العدد الأخير من مجلة علوم الحديث و ثلاثة نصوص لأئمة الزيدية

هذا المجلس لطرح الدراسات والأبحاث.
أضف رد جديد
الموسوي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 427
اشترك في: الجمعة ديسمبر 19, 2003 12:19 am

العدد الأخير من مجلة علوم الحديث و ثلاثة نصوص لأئمة الزيدية

مشاركة بواسطة الموسوي »

السلام عليكم و رحمة الله
أحبائي في الله! لم يقلّل الاشتياق لكم و لهذه المجالس المباركة رغم بعد العهد..
و بالمناسبة وصلني أخيرا العدد 18 و هو الأخير لمجلة علوم الحديث و التي تصدر في كل نصف سنة. و رأيت فيه ثلاثة متون من الزيدية قد حقّقها و أعّدها للطبع العلامة المحقّق السيد محمدرضا الحسيني الجلالي، زاد الله تعالى توفيقاته، ألا و هي:
1- كتاب المناهي للإمام المرتضى لدين الله محمد بن يحيى الهادي.
2- كتاب الأمالي الصغرى للإمام المؤيدبالله أحمد بن الحسين الهاروني.
3- كتاب فصل الخطاب في خبر العرض على الكتاب للسيد العلامة الإمام مجدالدين المؤيدي


و سأقدم لكم و في ثلاثة مواضيع هذه النصوص الثلاثة شاكرا للسيد الجلالي حيث أجاز لي هذا العرض.

أولا: كتاب المناهي.
السيد الجلالي قدّم أولا نصّا في مناهي رسول الله صلى الله عليه و آلي و التي رواه الإمامية في كتيهم من طريق الحسين ذوالدمعة ابن مولانا الشهيد زيد بن علي بن الحسين عليهم السلام عن الإمام جعفر بن محمد الصادق من كتاب أملاه رسول الله و هو بخط علي بن أبي طالب عليهم السلام.
ثمّ أتبع الأستاذ القدير هذا اكلتاب بكتاب المناهي للإمام المرتضى لدين الله و الذي اعتمد في عمله أولا على نسخة بخطّ السيد العلامة المجاهد بدرالدين الحوثي حفظه الله ثمّ نسخة من الكتاب يقع في مجموع الإمام الهادي يحيى بن الحسين و نسخة ثالثة مطبوعة في مجموع الإمام المرتضى.

جاء في العدد:
جُمَلٌ مِنْ مَنَاهِي النبِيِّ(صلى الله عليه وآله)
جَمَعَهُ الإمامُ الصادِقُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّد (عليهما السلام)
مِنَ الكِتَابِ الذي هو إِمْلاءُ رَسُولِ الله(صلى الله عليه وآله) وَ خَطُّ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ(عليه السلام) بِيَدِه.
رواه الحُسينُ ذو الدمعة ابنُ زيد الشهيد ابن السجّاد زين العابدين عليّ بن الحسين السبط الشهيد ابن أمير المؤمنين(عليهما السلام)
إعداد: السيّد محمد رضا الحسيني الجلالي
تقديم المعدّ:
«كتاب عليّ (عليه السلام)» له في تراث الشيعة الإماميّة صدىً يملؤُ الآفاق مدى القرون، وله وقعٌ في الفكر والعلم، لايداني شاؤه أيٌّ من المؤلّفاتوالمدوّنات البشريّة الأُخرى.
وقد أعلن الأئمّةُ الأطهارُ (عليهم السلام) عن وجوده عندهم بكلّ مباهاة وافتخار ، وتحدّوا غيرهم أن يكون عنده مثله ، وإن شرّقوا أو غرّبوا ، كلّ ذلك:
لأنّه كتابٌ بُني بُنيانُهُ على الوحي والعصمة ، فقد أملاهُ رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي (مَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْىٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى).
فمن فمه الشريف «الذي لا يخرج منه إلاّ الحقّ» إلى يد أمير المؤمنين (عليه السلام)المعصوم من أهل البيت (عليهم السلام) الذين قال الله فيهم : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا )(الأحزاب:33/33).
فهو كتابٌ لا يناله الريبُ، ولا يدنو منه السهوُ، ولا يعرضه الخطأُ، ولا يحتمل فيه الخلافُ، ولايشتبه فيه اللفظُ، ولا يكون فيه تحريفٌ أو تصحيفٌ.
إنّه محاطٌ بكلّ أدوات الضبط والحفظ والصيانة.
ذلك الكتابُ الذي كان «من إملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) من فمه ، بخطّ أمير المؤمنين(عليه السلام)بيده» . وإذا كان الإمام الصادق أبو عبدالله ، جعفر بن محمّد (عليه السلام)سادس الأئمّة المعصومين، هو الجامع لهذه «المناهي» من ذلك الكتاب ، فهذا أيضاً توثيق معصوم لا يُدانيه توثيقٌ. وإذا أملاه الإمام (عليه السلام) من ذلك الكتاب ، فهذا من أوثق طرق الرواية وأضبطها على الإطلاق ، لجمعه بين السماع ـ أعني قراءة الشيخ ، الذي هو أعلى طرق الرواية ـ والإملاء ، الذي هو أعلى أنواع السماع .
وإذا كان الراوي والكاتب لهذه «المناهي» هو الحسين ذو الدمعة ، الذي تبنّاهُ الإمامُ الصادق (عليه السلام) وربّاه في حجره ، حتّى أخذ منه علماً كثيراً ـ كما سيجيء في ترجمته ـ فإذا تمّت هذه الأمور كما هي ثابتة :
فما أعظم هذا النصّ! وما أوثقه ! وما أقواه ! وما أضبطه !

ترجمة الراوي:
(نسبه) ونشأته:
هو الحسينُ ذو الدمعة ، ابنُ زيد الشهيد ، ابن الإمام عليّ زين العابدين السجّاد ،ابن سيّد الشهداء الحسين السبط ،ابن أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب(عليهم السلام) .
يكنّى (أبا عبدالله) ويلقّب بـ(ذي الدمعة) و (ذي العبرة) .
وأُمّه أُمّ ولد(1) .
ولد بالشام(2) وقُتل أبوه وهو صغير، قال البرقيّ في (رجاله) : ويقال : إنّه كان له يومَ قُتل أبوه أربعُ سنين(3).
فربّاهُ الإمامُ الصادق (عليه السلام) فتبنّاهُ(4) وعلّمهُ(5) ونشأ في حجرهِ ، وكان مقيماً في منزلهِ ، منذ قُتل أبوه(6) .
ذكره الرجاليّون في أصحاب الصادق (عليه السلام) (7) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) عمدة الطالب (ص260) سرّ السلسلة (ص62).
(2) المجدي (ص159).
(3) رجال البرقي (رقم 454) وسيأتي تحقيق ذلك في عنوان (عمره) .
(4) رجال النجاشي (ص52) رقم 115 وسرّ السلسلة.
(5) سرّ السلسلة.
(6) مقاتل الطالبيين () المجدي (ص159).
(7) رجال الطوسي (ص182) رقم 2198 / 55 من حرف الحاء من أصحاب الصادق (عليه السلام). ورجال النجاشي، ورجال البرقي، وسيأتي في مشايخه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال المجدي : فأصاب الحُسينُ من الصادق(عليه السلام) علماً كثيراً(1) وقال الأصفهاني: وأخذ منه علماً كثيراً(2) وقال الوجيه: فأخذ عنه علماً جمّاً(3) .
صفاته : قال المجدي: كان الحسين ورعاً(4) وقال في الطبقات : نقلاً عن (أنساب الطالبية) ما نصّه :العالم المحدّث الناسك توفّيا وله ستّ وسبعون سنةً ، وكان رجل بني هاشم لساناً وبياناً ونفساً وجمالاً(5).
وقال ابن الطقطقي: كان سيّداً جليلا، شيخَ أهله ، وكريم قومه ،وكان من رجال بني هاشم لساناً وبياناً وعلماً وزهداً وفضلا وإحاطةً بالنسب،وإمام الناس(6).
وقال الصَفَدي: أحدُ الأشراف النبلاء، كان شيخَ الطالبيين في عصره(7) .
وقال ابن حجر : وثّقه الدارقطني . ونقل عن ابن عديّ قوله: أرجو أنّه لابأس به، إلاّ أني وجدتُ في حديثه بعض النكرة . وعن ابن المديني قوله: فيه ضعف . وعن ابن معين: لقيتُه ولم أسمع منه ، وليس بشيء( 8 ).
وكان يلقّب «ذا الدمعة» لكثرة بكائه، ولمّا سُئِلَ عن ذلك، وقيل له: ماأكثرَ بكاءك ؟ قال : هل ترك السَهمانِ والنارُ لِيَ سروراً يمنعني من البكاء ؟!
يعني بالسهمين اللذين قُتل بهما أبوه زيدٌ ، وأخوه يحيى(9) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المجدي
(2) مقاتل الطالبيين
(3) أعلام المؤلّفين الزيدية (371).
(4) المجدي
(5) طبقات الزيديّة (2 / 240) من المخطوطة الموجودة عندنا .
(6) الأصيلي في الأنساب (ص 247) طبع المرعشي ـ قم .
(7) الوافي بالوفيات (12 / 367) رقم 353.
( 8 ) تهذيب التهذيب (2 / 339) رقم 600 طبع الهند .
(9) مقاتل الطالبيين (ص250) والمجدي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وشهد مع محمّد وإبراهيم ابني عبدالله بن الحسن، معركةَ الجهاد ضدّ العبّاسيين ، وسلم من المعركة (1) .
وروى الكشّيّ عنه: أنّ محمّد بن عبدالله النفس الزكيّة، أرسله إلى الإمام الصادق(عليه السلام) يطلب منه راية رسول الله (صلى الله عليه وآله)العُقاب(2) .

مشايخه والرواة عنه :
عرفت أنّ الإمام الصادق (عليه السلام)تبنّاه وعلّمه، وأخذ منه علماً جمّاً كثيراً، فكان أعظم مشايخه ، وقد ورد التصريحُ بروايته عنه في كتب الرجال(3) كما وردت روايته عنه في التراث(4) .
وروى عن الإمام الكاظم ، موسى بن جعفر ، أبي الحسن (عليه السلام)(5) .
وروى عن أعمامه : عبدالله، ومحمّد، وعمر; أولاد الإمام السجّاد(عليه السلام) (6) وأورد الكشيّ روايته عن عمّه عمر(7) . وروى عن آخرين من غير أقاربه .
وقد انفرد الذهبيّ في قوله : «روى عن عمّه أبي جعفر الباقر (عليه السلام)» ( 8 ) .
وزعم ابن حجر أنّه روى عن أبيه زيد(9) وكذلك الوجيه من المعاصرين(10) .
ولم يذكر ذلك أحدٌ من أعلام الرواية والإسناد ، كما لم نقف على رواية له عنهما .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) رجال النجاشي، والجرح والتعديل للرازي (3 / 53) رقم 237.
(2) رجال الكشي (رقم 783).
(3) رجال النجاشي، والجرح والتعديل للرازي (3 / 53) رقم 237.
(4) رجال الكشي (رقم 784).
(5) ذكره النجاشي. والرازي في الجرح والتعديل.
(6) تهذيب التهذيب لابن حجر (5 / 339) .
(7) رجال الكشي (رقم 3 و204).
( 8 ) ميزان الاعتدال (1 / 535 رقم 2002) وتاريخ الإسلام رقم 67 و69.
(9) تهذيب التهذيب.
(10) الأمالي الصغرى للمؤيّد بالله، تعليقات الوجيه، في ترجمة زيد الشهيد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وأمّا الرواةُ عنه ، فكثيرون ، وفي مقدّمتهم أبناؤه: عبدالله ، ومحمّد ، والقاسم(1)ويحيى ، وإسماعيل(2) .
وروى عنه إسماعيلُ بن الإمام الصادق (عليه السلام)(3) . وعليّ بن عمر بن الإمام السجّاد(عليه السلام) (4) . وعليّ العريضي ابن الإمام الصادق (عليه السلام) (5) .
وروى عنه من أعلام المحدّثين: محمّد بن أبي عمير ، أبو أحمد (مشيخة الفقيه) ويونس بن عبدالرحمن . وعبّاد ابن يعقوب الرواجني (النجاشي وميزان الذهبي) ويحيى بن زكريا الغلاّبي ، وإسماعيل بن عبدالخالق (الكشي) وخالد بن يزيد العمري المكّي(الكشي) وشعيب ابن واقد المزني (وهو راوي «المناهي» عنه) .

كتابه:
ذكره النجاشي في (فهرست مؤلّفي الشيعة) وقال : له كتابٌ تختلف الرواية له(6)ثمّ أسند إليه .
وذكر الطوسيّ في (الفهرست) بعنوان (الحسين بن زيد) له كتاب(7)وأسند إليه .
وما معنى اختلاف الرواية للكتاب ؟ وهل كتابُه هو (جملُ المناهي) هذا ، أم هو غيره ؟. لا مجال للبتّ في ذلك ، وقد نعودُ إليه في موضع آخر .
وقال في الطبقات:له كتاب الأنساب. وقد مرّ قول الطقطقي:له إحاطة بالنسب .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لاحظ بحار الأنوار (36 / 54).
(2) تهذيب التهذيب لابن حجر.
(3) سيأتي في عنوان (رواياته).
(4) سيأتي كذلك.
(5) سرّ السلسلة.
(6) رجال النجاشي (ص52) رقم 115.
(7) الفهرست للطوسي ().
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

رواياته :
رواياته في كتب الحديث والفقه كثيرةٌ منتشرةٌ ، لكن نورد هنا ما وقفنا عليه في كتب الرجال والتراجم:
قال عبّاد بن يعقوب الرواجني: رأيت الحسين بن زيد بن علي يجهر بـ(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيْمِ)(1) .
أورد الذهبي في (ميزانه) عنه ، عن عليّ بن عمر بن عليّ ، عن الإمام الصادق(عليه السلام) عن آبائه ، قول النبيّ (صلى الله عليه وآله) لفاطمة (عليها السلام) : «إنّ اللهَ يغضبُ لغضبك ويرضى لرضاكِ» .
وعنه ، عن إسماعيل بن الإمام الصادق (عليه السلام) عن آبائه ، عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) أنّه قال لعليّ (عليه السلام) : «إذا أنا متّ; فاغسلني بسبع قِرَب من بئر غرس» .
وعنه ، عن شهاب بن عبد ربّه ، عن عمر بن الإمام السجّاد(عليه السلام) قال : حدّثني عمّي أبو جعفر ] قال الذهبي: كذا قال : والصواب أنّه أخوه[ آبائه، عن النبيّ(صلى الله عليه وآله): «لن يُعمّر الله مَلِكاً في أُمّة نبيٍّ مضى قبله; ما بلغ ذلك النبيّ من العُمر في أُمّته».
قال الذهبي: رواه الحاكم في (مستدركه) وما نبّه على الخطأ في قوله : «عمّي»(2).

وروى الحسن بن ظريف ، عن أبيه ظريف بن ناصح ، قال: كنتُ مع الحسين ابن زيد ، و معه ابنه عليّ; إذْ مرّ بنا أبو الحسن ، موسى بن جعفر(عليه السلام) فسلّم ، ثم جاز ، فقلتُ: جعلتُ فداك، يَعْرِفُ موسى قائمَ آلِ محمّد ؟
قال: فقال لي: إنْ يكنْ أحدٌ يعرِفُه; فهُوَ .
ثمّ قال: و كيفَ لا يعرِفُهُ ؟! و عندَهُ خَطُّ عليّ بن أبي طالب و إملاءِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تهذيب الكمال (1 / 284) طبع دار المأمون للتراث - دمشق .
(2) الأحاديث في ميزان الذهبي (1 / 535) رقم 2002.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟.
فقال عليٌّ ابنُه: يا أبة ، كيفَ لم يكنْ ذاكَ عندَ أبي زيد بن عليّ ؟
فقال: يا بنيّ، إنّ عليّ بنَ الحسين ، و محمّدَ بن عليّ سيّدا الناس وإمامهم، فلزمَ ـ يا بنيّ ـ أباك (1) زيدٌ أخاه، فتأدّبَ بأدَبِهِ، و تفقّهَ بِفِقهِهِ .
قال: فقلتُ: فأراهُ ـ يا أبة ـ إنْ حَدَثَ بموسى حدثٌ يُوصِي إلى أحد من إخوته!. قال: لا واللهِ، ما يُوصِي إلاّ إلى ابنهِ، أما ترى ـ أيْ بُنيَّ ـ هؤلاءِ الخلفاء لايجعلون الخلافةَ إلاّ في أولادهم ؟!(2) .
و روى عنه في البحار (36 ص242 و338 و388) أحاديث في فضائل الأئمّة الاثني عشر(عليهم السلام) تلاحظ.

زواجه :
ذكر النجاشيّ : أنّ الإمامَ الصادقَ (عليه السلام) زوّج الحسينَ ذا الدمعة ، وسمّى زوجته «بنت الأرقط» (3) .
والمعروف بين أهل النسب أنّ لقب «الأرقط» هو لمحمّد بن عبدالله الباهر بن الإمام السجّاد (عليه السلام) . لكنّ المجدي ذكر في أولاد عبدالله الباهر: له عشرة أولاد منهم البنات ثلاث وهنّ : «كلثوم» خرجت إلى عباسيٍّ ، ثمّ خلف عليها الحسينُ بنُ زيد ، فولدت له(4) . وعليّةـ: ـ وهي العالية ـ : زوج الصادق (عليه السلام) وقيل : زوجة عبدالله بن الصادق (عليه السلام) والأوّل أصحّ(5) .
أقول : وهذا يدلّ على أنّ (الحسين بن زيد) قد تزوّج (أُخت) محمّد الأرقط ،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كذا، والظاهر: أبوك.
(2) (قرب الإسناد) (ص317) رقم 1227 ونقله في البحار (48 / 160) ح 4.
(3) رجال النجاشي (ص52) رقم 115.
(4) المجدي (ص143).
(5) المصدر السابق.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لابِنْتَهُ . فلعلّ كلمة (بنت الأرقط) في عبارة النجاشي هي مصحّفة من (أُخت الأرقط).
نبّه إلى هذا الدكتور الفاضل العلاّمة الشيخ أحمد مهدوي دامغاني، محقّق كتاب (المجدي) في تعليقاته القيّمة على ذلك الكتاب (ص375) .
لكنّ ابن حزم الأندلسي (ت 456هـ) جعل لقب «الأرقط» لعبدالله نفسه، فقال: ولد عبدُالله وهو المعروف بالأرقط (1) إسحاق ومحمّد.
فكلثومُ بنتُ عبد الله هي (بنتُ الأرقط) التي ذكر النجاشيّ أنّ الحسين قد تزوّجها .
ولهذا الزواج قصّةٌ طويلةٌ ذكرها السمهودي المدني في كتابه (أخبار المدينة) كما نقل عنه السيّد عبدالرزاق الموسوي المقرّم النجفي ، في كتابه (زيد الشهيد) ونقله عنه المحدّث الشيخ عبّاس القميّ في كتابه (الكنى والألقاب) (ج2 ص4 ـ 225) في عنوان (ذو الدمعة) . ونقله الفيروزآبادي في كتاب (المغانم المطابة في معالم طابة) (ص291 ـ 294) كما نقله الدكتور مهدوي دامغاني في تعليقه على (المجدي) في (ص75 ـ 278) مفصّلا.
وهذه القصّة تتضمّن حصول الحسين ذي الدمعة على ثروة طائلة، وعيونِ ماء زاخرة، على أثر زواجه من هذه العلويّة الشريفة ، وولدت له ابنيه عليّاً والحسن ، وهما من الرواة عن أبيهم الحسين ، وولدت له بنات ، كلّ ذلك ببركة إقدام الإمام الصادق (عليه السلام) ودعائه .

نهاية أيّامه وعمره ووفاته :
قال ابن عِنَبة : وعَمِيَ في آخر عمره ، وقال الطقطقي: وقيل: إنّه عَمِيَ على كبر .
واختلفوا في سنة ولادته بين (114) و(115) :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) (جمهرة أنساب العرب) (ص 53) ط دار الكتب العلمية ـ بيروت 1403.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فقال البرقي: قيل : إنّه كان له يوم قُتل أبوه أربعُ سنين(1) .
وقد قُتل أبوه عام (121هـ ) فتكون ولادته سنة (117هـ) .
وكذلك اختلفوا في عام وفاته:
فقيل إنّه مات سنة (134هـ) وقيل : سنة (140هـ ) قال أبو نصر البخاري: وهو الصحيح .
وقال ابن حجر: قرأت بخطّ الذهبي: وفي حدود (التسعين ومائة) وفاته ، وله أكثر من ثمانين سنة .
وقال الصفدي: توفّي حدود المائتين .
وقال العمري في المجدي: مات وله (ستّ وسبعون) سنة، وكذلك نقل في الطبقات .
أقول : تحديد العمري في (المجدي) سِنَّهُ بـ«76» عاماً نصٌّ ، ويُوافقُ القول بأنّ وفاته كانت سنة (190هـ) ويُطابقُ القول بولادته عام (114هـ) فتكون هذه التواريخ هي الأوفقَ بالأقوال المختلفة ، ويستأنس لذلك بأُمور:
1 ـ حضورُهُ في المعركة ، مع محمّد وإبراهيم، وقد قُتلا عام 145هـ، فلا يصحّ موته في (135 ـ أو ـ 140هـ).
2 ـ روايتُه عن الإمام الكاظم ، أبي الحسن ، موسى (عليه السلام) ولابدّ أن تكون بعد وفاة الصادق (عليه السلام) في (148هـ) كما هو المتعارَف، وإن احتُمل روايتُه عنه في حياة الصادق(عليه السلام) لكنّه خلافُ المُصطلح، ولعلّه لذلك لم يذكر أهل الطبقات روايتَه عن الكاظم (عليه السلام) بالرغم من وجودها .
3 ـ عدمُ ثبوت روايته عن الإمام الباقر (عليه السلام) وعدم وجود رواية له عنه ، بالرغم من دعوى الذهبيّ ذلك في (تاريخ إسلامه) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) رجال البرقي (رقم 454) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

4 ـ عدمُ ثبوت روايته عن أبيه ، لصغر سنّه ، بالرغم من دعوى ابن حجر ذلك في (تهذيبه) ونقل بعض المعاصرين ذلك .

النصّ:
أورده الشيخ الصدوق; مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى بْنِ بَابَوَيْهِ الْقُمِّيُّ الرازي المتوفّى سنة 381 هـ :
* في (كتاب فقيه من لا يحضره الفقيه) في الجزء الرابع، ص: 4 ـ 18 رقم الحديث 4968.
* وفي (الأمالي) في المجلس السادس والستّين (66) يوم الثلاثاء، الثالث عشر من جُمادى الأُولى سنة ثمان وستّين وثلاثمائة، برقم 707.
* وأورده العلاّمة المجلسيّ في (بحار الأنوار) 76: 328/1 نقلاً عن الأمالي.
* وأورده المحدّث الفيض الكاشاني في (الوافي) 5 / 1098: 8 نقلاً عن الفقيه.
وقد شرح هذا الحديث الفقيهُ العلاّمةُ الشيخُ الملاّ حبيبُ الله الشريف الكاشاني (ت 1340 هـ) في كتاب (جمل النواهي) وهو مطبوع بالمطبعة العلميّة في قم عام 1404 هـ .

السند إلى النصّ :
قال الصدوقُ في (الأمالي):
قال محمّد بن زكريّا الغَلاّبي، سألتُ عن طول هذا الأَثَرِ ؟ شُعيباً المُزني،فقال لي: يا أبا عبدالله، سَأَلْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ زَيْد، عَنْ طُولِ هَذَا الْحَدِيثِ؟ فَقَالَ:
حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِب (عليهما السلام):
أَنَّهُ جَمَعَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنَ الْكِتَابِ الَّذِي هُوَ إِمْلاءُ رَسُولِ الله (صلى الله عليه وآله) وَ خَطُّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِب(عليه السلام).
وقال في (كتاب الفقيه): قَالَ شُعَيْبُ بْنُ وَاقِد: سَأَلْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ زَيْد، عَنْ طُولِ هَذَا الْحَدِيثِ؟ فَقَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِب (عليه السلام): أَنَّهُ جَمَعَ هَذَاالْحَدِيثَ مِنَ الْكِتَابِ الَّذِي هُوَ إِمْلاءُ رَسُولِ الله (صلى الله عليه وآله) وَ خَطُّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِب(عليه السلام) بِيَدِه.
والطريق إليه في المشيخة والأمالي: حدّثنا الشيخُ الجليلُ أبو جعفر; محمّدُ بنُ عليّ بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمّي (رضي الله عنه) قال:
حدّثنا حمزةُ بنُ محمّد بن أحمد بن جعفر بن محمّد بن زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب (عليهم السلام) قال: حدّثني أبو عبدالله; عبدُالعزيز بنُ محمّد بن عيسى الأبهري، قال: حدّثنا أبو عبدالله; محمّدُ بنُ زكريّا الجوهري الغَلاّبي البصري، قال: حدّثنا شُعيبُ بنُ واقد، قال: حدّثنا الحسينُ بن زيد.

العمل في الكتاب :
* قابلنا هذه النسخة بما في المصادر الأربعة (الفقيه ، والأمالي ، والوافي ، والبحار) ، وأثبتنا فوارقها كلّها .
* اعتمدنا أُسلوب التلفيق بين تلك المصادر ، وانتخبنا الأوفق في المتن ، مع الإشارة إلى الفوارق في الهوامش .
* ورقّمنا النصّ إلى أرقام ، بعدد الأُمور المحكوم بالنهي عنها في الفقه ، سواءٌ المحكوم بحرمتها أو المحكوم بكراهتها ، وسواءٌ جاءت بلفظ «نهى عن» أو النهي بكلمة «لا...» أو غير ذلك ممّا يفيد عدم رغبة الشارع ، قولا كان ، أو فعلا ، أو صفة ، أو حالةً .
* ولم نحاول تخريج الحديث من مصادر أُخرى ; لأنّ النصّ المذكور يستند إلى أقدم مصدر وأوثقه ، وهو «كتاب علي (عليه السلام)» . وفّق الله الجميع لما فيه الخير والصلاح ، وكان الله في عون كلّ مخلص أمين.
وَكَتَبَ السيّد محمّد رضا الحسيني الجلالي كانَ اللهُ لَهُ

قَالَ أَبُو جَعْفَر; مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى بْنِ بَابَوَيْهِ، الْقُمِّيُّ، الْفَقِيهُ، نَزِيلُ الرَّيِّ، مُصَنِّفُ هَذَا الْكِتَابِ، رَضِيَ الله عَنْهُ وَ أَرْضَاهُ:
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَ صَلَّى الله عَلَى مُحَمَّد خَاتَمِ النَّبِيِّينَ، وَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ، وَ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.

بَابُ ذِكْرِ جُمَل مِنْ مَنَاهِي النَّبِيِّ(صلى الله عليه وآله)
رُوِيَ عَنْ شُعَيْبِ بْنِ وَاقِد، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ زَيْد عَنِ الصَّادِقِ; جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّد، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ; عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِب(عليه السلام) قَالَ:
نَهى رَسُولُ الله (صلى الله عليه وآله) ] 1 [ عَنِ الأَكْلِ عَلَى الْجَنَابَةِ. وَقَالَ: «إِنَّهُ يُورِثُ الْفَقْرَ».
وَنَهى ] 2 [ عَنْ تَقْلِيمِ الأَظْفَارِ بِالأَسْنَانِ. وَ ] 3 [ عَنِ السِّوَاكِ فِي الْحَمَّامِ.
] 4 [ وَ التَّنَخُّعِ فِي الْمَسَاجِدِ.
وَنَهى ] 5 [ عَنْ أَكْلِ سُؤْرِ الْفَأْرَةِ.
وَقَالَ: ] 6 [ «لا تَجْعَلُوا الْمَسَاجِدَ طُرُقاً حَتَّى تُصَلُّوا فِيهَا رَكْعَتَيْنِ».
وَنَهى ] 7 [ أَنْ يَبُولَ أَحَدٌ تَحْتَ شَجَرَة مُثْمِرَة. أَوْ ] 8 [ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ.
وَنَهى ] 9 [ أَنْ يَأْكُلَ الإِنْسَانُ بِشِمَالِهِ. وَ ] 10 [ أَنْ يَأْكُلَ وَ هُوَ مُتَّكِئٌ.
وَنَهى ] 11 [ أَنْ تُجَصَّصَ الْمَقَابِرُ. وَ ] 12 [ يُصَلَّى فِيهَا.
وَقَالَ: ] 13 [ «إِذَا اغْتَسَلَ أَحَدُكُمْ فِي فَضَاء مِنَ الأَرْضِ فَلْيُحَاذِرْ عَلَى عَوْرَتِهِ.
] 14 [ وَ لا يَشْرَبَنَّ أَحَدُكُمُ الْمَاءَ مِنْ عِنْدِ عُرْوَةِ الإِنَاءِ; فَإِنَّهُ مُجْتَمَعُ الْوَسَخِ».
وَنَهى ] 15 [ أَنْ يَبُولَ أَحَدٌ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ; فَإِنَّهُ مِنْهُ يَكُونُ ذَهَابُ الْعَقْلِ.
وَنَهى ] 16 [ أَنْ يَمْشِيَ الرَّجُلُ فِي فَرْدِ نَعْل. أَوْ ] 17 [ أَنْ يَتَنَعَّلَ وَ هُوَ قَائِمٌ.
وَنَهى ] 18 [ أَنْ يَبُولَ الرَّجُلُ وَ فَرْجُهُ بَاد لِلشَّمْسِ. أَوْ ] 19 [ لِلْقَمَرِ.
وَقَالَ: ] 20 [ «إِذَا دَخَلْتُمُ الْغَائِطَ فَتَجَنَّبُوا الْقِبْلَةَ».
وَنَهى ] 21 [ عَنِ الرَّنَّةِ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ.
وَنَهى ] 22 [ عَنِ النِّيَاحَةِ. وَ ] 23 [ الاسْتَِماعِ إِلَيْهَا.
وَنَهى ] 24 [ عَنِ اتِّبَاعِ النِّسَاءِ الْجَنَائِزَ.
وَنَهى ] 25 [ أَنْ يُمْحَى(1) شَيْءٌ مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِالْبُزَاقِ(2). أَوْ ] 26 [يُكْتَبَ بِهِ(3).
وَنَهى ] 27 [ أَنْ يَكْذِبَ الرَّجُلُ فِي رُؤْيَاهُ مُتَعَمِّداً.وَقَالَ: «يُكَلِّفُهُ الله يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يَعْقِدَ شَعِيرَةً; وَ مَا هُوَ بِعَاقِدِهَا!».
وَنَهى ] 28 [ عَنِ التَّصَاوِيرِ. وَقَالَ: «مَنْ صَوَّرَ صُورَةً كَلَّفَهُ الله يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا; وَ لَيْسَ بِنَافِخ!».
وَنَهى ] 29 [ أَنْ يُحْرَقَ شَيْءٌ مِنَ الْحَيَوَانِ بِالنَّارِ.
وَنَهى ] 30 [ عَنْ سَبِّ الدِّيكِ. وَقَالَ: «إِنَّهُ يُوقِظُ لِلصَّلاةِ».
وَنَهى ] 31 [ أَنْ يَدْخُلَ الرَّجُلُ فِي سَوْمِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ.
وَنَهى ] 32 [ أَنْ يُكْثَرَ الْكَلامُ عِنْدَ الُْمجَامَعَةِ. وَقَالَ: «يَكُونُ مِنْهُ خَرَسُ الْوَلَدِ».
وَقَالَ: ] 33 [ «لا تُبَيِّتُوا الْقُمَامَةَ فِي بُيُوتِكُمْ، وَ أَخْرِجُوهَا نَهَاراً; فَإِنَّهَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في (الوافي) عن نسخة: «يمسح».
(2) في (الوافي): «بالبصاق»وفي نسخة:«بالريق».
(3) في (الأمالي) و(البحار): «منه».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مَقْعَدُ الشَّيْطَانِ».
وَقَالَ: ] 34 [ «لا يَبِيتَنَّ أَحَدُكُمْ وَ يَدُهُ غَمِرَةٌ; فَإِنْ فَعَلَ; فَأَصَابَهُ لَمَمُ الشَّيْطَانِ; فَلا يَلُومَنَّ إِلاَّ نَفْسَهُ».
وَنَهى ] 35 [ أَنْ يَسْتَنْجِيَ الرَّجُلُ بِالرَّوْثِ. وَ ] 36 [ الرِّمَّةِ(1).
وَنَهى ] 37 [ أَنْ تَخْرُجَ الْمَرْأَةُ مِنْ بَيْتِهَا بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا; فَإِنْ خَرَجَتْ لَعَنَهَا كُلُّ مَلَك فِي السَّمَاءِ، وَ كُلُّ شَيْء تَمُرُّ عَلَيْهِ مِنَ الْجِنِّ، وَ الإِنْسِ، حَتَّى تَرْجِعَ إِلَى بَيْتِهَا.
وَنَهى ] 38 [ أَنْ تَتَزَيَّنَ المرأة(2) لِغَيْرِ زَوْجِهَا; فَإِنْ فَعَلَتْ كَانَ حَقّاً عَلَى الله عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يُحْرِقَهَا بِالنَّارِ.
وَنَهى ] 39 [ أَنْ تَتَكَلَّمَ الْمَرْأَةُ عِنْدَ غَيْرِ زَوْجِهَا ـ أَوْ غَيْرِ ذِي مَحْرَم مِنْهَا ـ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِ كَلِمَات مِمَّا لا بُدَّ لَهَا مِنْهُ.
وَنَهى ] 40 [ أَنْ تُبَاشِرَ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ، وَ لَيْسَ بَيْنَهُمَا ثَوْبٌ.
وَنَهى ] 41 [ أَنْ تُحَدِّثَ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ بِمَا تَخْلُو بِهِ مَعَ زَوْجِهَا.
وَنَهى ] 42 [ أَنْ يُجَامِعَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ. وَ ] 43 [ عَلَى ظَهْرِ(3) طَرِيق عَامِر، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ; فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ الله وَ الْمَلائِكَةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ.
وَنَهى ] 44 [ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ: «زَوِّجْنِي أُخْتَكَ; حَتَّى أُزَوِّجَكَ أُخْتِي».
وَنَهى ] 45 [ عَنْ إِتْيَانِ الْعَرَّافِ. وَقَالَ: «مَنْ أَتَاهُ وَ صَدَّقَهُ; فَقَدْ بَرِئَ مِمَّا أَنْزَلَ الله عَلَى مُحَمَّد».
وَنَهى ] 46 [ عَنِ اللَّعِبِ بِالنَّرْدِ وَالشِّطْرَنْجِ وَ الْكُوبَةِ وَ الْعَرْطَبَةِ ـ وَ هِيَ الطُنْبُورُ ـ وَ الْعُودُ.
وَنَهى ] 47 [ عَنِ الْغِيبَةِ. وَ ] 48 [ الاسْتَِماعِ إِلَيْهَا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في (الوافي): «العظام» بدل: «الرِّمَّةِ» وكلاهما ليسا في (الأمالي ولا البحار).
(2) كلمة (المرأة) في (الأمالي ولا البحار).
(3) « ظهر» ليس في (الوافي) ولا في (الأمالي).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وَنَهى ] 49 [ عَنِ الَّنمِيمَةِ. وَ ] 50 [ الاسْتَِماعِ إِلَيْهَا. وَقَالَ: «لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ» يَعْنِي نَمَّاماً.
وَنَهى ] 51 [ عَنْ إِجَابَةِ الْفَاسِقِينَ إِلَى طَعَامِهِمْ.
وَنَهى ] 52 [ عَنِ الَْيمِينِ الْكَاذِبَةِ. وَقَالَ: «إِنَّهَا تَتْرُكُ الدِّيَارَ بَلاقِعَ» وَقَالَ: «مَنْ حَلَفَ بِيَمِين كَاذِبَة صَبْراً، لِيَقْطَعَ بِهَا مَالَ امْرِئ مُسْلِم; لَقِيَ الله عَزَّ وَ جَلَّ وَ هُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ; إِلاَّ أَنْ يَتُوبَ وَ يَرْجِعَ».
وَنَهى ] 53 [ عَنِ الْجُلُوسِ عَلَى مَائِدَة يُشْرَبُ عَلَيْهَا الْخَمْرُ.
وَنَهى ] 54 [ أَنْ يُدْخِلَ الرَّجُلُ حَلِيلَتَهُ إِلَى الْحَمَّامِ.
وَقَالَ ] 55 [ «لا يَدْخُلَنَّ أَحَدُكُمُ الْحَمَّامَ إِلاّ بِمِئْزَر».
وَنَهى ] 56 [ عَنِ الُْمحَادَثَةِ الَّتِي تَدْعُو إِلَى غَيْرِ الله عَزَّ وَ جَلَّ.
وَنَهى ] 57 [ عَنْ تَصْفِيقِ الْوَجْهِ.
وَنَهى ] 58 [ عَنِ الشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ.
وَنَهى ] 59 [ عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَ الدِّيبَاجِ وَ الْقَزِّ لِلرِّجَالِ; فَأَمَّا لِلنِّسَاءِ فَلا بَأْسَ.
وَنَهى ] 60 [ أَنْ تُبَاعَ الِّثمَارُ حَتَّى تَزْهُوَ; يَعْنِي تَصْفَرَّ، أَوْ تَحْمَرَّ.
وَنَهى ] 61 [ عَنِ الُْمحَاقَلَةِ; يَعْنِي بَيْعَ الَّتمْرِ بِالرُّطَبِ، وَ الزَّبِيبِ بِالْعِنَبِ، وَ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.
وَنَهى ] 62 [ عَنْ بَيْعِ النَّرْدِ ( والشطرنج. وقال: «من فعل ذلك فهو كآكل لحم الخنزير».
وَنَهى ] 63 [ عَنْ بَيْعِ الْخَمْرِ) (1). وَ ] 64 [ أَنْ تُشْتَرَى الْخَمْرُ. وَ ] 65 [ أَنْ نُسْقَى الْخَمْرُ. وَقَالَ (عليه السلام): «لَعَنَ الله الْخَمْرَ، وَ غَارِسَهَا، وَ عَاصِرَهَا، وَ شَارِبَهَا، وَ سَاقِيَهَا، وَ بَائِعَهَا، وَ مُشْتَرِيَهَا، وَ آكِلَ ثَمَنِهَا، وَ حَامِلَهَا، وَ الْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ». وَقَالَ (عليه السلام): «مَنْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ما بين القوسين في (الأمالي والبحار).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شَرِبَهَا; لَمْ يَقْبَلِ الله لَهُ صَلاةً أَرْبَعِينَ يَوْماً; فَإِنْ مَاتَ ـ وَ فِي بَطْنِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ ـ
كَانَ حَقّاً عَلَى الله عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ خَبَال; وَ هِيَ صَدِيدُ أَهْلِ النَّارِ، وَ مَا يَخْرُجُ مِنْ فُرُوجِ الزُّنَاةِ، فَيَجْتَمِعُ ذَلِكَ فِي قُدُورِ جَهَنَّمَ، فَيَشْرَبُهُ أَهْلُ النَّارِ، فَـ (يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَ الْجُلُودُ) الحجّ: 22/20».
وَنَهى ] 66 [ عَنْ أَكْلِ الرِبَا. وَ ] 67 [ شَهَادَةِ الزُورِ. وَ ] 68 [ كِتَابَةِ الرِبَا. وَقَالَ: «إِنَّ الله عَزَّ وَ جَلَّ لَعَنَ آكِلَ الرِّبَا، وَ مُؤْكِلَهُ، وَ كَاتِبَهُ، وَ شَاهِدَيْهِ».
وَنَهى ] 69 [ عَنْ بَيْع وَ سَلَف.
وَنَهى ] 70 [ عَنْ بَيْعَيْنِ فِي بَيْع.
وَنَهى ] 71 [ عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ.
وَنَهى ] 72 [ عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يُضْمَنْ.
وَنَهى ] 73 [ عَنْ مُصَافَحَةِ الذِمِّيِّ.
وَنَهى ] 74 [ عَنْ أَنْ يُنْشَدَ الشِّعْرُ. أَوْ ] 75 [ تُنْشَدَ الضالَّةُ فِي الْمَسْجِدِ.
وَنَهى ] 76 [ أَنْ يُسَلَّ السَّيْفُ فِي الْمَسْجِدِ.
وَنَهى ] 77 [ عَنْ ضَرْبِ وُجُوهِ الْبَهَائِمِ.
وَنَهى ] 78 [ أَنْ يَنْظُرَ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ. وَقَالَ: «مَنْ تَأَمَّلَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ; لَعَنَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَك».
وَنَهى ] 79 [ الْمَرْأَةَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ.
وَنَهى ] 80 [ أَنْ يُنْفَخَ فِي طَعَام أَوْ شَرَاب. أَوْ ] 81 [ يُنْفَخَ فِي مَوْضِعِ السُّجُودِ.
وَنَهى ] 82 [ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ فِي: الْمَقَابِرِ، وَ الطُّرُقِ، وَ الأَرْحِيَةِ(1) وَ الأَوْدِيَةِ، وَ مَرَابِطِ الإِبِلِ، وَ عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ.
وَنَهى ] 83 [ عَنْ قَتْلِ النَّحْلِ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في (الوافي) «الأرحبة» وقال: بالموحّدة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وَنَهى ] 84 [ عَنِ الْوَسْمِ فِي وُجُوهِ الْبَهَائِمِ.
وَنَهى ] 85 [ أَنْ يَحْلِفَ الرَّجُلُ بِغَيْرِ الله. وَقَالَ: «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ الله عَزَّ وَ جَلَّ; فَلَيْسَ مِنَ الله فِي شَيْء».
وَنَهى ] 86 [ أَنْ يَحْلِفَ الرَّجُلُ بِسُورَة مِنْ كِتَابِ الله عَزَّ وَ جَلَّ. وَقَالَ: «مَنْ حَلَفَ بِسُورَة مِنْ كِتَابِ الله; فَعَلَيْهِ بِكُلِّ آيَة مِنْهَا كَفَّارَةُ يَمِين; فَمَنْ شَاءَ بَرَّ، وَ مَنْ شَاءَ فَجَرَ».
وَنَهى ] 87 [ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ: «لا، وَ حَيَاتِكَ وَ حَيَاةِ فُلان».
وَنَهى ] 88 [ أَنْ يَقْعُدَ الرَّجُلُ فِي الْمَسْجِدِ وَ هُوَ جُنُبٌ.
وَنَهى ] 89 [ عَنِ التَّعَرِّي بِاللَّيْلِ وَ النَّهَارِ.
وَنَهى ] 90 [ عَنِ الْحِجَامَةِ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ وَ الْجُمُعَةِ.
وَنَهى ] 91 [ عَنِ الْكَلامِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ; وَ الإِمَامُ يَخْطُبُ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ; فَقَدْ لَغِيَ، وَ مَنْ لَغِيَ; فَلا جُمُعَةَ لَهُ.
وَنَهى ] 92 [ عَنِ التَّخَتُّمِ بِخَاتَمِ صُفْر. أَوْ ] 93 [ حَدِيد.
وَنَهى ] 94 [ أَنْ يُنْقَشَ شَيْءٌ مِنَ الْحَيَوَانِ عَلَى الْخَاتَمِ.
وَنَهى ] 95 [ عَنِ الصَّلاةِ ( في ثلاث ساعات)(1): عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَ عِنْدَ غُرُوبِهَا، وَ عِنْدَ اسْتِوَائِهَا.
وَنَهى ] 96 [ عَنْ صِيَامِ سِتَّةِ أَيَّام: يَوْمِ الْفِطْرِ، وَ يَوْمِ الشَّكِّ، وَ يَوْمِ النَّحْرِ، وَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ.
وَنَهى ] 97 [ أَنْ يُشْرَبَ الْمَاءُ كَرْعاً(2) كَمَا تَشْرَبُ الْبَهَائِمُ. وَقَالَ: «اشْرَبُوا بِأَيْدِيكُمْ; فَإِنَّهُ أَفْضَلُ أَوَانِيكُمْ».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ما بين القوسين في (الأمالي والبحار).
(2) «كرعاً» في (الأمالي والبحار).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وَنَهى ] 98 [ عَنِ الْبُزَاقِ(1) فِي الْبِئْرِ الَّتِي يُشْرَبُ مِنْهَا.
وَنَهى ] 99 [ أَنْ يُسْتَعْمَلَ أَجِيرٌ حَتَّى يَعْلَمَ مَا أُجْرَتُهُ.
وَنَهى ] 100 [ عَنِ الْهِجْرَانِ، فَمَنْ كَانَ لا بُدَّ فَاعِلاً; فَلا يَهْجُرُ أَخَاهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلاثَةِ أَيَّام، فَمَنْ كَانَ مُهَاجِراً لأَخِيهِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ; كَانَتِ النَّارُ أَوْلَى بِهِ.
وَنَهى ] 101 [ عَنْ بَيْعِ الذَّهَبِ وَ الفِضَّةِ بِالنَسِيْئَةِ(2).
وَنَهى ] 102 [ عَنْ بَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ زِيَادَةً; إِلاَّ وَزْناً بِوَزْن.
وَنَهى ] 103 [ عَنِ الْمَدْحِ. وَقَالَ: «احْثُوا فِي وُجُوهِ الْمَدَّاحِينَ التُّرَابَ».
وَقَالَ(صلى الله عليه وآله): ] 104 [ «مَنْ تَوَلَّى خُصُومَةَ ظَالِم، أَوْ أَعَانَ عَلَيْهَا، ثُمَّ نَزَلَ بِهِ مَلَكُ الْمَوْتِ; قَالَ لَهُ: «أَبْشِرْ بِلَعْنَةِ الله، وَ نَارِ جَهَنَّمَ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ».
وَقَالَ: ] 105 [ «مَنْ مَدَحَ سُلْطَاناً جَائِراً، أَوْ تَخَفَّفَ(3) وَ تَضَعْضَعَ لَهُ; طَمَعاً فِيهِ; كَانَ قَرِينَهُ فِي النَّارِ» وَقَالَ: (صلى الله عليه وآله) «قَالَ الله عَزَّ وَ جَلَّ: (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النّارُ) هود 11: 113.».
وَقَالَ(عليه السلام): ] 106 [ «مَنْ دَلَّ(4) جَائِراً عَلَى جَوْر; كَانَ قَرِينَ هَامَانَ فِي جَهَنَّمَ.
وَ ] 107 [ مَنْ بَنَى بُنْيَاناً رِيَاءً وَ سُمْعَةً; حُمِّلَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الأَرْضِ السَّابِعَةِ، وَ هُوَ نَارٌ تَشْتَعِلُ، ثُمَّ تُطَوَّقُ فِي عُنُقِهِ، وَ يُلْقَى فِي النَّارِ، فَلا يَحْبِسُهُ شَيْءٌ مِنْهَا دُونَ قَعْرِهَا، إِلاَّ أَنْ يَتُوبَ».
قِيلَ: يَا رَسُولَ الله، كَيْفَ يَبْنِي رِيَاءً وَ سُمْعَةً؟
قَالَ: «يَبْنِي فَضْلاً عَلَى مَا يَكْفِيهِ; اسْتِطَالَةً مِنْهُ عَلَى جِيرَانِهِ، وَ مُبَاهَاةً لإِخْوَانِهِ».
وَقَالَ(عليه السلام): ] 108 [ «مَنْ ظَلَمَ أَجِيراً أَجْرَهُ; أَحْبَطَ الله عَمَلَهُ، وَ حَرَّمَ عَلَيْهِ رِيحَ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في (الوافي) «البصاق».
(2) هذه الفقرة في (الأمالي والبحار) ولم ترد في (الفقيه) ولا (الوافي).
(3) في (الوافي) «تَحَفّفَ» بالحاء المهملة.
(4) في (الفقيه): «وَلِيَ».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الْجَنَّةِ، وَ إِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ خَمْسِمِائَةِ عَام.
وَ ] 109 [ مَنْ خَانَ جَارَهُ شِبْراً مِنَ الأَرْضِ; جَعَلَهُ الله طَوْقاً فِي عُنُقِهِ مِنْ تُخُومِ الأَرْضِ السَّابِعَةِ، حَتَّى يَلْقَى الله يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُطَوَّقاً، إِلاَّ أَنْ يَتُوبَ وَ يَرْجِعَ.
أَلاَ; وَ ] 110 [ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ، ثُمَّ نَسِيَهُ; لَقِيَ الله يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَغْلُولاً، يُسَلِّطُ الله عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهِ بِكُلِّ آيَة مِنْهُ حَيَّةً تَكُونُ قَرِينَتَهُ إِلَى النَّارِ، إِلاَّ أَنْ يَغْفِرَ الله لَهُ».
وَقَالَ(عليه السلام): ] 111 [ «مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ، ثُمَّ شَرِبَ عَلَيْهِ حَرَاماً. أَوْ] 112 [ آثَرَ عَلَيْهِ حُبَّ الدُّنْيَا وَ زِينَتَهَا; اسْتُوجِبَ عَلَيْهِ سَخَطُ الله إِلاَّ أَنْ يَتُوبَ. أَلاَ، وَ إِنَّهُ، إِنْ مَاتَ عَلَى غَيْرِ تَوْبَة; حَاجَّهُ (1) يَوْمَ الْقِيَامَةِ; فَلا يُزَايِلُهُ إِلاَّ مَدْحُوضاً.
أَلاَ ] 113 [ وَ مَنْ زَنَى بِامْرَأَة مُسْلِمَة، أَوْ يَهُودِيَّة، أَوْ نَصْرَانِيَّة أَوْ مَجُوسِيَّة حُرَّة، أَوْ أَمَة، ثُمَّ لَمْ يَتُبْ مِنْهُ، وَ مَاتَ مُصِرّاً عَلَيْهِ; فَتَحَ الله لَهُ فِي قَبْرِهِ ثَلاثَمِائَةِ بَاب تَخْرُجُ مِنْهَا حَيَّاتٌ وَ عَقَارِبُ وَ ثُعْبَانُ النَّارِ; فَهُوَ يَحْتَرِقُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ; فَإِذَا بُعِثَ مِنْ قَبْرِهِ تَأَذَّى النَّاسُ مِنْ نَتْنِ رِيحِهِ; فَيُعْرَفُ بِذَلِكَ، وَ بِمَا كَانَ يَعْمَلُ فِي دَارِ الدُّنْيَا حَتَّى يُؤْمَرَ بِهِ إِلَى النَّارِ. أَلاَ; وَ إِنَّ الله عَزَّ وَ جَلَّ حَرَّمَ الْحَرَامَ، وَ حَدَّ الْحُدُودَ، فَمَا أَحَدٌ أَغْيَرَ مِنَ الله عَزَّ وَ جَلَّ، وَ مِنْ غَيْرَتِهِ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ».
وَنَهى ] 114 [ أَنْ يَطَّلِعَ الرَّجُلُ فِي بَيْتِ جَارِهِ. وَقَالَ: «مَنْ نَظَرَ إِلَى عَوْرَةِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ أَوْ عَوْرَةِ غَيْرِ أَهْلِهِ، مُتَعَمِّداً; أَدْخَلَهُ اللهُ تَعَالَى مَعَ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ كَانُوا يَبْحَثُونَ عَنْ عَوْرَاتِ النَّاسِ، وَ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى يَفْضَحَهُ الله; إِلاَّ أَنْ يَتُوبَ».
وَقَالَ(عليه السلام): ] 115 [ «مَنْ لَمْ يَرْضَ بِمَا قَسَمَ الله لَهُ مِنَ الرِّزْقِ، وَ بَثَّ شَكْوَاهُ، وَ لَمْ يَصْبِرْ، وَ لَمْ يَحْتَسِبْ; لَمْ تُرْفَعْ لَهُ حَسَنَةٌ، وَ يَلْقَى الله عَزَّ وَ جَلَّ وَ هُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ; إِلاَّ أَنْ يَتُوبَ».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في (الأمالي والبحار): «حاجّه القرآن».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وَنَهى ] 116 [ أَنْ يَخْتَالَ الرَّجُلُ فِي مَشْيِهِ. وَقَالَ: «مَنْ لَبِسَ ثَوْباً فَاخْتَالَ فِيهِ; خَسَفَ الله بِهِ مِنْ شَفِيرِ جَهَنَّمَ; فَكَانَ قَرِينَ قَارُونَ; لأَنَّهُ أَوَّلُ مَنِ اخْتَالَ; فَخَسَفَ الله بِهِ وَ بِدَارِهِ الأَرْضَ، وَ مَنِ اخْتَالَ فَقَدْ نَازَعَ الله عَزَّ وَ جَلَّ فِي جَبَرُوتِهِ».
وَقَالَ(عليه السلام): ] 117 [ «مَنْ ظَلَمَ امْرَأَةً مَهْرَهَا; فَهُوَ عِنْدَ الله زَان، يَقُولُ الله عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: «عَبْدِي زَوَّجْتُكَ أَمَتِي عَلَى عَهْدِي; فَلَمْ تُوفِ بِعَهْدِي، وَ ظَلَمْتَ أَمَتِي»؟! فَيُؤْخَذُ مِنْ حَسَنَاتِهِ فَيُدْفَعُ إِلَيْهَا بِقَدْرِ حَقِّهَا، فَإِذَا لَمْ تَبْقَ لَهُ حَسَنَةٌ; أَمَرَ بِهِ إِلَى النَّارِ، بِنَكْثِهِ لِلْعَهْدِ (إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً) الإسراء17:34.».
وَنَهى(عليه السلام) ] 118 [ عَنْ كِتَْمانِ الشَّهَادَةِ. وَقَالَ: «مَنْ كَتَمَهَا أَطْعَمَهُ الله لَحْمَهُ عَلَى رُءُوسِ الْخَلائِقِ، وَ هُوَ قَوْلُ الله عَزَّ وَ جَلَّ: (وَ لا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ، وَ مَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَ الله بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) هود 11: 113».
وَقَالَ(عليه السلام): ] 119 [ «مَنْ آذَى جَارَهُ; حَرَّمَ الله عَلَيْهِ رِيحَ الْجَنَّةِ (وَ مَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ) آلِ عِمْرَانَ:3/162».
وَ ] 120 [ مَنْ ضَيَّعَ حَقَّ جَارِهِ; فَلَيْسَ مِنَّا.
وَ مَا زَالَ جَبْرَئِيلُ (عليه السلام) يُوصِينِي بِالْجَارِ; حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ.
وَ مَا زَالَ يُوصِينِي بِالْمَمَالِيكِ; حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيَجْعَلُ لَهُمْ وَقْتاً إِذَا بَلَغُوا ذَلِكَ الْوَقْتَ أُعْتِقُوا.
وَ مَا زَالَ يُوصِينِي بِالسِّوَاكِ; حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيَجْعَلُهُ فَرِيضَةً.
وَ مَا زَالَ يُوصِينِي بِقِيَامِ اللَّيْلِ; حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ خِيَارَ أُمَّتِي لَنْ يَنَامُوا.
أَلاَ; وَ ] 121 [ مَنِ اسْتَخَفَّ بِفَقِير مُسْلِم; فَلَقَدِ اسْتَخَفَّ بِحَقِّ الله، وَ الله يَسْتَخِفُّ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ; إِلاَّ أَنْ يَتُوبَ». وَقَالَ (عليه السلام): «مَنْ أَكْرَمَ فَقِيراً مُسْلِماً; لَقِيَ الله عَزَّ وَ جَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَ هُوَ عَنْهُ رَاض».
وَقَالَ(عليه السلام): ] 122 [ «مَنْ عَرَضَتْ لَهُ فَاحِشَةٌ، أَوْ شَهْوَةٌ; فَاجْتَنَبَهَا مِنْ مَخَافَةِ الله عَزَّ وَ جَلَّ; حَرَّمَ الله عَلَيْهِ النَّارَ، وَ آمَنَهُ مِنَ الْفَزَعِ الأَكْبَرِ، وَ أَنْجَزَ لَهُ مَا وَعَدَهُ فِي كِتَابِهِ فِي قَوْلِهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) الرحمن 55:46.
أَلاَ; وَ ] 123 [ مَنْ عَرَضَتْ لَهُ دُنْيَا وَ آخِرَةٌ; فَاخْتَارَ الدُّنْيَا عَلَى الآْخِرَةِ; لَقِيَ الله يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَ لَيْسَتْ لَهُ حَسَنَةٌ يَتَّقِي بِهَا النَّارَ. وَ مَنِ اخْتَارَ الآْخِرَةَ عَلَى الدُّنْيَا، وَ تَرَكَ الدُّنْيَا; رَضِيَ الله عَنْهُ، وَ غَفَرَ لَهُ مَسَاوِيَ عَمَلِهِ.
وَ ] 124 [ مَنْ مَلأَ عَيْنَيْهِ مِنْ حَرَام; مَلأَ الله عَيْنَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ النَّارِ; إِلاَّ أَنْ يَتُوبَ وَ يَرْجِعَ».
وَقَالَ(عليه السلام): ] 125 [ «مَنْ صَافَحَ امْرَأَةً تَحْرُمُ عَلَيْهِ; فَقَدْ بَاءَ بِسَخَط مِنَ الله عَزَّ وَ جَلَّ.
وَ ] 126 [ مَنِ الْتَزَمَ امْرَأَةً حَرَاماً; قُرِنَ فِي سِلْسِلَة مِنْ نَار، مَعَ شَيْطَان; فَيُقْذَفَانِ فِي النَّارِ.
وَ ] 127 [ مَنْ غَشَّ مُسْلِماً فِي شِرَاء أَوْ بَيْع; فَلَيْسَ مِنَّا، وَ يُحْشَرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ الْيَهُودِ; لأَنَّهُمْ أَغَشُّ الْخَلْقِ لِلْمُسْلِمِينَ».
وَنَهى رَسُولُ الله(صلى الله عليه وآله) ] 128 [ أَنْ يَمْنَعَ أَحَدٌ الْمَاعُونَ جَارَهُ. وَقَالَ: «مَنْ مَنَعَ الْمَاعُونَ جَارَهُ; مَنَعَهُ الله خَيْرَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَ وَكَلَهُ إِلَى نَفْسِهِ، وَ مَنْ وَكَلَهُ إِلَى نَفْسِهِ; فَمَا أَسْوَأَ حَالَهُ!».
وَقَالَ(عليه السلام): ] 129 [ «أَيُّمَا امْرَأَة آذَتْ زَوْجَهَا بِلِسَانِهَا; لَمْ يَقْبَلِ الله عَزَّ وَ جَلَّ مِنْهَا صَرْفاً، وَ لاعَدْلاً، وَ لا حَسَنَةً مِنْ عَمَلِهَا; حَتَّى تُرْضِيَهُ، وَ إِنْ صَامَتْ نَهَارَهَا، وَ قَامَتْ لَيْلَهَا، وَ أَعْتَقَتِ الرِّقَابَ، وَ حَمَلَتْ عَلَى جِيَادِ الْخَيْلِ فِي سَبِيلِ الله; وَ كَانَتْ فِي أَوَّلِ مَنْ يَرِدُ النَّارَ.
وَ كَذَلِكَ الرَّجُلُ; إِذَا كَانَ لَهَا ظَالِماً.
أَلاَ; وَ ] 130 [ مَنْ لَطَمَ خَدَّ امْرِئ مُسْلِم، أَوْ وَجْهَهُ; بَدَّدَ الله عِظَامَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَ حُشِرَ مَغْلُولاً حَتَّى يَدْخُلَ جَهَنَّمَ; إِلاَّ أَنْ يَتُوبَ.
وَ ] 131 [ مَنْ بَاتَ ـ وَ فِي قَلْبِهِ غِشٌّ لأَخِيهِ الْمُسْلِمِ ـ بَاتَ فِي سَخَطِ الله، وَ أَصْبَحَ كَذَلِكَ; حَتَّى يَتُوبَ».
وَنَهى ] 132 [ عَنِ الْغِيبَةِ. وَقَالَ: «مَنِ اغْتَابَ امْرَأً مُسْلِماً; بَطَلَ صَوْمُهُ، وَ نُقِضَ وُضُوؤُهُ، وَ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَفُوحُ مِنْ فِيهِ رَائِحَةٌ أَنْتَنُ مِنَ الْجِيفَةِ، يَتَأَذَّى بِهَا أَهْلُ الْمَوْقِفِ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَتُوبَ; مَاتَ مُسْتَحِلاَّ لِمَا حَرَّمَ الله عَزَّ وَ جَلَّ»
وَقَالَ(عليه السلام): ] 133 [ «مَنْ كَظَمَ غَيْظاً ـ وَ هُوَ قَادِرٌ عَلَى إِنْفَاذِهِ ـ وَ حَلُمَ عَنْهُ; أَعْطَاهُ اللهُ أَجْرَ شَهِيد.
أَلاَ; وَ ] 134 [ مَنْ تَطَوَّلَ عَلَى أَخِيهِ فِي غِيبَة سَمِعَهَا فِيهِ، فِي مَجْلِس، فَرَدَّهَا عَنْهُ; رَدَّ الله عَنْهُ أَلْفَ بَاب مِنَ الشَّرِّ فِي الدُّنْيَا وَ الآْخِرَةِ; فَإِنْ هُوَ لَمْ يَرُدَّهَا ـ وَ هُوَ قَادِرٌ عَلَى رَدِّهَا ـ كَانَ عَلَيْهِ كَوِزْرِ مَنِ اغْتَابَهُ سَبْعِينَ مَرَّةً».
وَنَهى رَسُولُ الله (صلى الله عليه وآله) ] 135 [ عَنِ الْخِيَانَةِ. وَقَالَ: «مَنْ خَانَ أَمَانَةً فِي الدُّنْيَا، وَ لَمْ يَرُدَّهَا إِلَى أَهْلِهَا، ثُمَّ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ; مَاتَ عَلَى غَيْرِ مِلَّتِي، وَ يَلْقَى اللهَ وَ هُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ».
وَقَالَ(عليه السلام): ] 136 [ «مَنْ شَهِدَ شَهَادَةَ زُور عَلَى أَحَد مِنَ النَّاسِ; عُلِّقَ بِلِسَانِهِ مَعَ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ.
وَ ] 137 [ مَنِ اشْتَرَى خِيَانَةً وَ هُوَ يَعْلَمُ فَهُوَ كَالَّذِي خَانَهَا.
وَ ] 138 [ مَنْ حَبَسَ عَنْ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ شَيْئاً مِنْ حَقِّهِ; حَرَّمَ الله عَلَيْهِ بَرَكَةَ الرِّزْقِ; إِلاَّ أَنْ يَتُوبَ.
أَلاَ; وَ ] 139 [ مَنْ سَمِعَ فَاحِشَةً، فَأَفْشَاهَا; فَهُوَ كَالَّذِي أَتَاهَا.
وَ ] 140 [ مَنِ احْتَاجَ إِلَيْهِ أَخُوهُ الْمُسْلِمُ فِي قَرْض ـ وَ هُوَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ ـ فَلَمْ يَفْعَلْ; حَرَّمَ الله عَلَيْهِ رِيحَ الْجَنَّةِ.
أَلاَ; وَ ] 141 [ مَنْ صَبَرَ عَلَى خُلُقِ امْرَأَة سَيِّئَةِ الْخُلُقِ، وَ احْتَسَبَ فِي ذَلِكَ الأَجْرَ; أَعْطَاهُ اللهُ ثَوَابَ الشَّاكِرِينَ.
أَلاَ; وَ ] 142 [ أَيُّمَا امْرَأَة لَمْ تَرْفُقْ بِزَوْجِهَا، وَ حَمَلَتْهُ عَلَى مَا لا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَ مَا لايُطِيقُ; لَمْ يَقْبَلِ اللهُ مِنْهَا حَسَنَةً، وَ تَلْقَى اللهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ هُوَ عَلَيْهَا غَضْبَانُ.
أَلا; وَ مَنْ أَكْرَمَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ; فَإِنَّمَا يُكْرِمُ اللهَ عَزَّ وَ جَلَّ».
وَنَهى رَسُولُ الله (صلى الله عليه وآله) ] 143 [ أَنْ يَؤُمَّ الرَّجُلُ قَوْماً إِلاَّ بِإِذْنِهِمْ. وَقَالَ: «مَنْ أَمَّ قَوْماً بِإِذْنِهِمْ، وَ هُمْ بِهِ رَاضُونَ، فَاقْتَصَدَ بِهِمْ فِي حُضُورِهِ، وَ أَحْسَنَ صَلاتَهُ بِقِيَامِهِ وَ قِرَاءَتِهِ وَ رُكُوعِهِ وَ سُجُودِهِ وَ قُعُودِهِ; فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ الْقَوْمِ، وَ لا يُنْقَصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ.
(أَلا; وَ مَنْ أَمَّ قَوْماً بِأَمْرِهِمْ، ثُمَّ لَمْ يُتِمَّ بِهِمْ الصَلاةَ وَ لَمْ يُحْسِنْ في خُشُوْعِهِ وَ رُكُوعِهِ وَ سُجُودِهِ وَ قِرَاءَتِهِ; رُدَّتْ عَلَيْهِ صَلاتُهُ، وَلَمْ تُجَاوِزْ تُرْقُوَتَهُ، وَكَانَتْ مَنْزِلَتُهُ كَمَنْزِلَةِ إِمَام جَائِر مُعْتَد لَمْ يُصْلِحْ إِلَى رَعِيَّتِهِ، وَلَمْ يَقُمْ فِيْهِمْ بِحَقٍّ، وَلا قَامَ فِيْهِمْ بِأَمْر)(1)».
وَقَالَ:
«مَنْ مَشَى إِلَى ذِي قَرَابَة، بِنَفْسِهِ وَ مَالِهِ، لِيَصِلَ رَحِمَهُ; أَعْطَاهُ اللهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَجْرَ مِائَةِ شَهِيد، وَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَة أَرْبَعُونَ أَلْفَ حَسَنَة، وَ (محا عنه أربعين) (2) أَلْفَ سَيِّئَة، وَ رُفِعَ لَهُ مِنَ الدَّرَجَاتِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَ كَانَ كَأَنَّمَا عَبَدَ اللهَ عَزَّ وَ جَلَّ مِائَةَ سَنَة، صَابِراً مُحْتَسِباً.
وَ مَنْ كَفَى ضَرِيراً حَاجَةً مِنْ حَوَائِجِ الدُّنْيَا، وَ مَشَى لَهُ فِيهَا حَتَّى يَقْضِيَ اللهُ لَهُ حَاجَتَهُ; أَعْطَاهُ اللهُ بَرَاءَةً مِنَ النِّفَاقِ، وَ بَرَاءَةً مِنَ النَّارِ، وَ قَضَى لَهُ سَبْعِينَ حَاجَةً مِنْ حَوَائِجِ الدُّنْيَا، وَ لا يَزَالُ يَخُوضُ فِي رَحْمَةِ اللهِ عَزَّ وَ جَلَّ حَتَّى يَرْجِعَ.
وَ ] 144 [ مَنْ مَرِضَ يَوْماً وَ لَيْلَةً، فَلَمْ يَشْكُ إِلَى عُوَّادِهِ; بَعَثَهُ اللهُ عَزَّ وَ جَلَّ يَوْمَ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ما بين القوسين ورد في (الأمالي والبحار) وذكرها في (الوافي) عند الانتهاء من الحديث، نقلاً عن (الأمالي).
(2) كذا في (الفقيه) وفي غيره : «مُحِيَ عَنْهُ أَرْبَعُونَ» .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الْقِيَامَةِ مَعَ خَلِيلِهِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ (عليه السلام) حَتَّى يَجُوزَ الصِّرَاطَ كَالْبَرْقِ اللاَّمِعِ.
وَ مَنْ سَعَى لِمَرِيض فِي حَاجَة ـ قَضَاهَا أَوْ لَمْ يَقْضِهَا ـ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ».
فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي، يَا رَسُولَ الله، فَإِنْ كَانَ الْمَرِيضُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، أَ وَ لَيْسَ ذَلِكَ أَعْظَمَ أَجْراً، إِذَا سَعَى فِي حَاجَةِ أَهْلِ بَيْتِهِ؟.
قَالَ: «نَعَمْ.
أَلا; وَ مَنْ فَرَّجَ عَنْ مُؤْمِن كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا; فَرَّجَ الله عَنْهُ اثْنَتَيْنِ وَ سَبْعِينَ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الآْخِرَةِ، وَ اثْنَتَيْنِ وَ سَبْعِينَ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، أَهْوَنُهَا الْمَغْصُ».
وَقَالَ: ] 145 [ «مَنْ يَمْطُلْ(1) عَلَى ذِي حَقّ حَقَّهُ ـ وَ هُوَ يَقْدِرُ عَلَى أَدَاءِ حَقِّهِ ـ فَعَلَيْهِ كُلَّ يَوْم خَطِيئَةُ عَشَّار.
أَلاَ ; وَ ] 146 [ مَنْ عَلَّقَ سَوْطاً بَيْنَ يَدَيْ سُلْطَان جَائِر; جَعَلَ اللهُ ذَلِكَ السَّوْطَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُعْبَاناً مِنْ نَار، طُولُهُ سَبْعُونَ ذِرَاعاً، يُسَلِّطُهُ الله عَلَيْهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ.
وَ ] 147 [ مَنِ اصْطَنَعَ إِلَى أَخِيهِ مَعْرُوفاً، فَامْتَنَّ بِهِ; أَحْبَطَ اللهُ عَمَلَهُ، وَ ثَبَّتَ وِزْرَهُ، وَ لَمْ يَشْكُرْ لَهُ سَعْيَهُ، ثُمَّ قَالَ: (عليه السلام) يَقُولُ الله عَزَّ وَ جَلَّ: «حَرَّمْتُ الْجَنَّةَ عَلَى الْمَنَّانِ، وَ الْبَخِيلِ، وَ الْقَتَّاتِ» وَ هُوَ النَّمَّامُ.
أَلاَ; وَ مَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَة; فَلَهُ بِوَزْنِ كُلِّ دِرْهَم مِثْلُ جَبَلِ أُحُد مِنْ نَعِيمِ الْجَنَّةِ.
وَ مَنْ مَشَى بِصَدَقَة إِلَى مُحْتَاج; كَانَ لَهُ كَأَجْرِ صَاحِبِهَا، مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْقَصَ مِنْ أَجْرِهِ شَيْءٌ.
وَ مَنْ صَلَّى عَلَى مَيِّت; صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَك، وَ غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَ مَا تَأَخَّرَ، فَإِنْ أَقَامَ حَتَّى يُدْفَنَ، وَ يُحْثَى عَلَيْهِ التُّرَابُ; كَانَ لَهُ بِكُلِّ قَدَم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في (الأمالي): «يبطل».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نَقَلَهَا قِيرَاطٌ مِنَ الأَجْرِ، وَ الْقِيرَاطُ مِثْلُ جَبَلِ أُحُد.
أَلاَ; وَ مَنْ ذَرَفَتْ عَيْنَاهُ مِنْ خَشْيَةِ الله عَزَّ وَ جَلَّ; كَانَ لَهُ بِكُلِّ قَطْرَة قَطَرَتْ مِنْ دُمُوعِهِ قَصْرٌ فِي الْجَنَّةِ، مُكَلَّلٌ (1) بِالدُّرِّ وَ الْجَوْهَرِ، فِيهِ مَا لا عَيْنٌ رَأَتْ، وَ لا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَ لا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَر.
أَلاَ; وَ مَنْ مَشَى إِلَى مَسْجِد، يَطْلُبُ فِيهِ الْجَمَاعَةَ; كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَة سَبْعُونَ أَلْفَ حَسَنَة، وَ رُفِعَ لَهُ مِنَ الدَّرَجَاتِ مِثْلُ ذَلِكَ، فَإِنْ مَاتَ ـ وَ هُوَ عَلَى ذَلِكَ ـ وَكَّلَ اللهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَك يَعُودُونَهُ فِي قَبْرِهِ، وَ يُبَشِّرُونَهُ، وَ يُؤْنِسُونَهُ فِي وَحْدَتِهِ، وَ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ حَتَّى يُبْعَثَ.
أَلاَ; وَ مَنْ أَذَّنَ مُحْتَسِباً، يُرِيدُ بِذَلِكَ وَجْهَ اللهِ عَزَّ وَ جَلَّ; أَعْطَاهُ اللهُ ثَوَابَ أَرْبَعِينَ أَلْفَ شَهِيد، وَ أَرْبَعِينَ أَلْفَ صِدِّيق، وَ يَدْخُلُ فِي شَفَاعَتِهِ أَرْبَعُونَ أَلْفَ مُسِيء مِنْ أُمَّتِي إِلَى الْجَنَّةِ.
أَلاَ; وَ إِنَّ الْمُؤَذِّنَ إِذَا قَالَـ: (أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ الله) صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَك، وَ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ، وَ كَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ، حَتَّى يَفْرُغَ الله مِنْ حِسَابِ الْخَلائِقِ، وَ يَكْتُبَ لَهُ ثَوَابَ قَوْلِهِ: (أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ الله) أَرْبَعُونَ أَلْفَ مَلَك.
وَ مَنْ حَافَظَ عَلَى الصَّفِّ الأَوَّلِ، وَ التَّكْبِيرَةِ الأُولَى، لا يُؤْذِي مُسْلِماً; أَعْطَاهُ اللهُ مِنَ الأَجْرِ مَا يُعْطَى الْمُؤَذِّنُونَ فِي الدُّنْيَا وَ الآْخِرَةِ.
أَلاَ; وَ ] 148 [ مَنْ تَوَلَّى عِرَافَةَ قَوْم; حَبَسَهُ اللهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى شَفِيْرِ جَهَنَّمَ بِكُلِّ يَوْم أَلْفَ سَنَة، وأتَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ يَدَاهُ مَغْلُولَتَانِ إِلَى عُنُقِهِ; فَإِنْ قَامَ فِيهِمْ بِأَمْرِ الله عَزَّ وَ جَلَّ أَطْلَقَهُ اللهُ، وَ إِنْ كَانَ ظَالِماً هُوِيَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ.
وَقَالَ(عليه السلام): ] 149 [ «لا تُحَقِّرُوا شَيْئاً مِنَ الشَّرِّ; وَ إِنْ صَغُرَ فِي أَعْيُنِكُمْ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كذا في (الأمالي والوافي) وفي (الفقيه) : «مكلّلاً».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وَ ]150[ لاتَسْتَكْثِرُوا شَيْئاً مِنَ الْخَيْرِ; وَ إِنْ كَثُرَ فِي أَعْيُنِكُمْ; فَإِنَّهُ لا كَبِيرَةَ مَعَ الاسْتِغْفَارِ، وَ لا صَغِيرَةَ مَعَ الإِصْرَارِ».
قَالَ شُعَيْبُ بْنُ وَاقِد(1):
سَأَلْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ زَيْد عَنْ طُولِ هَذَا الْحَدِيث؟ فَقَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِب(عليه السلام):
أَنَّهُ جَمَعَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنَ الْكِتَابِ الَّذِي هُوَ إِمْلاءُ رَسُولِ الله(صلى الله عليه وآله) وَ خَطُّ عَلِيِّ ابْنِ أَبِي طَالِب(عليه السلام) بِيَدِه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) قال الصدوقُ في (الأمالي): قال محمّد بن زكريّا الغَلاّبي، سألتُ ـ عن طول هذا الأَثَرِ ـ شُعيباً المُزني،فقال لي: يا أبا عبدالله، سَأَلْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ زَيْد....ألى آخر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ



المناهي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)

جمع: الإمام المرتضى لدين الله محمّد بن الهادي إلى الحقّ يحيى بن الحسين(عليهما السلام) ( 278 ـ 310هـ)
اعداد: السيّد محمّد رضا الحسينيّ الجلاليّ

تقديم:
نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله) الأُمّة الإسلاميّة عمّا لا ينبغي فعلُه، من المحرّمات، تحذيراً لهم عمّا يوجب العقاب، بفعل ما لا يرضاه الله تعالى.
وعن المكروهات، تنزيهاً لهم عمّا يُسبّب لهم الحطّ من الثواب، أو البعد من الكمال، بفعل ما لا يحبّه الله تعالى.
و قد أصبحت «المناهي» المأثورة ـ لكثرتها ـ محطّاً لأنظار أعلام الأُمّة، أئمّتها، ومحدّثيها، وفقهائها، ووعّاظها، ومن كلّ الطوائف والمذاهب، فكثرتْ فيها الأجزاء، وعنها المؤلّفات، وتعدّدت منذُ القرون الأُولى، وحتّى اليوم.
وقد جمع الأخ العلاّمة المحدّث الحجّة السيّد حسن الحسيني آل المجدّد الشيرازي حفظه الله جزءاً حافلا بالمأثور من «المناهي النبويّة» نشرناه في صفحات هذا العدد من المجلّة خصّصه بالتراث الإمامي، وهو أحدث جهد مبذول في هذا الصدد .
وفي تراثنا الإماميّ، كتاب «جمل من مناهي النبي (صلى الله عليه وآله)» الذي جمعه الإمام الصادق (عليه السلام) من «كتاب عليّ (عليه السلام)» المعروف ، رواه الحسينُ ذو الدمعة ابن زيد الشهيد(عليه السلام) وقد أعددناه وقدّمناه في الصفحات السابقة في هذا العدد أيضاً.
وكنّا قد وفّقنا الله عام (1416 هـ) لكتابة هذا الجزء من التراث الزيدي، الحاوي للمناهي النبويّة من طرق أعلام الزيديّة، وكنّا قد نقلناه من نسخة بخطّ العلاّمة الزاهد، والحجّة المجاهد، الإمام السيّد بدر الدين بن أمير الدين الحوثي حفظه الله لحماية الدين المبين، فاعتمدناها بعنوان الأصل، ورمزنا لها برمز «بدر الدين».
و عندما كنت منهمكاً في إعداده للنشر تلقّيتُ رزمة كتب من أخي العلاّمة السيّد محمّد حسين الجلالي، أرسلها من مقرّه في مدينة «شيكاگو الأمريكية» كان فيها: «مجموع كتب الهادي إلى الحقّ» جمع أحمد بن موسى الطبري، وهو مصوّر من مخطوطة في مكتبة المتحف البريطاني في لندن برقم (3798 OR) وقد فرغ الكاتب من نسخها في عام (1172هـ).
وفي هذه المجموعة كتاب بعنوان «ما نهى عنه رسول الله (صلى الله عليه وآله)» في الصفحات (241 ـ 244) وهو نسخة من الكتاب المذكور; فاعتمدتها نسخة ثانية، ورمزت لها: «هد».
وكذلك حالفنا الحظّ أن وقفنا على نسخة من الكتاب، طبعت ضمن (مجموع كتب ورسائل المرتضى محمّد بن الهادي) بتحقيق عبدالكريم أحمد جدبان ـ نشر مكتبة التراث الإسلامي، صعدة، ط أُولى عام 1423هـ (في مجلّدين)(1).
وقد رمزنا لها بـ (ط).
والملاحظ : أنّ الكتاب نسب في مجموع الهادي، إلى الوالد وهو يحيى بن الحسين الهادي إلى الحقّ (ت298هـ).
ونسب في (مجموع كتب المرتضى) إلى الولد محمّد بن يحيى المرتضى لدين الله (ت 310 هـ ).
والظاهر صحّة النسبة الثانية، وعدم صحّة الأُولى :
لأنّ الكتاب لم يذكر ـ في أيّ مصدر ـ ضمن مؤلّفات الهادي إلى الحقّ، وإنّما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) اطّلعنا على ذلك من كتاب (تراث الزيدية) تأليف السيّد علي موسوي نجاد المطبوع في قم عام 2005، من منشورات معهد دراسات الأديان والمذاهب الإسلامية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المعروف بين الزيدية ومصادرهم هي نسبة الكتاب إلى الولد، محمد المرتضى.
ولأنّ الكتاب يحتوي على تعليقة للولد على حديث في الكتاب بلفظ : «قال محمّد بن يحيى»(1).
ولعلّ سبب النسبة إلى الوالد، هو كون الأحاديث كلّها من روايته عن آبائه(عليهم السلام). لكنّ الراوي لايُعدّ مؤلّفاً إلاّ إذا كان هو الكاتب للأحاديث في كتاب، والجامع لها في جزء، والظاهر أنّ الذي جمع النواهي في تأليف مستقلّ هو المرتضى الولد، وليس الوالد إلاّ راوياً شفهيّاً، فلا يكون هو المؤلّف.

ترجمة المؤلّف المرتضى :
هو محمّد، أبو القاسم ، مولده في جبل (الرسّ) باليمن عام (278هـ ) نشأ وأخذ على والده الإمام الهادي إلى الحقّ يحيى بن الحسين ، وعن علماء عصره ، وجاهد مع أبيه ، وأسر لمدّة أعوام ، كان مجاهداً مجتهداً زاهداً ورعاً ، بايعه الناس سنة 399 هـ ، فأقام بمدينة صعدة ، ثمّ تخلّى عن الحكم لأخيه الناصر حوالي سنة 301هـ .
وتوفّي في صعدة(310هـ) .
له مؤلّفات كثيرة ، أغلبها أجوبة مسائل وردته من الأشخاص ، ورسائل إلى البلدان ، وتفاسير للقرآن ، ومن مؤلّفاته الموجودة:
1 ـ الإيضاح ، ممّا سأله الطبريّون في الفقه ، في مكتبة الأوقاف باليمن رقم 634 .
2 ـ رسالة الإمام المرتضى إلى أهل طبرستان ، مكتبة المتحف البريطاني رقم 3977 .
3 ـ الرسائل السبع المنتقاة في الوصيّة والتحذير من الهوى ، مكتبة الامبروزيانا مجموعة رقم 186
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لاحظ ذيل الحديث ] 49 [.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

4 ـ الغفلة ، في مكتبة الأوقاف باليمن رقم 113 مجاميع .
5 ـ الفصل المرويّ ، في مكتبة الهاشمي باليمن .
6 ـ النبوّة والإمامة ، في مكتبة الهاشمي باليمن مجموع رقم 289 .
7 ـ المناهي ، وهو كتابنا الذي نقدّم له ، في مكتبة الأوقاف باليمن رقم مجاميع 16 . ومكتبة الامبروزيانا مجموعة رقم (74 ب)(1) .

العمل في النصّ:
* قابلنا بين تلك النسخ الثلاث، ولفّقنا المتن المنتخب من بينها، وأثبتنا الفوارق في الهوامش.
* ورقّمنا الجمل حسب الوارد في المطبوعة.
* وعلّقنا على مواضع وجدنا من الضروريّ التعليق عليها، وميّزنا تعليقنا بتوقيعنا «وكتب الجلالي».
* ثمّ إنّ العلاّمة الإمام بدر الدين الحوثي أدام الله علاه، قد علّق على مواضع من نسخته تعاليق قيّمة، نقلناها موشّحةً باسمه «بدر الدين».
وبعدُ : فقد قصدنا بالجمع بين هذا العمل، والأعمال السابقة في «المناهي النبويّة» :
1ً ـ الوقوف على أكبر عدد من هذه المناهي المأثورة في التراث الحديثي العظيم، ومن طرق أهل البيت (عليهم السلام).
2ً ـ إمكان دَعْم النصوص بالمقارنة بينها والوقوف على ما ائتلف منها، ممّا يدلّ على التقريب والوئام، ويؤدّي إلى التوثّق منها بالتوافر بل التواتر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) اختصرنا هذه الترجمة من كتاب (أعلام المؤلّفين الزيديّة) (ص 1013 ـ 1016) رقم (1086) للسيّد العلاّمة المحقّق عبدالسلام عبّاس الوجيه ، مؤسّسة الإمام زيد الثقافية ـ عمّان ـ الأردن من الطبعة الأولى1420 هـ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

3ً ـ الجمع بين المختلف منها، للعثور على القرائن التي تزيح الشبهات عن المشتبهات، في ألفاظ الروايات، أو في المعاني والدلالات، ورفع الاختلافات، أو تحصيل ما يوجب الترجيح بينها.
4ً ـ وأخيراً الجمع بين شتات التراث المرويّ عن أهل البيت (عليهم السلام)والمنتشر والمتوزّع بين فروعهم الطيّبة، والمتّصل بأُصولهم الطاهرة، المرفوعة إلى جدّهم المصطفى سلام الله عليهم أجمعين.
وفي الختام : نشكر الله تعالى على توفيقه لهذه الخدمة، ونسأله المزيد من فضله، وأن يغفر لنا بكرمه وجلاله، إنّه ذو الجلال والإكرام، وصلّى الله على سيّدنا رسوله المختار، والأئمّة الأطهار من آله الأبرار، وعلى شيعتهم الأخيار ما بقي الليل والنهار.
وكتب السيّد محمّد رضا الحسيني الجلالي كان الله له

صورة الصفحة الاولى من نسخة مجموع الهادي
صورة الصفحة الثانية من نسخة مجموع الهادي
صورة الصفحة الثالثة من نسخة مجموع الهادي
صورة الصفحة الرابعة من نسخة مجموع الهادي

كتاب المناهي(1) عن رسول الله(صلى الله عليه وآله)
قال أبو القاسم ، محمّد بن يحيى الهادي إلى الحقّ ، أمير المؤمنين ، صلوات الله عليهما وعلى آبائهما الطاهرين:
روى لي أبي الهادي إلى الحقّ ، عن آبائه(2) عن عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه ، عن النبي(3) (صلى الله عليه وآله) أنّه:
] 1 [ نَهى عن الصيام يومَ الفِطْر .
] 2 [ و نَهى عن الصيام يومَ النَحْر ، وأيّام التشريق .
] 3 [ و نَهى عن الصلاة في ثلاثة أوقات ـ على ميّت ، أو نافلة ـ عندَ طُلوع الشمس حتّى تَعْلُوَ وتَبْياضَّ ، وعندَ قِيامِ كلِّ شيء في ظِلِّهِ ـ وهو اعتدالُ الشمس في السماءِ ـ حتّى تَزُولَ ، وعندَ اصْفِرارِ الشمسِ حتّى يَدْخُلَ الليلُ .
وروى عنه (صلى الله عليه وآله) ـ بإسناد صحيح ـ أنّه:
] 4 [ نَهى عن الرُكُوبِ على الُنمُورِ ، وعن الصلاة في الحريرِ (المحضِ) (4) وقال: «الُنمُور من مَتاع الكُفّارِ ، وزِينةُ مَنْ لاخَلاقَ له» .
] 5 [ و نَهى (صلى الله عليه وآله) عن التَخَتُّمِ بِالذَهَبِ لِلرِجالِ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في نسخة «النهي» (بدر الدين) وفي (هد): ما نهى عنه رسول الله(صلى الله عليه وآله).
(2) أثبتوا نسب الهادي في ترجمته : يحيى الهادي إلى الحقّ (ولد 245 ـ وتوفّي 298) ابن الحسين الجواد ابن القاسم الرسّيّ ابن إبراهيم بن إسماعيل الديباج ابن إبراهيم الغمر ابن الحسن المثنّى ابن الحسن المجتبى السبط ابن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهم السلام .
(3) في (هد) : رسول الله(صلى الله عليه وآله) .
(4) ما بين القوسين من نسخة (بدر الدين) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

] 6 [ و نَهى عن اللعبِ بِالحَمامِ ، وروي : أنّه رأى رَجلا يَلْعَبُ بِهِ ; فقالَ: «شَيْطانٌ يَتْبَعُ شَيْطان (1)» .
] 7 [ و نَهى عن جَرِّ الإِزارِ .
] 8 [ و نَهى عن الأَكْلِ مِمّا قَتَلَ البُنْدُقُ .
] 9 [ و نَهى الرجل إذا صلّى أنْ يَفْتَرِشَ ذِراعَيْهِ افْتِراشَ السَبُعِ .
] 10 [ و نَهى أنْ يَنْقُرَ الرَجُلَ ـ في صلاتِهِ نَقْرَ الدِيْكِ .
] 11 [ و نَهى أنْ يَتَلَفَّتَ في صلاتِهِ تَلَفُتَ الثَعْلَبِ .
] 12 [ و نَهى عن الصلاةِ خَلْفَ النائِمِ .
] 13 [ و نَهى أنْ يَكْتُمَ الرَجُلَ ما عَلَّمَهُ اللهُ إذا أَتاهُ مَنْ يُرِيْدُهُ ومَنْ يَنْتَفِعُ بِهِ .
وقال: «مَنْ كَتَمَ أَخاهُ نَصِيْحَةً أو فَضْلا يَطْلُبُهُ إِلَيهِ ، لِيَنْتَفِعَ بِهِ ، حَرَمَهُ اللهُ يَوْمَ القِيامَةِ ما يَرْجُو ، ثُمَّ قَرَأَ: (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ)الآية] آل عمران 3 / 187[ .
] 14 [ و نَهى(صلى الله عليه وآله) عن كِتْمانِ العِلْمِ إِذا طُلِبَ .
وقال: «مَنْ كَتَمَ عِلْماً سُئِلَ(2) عَنهُ ، جاءَ يَوْمَ القِيامَةِ مَغْلُولا» .
] 15 [ و نَهى عن الأذانِ بِالأُجْرَةِ ، وروي عنه أنّه قالَ: «لَيْسَ مِنّا مَنْ فَعَلَ ذلكَ» .
] 16 [ و نَهى عن تَعْلِيْمِ القُرآنِ بِالأُجْرَةِ .
] 17 [ و نَهى أنْ تُجْعَلَ المَساجِدُ طُرُقاً .
] 18 [ و نهَى أنْ يُنْشَدَ الشِعْرُ في المَسْجِدِ ، وقال: «مَنْ فَعَلَ ذلِكَ ، فَقُوْلُوا لَهُ:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كذا في النسخة: «يتبع شيطان» والذي يقتضيه المعنى «يتبع شيطاناً» أو «يتبعه شيطان» أو هو لغةٌ في حذف ألف الإطلاق من المنصوب عند الوقف ، كما هو المألوف في اللغة العامية (بدر الدين) .
وفي (هد) : «شيطانا» .
(2) في(هد) : يسأل .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

رَضَّ اللهُ فاكَ».
] 19 [ و نَهى عن البَيْعِ والشِراءِ فِي المَسْجِدِ ، وقال: «مَنْ فَعَلَ ذلِكَ ، فَقُوْلُوا لَهُ: لا أَرْبَحَ اللهُ تِجارَتَكَ» .
] 20 [ و نَهى عن النُخامَةِ فِي المَسْجِدِ .
] 21 [ و نَهى أنْ يَكُونَ فِي قِبْلَةِ المَسْجِدِ حَمّامٌ ، أو حُشٌّ ، أو مَقَبْرَةٌ .
] 22 [ و نَهى عن الصلاةِ بَيْنَ المَقابِرِ .
] 23 [ و نَهى عن الصلاة فِي الحمَّامِ .
] 24 [ و نَهى عن الإِقْعَاءِ فِي الصلاةِ (كَإِقْعَاءِ الكَلْبِ)(1).
] 25 [ و نَهى أنْ يَجْعَلَ الرَجُلُ يَدَهُ عَلى صَدْرِهِ فِي الصلاةِ ، وقال: «ذلِكَ فِعْلُ اليَهُوْدِ» و أَمَرَ(2) أنْ يُرْسِلَهُما .
] 26 [ و نَهى عن الضِحْكِ فِي الصلاةِ ، وقال: «مَنْ ضَحِكَ فِي صَلاتِهِ ، أَعادَ» .
] 27 [ و نَهى عن أنْ يُصَلّيَ الرَجُلُ فِي ثَوْب غَيْرِ طاهِر .
] 28 [ و نَهى أنْ يُصَلِّيَ الرَجُلُ مُتَوَكِّأً .
] 29 [ و نَهى الرَجُلَ إِذا رَفَعَ رَأسَهُ مِن الرُكُوعِ أَنْ يَسْجُدَ حتّى يَسْتَوِيَ قائِماً ، وقال(صلى الله عليه وآله): «مَنْ صَلَّى صَلاةً لايَقْرَأُ فِيهابِفاتِحَةِ الكُتابِ،فَهِيَ خُداجٌ،فَهِيَ خُداجٌ»(3).
] 30 [ ونَهى أنْ يُسافِرَ الرَجُلُ(4) المُقِيْمُ يومَ الجُمِعَةِ إِذا حَضَرَت الصلاةُ حتّى يُجَمِّعَ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ما بين القوسين عن نسخة (بدر الدين) ولا حظ ما علّقناه على الرقم]45[ .
(2) في هامش الأصل مانصّه:لفظ «أمر» ثابت في نسخة قديمة جدّاً،ولعلّهاقريبة من زمن الهادي(عليه السلام)وهي بخزانة صنعاء. (كاتبه محمّد بن يحيى الحوثي وفّقه الله) ومن خطّه نقلتُه (وكتب بدر الدين الحوثي ، وفّقه الله) وهو كذلك في مجموع الهادي(عليه السلام). وهو كذلك في (هد) .
(3) في الهامش: كذا بالتأكيد ، تمّت (بدر الدين) .وذكرها في (هد) مرّةً واحدةً .
(4) (الرجل) من (هد) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

] 31 [ و نَهى أنْ يَسْتَقْبِلَ الرَجُلُ الرِيْحَ وَهُوَ يَبُوْلُ .
] 32 [ و نَهى أنْ يَبُوْلَ الرَجُلُ عُرْياناً أو قائِماً .
] 33 [ و نَهى رسولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله) أنْ يُبالَ عَلَى قَبْر أو بَيْنَ المَقابِرِ .
] 34 [ و نَهى عن الغائِطِ عَلى الطَرِيْقِ .
] 35 [ و نَهى أنْ يَقْضِيَ الرَجُلُ حاجَتَهُ مِن الغائِطِ والناسُ يَنْظُرُوْنَ .
أراد (صلى الله عليه وآله) أنْ لا يبولَ أَحَد ولا يَتَغَيَّط(1) والناس يُبْصِرُونَهُ(2). وقال: «اسْتَتِرُوا واسْتَحْيُوا ، فَإِنَّ السِتْرَ والحَياءَ مِن الإِيْمانِ» .
] 36 [ و نَهى(صلى الله عليه وآله) أنْ يَسْتَنْجِيَ الرَجُلُ(3) بِيَمِيْنِهِ .
] 37 [ و نَهى أنْ يُدْخِلَ الرَجُلُ يَدَهُ فِي الإِناءِ إِذا قامَ مِنْ نَوْمِهِ حتّى يَغْسِلَها .
] 38 [ و نَهى أنْ يُباشِرَ الرَجُلُ الرَجُلَ (4) لَيْسَ بَيْنَهما ثَوْبٌ (وكَذلِكَ المَرأةُ إِذا نامَتْ إِلى جَنْبِ المَرْأَةِ)(5) .
] 39 [ و نَهى أنْ تُفاكِهَ المَرْأَةُ بِحَدِيْثِ زَوْجِها .
] 40 [ و نَهى أنْ يُحَدِّثَ الرَجُلُ الرَجُلَ بِحَدِيثِ أَهْلِهِ .
] 41 [ و نَهى أنْ تُحِدِّثَ الامْرَأَةُ الامْرَأَةَ بِما تَخْلُوْ بِهِ مِنْ زَوْجِها .
] 41 [ و نَهى أنْ تَقُوْلَ الامْرَأَةُ : غَشِيَنِي زَوْجِي كَذا وكَذا مَرَّةً .
] 42 [ و نَهى الرَجُلَ عَنْ مِثْلِ ذلِكَ ، وقال: «مَنْ فَعَلَ ذلِكَ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ مَنْ غَشِيَ امْرَأَتَهُ بَيْنَ ظَهْرانِيّ الناسِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ» .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كذا في الأصل و(هد) ولم أجده في كتب اللغة ، وفي (ط) :«يتغوّط» .
(2) كذا في (هد) وفي (بدر الدين) : «ينظرونه» وفي (ط) : «ينظرون» .
(3) في نسخة: أحدٌ (بدر الدين) وكذا في (هد) .
(4) كتب (بدر الدين ) في الهامش فوق يباشر: «ينام الرَجُلِ إلى جنب الرَجُلِ» صحّ عن نسخة.
(5) كتب (بدر الدين) على ما بين القوسين : «صحّ في نسخة غير قديمة» .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

] 43 [ و نَهى أنْ يُجامِعَ الرَجُلُ الأَمَةَ وفِيها شِرْكَةٌ(1) لأَحَد .
] 44 [ و نَهى أنْ يُجامِعَ الرَجُلُ الامْرَأَةَ الحُبْلى مِنْ غَيْرِهِ .
] 45 [ و نَهى مِنْ تزويج الامْرَأَةِ على عَمَّتِها ، وعن تَزْوِيْجِ العَمَّةِ على بِنْتِ أَخِيْها ، (وعن تَزْوِيْجِ المَرْأَةِ على خالَتِها ، وعن تَزْوِيْجِ الخالَةِ على ابْنَةِ أُخْتِها)(2) .
] 46 [ و نَهى(صلى الله عليه وآله) عن نكِاحِ الامْرَأَةِ المُطَلَّقَةِ حتّى تَخْرُجَ مِن العِدَّةِ ، وتَغْتَسِل مِن الحَيْضَةِ الثالِثةِ ، إِذا كانَتْ مِن ذَواتِ الحِيْضِ .
] 47 [ ونَهى عن الشِغارِ . وهو : أنْ يَقُولَ الرَجُلُ لِلرَجُلِ: «زَوِّجْنِي ابْنَتَكَ وأُزَوِّجُكَ ابْنَتِي» ثُمَّ يَطْرَحانِ المَهْرَ بَيْنَهما .
] 48 [ و نَهى أنْ يَجْمَعَ الرَجُلُ بَيْنَ الأَمَةِ وابْنَتَها (وَطْياً(3) وكَذلِكَ لايَجْمَعُ بَيْنَها وبَيْنَ أُخْتِها ، ولابَيْنَها وبَيْنَ عمّتِها ، ولا بَيْنَها وبَيْنَ خالَتِها ، وَطْياً)(4) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في (هد): «شرك» .
(2) ما بين القوسين ليس في (هد)وفيه «تزوّج» بدل «تزويج» ،.
والجمع بين العمّة والخالة ، وبين بنت الأخ والأخت ، وجمع إحديهما مع إحديهما ، في النكاح ، مسألةٌ وقع الخلاف فيها ، بعد الاتّفاق على ورود النصّ الخاصّ على خروجه من عموم قوله تعالى: (وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ) بحديث النهي عن نكاح المرأة على عمّتها وخالتها ، دون العكس ، فلم يرد ما يدلّ على النهي عن تزويج الخالة أو العمّة على بنت الأخ والأخت ; إلاّ ما في هذا النصّ الذي رواه محمد المرتضى لدين الله .
و المسألة مقيّدةٌ في فقه الأئمّة الاثني عشر(عليهم السلام) بعدم إذن العمّة والخالة ; فلو أذنتا جاز نكاح البنتين عليهما ، دلّت على ذلك أخبارهم المثبتة في تراثهم الحديثيّ .
وقد فصّل الاستدلال على ذلك فقهاؤهم بعد إجماعهم على ذلك، فلاحظ (الخلاف) للشيخ الطوسيّ (4 / 296) ، و(الانتصار) للسيّد المرتضى (ص 116) ، وأشبع الكلام عنها الإمام الشيخ المفيد في (الإعلام ص37) وفي جوابات (المسائل الصاغانيّة) المطبوعة مع مصنفاته (3 / 77 ـ 81) ونقل فيه الجواز عن بعض العامّة .
(وَكَتَبَ الجلاليُّ كانَ اللهُ لهُ).
(3) كتب في الموضعين على كلمة (وطياً) نسخة(بدر الدين).
(4) ما بين القوسين ساقط من (هد) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

] 49 [ و نَهى أنْ يَنْكِحَ الرَجُلُ الأَمَةَ العارِيَةَ ، وقال: «إِنّ اللهَ سُبحانَهُ لَمْ يُحِلَّ عارِيَةَ الفَرْجِ ، ولايَحِلُّ لِمُسْلِم أَنْ يَغْشَى مِن الإماءِ إِلاّ أَمَةً يَمْلِكُ عِتْقَها »(1) .
قال محمّد بنُ يحيى(عليه السلام): وقد بَلَغنا عن بعض الجُهّال أنّ أحَدَهُم يقولُ للرجل: ( 2 ) «قد أحْلَلْتُ لَكَ فَرْجَ جارِيَتي تَطَأُها» وهذا فهوَ الحرامُ المحظورُ ، وملعونٌ مَنْ فَعَلَهُ(لمكانه من العلم)(3) .
] 50 [ ونَهى عن نِكاحِ الأَمَةِ التِي تَحْرُمُ مِن قِبَلِ الرَضاعَةِ . وقال (صلى الله عليه وآله): «يَحْرُمُ مِن الرَضاعَةِ ما يَحْرُمُ مِن النَسَبِ» .
] 51 [ و نَهى أنْ يَخْطُبَ الرَجُلُ عَلى خِطْبَةِ أَخِيْهِ حَتّى يَنْكِحَ(4) أو يَدَعَ .
] 52 [ و نَهى المرأة أنْ تُنْكِح نفسَها ، ولكن يُنكحها أولياؤها.
] 53 [ و نَهى أنْ يَكُونَ النِكاحُ إِلاّ بِوَلِيٍّ وَشاهِدَيْ عَدْل .
] 54 [ و نَهى أنْ تُنْكَحَ الثَيِّبُ حَتّى تُسْتَأذَنَ .
] 55 [ و نَهى أنْ تُنْكَحَ البِكْرُ(5) البالِغُ حَتّى تُسْتَأذَنَ ، وإِذْنُها صَمْتُها .
] 56 [ ونَهى الرَجُلَ أنْ يَنْكِحَ أُخْتَ امْرَأَتِهِ حَتّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ أُخْتِها التِي طَلَّقَ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في نسخة: «يملكها» وفي الهامش «عتقها كذا ، ولعلّه عنقها ، بالنون ، والله أعلم»(بدر الدين).
(2) قد اختلط الأمرُ ـ على المرتضى ، كغيره ـ بين «العارية» و«التحليل» فالعارية إباحةٌ من دون تمليك ولا تزويج ، وهو حرام بالأصل والنصّ والإجماع ، بينما التحليل : إمّا هو خاصٌ بالخدمة دون المواقعة ، أو هو تزويجٌ بلفط «حلّلتُ» بدل «أنْكحتُ» فلذا لايجوز للمالك التصرّفُ في أمتهِ إلاّ بعد الفراق من المحلّلِ لهُ وعدّتِها منه .
وقد شنّع الجاهلون على فقه أهل البيت(عليهم السلام) بذلك زوراً وبهتاناً ، وقد أشبع الإمام الشيخ المفيد في الردّ عليهم في جوابات (المسائل الصاغانية) المطبوعة مع مصنفاته (3 / 71 ـ 75) فلاحظ . (وَكَتَبَ الجلاليُّ كانَ اللهُ لهُ).
(3) ما بين القوسين من (هد) .
(4) في الهامش عن نسخة: «أو يتزوّجها بنكاح صحيح» (بدر الدين).
(5) كلمة «البكر» في نسخة غير قديمة (بدر الدين) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

] 57 [ و نَهى أنْ تَسْأَلَ الامْرَأَةُ زَوْجَها الطَلاقَ ، فإِنْ فَعَلَتْ ذلِكَ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْها الجَنَّةَ ، إِذا كانَتْ ظالِمَةً .
] 58 [ و نَهى عن بَيْعِ الرَقِيْقِ مِن أَهْلِ دارِ الحَرْبِ .
] 59 [ و نَهى عن بَيْعِ الإِماءِ المُسْلِماتِ مِن أَهْلِ الذِمَّةِ .
] 60 [ و نَهى عن بَيْعِ السِلاحِ والدَوابِّ مِن أَهْلِ دارِ الحَرْبِ .
] 61 [ و نَهى عن عَوْنِ الظالِمِيْنَ .
] 62 [ و نَهى عن صَحابَةِ(1) الخائِنِيْنَ .
] 63 [ و نَهى أنْ يَنْظُرَ الرَجُلُ إِلى امْرَأَة لَيْسَتْ لَهُ بِمَحْرَم لِشَهٌوَة .
] 64 [ و نَهى أنْ يَنْظُرَ الرَجُلُ إِلى شَىْء حَرَّمَهُ اللهُ عَلَيْهِ .
] 65 [ و نَهى أنْ يُدِيْمَ الرَجُلُ النَظْرَةَ الأُوْلى .
] 66 [ و نَهى أنْ يُكَلَّمِ الرَجُلُ الامْرَأَةَ لِشَهْوَة، أوْ لِغَيْرِ شَهْوَة; إِذا لَمْ تَكُنْ لَهُ مَحْرَماً .
] 67 [ و نَهى أنْ يُؤاكِلَها .
] 68 [ و نَهى أنْ يَخْلُوَ بِها.
] 69 [ و نَهى عن عَقْدِ نكاح لامْرَأَة وهيَ فِي عِدَّتِها .
] 70 [ و نَهى الرَجُلَ أنْ يَنْظُرَ إِلى عَوْرَةِ الرَجُلِ .
] 71 [ و نَهى الامْرَأَةَ أَنْ تَنْظُرَ إِلى عَوْرَةِ الامْرَأَةِ . وقال: «عَوْرَةُ المُسْلِمَ عَلى المُسْلِمِ حَرامٌ» .
] 72 [ و نَهى أنْ يَدْخُلَ الحَمّامَ إِلاّ بِمِئْزَر . وقال: «مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ واليَوْمِ الآخِرِ ، فَلا يَدْخُلنَّ الحَمّامَ إِلاّ بِمِئزَر» .
] 73 [ و نَهى النِساءَ عَنْ دُخُوْلِ الحَمّامِ . وقال: «لَعَنَ اللهُ داخِلاتِ الحَمّامِ».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في (هد): محاببة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

] 74 [ و نَهى أنْ تُقْبَلَ شَهادَتُهُنَّ(1) فِي حَدٍّ مِن الحُدُوْدِ والقِصاصِ .
] 75 [ و نَهى أنْ تُقْبَلَ شَهادَتُهُنَّ فِي شَيْء إِلاّ وَمَعَهُنَّ رَجُلٌ ; إِلاّ فِي الاسْتِهْلالِ ، أو فِي الرِضاعِ .
] 76 [ و نَهى أنْ يُرْدِفَ الرَجُلُ دابَّتَهُ امْرَأَةً لا يَمْلِكُها .
] 77 [ و نَهى الامْرَأَةَ أَنْ تَسْتَعِيْنَ بِالرَجُلِ بِحَمْلها عَلى دابَّتِها .
] 78 [ و نَهى النِساءَ أَنْ يَلِيَ ذلِكَ مِنْهُنَّ غَيْرُ رِجالِهِنَّ .
] 79 [ و نَهى الامْرَأَةَ أَنْ تُسافِرَ إِلاّ مَعَ زَوْج أو ذِي رَحِم مَحْرَم .
] 80 [ و نَهى أنْ تَدْخُلَ المَرْأَةُ المُتَّهَمَةُ فِي دِيْنِها عَلى المَرْأَةِ المَأْمُوْنَةِ فِي دِيْنِها .
] 81 [ ونَهى أنْ تَدْخُلَ المُذَكَّرَةُ(2) مِن النِساءِ عَلى امْرَأَة تُؤْمِنُ بِاللهِواليَوْمِ الآخِرِ.
] 82 [ و نَهى أنْ تَلْبَسَ المَرْأَةُ لِباسَ الرِجالِ وتَشَبَّهَ بِهِمْ فِي حال مِن الحالِ، وتِمْشِيَ مِشْيَةَ الرَجُلِ ، أو تَكَلَّمَ بِكلامِهِ .
] 83 [ ونَهى أنْ يَدْخُلَ الُمخَنَّثُ مِن الرِجالِ عَلى امْرَأَة تُؤْمِنُ بِاللهِ واليَوْمِ الآخِرِ(3).
] 84 [ و نَهى الرَجُلَ أَنْ يَتَشَبَّهَ بِالمَرْأَةِ فِي لِباسِها، أو فِي كَلامِها، أو فِي مَشْيِها ، وقال: «لَعَنَ اللهُ وَرَسُولُهُ والمَلائكةُ (4) مَنْ فَعَلَ ذلِكَ مِن الرِجالِ والنِساءِ» .
] 85 [ و نَهى المَرْأَةَ أَنْ تَعْصِيَ زَوْجَها فِي شَيْء مِمّا(5) يَهْواهُ مِنْها ، ما لَمْ يَحْمِلْها عَلى مَعْصِيَةِ اللهِ تَعالى .
] 86 [ و نَهى عن شِراءِ الحَرامِ . وقال: «مُشْتَرِي الخِيانَةِ والخائِنُ شَرِيكانِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في (هد) «شهادة النساء» ولم ترد فيه كلمة «القصاص» .
(2) يشبه أن تقرأ هذه الكلمة في (هد): المنكرة .
(3) كتب (بدر الدين) هذه الفقرة كلّها في الهامش ، وقال: «صحّ من نسخة غير قديمة».
أقول: وهي ساقطة من (هد) .
(4) كتب على (الملائكة): نسخة غير قديمة(بدر الدين) وهي ساقطة من (هد) .
(5) كتب على كلمة (ممّا): نسخة (بدر الدين) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ومُشْتَرِي النَهَبِ والناهِبُ ظَهِيْرانِ» .
] 87 [ و نَهى عن النَفْخِ فِي الطَعامِ والشَرابِ .
] 88 [ و نَهى عن الكَهانَةِ.
] 89 [ و نَهى أنْ يُصَدَّقَ الكاهِنُ (وَيُؤْتَى)(1) وقال: «مَنْ تَكَهَّنَ أو تُكُهِّنَ لَهُ فَلَيْسَ مِن اللهِ فِي شَيْء» .
] 90 [ و نَهى عن مُجالَسَةِ الُمخَنَّثِ ، وعن إِجابَةِ دَعْوَتِهِ ، وعن(2) أَكْلِ طَعامِهِ ، وعن مُناكَحَتِهِ . وقال: «مَنْ فَعَلَ شَيْئاً مِن ذلِكَ فَقَدْ بَرَأَ اللهُ و رَسُوْلُهُ مِنْهُ» .

تَمَّتْ ، والحمدُ للهِ ربِّ العالمين ، وصلّى اللهُ وسَلَّمَ على محمّد وعلى آلِ محمّد الطاهرين ، ولا حولَ ولا قُوّةَ إِلاّ بِاللهِ العليِّ العظيمِ.
كان الفراغُ من نقل هذه النسخة على نسخة الأخ محمّد بن يحيى الحوثي التي بخطّ يده الكريمة ، في شهر جمادى الآخرة سنة 1388 بقلم الفقير إلى الله بدر الدين الحوثي وفّقه الله بمحلّة الوالد حسن بن حسين الحوثي حفظه الله ، وذلك في هياج من ناحية ظهران. والحمد لله ربّ العالمين.

أقول ـ وأنا ناسخ هذه النسخة من خطّ السيّد العلاّمة المجاهد بدر الدين بن أمير الدين الحوثي دام علاه ـ: قد ناولنيها ، فكتبتها في ساعات آخرها العاشرة ليلا من يوم الثلاثا العشرين من شهر جمادى الآخرة سنة 1416هـ بدارنا في قم المقدّسة

وكتب:
السيّد محمّد رضا الحسيني الجلالي غفر الله له ولوالديه
والحمد لله أوّلاً وآخراً وصلّى الله على محمد وآله


ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) «ويؤتى» ليس في (هد) .
(2) كتب على كلمة (عن): نسخة (بدر الدين) وهي ساقطة من (هد).
آخر تعديل بواسطة الموسوي في الأربعاء فبراير 22, 2006 2:59 pm، تم التعديل 3 مرات في المجمل.
لن تنالوا خيراً لا يناله أهلُ بيتِ نبيكم ولا أصبتم فضلاً إلا أصابوه (الامام زيد بن علي)

محمد الغيل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2745
اشترك في: الأحد إبريل 18, 2004 3:47 am
اتصال:

مشاركة بواسطة محمد الغيل »

مرحبا بعودة الاخ الفاضل المحقق السيد .....الموسوي

والشكر لكم موصول على أدراج مثل هكذا مواضيع مشكور أخي ولكم وللعلامة المنصف السيّد محمّد رضا الحسيني الجلالي اجمل تحية وفائق الاحترام !!
صورة
يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون
صورة

الداعي الى الحق
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 147
اشترك في: السبت يونيو 25, 2005 12:12 am
اتصال:

مشاركة بواسطة الداعي الى الحق »

مرحبا بالأخ الموسوي وإن شاء الله لايطول الغياب بعد هذا الموضوع :) :) :)
وحسبك من زيدٍ فخاراً وسؤدداً *
تُزاحم هامات النجوم مناكبُه
وكل مصاب نال آل محمـــــــدِ *
فليس سوى يوم السقيفة جالبُه
هذا اعتقادي ما حييت ومذهبي *
إذا اضطربت بالنا صبي مذاهبُه

الغزالى
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 60
اشترك في: الجمعة مارس 04, 2005 2:00 pm

مشاركة بواسطة الغزالى »

مرحبا بك اخى الموسوى
لا تحرمنا من مشاركاتك
الساكت عن الحق شيطان اخرس

الموسوي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 427
اشترك في: الجمعة ديسمبر 19, 2003 12:19 am

مشاركة بواسطة الموسوي »

السلام عليكم و رحمة الله
أشكر الإخوة المحترمين و تأمل أن أكون دائما عند حسن ظنّكم!

و في هذا المجال نقدّم لكم النص الثاني و هو كتاب الأماي الصغرى لإمام المؤيد بالله الهارني:


الأمالي

أبوالحسين المؤيّد بالله
أحمد بن الحسين بن هارون الحسينيّ الهاروني
(333 ـ 411 هـ)

اعداد
السيّد محمد رضا الحسيني الجلالي

تقديم :
الأمالي جمع «إملاء» وهو نوعٌ من طريقة السماع، الذي هو أوّل طرق التحمّل والأداء وأعلاها، ويتحقّق الإملاء بقراءة الشيخ وتحديثه مقارناً لكتابة التلميذ وضبطه للمسموع، وهو أفضل الطرق على الإطلاق عند المحدّثين لإحاطته بكلّ أدوات الحذر والضبط والأمن من السهو والغلط والتحريف، كما هو مشروح في كتب المصطلح ودراية الحديث.
وقد كانت الأمالي متداولةً في المجالس التي يعقدها العلماء في المناسبات والمواسم المعيّنة، أو مجالس الوعظ والإرشاد غالباً، وهي في الأكثر متنوّعة الأهداف والموضوعات من الكلام والفقه والتاريخ والأخلاق وأحوال القبر والقيامة والجنّة والنار، و غير ذلك من المواضيع والمعارف.
وهذه (الأمالي) نموذجٌ من ذلك، أملاها واحد من علماء أهل البيت(عليهم السلام) وهو : الإمام المؤيّد بالله، السيّد أحمد بن الحسين بن هارون، أبو الحسين الهاروني (333 ـ 411هـ ).
ولد في مدينة (آمل) الطبرية، وبها نشأ على والده الحسين بن هارون الإمامي المذهب(1) وابتدأ إماميّاً اثني عشريّاً وتفقّه على هذا المذهب، ثمّ انتقل إلى اليمن وجمع علوم أهلها الزيديّة وأسانيدهم، وأخذ من القاضي عبدالجبّار المعتزلي،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) (الأمالي الصغري) (ص8 ) .

وغيره من علماء عصره.
وتلمّذعليه جمع غفيرمنهم الموفّق بالله، والشريف مانكديم،والهوسمي، وغيرهم.
قام بالإمامة ، وبايعه أهل الجيل والديلم، وتغلّب على (هَوْسَم) ثمّ مكث في (آمُل) في جهاد طويل ، حتّى توفّاه الله يوم عرفة سنة (411هـ) .
وله قدمٌ راسخةٌ في العلوم الإسلاميّة ، حتّى أصبح من كبار العلماء والأُدباء والمفكّرين في عصره .
له مؤلّفات عديدة ، أهمّها :
(التجريد وشرحه) في الفقه، وهو من أشهر كتب الفقه عند الزيدية، وأهمّها حتّى اليوم(1) وهو مطبوعٌ في دار أُسامة بدمشق ، بالتصوير عن نسخة مخطوطة .
ترجم له : في (التحف شرح الزلف) ص85 والحدائق الوردية (2 / 65 ـ 87) وأعيان الشيعة (8 / 305) والنابس من طبقات أعلام الشيعة للطهراني (ص 15) .
وتوسّع في ترجمته العلاّمة المحقق الفاضل السيّد عبدالسلام الوجيه حفظه الله في مقدّمة (الأمالي الصغرى) وترجم له بتفصيل في (أعلام مؤلّفي الزيدية) (ص100 ـ103) برقم(72) .
النسخ المعتمدة :
كتبتُ نسخةً من هذا الكتاب ، عن نسخة ناولنيها العلاّمة الجليل الحجّة المجاهد الإمام السيّد بدر الدين بن أمير الدين الحوثي دام ظلّه الوارف ، عند لقائي به عام (1416هـ) فجعلتُها أصلا لهذه النشرة ، وحافظتُ على ما فيها من التعليقات التي كتبها السيّد ، مميّزاً لها باسمه الشريف (بدر الدين) .
واطّلعتُ(2) على وجود مطبوعة للأمالي ، قام بتحقيقها الفاضل المحقّق السيّد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أعلام المؤلّفين الزيدية (ص101) رقم 72.
(2) بمراجعة كتاب (تراث الزيدية) للسيّد علي موسوي نجاد، المطبوع في قم ـ عام (2005م).

عبدالسلام عباس الوجيه ، ونشرتْها دارُ التراث الإسلامي في صعدة ـ اليمن، عام (1414هـ) فاعتمدتُها ـ أيضاً ـ ورمزت اليها بـ«ط» .
وقد لفّقتُ بين النسختين ، وأشرت إلى الفوارق في الهوامش ، كما علّقت بما رأيتُه ضروريّاً ، تكميلا للعمل ، وتقريباً للهدف .
وأروي الكتاب بطرقي عن أئمّة اليمن:
بالإجازة من شيخي السيّد الأجلّ الفقيه المحدّث جامع المعقول والمنقول الإمام السيّد مجدالدين الحسني المؤيّدي (دام ظلّه) بطرقه المثبتة في «لوامع الأنوار» وفي «الجامعة المهمّة إلى كتب الأئمّة» وهما مطبوعان متداولان .
وبالإجازة من شيخي العلاّمة المحقّق المحدّث السيّد محمّد بن الحسين الجلال اليماني الصنعاني في ثبته الكبير «الأنوار السنيّة إلى أسانيد الأُمّة المحمّدية» .
ولم أتصدّ لتخريج الأحاديث ، لعدم توفّر الوقت اللازم لمثل ذلك العمل ، إذ تخريجها لابدّ أن يكون من المصادر التي تحتوي على الأحاديث من طريق أهل البيت(عليهم السلام)وبالأسانيد التي رواها الإمام المؤلّف ، وليس بما وجد في طرق غيرهم كما فعله المحقّق الوجيه في طبعته ، وإن كان عمله مفيداً للتأكيد على أنّ علوم آل محمّد صلوات الله عليهم لها أصالةً واتّصالً بمنابع الوحي ومخازن المعرفة .
والأمل أن يكون عملنا هذا نشراً للثقافة الإسلاميّة من أصفى مواردها ، ودعماً للمعرفة الحقّة بأصدق طرقها .
والله من وراء القصد ، ومنه التوفيق والتسديد . والحمد لله في الأُولى والآخرة ، وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى الأئمّة الأطهار من عترته الفاخرة الطاهرة .
حرّر في السابع عشر من رجب المرجّب سنة 1426هـ .
وَكَتَبَ السيّد محمّد رضا الحسيني الجلالي
كانَ اللهُ لَهُ

ربّ يسّر وأعِنْ ياكريم
أخبرنا الشيخ الأجل العالم الفاضل ، محيي الدين ، عمدة الموحّدين ، محمّد بن أحمد بن علي بن الوليد ، القرشي ، طوّل الله مدّته ، قراءةً عليه ، قال:
أخبرنا القاضي الأجل الإمام ، شمس الدين ، جمال الإسلام والمسلمين ، جعفر ابن أحمد بن عبدالسلام بن أبي يحيى ، أدام الله سعادته(1) قراءةً عليه ، قال:
أخبرنا (الإمام ، قطب الدين)(2) القاضي الأجل ، أحمد بن الحسن بن أحمد ، الكني ، أسعده الله ، قراءة عليه ، قال:
أخبرنا الشيخ الفقيه الإمام ، أبو علي ، الحسن بن علي بن أبي طالب ، الفِرزادي ، رحمه الله تعالى ، إجازةً .
والشيخ أبو رشيد بن عبدالحميد بن قاسوراء ، الرازي ، قراءة عليه .
والشيخ عبدالوهاب بن أبي العلاء بن معدوية ، السمّان ، قراءة عليه ـ أيضاً ـ في مدرسة شجاع الدين ، في ربيع الأوّل سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة .
قالوا: أخبرنا الأستاد الرئيس ، عليّ بن الحسين بن محمّد بن الحسين بن أحمد ابن الحسين بن مَرْدَك ، في الجامع العتيق بالريّ ، في ذي القعدة سنة ستّ وتسعين وأربعمائة ، بقراءته علينا ، قال:
حدّثنا والدي ، الحسين بن محمّد بن الحسين بن أحمد بن الحسين بن مَرْدَك ، في شوال سنة خمس وأربعين وأربعمائة ، قال:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كذا في نسخة وفي الأصل: رضوان الله عليه (بدر الدين).
(2) كتب (بدر الدين) على ما بين القوسين : نسخة.

أخبرنا أبو داود سليمان بن جاوك ، قال:
] 1 [ أخبرنا السيّد أبو الحسين ، أحمد بن الحسين بن هارون ، الهاروني ، رحمه الله تعالى ، قال:
أخبرنا أبو الحسين ، عبدالله بن سعيد ، البروجردي ، قال: حدّثنا أبو القاسم ، عبدالله بن محمّد بن عبدالعزيز ، البغوي ، قال: حدّثنا هُدْبَةُ بن خالد ، قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة ، عن أنس ، قال: حضرتِ الصلاة ، فقام جيرانُ المسجد إلى منازلهم ، وبقي ناسٌ من المهاجرين ، ما بينَ السبعين إلى الثمانين ، فدعا رسول الله(صلى الله عليه وآله)بعُسٍّ فيه ماءٌ ، ما هو بِملاْن ، فوضع يده اليمنى على العُسّ ، ثمّ جعل يصبّ عليهم ، ويقول: «تَوَضَّأُوا» حتّى توضّأوا أجمعين .
] 2 [ أخبرنا السيّد الإمام أبو الحسين الهاروني ، قال:
أخبرنا أبو الحسين ، عبدالله بن سعيد ، البروجردي ، قال: أخبرنا أبو القاسم البغوي ، قال: حدّثنا(1) أبو نصر التمّار] قال [: حدّثنا محمّد بن سلمة: عن حمّاد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، قال:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «لمّا خلق الله الجنّة قال: «ياجبريل ، اذهب فانظر إليها» فنظر إليها ; فقال: «لا يسمع بها أحد إلاّ دخلها» .
ثمّ حفّها بالمكارهِ ثمّ قال: «اذهب فانظر إليها» فنظر إليها ; فقال: «ياربّ لقد خشيتُ أن لا يدخلها أحد» .
قال: ولمّا خلق الله النار ، قال: «ياجبريل اذهب فانظر إليها» فنظر إليها ; فقال: «ياربّ وعزّتك لقد(2) خشيت أن لا يدخلها أحد» .
ثمّ حفّها بالشهوات ، ثمّ قال: «اذهب فانظر إليها» فنظر إليها ; فقال: «ياربّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في(ط) : «أخبرنا» .
(2) كتب (بدر الدين) في الهامش: «لا يسمع بها أحد يدخلها وحفّها».

وعزّتك لقد خشيت أن لا يبقى أحدٌ إلاّ دخلها» .
] 3 [ أخبرنا السيّد الإمام أبو الحسين الهاروني (رضي الله عنه) قال:
أخبرنا أبو الحسين البروجردي ، قال أخبرنا(1) أبو القاسم البغوي ، قال: حدّثنا هُدْبَة ، قال(2) حدّثنا همام ، عن قتادة ، عن أنس ، عن عبادة بن الصامت ، قال:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «مَنْ كَرِهَ لِقاءَ اللهِ كَرِهَ اللهُ لِقاءَهُ ، ومَن أَحَبَّ لِقاءَ اللهِ أَحَبَّ اللهُ لِقاءَهُ».
فقالت عائشة ـ أو بعض أزواجه ـ: يارسول الله ، فإنّا نكره الموتَ !
قال: «إنّه ليس بذاك ، ولكن المؤمنَ إذا حضرَهُ الموتُ بُشِّرَ بِرضوان الله وكرامته(3) فليس شيءٌ أحبَّ إليهِ مِمّا أَمامَهُ ; فأَحَبَّ لِقاءَ اللهِ وأَحَبَّ اللهُ لِقاءَهُ ، والكافِرُ إِذا حضرَهُ الموتُ بُشِّرَ بِسَخَطِ اللهِ وعُقُوبَتِهِ ; فليسَ شيءٌ أَكْرَهَ إِليهِ مِمّا أَمامَهُ ، فَكَرِهَ لِقاءَ اللهِ ، وكَرِهَ اللهُ لِقاءَهُ» .
] 4 [ أخبرنا السيّد الإمام أبو الحسين الهاروني قدّس الله روحه قال:
أخبرنا أبو نصر منصور بن محمّد بن منصور ، الصوفي الروياني ، قال :
أخبرنا(4) أبو الحسن علي بن عبدالله الخِرْزِي ، المعروف بابن ساسان ، قال: حدّثنا أبو جعفر ، عبدالغني بن رفاعة بن أبي عقيل ، قال(5) : حدّثنا يَغْنَم بن سالم ابن قنبر ، مولى عليّ (عليه السلام) عن أنس بن مالك: إنّ آدم لمّا نَزَلَ إلى الأرضِ أَمَرَهُ اللهُ أنْ يُصلّيَ عندَ الرُكنِ اليمانيّ ، فلمّا فَرَغَ من صلاتهِ قال : «اللهمّ إنّي أَسألُكَ إِيماناً يُباشِرُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في نسخة: حدّثنا(بدر الدين).
(2) كتب (بدر الدين) على كلمة «قال»: نسخة .
(3) كذا في (ط) وكان في (بدر الدين): برضوان وكرامة .
(4) «حدّثنا» عن نسخة (بدر الدين) .
(5) كتب (بدر الدين ) على «قال» : نسخة .

قلبي ، ويَقِيناً(1) حتّى أَعْلَمَ أَنّهُ لا يُصِيُبني إِلاّ ما كَتَبْتَ عَليَّ ، ورِضاً بِما قَسَمْتَ لِي» .
] 5 [ أخبرنا الشريف الهاروني قدّس الله روحه ، قال:
حدّثنا أبو نصر ، منصور بن محمّد الروياني ، قال: حدّثني أبو الحسن ، عليّ بن عبدالله الخَرْزي ، قال: أخبرنا(2) عبدالغني ، عن يغنَم ، عن أنس :
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: «مَنْ قَرَأَ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) ثلاثينَ مَرَّةً ، كَتَبَ اللهُ لهُ بَراءَةً مِن النارِ ، وأَماناً يومَ القيامَةِ(3) من الفَزَعِ الأَكْبَرِ» .
] 6 [ أخبرنا السيّد الإمام أبو الحسين الهاروني ، قال:
أخبرنا أبو نصر الروياني ، قال: حدّثنا أبو الحسن الخرزي ، قال: حدّثنا عبدالغني ، قال: حدّثنا يَغْنَم ، عن أنس :
عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: «مَن كانَ في قلبهِ مثقالُ حبّة من خَرْدَل عداوةً لي ولأهلِ بيتي ، فليسَ من اللهِ ، ولا من رسولهِ في شيء» .
] 7 [ أخبرنا أبو نصر الروياني ، قال: حدّثنا أبو الحسن الخرْزي ، قال: حدّثنا عبدالغني ، قال: حدّثنا يَغْنَم ، عن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب ، عن عليّ(عليهم السلام) قال:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «مَنْ صلّى ركعتينِ يَقْرَأُ في إحداهما من الفُرقانِ من الآيات: (تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجاً) ]سورة الفرقان :61[ حتّى يختمَ السورةَ ، وفي الركعة الثانيةِ من أوّل سورة المؤمنين حتّى يبلغَ : (فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) ]سورة المؤمنون :14[ ثمّ يقولُ في كلّ ركعة : «سُبحانَ اللهِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) زاد في(ط) : صادقاً .
(2) (حدّثنا) عن نسخة.
(3) «يوم القيامة» لم ترد في (ط) .

العظيمِ وبِحمدِهِ» ثلاثَ مرّات ، ومثل ذلك: «سُبحانَ(1) ربيَ الأعلى» في السجود ; أعطاهُ اللهُ عشرينَ خصلةً :
(1) فيؤمَنُ من شرّ الإنسِ .
(2) والجِنِّ .
(3) ويُعطيه اللهُ كتابَهُ بِيَمِينِهِ يومَ القِيامَةِ .
(4) ويؤمَنُ بِهِ مِن عذابِ القبرِ .
(5) ومن الفَزَعِ الأَكبرِ .
(6) ويُعلّمهُ اللهُ الكتابِ ; وإنْ لم يكنْ حريصاً عليهِ .
(7) ويَنْزِعُ مِنه الفَقْرَ .
(8 ) ويُذْهِبُ عنه همَّ الدُنْيا .
(9) ويُؤْتِيهِ اللهُ الحكمةَ(2) .
(10) ويُبصّرِهُ كتابَهُ الذي أَنْزَلَ على نَبِيّهِ .
(11) ويُلقّنُهُ حُجّتَهُ يومَ القِيامَةِ .
(12) ويَجعلُ النورَ في قلبِهِ .
(13) ولا يحزنُ إِذا حَزَنَ الناسُ .
(14) ولا يَخافُ إِذا خافُوا .
(15) ويَجعلُ النورَ في بَصَرِهِ .
(16) ويَنزِعُ حُبَّ الدُنيا من قلبِهِ .
(17) ويُكتَبُ عندَ اللهِ من الصالحين(3) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كتب (بدر الدين) في الهامش: روايته (عليه السلام) في شرح التجريد «سبحان اللهِ الأعلى وبحمده» فاعرف ذلك إن شاء ، تمّت.
(2) في نسخة «الحكم».
(3) في نسخة «الصديقين» بدل الصالحين (بدر الدين) ويلاحظ أنّ الخصال لم تبلغ العشرين .

] 8 [ أخبرنا أبو نصر منصور بن محمّد الروياني ، قال: حدّثنا أبو الحسن الخَرْزي ، قال: أخبرنا(1) أبو جعفر عبدالغني بن رفاعة ، عن يَغْنَم بن سالم بن قنبر مولى علي (عليه السلام) عن أنس بن مالك ، قال:
كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: «صلاةُ ما بينِ الظُهرِ إِلى العَصْرِ ، وما بينَ المَغرِبِ إِلى العِشاءِ ، تعدِلُ عندَ اللهِ قِيامَ لَيلة» .
] 9 [ أخبرنا أبو نصر منصور ، قال حدّثنا الخَرْزي ، قال: حدّثنا عبدالغني ، عن يَغْنَم بن سالم ، عن أنس بن مالك ، قال:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «لَقِّنُوا مَوتاكُمْ شَهادَةَ «أنْ لا إِلهَ إِلاّ اللهُ» فإنّها تَهْدِمُ الخَطايا».
فقالوا: كيف هي للأحياء ؟.
فقال (صلى الله عليه وآله): «فَهي أَهْدَمُ وأَهْدَمُ» .
وقال (صلى الله عليه وآله): «داوُوا مَرْضاكُمْ بِالصَدَقَةِ ، و ادْفَعُوا أَنْواعَ البَلاءِ بِالدُعاءِ» .
] 10 [ أخبرنا(2) إِلكيَا سليمان بن جَاوُك ، قال: أخبرنا الشريف أبو الحسين الهاروني رحمه الله تعالى ، قال:
قال(3) أبو نصر ، منصور بن محمّد الروياني ، قال حدّثنا أبو الحسن ، علي بن عبدالله الخرْزي ، قال حدّثنا عبدالغني ، قال حدّثنا يغنم بن سالم(4) عن أنس بن مالك ، قال: وضع النبيّ(صلى الله عليه وآله) قدمَهُ على أوّلِ مِرْقاةِ المِنْبَرِ ، فَجاءَه جِبْرِيلُ (عليه السلام) فقال له(5): «رَبُّكَ يقرؤكَ السلامَ» .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في نسخة «حدّثنا» (بدر الدين).
(2) في نسخة: حدّثنا.
(3) على كلمة «قال» في المواضع كلّها علمة نسخة (بدرالدين) .
(4) لم يذكر السند في(ط) وإنّما قال: «عن أنس» .
(5) «له» من (ط) وفيه «رسول الله» بدل «النبيّ» في الموضعين .

فقال: «هُوَ السلامُ ، ومِنْهُ السلامُ ، وإِليْهِ السلامُ» .
فقال: «يامحمّد ، مَنْ ذُكِرْتَ عندَهُ فلمْ يُصَلِّ عليكَ فلمْ يُغْفَرْ لهُ ، فَدَخَلَ النارَ ، فَأَبْعَدَهُ اللهُ».
فقال النبيّ(صلى الله عليه وآله) : «آمِيْن» .
قال جبريل: «ومَن أَدْرَكَ أَحَدَ والدَيْهِ أو كِلاهُما(1) فَماتَ فَلَمْ يُغْفَرْ لهُ ، فَدَخَلَ النارَ ، فَأَبْعَدَهُ اللهُ».
قال النبيّ (صلى الله عليه وآله): «آمِيْن» .
] 11 [ أخبرنا أبو نصر الروياني ، قال: حدّثنا الخرزي ، قال: حدّثنا عبدالغني قال: أخبرنا(2) يغنم ، عن عبدالله بن الحسن(3) (عليه السلام) قال:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم غَدِيرِ خُمٍّ : «أَلَيْسَ اللهُ عَزَّوجَلَّ يقولُ : (النَّبِىُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُو الاَْرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض)؟» .
قالوا: بلى ، يارسول الله .
قال : فأَخَذَ بِيَدِ عليٍّ فَرَفَعَها حتّى رُئِيَ بَياضُ إِبْطَيْهِما ، فقالَ : «مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَعَلِيٌّ مولاه ، اللهمّ والِ مَنْ والاهُ وعادِ مَنْ عْاداهُ ، وانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ» .
فأتاهُ الناسُ يُهَنِّؤُنَهُ ، فقالُوا: هَنِيئاً لَكَ ، يابنَ أَبِي طالِب ; أَمْسَيْتَ مَولى كلِّ مُؤْمِن ومُؤْمِنَة(4).
] 12 [ أخبرنا أبو نصر ، قال(5): حدّثنا عليّ ، قال: حدّثنا عبدالغنيّ ، قال:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في الهامش: كذا «كلاهما».
(2) في نسخة: حدّثنا.
(3) أضاف في (ط): «بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب» ولاحظ سند الحديث (7) .
(4) «ومؤمنة» من (ط) .
(5) على كلمة (قال) علامة نسخة ، في المواضع كلّها.

حدّثنا يَغْنَم ، عن أنس :
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: «طُوبى ثُمَّ طُوبى لإِخْوانِي» .
قالوا: أوَ لَسنا إِخوانَكَ ؟
قال: «أَنْتُم أَصْحابي ، رأيتموني وآمنتم بي ، وإِخواني آمَنُوا بِي ولمْ يَرَوْني» .
] 13 [ أخبرنا السيّد الإمام أبو الحسين الهاروني قدّس الله روحه ، قال:
أخبرنا أبو عبدالله ، محمّد بن عثمان النقّاش ، قال: حدّثنا(1) الناصر للحقّ ، الحسن بن عليّ (عليهما السلام) عن محمّد بن منصور المرادي ، قال : حدّثنا(2) أبو الطاهر العلوي ، قال : حدّثني(3) أبي ، عن أبيه ، عن جدّه(4) عن عليّ(عليهم السلام) قال :
قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «خَلِّلُوا أَصابِعَكُم(5) قَبْلَ أَنْ تُخَلَّلَ بِالنارَ» .
] 14 [ أخبرنا السيّد أبو الحسين الهاروني قدّس الله روحه :
أخبرنا أبو عبدالله(6) قال: أخبرنا(7) الناصر للحقّ (عليه السلام) عن محمّد بن منصور ، عن الحكم بن(8) سليمان ، عن عُمَر بن حفص ، عن أبي غالب ، عن أبي أُمامة ، قال:
قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «إِذا قَرَّبَ الرَجُلُ وَضُوءَهُ فَغَسَلَ كَفَّهُ ; كَفَّرَ اللهُ عَنْهُ ما عَمِلَتْ يداهُ ، فإِذا هُوَ تَمَضْمَضَ واسْتَنْشَقَ ; كَفَّرَ اللهُ عنهُ ما نَطَقَ بِهِ لِسانُهُ ، فاِذا غَسَلَ وَجْهَهُ ; كَفَّرَ اللهُ عنهُ ما نَظَرَتْ إِليهِ عَيْناهُ ، فإِذا هُوَ مَسَحَ بِرَأْسِهِ وأُذَنَيهِ ;كَفَّرَاللهُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في(ط) : أخبرنا .
(2) على كلمة (قال) علامة نسخة ، في المواضع كلّها(بدر الدين) وفي(ط) أخبرنا .
(3) على كلمة (قال) علامة نسخة ، في المواضع كلّها (بدر الدين)وفي (ط) حدّثنا .
(4) علّق على هذا الموضع: هذا السند على شرط الصحيح المختار(بدر الدين) .
(5) رواه الهادي في الأحكام (1 / 55) وزاد: بالماء .
(6) في الهامش: أي محمّد بن عثمان النقّاش. تمّت (بدر الدين) .
(7) على (قال) نسخة ، وبدل أخبرنا (حدّثنا) عن نسخة (بدر الدين) .
(8 ) كان في الأصل«عن سليمان عن عمرو» وكتب فوقه (بن) بدل «عن» وعلّق : «الظاهر «الحكم بن سليمان عن عمربن حفص» كما في الأمالي» (بدر الدين) وما أثبتنا هو في (ط) .

عنه ما سَمِعَتْهُ أُذُناهُ ، فإِذا هُوَ غَسَلَ رِجْلَيهِ ; كَفَّرَ اللهُ عنهُ ما مَشَتْ بِهِ(1) رِجلاهُ» .
] 15 [ أخبرنا أبو عبدالله(2): حدّثنا(3) الناصر (عليه السلام): حدّثنا(4) محمّد بن منصور ، عن داود بن سليمان الأسدي ، قال: أخبرنا شيخٌ من أهل البَصْرَةِ ، يكنّى أبا الحسن ، عن أُصيرم بن حوشب ، عن عمر]و[(5)بن قرّة(6) عن أبي جعفر المرادي(7) ، عن محمّد بن الحنفيّة ، قال :
دخلتُ على والِدِي ; عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) فإِذا عَن يَمِينِهِ إِناءٌ مِن ماء ، فَسَمَّى ، ثُمَّ سَكَبَ على يَمِينِهِ ، ثُمَّ اسْتَنْجى ، فقالَ: «اللهمّ حَصِّنْ فَرْجِي واسْتُرْ عَوْرَتِي ولاتُشْمِتْ بِيَ الأعداءَ» .
ثُمَّ تَمَضْمَضَ واسْتَنْشَقَ ، فقالَ: «اللهمّ لقّني حُجّتي ولا تحرمني رائحة الجنّة» ثُمَّ غسل وجهه فقال: «اللهمّ بَيِّضْ ]وَجْهِي[ يومَ تَسْوَدُّ الوُجُوهُ ، ولا تُسَوِّدْ وَجْهِي يومَ تَبْيَضُّ الوُجُوهُ» .
ثُمَّ سَكَبَ على يَمِينهِ ، فقالَ: «اللهمّ أَعْطِنِي كِتابِي بِيَمِيْنِي والخُلْدَ بِشِمالِي» .
ثُمَّ سَكَبَ على يَسارِهِ ، فقالَ: «اللهمّ لا تُعْطِنِي كِتابِي بِشِمالِي ولا تَجْعَلْها مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِي» .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في نسخة «إليه» وكتب في الهامش «في الأم: مشيته وأظنّه غلطاً»(بدر الدين) .
(2) أي محمّد بن عثمان النقّاش.(بدر الدين) وهو الصواب ، وفي(ط): محمّد بن عبد الله .
(3) في(ط): أخبرنا .
(4) في نسخة (عن) بدل (حدّثنا)(بدر الدين) .
(5) كتب الواو في الهامش ، وبجانبه: ط نسخة ، ولعلّه استظهار من نسخة (بدر الدين) .
(6) كتب السيد بدر الدين ما نصّه : في هامش النسخة هكذا (قرّة) هنا وفي شرح التجريد ، وقد صلح على شرح التجريد (قمرة) وفي أمالي أحمد بن عيسى (مرّة ـ نسخة ـ قرّة) فبهذا يترجّح أنّ الصواب ما هنا ، وهو الأصل ، فلا يحرّف ، والله أعلم ، تمّت (بدر الدين) .
(7) في (ط):«الرازي» بدل «المرادي» .

ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ ، فقالَ: «اللهمّ غَشِّنا(1) رَحْمَتَكَ فإِنّا نَخْشى عَذابَكَ ، اللهمّ لا تَجْمَعْ بَيْنَ نَواصِيْنا وأَقْدامِنا» .
ثُمَّ مَسَحَ عُنُقَهُ ، فقالَ: «اللهمّ نَجِّنا مِن مُقَطَّعاتِ النِيْرانِ وأَغْلالِها» .
ثُمَّ مَسَحَ قَدَمَيْهِ(2) فقالَ: «اللهمّ ثَبِّتْ قَدَمَيَّ على الصِراطِ يومَ تَزِلُّ الأَقْدامُ» .
ثُمَّ اسْتَوى قائِماً ، فقالَ: «اللهمّ كَما(3) طَهَّرْتَنا مِن النَجَسِ فَطَهِّرْنا مِن الذُنُوبِ» .
ثُمَّ قالَ بِيَدِهِ هكَذا: فَقَطَّرَ(4) الماءَ مِن أَنامِلِهِ .
ثُمَّ قالَ: «يابُنيَّ ، افْعَلْ كَفِعالِي هَكَذا ، فإِنّهُ ما مِن قَطْرَة تَقْطُرُ مِن أَنامِلِكَ إِلاّ خَلَقَ اللهُ مِنها مَلَكاً يَسْتَغْفِرُ لَكَ إِلى يومِ القِيامَةِ ، ويَكُونُ ثَوابُ تَسبِيحِ ذلِكَ المَلَكِ لَكَ إِلى يومِ القِيامَةِ .
يابُنيَّ ، إِنّهُ مَنْ فَعَلَ كَفِعالِي هذِي تَساقَطَ عَنهُ الذُنُوبُ كَما تَساقَطُ الوَرَقُ عَن الشَجَرِ فِي اليومِ(5) العاصِفِ» .
] 16 [ حدّثنا الكِيَا ، أبو داود ، سليمان بن جاوُك ، قال: أخبرنا السيّد الإمام أبو الحسين أحمد بن الحسين بن هارون الحسني قدّس الله روحه ، قال :
أخبرنا أبو عبدالله ، محمّد بن عثمان النقّاش ، قال: حدّثنا الناصر للحقّ ، الحسن بن علي ، عن محمّد بن منصور المرادي ، عن عبّاد بن يعقوب ، عن إبراهيم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في (ط): غشّني .
(2) علّق السيّد بدر الدين هنا : «هكذا هو في نسخة قديمة ، كما في الأُمّ: «مسح قدميه» وهكذا ذكره السيّد محمّد بن إبراهيم بن عليّ بن المرتضى عن هذه الأمالي ، تمّت بخطّه ، تمّت كما وجدت» (بدر الدين) .
(3) في(ط): فكما .
(4) كتب «يقطّر» عن نسخة ، والمراد ـ ظاهراً ـ أنّه عصر يداً بالأُخرى كي ينزل ما تبقى ما فيها من الماء ، أو نفض يديه من الماء (بدر الدين) وفي (ط): يقطّر .
(5) في نسخة: في يوم الريح. (بدر الدين) .

ابن أبي يحيى ، عن محمّد بن المنكدر(1) عن ابن عبّاس ،
عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال: «مَنْ ماتَ وَهُوَ مُدْمِنُ الخَمْرِ لَقِيَ اللهَ وَهُوَ كَعابِدِ وَثَن» .
] 17 [ أخبرنا محمّد بن عثمان النقّاش ، قال: حدّثنا الناصر للحقّ ، الحسن بن عليّ (عليه السلام) عن محمّد بن منصور ، عن عبّاد بن يعقوب ، عن إبراهيم بن أبي يحيى ، عن صفوان بن سليم ، قال:
كان الحسنُ والحسينُ (عليهما السلام) عندَ النبيّ (صلى الله عليه وآله) في ليلة مُظلِمة ; فقال النبي (صلى الله عليه وآله): «اذْهَبا إِلى أُمِّكُما» .
قال: فبعثَ اللهُ لَهما بَرْقةً مَشَيا فِي ضَوْئِها حتّى أَتَيا أُمَّهُما ، قالَ رسولُ الله (صلى الله عليه وآله): «الحمدُ للهِ الذي أَنْعَمَ على مُحمّد وآلِهِ ، إِنَّ اللهَ إِنَّما بَعَثَ هذهِ البَرْقَةَ لَهُما» .
] 18 [ وبهذا الإسناد إلى الناصرِ للحقّ ، عن محمّد بن منصور ، عن عليّ بن الحسن بن عليّ الحسيني ـ والدِ الناصرِ ـ عن إبراهيم بن رجاء الشيباني ، قال: قيلِ لِجعفر بن محمّد: ما أرادَ رسولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله) بِقولهِ لِعليٍّ يومَ الغديرِ: «مَنْ كُنْتُ مَولاهُ فَعَلِيٌّ مَولاهُ اللهمَّ والِ مَنْ والاهُ وعادِ مَنْ عاداهُ» ؟
قال: فاستوى جعفرُ بنُ محمّد قاعِداً ، ثمّ قالَ: سُئِلَ عنها رسولُ الله (صلى الله عليه وآله) فقالَ: «اللهُ مَولايَ أَوْلَى بِيَ مِن نَفْسِي لا أَمْرَ لِي مَعَهُ ، وأَنَا مَوْلَى المُؤْمِنِينَ أَوْلَى بِهِمْ مِن أَنْفُسِهَمْ لا أَمْرَ لَهُمْ مَعِيَ ، ومَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ أَوْلَى بِهِ مِن نَفْسِهِ لا أَمْرَ لَهُ مَعِيَ ، فَعَلِيٌّ مَوْلاهُ أَوْلَى بِهِ مِن نَفْسِهِ لا أَمْرَ لَهُ مَعَهُ» .
] 19 [ وبهذا الإسناد عن محمّد بن منصور ، عن عليّ بن الحسن الحسينيّ ، عن عليّ بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمّد ، قال:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «مَنْ أَسْبَغَ وُضُوءَهُ وأَحْسَنَ صَلاتَهُ ، وأَدَّى زَكاةَ مالِهِ ، وخَزَنَ لِسانَهُ ، وكَفَّ غَضَبَهُ ، وأَدَّى النَصِيْحَةَ لأهْلِ بَيْتِ رَسُولِ اللهِ(صلى الله عليه وآله) فَقَد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في هذا السند «محمّد بن المنكدر» مشكل فينظر فيه ، وبقية السند مصحّح (بدر الدين) .

اسْتَكْمَلَ حَقائِقَ الإِيْمانِ وأَبْوابُ الجَنَّةِ مُفَتَّحَةٌ لَهُ»(1) .
] 20 [ أخبرنا السيّد الإمام أبو الحسين الهاروني ، قال:
أخبرنا أبو محمّد ، الحسن بن محمّد بن يحيى الحسيني ، ببغداد ، قال: حدّثني جدّي أبو الحسين ، يحيى بن الحسن قال: حدّثني أبو مصعب ، أحمد بن أبي بكر ، قال: حدّثنا يوسف بن الماجِشون ، عن محمّد بن المنكدر ، قال: سمعتُ سعيد بن المسيّب يقول: سألتُ سعد بن أبي وقّاص ، قال(2):
سمعتَ من (3)رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول لعليّ : «أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هارُوْنَ مِنْ مُوْسى إِلاّ أَنَّهُ لَيْسَ مَعِيَ نَبِيٌّ ؟» .
قالَ: فأَدْخَلَ إِصْبَعيهِ فِي أُذُنَيْهِ ، فقال: «نَعَمْ ، وإِلاّ فاسْتكَّتا» .
] 21 [ أخبرنا أبو محمّد ، الحسن بن محمّد بن يحيى الحسيني ، قال: حدّثني جدّي يحيى بن الحسن ، قال: حدّثنا إبراهيم بن عليّ ، والحسن بن يحيى ، قالا : حدّثنا نصر بن مزاحم ، عن أبي خالد ، عن زيد بن عليّ(عن أبيه ، عن جدّه)(4):
عن عليّ (عليه السلام) قال: «كانَ لِي عَشْرٌ مِن رَسُولِ اللهِ(صلى الله عليه وآله) لم يُعْطَهُنّ أَحَدٌ قَبلِي ولا يُعْطاهُنَّ أَحَدٌ بَعْدِي ، قالَ : قالَ لِي :
«أَنْتَ أَخِي فِي الدُنْيا .
و أَخِي(5) فِي الآخِرَةِ .
و أَنْتَ أَقْرَبُ الناسِ مِنِّي مَوْقِفاً يومَ القِيامَةِ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) قال في الهامش: وقد رواه الناصر (عليه السلام) في البساط (بدر الدين) .
(2) كذا في الأصل ، وفوقها «قلتَ» ظاهراً (بدر الدين) .
(3) «من» لم ترد في (ط) .
(4) ما بين القوسين من (ط) .
(5) «أخي» لم ترد في (ط) .

و مَنْزِلِي ومَنْزِلُكَ فِي الجَنَّةِ مُتَواجِهَيْنِ(1) كَمَنْزِلِ الأَخَوَيْنِ .
و أَنْتَ الوَصِيُّ .
و أَنْتَ الوَلِيُّ .
و أَنْتَ الوَزِيْرُ .
عَدُوُّكَ عَدُوِّي ، و عَدُوِّي عَدُوُّ اللهِ .
و وَلِيُّكَ وَلِيِّي ، و وَلِيِّي وَلِيُّ اللهِ»(2) .
] 22 [ أخبرنا أبو سعيد ، عبدالرحمن بن محمّد الأبهري ، قال: أخبرنا أبوالحسين ، محمّد بن علي بن الحسين بن أبي الحديد ، الفقيه الصدفي ، بمصر ، أخبرنا يونس بن عبدالأعلى الصدفي ، قال: حدّثنا أنس بن عياض ، عن أبي مَعْشر ، عن عمر بن قيس ، قال:
قدم رسول الله (صلى الله عليه وآله) من غزوة(3) وكانت فاطمةُ(عليها السلام) قد جعلتْ لِقُدُومِ أَبِيها وزَوْجِها سِوارَيْنِ مِن فِضّة وقُرْطيْنِ(4) وقِلادَةً وسَتْراً على الباب عَباءةً ، وكانَ رسولُ الله (صلى الله عليه وآله) إذا قَدِمَ مِن سَفَر بَدَأَ فَدَخَلَ عَليها ، فَيُطِيلُ المَكْثَ عِندها ، فقامَ عَلى البابِ ، فلمّا رآها انْصَرَفَ عَنها وتَرَكَها .
قال: وأصحابُهُ يَنْتَظِرُونَهُ حتّى يخرُجَ ، ( ولا يدرونَ يَنصرِفُونَ أو يَنْتَظِرُونَهُ حتّى يخرجَ لِطُولِ مَكْثِهِ عِندَها)(5) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) علّق: لعلّ وجه النصب أن يكون حالا ، ويكون خبر المبتدأ «في الجنّة» تمّت(بدر الدين)وفي (ط): متواجهان .
(2) علّق هنا: سقطت واحدةٌ ، تمّت كما وجدتُ ، وعلّق أيضاً: وهي في (أمالي أبي طالب (عليه السلام):) «وأنت صاحب لوائي في الدنيا والآخرة» تمّت (بدر الدين).
(3) في نسخة : غُزاة (بدر الدين) .
(4) كتب (بدر الدين) في الهامش : «دليل على أنّ تقريط الأُذن وتثقيبها مشروع ، فإنّها (عليها السلام) لم تتّخذ القرطين إلاّ وهي ذات أثقاب في أُذنيها». تمّت من حاشية الأُمّ.
(5) ما بين القوسين ساقطٌ من (ط) .

قال: فخرجَ عليهم ، وهم يعرفون الغَضَبَ فِي وَجْهِهِ حتّى جَلَسَ على المِنْبَرِ .
وفطنت فاطمة(1) (عليها السلام) ممّا صَنع (2) فَنَزَعَتْ سِوارَيْها وقَرْطَيْها وقِلادَتَها والعَباءَةَ التي على بابها ، وأرسلتْ بها إليهِ (صلى الله عليه وآله) وقالت: «تَقْرَأُ عليكَ بِنتُكَ السلامَ وتقولُ:«قدْ جَعَلَتُ هذا في سَبِيلِ اللهِ ، فَلْيَضَعْهُ رسولُ اللهِ حيثُ شاءَ» .
قالَ:فقالَ النبيّ(صلى الله عليه وآله): «فِداهاأَبُوها» ثلاث مرّات ـ «ليست الدنيا» ـ ثلاث مرّات ـ «مِن مُحَمّد ولا لآلِ(3) محمّد ، والذي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ كانَت الدُنيا تَعْدِلُ عندَ اللهِ عزّوجلّ مِن الخَيْرِ جَناحَ بَعُوْضَة ما أَعْطَى الكافِرَ(4) شيئاً أَبَداً» ثمّ قامَ فَدَخَلَ عَليها.
] 23 [ أخبرنا(5) السيّد الإمام أبو الحسين ، أحمد بن الحسين بن هارون الحسني قال :
أخبرنا أبو سعيد ، عبدالرحمن بن محمّد الأبهري ، قال: أخبرنا أبو بكر ، محمّد ابن بشر بن عبدالله الزبيري ، قراءةً عليه ، قال: حدّثنا بحر بن نصر بن سابق الخولاني ، قال: حدّثنا ابن وهب ، قال: أخبرني يحيى بن عبدالله ، عن عُمَر(6) مولى المطّلب ، عن عاصم ، عن محمود بن لَبيد ،
أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: «اثنَتانِ يَكْرَهَهُما ابنُ آدَم: يَكْرَهُ الموتَ ، والموتُ خَيْرٌ لِلمُؤمِنِ من الفِتْنَةِ ، ويَكْرَهُ قِلَّةَ المالِ ، وقِلَّةُ المالِ أَقَلُّ لِلحِسابِ».
] 24 [ أخبرنا عبدالرحمن بن محمّد ، قال(7): أخبرنا محمّد بن بشر بن عبدالله ،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الاسم في (ط) .
(2) في(ط): «فعل» بدل «صنع» .
(3) في (ط): ولا وآل .
(4) في (ط): لكافر .
(5) في نسخة «حدّثنا».
(6) كذا مضبوطاً وفي(ط): عمرو .
(7) قال ، في نسخة (بدر الدين).

قال: حدّثنا بحر بن نصر ، (قال: حدّثنا ابن وهب)(1) قال: حدّثنا أبو معاوية ، عن
أبي الزاهرية ـ رفعه إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال: «ما مِن يوم إِلاّ ومُناد يُنادِي: أَيُّها الناسُ مَهْلا ، فإِنَّ للهِ عزَّوجلَّ سَطَوات وبَسَطات ، ولَكُمْ قُرُوحٌ دامِياتٌ ، ولَوْلا رِجالٌ خُشَّعٌ ، وصِبْيانٌ رُضَّعٌ ، ودَوابٌّ رُتّعٌ ، لَصَبَّ (2) عَليكُم العذابَ صَبّاً ، ثُمَّ رَضّكُمْ بِهِ رَضّاً» .
] 25 [ حدّثنا إِلْكِيَا أبو داود ، سليمان بن جاوُك ، قال: حدّثنا السيّد الإمام أبو الحسين ، أحمد بن الحسين بن هارون الحسني ، قال:
حدّثنا القاضي أبو الفضل ، زيد بن علي الزَبريّ (3)أبو الفضل(4) النجّار ، قراءةً عليه ، قال: حدّثنا أبو محمّد ، عبدالله بن بشر بن مُجالد بن نصر البجلي ، قال: أخبرنا أبو العباس ، أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة الكوفي ، قال: حدّثنا مَرثد بن الحسن ابن مَرْثد بن باكر ، أبو الحسن الكاهلي ، الطبيب ، قال: حدّثنا خالد بن يزيد الطبيب ، قال: أخبرنا كامل بن العلاء ، قال: أخبرنا جابر بن زيد(5) عن عامر بن واثلة ، قال: كنتُ على البابِ ـ يومَ الشُورَى ـ إِذْ دَخَلَ عليّ (عليه السلام) وأهلُ الشُورَى ، وحَضَرَهُم عبدُالله بنُ عُمَر ، فسمعتُ عليّاً (عليه السلام) يقول: «بايَعَ الناسُ أبا بكر فسمعتُ وأطعتُ ، ثمّ بايَعُوا عُمَرَ فسمعتُ وأطعتُ ، ويُرِيدونَ أنْ يُبايعوا(6) عُثمانَ إِذَنْ أَسْمَعُ وأُطِيعُ ، ولكنّي مُحْتَجٌّ عليكُم:
[1] أَنْشُدُكُمُ اللهَ ، هَلْ تعلمونَ فِيكُمْ مِن أَحَد أَحَقَّ بِرَسُول اللهِ مِنّي؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ما بين القوسين ساقط من (ط) وفيه «أخبرنا» بدل: «حدّثنا» في الموضعين .
(2) في (ط): لصب الله .
(3) كذا في الأصل ، وقد طبعها في (ط): «الزيدي» ثمّ قال في معجم رجاله : الزبيري أو الزيدي .
(4) كذا تكرّرت الكنية (بدر الدين).
(5) كذا في(ط) وكان في(بدر): يزيد .
(6) في(ط): وتريدون أن تبايعوا .

قالوا: اللهمَّ ، لا .
[2] قال: أَنْشُدُكُمْ بِاللهِ ، هَلْ فِيكُمْ مِن أَحَد(1) لَهُ عَمٌّ مِثلُ عَمِّي حَمْزَةَ أَسَدِ اللهِ وعَمِّ رسولِهِ وسَيِّدِ الشُهداءِ ؟
قالوا: اللهمّ ، لا.
[3] قال: أَنْشُدُكُمْ بِاللهِ ، هَلْ فِيكُمْ مِن أَحَد لَهُ أَخٌ كَأَخِي جَعْفَر لَهُ جَناحانِ أَخْضَرانِ يَطِيْرُ بِهِما مَعَ الملائِكَةِ ؟ .
قالوا: اللهمّ ، لا.
[4] قال: فأَنْشُدُكُمْ بِاللهِ ، هَلْ (2)مِن أَحَد تَعْلَمُونَ لَهُ زَوْجَةً مِثْلَ زَوْجَتِي فاطِمةَ سَيِّدَةِ نِساءِ أَهْلِ الجَنَّةِ ؟
قالوا: اللهمّ ، لا.
[5] قال: فأَنْشُدُكُمْ بِاللهِ ، وبِحَقِّ نَبِيِّكُمْ (صلى الله عليه وآله) هَلْ فِيكُمْ مِن أَحَد لَهُ سِبْطانِ مِثْلُ سَبْطَيَّ الحسنِ والحسينِ سَيّدَي شَبابِ أَهْلِ الجَنَّةِ إِلاّ ابنَي الخالَةِ ؟
قالوا: اللهمّ لا نعلمُهُ.
[6] قال: أَنْشُدُكُمْ بِاللهِ ، وبِحَقِّ نَبِيِّكُمْ ، هَلْ فِيكُمْ مِن أَحَد وَحَّدَ اللهَ قَبْلِي؟
قالوا: اللهمّ ، لا نعلمه.
[7] قال: فأَسْأَلُكُم بِاللهِ وبِحَقِّ نَبِيِّكُمْ ، أَيُّها النَفَرُ(3) هَلْ فِيكُمْ مِن أَحَد صَلَّى القِبْلَتَيْنِ جميعاً(4) غَيْرِي ؟
قالوا: اللهمّ ، لا نعلمُه.
[8] قال: أَنْشُدُكُمْ بِاللهِ ، وبِحَقِّ نَبِيِّكُمْ ، هَلْ فِيكُمْ مِن أَحَد نَصَرَ أَبُوهُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كلمة «أحد» ليست في(ط) .
(2) في(بدر) هنا زيادة: فِيكُمْ .
(3) في (ط) هنا ريادة: جميعاً.
(4) في (ط) «كلاهما» بدل «جميعا» .

رَسُولَ اللهِ(صلى الله عليه وآله)وهو مُشْرِكٌ(1) غَيْرِي ؟ .
قالوا: اللهمّ ، لا نعلمه.
[9] قال: أَنْشُدُكُمْ بِاللهِ ، وبِحَقِّ نَبِيِّكُمْ ، هَلْ فِيكُمْ مِن أَحَد أَذْهَبَ اللهُ عنهُ الرِجْسَ وَطَهَّرَهُ تَطْهِيراً؟ غَيْرِي ؟
قالوا: اللهمّ ، لا نعلمه.
[10] قال: أَنْشُدُكُمْ بِاللهِ ، وبِحَقِّ نَبِيِّكُمْ ، هَلْ فِيكُمْ مِن أَحَد أَقْتَلُ لِمُشْرِكِي قُرَيْش فِي حَرْبِ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله) وإِخْراجِهِ مُناجِزاً(2) عندَ كُلِّ شَدِيدَة تَنْزِلُ ، مِنِّي ؟
قالوا: اللهمّ ، لا نعلمه.
[11] قال: أَنْشُدُكُمْ بِاللهِ ، هَلْ فِيكُمْ مِن أَحَد مَسَحَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله) عَيْنَيْهِ وأَعْطاهُ الرايَةَ يومَ خَيْبَر ، وقال: «لأُعْطِيَنَّ الرايَةَ غَداً رَجُلا يُحِبُّهُ اللهُ ورَسُولُهُ ويُحِبُّ اللهَ ورَسُولَهُ ; يَفْتَحُ اللهُ عَليهِ ; لَيْسَ بِرِعْدِيْد ولا جَبان» غيري ؟
قالوا: اللهمّ ، لا نعلمه.
[12] قال: أَنْشُدُكُمْ بِاللهِ ، وبِحَقِّ نَبِيِّكُمْ ، هَلْ فِيكُمْ مِن أَحَد نَصَبَهُ رَسُولُ اللهِ(صلى الله عليه وآله)لِلناسِ ولَكُمْ يومَ غَدِيرِ خُمٍّ ، فقالَ: «مَنْ كُنْتُ مَولاهُ فَعَلِيٌّ مَولاهُ ، اللهمّ والِ مَنْ والاهُ وعادِ مَنْ عاداهُ» غيري ؟
قالوا: اللهمّ ، لا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كتب (بدر الدين) في الهامش : «ينظر في صحّة هذه» .
أقول: أجمع أهل البيت(عليهم السلام) وأهل العلم والإنصاف من غيرهم على إيمان سيّد البطحاء أبي طالب(عليهم السلام) وقد اتّضح لكلّ ذي عينين أنّ الحديث عن كفره لم يصدر إلاّ من حناجر أهل الظلم والضلال بغرض التنكيل بعليّ وبآله.
ومع ذلك فإنّ صحّة هذا النصّ محتملٌ أن يكون مجاراةً من الإمام على ما ينطقون ، لتكون حجّته أبلغ ، فلو كان مشركاً ـ كما يزعمون ـ فنصرتُه لنبيّ الإسلام آكذُ في ما يريدُ (عليه السلام) من إلزامهم ، فلاحظ (بدر الدين).
(2) في الهامش «في النهاية: المناجزة في الحرب: المبارزة. تمّت» (بدر الدين).
[13] قال: أَنْشُدُكُمْ بِاللهِ ،هَلْ فِيكُمْ مِن أَحَد واخاهُ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله) يومَ آخَى بينَ المُسلِمِينَ ، وقال: «أَنْتَ أَخِي وأَنَا أَخُوكَ تَرِثُنِي وأَرِثُكَ ، وأَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هارُونَ مِن مُوسَى إِلاّ أَنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدِي» غيري؟
قالوا: اللهمّ لا نعلمه.
[14] قال: أَنْشُدُكُمْ بِاللهِ ، وبِحَقِّ نَبِيِّكُمْ (1) هَلْ فِيكُمْ مِن أَحَد بارَزَ عَمْرو بنَ عَبْدِ وَدٍّ يومَ الخَنْدَقِ وقَتَلَهُ ، غَيرُي؟
قالوا: اللهمّ لا نعلمه.
[15] قال: أَنْشُدُكُمْ بِاللهِ ، وبِحَقِّ نَبِيِّكُمْ ، هَلْ فِيكُمْ مِن أَحَد وَقَفَ فِي المَلائِكَةِ يومَ حُنَيْن ـ غيري ـ حينَ ذَهَبَ الناسُ ؟
قالوا: اللهمّ لا نعلمه.
[16] قال: فأَنْشُدُكُمْ بِاللهِ ، وبِحَقِّ نَبِيِّكُمْ(2) هَلْ فِيكُمْ مِن أَحَد اشْتاقَت الجَنَّةُ إِلى رُؤْيَتِهِ بِقَولِ نَبِيِّكُمْ ، غَيرِي ؟
قالوا: اللهمّ لا نعلمه.
[17] قال: فأَنْشُدُكُمْ بِاللهِ ، وبِحَقِّ نَبِيِّكُمْ ، هَلْ فِيكُمْ مِن أَحَد هُوَ وَصِيُّ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله)في أَهْلِهِ ، غيري؟
قالوا: اللهمّ لا نعلمه.
[18]قال: فأَنْشُدُكُمْ بِاللهِ ، (وبِحَقِّ نَبِيِّكُمْ)(3) هَلْ فِيكُمْ مِن أَحَد لَهُ سَبْقٌ مِثْلُ سَبْقِي فِي الإِسْلامِ ؟
قالوا: اللهمّ لا نعلمه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في نسخة: رسول الله(بدر الدين) وهو في (ط) .
(2) في نسخة: رسول الله(بدر الدين) وهو في (ط) .
(3) مابين القوسين ليس في (ط) .

[19] قال: فأَنْشُدُكُمْ بِاللهِ ، وبِحَقِّ نَبِيِّكُمْ(صلى الله عليه وآله) هَلْ فِيكُمْ مِن أَحَد وَرِثَ سِلاحَ رَسُولِ اللهِ(صلى الله عليه وآله) ودَوابَّهُ عندَ مَوْتِهِ ، غيري ؟
قالوا: اللهمّ لا نعلمه.
[20] قال: فأَنْشُدُكُمْ بِاللهِ ، وبِحَقِّ نَبِيِّكُمْ ، هَلْ فِيكُمْ مِن أَحَد لَهُ شَقِيْقٌ مِثْلُ شَقِيْقِي و وَزِيْرٌ مِثْلُ وَزِيْرِي ؟
قالوا: اللهمّ لا نعلمه.
[21] قال: فأَنْشُدُكُمْ بِاللهِ ، وبِحَقِّ نَبِيِّكُمْ ، هَلْ فِيكُمْ مِن أَحَد هُوَ أَغْنَى عَن رَسُولِ الله (صلى الله عليه وآله) مِنِّي حينَ أَضْطَجِعُ فِي مَضْجَعِهِ ، (وأَضْجَعَنِي فِي مَضْجَعِهِ)(1) وأَبْذِلُ لَهُ مُهْجَةَ دَمِي(2) وأَقِيهِ بِنَفْسِي ؟
قالوا: اللهمّ لا نعلمه.
[22] قال: فأَنْشُدُكُمْ بِاللهِ ، وبِحَقِّ نَبِيِّكُمْ ، هَلْ فِيكُمْ مِن أَحَد لَهُ سَهمانِ كَسَهْمِي ; سَهْمٌ فِي الخاصَّةِ ، و سَهْمٌ فِي العامَّةِ ؟
قالوا: اللهمّ لا نعلمه.
([23] قال: فأَنْشُدُكُمْ بِاللهِ ، وبِحَقِّ نَبِيِّكُمْ ، هَلْ فِيكُمْ مِن أَحَد هُوَ أَحْدَثُ عَهْداً بِرَسُولِ اللهِ ، مِنِّي؟
قالوا: اللهمّ لا نعلمه.)(3) .
[24] قال: فأَنْشُدُكُمْ بِاللهِ ، وبِحَقِّ نَبِيِّكُمْ(4) هَلْ فِيكُمْ مِن أَحَد وَلِيَ غُسْلَ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله) بِالرَّوحِ والرَيْحانِ مَعَ المَلائِكَةِ المُقرََّبِينَ ، غيري؟
قالوا: اللهمّ لا نعلمه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مابين القوسين ليس في (ط) .
(2) في (ط): مهجتي ودمي .
(3) الفقرة ما بين القوسين ليس في (ط) .
(4) «وبِحَقِّ نَبِيِّكُمْ» لم ترد في(ط) .

[25] قال: فأَنْشُدُكُمْ بِاللهِ ، وبِحَقِّ نَبِيِّكُمْ(1) هَلْ فِيكُمْ مِن أَحَد قالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ(صلى الله عليه وآله) : «اغْسِلْنِي أَنْتَ ; فإِنَّهُ لا يَرَى أَحَدٌ شَيْئاً مِن عَوْرَتِي إِلاّ عَمِيَ غَيْرُكَ ، ياعليُّ»؟
قالوا: اللهمّ لا نعلمه.
[26] قال: فأَنْشُدُكُمْ بِاللهِ ، وبِحَقِّ نَبِيِّكُمْ ، هَلْ فِيكُمْ مِن أَحَد وَضَعَ رَسُولَ اللهِ (صلى الله عليه وآله) في حفرته ولفّه(2) فِي أَكْفانِهُ ، غيري ؟
قالوا: اللهمّ لا نعلمه.
[27] قال: فأَنْشُدُكُمْ بِاللهِ ، وبِحَقِّ نَبِيِّكُمْ ، هَلْ فِيكُمْ مِن أَحَد أَمَرَ اللهُ تعالى(3)بِمَوَدَّتِهِ مِن السَماءِ ، حيثُ يقولُ : (قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى)
]سورة الشورى 23[ غيري ؟
قالوا: اللهمّ لا نعلمه.
[28] قال: فأَنْشُدُكُمْ بِاللهِ ، وبِحَقِّ نَبِيِّكُمْ ، هَلْ فِيكُمْ مِن أَحَد جاوَرَ رَسُولَ اللهِ(صلى الله عليه وآله) فِي مَسْجِدِهِ ، يَحِلُّ لَهُ فِيْهِ ما يَحِلُّ لِرَسُولِ اللهِ ، ويَحْرُمُ عَليهِ ما يَحْرُمُ عَلى رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله)وأَمَرَ اللهُ نَبِيَّهُ بِسَدِّ أَبْوابِ المُهاجِرِيْنَ مِن القَرابَةِ وغَيْرِهِمْ ، وإخْرَاجِهِمْ(4) مُنْهُ ، غَيرِي ؟
قالوا: اللهمّ لا نعلمه.
[29] قال: فأَنْشُدُكُمْ بِاللهِ ، وبِحَقِّ نَبِيِّكُمْ ، هَلْ فِيكُمْ مِن أَحَد قالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ(صلى الله عليه وآله)حينَ قالَ لَهُ ذَوُو قَرابَتِهِ : سَدَدْتَ أَبْوابَنا وأَخْرَجْتَنا مِن مَسْجِدِكَ وتَرَكْتَ عَلِيّاً؟ فقالَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله) : «ما أَنَا أَخْرَجْتُكُمْ ولا سَدَدْتُ أَبْوابَكُمْ ولا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) «وبِحَقِّ نَبِيِّكُمْ» لم ترد في(ط) .
(2) كذا في (ط) واستظهره في هامش (بدر الدين) .
(3) «تعالى» من (ط) .
(4) في(بدر الدين): وأخرَجَهُم .

تَرَكْتُ عَلِيّاً ، ولكِنَّ اللهَ أَمَرَنِي(1) بِإِخْراجِكُمْ وتَرَكَ عَلِيّاً لَمْ يُخْرِجْهُ» .
قالوا: اللهمّ لا نعلمه.
قالَ عليٌّ (عليه السلام) : «اللهمّ اشْهَدْ ، وكَفَى بِهِ شَهِيْداً بَيْنِي وبَيْنَكُمْ ، أَسْمَعُ وأُطِيْعُ وأَتْبَعُ وأَصْبِرُ ، حَتّى يَأْتِيَ اللهُ بِالفَتْحِ مِنْ عِنْدِهِ .
شَأْنَكُم ، فاصْنَعُوا مَا بَدَا لَكُمْ .
ثُمَّ قالَ هذِهِ الأبْياتِ :

محمّدٌ النبيُّ أَخِي وصِهْري *** وحمزةُ سيّدُ الشُهداءِ عَمِّي
وجعفرٌ الذي يُضْحِي ويُمْسِي *** يَطِيرُ مَعَ المَلائِكَةِ ابنُ أُمِّي
وبنتُ محمّد سَكَنِي وعرْسِي *** مَنُوطٌ لَحْمُها بِدَمِي ولَحْمِي
وسِبطا أحمد ابْنايَ مِنها *** فمَنْ هذا لَهُ سَهْمٌ كَسَهْمِي
سَبَقْتُكُمُ إِلى الإِسْلامِ طُرّاً *** غُلاماً مَا بَلَغْتُ أَوَانَ حُلْمِي
وأَوْجَبَ لِي وِلايَتَهُ(2) عَلَيْكُمْ *** رَسُولُ اللهِ يومَ غَدِيْرِ خُمِّ

] 26 [ حدّثنا(3) القاضي أبو علي الحسن(4) بن علي العوامي ، قال: حدّثنا أبو نصر محمّد بن علي ]بن[(5) الحسن الخفّاف ، قال(6): حدّثنا أبو يعقوب يوسف بن شعيب المؤذّن ، قال: حدّثنا أبو علي إسماعيل بن الفضل الرافعي ، قال(7): حدّثنا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في (ط) :أمر .
(2) كذا في (ط) وكان في (بدر الدين): «وأوجبني الإمامةَ لي...» .
(3) في (ط) : «أخبرنا» بدل «حدّثنا» في جميع هذا السند .
(4) كتب في الهامش: كأنّها «حسين» في الأُمّ (بدر الدين) .
(5) كتب كلمة (بن) في الهامش استظهاراً (بدر الدين) .
(6) كلمة «قال» لم ترد في (ط) .
(7) كلمة «قال» لم ترد في (ط) .

هشام بن عبد(1)الله الرازي ، قال: حدّثنا محمّد بن الفضل ، عن أبان ، عن الحسن ، عن أبي هريرة ، قال:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : «مَن لَمْ يَعْرِفْ نِعْمَةَ اللهِ عَليهِ إِلاّ فِي أَكْل أو شُرْب ، فَقَدْ قَلَّ عِلْمُهُ ، وحَضَرَ عَذابُهُ» .
] 27 [ أنشدنا الوزير أبو سعد(2) قال: كتبَ الصاحبُ (ابنُ عَبّاد)(3) إلى الشيخ أبي أحمدَ العسكريّ ، وهو بناحية الأَهْوازِ :

وَ لَمّا أَبَيْتُمْ أَنْ تَزُورُوا وَقُلْتُمُ *** ضَعُفْنَا فَمْا نَقْوَى عَلى الحَدَثانِ(4)
أَتَيْناكُمُ مِنْ بُعْدِ أَرْض نَزُورُكُمْ *** فَكَمْ مَنْزِل بِكْر لَنا وَ عَوَانِ

فأَجابَهُ الشيخُ أبُو أَحمد (رحمه الله تعالى)(5) :

أَهُمُّ بِأَمْرِ الحَزْمِ لَوْ أَسْتَطِيْعُهُ *** وَقَدْ حِيْلَ بَيْنَ العِيْرِ والنَزَوَانِ

انتهتْ (الأمالي) بحمد الله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في(ط)عبيد
(2) في(ط) : سعيد .
(3) مابين القوسين من (ط) .
(4) في نسخة: على الوِجدان (بدر الدين).
(5) مابين القوسين ليس في(ط) .

] كتب العلامة المجاهد السيد بدر الدين في نسخته ما يلي :[
وفي الأُمّ التي نقل هذه النسخة منها الفقير إلى الله تعالى بدرُ الدين بنُ أمير الدين الحوثي ، الساكن بضحيان ، ببلاد صعدة ، وفّقه الله ما نصّه:
قال في المنقول منه ما لفظه: «نقلها إلى هذا العبد الفقير إلى الله أحمد بن سعد الدين بن حسين المسوري رحمهم الله جميعاً من نسخة حيّ(1) القاضي العلاّمة شمس الدين ، أحمد بن صلاح الدين بن أحسن الداوري المعروف بالقضعة الصعدي ، ومن خطّه (رحمه الله) بكرةَ يوم الجُمُعة السابع عشر من شهر ربيع الأوّل من عام (اثنين وأربعين وألف) سنة ، بشهارة حرسها الله ببقاء أمير المؤمنين المؤيّد بالله سلام الله عليه ، وهو إذْ ذاك أيّده الله بها .
والحمد لله وصلّى الله على نبيّه محمّد وآله وسلّم.
فرغ من نقل هذه النسخة المباركة من النسخة المذكورة التي هي بخطّ القاضي صفي الدين أحمد بن سعد الدين عافاه الله تعالى ، في ضحى يوم الاثنين (لعلّه) ثامن وعشرين شهر جمادى الأُخرى سنة (ستّ وسبعين وألف) سنة (إلى قوله) السيّد محمّد بن عبدالله بن الحسين بن الناصر .
وفيها ما نصّه : قال في المنقول منه ـ أيضاً ـ ما لفظه :
بلغ قراءةً ـ بِمَنِّ اللهِ تعالى ـ على مولانا أمير المؤمنين وسيّد المسلمين ، المؤيّد بالله ربّ العالمين ، محمّد بن أمير المؤمنين القاسم بن محمّد ، سلام الله عليهما ، لعبدالله الفقير إلى الله ، أحمد بن سعد الدين ، إلى آخر .
فرغ بدر الدين الحوثي من نساخة هذه النسخة ربيع سنة (1371) وفّقه الله ، وصلّى الله على محمّد وآله وسلّم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كتب في الهامش: كأنّها «حسين» في الأُمّ (بدر الدين).

أُمّ هذه سماعاتٌ أُخر مكتوبةٌ على سيّدنا عبدالله بن أحمد المؤيّدي أظنّه العنثري ، والمسوري ، وغيره.
ومن قصاصتها على اُمّهات(1) المذكورة يوم الجمعة ربيع آخر سنة (1371هـ ) .
بدر الدين الحوثي وفّقه الله تعالى(2).
أقول ـ وأنا الفقيرُ إلى الله وحده ، والراجي لعفوه ورحمته والموالي لأوليائه محمّد وآله الطاهرين ، والمستشفع بهم إليه : السيّد محمّد رضا الحسيني الجلاليـ: فرغتُ من نقل هذه (الأمالي) من النسخة التي ناولنيها السيّد الحجّة المجاهد الإمام أبو الحسين بدر الدين الحسني الحوثيّ حفظه الله ورعاه وأيّده ، في سُويعات آخرها العاشرة والنصف من نهار الثلاثاء السابع والعشرين من جُمادى الآخرة سنة (1416هـ) . والحمد لله ربّ العالمين على نعمه ونسأله المزيد من فضله.
وَكَتَبَ
السيّد محمّد رضا الحسيني الجلالي
كانَ اللهُ لَهُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كذا .
(2) كتب السيد بدر الدين في صدر نسخته ما نصه :
بقلم الفقيرإلى الله بدر الدين بن أمير الدين بن الحسين الحوثي ، (الذي انتقل من حوث إلى ضحيان وبه عقبه ، رحمه الله رحمة الأبرار) بن محمّد بن الحسين بن أحمد بن زيد بن يحيى بن عبدالله بن أميرالدين شيخ الإمام المنصور بالله القاسم (عليه السلام).
كتب بدر الدين الحوثي وفّقه الله وصلّى الله على محمّد وآله وسلّم.
لن تنالوا خيراً لا يناله أهلُ بيتِ نبيكم ولا أصبتم فضلاً إلا أصابوه (الامام زيد بن علي)

الموسوي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 427
اشترك في: الجمعة ديسمبر 19, 2003 12:19 am

مشاركة بواسطة الموسوي »

الثالث:
كتاب فصل الخطاب في خبر العرض على الكتاب
للسيد العلامة الإمام مجدالدين المؤيدي


جاء في العدد ما نصه:

فصل الخطاب في تفسير خبر العرض على الكتاب

تأليف: مولانا العلاّمة المحقّق إمام اليمن

السيّد مجد الدين بن محمّد بن منصور
أبي الحسين المؤيّدي
أيّده الله بتأييده وحفظه ولطف به


إعداد وتعليق
السيّد محمد رضا الحسيني الجلالي

تقديم المعدّ
القاعدة الحديثية : «عرض الحديث على الكتاب» لمعرفة الحقّ المقبول منه، وتمييزه عن الباطل المتروك، هي من أهمّ القواعد الإسلاميّة التي التزم بها أئمّة أهل البيت النبويّ (عليهم السلام) وأتباعهم من كلّ المذاهب والفرق، وقد تواترت الأحاديث النبوية والآثار من طرقهم وأسانيدهم، كما ثبت من طرق العامّة أيضاً، تدلّ على القاعدة .
و قد قدّمنا في العدد (السابع عشر) من مجلّتنا هذه، دراسةً موسّعةً بعنوان: «عرض الحديث على كتاب الله من قواعد تمييزالصحيح الموافق له من الباطل المخالف» بقلم السيّد عليّ حسن مطر الهاشمي، احتوى على مصادر الأحاديث الدالّة عليها ، وعلى رأي الإماميّة في دلالتها، ومناقشة ما أورده المعارضون، بتفصيل واف(1) .
وفي هذا العدد (الثامن عشر) أوردنا بحثاً آخر، كتبه أحد المعاصرين من علماء العامّة، ممّن أذعن لهذه القاعدة وأثبت كونها من صميم الدين، ومن الأُصول الشرعيّة المأخوذة من نصّ القرآن الكريم، ومن السنّة الشريفة، وعليها عمل الصحابة والعلماء، بعنوان «عرض الحديث على الكتاب والسنّة من قواعد الحديث و أُصول الاجتهاد» بقلم المولوي داد كريم رسولي .
والآن ـ وفي هذاالكتاب ـ نقدّم رأي علماء الزيديّة حول هذه القاعدة ودلالتها، وهو بقلم أحد أعلامهم المعاصرين .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) علوم الحديث (العدد 17) ص (10 ـ 50).
________________________________________
وبذلك نكون قد جمعنا بين آراء المذاهب الإسلاميّة المعاصرة، ومن خلال ذلك نقف على «إجماعهم واتّفاقهم» على قبول القاعدة، وثبوتها سنداً، ووضوحها دلالةً ومضموناً، وموافقتها لموازين العقل والشرع، وتتمّ القناعة بكونها «قاعدة إسلامية أصيلة، مهمّة لتمييز الحديث الصحيح من غيره» .
إنّ القاعدة ـ إذن ـ من الطرق المقرّرة لتشخيص الحجّة من السنّة والحديث الشريف، وما يحقّ لنا الاعتماد عليه كمصدر ثان ـ بعد القرآن الشريف ـ للمعرفة الدينية .
وكما كانت المحاولات في البحثين السابقين، فإنّ في هذا الكتاب محاولات أُخرى، وبأساليب أُخرى، لدحض المزاعم التي أُثيرت في وجه هذه القاعدة ، سنداً أو دلالةً .
كما أنّ في هذا الكتاب بحوثاً دلاليّةً قيّمةً حول ما يُستفاد من القاعدة .
فشكر الله سعي سيّدنا المؤلّف المحقّق الحجّة في قيامه بإحياء الحقّ وتأييده، وأدامه ذُخراً للعلم والدين والأُمّة .
وقد عملنا في هذا الكتاب :
1 ـ ما تقتضيه قواعد الإعداد والتحقيق .
2 ـ وخرجنا أحاديثه ما اقتضى منها التخريج والتوثيق .
3 ـ وعلّقنا على مواضع منه ما اقتضى منها التعليق .
وعلى الله التوكّل ، ومنه نستمدّ التوفيق .
والحمد لله على كلّ حال، والصلاة والسلام على سيّدنا رسول الله، وعلى الأئمّة من آله خير آل . وكَتَبَ
السيّد محمّد رضا الحسيني الجلالي
كانَ اللهُ لَهُ
________________________________________
الحمد لله ، وسلام على عباده الذين اصطفى .
اللهمّ اجعل أفضل صلواتك ، وأجزل تحيّاتك وبركاتك ، وأكمل سلامك وإكرامك ، وأجلّ إجلالك وإعظامك ، على رسولك الذي أرسلته رحمةً للعالمين ، وأمينك الذي أرشدت به الغاوين ، وهديت به الضالّين ، وحجّتك على عبادك إلى يوم الدين ، الفاتح لما انغلق من رسالاتك ، والخاتم لما سبق من أنباء سماواتك .
وعلى أخيه ووصيّه وابن عمّه ونجيّه ووليّه وباب مدينة علمه ، الذي نزّلته منه منزلة نفسه ، واشتققت نوره المضيّ من شمسه ، وغرسه الباسق الزكيّ من غرسه ، وأيّدته بسيفه القاضب ، ونصرته بعزمه الماضي ، الماحق بذي الفقار فقرات الكافرين ، والقاطف بحسامه البتّار أعناق الناكثين والقاسطين والمارقين ، التالي له في مقامه وعهده ، والقائم بدينه في أُمّته من بعده .
وعلى عترته ، الذين قرنتهم بكتابك ، وأقمتهم حَمَلةً لوحيك ، وتراجِمةً لخطابك ، فهم سفينةُ نوح ، وبابك بابُ السِلم المفتوح ، أورثتهم خلافة جدّهم في الأرض ، وأهّلتهم للقيام بالسنّة والفرض ، وجعلتهم أماناً لمن استمسك بهم إلى يوم العرض.
وبعد ; فاعلم ـ أيّها الأخ ، وفّقنا الله تعالى وإيّاك والمؤمنين إلى مراشد الهداية ، ولطف بنا عن سلوك مداحض الغواية ، حتّى نكون ممّن استمسك بالعروة الوثقى ، واعتصم بالحبل المتين الأقوى ـ:
أنّ ممّا تداحضتْ فيه الأقدامُ ، وتزاحمتْ عنده ركايب الأعلام ، قولُ صاحب الشريعة (صلى الله عليه وآله): «سيُكذبُ عليَّ كما كُذِبِ على الأنبياء من قبلي ، فما أتاكم عنّي فاعرضوه على كتاب الله ، فما وافق كتاب الله فهو منّي وأنا قلتُه ، وما خالف كتاب الله فليس منّي ولا أنا قلتُه».
أخرجه الإمامُ الهادي إلى الحقّ القويم ، يحيى بنُ الحسين بن القاسم بن إبراهيم عليهم الصلاة والتسليم ، في كتاب (السنّة)(1).
والإمامُ الناصر لدين الله أبو الفتح الديلمي في كتاب (البرهان تفسير القرآن) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه قال: «سيكثرُ عليَّ الكذّابةُ ، فما أتاكم عنّي فاعرضوه على كتاب الله عزّوجلّ ، فما وافق كتاب الله فخذوه ، وما خالف كتاب الله فردّوه»(2).
وأخرجه الطبرانيُّ في (الكبير) عن ثوبان ، عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنّه قال: «اعرضوا حديثي على كتاب الله فما وافق كتاب الله فهو منّي وأنا قلتُه»(3).
ذكره السيوطيّ في (الجامع الصغير).
وروى ـ أيضاً ـ في (الكبير) عن عبدالله بن عمر ، عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنّه قال: «سُئلت اليهودُ عن موسى ، فأكثروا فيه وزادوا ونقصوا حتّى كفروا ، وسُئلت النصارى عن عيسى ، فأكثروا فيه وزادوا ونقصوا حتّى كفروا ، وستفشوا عنّي أحاديث فما أتاكم من حديثي فاقرؤا كتاب الله واعتبروه فما وافق كتاب الله فأنا قلتُه وما لم يوافق كتاب الله فلم أقله»(4).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) نقله القاسم في (الاعتصام بحبل الله المتين) (1 / 21) عن كتاب (القياس) للهادي.
مكتبة اليمن الكبرى ـ صنعاء 1408هـ.
(2) نقله القاسم في (الاعتصام بحبل الله المتين) (1 / 21).
(3) (المعجم الكبير) (2/ 97)رقم 1429، حقّقه حمدي السلفي ـ دار إحياء التراث العربي ـ بيروت. وفيه: «فما وافقه فهو منّي» وكذا في (الاعتصام) (1 / 21) و(الجامع الصغير) (1 / 46)نشر عبدالحميد أحمد حنفي ـ القاهرة.
(4) (المعجم الكبير) (12/ 316)رقم 13224، وفيه: «وإنّه سيفشوا عنّي» وفي (الاعتصام) (1 / 22)«ستفشوا» وفي المطبوعة: ستنشأ.
________________________________________
قلتُ: أراد بما لم يوافق مع المخالفة كما سيأتي .
وذكر قاضي القضاة ما لفظه: وقد روي عن النبي (صلى الله عليه وآله): «سيأتيكم عنّي حديث مختلف، فماوافق كتاب الله وسنّتي فهو منّي ، وما كان مخالفاً لذلك فليس منّي»(1).
وهو ممّا اعتمده سادات الأئمّة الكرام ، كما نقله عنهم الإمام الذي أحيَاالله بعلمه معالم الإسلام ، وأفنى بسيفه طغاة الطغام ، أمير المؤمنين المنصور بالله ، أبو محمّد ، القاسم بن محمّد ، رضوان الله عليه ، المتوفّى سنة تسع وعشرين وألف ، في كتابه (الاعتصام) .
ولمّا لم يتّضح لبعضهم المعنى فيه ، لم يعرج عليه ، ولم يرفع رأساً إليه ،والمرء عدو ما جهله .
وإلاّ ، فعند التحقيق لمعناه لايتصوّر أن يردّه ذو علم ولا يأباه.
وقد أزاح عنه اللثام ، وأراح عن التجشّمات لطامحات الأوهام ، ونزّله على ما يطابق قول الرسول (صلى الله عليه وآله) ويوافق عمل الأئمّة حماة(2) المعقول والمنقول ، الإمام الأعظم ، المجدّد لما اندرس من رسوم الحقّ الأقوم ، أمير المؤمنين المهدي لدين الله ربّ العالمين ، أبو القاسم ، محمّد بن القاسم الحسيني الحوثي ، رضوان الله عليه ، المتوفّى سنة تسع عشرة وثلاثمائة وألف. قال (رضي الله عنه):
أمّا حديث العرض : فقد رواه أئمّتنا(عليهم السلام) الجلّة منهم ، وصحّحوه ، واستشهدوا على صحّته بما أفاده متنه ; لأنّه قال : «سيكذب عليَّ من بعدي كما كذّب على الأنبياء من قبلي» وروى خبر العرض السابق ، إلى أن قال:
قالوا : فلايخلو: إمّا أن يكون صحيحاً ، أوّلا؟.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) نقله القاسم في (الاعتصام بحبل الله المتين) (1 / 21) عن القاضي في كتاب (فضيلة الاعتزال وطبقات المعتزلة).
(2) كذا في المطبوع، ولعلّ الاولى: حملة.
________________________________________
إن كان الأوّل ; فهو المطلوب.
وإن كان الثاني ; لزم منه صحّته ; لأنّه قد كذب (1)على رسول الله (صلى الله عليه وآله).
وأمّا كيفيّة العمل به :
فالمعنى الصحيح الظاهر فيه هو: أنّ الكتاب والسنّة لايتخالفان ، فإنْ تخالفا ردّت السنّةُ إليه ، لأنّه الثقل الأكبر ، ولأنّ السنّة بيانٌ له.
وإنْ خالفت السنّةُ الآحاديّةُ الكتابَ من كلّ وجه ، ردّت ، وحكم بأنّ الحديث مكذوبٌ أي موضوعٌ.
وقد اختلف في كيفية العرض على أنحاء :
فقيل: لابدّ من عرض كلّ حديث.
وهذا يصعب (2) إذْ بعض الأحكام أخذتْ من السنّةِ فقط.
وقيل: المراد العرض الجُملي ، ومعنىً ; فلا يأباهُ الكتابُ ، ويوجدُ له فيه ماسّةٌ.
وقيل: بل يعرض ، ولو على قوله تعالى: (مَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ).
وحينئذ فلا يشترط إلاّ صحّة كونه عن الرسول (صلى الله عليه وآله) مع عدم معارضته للقاطع من كلّ وجه ، وأمكن الجمع في الظنّيات.
فتحصل أنّ ما في السنّة على خمسة أقسام:
]القسم الأوّل:[ ما أمكن عرضه على الكتاب تفصيلا ، وهذا لا إشكال في صحّته.
قلتُ: ومراد الإمام (عليه السلام): أنّه لا إشكال في صحّة العمل بموجَبه ، لأنّه قد عرف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أي على فرض عدم صحّة الرواية ، تكون نفسها مصداقاً للكذب على رسول الله(صلى الله عليه وآله).
(2) أي إن فسّرت المخالفة بالمغايرة ، كما سبق ، ويدلّ على أنّ ذلك هو المراد قوله: إذ بعض الأحكام...إلى آخر. (تمّت من المؤلّف أيّده الله).
________________________________________
حكمه من الكتاب ، ولم يكن إلاّ مؤكّداً له ، إن صحّ. فأمّا الحديث ، فلا ثقة به إلاّ بصحّة طريقه .
نعم ، ظاهر الخبر: أنّ ما وافق الكتاب فهو صحيح ، من غير نظر في طريقه لقوله: «فما وافق كتاب الله فهو منّي وأنا قلتُه».
لكنّه مخصوص بالأدلّة الموجِبة للنظر في طرق الأخبار ، مثل قوله عزّوجلّ: (وَلاَ تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا). وقوله تعالى: (إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإ فَتَبَيَّنُوا) . واشتراط الضبط والعدالة في النقلة أمرٌ متّفقٌ عليه في الجملة(1).
ويحتمل أن تخصّص تلك الأدلّة بعموم ذلك الخبر ، فيكون مَن أخبر بما يوافق الكتابَ صادقاً ، وإن كان كافراً أو فاسقاً ، ويكون إعلاماً من الله تعالى: أنّه لا يُخبر بما يوافق الكتاب إلاّ وهو حقٌّ وصدقٌ وصوابٌ.
فهذان عمومان تعارضا ، يمكن الجمع بينهما بتخصيص أحدهما بالآخر ، فيرجع فيهما إلى الترجيح ، فنقول ـ والله أعلمـ :
إنّ الاحتمال الآخَرَ مرجوحٌ ، لأنّ الذي توجبه حياطةُ الدين ، وتلزمه حمايةُ سوح التثبّت وسرح اليقين: تركُ تلك العمومات على بابها ، والتخصيص لهذا العموم بها ، لكونها أقوى ، والاعتماد عليها أحرى.
هذا هو الذي تقتضيه مسالك الأُصول ، ومدارك المعقول والمنقول ، وقد أشار إليه الإمام (عليه السلام) بقوله: «إلاّ صحّة كونه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)».
عُدْنا إلى كلام الإمام(عليه السلام) قال:
]والقسم الثاني :[ وما أمكن عرضه عليه جملةً ، وهذا الصحيح صحّته مثل بيانات المجملات الواجبة ونحو ذلك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أي إنّ هذه الأدلّة تخصّص القول بعموم: «كلّ موافق للكتاب فهو صحيحٌ» وأنّه لاحاجة مع الموافقة إلى النظر في طريقه (وَكَتَبَ الجلاليُّ كانَ اللهُ لهُ).
________________________________________
والقسم الثالث: ما عارض الكتاب من كلّ وجه ، مع كونه آحادياً.
قلتُ: قوله : «مع كونه آحادياً» لأنّه لا يتصوّر ذلك في المتواتر والمتلقّى بالقبول ، كما ذلك معلوم.
قال: وهذا لا إشكال في ردّه والحكم بوضعه.
والقسم الرابع: ما أمكن الجمع بينه وبين الكتاب بالتعميم والتخصيص ، والإطلاق والتقييد.
قلتُ: ومقصد الإمام (عليه السلام): أنّه يُجرى في كلٍّ بحسبه في العلميّات والعمليّات ، فيخصّص العموم في الأوّل بالعلميّ ، وفي الثاني بالعلميّ والظنّيّ ، لأنّ العموم في العمليّات ـ وإن كان قطعيّ المتن ـ فهو ظنّيّ الدلالة ، لاحتماله ، وإنّما تطرّق إليه الاحتمال ، لأنّ الظنّ يكفي في الأعمال .
وهذا إنّما هو على مقتضى القول بجواز تخصيص الكتاب والمتواتر بالآحاد ونحوها كالقياس ، وستقف على المختار قريباً إن شاء الله تعالى.
فأمّا التخصيص بها في العلميّات ، فلا يصحّ اتّفاقاً بين العترة ومن وافقهم ، للتعبّد فيها بالاعتقاد ، وبقاؤها على الأصل من كون العلم فيها هو المراد (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا)(إِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئاً).
ولم يبق تحت النهي إلاّ مسائل الأُصول ، وإلاّ عريت عن الفائدة ، وذلك خلاف المعقول والمنقول ، فكيف ينهى عن اتّباع الظنّ ، ويذمّه لنا ، ثمّ يتعبّدنا به؟! تعالى الله عن هذا المقول.
وللإمام رضوان الله عليه تحقيقٌ في هذا المقام ، يستشفى به من الأُوام ،
أورده في (جواباته على علماء ضحيان)(1) وفي أثناء الدعوة المسمّاة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع (البدورالمضيئة جوابات الأسئلة الضحيانيّة) للإمام القاسم (ص38 ـ 41 وص66 ـ 67)ؤ
أشرف عليه المولى السيّد مجد الدين المؤيّدي ـ منشورات التراث الإسلامي صعدة 1420هـ.
وقد فصّلنا الكلام على هذا المرام الذي نختاره ، في مواضع عديدة من بحوثنا الرجاليّة ، انظر منها مقال (الحشويّة ومصادر الفكر الإسلامي) في هذا العدد. (وَكَتَبَ الجلاليُّ كانَ اللهُ لهُ).
________________________________________
بـ (الموعظة الحسنة)(1).
نعم ، والتحقيق أنّ العلم هو المطلوب في الأُصول والفروع ، كما دلّت عليه أدلّة المعقول والمسموع ، وقد خصّصت بعدم طلب العلم في بعض المسائل العمليّة التي لم يقم عليها قاطع ، لما علم أنّ الرسول (صلى الله عليه وآله) كان يبعث بالآحاد في تبليغها ، وعمل الصحابة بها مستندين إليها ، وفيهم (2) هادي الأُمّة ووليّها ، والقائم بما قام به نبيّها ، باب مدينة العلم ، من هو مع الحقّ والقرآن والحقّ والقرآن معه .
فخصّص بتلك العمليّاتِ نحوُ قوله تعالى: (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ).
وأمّا تأويل العلم والظنّ ، وحملهما على خلاف حقيقتهما ،لغير دليل.
فإنّه ـ بلاريب ـ تحريفٌ وتبديلٌ ، والعقلُ يردّهُ ، والاتّفاقُ ـ بيننا وبينهم في العلميّات ـ يحجّه.
هذا ، ومَن أعطى النظرَ حقَّه ، ولم يملك التعصّب والتقليد رقَّه ، فلايتحقّقُ لديه أنّ الشارع جعلَ الظنَّ مناطاً لشيء من الأحكام ، ولا معتمَداً في حَلٍّ ولا إِبرام.
والأصلُ بقاؤُه على عُمومه (إِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئاً) إذ لاموجب للإخراج ، وليس التعبّد بالآحاد ونحوها يوجبُ الاعتماد عليه ، وإن كان الظنّ ملازماً لها في الأغلب ، بل قام الدليل القاطع على العمل بها في العمليّات ، سواء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع (الموعظة الحسنة) (ص 66 ـ 67) علّق عليه السيّد مجد الدين المؤيّدي ـ مؤسّسة الإمام زيد الثقافية ـ عمّان ـ الأردن 1420هـ.
(2) أقول: وجود المعصوم(عليه السلام) فيهم هو حجّة ومعه لا تبقى المسألة ظنيّة ، فلاتكون حاجة إلى التخصيص المذكور ، والموارد المذكورة كلّها لاتخلو من قرائن توجب العلم بتلك الأخبار ، والدليل على ذلك احتواؤها على آيات القرآن ، ومن المعلوم عدم ثبوتها بغيرالعلم ، فليست ـ إذن ـ
آحاداً ، بل هي موجبة للعلم والقطع . (وَكَتَبَ الجلاليُّ كانَ اللهُ لهُ).
________________________________________
حصل الظنّ أم لا ؟ ألا ترى أنّه:
لايقبل خبرُ فاسقِ التصريح وكافره إجماعاً ، ولا التأويل ـ على الحقّ من كون عدم العدالة سلب أهليّة ـ وإن أفاد الظنّ .
ويجب قبولُ خبرِ العدلِ الضابطِ ، وإن لم يحصل الظنّ ، وإن كان بعيداً .
والمقصود تصوير الانفكاك ، وإلاّ فلو كان بينهما تلازمٌ ذاتيٌّ لم يوجب أنْ ]يكونَ[ التعويلُ على الظنّ ، بل على ذلك المظنون ، وبينهما فرق يعرفه العالمون.
وانظر بثاقب نظرك ، وصافي فكرك ، هل سمعت كتاب الله ذكرالظنَّ إلاّ بالنعي على أهله والذمّ ؟ وهل طلب غير اليقين والعلم ؟ (إِنَّ فِي ذَلِكَ لاَيَةً لِقَوْم يَعْلَمُونَ).
فإن قيل: فإنّ الظنّ مأخوذٌ به في أبواب لايستند فيها إلاّ إلى أمارات، كمواضع من القياس، وتقدير أروش الجنايات، وتقويم المتلفات.
قيل: يمكن الجوابُ: أنّ الشارع علّق الأحكامَ فيها على حصول الأمارات ، لا لأجل الظنّ.
سلّمنا ، فمع قيام الدليل القاطع أنّ الأحكام معلّقةٌ فيها على الظنّ; فتخصّ هي لاغيرها ، ويبقى ما عداها على مقتضى دليل العموم ، فتأمّل.
رجعنا إلى كلام الإمام ، قال(عليه السلام):
وهذا ، الصحيحُ الأخذُ به ، عرضاً على قوله تعالى: (لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ)والتعميم والتخصيص نوعٌ من البيان اللغوي.
حتّى قال:
والقسم الخامس: ما لايمكن عرضه ، ولا يوجد في الكتاب العزيز ما يُبطله ، ولا ما يصحّحه(1).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كذا الصواب، وفي المطبوع: ما يصحّه.
________________________________________
قلتُ: أراد الإمام (عليه السلام) أنّه لم يُوافق ، لأنّ الموافقة: المماثلة والمشاكلة ، ولم يخالف لأنّ المخالفة: المعارضة والمناقضة .
ومن لم يُحسن النظرَ في معنى الخبر الشريف تَوَهَّمَ حَصْرَ ما في السُنّة على مُوافقة الكتاب أو مُخالفته(1) .
ومن هُنا أُتِيَ ، لأنّه حَمَلَ الموافقةَ على المماثلة; والإشكال (2) وحَمَلَ المخالفةَ على المغايرة ، فلمْ يبقَ له ـ عندَه ـ في السُنّة ثمرةٌ ، لأنّه: إنْ وافقَ ـ أي أتى بمثلِ الحكم الذي في الكتاب ـ فليس إلاّ مؤكِّداً ، وإن خالف ـ أي لم يأت بمثلهِ ـ كان مردوداً ، ولزمَ على كلامه هذا: أن لا تفيد السنّةُ حُكماً مُؤسَّساً.
وقد أزال الإمامُ صلوات الله عليه ما كان ملتبِساً; بِحجج مشرِقة الصباح مسفرة المصباح، قال(عليه السلام):
وهذا الصحيحُ قبولُه ، لقوله تعالى: (وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)وهو نوعٌ من العرض الجُملي .
ولقوله (صلى الله عليه وآله): «أُعطيت الكتاب ومثليْهِ» (3).
ولقوله تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ). إلى غير ذلك.إلى آخر كلامه (عليه السلام).
فإن قيل: قد ورد: «ما روي عنّي فاعرضوه على كتاب الله، فما وافقه فهو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هذا هو أهمّ ما أورده العامّة على أحاديث العرض، فنفوها من أجله، وقد شرحناه مع الجواب عنه تفصيلاً، في المقال المنشور في العدد (17) من هذه المجلة، فليراجع.
(2) كذا الصواب، والمراد هو المشاكلة، وكان في المطبوعة: ولا إشكال.
(3) رووه في تفسير (الحكمة) في قوله تعالى: (...وَ يُعَلِّمُكُمُ الْكِتَـبَ وَ الْحِكْمَةَ...)(البقرة:2/151 وغيرها) في مجمع البيان (2 / 298) وانظر مناقب ابن شهر آشوب ( 1 / 417) والذي في كتب الحديث: «أوتيت القرآن ومثله معه» فانظر كنز العمّال (1 / 155) وسنن أبي داود (4 / 200 و 292) ونيل الأوطار (8 / 278) وتفسير القرطبي (1 / 37) وهو في صدر حديث (الأريكة) فراجع كتابنا (تدوين السنّة الشريفة). (وَكَتَبَ الجلاليُّ كانَ اللهُ لهُ).
________________________________________
منّي، وما لم يوافقه فليس منّي».
فإذا حُملت الموافقةُ على المُماثلة; لزمَ أن لايقبلَ شيءٌ من السنّة إلاّ أن يكون مثلُه في الكتاب، وهذا هو القول الأوّل، الذي حكاهُ الإمام، واحتجّ على سُقوطه بأنّ بعضَ الأحكام أخذتْ من السنّة فقطْ.
قيل: الخبرُ الأوّلُ أشهرُ، والأخذُ به هو الأظهرُ، وحملُ هذا الخبر على ظاهرهِ يؤدّي إلى إهْدار أكثرِ السنّة، وقد قال تعالى: (مَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)ولم يفصل الدليل، فوجب العدولُ إلى التأويل، والجمع بينهما ممكنٌ على أقرب الوجوه.
فنقول : يُحمل قولُه(صلى الله عليه وآله): «وما لم يوافقه فليس منّي» على التجوّز بعدم الموافقة عن المخالفة ، ولك في توجيه هذا المجاز وجهان:
أحدهما: أن يكون من المشاكلة، وهو أنّه لمّا تقدّم قوله: «فما وافقه» إلى آخر.
شاكله بقوله: «وما لم يوافقه».
والعلاقةُ بين «عدم الموافقة» و «المخالفة» الإطلاق والتقييد، لأنّ عدم الموافقة يصدق بالمغايرة مطلقاً، سواءٌ كان ثمَّ مباينةٌ ومعارضةٌ، أم لا ؟ والمخالفةُ لاتصدق إلاّ بالمغايرة مع المباينة والمعارضة.
وثانيهما: أن يكون من المجاز المرسَل من أوّل وهلة، والعلاقةُ ما بينهما من الإطلاق والتقييد.
فهذان طريقان مسلوكان في اللسان، مأهولان عند أهل البيان.
وإنْ رُمت النظرَ في إعمال الخبر على مقتضى قواعد الأُصول; فلك أن تقول: قوله (صلى الله عليه وآله): «وما لم يوافقه فليس منّي» مطلقٌ; لأنّه صادقٌ مع المصادمة وعدمها.
وقوله (صلى الله عليه وآله): «وما خالفه» مقيّدٌ; لأنّه لايصدق إلاّ مع المصادمة.
فيحمل المُطلَقُ على المُقيّد.
وكذا ما ورد من هذا الباب، فإنّه من نسج ذلك الجلباب.
________________________________________
فإن قيل: فماذا يقال في الناسخ من السنّة لحكم الكتاب ؟ فإنّه مخالفٌ له في الظاهر، كما قرّره في مباحث الأُصول أئمّتنا(عليهم السلام).
قيل: كلّ ما في الكتاب قطعيّ المتن والدلالة ، في الأُصول والفروع ، على الصحيح ، وقد علم أنّه لايُنسَخُ القطعيُّ إلاّ بمثله ، فإنْ تواتر ـ مثلا ـ خبرٌ ناسخٌ لحكم الكتاب ، أفادَ العلمَ ، وما أفادَ العلمَ فمحالٌ أن يكون مكذوباً ، فيجب حملُ قول الرسول (صلى الله عليه وآله) على ما خالفه من الآحاد.
وقدأفاده الإمامُ بمفهوم الصفة حيث قال: «وإن خالفت السنّة الآحاديّة ردّت».
نعم ، وفي الكتاب ما لايجوز نسخُهُ.
على أنّ النسخَ ليس بمخالفة على الحقيقة ، وإنّما هو بيانٌ لانتهاء الحكمة في بقاء الحكم ، بل هو مخالفٌ في الظاهر ، إذ لاطريقَ لنا إلى الانتهاء إلاّ بإعلام شرعيٍّ ، ومع عدم العلم لايكون بياناً ، ودليلُ بقائه مقطوعٌ به ، ودليلُ انتهائه مظنونٌ ، والمظنونُ لا يقاومُ المقطوعَ .
وهذا هو المدركُ الشرعيُّ في عدم نسخ الظنّيّ للقطعيّ.
وإنّما قلنا: «فإنّ تواتر مثلا»...إلى آخر ، لأنّه لم يثبتْ عندنا نسخُ السنّة للكتاب ، وهو المرويّ عن الإمام القاسم بن إبراهيم ، وولده محمّد بن القاسم ، وحفيده الإمام الهادي إلى الحقّ ، والإمام الناصر لدين الله الحسن بن عليّ الحسيني ، وهو ظاهر رواية الإمام عن الإمام الأعظم زيد بن علي صلوات الله عليهم.
وهذا الخبرُ حجّةٌ قائمةٌ ، ومحجّةٌ لازمةٌ على عدم وقوعه ، لما أسلفنا لك من أنّ النسخ ظاهرهُ المخالفة ، وقد قال (صلى الله عليه وآله): «وما خالفه فليس منّي ولم أقله».
ولا يقال: إنّ الاحتجاج بحديث العرض غيرُ مستقيم ،لأنّه ليس إلاّ في الظنّيات ، وأمّا القطعيّات فلا يتأتّى فيها الكذب ، فلا عرض.
لأنّا نقول: قد أفاد حديث العرض أنّه لايأتي من الرسول (صلى الله عليه وآله) ما يُخالف
________________________________________
القرآنَ ، والناسخُ مخالفٌ ، والمخالفُ لا يتواترُ ، فيجب القطعُ بأنّ الناسخَ لا يتواترُ ، فمن هنا يتقرّرُ الاحتجاجُ في محلّ النزاع ، وهو جواز النسخ أو منعه ، فتأمّل.
وما كلامنا المتقدّم إلاّ على فرض الوقوع ، لأنّ الوقوع فرعُ الجواز ، وقد قدّمنا أنّه لو وقع لم يكن إلاّ بقاطع ، ومحالٌ أن يكون القاطع مكذوباً على الشارع ، ولو وقع لارتفع التنازع.
وفي قول بعض علمائنا رضي الله عنهم: وفهم صحّة نسخ القرآن بالمتواتر من السنّة ، خلافاً للقاسم وابنه محمّد بن القاسم والناصر وابن حنبل وكذا الهادي والشافعي في رواية ، إذْ هي حجّةٌ توجبُ العلمَ كالكتاب ، فيجوز ، كالكتاب بالكتاب. انتهى كلامه .
تسامحٌ في الحكاية ، وخللٌ في الاحتجاج:
أمّا الحكاية: فإنّهم لايقولون: «إنّ المتواترَ من السنّة لاينسخ الكتابَ » ومعاذ الله من ذلك ، وإنّما يقولون: «إنّه لايصحّ أن ينسخ الكتاب بالسنّة «فلا يمكن أن يتواتر عندهم ناسخٌ من السنّة.
وأمّا الاحتجاج: فإنّهم يقولون بموجَبه ، أي إنّها إذا أفادت العلمَ فهي حجّةٌ ، ولكنّهم يذهبون إلى أنّه لايجوز أن يتواترَ ناسخٌ من السنّة للكتاب ، فهم يمنعون الجواز والوقوع معاً ، فأمّا لو وقع لارتفع الخلافُ وكان الائتلاف ، وإنّما يستقيم الاحتجاج ، لو صحّ النسخُ أو بطلت أدلّة المنع بحجّة واضحة المنهاج متجلّية الفجاج .
وسنحكي كلام إمام الأئمّة وهادي الأُمّة وترجمان الكتاب والسنّة ، المبشّر به جدّه الرسول (صلى الله عليه وآله) الهادي إلى الحقّ القويم ، يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم عليهم أفضل صلوات الله والتسليم.
قال صلوات الله عليه في كتاب (معاني السنّة): والسنّة ، فلم تعارض الكتاب أبداً بإبطال لحكم من أحكامه ولا أمر من أمره.
________________________________________
إلى أن قال: ولا ردّ شيء من منسوخه ، ولا نسخ شيء من مثبته.
حتّى قال: وفي ذلك ما يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): «سيكذب عليَّ كما كذب على الأنبياء من قبلي ، فما أتاكم عنّي فأعرضوه على كتاب الله ، فما وافق كتاب الله فهو منّي وأنا قلتُه ، وما خالف كتاب الله فليس منّي ولم أقله»(1)...إلى آخر كلامه(عليه السلام).
وكان على الناقلين لأدلّة المخالفين ـ كابن الإمام (عليه السلام) ـ أن يحرّروا هذا في حجج المانعين ، كما احتجّ به الهادي إلى الحقّ صلوات الله عليه.
وما استدلّوا به على الوقوع ، كنسخ المتعة والوصية ، فليس بوارد ، لأنّ المراد بالمتعة المذكورة في القرآن النكاح ، فلا نسخ ، وأمّا الوصية فالناسخ آية المواريث.
فإن قيل: قد ورد في كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) المروي في (النهج) قوله: «وبينَ مثبت في الكتاب فرضه ، ومعلوم في السُنّة نسخُهُ»(2).
قلنا: يجب تأويلُه ، لقيام الدليل: إمّا بأن يُحمل النسخُ على التخصيص ، أو أنّ المراد في السنّة مع الكتاب نسخُه.
فإن قيل: أليس النسخُ والتخصيصُ ـ لديكم ـ من باب واحد.
قيل: لا شكَّ في ذلك ، ولكنّه قد قام الدليلُ القاطعُ على وقوعِ التخصيصِ ، ووقع الإجماعُ عليه دونَ النسخ ، فيقرّ ذلك على ما ورد.
واعلم أنّه لا ثمرةَ في الخارج لخلاف المخالف في هذا ولا جدوى ، إذْ لم يتحقّق النسخُ بالسنّة للكتاب ، وإنّما هو مجرّد دعوى.
واعلم أنّ الحقّ الأحقَّ ، والقول الأوفق: أنّه لم يظهرْ بين التخصيص والنسخ فرقٌ ، سوى لزوم التراخي في النسخ ، وعدمه في التخصيص .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مضى تخريج الحديث من كتاب (القياس) للهادي.
(2) نهج البلاغة، نهاية الحطبة الأولى (ص 45) من طبع صبحي الصالح - بيروت .
________________________________________
وأمّا قولهم: «التخصيص بيان» فغيرُ متّضح ، لأنّه:
إنْ كان باعتبار الانكشاف ; فكلاهما بيانٌ ، فالتخصيص بيانٌ لعدم إرادة المخرَج من الأعيان ، والنسخُ بيانٌ لعدم إرادة ما بعد الناسخ من الأزمان.
وإن كان باعتبار الظاهر ، فكلاهما معارضٌ غيرُ مظاهر.
وهذا أمرٌ واضحُ المنار ، لا يخفى على ذوي الأبصار.
وما قيل: من أنّ العمل بالتخصيص جمعٌ بينهما.
لا يصلح ، بل فيه دفعٌ لبعض الدلالة ، والأصل بقاؤها فيهما.
فإن قلتَ: يلزمك على هذا أن لا تخصّصَ عموم الكتاب ، والأخبار القطعيّة بالسنّة الآحاديّة.
قلتُ: هو مذهب بعضهم ، وحكى الإمام عدم جواز ذلك عن الإمام الأعظم زيد بن عليّ (عليه السلام).
وأنا أقول: لعمري إنّه لمذهبٌ قويمٌ ومنهجٌ مستقيمٌ.
واعلم ـ أرشدنا الله وإيّاك، أيّها الراسخ الفهم ، الثابت القدم ، فأمّا مَن قَعَدَ به القصورُ فهو معذورٌ ، وليس عنده من جني الأثمار إلاّ القشورُ.

تجلّ عن الدقيقِ فُهُومُ قوم *** فتحكُمُ للمُجِلّ على المُدِقِّ

واللهُ عزّوجلّ يعلمُ ما قصدنا إليه من الخطاب ـ:
أنّ هُنا أصلا أصّلوه ، ومسلكاً نقلوه وتقبّلوه ، وجب فيه إمعانُ النظر الدقيق ، حتّى يقفَ الباحثُ في كتاب ربّه وسنّة نبيّه (صلى الله عليه وآله) على محض الحقّ والتحقيق ، فهو حقيقٌ بذلك أيّ حقيق ، وملخّصه ومعناه ، وخلاصته ومؤدّاه ، كما يعلم ذلك ذو الإطّلاع والانتقاد ، المليّ بالإصدار والإيراد ، هو:
أنّ كلّ ما أمكن أن يصرفه دليلٌ عمّا وضع له ، أو يقصره على بعض مدلولاته ، أو يعيّنه في أحد موضوعاته ، فهو ظاهرٌ محتملٌ ، لايقطعُ بتناوله لما دلّ عليه ، وإنْ
________________________________________
كان قطعيّ المتن ، فهو ظنّيّ المدلول ، إلاّ أنْ يكون في مسائل الأُصول عند أئمّتنا(عليهم السلام)وأتباعهم الفحول.
وعلى هذا بنى الجمهور جوازَ التخصيص والتقييد للعموم والمطلق ـ من الكتاب والمتواتر ـ بالآحاد ، والقياس الظنّيّ.
ويلزم على ذلك جواز النسخ ، كما قال به البعض ، إذْ لافارقَ ،كما سبق.
وهذا أمرٌ جليلُ الخطر ، ذو شجون ونظر ، يترتّب عليه أيّ أثر ، والذي ندين الله به ـ بعد إبلاغ غاية الوسع ، واستفراغ نهاية الطاقة ـ: أنّ هذا أصلٌ مختلُّ الأركان ، منهدم البنيان ، لم تقم عليه حجّةٌ ، ولم ينتهج إليه برهانٌ.
ولنوجّه الكلام ، بما يليق بهذا المقام ، في مسألة الخصوص والعموم ، إذْ عليها معظم مدار المنطوق والمفهوم.
فأقول ـ وبمادّة ربّي أُصول ـ : إنّ المعلوم من الوضع ـ بالاتّفاق ـ دلالة صيغ العموم على جميع أفراد مدلولاتها ، دلالةَ مطابقة ، عند الإطلاق ، على سبيل الاستغراق ، وليس هذا محلّ النزاع ، فيتعيّنُ الكلامُ عليه بالأدلّة القاطعة والإجماع وقد تقرّر في موضعه ، فيجب القطع ـ حينئذ ـ بحكم العقل والشرع ، عند العلم بإطلاق الخطاب من الحكيم : أنّه قصدَ جميعَ مدلولاتها ، وأرادَ كلَّ فرد من أفراد متناولاتها ، وما تستلزمه من الأزمنة والأمكنة والأحوال ، بلاريب في ذلك ولا احتمال ، إلاّ أن ينصبَ لنا ـ على خلافه ـ دليلٌ ، أو ينتهج إلى إرادة غير ما دلّنا عليه سبيل ، تحكم كهذا الحكم به الألباب ، ويزول عمّن طرق سمعه ذلك الشكّ والارتياب ، وأيّ ريب ـ بعد ذلك ـ يختلج؟ أو احتمال يتردّد ويعتلج؟ (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ)(لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيم حَمِيد) (مَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا).
ولئن تطرّقَ إلى ما هذا شأنه الاحتمال ، لشبهةِ أنّه قد كَثُرَ فيه التخصيص ، والقاطع بما دلّ عليه أُتي من قبل نفسه ، ليتطرّقنَّ إلى كلّ النصوص ، من عموم
________________________________________
وخصوص ، ويَرِد ما قاله الرازي : إنّ أصرح الألفاظ النصُّ ، وهو محتملٌ لأُمور كثيرة ، كالتحريم للنسخ ، والتجوّز ، والاشتراك ، والإضمار ، والتخصيص ، وغير ذلك. انتهى كلامه .
فيرتفع القطع بجميع خطابات الشرع.
فإن قيل: يلزم أن لايجوز تراخي التخصيص ـ ونحوه ـ عن الخطاب.
قلنا: ذلك ملتزَمٌ، وهو مذهب الإمام أبي طالب الناطق بالحقّ، والإمام المهدي، أحمد بن يحيى المرتضى(عليهم السلام) وغيرهما ، وقد قلنا به جميعاً في العلميّ بلاارتياب ،
وكلّ ما أبدوه من الفوارق لايثبت إلاّ بعد قيام الحجّة على ما أصّلوه في هذا الباب .
وللهِ الإمامُ الناصرُ لدين الله ، إبراهيم بن محمّد بن أحمد بن عزّ الدين بن عليّ بن الحسين بن الإمام عزّ الدين بن الحسن(عليهم السلام) حيث يقول في (الروض الحافل) ـ عند الكلام على الفَرْق بينَ التخصيص والنسخ ـ :
ودلالةُ العامّ على أفراده ظنّيّةٌ عند الأكثر ، وإنْ كان متنه مقطوعاً به ، والخاصّ قد يكون بالعكس ، فتعادلا .
وهذا الإيراد واردٌ مع القول بأنّ دلالة العامّ ظاهرةٌ ، وأمّا إذا لم نقل به ـ وهو الحقّ ـ فلا ورودَ. انتهى .
وقال الشيخ العلاّمة المحقّق ، لطفُ الله بن الغياث ، في (شرحه على الفصول) :
واحتجّوا بأنّه لايجوزُ أن يخاطبَ بشيء ، ويريدُ به غيرَ ظاهرهِ ، في العلميّ ، مثل عموم الوعد والوعيد ، وإلاّ كان معمِّياً وملبِّساً ، فقد ثبت أنّ دلالةَ العموم قطعيّةٌ ، كذا في (شرح المقدّمة) للنجري ، قال: وهذا الدليلُ ـ كما ترى ـ يعمُّ العلميّ والعمليّ ، فيُنظرُ: ما وجه المخصِّص بالعلمي؟.. إلى آخر .
قلتُ: لله أنتَ ، لا وجه له ، إلاّ أنّه قد بدا لهم فيه الاحتمال ـ بزعمهم ـ لكثرة التخصيص ، وهو لازمٌ لهم في العلميّ على سواء .
وقد استدلّوا على ذلك بالإجماع ـ من السلف ـ على التخصيص بالآحاد.
________________________________________
والجواب: أنّ مستندَهم ـ في حكايته كما قرّروه ـ الاستدلالُ عليه بأنّهم
خصّصوا نحوَ قوله تعالى: (وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ) بحديث النهي عن نكاح المرأة على عمّتها وخالتها (1) وعدّدوا من هذا القبيل صوراً مجمَعاً على تخصيصها من عموم الكتاب ، ولا طريقَ إلى كون التخصيص بها وحدَها .
سلّمنا ، فمِن أينَ لهم أنّها رُوِيَتْ للسلفِ بِطريق الآحاد ؟ ولِمَ لا تكون متواترةً لهم ، ومتلقّاةً بالقبول ؟.
ولا يقال: لأنّها ، لو كانت متواترةً ، وكان التخصيص بغيرها ; لنُقِلَ .
لأنّا نقول: الإجماعُ قد أسقط مؤونةَ نَقلها ، وأغنى عن التعرّض للاستدلال بها وبغيرها،وقدنصّ الكلُّ بأنّه:إذاأُجْمِعَ على الحكم; سقطَوجوبُ البحث عن المستند(2).
فإنْ قيل: إنّهم أجمعوا على التخصيص ، مستندين إليها ، وهي آحادٌ.
قيل: هذه دعوىً ممنوعةٌ غيرُ مسموعة ، فهلمَّ الدليلَ ، وليس إليه من سبيل ،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الجمع بين العمّة والخالة ، وبين بنت الأخ والأخت ، وجمع إحديهما مع إحديهما ، في النكاح ، مسألة وقع الخلاف فيها ، بعد الاتّفاق على ورود النصّ الخاصّ على خروجه من عموم قوله تعالى: (وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ) بحديث النهي عن نكاح المرأة على عمّتها وخالتها ، لكنّ المسألة مقيّدة في فقه الأئمّة الاثني عشر(عليهم السلام) بعدم إذن العمّة والخالة ; فلو أذنتا جاز النكاح ، دلّت على ذلك أخبارهم المثبتة في تراثهم الحديثيّ .
وقد فصّل الاستدلال على ذلك فقهاؤهم الذين أجمعوا على ذلك ، فلاحظ (الخلاف) للشيخ الطوسيّ (4 / 296) ، و(الانتصار) للسيّد المرتضى (ص 116) ، وأشبع الكلام عنها الإمام الشيخ المفيد في (الإعلام) (ص37) وفي جوابات (المسائل الصاغانية) المطبوعة مع مصنفاته (3 / 77 ـ 81) ونقل فيه الجواز عن بعض العامّة .
وأما العكس ، ـ يعني النهي عن نكاح العمّة أو الخالة على البنتين ـ فلم يرد ما يدلّ على النهي عنه ، إلاّ ما في (المناهي) لمحمّد المرتضى ابن يحيى الهادي ، فلاحظ الرقم (45) فيه .
(وَكَتَبَ الجلاليُّ كانَ اللهُ لهُ).
(2) كذا غي المطبوع ولعلّ الأنسب: السند.
________________________________________
غايتُها حكاياتٌ لا تفيد الظنَّ ، فضلا عن العلم ، وقد بيّنا أنّ أصلَها منهارٌ ، ولم يثبتْ له عماد ولا قرار .
واستدلّوا بأنّها كثرت المخصّصات في العمومات العمليّة ، والظنُّ يكفي في العمل.
والجواب: إنّ الكثرةَ لا تُخرجُها عن القطعيّة ، كما أسلفنا .
على أنّه لازمٌ لهم في العلميّة ، وهم لا يقولون به .
وأمّا كونها في العمليّات ، والظنّ يكفي في العمل ; فإنّها ـ وإنْ سلّم أنّه يكفي فيها الظنُّ ـ فلا يقتضي أن تكون أدلّتها كلُّها ظنّيةً على سنن ، بل العملُ بالظنّ مقصورٌ عليها قصرَ الصفة على الموصوف ، وليستْ مقصورةً عليه ، كما ذلك معروف .
وممّا يعضدُ هذا المذهب ويقوّيه ، ويشهدُ له بالمتانة عند ناظريه : أنّ كثيراً من أئمّتنا(عليهم السلام) يتأوّلُ الأخبارَ الخاصّةَ ، ويترك عمومَ الكتاب على بابه ، مع إمكان التخصيص ، والقاعدة: أنّ تخصيص العامّ أولى من تأويل الخاصّ !
من ذلك حديث الخضروات في الزكاة.
قال الإمام المؤيّد بالله (عليه السلام) في (شرح التجريد) بعد أن تأوّله على القليل الذي لاتجب فيه الزكاة ; فإن قيل: ما أنكرتم على مَن قال لكم : إذا استعملتم الخبرين أعني: «في ما سقت السماء العُشرُ» وقوله: «ليس في الخضروات صدقةٌ» بأن جعلتم حديثَ الخضروات خاصّاً ، وبقّيتم قوله: «في ما سقت السماء العُشرِ» على عمومه ، إلاّ في المقدار الذي ذكرتم.
قيل له: يرجّح استعمالُنا بقوّة خبرنا ، إذْ لا إشكال أنّ قوله (صلى الله عليه وآله): «في ما سقت السماء العُشرُ» أقوى وأثبتُ من حديث الخضروات. انتهى .
وغير ذلك ممّا اشتملتْ عليه قواعدُهم المعروفةُ ، وطرايقهم المألوفةُ ، وغرضنا التمثيل لا التطويل.
________________________________________
والعجب من المولى الحسين بن القاسم (عليهما السلام) كيفَ لم ينسب الخلافَ ـ في جواز التخصيص للكتاب والمتواتر ـ إلاّ عن الحنابلة ; بحكاية أبي الخطّاب ، وعن المعتزلة ; بحكاية الغزالي ، وعن طائفة من المتكلّمين والفقهاء ; بحكايته عن ابن برهان ، وعن طائفة من أهل العراق؟!
ولم يرفع ـ لخلاف والده الإمام القاسم (عليه السلام) ـ رأساً ، ولا رأى في إلغائه ـ عن الحكاية مع جملة المخالفين ـ بأساً؟! وهو يمنعُ من ذلك أشدَّ المنع ، كما صرّح بذلك في كتابه (الاعتصام).
وقال في الجواب على الخصوم: والجواب ـ والله الموفّق ـ أنّ القرآنَ معلومُ المتن ، ويجب التمسّك بظاهره ، والحمل على جميع ما يتناوله ، حتّى يعلمَ المخصّصُ له ، ويجب البحث عن ذلك ، والحديث الآحادىّ ليس معناه ولا لفظه كذلك .
إلى أن قال: قالوا : الظنُّ كاف في صحّته.
قلنا وبالله التوفيق: ذلك مردودٌ بقوله تعالى: (إِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئاً)وقال تعالى: (إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) فأنّى لهم : إنّ الظنّ كاف ، والقرآن يجب التمسّك به ، وذلك معلومٌ من الدين ضرورةً ، ما لم يظهر الناسخُ والمخصّصُ ، وتحكيمُ القرآن على الحديث الآحاديّ أولى من العكس :
لأنّه ممّا عُلِمَ من دين النبي (صلى الله عليه وآله) ضرورةً ، وأنّه ممّا أنزل الله تعالى : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ) الآية ونحوها .
ولأنّه إذا تعارض معنى القرآن المظنون ـ بزعمهم ـ والحديث الآحاديّ المظنون ، فالعقلُ يقضي ـ ضرورةً ـ أنّ معنى القرآن المذكور أرجحُ ، وترجيح ما ذلكم شأنُه مجرّدُ تحكّم. انتهى كلامه (عليه السلام).
وأقول: إنّ مَنْ تَصَفَّحَ استدلالات أعلام الأئمّة، وهداة هذه الأُمّة، كالإمام القاسم نجم آل الرسول ، وسبطه الهادي إلى الحقّ ، صلوات الله عليهم ، واطّلعَ على
________________________________________
معينِ علمِهم المخزونِ ، وتروّى من سلسبيل نمِيرهم المكنونِ : عَلِمَ أنّهم مخيّمُون على عموم الكتاب وخصوصه، واقفون عندَ إشاراته ونصوصه، قد أمكنوهُ زمامَهم، وجعلوه رائدهم وإمامهم ، يَحِلّون حيثُ حَلَّ ، وينزلون حيثُ نَزَلَ ، كما قال بمعناه والدُهم سيّدُ الوصيّين صلوات الله عليهم : «فهم لايبغُون عنه حِوَلا ، ولا يبتغُون به بَدَلا» .
ولا غروَ ، فهم قرناؤُه وأُمناؤُه ، ولن يفترقا حتّى يردا على الحوض.
نعم ، وبعد التقرير لما صحّ في هذا الأصل ، باحثتُ كثيراً من علماء العصر ، فوجدتُ الأغلبَ يميلُ إلى كلام الجمهور ، إلاّ المولى العلاّمة الأوحد إمام التحقيق ، ونبراس أرباب التدقيق ، شرف الدين الولي بن الولي ، الحسن بن الحسين الحوثي ، حماه الله تعالى ، فإنّي راجعتُه في ذلك ، فقرّر ما بيّنتُه في هذا الأصل ، ومعاذ الله أن يذهبَ هذا المذهب عن قول طائفة في كلّ عصر ، من حماة التنزيل ، ووعاة التأويل ، وإن كان قد قالَ بخلافهَ ثلّةٌ من شموس الهداية ، وأقمار الدراية .
ولا يعترض على ذلك : أنّهم كلُّهم يخصّصون الآيات القرآنيّة ، وقد لا يستدلّون إلاّ بخبر أو نحوه لا يفيد القطع .
لأنّا نقول: لا طريقَ إلى كون التخصيص بالخبر الآحاديّ على انفراده .
ثمّ من أينَ لكم العلمُ بأنّه عندهم غير معلوم ، بل يكفي في قطعيّته تلقّيه بينَ العترة والأُمّة .
على أنّ الحكم ، إذا كان مجمَعاً عليه ; لم يبحثْ عن سنده ، كما أسلفناه لك ، وهو مقرّرٌ مرسومٌ .
فيا سبحان الله ! ما بالَه ضَلَّ عن هذه القاعدة الخصومُ ؟!
وعلى الجملة ، إنّ هذا الأصلَ لم يتقرّرْ بدليل قاطع ، ولا برهان ساطع ، وطالبُ الحقّ الصريح ـ بالنظر الثاقب الصحيح ـ لا تروعُهُ القعقعةُ بالشنآن ، ولا تهولُهُ
________________________________________
مجاولةُ الفُرسان ، ومنازلُةُ الأقران ، ولا تميل به الرجال من يمين إلى شمال ، فيكون من دين الله على أعظم زوال.
اعلم أنّه ـ بعد إعادة النظر ، وتكرير البحث وتتبّع الأثر ـ تقرّر عندي صحّةُ التخصيص ـ للعمومات من القرآن والمتواتر من السنّة ـ بأخبار الآحاد الصحيحة ، لما عُلِمَ من اكتفاء الشارع بتبليغ الآحاد في ذلك ، إذ قد تواترت التخصيصات بالآحاد لبعض العمومات القرآنيّة ، كقوله تعالى: (وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ) بما ورد من تحريم نكاح المرأة على عمّتها أو خالتها(1).
ولقوله تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً) ونحوها ممّا يفيد العموم في القليل والكثير ، بخبر الأوساق ، وانصباء الذهب والفضّة ، وحول الحول ، وسقوط الزكاة عن المال غير المرجوّ ، وعن الخضروات ، وغير ذلك ممّا يكثرُ تعداده .
مع أنّ الدليل على قبول خبر الآحاد ـ من حيثُ هو ـ قطعيٌّ (2) .
ولا يبعد الإجماعُ على التخصيص بها ، حتّى أنّ المانعين من ذلك قد خصّصوا بها ، ويحتمل أنّهم رجعوا عن المنع .
وهذا هو التحقيق ، والله ولي التوفيق.
فإن قلتَ: ماالطريقُ المرضيّةُ على القول بأنّ العمومات العمليّة ظنّيةٌ ، وإن كانت متونُها قطعيّةً، في جواز التخصيص دون النسخ بالآحاد، وقدتقرّر أنّهمامنواد واحد، وبطل : أنّ الفرقَ بينهما بالإجماع على جواز التخصيص ، كما مرّ في ذلك النزاع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر التعليق على مثل هذا في ما سبق ، وراجع (المناهي) للمرتضى ابن الهادي الرقم (45) .
(2) قطعيّة الدليل على الحجيّة إن كانت تنتهي إلى كون مضمون الخبر علماً ، فحينئذ يخرج الخبر عن كونه آحاديّاًظنيّاً .
وهكذا ، لو تحقّق الإجماع على التخصيص بالآحاديّ لم يبق الاستدلال بالظنيّ ، بل بالمجمع عليه الذي هو قطعيّ ، «فإنّ المجمع عليه لاريبَ فيه» كما ورد في أحاديثنا الشريفة .
(وَكَتَبَ الجلاليُّ كانَ اللهُ لهُ).
________________________________________
قلتُ: الطريقُ إلى عبور هذا المضيق هي : أنّه لم يكثر عندهم إلاّ التخصيصُ ، وهو إخراجُ بعض ما تناوله العمومُ ، فلم يكن الاحتمال إلاّ في أفراد بعض ما دلّ عليها ـ على سبيل البدل من غير تعيين ، ولهذا كانت دلالتُه على كلّ فرد بعينِهِ محتملةً ظنّيةً ، لجواز عدم إرادته ، وأمّا دلالتُه على بعض منها فهي معلومةٌ قطعيّةٌ ، لكنّه غير متعيّن ، ألا تراهم يقولون : «لا يصحّ تخصيص السبب» ما ذلك إلاّ لتعيّنه ، والقطع على إرادته .
ومن هنا يعلمُ الفارقُ ، لأنّ النسخَ يرفعُ استمرارَ كلِّ ما أفاده الخطابُ ، فلا محالةَ تدخلُ تلك الدلالة القاطعة ، ويزول حكمُها بلا ارتياب ، ويكون قد نسخ القطعيّ بالظنّيّ ، وهو خلافُ المنهج الشرعيّ.
وأمّا ما حكاه ابن الإمام (عليه السلام) في (الغاية) من أنّ التخصيص أهونُ من النسخ ، لكون التخصيص رفعاً للبعض ، والنسخُ رفعاً للكلّ ، هذا معناه .
فذلك لا يُجدي ، لأنّهما ـ مهما كانا متواردين على ظنّيّ ـ فلا تأثيرَ للقوّة وعدمها ، لجواز نسخ الظنّيّ للظنّيّ ، ألا ترى أنّه يصحُّ أن ينسخ خبرٌ واحدٌ حكماً مظنوناً ، ويصحّ أن ينسخَ بمثله أحكامٌ كثيرةٌ ، ما لم تكن قطعيّةَ المتون ، وكذا التخصيص ، فإنّه يخصّص بخبر واحد فردٌ من أفراد العموم ، ويخصّص بمثله ، وإن أخرج أكثرَ مدلولاته ، مع كون الأوّل أهونُ .
فتبيّن لك أنّه لا حكمَ للأهون ، إذا لم يخرجا عن دائرة الظنّ .
ولنرجع إلى المقصود ـ وهذا عارضٌ لايخلو إن شاء الله عن فائدة ـ فنقول: قد ظهرَ لكَ ـ إنْ كنتَ ممّن ألقى السمعَ وهو شهيدٌ ـ مؤدّى خبر الرسول (صلى الله عليه وآله)ومراد الأئمّة صلوات الله عليهم في عرضهم لما ورد عن جدّهم ، وأنّ هِجّيراهُم (1) وما يحومونَ حولَه ردُّ ما كُذِبَ على الله ورسوله ، من مُفتَرَيات المُشبِّهة والجَبْريّة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أي عادتهم. تمّت.
________________________________________
والحَشْويّة والمُرْجئة ، وغيرهم من مَرَدَةِ البريّة .
واتّضحَ لكَ ما قرّرهُ الإمامُ في هذه الأقسام ، التي لا يخرجُ عن أحدها ما ورد عن سيّد الأنام ، وما أبرزه في ذلك من الأدلّة على ما يُؤخذُ منها ، وما لا يؤخذُ .
وأنّ الكتابَ والسنّةَ مُتحالفان لا يتخالفان ، وأزاح ذلك كلّه في هذه الألفاظ القصيرة ، المتضمّنة للمعاني البالغة الكثيرة.
وهكذا كلام الإمام ، في كلّ مقام .
وللهِ القاضي العلاّمة ، صارم الإسلام وخاتم الأعلام ، إبراهيم بن عبدالله الغالبي (رضي الله عنه) حيثُ يقولُ في وصف كلام للإمام: فلا يبرحُ الناظرُ مستخرجاً للدُرّ الحِسانِ ، إلى أن ينتهيَ إلى ما لايخطرُ على الأسماعِ والأذهانِ... في كلام طويل .
فهذه هي البلاغةُ والإيجازُ ، التي لا يُشقُّ لها غبارٌ ، ولا يلحق بها آثارٌ .
وكمْ من غوامضَ وعَويصات ; صيّرها مشرقةَ البيانِ ، مؤنقةَ البرهان .
وكمْ من حجّة أقامها ، ومحجّة أوضح أعلامها .
ولا غروَ ، فإنّها نابعةٌ من عُباب العلوم ، ولُباب المنطوق والمفهوم ، الذي اغترفتْ من إفاضته علماءُ الأُمّة ، وارتشفتْ من فضالته أعلامُ الأئمّة .
وماذا يقال في كلامٌ عليه مسحةٌ من العلم الربّانيّ ، وجذوةٌ من الكلام النبويّ؟.
كيف لا ؟ وصاحبُه الإمام ، القائم بحجّة الله على الأنام ، والمجدّد لدين الله إذْ أشرف على الانهدام .
وكذلك أهلُ بيت النبوّة ، لم يزل الله تعالى يُقيمُ للأُمّة في كلّ قرن منهم مَن يكشفُ الغُمّة ، ويجلو غياهب الظلمة .
ولله السيّد الإمام محمّد بن إبراهيم الوزير ! حيثُ يقول :

كفاني علمُ أهلِ البيتِ *** معقولا ومنقولا
________________________________________
فأمّا غيرُ ما قالوا *** فلنْ أرضى بهِ قَولا

وحيث يقول :

مع أنّني لا أَرْتضي *** إلاّ مَقالاتِ الفَواطِمْ
لا سيّما عَلاّمَتَيْ *** ساداتِنا يَحيى وقاسِمْ
فهل يرجو ممّن سواهم التحقيق ، أمْ يطلب ممّن عداهم التدقيق ، إلاّ مَنْ سُلِبَ الهداية والتوفيق!؟
فاللهَ أسألُ ، وبجلاله أتوسّلُ : أن يُصلّيَ على رسوله وآل رسوله ، وأن يوفّقنا لاتّباع سبيله ، ويعصمنا عن مخالفة قوله في محكم تنزيله : (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) .
وصلّى الله وسلّم على سيّدنا محمّد وآله.
قال في الأُمّ:
كتب المفتقرُ إلى الله سبحانه ، المستمدّ لصالح الدعاء من كافّة إخوانه .
مجد الدين بن محمّد بن منصور اليحيوي المؤيّدي عفا الله عنهم
وكان تحريرهُ ، بهجرة مولانا ووالدنا إمام اليمن ، محيي الفرائض والسنن ، الهادي إلى الحقّ القويم ، يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم ، عليهم أزكى الصلاة والتسليم .
وفرغ من تأليفه ، يوم الاثنين لعلّه 9 شهر ربيع آخر سنة (1358هـ) .
ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العلي العظيم.
لن تنالوا خيراً لا يناله أهلُ بيتِ نبيكم ولا أصبتم فضلاً إلا أصابوه (الامام زيد بن علي)

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الدراسات والأبحاث“