
يجادل فيه الموت معنى حدوثه وفيك رأي ومعنى الخلود المصاحب
قاسم بن علي الوزير
حزين؟ نعم. والحزن إحدى مواهبي *** فلا تسألي عني سلي عـن مصائبي
تجرعتـها طفـلا صغيرا ويـافعـا *** وكهلاً, لقـد اتعبـت حتى متـاعبي!
ولـكن دهاني اليوم ما لسـت قادرا *** عليه و لا عنه محيـدٌ لـهـارب
افقنا على صبح من الخطب صاعق *** وملنا الى ليل من الحـزن راعـب
وأنى اتجهنا لم نجـد غير دامـع *** وأنى ذهبنا لم نـجـد غـير نـادب
تساوى المعَزى والمعزي, كلاهمـا *** سواء بخطب وحد الناس, حـاصـب!
و«بنيان قوم» قد تهدم, فانظـروا *** الى القـوم كالايتام بين الـخـرائب
ليصنع بعد اليـوم من شاء صنعه *** فما في الحمى غير القطا والثعـالب
خلى بعده الميدان.. أصبـح ملعباً *** لكـل دعـي في الـفـوارس كـاذب
فيـا فـارس الأنوار! نورت امة *** بفعل على هدي من الفكـر صـائـب
وبشـرت بالدستـور حتى جعلته *** شعاراً كشعب في البطـولات ضـارب
نزلت السجون المظلمات فامطرت *** شـآبيب شعـر عبقـري الـذوائـب
وابـدعت فكـراً للحياة مظفـراً *** وأنت على مرمى السيوف الضـوارب
وكـنت الشهيد الحي, شاهــد *** عصـره بـريشة فنان وابداع كـاتب
وظنك-من لم يعرف الامر- واحدا *** من الضـاربين الدف بين المضـارب
وهيهات: لا كانت, ولا كان إنـما *** بصـرت بمـا لم يبصروا من عواقب
عملت- ولم تحجم- بما أنت مؤمن *** وفـاء لعهـد.. او قيامـا بـواجـب
وخالفت ام وافقت في كل حـالـة *** تسيـر على هـدي الضمير المراقب
فلا تأس مِن مَن لا يرى غير نفسه *** فمـا يبتغـي إلا اقتناص المثـالب!
*****
أيخلـو الندي الفخم من عبقـرية؟ *** ويخلي العرين الضخم ليث الكتائب؟
تساءلت.. لا أبغي جواباً.. وانمـا *** اعبـر عن حـال على النفس غالب
وهل من جديد؟.. والرواية ذاتهـا *** تعاد.. على مجرى الدموع السواكب؟
نجىء الى الدنيا ونمضي فهل تـرى *** منـوعاً لآت أو معـيدا لـذاهـب؟
على غيـر رأي في ذهـاب وجيئة *** مضى كـل قـال للحيـاة وراغـب!
رضـينا وسلـمنا بحكـمة آخـذٍ *** اذا ماقضى أمـراً.. وحكمة واهـب!
*****
أبـا فيصل! هل سامـع فتجيبني؟ *** لنا الله! هذا الصمت اقسى المصائب
أمـن رنـح الدنيا بعـذب هديله *** وزينـهـا من فكـره بالكـواكـب
وشرق في الدنيا فلملم شمسـها *** وأطلعهـا مجلـوة في الـمغـارب
ومن ترك الدنيا فراغا وقد خلت *** من المالئس الدنيـا بشتى المواهب
يسير سراة الليل في ضوء هديها *** ويجني من اثمـارها كـل ساغـب
ويرتـع في جنـاتها كل وافـد *** ويكـرع من صهبائهـا كـل شارب
يقين كشك يركض الناس حـوله *** وشك.. ولكـن كاليقين المصاقـب
ولم ار شخصا غائبا مثل حاضـر *** ولا حاضـرا ملئ الزمـان كغـائب
يجادل فيك الموت معنى حدوثـه *** وفيك رأى معنى الخلـود المصاحب
*****
سلاما نجي الخلد! شعرك لم يزل *** عنـاءً لسـار او حـداء لسـارب
تراتيل محـراب, وإلهام مبـدع *** وألحـان مشتاق وسيف محـارب
يروع كما راع الجمـال وينتشي *** به كـل من يهـوى جلال المناقب
أفـانين شتى من بيان وحكـمة *** تضيء بفكـر ساطـع النـور ثاقب
يلـوذ بها التاريخ من زيف مدع *** دخيل عـليه.. او جنـايات لاعـب
ويأوي إليه الشعـر من كل ناعق *** وكـل صدى من جـانب البوم ناعب
الى أيـن؟ أن الليل مازال حالكـاً *** ومازال وعـد الفجـر خلف الغياهب
ومازال عـرض الحق, وهو مقدس *** على كـل حـال, مستباح الجوانب؟
*****
وداعاً نجي الروح لا الشوق ناقد *** اليك.. ولا الحـزن الملـح بذاهـب
يقيم لـك القـلب المـولـه مأتما *** مقيماً.. على كر السنين الـذواهـب
وحقك لم ابرح على الحب والوفاء *** كعهدك بي.. تمضي رخاء مـراكبي
اذا صـار «ود الناس خباً» فإنني *** أصون ودادي عـن تصنـع كـاذب
بكيت الـرفاق الذاهبين فـلم أدع *** دموعـا لعـين أو وجيبـا لنـادب
تفتـح أبـواب السمـاء مواجعي *** وتغسـل أدران الحياة سـحـائبـي
ولـن ينقضي حزني عليـك وإنما *** أداري شجوني بالـظنـون الكـواذب
تمـرست بالأحـزان حتى جعلتها *** نشيد الحزانى.. أو حداء الـركائـب
http://www.al-shoura.net/sh_details.asp?det=2204