يسألني أحدهم قائلا: لماذا يبدع علماؤنا في الغرب ولماذا يفوزون بأعلى الجوائز العالمية من مرتبة جائزة نوبل.. مجدي يعقوب في بريطانيا, احمد زويل, جراح القلب اللبناني مايكل دبغي, فاروق الباز, واخيرا محمد البرادعي?!
واعتقد ان الاجابة على مثل هذا السؤال لا تستدعي البحث والتفكير.. فمن البديهي ان الابداع متوفر في كل انسان كطاقة, وكل ما يحتاجه هذا الابداع هو البيئة الراعية له كي يثمر, وبما ان هذه البيئة غير متوفرة في دول العالم الثالث, فاننا نرى ان علماءنا يضطرون الى الهجرة للالتحاق بالبيئات الغربية التي ترعى ابداعهم وتوفر لهم كل ميزانيات ومجالات الابحاث كي يعملوا وينتجوا ويقدموا شيئا جديدا.
هل ممكن توفير بيئات محلية للابداع في العالم العربي. نحن نقول لا يمكن, فالبيئة هذه تتشكل من الحرية والديمقراطية والمؤسساتية, واحترام حقوق الانسان وتوفر العقول النقدية والتأويلية التي تحرص على البحث والتفتيش, كل هذه المكونات غير موجودة عندنا كوننا مجتمعات غارقة في الصراعات السياسية وتفتقد الى كل مبادئ هذا العصر, فهي مجتمعات غير حرة ومحكومة بسلطات غير ديمقراطية, والعلماء فيها امام خيار من اثنين إما الولاء للحاكم طلبا للمكاسب وللسلامة واما الهجرة الى بلاد الله الواسعة!
جوائز نوبل التي يفوز بها علماء عرب,نكتشف انها تحققت لهم بسبب البيئات التي يعملون فيها وهي بيئات محض غربية ومن هؤلاء العلماء من تخلى عن جنسيته لتوفير فرص البحث له والحصول على الامتيازات العلمية المتوفرة.. فأحمد زويل لو لم يكن في اميركا ولو لم يكن متجنسا بجنسيتها لما فاز بجائزة نوبل في الفيزياء لقاء ابداعه في مجالات تطوير استخدام أشعة ليزر واختصارها وتكثيفها الى اقصر الحدود..
من هنا نرى ان مطالب الاصلاح التي تضغط على الانظمة العربية لم تعد فقط ضرورية من اجل التنمية الاقتصادية والسياسية بل ايضا مطلوبة لتوفير مناخات الحرية التي تعتبر من ضرورات تطور الانسان وتقدمه فبغياب الحرية لا يتطور شيء.. ومن الآن وحتى يعاد بناء مجتمعاتنا على أسس عصرية فسيظل مجتمعنا ينزف العقول ويدفعها الى الهجرة الى دول العالم الحر والمتقدم.
* نقلا عن جريدة "السياسة" الكويتية