بسم الله الرحمن الرحيم
من وراء الأسوار خواطر محبوس (4/444)
رحلتي الرابعة في معتقلات بلادنا القمعية العنيدة بلغت( 444 ) يوما بحلول يوم الاثنين 3 ذي القعدة الموافق 5/12/2005م تبين لي خلالها مدى الهوة السحيقة والبون الشاسع بين الواقع وما تروج له أبواق السلطة في بلادنا ‘ وللأسف فإن بعض الانتهازيين يعملون على جر السلطة إلى معارك هامشية مع أفراد وشرائح من المجتمع وينجحون في ذلك وللأسف أيضا فإن أقطاب السلطة في بلادنا محاطون بإخطبوط من المزايدين وبائعي الّذمم الذين يضخمون لهم الأمور ويدفعونهم نحو تأزيم المواقف ويتطوعون بخدمات ماكرة تزّلفاً ونفاقاً متظاهرين بولاءٍ حميمٍ ومعجبين زيفاً وكذباً بصرامةِ وحنكةِ وصلابةِ فلانٍ من الناس إزاء كذا وكذا وتَمَكُُّّنِ هؤلاء الفاقدين للبصيرة والمفتقرين لروح المسؤولية نحو وطنهم وشعبهم من الوصول ببضاعتهم الفاسدة إلى هذه المواقع الهامة إضافةً إلى غيابِ الناصحِ الأمينِ والمشيرِ اللبيبِ والمحلل الحصيف في نفس المكان والموقع مع حرص القائمين على المفاصل الرئيسة والفاعلة في النظام على الظهور بمظهرِ من لا يخطيء كما هي الصورة التي يروج لها أعلام ألف ليلة وليلة وحساسيتهم المفرطة نحو النقد والنصيحة الصريحة جعلهم يقعون في أخطاء كانوا في غنىً عنها وقادرين على تجنبها وأظهرتهم في وضعٍ هشٍّ وموقف مهزوز يحتاجون معه إلى ترقيع الأخطاء بمزيد من الأخطاء مما يُعَـقِّـد عليهم الأمور ويربكهم ويشتت جهدهم ويجعلهم تائهين بين القيام بدورهم المفترض نحو شعبهم وبلدهم وبين المعارك المصطنعة التي دفعوا إليها أو وقعوا فيها .
إن التّسَرّع في اعتقال القاضي / محمد لقمان وكذلك التسرع في استصدار حكمٍ بسجنه ثم الاندفاع لاعتقال الكاتب والصحفي المعارض / عبد الكريم الخيواني واستصدار حكم بحقه ثم اعتقال العلامة / يحيى الديلمي واعتقالي بعده بأسبوع ثم الاتجاه نحو محاكمتنا واستصدار أحكام خرافية بحقنا بعد نهب بيوتنا وممتلكاتنا وترويع أطفالنا ونسائنا وأهلنا وما صاحب ذلك من انتهاكات صارخة للدستور والقانون من اعتقال العشرات من العلماء وطلبة العلوم الشرعية الدارسين لدى علماء الزيدية من محافظات صعـدة وحجة وعمران والجوف وصنعاء وذمار وغيرها وإغلاق مدارسهم ومضايقة خطباء وأئمة المساجد وعَـزْل وحبْس طائفة منهم وحملة التحريض والتخوين والتكفير والإساءة التي تورطت فيها أجهزة الإعلام الرسمية والتابعة لها والممارسات العنصرية والمذهبية التي يتباهى بها بعض المزايدين من مسئولين وكُـتّاب قد أحدثت شرْخاً عميقاً بين السلطة وشريحة كبيرة من المجتمع اليمني ومن يقلل من خطورة ما جرى ويوهم السلطة بأن الأمر هـيّن ولا يستحق المراجعة وسرعة المعالجة إنما يخدع من يقدم لهم رؤيته القاصرة ويصور لهم الواقع على غير حقيقته ويكذب عليهم وإن معالجة الأخطاء بالاستمرار فيها وبترقيعها بمزيد من الأخطاء سيجر إلى تداعيات غير محسوبة وغير واضحة النتائج ويُدْخل البلاد في حالة من الـَبْلـبلة والفوضى التي يسعى البعض إليها لتحقيق مآربهم على حساب مصالح الوطن وأمنه واستقراره.
إن ما يكتبه الإخوة الصحفيون من مقالات وما تتداوله شريحة غير قليلة من السياسيين المعارضين والمستقلين ووجهاء وأعيان البلد حول تدهور الأوضاع في البلد ليس نابعاً من فراغ بل إنّ ما يجري طرحه وتداوله ليس إلا الجزء البارز من المشكلة وما خفي كان أعظم.
محمد مفتاح الاثنين 5/12/2005م