الصوفيه:
شرعية الاحتفال بعيد المولد النبوي الشريف
يبين هذا المقال شرعية الاحتفال بعيد المولد النبوي الشريف من خلال الكتاب والسنة وأقوال العلماء
إن الاحتفال بذكرى مولد سيد الكونين وخاتم الأنبياء و المرسلين نبي الرحمة وغوث الأمة سيدنا و مولانا محمد صلى الله عليه وآله وسلم من أفضل الأعمال وأعظم القربات، التي فيها تعظيم لشعائر الله تعالى، كما جاء في الذكر الحكيم "ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب"وقد درج سلفنا الصالح منذ القرن الرابع والخامس على الاحتفال بمولد الرسول الأعظم صلوات الله عليه وسلامه بإحياء ليلة المولد بشتى أنواع القربات من إطعام الطعام وتلاوة القرآن والأذكار وإنشاد الأشعار والمدائح في رسول الله عليه الصلاة و السلام، كما نص على ذلك غير واحد من المؤرخين مثل الحافظين ابن الجوزي وابن كثير، والحافظ ابن دحية الأندلسي، والحافظ ابن حجر، وخاتمة الحفاظ جلال الدين السيوطي رحمهم الله تعالى.وألف في استحباب الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف جماعة من العلماء والفقهاء بينوا بالأدلة الصحيحة استحباب هذا العمل بحيث لا يبقى لمن له عقل وفهم وفكر سليم إنكار ما سلكه سلفنا الصالح من الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف وقد أطال ابن الحاج في المدخل في ذكر المزايا المتعلقة بهذا الاحتفال، وذكر في ذلك كلاما مفيدا يشرح صدور المؤمنين، مع العلم أن ابن الحاج وضع كتابه المدخل في ذم البدع المحدثة التي لا يتناولها دليل شرعي.وما ظهر من بعض الجهلة المتطفلين على مائدة العلم من إنكار الاحتفال بذكرى ليلة المولد الشريف، هو من قبيل الجهل المنسوب لصفتهم وينبغي أن يعرض العاقل عن كلامهم ولا يلتفت إليه مطلقا لأنه صادر عن جهل منهم بقواعد العلم المعتبرة عند الأئمة، إضافة إلى فساد ضميرهم وضعف عقيدتهم. قال خاتمة الحفاظ جلال الدين السيوطي في كتابه "حسن المقصد في عمل المولد الذي ألفه في استحباب الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، قال رحمه الله تعالى بعد سؤال رفع إليه عن عمل المولد النبوي في شهر ربيع الأول ما حكمه من حيث الشرع ، وهل هو محمود أو مذموم ، وهل يثاب فاعله ؟ قال:" والجواب عندي أن أصل عمل المولد الذي هو اجتماع الناس وقراءة ما تيسر من القرآن ورواية الأخبار الواردة في مبدإ أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وما وقع في مولده من الآيات ثم يمد لهم سماط يأكلونه و ينصرفون من غير زيادة على ذلك هو من البدع الحسنة التي يثاب عليها صاحبها، لما فيه من تعظيم قدر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإظهار الفرح والاستبشار بمولده الشريف، وقد كان الملك المظفر يعتني بإقامة المولد النبوي بالطعام وغيره، ويحضره أعيان العلماء الصوفية فيكثر الصدقة في يوم الاحتفال، ويعمل للصوفية سماعا من الظهر إلى الفجر وقد مات رحمه الله تعالى وهو محاصر للنصارى في مدينة عكا أثناء الحملة الصليبية سنة ثلاثين وستمائة، وكان هذا الملك شهما شجاعا بطلا عالما عادلا رحمه الله تعالى وقد صنف له الحافظ أبو الخطاب بن دحية، مجلدا في المولد النبوي سماه التنوير في مولد البشير النذير وهو من أوسع الكتب المؤلفة في المولد النبوي وقد رد السيوطي على من قال :"لا أعلم لهذا المولد أصلا في كتاب ولا سنة" ، بقوله:" نفي العلم لا يلزم منه نفي الوجود مبينا أن إمام الحفاظ أبا الفضل ابن حجر رحمه الله تعالى قد استخرج له أصلا من السنة ، واستخرج له هو - يعني السيوطي- أصلا ثانيا موضحا أن البدعة المذمومة هي التي لا تدخل تحت دليل شرعي في مدحها أما إذا تناولها دليل المدح فليست مذمومة روى البيهقي عن الشافعي رضي الله تعالى عنه قال :" المحدثات من الأمور ضربان : أحدهما أحدث مما يخالف كتابا أو سنة أو أثرا أو إجماعا فهذه البدعة الضلالة، والثاني ما أحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد وهذه محدثة غير مذمومة. وقد قال عمر بن الخطاب في قيام شهر رمضان نعم البدعة هذه، يعني أنها محدثة لم تكن، وإذا كانت فليس فيها رد لما مضى هذا آخر كلام الشافعي. قال السيوطي:" وعمل المولد ليس فيه مخالفة لكتاب ولا سنة ولا أثر ولا إجماع ، فهي غير مذمومة كما في عبارة الشافعي وهو من الإحسان الذي لم يعهد في العصر الأول ، فإن إطعام الطعام الخالي عن اقتراف الآثام إحسان، فهو إذن من البدع المندوبة كما عبر عنه بذلك سلطان العلماء العز ابن عبد السلام" وأصل الاجتماع لإظهار شعار المولد مندوب وقربة، لأن ولادته أعظم النعم علينا والشريعة حثت على إظهار شكر النعم، وهذا ما رجحه ابن الحاج في المدخل حيث قال :"لأن في هذا الشهر من الله تعالى علينا بسيد الأولين والآخرين، فكان يجب أن يزاد فيه من العبادات والخير وشكر المولى على ما أولانا به من النعم العظيمة" والأصل الذي خرج عليه الحافظ ابن حجر عمل المولد النبوي هو ما ثبت في الصحيحين من أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسألهم فقالوا هذا يوم أغرق الله فيه فرعون ونجى موسى فنحن نصومه شكرا لله تعالى، قال الحافظ:" فيستفاد منه فعل شكر الله على ما من به في يوم معين من إسداء نعمة أو دفع نقمة، ويعاد ذلك في نظير ذلك اليوم من كل سنة، والشكر يحصل بأنواع العبادات كالسجود والصيام والصدقة والتلاوة، وأي نعمة أعظم من نعمة بروز هذا النبي نبي الرحمة في ذلك اليوم ويؤكد الحافظ ابن حجر على ما ينبغي أن يعمل في الاحتفال فيقول:" فينبغي أن نقتصر فيه على ما يفهم الشكر لله تعالى من نحو ما تقدم ذكره من التلاوة والإطعام وإنشاد شيء من المدائح النبوية والزهدية المحركة للقلوب إلى فعل الخير والعمل للآخرة وما كان مباحا بحيث يقتضي السرور بذلك اليوم لا بأس بإلحاقه به" ، هذا آخر كلام أمير المؤمنين في الحديث الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى أما الإمام السيوطي فالأصل الذي ذهب إلى تخريجه عليه، هو ما أخرجه البيهقي عن أنس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عق عن نفسه بعد النبوة، مع أنه قد ورد أن جده عبد المطلب عق عنه في سابع ولادته، والعقيقة لا تعاد مرة ثانية، فيحمل ذلك على أن الذي فعله النبي عليه السلام إظهار للشكر على إيجاد الله تعالى إياه رحمة للعالمين، وتشريع لأمته، كما كان يصلي على نفسه لذلك فيستحب لنا أيضا إظهار الشكر بمولده بالاجتماع وإطعام الطعام ونحو ذلك من وجود القربات وإظهار المسرات. ونقل السيوطي عن إما م القراء الحافظ شمس الدين ابن الجزري من كتابه عرف التعريف بالمولد الشريف قوله:" إنه صح أن أبا لهب يخفف عنه العذاب في النار كل ليلة اثنين لإعتاقه ثويبة عندما بشرته بولادة النبي عليه الصلاة والسلام. فإذا كان أبو لهب الكافر الذي نزل القرآن بذمه جوزي في النار بفرحه ليلة مولد النبي عليه السلام، فما حال المسلم الموحد من أمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم يسر بمولده ويبذل ما تصل إليه قدرته في محبته لعمري إنما يكون جزاؤه من الله الكريم أن يدخله بفضله جنة النعيم. وأنشد الحافظ شمس الدين الدمشقي في كتابه المسمى مورد الصادي في مولد الهاـدي"
إذا كـــان هذا كافرا جاء ذمه وثبت يداه في الجحيم مخـــــلدا
أتى أنه في يوم الإثـــنين دائما يخفف عنه للسرور بأحمـــــدا
فما الظن بالعبد الذي طول عمره بأحمد مسرورا ومات موحــــدا
فهذه أخي القارئ بعض قليل مما كتبه الأئمة الحفاظ في استحباب إحياء ذكرى المولد الشريف، لا يبقى معها أي شك في ثبوت جهالة من يعارض مشروعية الاحتفال بالمولد مع أنه تجدر الإشارة إلى أن الاحتفال له معاني جد سامية وخصوصا في تعريف الناشئة سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقدره العظيم الذي بات الكثير يجهله تماما. نسأل الله أن يعرفنا بقدر نبينا خاتم الأنبياء والمرسلين ويجعل حبه ساكنا في سويداء قلوبنا وممتزجا بأرواحنا وأبداننا حتى ننال شفاعته والقرب منه يكون أسعد الناس من نال القرب منه في عرصات القيامة إنه سميع مجيب.
ـــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ
الاعظمية واحتفالات المولد النبوي الشريف
منذ اواخر العهد العباسي، بدأ المسلمون يحتفلون بذكرى يوم المولد النبوي الشريف، على مدى واسع.
واول احتفال عظيم بهذه المناسبة الكريمة، اقيم في مدينة [اربل] ,وهي اربيل في عهد الامير مظفر الدين كوكبوري.
ثم اخذت مدن العراق تنافس مدينة اربل في هذه الاحتفالات، وامتازت الاعظمية بتلك الاحتفالات، وحسن تنظيمها، واعداد الطعام للزوار والمحتفلين، وقد اشارت بعض المصادر، الى تجمع اهل بغداد في الاعظمية ليلة المولد النبوي الشريف ويومه. وقد خصص كثير من المحسنين مبالغ معينة، لانفاقها في احتفالات المولد النبوي الشريف في الاعظمية، ومنها اوقاف كرود خليل باشا في الصليخ فقد اوقف خليل باشا، تلك الكرود والاراضي الزراعية، لتصرف واراداتها في اعداد الطعام للزوار والمحتفلين بالمولد النبوي الشريف، في جامع الامام الاعظم.
وكان المشرفون على الاحتفال يقومون باعداد الطعام في [كلية الامام الاعظم]، وتنقل منها اربعة قدور كبار [صفريات]، يتسلمها مختارو المحلات الاربع في الاعظمية، ويوزعونها بين بيوت المحلات، وكل مختار يتولى الاشراف على توزيع الطعام في محلته، وذلك بقصد التبرك، ولا يوزع الطعام في الكلية والمسجد، على الزوار والمحتفلين، وكان الزوار يأخذون بعضاً من الطعام الى بيوتهم في بغداد، والمدن الاخرى.
وفي العهد العثماني نشرت جريدة [الزوراء] 1872 ميلادية خبراً عن احتفالات المولد النبوي جاء فيه [بناءً على العادة المستحسنة الجارية من قراءة المولد النبوي الشريف في جامع رئيس مذاهب أهل السنة والجماعة لحضرة الامام الاعظم، والهمام الاقدم في كل شهر ربيع الاول من كل سنة فكذلك نهار امس وهو يوم الاثنين دعيت كافة مأموري الملكية والعسكرية وتعطلت الدوائر في اليوم المذكور وقد قرىء المولد الشريف بكمال الادب والاحترام فتنورت قلوب الناس مجتمعة وانجلت مرآيا ابصارها وبعد القراءة اجريت الضيافة المكملة من دائرة الاوقاف على المعتاد]. وهذا ما يؤكد قدم هذه الاحتفالات في مدينة الاعظمية وتميزها بهذه العادة.
وفي عهد الاحتلال الانكليزي يوم 11 آذار 1917 دخل الانكليز بغداد وقد نشرت جريدة [العرب] وصفاً للاحتفال قالت فيه: [ما كادت تبزغ شمس الاثنين 12 ربيع الاول حتى هرع الناس لمشاهدة الاحتفال الذي يقام في الاعظمية.. اعاد الله هذا اليوم ويزيد في تبجيل اسم سيدنا محمد صلى الله عليه (وآلــــــــــه) وسلم على الامة الاسلامية.
اما في العهد الملكي فصارت الاحتفالات بالمولد النبوي الشريف تأخذ نمطاً آخر ويعود ذلك الفضل الى المرحوم العلامة الحاج نعمان الاعظمي الذي كان يشرف على تنظيم الاحتفال واعداد الطعام ويوجه الدعوات الى كبار المسؤولين في الدولة ورجال الصحافة مع اعداد منهاج خطابي وتلاوة للمناقب النبوية الشريفة وهذا ما جعل الاحتفالات طيلة حياة الحاج نعمان الاعظمي مزدهرة حتى وفاته عام 1936 حتى صار الاحتفال اقل شأناً ورونقاً وذلك لأن القائمين على الاحتفال لم يملكوا عزيمة الفقيد.

وفي العهد الجمهوري كانت السلطة لا ترتاح الى احتفالات المولد في مدينة الاعظمية حيث كان الشعراء والخطباء يتعرضون الى مضايقات واعتقالات من قبل السلطة الى ان تولى المرحوم الدكتور ناجي معروف رئيس جمعية منتدى الامام ابي حنيفة مسؤولية الاحتفال، حيث بلغت الاحتفالات أوج عظمتها مما دعا الدولة الجمهورية الى احتضان الاحتفال ونقل وقائعه في التلفاز.

ويذكر ان الاعظميين يستقبلون الوفود من المحافظات والمدن العراقية الاخرى ويقيمون مآدب فخمة في مساجد الاعظمية.. وتبقى المساجد مفتوحة الى الصباح لاستقبال الزوار والمحتفلين وتقام حلقات الاذكار والامداح النبوية في جامع الامام الاعظم وبقية مساجد الاعظمية ..ويتم في يوم المولد النبوي الشريف عرض بضع شعرات للرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم والتي لا تعرض سوى في يوم المولد وفي ليلة القدر وفي ذكرى الاسراء والمعراج... الا ان هذه المدينة العريقة لم تحتفل بذكرى المولد النبوي الا بشكل محدود وليس كسائر السنين الاخرى وذلك خلال الاعوام الماضية بسبب ظروف الاحتلال وتدهور الوضع الامني.
ويقول سفير المقام العراقي حسين الاعظمي عن هذه الاحتفالات في لقاء مع صحيفة اهالي الاعظمية:
* المناقب النيوية الشريفة...مفردها منقبة وتتلى فيها المداح النبوية وتتكون من خمسة فصول يرتلها رجل يسمى الملا يجلس قرب البطانة المكونة من مجموعة اشخاص وهم يرددون الاشغال [التنزيلة] الملحنة حسب المقام الذي ينشده الملا او مؤدي المقام الذي يرافق الملا في اقامة هذه المنبقبة وتبدأ المنقبة بمقام الاونة وتنتهي بمقام المخالف وفي كل فصل تتخلل بين مقام واخر احدى التنزيلات الدينية سوى للملا عثمان او غيره.
وعــن الاذكــار يقول الاعظمي: مفردها ذكر يجتمع فيه الصوفيون ويقرعون دفوف خاصة يرافق هذه الدفوف آلة ايقاعية تسمى [الخليلة] ويرددون قصائد نظمت باللغة الدارجة في مدح الرسول الاعظم صلى الله عليه وسلم وتشعب هؤلاء الى عدة طرق [رفاعية قادرية سهروردية وبدوية نقشبندية].
وعن التهاليل يقول:مفردها تهليلة وهي ان يقف الصوفيون على شكل دائرة [حلقة] ويذكرون اسماء الله الحسنى بأصوات منسجمة واوزان خاصة ينبعث من بينهم م}دي مقام ينشر قصائد لشعراء صوفيون ويتوسط الحلقة رجل مرتدي لباساً خاصاً وهو لباس المولوية يستدير بمكانه بسرعة ويعمل بيده حركات متنوعة ويفرش في الدوران لباسه العريق وسط هذه الحركة. اما الواقفون فهم يوحدون بلفظة [دايم الله حي] ولفظة [لا الله اله الا الله] وحسب اصول متبعة اما رئيس هذه التهليلة يسمى شيخ الحلقة او المرشد.
ــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ
اهل السنه والجماعه :
الاحتفال بالمولد النبوي الشريف والدليل على جوازه
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول اعتاد المسلمون منذ قرون على الإحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف بتلاوة السيرة العطرة لمولده عليه الصلاة والسلام وذكر الله وإطعام الطعام والحلوى حُباً في النبي صلى الله عليه وسلم وشكراً لله تعالى على نعمة بروز النبي صلى الله عليه وسلم، وللأسف ظهر في أيامنا من يحرم الإجتماع لعمل المولد بل يعتبر بدعة وفسق ولاأصل له في الدين، لذلك نبين للناس حكم الإحتفال بالمولد النبوي الشريف:
من البدع الحسنة الاحتفال بمولد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا العمل لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا فيما يليه، إنما أحدث في أوائل القرن السابع للهجرة، وأول من أحدثه ملك إربل وكان عالمًا تقيًّا شجاعًا يقال له المظفر.
جمع لهذا كثيرًا من العلماء فيهم من أهل الحديث والصوفية الصادقين.
فاستحسن ذلك العمل العلماء في مشارق الأرض ومغاربها، منهم الحافظ أحمد بن حجر العسقلاني، وتلميذه الحافظ السخاوي، وكذلك الحافظ السيوطي وغيرهم.
وذكر الحافظ السخاوي في فتاويه أن عمل المولد حدث بعد القرون الثلاثة، ثم لا زال أهل الإسلام من سائر الأقطار في المدن الكبار يعملون المولد ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات، ويعتنون بقراءة مولده الكريم، ويظهر عليهم من بركاته كل فضل عميم.
وللحافظ السيوطي رسالة سماها "حسن المقصد في عمل المولد"، قال: "فقد وقع السؤال عن عمل المولد النبوي في شهر ربيع الأول ما حكمه من حيث الشرع؟ وهل هو محمود أو مذموم؟ وهل يثاب فاعله أو لا؟ والجواب عندي: أن أصل عمل المولد الذي هو اجتماع الناس، وقراءة ما تيسر من القرءان، ورواية الأخبار الواردة في مبدإ أمر النبي صلى الله عليه وسلم وما وقع في مولده من الآيات ثم يمد لهم سماط يأكلونه وينصرفون من غير زيادة على ذلك هو من البدع الحسنة التي يثاب عليها صاحبها لما فيه من تعظيم قدر النبي صلى الله عليه وسلم وإظهار الفرح والاستبشار بمولده الشريف.
وأول من أحدث فعل ذلك صاحب إربل الملك المظفر أبو سعيد كوكبري بن زين الدّين علي بن بكتكين أحد الملوك الأمجاد والكبراء الأجواد، وكان له ءاثار حسنة، وهو الذي عمَّر الجامع المظفري بسفح قاسيون".ا.هـ.
قال ابن كثيرفي تاريخه: "كان يعمل المولد الشريف - يعني الملك المظفر - في ربيع الأول ويحتفل به احتفالاً هائلاً، وكان شهمًا شجاعًا بطلاً عاقلاً عالمًا عادلاً رحمه الله وأكرم مثواه. قال: وقد صنف له الشيخ أبو الخطاب ابن دحية مجلدًا في المولد النبوي سماه "التنوير في مولد البشير النذير" فأجازه على ذلك بألف دينار، وقد طالت مدته في المُلك إلى أن مات وهو محاصر للفرنج بمدينة عكا سنة ثلاثين وستمائة محمود السيرة والسريرة".ا.هـ.
ويذكر سبط ابن الجوزي في مرءاة الزمان أنه كان يحضر عنده في المولد أعيان العلماء والصوفية
وقال ابن خلكان في ترجمة الحافظ ابن دحية: "كان من أعيان العلماء ومشاهير الفضلاء، قدم من المغرب فدخل الشام والعراق، واجتاز بإربل سنة أربع وستمائة فوجد ملكها المعظم مظفر الدين بن زين الدين يعتني بالمولد النبوي، فعمل له كتاب "التنوير في مولد البشير النذير"، وقرأه عليه بنفسه فأجازه بألف دينار".ا.هـ.
قال الحافظ السيوطي: "وقد استخرج له - أي المولد - إمام الحفاظ أبو الفضل أحمد بن حجر أصلاً من السنة، واستخرجت له أنا أصلاً ثانيًا..."ا.هـ.
فتبين من هذا أن الاحتفال بالمولد النبوي بدعة حسنة فلا وجه لإنكاره، بل هو جدير بأن يسمى سنة حسنة لأنه من جملة ما شمله قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شىء" وإن كان الحديث واردًا في سبب معين وهو أن جماعة أدقع بهم الفقر جاءوا إلى رسول الله وهم يلبسون النِّمار مجتبيها أي خارقي وسطها، فأمر الرسول بالصدقة فاجتمع لهم شىء كثير فسرّ رسول الله لذلك فقال: "من سنَّ في الإسلام ..." الحديث.
وذلك لأن العبرة بعموم اللَّفظ لا بخصوص السبب كما هو مقرر عند الأصوليين، ومن أنكر ذلك فهو مكابرولاحجة ولاعبرة بكلامه ثم الإحتفال بالمولد فرصة للقاء المسلمين على الخير وسماع الأناشيد المرققة للقلوب و إن لم يكن في الإجتماع على المولد إلا بركة الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه (وآلــــــــه )و سلم لكفى.
الرجاء من الاخوه الاعضاءاضافه قول الزيديه والجعفريه وكتب الله لنا ولكم الاجر