كيف ترقى رقيك الأنبياء ؟

[عماد الدين يحي بن حُميد]

يظنون أنهم يسيئون إلى مقامك الرفيع ومنزلتك الشريفة السامية التي تتقاصر دونها الأعناق بصور ورسوم تافهة هزيلة وأنت الرحمة المهداة للعالمين، صاحب المقام المحمود والدرجة الرفيعة والشفاعة الكبرى والحوض الهنيء المشرب:

دع ما ادعته النصارى في نبيهم

واحكم بما شئت فيه واحتكم

ولكنهم في حقيقة الأمر إنما يسيئون إلى أنفسهم وإلى قيمهم –إ ن كانت لهم قيم-وإلى حضارتهم التي أصبحت عملاقا من ورق ينتفخ انتفاخ الهر يحكي صولة الأسد.

لقد قصفت طائراتهم ما تبقى في تاريخهم من المسيحية المحرفة التي كانت تحتفظ بشئ من التقوى، وداست دباباتهم ما تبقى من أخلاقهم:

وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت

فإنهم ذهبت ألاقهم ذهبوا

يقولون إن تلك الصور والرسوم تدخل في حرية التعبير خابوا وخسئوا "كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا" ولكن هل يستطيعون إن كان الأمر فعلا يتعلق بحرية التعبير ولو على سبيل الافتراض والاحتمال أن يشككوا في أسطورة العصر، أسطورة المحرقة اليهودية التي يستدر بها الصهاينة أحفاد القردة والخنازير عطف الصليبيين وجيوب المرابين ودعم الظالمين المستكبرين.

لقد كان الرئيس الإيراني وهو المؤمن القوي- والمؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف- محقا في استخدام حقه في التعبير عن آرائه كاملا غير منقوص.وقد صدم الغرب بتصريحاته الجريئة لم يخش جبروتهم ولم يتخذ من نظرتهم إلى الأمور معيارا في تحديد المقبول والمرفوض والصواب والخطأ كان يعبر عن صوت "الآخر" القادم من وراء الأفق البعيد، من ضفاف القهر وشواطئ المعاناة التي كرستها سياسات الغرب الظالمة.

كان رائعا مدهشا قويا جريئا معبرا عن حقه في الاختلاف المطلق،وقد ثارت ثائرة الغرب وجن جنون ساسته فلوحوا بسلاح الحصار والمقاطعة الاقتصادية لا لشيء سوى أن الرجل قد شكك في الأرقام التي يقدمها اليهود لتحديد قتلاهم أيام النازية، فأين حرية التعبير؟وأين الحق في الاختلاف الذي يتحدثون عنه؟والآن يعاقب الشعب الفلسطيني عقابا جماعيا لأنه اختار حركة حماس الإسلامية فهل أصبح الاختيار الحر جريمة يعاقب عليها ؟

نحن نعلم أن الغربيين قد أخرجوا الدين من حياتهم وأعلنوا حربا ضروسا ضد"المقدس" خلال تاريخهم "فأعطوا ما لله لله وما لقيصر لقيصر".

ونعلم أن الديانة المسيحية المحرفة والسلطة الكنسية في القرون الوسطى كانت تمثل نموذجا سيئا من نماذج التدين فقد أفقرت الكنسية البلاد وأرهقت العباد وأحرقت الحرث والنسل بتحالفها مع الاستبداد السياسي ممثلا في الملوك المتألهين والاستكبار الاقتصادي ممثلا في الإقطاعيين، ونعلم أن الكنيسة كذلك قد حاكمت العلماء والفلاسفة والمفكرين وأقامت محاكم للتفتيش من أجل محاصرة "الرأي " وإلغاء الاختلاف والتعدد والإبداع.

لقد كان موقف الغربيين من الدين تعبيرا عن رفضهم لتاريخهم الخاص في هذا المجال، واحتجاجا على نمط من التدين الخاطئ المنحرف أفرزه تاريخ الغرب ذاته،وفي هذا الإطار يمكن أن نفهم مواقف فلاسفة الغرب من الدين ويمكن أن نتفهم العلمانية في الغرب كنوع من التحرر والانعتاق من هيمنة ديانة محرفة ظالمة.

ولكن خطأ الغرب أنه يعتبر تاريخه كونيا شموليا فما عاشه الغرب من تجارب ينبغي أن يعيشه الآخرون وما مر به الغرب من مراحل تاريخية ينبغي أن يمر به الآخرون والمواقف التي اتخذها الغرب يجب أن يتخذها الآخرون، فإذا كان الغرب قد عرف نمطا من أنماط التدين السيئ ينبغي أن تكون أديان الآخرين سيئة وإذا كان الغرب قد أساء إلى دينه وأعلن عليه حربا فينبغي أن يسيء إلى أديان الآخرين ويحاربها.

وهذا لعمري قياس خاطئ وتمركز مرضي حول الذات واعتداد بالنفس لا حد له.

خطأ الصحافة الغربية أنها لا تعرف مكانة النبي صلى الله عليه وسلم عند المسلمين ولا تعرف مقام النبوة عند الموحدين.

خطأ الصحافة الغربية أنها تدفع المسلمين جميعا إلى الإرهاب عندما تعتبر رسولهم صلوات الله وسلامه عليه إرهابيا لأن القرآن يقول"ولكم في رسول أسوة حسنة وإذن يصبح الإرهاب أسوة حسنة.

خطأ الصحافة الغربية أنها تدفع المسلمين جميعا إلى أحضان تيارات التكفير، إلى أحضان التيارات الرافضة للغرب رفضا مطلقا.

وأعتقد أن موجة العنف ستتزايد وأن جماعات العنف ستتسابق إلى دول الغرب لضربها في عقر دارها أو ضرب مصالحها المنتشرة في العالم لأن السن بالسن والعين بالعين ولأنه على نفسها جنت براقش.

وذلك لا يخدم حوار الحضارات ولا يخدم الانفتاح على "الآخر" ولكن الغرب هو المسؤول عن ذلك أولا وأخيرا.

المصطفى ولد اقليب
نقلا عن صحيفة الراية الموريتانية

[عصام البُكير]

جزاك الله خير يا أخي العزيز د. عماد الدين


مواضيعك دائماً ممتعه وتستحق قراءتها اسئل الله العلي القدير ان يحفظكم ويجعلكم ذخراً للإسلام الى الأمام يا ايها الصنديد