذا باع أهل الدين الدين فمن أين ستلقى الدين نظيفا ونقيا؟. بنو إسرائيل عندما باعوا الدين باعوه وهم حملته فكان بيع الدين هو إضلال للأمة، لأنهم من ينظر إليهم الناس في مختلف مراحل التاريخ أنهم الجهة التي يتلقون منها إرشادهم وتعليمهم، ويتلقون منها الكتب التي أورثهم الله إياها.

نحن كذلك إذا ما انطلقنا وقلنا لدينا مشاريع دينية ثقافية دينية ،ولكن لا بأس ندخل مع هذا الحزب أو مع هذا، ونحاول أن نحصل على مساعدات من هنا أو من هنا، ونقول : مسألة سهلة أن نسكت عن هذه، ونسكت عن هذا المبدأ، ونلغي هذا المبدأ، ونقف في هذا الموقف. إنه من بيع الدين، إنه من بيع الدين في العصر الذي الأمة أحوج ما تكون إليه كاملا ونقيا.

أولسنا نرى الدين الآن على رقعة واسعة من الدنيا هذه؟. أليست البلاد العربية كلها تحمل اسم بلاد إسلامية ؟. أليست هناك شعوب أخرى تمتد إلى أوساط آسيا، وإلى أوربا، وإلى بلدان أفريقيا، أليست رقعة البلاد الإسلامية واسعة؟. أليست مساحة الدين منتشرة بشكل واسع؟. لكن ما بال هذا الدين لم يعمل شيئا لهذه الأمة؟. ما باله؟. لأنه قدم ناقصاً.

الله أكبر/الموت لأمريكا..الموت لإسرائيل..اللعنة على اليهود/النصر للإسلام

حينئذ سيكون عملك وأنت مرشد، وأنت تملك مشروعا ثقافيا دينيا لن يعمل شيئا للأمة، ولست تختلف عن الكثير من أمثالك، وعن من يملكون أكثر مما تملك من مشاريع دينية على طول وعرض هذه الرقعة الإسلامية الكبيرة ، ممن لم يقدموا للأمة الحلول التي تضمنها ديننا، الحلول التي تضمنها كتابنا القرآن الكريم، الحلول التي وجهنا إليها نبينا محمد صلوات الله عليه وعلى وآله .

ثم يقول: حفاظاً على المذهب، حفاظاً على الدين، مراعاة للمصلحة العامة. وكأن الدين أمامه هو أن يرى أن مدرسة كهذه أصبح في قاعتها ألف طالب.. هذا هو الدين، إن هناك ألف مليون هناك ألف مليون مسلم.. أليس كذلك؟. فأنت تقول: ألف طالب أصبح لدينا (15) ألف طالب، لدينا (20) ألف طالب، لدينا كم معاهد، لدينا كم مراكز. عبارات من هذه، انظر إذا كنت ممن لا يعمل على أن يقدم الدين كاملا بنقائه وإن كنت تشعر بخطورة بالغة عليك فإن تلك الأرقام لا تشكل أي شيء بإضافتها إلى هذه الأمة ،التي هي أوسع مما لديك ،والكثيرون داخلها يمتلكون أكثر مما تمتلك ، إن بيع الدين – سواء من قِبَل من يحملون اسمه ومن يتحركون باسمه أو من قبل بقية الناس - مقابل مصالح مادية لا يبررها إطلاقا لا تجد مبررا لها إطلاقا ،لا أن تقول: حفاظا على المصلحة العامة. ولا أن تقول: حفاظا على المذهب، ماذا يكون إذا سكتنا عن هذه مقابل أن يبقوا لنا (حي على خير العمل)، ويبقوا لنا أشياء من هذه الأخرى؟. فهذا هو المذهب نحافظ عليه.

هذا ليس مبررا، أنت تريد أن تحافظ على الدين، أنت تريد أن تعمل للدين إن الدين للأمة، فانظر ما الأمة بحاجة إليه، انظر وضعيتها، وحلل وضعيتها، وانظر ما هو الذي ضاع من الدين في أوساطها فانطلق لتحييه إنه الدين، والحفاظ على الدين، والحفاظ على المصلحة العامة للأمة.. أنت تريد أن تحافظ على المصلحة العامة للأمة أو لبلد أو لشعب فحافظ على الدين بأكمله أن يُقدم لتلك الأمة، أوليس الدين لمصلحة الأمة ؟. إن الدين لمصلحة الأمة فمن يهمه مصلحتها فليقدم الدين لها كاملا ،وليوجهها بتوجيه الدين كاملا .

أما إذا قدمت الدين ناقصا فأنت ممن تضرب الأمة وإن قلت من أجل مصلحة الأمة، وأنت من تضرب الدين وإن قلت حفاظا على المذهب وعلى الدين. الله لم يفرط، هو الذي تكفل بالمصلحة العامة لعباده، متى؟. متى ما ساروا على دينه على نحو كامل وصحيح، أما إذا آمنوا ببعض وكفروا ببعض، ألم تضرب المصلحة العامة في الدنيا والآخرة؟. {لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم} ألم يقل هكذا؟. هل الخزي في الدنيا هو حفاظ على المصلحة العامة؟!، هل العذاب العظيم في الآخرة هو حفاظ على المصلحة العامة؟!. ، من أين جاء الخزي في الدنيا؟. ومن أين جاء العذاب العظيم في الآخرة؟. إنه من الإيمان ببعض الكتاب والكفر ببعض.

فأنت يا من تعلم، يا من ترشد، يا من لديك مشاريع معاهد علمية، أو مراكز، أن تكون حركتك على هذا النحو هي في واقعها إيمان ببعض وكفر ببعض، فإنك من تعمل على أن توقع الأمة في الخزي في الدنيا، وأن تسير بالأمة إلى العذاب العظيم في الآخرة.

في هذه النقطة ؛لأن الزعماء يعرفون أن السوق ينفق فيها بيع الدين بالدنيا، أننا أصبحنا جميعا كمسلمين في مختلف الأقطار الإسلامية لا يهمنا الدين، يهمنا أن نرى مشاريع وإن كانت مشاريع بسيطة، وإن كانت مشاريع هي من قوتنا، هي قروض، هي من قوتنا، أو هي فضلة فضلة ما انتهبه الآخرون من ثرواتنا.. متى ما أحد وعدنا بشيء من هذه انطلقنا وراءه ،ولا نسأل عن دين ، بل ولا نسأل عن واقع الدنيا أنه ما قيمة ما يريد أن يقدمه لنا أو ما قد قدمه لنا بالنسبة لما أكله علينا، أنه من أين جاء ما قدمه لنا، وما لمع شخصيته أمامنا به؟. هل هو من ثرواتنا الطبيعية؟. أم أنه من عرق جبيننا ومن قوتنا؟. أم أنه قروض تثقل كاهلنا، وتصنع لنا الأزمات، وتخنقنا سياسيا واقتصاديا وثقافيا وتجعل زمام أمورنا بأيدي أعدائنا؟. حتى عن جانب الدنيا لا نستوضح، أما الدين فهو ذاك الذي لا نلتفت إليه.

لمّا كانوا قد عرفوا أن الأمة أصبحت على هذا النحو انطلقوا كلهم كما انطلق فرعون يوم قال لأولئك في مواجهة ما كان يدعوهم نبي الله موسى عليه السلام إليه: {ونادى فرعون في قومه قال يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون}؟. ألم يعرض مشاريع وخدمات ‎مقابل هدي الله؟. ألم يقل هو لقومه: {ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد}؟. اتركوا هذا الفقير، اتركوا هذا الصعلوك، اتركوا هذا المهين، هكذا يقول لموسى عليه السلام ،فانشدوا نحو فرعون ،ليقل الله لفرعون ولهم في الأخير يوم غرقوا في قعر البحر: {وأضل فرعون قومه وما هدى} أضل فرعون قومه وما هدى يوم قال: {ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد} إنه المنطق الذي يتكرر على مسامعنا دائما من وسائل إعلامنا، إنه كل ما يعرض في المناسبات الوطنية، تأملوا التليفزيون في اليمن، في السعودية، في أي دولة عربية تعرض ما تسمى منجزات ومع أنشودة حماسية ،وصور لمشروع هنا ومشروع هناك ومصفاة للبترول هنا ومصنع هناك وأشياء من هذه ،هي نتائج عشرين عاما أو ثلاثين عاما، والعشرون عاما والثلاثون عاما هي لأمة كفيلة بأن توصلها إلى دولة صناعية إذا كان هناك من يقومون على أمور الناس ممن هم مخلصون، ممن هم يعرفون كيف يبنون شعوبهم.

أولم تصل إيران الآن إلى دولة صناعية، ودولة منتجة، ودولة مصدرة لمختلف المنتجات؟. دولة استطاعت الآن أن تهدد أمريكا فعلا ، ألم تسمعوا أنتم في هذا الأسبوع أنهم هددوا أمريكا؟. وأولئك الذين ينتجون ما بين خمسة ملايين برميل بترول ،وتلك الثروات التي يمتلكها هؤلاء العرب -لأنهم لم يبنوا نفوسهم ولم يبنوا شعوبهم لأن كل ما يلمعون به أنفسهم إنما هو من فضلات ما ينتهبه الآخرون من ثرواتهم- هاهم يخضعون، ويركعون، ولا يستطيعون أن يقولوا كلمة.

الإيرانيون خرجوا في هذا الأسبوع وملئوا الساحات وخرج الإمام الخامنائي وكلهم هددوا أمريكا، وكلهم لعنوا أمريكا، وهم من كنا نسمع عنهم مباشرة أنهم كانوا يتمنون أن يدخلوا في حرب مباشرة مع أمريكا ، قالوا: أمريكا هي كانت وراء العراق يوم دخل العراق معهم في حرب شديدة وطويلة، أمريكا هي التي دفعته، أمريكا هي التي دفعت البلدان العربية الأخرى لترسل جيوشها ،ولترسل مساعداتها الكبيرة للعراق ،ويقاتلون جميعا صفا واحداً ضد الإمام الخميني وضد الشعب الإيراني وضد الثورة الإسلامية، على الرغم من ذلك كله ألم يهدد هؤلاء الأمريكيين؟. هددوهم وفعلا بدأ منطق أمريكا ضعيفا

الله أكبر/الموت لأمريكا..الموت لإسرائيل..اللعنة على اليهود/النصر للإسلام

لأنهم وعلى مدى عشرين عاما فقط عشرين عاما التي هي قد تكون عمر رئاسة شخص أو ملك من ملوك العرب وبعضهم يبقى في حكمه خمسة وعشرين عاما أو ثلاثين عاما، وترى شعبه مازال فقيرا، ترى شعبه ما يزال ذليلا، ترى شعبه متى ما سمع تهديدا ونظر ورجع إلى نفسه رأى أنه لا يمتلك قوته فيخاف أن يقول كلمة جريئة أمام أعدائه.

أولئك هم من استطاعوا أن يخفضوا إنتاج البترول عما كان عليه أيام ملك إيران السابق، خفضوه بنحو مليونين برميل في اليوم، واستطاعوا بعد التخفيض أن يبنوا إيران في مختلف مجالات الحياة، وهاهم لما انطلقوا وعلى مدى عشرين عاما فقط لما سمعوا تهديد أمريكا استطاعوا أن يصرخوا في وجه أمريكا وأن يتحدوها، ورأينا فعلا كيف بدا زعماء آخرون من الغرب وكيف بدا (الكونجرس) الأمريكي نفسه يهاجم (بوش) على سياسته القاسية ،يقولون: ستضرب مصالح أمريكا خفف من لهجتك القاسية.

هذا ما كنا نقوله للناس أولئك جبناء، أولئك يرون أن مصالحهم تحت أقدامنا لو نعرف واقعنا إنهم أحوج إلينا من أي أمة أخرى، إنهم من يجب أن يكونوا تحت رحمتنا لو كنا نفهم، إن مجاميعنا هذه هي سوقهم الاقتصادية، إن خيرات أوطاننا هي المواد الأولية التي تحرك مصانعهم، إن البترول هو من أرضنا أكثر من 85% من احتياطي العالم من البترول هو في البلاد الإسلامية أكثر من 85% هم من هم تحت رحمتنا لو كنا نفهم.

هل تحرك (الكونجرس) الأمريكي وهاجم (بوش)؟. متى تحرك؟. بعدما تحرك الإيرانيون وتهددوا وقالوا: لو تضرب أمريكا أو تفكر أن تضرب فسيتلقون ضربة مباشرة وشديدة. هم يعرفون إيران ،ويعرفون شعب إيران ،ويعرفون أن إيران استطاعت أن تبني نفسها عسكريا واقتصاديا وثقافيا، لكن الآخرين مازالوا هكذا، همهم أن يبقوا في مناصبهم، ونحن همنا أن ننظر إلى ما يمكن أن يقدموه لنا من مشاريع بسيطة لا تعمل شيئا، ليست في قائمة (البُنَى التحتية الاقتصادية) - كما يقولون- ولا تشكل في واقعها تنمية حقيقية، لأنهم عرفوا أن هذا هو همنا، أن هذا هو ما نريد، أننا نفوس حقيرة، أننا نفوس ضعيفة، ليس لدينا طموحات، ليس لدينا أهداف، ليس لدينا شعور بكرامة ولا بعزة، يُسْلِينا أي شيء، يرضينا أي شيء، وليكن هذا الشيء البسيط هو ثمن ديننا لا نفكر ولا نعبأ به.تراهم في كل مناسبة وطنية يعرضون علينا المنجزات. نحن نقول: أين المنجزات الحقيقة التي تحافظ على كرامتنا ؟. أين البناء الاقتصادي ،والتنمية الحقيقية التي تجعلنا أمة تستطيع أن تقف على قدميها ؟. إذا كنتم تبنون مستشفى هنا، ومستوصف هناك من أجل متى ما أحسسنا بألم ما صداع في الرأس، أو جرح، أو ضيق في الشرايين أو في التنفس، يكون هناك أمامنا مستشفى.. إننا نعيش الألم النفسي، نعيش ألماً شديداً ليس من نقص في الفيتامينات إنما من نقص في الكرامة وفي العزة، نقص في الحياة الكريمة التي أراد ديننا أن تتوفر لنا، نعيش الألم فأين هو العلاج؟. نعيش الجوع الذي سيجعلنا مستسلمين أمام أعدائنا فأين هو الغذاء من أوطاننا؟. هذا هو العلاج الحقيقي، هذا هو العلاج الحقيقي.. هل هناك عمل على توفيره؟. لا يوجد.

لماذا؟. لأن الشعوب نفسها لا تتحدث مع أولئك. نحن قلنا في الجلسة السابقة أنه يجب في كل انتخابات أن نقول نحن: لسنا مستعدين أن نصوت لأحد إذا لم نره يهتم باقتصادنا، ببناء اقتصادي تقوم عليه أقدامنا، اقتصاد صحيح ،تنمية حقيقية ،زراعة.

النساء عندما كن يصوتن في حجة وفي مناطق أخرى مقابل (تنانير)، تنور من الغاز، بعض الأعضاء وزعوا كميات كثيرة من التنانير ،تنانير الغاز للنساء ليصوتن، وزوجها مرتاح أن صوت زوجته وفر له تنوراً ،لكن التنور هذه الخبز الذي تريد أن تعمله فيها من أين يأتيك ،حاول -على أقل تقدير- أن تصوت للخبز أولاً ،صوت ولا تصوت إلا لمن يوفر لك خبزك وطعامك من داخل وطنك ،أما التنور فهي تلك التي لا تنفعك فيما بعد عندما ترى لا دقيق ولا قمح موجود، عند ما يقال أن هناك إرهابيون في اليمن إذاً فليحاصر اليمن، إذا فليضرب اليمن، التنانير ستبقى حينئذ باردة لا تشتغل ، وسنرى الأراضي الواسعة الشاسعة في بلادنا بيضاء بيضاء لا تزرع، ويتعاقب الزعماء زعيما بعد زعيم، وأعضاء مجلس النواب عضوا بعد عضو، وأعضاء الحكومة عضوا بعد عضو، وما تزال أراضي بيضاء.

لكنها ستزرع إذا ما كانت زراعتها لمصلحتهم هم، ألسنا نرى في تهامة كم زرعوا من أشجار (المانجو)، مزارع كبيرة زرعوها في تهامة، أصبحت تهامة قابلة للزراعة، وأصبحت تهامة أرض صالحة للزراعة، لكن إذا ما كانت الزراعة لصالحهم فسيزرعون (المانجو) ليبيعوه بالملايين، ويصلحون تلك الأراضي الواسعة ومن مال من يصلحونها؟. الله يعلم من مال من يصلحونها؟؟. وتلك العائدات التي تدر عليهم هذه المزارع الكبيرة مزارع (المانجو) الله أعلم في أي بنوك تودع؟. الله أعلم من هو الذي يستثمرها فيجني من ورائها أكثر مما يجنوه هم من تلك المزارع؟. ألم تصبح حينئذ الأراضي قابلة للزراعة؟. لكن للحبوب غير قابلة للزراعة، لمختلف المنتجات الزراعية التي المواطنون بحاجة إليها غير قابلة للزراعة .

القروض الكثيرة جدا تتوارد على البلاد أيضا لا تصرف على المجال الزراعي.

لماذا حصل كل هذا؟. لأننا لا نتفوه بكلمة، نحن لا نعرف مصالحنا، ما قالوا هم بأنه مصلحة لنا نُسلِّم. حتى عندما يقولون: نحن سنكافح الإرهاب وأمريكا تريد منا أن نتصدى للإرهاب لأي كتاب إرهابي، لأي مدرسة إرهابية، لأي مدرسة تحفيظ قرآن إرهابية تُصَنَّف عند أمريكا إرهابية، لأي شخص يقال أنه إرهابي سنضربه حفاظا على مصلحة الوطن لأن لا تضربه أمريكا أو نواجه بحصار من جانب أمريكا. أليسوا هم من يرسمون لنا المصالح ،ونسلِّم؟. مع أنها ليست مصالح حقيقية.

الأمر الذي يكف عنكم الضغط الأمريكي، الذي اضطركم إلى أن تجندوا أنفسكم وتستعدوا لمكافحة كل ما قالت أمريكا أنه إرهابي، وأنتم من رأيتموهم يسألونكم عن مدارس تحفيظ القرآن، ويسألونكم عن (مركز بدر)، وسيسألونكم عن مراكز (الشباب المؤمن)، وسيسألونكم عن المساجد الفلانية، وعن العلماء الفلانيين، وعن، وعن .. قائمة ط
مدحي لكم يآل طه مذهبي** وبه افوز لدى الاله وافلح
واود من حبي لكم لو أن لي ** في كل جارحه لسان يمدح

أضف رد جديد

العودة إلى ”المجلس الروحي“