العلامة/ محمد مفتاح
} مسكينٌ شعبُنا أُغرقَ في طـُوفان المشاكل والأزمات، وطحنه الغلاءُ، وسحقه الفقرُ، وأحدقت به المحنُ، وأحاطت به المتاعبُ والمصاعُب، وصار الملايينُ من أبنائه يرزحون تحتَ قسوة الفقر ووحشيته، وانعدمت أمامَهم فرَصُ العمل، وصارت الأيامُ والشهورُ تمضي مُسرعةً بالملايين من شبابه وشاباته نحوَ مستقبل مسدود الأفق، مُظلمِ الأرجاء، محاطاً بأشواك الحرمان، وقتامة اليأس في بلدة طيبة تضُمُّ على تربتها الطيبة أعلى نسبة في العالم من المجانين الرسميين والشعبيين، وأعلى نسبة من المتسولين والعاطلين، والأميات والأميين، وأعلى نسبة من المرضى والمعاقين، والفقراء والمساكين، وأعلى نسبة من "المخزّنين" والمدخنين و"المتبردقين"!!!، وأكبر نسبة من السلاح والمتسلحين، والفساد والفاسدين، وأخطر فئة من "المتعيِّشين" والمتكسبين من مآسي الوطن والمواطنين، والحمدُلله رب العالمين.
> مسكينةٌ بلدتي (الطيبة) مقابرُها مكتظةٌ بضحايا الطب والمتطببين، وسموم القات، وحوادث الطرقات، وضحايا السلاح الرسمي والشعبي، وحروب القبائل والثأرات، وضحايا الأوبئة والحميات.
> مسكينةٌ بلدتي (الطيبة) سجونـُها متخمةٌ بالشباب المؤمنين والفاجرين، والأبرياء والمجرمين، والأصحاء والمجانين، والعُلماء والمتعلمين، والحمدُ لله ربِّ العالمين.
> مسكينٌ ذلك المواطنُ الريفي الذي قهره الفقرُ، وأجبرته الظروفُ ليتركَ زوجتـَه وأطفالـَه يُصارعون الفقرَ والحرمانَ وشظفَ المعيشة، ويتجهُ نحو المدينة لعله يجدُ فرصةَ عمل، فظل يتسكع في الشوارع والجولات، ويسابق الفجرَ كلَّ صباح لعله يحظى بموضع في رصيف الكادحين يعرض نفسَه ضمن آلاف العاطلين الذين تختنقُ بهم الأرصفة و"الحراجات"!!، وتمُرُّ عليه الأيامُ والليالي وسماءُ حظه مقفرةٌ وأرضُه مجدبةٌ، فيضطر تحت ضغط الفاقة ليكونَ إما شحاتاً في المساجد أو لصاً قد ينتهي به المطافُ إلى السجن المكتظ بأهله، وإما يتجهُ نحو الحدود كغيره من آلاف المغامرين الغادين الرايحين الذين أحسنهم حظاً مَن اجتاز العوائق المهلكة والحراسات المشددة وتسلل إلى أرض الجيران فيظل فيها خائفاً يترقبُ، وإذا عمل فبأجر زهيد، ويتعرضُ للابتزاز والتهديد والوعيد والعذاب الشديد.
> مسكينٌ!!، أتدرون ماذا يحصُلُ له ولأمثاله ممن خرج ولم يعد؟!!، قد يموت برصاص حُراس الحدود أو جُوعاً أو عَطشاً في القفار.
> مسكينةٌ تلك الأمُّ الريفية المنهكة المتهالكة تقاسي البؤسَ، وتكابدُ الفقرَ، وتصارعُ من أجل متطلبات معيشة أقسى من القسوة، تقضي مع بعض أبنائها باكورةَ يومهم في البحث عمَّا تيسَّرَ من الماء، تتنقل من مورد إلى مورد، وبعد مشقة وجُهد قد تتحصَّلُ على مزيج من الطحالب والشوائب، والديدان المبثوثة في (الماء)!!، ثم تبدأُ رحلةُ العودة ببطون خاوية إلا من جنين لسعه دبورُ البؤس قبل أن يرى الدنيا، تعودُ مثقلةً بمحصولها الغث، وهمومها الكبيرة، لتعودَ إلى (مسكن) مُقفر من أسباب المعيشة إلا من أسمال مهترئة لأطفال مَرضى بائسين، ينتظرون قدومَ عائلهم محملاً بالثياب والحلوى والحُبِّ والأمل الذي تعيِّشُهم أمُّهم عليه منذ غادر والدُهم البيتَ وانقطعت أخبارُه وصار في عداد المفقودين!!، وما أكثرُهم في بلدتي الطيبة!!.
> مساكينُ أولئك الأطفالُ الذين يحتشدون عند إشارات المرور، وينتشرون في الميادين العامة، إما متسولين بعاهاتهم وأسقامهم، وإما عارضين لمبيعات عرضُها أقربُ إلى التسول منه إلى البيع.
> مسكينةٌ مدارسُ بلادي وجامعاتـُها صارت مكتظةً كهناجر لتربية "الكتاكيت"!! وصار شغل مدرِّسيها وموظفيها التصارُعُ على الانتخابات، وتشكيل النقابات، ثم القيام بإضرابات ومسيرات واعتصامات للبحث عن الحُقوق والمرتبات.
> مسكينةٌ بلادي، أصبحت مزبلةً لمخلفات العالم، وكل مَن استغنى عن معداته وسياراته المستهلكة وإطاراتها وثيابه التالفة صدّرها إلينا فيتسابقُ عليها المتسابقون، ويتنافس فيها المتنافسون، ويستفيدُ منها "حمران العيون"!!، ولله في خلقه شؤون.
> مسكينةٌ الصحافةُ المعارِضةُ والمستقلةُ، معرضةً للسَّطو والنهب والمحاكمات القمعية، وأبرزُ كُتـَّابها ومحرّريها مهددون في رزقهم وحياتهم وسلامتهم، ومَن لم يسكت بحُكم سكت بغيره، تعددت الاسكاتُ والقمعُ واحد، وما صمت رشيدة بسر.
> مسكينةٌ مساجدُنا أرادت لها الوزارة الموقرة والوزير الهمام أن تكونَ ثكنات للمُخْبرين، وساحةً للصراع بين الأحزاب والمذاهب، وإلا فما تفسيرُهم لتصفية خطباء الزيدية واستبدالهم بآخرين؟!!.
أليس المرادُ زرعَ بذور فتنة مذهبية طاحنة تكونُ بؤرتـُها المساجدَ والقبابَ والمقابرَ؟!!، وما قولهم عن فرض خطيب على "جامع قبة المهدي"؟، وإقصاء خطيبه الكفؤ المؤهل؟!!.
> مسكينةٌ مطبوعةُ »الدَّسـ« وأخواتـُها تخوضُ حرباً قذرةً، وتدُقُّ لها الطبولَ، وتحشُدُ لها الحميرَ والخيول، وتعجم العربَ الأقحاحَ، وتمجـِّـسُ المسلمين، وتسيءُ لمكانة سيد المرسلين!!، ألا ترون أنهم أساءوا إساءةً بليغةً عندما زعموا بأن قولـَه صلواتُ الله عليه وعلى آله: (أحَبَّ اللهُ مَن أحَبَّ حُسيناً) خرجت من فم خبيث؟!!، وما الفرق بين إساءتهم وبين ما فعله خنازيرُ الدنمرك؟!!.
ارض المســـكنــــه
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 96
- اشترك في: الأحد يناير 01, 2006 10:40 am
- اتصال: