بسم الله الرحمن الرحيم
في عشية السادس والعشرين من سبتمبر 2005 أعلن الرئيس اليمني علي عبد الله صالح أمام العالم أجمع إعلانه المفاجئ بالعفو العام عن جماعة الحوثي والذي تلقاه الشارع بنوع من الدهشة والحذر في آن واحد ، لم يكن هذا العفو هو الأول من نوعه ، وقد صدق حدس الكثير ممن استبعد أن يكون الرئيس صادقاً في عفوه ، إذ من أعجب العجب أن يعفو القاتل عن المقتول والظالم عن المظلوم ، ولكن .. لله في خلقه شئون .
تم إطلاق عدد من المسجونين قدر عددهم بحوالي أربعمائة معتقل أغلبهم – إن لم يكن جميعهم – لم يكن لهم أي دور في تلك المواجهات وذنبهم الوحيد انتماؤهم الفكري ، لكن وأين يقع هذا العدد من بقية المعتقلين الذي ربما تجاوز عددهم خمسة آلاف معتقل !!! وهل هذا هو العفو الذي ظل الإعلام الرسمي يتبجح به طوال الفترة الماضية !!
الحقيقة أنه لم يكن هناك أي عفو لا عام ولا خاص ، فما جرى لم يكن سوى جلبة إعلامية لتغطية الظلم المستمر الذي تعاني منه الزيدية في اليمن ، فالأسرى الذين يفترض أن يشملهم العفو المزعوم زاد التضييق عليهم حتى وصل الحال إلى تقييد اثنين بقيد واحد طوال اليوم حتى في وقت النوم ودخول الحمام .
السيد العلامة الفاضل محمد بن بدر الدين الحوثي المعتقل من بداية الأحداث الأولى والذي أخذ من صنعاء حيث لم تجر أي مواجهات زادت معاناته خاصة عندما رأى أسرته كلها بين مشرد وشهيد واشتد ألمه على نساءهم اللاتي لم يكن لديهن من يقضي حوائجهن غير ولده زكريا ، فدخل في إضراب عن الطعام رغبة في لفت الأنظار إليه ليفضح النظام المستبد الكاذب الذي ما انفك يتبجح بعفوه ولم يفكر في إطلاق سراح ذلك السجين الذي لم يكن في العير ولا في النفير أصلاً !
لكن في يوم الجمة الدامية 23/ 12/ 2005 حدثت المذبحة المروعة ، عندما فتح السجانون النار على بعض السجناء العزل في سجن صعدة المركزي ( قحزة ) ، لقد كانت مأساة إنسانية بكل المقاييس ، كيف يمكن أن تتصور حال عشرات من المساجين يحجزون بين الحواجز الحديدية ويطلق عليهم الرصاص الحي ؟!! حادثة مأساوية قد لا يصدقها الكثير ، سقط على إثرها ثمانية شهداء وعشرات الجرحى ، لم يسعف الجرحى بل نقلوا إلى السجن المركزي بصنعاء ومن دون السماح بزيارتهم ، ومن صنعاء وزعوا على سجون محافظات الجمهورية وأجسادهم وثيابهم لم تجف بعد من الدماء .
ولم تكن الوحيدة ، ففي يوم السبت 28 يناير 2006 أعلن النظام عن هرب اثنين من السجناء على خلفية القضية من مباحث أمانة العاصمة ، لكن قيل إنهم صفوا تصفية جسدية داخل السجن .
استمر القمع والظلم ، واستمرت الاستفزازات ضد أتباع المذهب الزيدي والهاشميين على وجه الخصوص ، وإحدى هذه الاستفزازات المحاكمات التي كانت تجري في المحكمة التي يديرها قضاة مخبرون ومخبرون قضاة والتي رفض أبرز المحامين في الجمهورية اليمنية الترافع فيها والتي تسمى ( المحكمة الجزائية المتخصصة ) والتي تربطها علاقة وثيقة وحميمة بجهاز الأمن السياسي ( المخابرات ) .
أولى تلك المحاكمات كانت محاكمة العالمين الجليلين الصابرين السيد يحيى بن حسين الديلمي والأستاذ محمد بن أحمد مفتاح والذي حكم على أولهما بالإعدام وعلى الثاني بسجن ثمان سنوات ، هذا الحكم الذي أوقع النظام في ورطة عصيبة إذ لم يكن هناك شئ يصح تسميته مستنداً على هذا الحكم الكبير ، ثم إن ما اتهم به العالمان كان شيئاً واحداً فاختلاف العقوبة كان أعجب العجب ، لكن لعل لله في ذلك إرادة ، لفضحهم وتعريتهم أمام العالم .
عقدت جلسات الاستئناف ، بحجة أن النيابة لم ترض عن الحكم بسجن العلامة محمد مفتاح وأرادت حكماً بالإعدام كما حكم على السيد يحيى الديلمي ، ولكنهم في واقع الأمر كانوا في موقف حرج للغاية ، فحكم بتلك القسوة موجه لشخص لم يرتكب أي جرم ولا ذنب له سوى الانتماء للمذهب الزيدي والعمل من أجل النهضة الزيدية فكرياً وحركياً فضح النظام الذي ظل يتبجح أمام العالم بالديمقراطية وحرية الرأي ، لقد أراد النظام أن يرهب أتباع المذهب الزيدي ويذلهم بذلك الحكم الذي يقول كثير من المراقبين إنه لن يطبق على أرض الواقع ، لكنه فضح نفسه ، فالعلامة يحيى الديلمي رفض استئناف الحكم الذي لم يعترف به أصلاً حيث قاطع جميع جلسات المحاكمة مع العلامة محمد مفتاح عندما كانا يديران ظهريهما للقاعة ويسدان أذنيهما ويتلوان سورة يس المباركة بصوت مرتفع ، وكان رفضه الاستئناف ضربة موجعة فجرت اتصالات عديدة من شخصيات لها ثقلها لأسرة العلامة الديلمي لكنه استمر في رفضه ، وهو بذلك يعري النظام القمعي الذي لم يردعه أي شئ حتى عن إصدار الأحكام القضائية .
معاناة العالمين الجليلين لم تقتصر على ما يمارسه النظام ضدهما بل كان للتكفيريين نصيب منها ، حيث هدد بعضهم العلامة يحيى الديلمي بالقتل عندما استنكر قيام أحدهم خطيباً في مسجد السجن يلعن ويكفر جميع الفرق الإسلامية بلا تمييز ، وهذا الحدث يسجل على هذا النظام الذي يستخدم هؤلاء التكفيريين ويدعمهم مادياً ومعنوياً ، فبعد تلك الحادثة كان رد فعل مدير السجن انتهار السيد يحيى وتذكيره بأن الخطابة داخل ذلك السجن خاصة بالتكفيريين .
ومن ناحية أخرى أعلنت القوى الوطنية وقوفها إلى جانب العالمين الجليلين فعقدت أكثر من ندوة تضامنية مع العالمين شاركت فيهما أكثر من عشرين منظمة مدنية يمنية ، وطالب المشاركون فيهما إيقاف ما يتعرض له العالمان الجليلان من ظلم وقمع وإرهاب .
لكن في النهاية انتهت جلسات الاستئناف بتأييد أحكام الإعدام والسجن ، وأحيل الحكم إلى المحكمة العليا .

جانب من المتضامنين مع العالمين الجليلين يحيى الديلمي ومحمد مفتاح أثناء إحدى جلسات المحاكمة
أما المحاكمة الثانية فهي محاكمةُ ما يحلو لإعلام السلطة تسميته خلية صنعاء ( الإرهابية ) وتارة ( الحوثية ) وهي مجموعة عددها 36 متهم توجه إليهم تهم القيام والمشاركة في أعمال تفجيرية شهدتها العاصمة صنعاء وطالت بعض القادة العسكريين ، المحاكمة التي لم يشملها العفو كذلك كانت صورة أخرى من صور النظام القبيحة حيث حاول من خلالها تشويه صورة المتهمين المتعاطفين مع السيد بدر الدين الحوثي وولده السيد الشهيد حسين ، حيث وجهت إليهم تهم التخطيط لضرب مصالح أجنبية وعلى وجه الخصوص استهداف السفير الأمريكي في صنعاء ، وهذه التهمة التي ربما حاول النظام بها إرضاء الخارج كانت كذلك مفضوحة لأن أسلوب السيد حسين في التعامل مع هيمنة القوى العالمية المتكبرة لم يكن على طريقة القاعدة وأمثالها وأمريكا تعرف ذلك جيداً ، وما كان أسرع جواب أحد المتهمين عندما قال : مبدأ سيدي حسين لا يجيز استهداف الأجانب .
من ناحية أخرى ظلت المحكمة تطالب بالقبض على امرأة أبوا إلا إدارجها في قائمة المحاكمين الستة والثلاثين هي زوجة وأخت لاثنين من المتهمين وهي المرأة المظلومة انتصار علي السياني ، وفي كل جلسة يصدر القاضي قراراً بالقبض القهري عليها في استفزاز واضح للهاشميين الذين يأبى النظام إلا إذلالهم بهذه الطريقة القذرة .
القضية ما زالت مستمرة ، والعفو أشار القاضي إلى أنه مجرد تصريح للاستهلاك الإعلامي ليس إلا عندما رفض طلب أحد المحامين بالإفراج عن موكله بحجة العفو الرئاسي ، وستة وثلاثون بينهم امرأة تعرضوا لأبشع أعمال التعذيب وبعضهم ما زال في زنازين انفرادية منذ أكثر من نصف سنة لا يخرج منها إلا إلى المحكمة ، كلهم في انتظار أحكام ربما تصل إلى عقوبات بالإعدام !!!
روابط متعلقة بالمواضيع :
اليمن الارهاب والارهاب الآخر ؛ برنامج هام جداً عرضته قناة الحرة ، هذا نصه :
http://www.al-majalis.com/forum/viewtopic.php?t=2402
إعلان العفو عن أتباع الحوثي :
http://www.almotamar.net/news/24631.htm
http://www.aljazeera.net/NR/exeres/884F ... 709837.htm
سجناء البحث الجنائي بأمانة العاصمة يستغيثون :
http://www.al-shoura.net/sh_details.asp?det=654
محمد بدر الدين الحوثي يبدأُ إضراباً عن الطعام :
http://www.al-balagh.net/index.php?opti ... 92&Itemid=
http://al-shoura.net/n_sh_details.asp?det=1164
يحيى بدر الدين الحوثي: الأمن السياسي يعذب أصحابنا حتى الإعاقة :
http://www.al-shoura.net/sh_details.asp?det=1100
أبلغا بموعد الجلسة قبل ساعات قليلة من انعقادها
الديلمي ومفتاح أمام الاستئنافية الجزائية بإجراءات غير قانونية :
http://www.al-shoura.net/sh_details.asp?det=699
مواطنون يعتصمون أمام وزارة حقوق الإنسان تضامنا مع الديلمي ومفتاح
http://www.al-ayyam.info/Default2.aspx? ... 96facdab9e
النيابة والامن حاولا منع منظمة العفو من الحضور الا بتوجيه من الخارجية والنائب العام
القاضي يفصح عن " حكم مسبق " بحق الديلمي ومفتاح في جلسة خيم عليها " الارباك " :
http://www.al-shoura.net/sh_details.asp?det=889
في ندوة مكرسة لقضية الديلمي ومفتاح أقامها ائتلاف المجتمع المدني ، محامون: هناك حرب عنصرية والمحكمة الجزائية مظهر لتدهور القضاء :
http://al-shoura.net/sh_details.asp?det=1296
العلامة الديلمي يتعرض للتهديد بالقتل في السجن المركزي :
http://www.al-shoura.net/sh_details.asp?det=1073
سجين يكتب عن حادثة تكفير الديملي والتهديد بقتله في السجن :
http://www.al-shoura.net/sh_details.asp?det=1249
الديلمي ومفتاح ينفيان تقدمهما بطلب استئناف ويجددان رفضهما لمحاكمات الجزائية ( نص بياني العالمين ) :
http://al-shoura.net/sh_details.asp?det=737
اللقاء التضامني من أجل العالمين الديلمي ومفتاح ( نصوص الكلمات ) :
http://www.al-majalis.com/forum/viewtopic.php?t=2157
محكمة الاستئناف تؤيد اعدام يحيى الديلمي وحبس محمد مفتاح 8 سنوات واعتصام لائتلاف منظمات المجتمع المدني ومسيرة سلمية إلى وزارة العدل
http://www.al-ayyam.info/Default2.aspx? ... ec0b88b25d
توجيه التهم لـ 36 من انصار الحوثي :
http://www.al-majalis.com/forum/viewtopic.php?t=2188
رسالة إنتصار السياني إلى قاضي المحكمة الجزائية
http://www.al-shoura.net/sh_details.asp?det=599