يخطئ من يظن أن سنة الرسول، لم تصلْ إلينا إلا عبر قناة أهل الحديث، المبنية على ضبط وعدالة الراوي، واتصال السند، وخلوه من الشذوذ والعلة، سنداً ومتناً، مع ملاحظة أن خلوة من الشذوذ والعلة، إنصب على السند، ولم ينصب على المتن، أن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم قد وصلت إلينا عبر قنوات أربع هي:
1-قناة نقل الجيل نقلاُ عملياً- وليس روايةً عن الجيل الذي قبله عن الجيل قبله إلى أنْ يصل الجيل عبر خمسةٍ وثلاثين جيلاً، إلى جيل الصحابة، الذين شاهدوا عملياً صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وصيامه وحجة، وكيفية دفنه للميت، وكيفية الزواج والطلاق، ومقدار أنصبة الصدقة المفروضة، وكيفية تعامله مع الأرض، وآبار المياه، والولائم والهدية والهبة، وكيفية توزيع أموال الصدقات والفيء،وكيفية عقده المعاهدات، وكيفية العمرة،وكيفية خطبة الجمعة والأذان، والإقامة، وكيفية تأمير الأمراء وعقد ألوية الجيش، وأحكام التعامل التفصيلي مع أسرى الحرب، وكيفية الرهن، وأحكام عقود البيع، والإجارة والحوالة، وأحكام توزيع الإرث التفصيلي، فكل ما نقله الجيل عن الجيل، فلا بد من فعله على الصورة التي نُقل عليها كماً وكيفا، فمن صلى صلاة الصبح المفروضة ثلاث ركعات أو أربع، فهي غير مقبولة، ومن صلى الظهر ست ركعات فهي صلاة غير مقبولة، ومن حج بلا إحرام من الميقات، أو بلا وقوف على عرفه، أو بلا طواف حول الكعبة، أو بلا أشواط بين الصفا والمروة، أو وقف بغير يوم التاسع من ذي الحجة على عرفه، فلا حجَّ له أنها أحكام كثيرة، مصدرها النقل الحسي المباشر، نقلاُ حياً مستنده الحس، فهذا الطريق أهم طريق لمعرفة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا الطريق واجب الاتباع والطاعة ومخالفتُه بلا عذر كفرٌ عملي.
2-لقد ابتدأ الفقه، أثر وفاة الرسول صلوات الله عليه مباشرة، وقيل عن فقهاء من الصحابة، وتبعهم فقهاء التابعين، ثم فقهاء تابعي التابعين، وابتدأت منذ نهاية القرن الأول الهجري وبداية القرن الثاني الهجري، مدونات الفقهاء اعتمدت مدونات الفقهاء القرآن الكريم أصلاً، والواقع مناطاً، والسنة النبوية بياناً لمجمل القرآن الكريم، فالفقه وبسبب الحاجة الماسة إليه، سبق علوم القرآن، وعلوم اللغة، وعلم مصطلح الحديث، ورواية السنة، في الصدر الأول كانت غايتها الفقه، فعلماء الفقه استندوا في استنباط الحكم الشرعي إلى السنة، وغالباً ما كان مستندهم المراسيل، مراسيل التابعين، أو تابعي التابعين ومقياسهم في صحتها، ليس السند بل مجرد التحمل، وأنها تستند إلى القرآن ذكراً أو معنى، وأنها تعالج قضايا عملية بياناً أو تخصيصا أو تقييداً، فهذه السنن التي ذكرها الفقهاء في مدوناتهم الفقهية، هي المصدر الثاني للسنة فأبو حنيفة أو ربيعة الرأي أو الإمام جابر بن زيد والحسن البصري وأمثال هؤلاء الفقهاء، تحملوا أثناء فقههُم سنناً سنها الرسول صلوات الله عليه، بياناً لما أجمله القرآن، فهذه القناة الثانية، أهم في موضوعها وأسبق من مدونات المحدثين، زماناً وأصحابها متحملون في الذمة، بينما مدونات الحديث تعفي أصحابها من التحمل، حين ذكر الإسناد، ولهذا يطمأن القلب، ويستقر العقلُ، لهذه القناة الثانية، لمصدر السنة خاصة مدونات الفقهاء الخارجين عن هيمنة السلاطين.
3-عندما ابتدأ الصراع بين فقهاء الرأي وفقهاء النص، وبين أهل العقل وأهل النقل، بحثت كل جماعة عن مستند لطريقها، في تأصيل الأصول سواء في أصول الدين، وفي أصول الفقه.
والقرآن الكريم كافٍ واف في تأصيل الأصول ولكن بعض القواعد الأصولية مثل قاعدة الأصل في الأشياء الإباحة، والأصل براءة الذمة، ودرء المفسدة أولى من جلب المصلحة، والضرورة تقدّر بقدرها، والأصل في النص عدم التعارض، والسكوت في معرض الحاجة بيان، والأصل في العمل التوقف ومعرفة الحكم الشرعي،والأمر للطلب والقرينةُ تُعيّن نوع الطلب، وإذ حدث الاختلاف في هذه القواعد وحولها، منها أصول وقواعد عقلية، ومنها أصول وقواعد مأخوذة من فقه اللغة، ومنها أصول وقواعد أخذت من القرآن الكريم، ومنها أصول وقواعد أخذت من نصوص من السنة، فقد دونها الأصوليون في مناقشاتهم ومستنداتهم، وهذا هو المصدر الثالث للسنة، ولأن هذا المصدر يشكل أصولاً وقواعد عامة، ولا يمكن معارضته بأن هناك مصلحة لمن قال به، أو يشكل تأييد موقف ما في الجزء من الزمن، ولأنه يُبنى عليه فروع، فإن هذه السنن التي تحوي قواعد أصولية وهي قليلة جداً، فإن عليه الظن أي الراجح رجحاناً قوياً، أن الرسول قال هذا القول فإنها هي المصدر الثالث في معرفة سنن الرسول صلوات الله عليه.
4-المصدر الرابع جرّ البلاء على الأمة، ولا زال، وهو ما يسمى برواية الثقات، وثقات أهل السنة والجماعة الحشوية، غير ثقات الشيعة الأمامية، ونقل الثقات نقل يتعارض ويتناقض، بل يتعارض ويتناقض نقل الواحد العدل الضابط، ويتناقض مع القرآن، بل ويتناقض مع عالم الشهادة واختلط حابله بنابله ، فكثير من الأحاديث الصحيحة عند أهل السنة والجماعة هي أحاديث تفيد التجسيم مثل حديث الصورة إلى حديث النزول إلى أحاديث الرؤية. وأحاديث تهز بل تهدم نظرية الالتزام بالإسلام وهي مجموعة نظام البدائل أو قل هي صكوك الغفران)! بفعل الحج. أو إحياء ليلة القدر أو هذا القدر من التسابيح والتهاليل ومثل حديث الرجل القاتل لمئة من الأنفس، وحديث أمتي ليس عليها عذاب، وأحاديث الشفاعة لأهل الكبائر بعد الموت، وأحاديث عدم الخلود بالنار للعصاة الذين فعلوا أفعالاً يهون الكفر إلى جانبها وأحاديث فداء أهل الذنوب من أمة محمد بيهودي أو نصراني، وتأتي أحاديث أخرى لتهز صورة الرسول صلوات الله عليه، وصورة حمزة بل وصورة الفاضلين من الصحابة مثل حديث الحوض الذي يُذاد عنه أصحاب الرسول، وحديث رضاعة المرأة للكبير أي لمن كان أكبر من 15 سنة مثل حديث سهلة بنت سهل وحديث ستصالحون الروم صلحاً آمنا فتغزون أنتم وأياهم وتغنمون، وهو حديث استند إليه مفت أعمى العين والبصيرة ليجيز التبعيه للكفار وإباحة الأرض لجيوشهم والرجال المسلمين ليكونوا تكئةً ومتاريس وأكياس رمل لصالح الأمريكان والغرب في حرب العراق وأحاديث الرؤيا الصالحة التي جعلتنا ننتظر انتصار العراق دون دخول المعركة.
ما سبق غيض من فيض من صورة القناة الرابعة وأفاعليها وهي مع أنها مجرد قناة وحالة ادعاء خالطه الهوى إلا أنها صورة بلغت من التقديس أنها قاضية على القرآن.
ففي سبيل إعادة بناء العقل الإسلامي بناء صحيحاً متيناً لا بد من قبول تحدي الأفكار الزائفة مهما حاول المفسدون في الأرض من إعطاء قدسية لها ولعلمائها منذ القرن الثاني الهجري وحتى اليوم!.
وبعد سلاماً سلاماً لمن لا يفهم! ودعوة حارة للفهم والمحاورة والجدال والحجاج والنقاش لمن يريد لأمته الخير، وويلٌ ويلٌ لمن أخذ يرتزق أو يشتهر على حساب تمتين مسلك الضياع والتوهة.
(( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ )) (يوسف:108) .
لبيك يا رسول الله!
يا من خاطبك الله بالآية السابقة وهي خطاب لأتباعك إلى يوم الدين فإنّا على البصيرة سائرون وسلام على عباده الذين اصطفى وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
قنوات السنة
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 70
- اشترك في: الجمعة أغسطس 12, 2005 12:25 pm
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 2745
- اشترك في: الأحد إبريل 18, 2004 3:47 am
- اتصال:
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
شيخنا أمين ..........
اليكم هذه المداخلة أرجو أن تستفيدو منها وهي في الحقيقة عبارة عن أقل من ملاحظة ارجو أن يتسع لها صدركم الكريم :-
سيدي الكريم
دائما عند كتابت موضوع ذي بال أوشأن أرى أن تشرع فيه بذكر الله " بسم الله الرحمن الرحيم أو الحمد لله" وذلك اقتداء بفعل الشارع الكريم و عملا بقول الشارع الكريم وايضا تطبيقا لسنة قد سار عليها السلف والخلف رحم الله منهم من يستحق الرحمة آمين .
كتبتم شيخنا الفاضل ما نصه:
"يخطئ من يظن أن سنة الرسول، لم تصلْ إلينا إلا عبر قناة أهل الحديث، المبنية على ضبط وعدالة الراوي، واتصال السند، وخلوه من الشذوذ والعلة، سنداً ومتناً، مع ملاحظة أن خلوة من الشذوذ والعلة، إنصب على السند، ولم ينصب على المتن"
حسنا سيدي الفاضل لكني أعتقد أن أغلب الفرق الاسلامية يوجد في داخلها نفس القنوات الاربع التى ذكرتم ف
الزيدية مثلا لها كتبها الخاصة بها في علم اصول الدين و لها كتبها الخاصة بها في علم الفقه ولها كتبها الخاصة بها في علم اصول الفقه كما أن لها كتبها الخاصة و في علم الحديث المشتمل على تلك القنوات الاربع غالباً
فمسند الامام زيد الحديثي وكتاب درر الاحاديث النبوية وكتاب الشفاء للامير الحسين وكتاب العلوم للامام أحمد بن عيسى بن زيد وكتاب الجامع الكافي وكتاب الامالي الاثنينية والخميسية للمرشد بالله والموفق بالله وأمالي أبو طالب وأمالي المؤيد بالله وكتاب شرح التجريد وكتاب الاعتصام وكتاب مسند شمس الاخبار وكتاب الروض النظير وغيرها من الكتب تذكر في صفحاتها لمنتسبي المذهب أغلب القنوات الاربع التى ذكرتم !!!!
كما أن كتب الفقه مشتملة على ما ذكرتم ايضا .!
كما أن الامامية لها نفس المنهج أو نفس القنوات !!!
حتى الخوارج ياشيخنا لهم نفس المنهج ولهم مسند قديم جدا اسمه الجامع الصحيح مسند الامام الربيع بن حبيب بن عمرالازدي البصري .
سيدي الكريم
للزيدية منهج خاص يتم بواسطته تنقية الاحاديث الظنية وغربلتها وبهذا المنهج تعرف سنة رسول الله وما صح منها
الزيدية تعرّف السنة فتقول في كتبها :
السنة هي :"قولُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفعلُه وتقريره"ثلاثة اقسام لها اذا قولٌ وهو اقواها وفعلٌ ثم تقريرٌ
[علم الرجال وغيره من العلوم]
لقد اساس الامام علي بن أبي طالب لهم ولغيرهم من الفرق علم الرجال واشار الى غيره من العلوم حين سؤل عليه السلام عما في أيدي الناس من اختلاف الخبر. فقال عليه السلام:
إنَّ فِي أَيْدِي النَّاسِ حَقّاً وَبَاطِلاً، وَصِدْقاً وَكَذِباً، وَنَاسِخاً وَمَنْسُوخاً، وَعَامّاً وَخَاصّاً، وَ مُحْكَماً وَمُتَشَابِهاً، وَحِفْظاً وَوَهْماً، وَلَقَدْ كُذِبَ عَلَى رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهٌ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلََّم- عَلَى عَهْدِهِ، حَتَّى قَامَ خَطِيباً، فَقَالَ: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ». وَإِنَّمَا أَتَاكَ بِالْحَدِيثِ أَرْبَعَةُ رِجَالٍ لَيْسَ لَهُمْ خَامِسٌ:
1/رَجُلٌ مُنَافِقٌ مُظْهِرٌ لِلْإِيمَانِ، مُتَصَنِّعٌ بِالْإِسْلاَمِ، لاَيَتَأَثَّمُ (1) وَلاَ يَتَحَرَّجُ ، يَكْذِبُ عَلَى رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهٌ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلََّم- مُتَعَمِّداً، فَلَوْ عَلِمَ النَّاسُ أَنَّهُ مُنَافِقٌ كَاذِبٌ لَمْ يَقْبَلُوا مِنْهُ، وَلَمْ يُصَدِّقُوا قَوْلَهُ، وَلكِنَّهُمْ قَالُوا: صَاحِبُ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهٌ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلََّم- رَآهُ، وَسَمِعَ مِنْهُ، وَلَقِفَ عَنْهُ ، فَيَأْخُذُونَ بِقَوْلِهِ، وَقَدْ أَخْبَرَكَ اللهُ عَنِ الْمُنَاقفِقِينَ بِمَا أَخْبَرَكَ، وَوَصَفَهُمْ بِمَا وَصَفَهُمْ بِهِ لَكَ، ثُمَّ بَقُوا بَعْدَهُ، فَتَقرَّبُوا إِلَى أَئِمَّةِ الضَّلاَلَةِ، وَالدُّعَاةِ إِلَى النَّارِ بِالزُّورِ وَالْبُهْتَانِ، فَوَلَّوهُمُ الْأَعْمَالَ، وَجَعَلُوهُمْ حُكَّامً عَلَى رِقَابِ النَّاسِ، فَأَكَلُوا بِهِمُ الدُّنْيَا، وَإِنَّمَا النَّاسُ مَعَ الْمُلُوكِ وَالدُّنْيَا، إِلاَّ مَنْ عَصَمَ اللهُ، فَهذَا أَحَدُ الْأَرْبَعَةِ.
2/وَرَجُلٌ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللهِ شَيْئاً لَمْ يَحْفَظْهُ عَلَى وَجْهِهِ، فَوَهِمَ فِيهِ، وَلَمْ يَتَعَمَّدْ كَذِباً، فَهُوَ فِي يَدَيْهِ، يَرْوِيهِ وَيَعْمَلُ بِهِ، وَيَقُولُ: أَنَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهٌ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلََّم- ، فَلَوْ عَلِمَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّهُ وَهِمَ فِيهِ لَمْ يَقْبَلُوهُ مِنْهُ، وَلَوْ عَلِمَ هُوَ أَنَّهُ كَذلِكَ لَرَفَضَهُ!
3/وَرَجُلٌ ثَالِثٌ، سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهٌ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلََّم- شَيْئاً يَأْمُرُ بِهِ، ثُمَّ إِنَّهُ نَهَى عَنْهُ وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ، أَوْ سَمِعَهُ يَنْهَىُ عَنْ شَيْءٍ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ وَهُوَ لايَعْلَمُ، فَحَفِظَ المَنسُوخَ، وَلَمْ يَحْفَظِ النَّاسِخَ، فَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ لَرَفَضَهُ، وَلَوْ عَلِمَ الْمُسْلِمُونَ إذْ سَمِعُوهُ مِنْهُ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ لَرَفَضُوهُ.
4/وَآخَرُ رَابِعٌ، لَمْ يَكْذِبْ عَلَى اللهِ، وَلاَ عَلَى رَسُولِهِ، مُبْغِضٌ لِلْكَذِبِ، خَوْفاً للهِ، وَتَعْظيِماً لِرَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهٌ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلََّم- وَلَمْ يَهِمْ ، بَلْ حَفظَ مَا سَمِعَ عَلَى وَجْهِهِ، فَجَاءَ بِهِ عَلَى مَا سَمِعَهُ، لَمْ يَزِدْ فِيهِ وَلَمْ يَنْقُصْ مِنْهُ، وَحَفِظَ النَّاسِخَ فَعَمِلَ بِهِ، وَحَفِظَ الْمَنْسُوخَ فَجَنَّبَ عَنْهُ ، وَعَرَفَ الْخَاصَّ وَالْعَامَّ، وَمُحْكَمَ والمُتَشَابِهَ فَوَضَعَ كُلَّ شَيْءٍ مَوْضِعَهُ. وَقَدْ كَانَ يَكُونُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهٌ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلََّم الْكَلاَمُ لَهُ وَجْهَانِ: فَكَلاَمٌ خَاصٌّ، وَكَلاَمٌ عَامٌّ، فَيَسْمَعُهُ مَنْ لاَ يَعْرِفُ مَا عَنَى اللهُ بِهِ، وَلاَ مَا عَنَى بِهِ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهٌ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلََّم- فَيَحْمِلُهُ السَّامِعُ، وَيُوَجِّهُهُ عَلَى غَيْرِ مَعْرِفَةٍ بِمَعْنَاهُ، وَمَا قُصِدَ بِهِ، وَمَا خَرَجَ مِنْ أَجْلِهِ، وَلَيْسَ كُلُّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهٌ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلََّم- مَنْ كَانَ يَسْأَلُهُ وَيَسْتَفْهِمُهُ، حَتَّى إِنْ كَانُوا لَيُحِبُّونَ أَنْ يَجِيءَ الْأَعْرَابِيُّ أَوْ الطَّارِىءُ، فَيَسَأَلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَتَّى يَسْمَعُوا، وَكَانَ لاَ يَمُرُّ بِي مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ إِلاَّ سَأَلْتُ عَنْهُ وَحَفِظْتُهُ. فَهذِهِ وَجُوهُ مَا عَلَيْهِ النَّاسُ فِي اخْتِلاَفِهِمْ، وَعِلَلِهِمْ فِي رِوَايَاتِهِمْ. أهـ من نهج البلاغة
سيدي الكريم
للزيدية كما قلتُ لكم سابقا منهجا خاصا بها في
"علم الحديث " كما أن لها طرقها لمعرفة أحاديث رسول الله وتمحيصها وسبرها وتنقيتها !
نجم آل الرسول ذكر في كتابه المجموع الكبير في مبحث تحت عنوان
[أصول الاسلام الخمسة ]أ
شار الى قضية هامة في ما نحن بصدده قال يرحمه الله:
من لم يعلم من دين الإسلام خمسة من الأصول، فهو ضآلٌ جهول.
أولهن:
أن الله سبحانه إله واحدٌ ليس كمثله شيء، بل هو خالق كل شيء، يدرك الأبصار ولا تدركه الأبصار وهو اللطيف الخبير.
والثاني:
من الأصول: أن الله سبحانه عدل غير جائر، لا يكلف نفساً إلا وسعها، ولا يعذبها إلا بذنبها، لم يمنع أحداً من طاعته بل أمره بها، ولم يدخل أحداً في معصيته بل نهاه عنها.
والثالث:
من الأصول: أن الله سبحانه صادق الوعد والوعيد، يجزي بمثقال ذرة خيراً، ويجزي بمثقال ذرة شراً، من صيَّره إلى الثواب فهو فيه أبداً خالد مخلد، كخلود مَن صَيَّره إلى العذاب الذي لا ينفد.
والرابع:
من الأصول أن القرآن المجيد فصل محكم، وصراط مستقيم لا خلاف فيه ولا اختلاف، وأن سنة رسول الله صلى الله عليه ما كان لها ذكر في القرآن ومعنى.
والخامس:
من الأصول: أن التقلب بالأموال في التجارات والمكاسب في وقت ما تعطل فيه الأحكام، وينتهب ما جعل الله للأرامل والأيتام، والمكافيف والزُّمناء، وسائر الضفعاء، ليس من الحل والإطلاق كمثله في وقت ولاة العدل والإحسان، والقائمين بحدود الرحمن.
فجميع هذه الأصول الخمسة لا يسع أحداً من المكلفين جهلها، بل تجب عليهم معرفتها.
ومعنى كلامه عليه السلام كما فهمت أنا "أن سنة رسول الله تعرض على كتاب الله "
وحفيده الهادي الى الحق يحيى بن الحسين نظر الى علم الحديث أو علم السنة من زوايا مختلفة متعدده .
اليكم بعض الاقتباسات الهامة منها قال في المجموعة الفاخرة يرحمه الله :
نقول، من بعد الحمد لله والثناء عليه، والصلاة على محمد صلى الله عليه وآله وسلم:
أمَّا بعد، فإنا نظرنا في أمور هذه الأمة وأسبابها، وقلبنا ما قلبنا من حالها وأخبارها، وافتراق أقاويلها، وفساد تأويلها، وقلة ائتلافها، فوجدنا أمورها تدل على أنها ضيعت ما به أمرت، حتى صعب قيادها، وكثر حيادها، وقل فهمها، وكثر تخليطها، وصار لكلها قول مقول، و عمل فادح معمول، ينفر منه القلب الجهول، فضلاً عن أهل المعرفة والعقول. كان من أنكرِ قولِها وأعظمِ جهلها ما قالت به في الله سبحانه، فرمت به لجهلها رسوله، فزعمت لعظيم غفلتها وعامر رقدتها أن دينها الذي به تعبدها ربها كتاب ناطق مضى، وسنة جاء بها من نفسه النبيء، شرعها من ذاته، وتخيرها للعباد بنظره، لم يأمر بها الرحمن، ولم تنزل عليه في آي القرآن، فزعمت بذلك من قولها، فلزمها في أصل مذهبها وحاق بها في جميع قولها أنها زعمت فيما ذكرت وقالت: إن الله وكل نبيه صلى الله عليه وآله وسلم في الدين إلى نفسه، ولم يشرع له كلما يحتاج إليه من فرضه، كأن لم يسمعوا الله سبحانه يقول فيما نزل على نبيه من القول: ﴿مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ﴾[الأنعام: 38]، ويقول سبحانه: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾[النحل: 89]، وكأن لم يسمعوا قوله: ﴿أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾[العنكبوت: 51]، فأخبر سبحانه بقوله: ﴿أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ﴾، أن فيما نزل من تبيانه ونوره وبرهانه كفاية لهم، في كل ما افترض عليهم، ولو كان ترك شيئاً مما يحتاجون إليه لم ينزله على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم في القرآن وعلى لسان جبريل، لم يقل: ﴿أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ﴾، فدل بما شهد به من الكفاية لهم على أنه لم يكل نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم إلى استخراج شيء مما افترض عليهم وعليه، وأنه لم يترك شيئاً من فرائضه، ولا شرائع دينه إلا وقد أوحى به إلى رسوله وحياً، ونزل عليه به نوراً وهدى، فلم يكف هذه الأمة ما نزل الله فيما ذكرنا من الحجة حتى قالت: إن كل فرع مفرع مما فرعه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو منه اختياراً وتمييزاً من نفسه، وإن ذلك ليس هو من ربه، من ذلك ما قال الله سبحانه في الصلاة الموجبة، والزكاة المفترضة، حين يقول: ﴿أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾[المجادلة: 13] فزعمت هذه الأمة فيما ذكرت، وبه على الله سبحانه اجترأت، أو من قال بذلك منها، أنه لم يكن من الله جل جلاله، وعظم عن كل شأن شأنه في الصلاة غير ما أمر به من إقامتها، وأنه لم يحد لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم شيئاً من حدودها، ولم يوقفه على ما به كمالها من ركوعها وسجودها وعدد ركعاتها، وأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اخترع ذلك من نفسه، وسنه لأمته، وجعله ديناً لها من ذاته، وأن شرائع الزكوات وما به تجب الزكوات في الأوقات المفروضات الموقتات، وما يؤخذ من الأموال الصامتة، والأنعام السائمة، والأطعمات، وما يجب في التجارات من الأعشار وأنصافها، وما حدد في ذلك كله من الحدود المعروفة، وأوقف عليه في كل ذلك من الأفعال المفهومة، من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا من الله، وأن ذلك شيء فعله برأيه، واختاره بتمييزه، وفعله باجتهاده، وفرضه على أمته دون خالق المخلوقين وإله العالمين، وكذلك قالوا في جميع الفرائض المفروضة والفروع المتفرعة، فزعمت هذه الأمة، أو من قال بذلك منها، أن ما كان في الكتاب ناطقاً موصولاً فهو من الله فرض مفترض، وما كان من تفريع الأصول وتمييز ما ميز صلى الله عليه وآله وسلم من الفصول فإنه منه لا من الله، وأنه فعله لا فعل الله، ثم سموا ذلك الفرع سنة، وأخرجوا معنى السنة من الفريضة، وتوهموا أن ذلك كما قالوا، ولم يعلموا ما عليهم في ذلك حتى حكموا به وسموه كذلك، فلما عظم الأمر، وجل الخطر، ورأينا الهلكة واقعة بهم، والضلالة شاملة لهم، رأينا أن نفسر معنى قول القائل سنة، ونشرح ما السنة، وكيف كان تفريع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما فرع من الأصول المنزلة التي جاءت في كتاب الله سبحانه مجملة، فقلنا:
إن رسول الله عليه السلام لم يكن ليخترع أمراً دون الله سبحانه، وأنه كما قال صلى الله عليه وآله وسلم حين يقول: ﴿إِنْ أَتَّبِعُ إلا مَا يُوحَى إِلَيَّ﴾[الأعراف: 203]، وكما قال عليه السلام حين يقول: ﴿وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ﴾[ص: 86]، ونقول إن الله سبحانه لم يكل شيئاً من ذلك إلى نبيه يبتدعه ولا يشرعه ولا يفرضه ولا يثبته؛ إذا لقد كلفه الله شططاً من أمره، وألزمه معوزاً من فعله، بل القول في ذلك المبين، والحق البين اليقين أن الله سبحانه، وجل عن كل شأن شأنه، أصل أصول فرائضه في الكتاب المبين، ونزله على خاتم النبيين، فجعل في كتابه أصول كلما افترضه من الدين، وبينه لجميع العالمين، فكانت أصول الدين في الكتاب كلها، وجاءت الفصول مفصولة والفروع المفرعة إلى النبي عليه السلام من الله ذي الجلال والإكرام على لسان الملك الكريم جبريل الروح الأمين، فنزل بشرائع الدين وتفريع أصول القرآن المبين على محمد صلى الله عليه وآله وسلم، كما نزل عليه السلام بالأصول إليه، وكان نزوله بالفروع مفرعة، كنزوله بالأصول المجملة المجتمعة، وأدى جبريل الروح الأمين إلى محمد خاتم النبيئين فروع شرائع الدين، عن الله رب العالمين، كما أدى مجملات أصول القرآن المبين.
والسبب في تفريق ذلك من الله، فنظرٌ من الله لبريته، وعائدة على خلقه، ولطف في فعله وصنعه، وتقوية لمن أراد حفظ كتابه، وحمل ما نزل من وحيه وبيانه، فخفف عنهم في الكتاب، وأعانهم بذلك في كل الأسباب، ففرق بين الأصول الموصولة والفروع المفرعة، فجعل الأصول في الكتاب مجملة جاء بها جبريل، وجعل الفروع في غير الكتاب جاء بها أيضاً جبريل، فكلٌ من الله وحي مبين، وتفصيل وفرض منه سبحانه وتنزيل، بعث بهما كليهما رسولاً واحداً، ملكاً عند الله مقرباً أميناً مؤتمناً، فأدى إلى الرسول عليه السلام ما به أرسل إليه، وتلى عليه من ذلك ما أمر بتلاوته عليه، فكان ذلك من الله فرضاً مميزاً، وديناً من الله مفترضاً لم يكن لرسوله فيه اختيار، ولم يشرع لأمته من دين الله إلا ما شرع الله، ولم يأمرها إلا بما أمرها الله، ولم ينهها إلا عمَّا نهاها الله.
وقال عليه السلام في نفس الكتاب
ثم نقول إن كلما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إنه حرام لا يجوز تحليله، أو إنه حلال لا يجوز تحريمه، ومحظور لا يجوز اطلاقه، أو مطلق لا يجوز حظره، فإنه من الله لا منه، وإنه لم يفعل ذلك إلا بأمر الله، ولم يتعدّ فيه فرض الله تعالى وإن ذلك لازم للأمة، وإن لمن خالفه أو نقص بعضه العقاب والعذاب، وإن لمن أداه على وجهه وعبد الله بما تعبده به الثواب، فكل ما ذكرنا من ذلك من الحلال والحرام وشرائع الدين والأحكام فهي من الله حقاً حقاً. وليس حالها كحال غيرها مما جعله رسول الله عليه السلام من نفسه واختياره ورآه مما لم يجعل الله ولا رسوله على تاركه عقاباً، مثل ما سنّ من الوتر، وتقليم الأظافر، وحلق الشعر والسواك وتعفية اللحية وأخذ الشارب، وغير ذلك مما سن وفعل واختار لنفسه من زيادات العبادة والصلاة، مثل ما كان يصلي ويلزم ويحب من ركعات كان يصليهن فيما سوى الفريضة، ومثل ما كان يرى من التعزيرات، ويفعله عند النازلات، وما كان يكون منه من التأديب لأمته على ما يكون من خطا أفعالها؛ لأن الخطأ من أفعال الأمة على أربعة وجوه:
فوجه:
يجب لله فيه حد، وهو ما جعل فيه سبحانه حداً في كتاب الله وسماه، مثل ضرب الزانيين، وقطع السارقين، وحد القاذفين، وما أشبه ذلك مما جاء في الكتاب حده مبيناً.
والوجه الثاني:
فما نزل به جبريل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وحده له وأمره به، من أدب من ارتكب شيئاً محرماً مثل حد الخمر المحرمة في الكتاب، نزل بالحد فيها وفسره كما فسر غيره من الفروع جبريل لمحمد عليه السلام.
والوجه الثالث:
فخطأ من أفعال العباد يجب للنبي عليه السلام فيه الأدب على فاعله، وهو مثل رجل لو ضم امرأة إليه، أو قبلها، أو نظر إلى شعرها أو بشرها، فلرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الاختيار في أدبه وتعزيره، على قدر ما كان من فعله وجرأته، يقل الأدب أو يكثر على قدر ما يرى من بلوغ الأدب، وجزع المؤدَب، وكذلك الأئمة لها في ذلك الاختيار تعزر بما رأت يقل الأدب أو يكثر على قدر ما ترى من عظم الجرم وصغره، وبلوغ الأدب في المؤدب واحتماله للأدب، عليها فرض أن تعمل النظر في ذلك، وتتحرى التنكيل للمؤدبين قل الضرب في ذلك أو كثر، تطلب بلوغ جزع المؤدب، والإبلاغ منه بما ترى فيه من الصلاح له.
والوجه الرابع:
فهو اللمم الذي ذكر الله، وهو فعل لا يجب فيه الحد لله ولا لرسوله، ولا للأئمة أدب. واللمم: فهو ما ألم به صاحبه من غير تعمد ولا اعتقاد، ولا هم ولا عزم، بمثل النظر عن غير تعمد، والمزاحمة للمرأة عن غير قصد، وما أشبه ذلك مما لم يتقدم له ذكر في ذلك على فاعله، ولم يقصد به اجتراء على خالقه، ولا تعمداً لإتيان معصية، ولا استحلال محرمة، فهذا معنى اللمم الذي ذكر الله سبحانه.
ومن الحجة على من زعم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فرع من ذاته شيئاً من الفرائض المحكمات، أو شرع من ذاته شيئاً من الأحكام المشروعات، أن يقال له: خبرنا عن فعل الله هل هو فعل نبيه، وعن فعل نبيه هل هو فعله؟ فمن أصل قوله إذا كان موحداً وبالله إذا كان عارفاً أن يقول: لا. ثم يقول: فعل الله خلاف فعل محمد، وفعل محمد صلى الله عليه وآله وسلم خلاف فعل الله عز وجل.
فيقال له حينئذ: ألا ترى أن هذا الذي ذكرت أن محمداً فرعه وشرعه وفصله، وأمر العباد بفعله، هو فعل لمحمد؟
فإذا قال: نعم، قيل له: أفليس فعل محمد خلاف فعل الله؟
فإذا قال نعم، قيل له: فمحمد إذا هو المفترض للفرائض على الأمة دون الله، إذ كان فعل محمد خلاف فعل الله، ومحمد إذا لو كان ذلك كذلك كان المعبود بأداء فرائضه دون الله، إذ الفرض من محمد لا من الله.
فلا يجد بداً، إن كان عارفاً وله موحداً، من أن يرد جميع ما تعبد به الأمة إلى الله عز وجل، ويزعم ويقول ويعتقد أنه من الله، حتى يصح له القول بأن المسلمين عبدوا الله لا غيره، ويثبت الفعل في فرض المفروضات لله لا لغير الله، لأن العبادة من العابدين لم تصح إلا بأداء الفرائض لمن افترضها، فمن ثبتت له الشرائع والتفريع والتبيين ثبت له الفرائض، ومن ثبت له الافتراض للمفروضات ثبتت له العبادة في كل الحالات من العابدين وهم المؤدون للفرائض المحكمة، والشرائع المثبتة التي لا تصح لهم عبادة إلا بأدائها، ولا ديانة إلا بإقامتها، فهذه حجة على من عرف الله بالغة كاملة بينة نيرة تبين لمن أفكر فيها، وتصح لمن تدبر معانيها، والحمد لله رب العالمين وسلام على المرسلين.
ومن الحجة على من قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما يقول المبطلون: من أنه لو فرع الفروع من نفسه، وأوجبها على الأمة دون ربه، لكان المتعبد لنفسه بالفرض الذي أوجبه عليها وفرعه لها، لأنه صلى الله عليه وآله وسلم أول العابدين، وأخلص المخلصين، وأقوم القائمين بهذه الفرائض المفروضات، والفروع المفرعات، فهو قائم بها عابد لمن فرضها بإقامته لحدودها، فالفارض لها هو المعبود دون غيره، فتبارك الله رب العالمين، الذي فرض فرائضه على جميع المربوبين الملائكة المقربين والأنبياء والمرسلين وجميع الثقلين. وفي تبري رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من التكلف لشيء من فروع أحكام الله عز وجل وفرضه، وما جعل من برهانه ودينه، ما يقول الله تبارك وتعالى:﴿وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِم بِآيَةٍ قَالُواْ لَوْلاَ اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يِوحَى إِلَيَّ مِن رَّبِّي﴾[الأعراف: 203].
فإن قال قائل:
ما معنى قول من يقول: سنة، وما معنى دعاء من دعا إلى الكتاب والسنة؟
قيل له:
معنى الدعاء إلى ذلك هو الدعاء إلى الأصول الموصلة، والجمل المجملة، والآيات المنزلة، وإلى الفروع المفرعة، والأحكام المحكمة، والشرائع المبينة، والطاعات المفترضة.
والكتاب فهو:
جزء من وحي الله وأحكامه، وسنته جزء آخر من وحي الله وتبيانه، فسمي الوحي الذي فيه أصول المحكمات من الأمهات المنزلات قرآناً، لأنه جعل للأصول إماماً وقواماً، وللفروع المفرعات أصولاً وتبياناً، وسمي الجزء الثاني من وحي الله عز وجل وفرائضه سنة وبرهاناً، فكان ما يتلى في آناء الليل والنهار أحق بأن يسمى قرآناً، لما فيه من واجب التلاوات، وما يتعبد به المتعبدون من الدراسات، وكان ما فسر به المجملات مما بين به المتشابهات من الفروع المبينات أولى بأسماء السنة في الباين من اللغات؛ لأن معنى السنة هو التبيين للموجبات للحجة، لقول العرب سن فلان سنة، تريد بيّن أمراً وشرع خيراً، وجعل شيئاً يستن به فيه، ومعنى يستن به أن يقتدى به فيه ويحتذى. وكذلك وعلى ذلك يخرج معنى قول القائل سن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كذا وكذا، يريد أظهر وبين ما جاء به من عند الله.
والسنة فهي:
الأحكام المبينة، والفرائض المفصلة، فهي لله سبحانه ومنه، لا من رسول الله صلوات الله عليه وآله ولا عنه، وليس له فيها فعل غير التبيلغ والأداء والنصيحة والإبلاء، والسنة فهي سنة الله عز وجل، وإنما نسبت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على مجاز الكلام، إذ هو المبلغ لها والآتي عن الله سبحانه بها، كما يقال للقرآن كتاب محمد، وكما يقال للإنجيل كتاب عيسى، وكما يقال للتوراة كتاب موسى، قال الله سبحانه في ذلك وما كان من الأمر كذلك: ﴿وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إماما وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَانًا عَرَبِيًّا﴾[الأحقاف: 12]، فسماه كتاب موسى ونسبه إليه، وإنما هو كتاب الله عز وجل الذي نزل على موسى، وكذلك مجرى السنة في قول القائل سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يريد سنة الله، ومعنى سنة الله فهو فرض الله وحكمه وتبيانه لدينه وعزمه، قال الله جل جلاله:﴿سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ﴾[غافر: 85]، يريد سبحانه بقوله: ﴿سُنَّةَ اللَّهِ﴾ أي: ذكر الله وفعله، وصنعه في خلقه وأمره.
ومن قال سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يريد بها غير ما ذكرنا من المعنى، أو توهم في ذلك أنه شيء من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا من الله، فقد جهل أمر الله، وحرف معاني تأويل قول الله، ونسب البهتان إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقال بأفحش القول في الله سبحانه وفيه.
وينتقل مولانا الهادي ليتحدث عن قضية هامة جدا وهي مسألة العرض أي عرض الحديث النبوي على كتاب الله قال يرحمه الله :
والسنة فلم تعارض الكتاب أبداً بإبطال لحكم من أحكامه، ولا أمر من أمره، ولا نهي من نهيه، ولا إزاحة شيءٍ من خبره، ولا رد شيء من منسوخه، ولا نسخ شيء من مثبته، ولا إحكام شيء من متشابهه، ولا تغيير شيء من محكمه، بل السنة محكمة لكل أمر الأحكام الموصلة، المبينة للمعاني المفصلة، مفرعة للمحكمات المتبينة عن التأويلات، يشهد لها محكم الكتاب وتنبي عنها جميع الأسباب أنها من الله رب الأرباب.
وما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الفروع التي جاءته عن الله عز وجل وتبارك وتعالى حتى يقال إنها من السنة فلم يشهد له الكتاب ولم يوجد فيه ذكرها مفصلاً أو مجملاً موصلاً ثابتاً فليس هو من الله، وما لم يكن من الله فلم يقله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وما لم يقله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويحكه عن الله فهو ضد السنة لا منها، وما لم يكن منها لم يجز في دين الله أن ينسب إليها.
وآيات الكتاب هي :
الأمهات لشرائع سننه المفرعات، والأمهات فهي المحكمات، وإليهن ترد المفصلات، ومن الشواهد لما جاء من الروايات مما حكي من السنن المبينات وفي ذلك ما يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((سيكذب علي كما كذب على الأنبياء من قبلي، فما أتاكم عني فاعرضوه على كتاب الله، فما وافق كتاب الله فهو مني وأنا قلته، وما خالف كتاب الله فليس مني ولم أقله.))، يريد صلى الله عليه وآله وسلم: أن ما وافق الكتاب مما روي عنه من الأحكام ومن شرائع الإسلام فإنه منه أخذ، وأنه جاء به عن الله، وما خالف الكتاب فليس من السنة التي جاء بها عن الله؛ لأن جميع الوحي الذي جاء عن الله سبحانه من السنة والقرآن فهما شيئان متشابهان متفقان، لا يتضادان أبداً ولا يفترقان. وليس ما كان من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من فعل أو اختيار جاء به عن نفسه منسوباً إلى الله، ولا عنه ولا مشابهاً لشيء من أحكام السنن، بل قد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا رأى رأياً وفعل فعلاً مما ليس هو فيه مخالف لسنة ولا لكتاب بين ذلك عن نفسه، وأخبر أنه ليس من ربه، مثل ما كان منه صلوات الله عليه وآله في الجد الذي لقيه في الجحفة راجعاً من حجة الوداع، فقال: يا رسول الله إن ابن ابني مات فما لي من ماله؟
فقال عليه السلام: لك السدس.
فلما أن أبعد الشيخ رقّ عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ورحمه لما بان له من ضعفه وقلة حيلته وكبر سنه، فرده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: لك السدس الآخر.
فلما أن مضى الشيخ وأبعد رده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثانية، فقال: إن السدس الثاني مني طعمة لك.
فبين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما كان منه وبين ما كان من الله، فلما أن قال: (( السدس الثاني طعمة مني ))، علمنا أن السدس الأول حكم من الله، فبين صلى الله عليه وآله وسلم فعله من فعل الله عز وجل؛ لأن لا يقع على الأمة تخليط في دين الله، ولأن يبين لها أحكام ربها وفعله، لكيلا يكون لها عليه في شيء من الدين حجة. وكذلك كان عليه السلام يفعل في كل ما كان منه من تأديب أمته، وأفعاله فيها وسياسته لها، يبين فعله من فعل الله، ويخبر بما جاء به عن الله.
وكذلك ما كان من فعله وكراهيته من حمل الحمير على الخيل، وذلك قوله لعلي رحمة الله وصلواته عليهما حين قال: مما تكون هذه البغال؟
فقال: يحمل الحمار على الفرس، فيخرج من بينهما بغل.
فقال صلى الله عليه وآله وسلم: إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون.
أو قال: الذين لا يعقلون. فكره صلى الله عليه وآله وسلم أن تحمل الأشكال إلا على أشكالها، أو أن تخلى الفحول إلا على أمثالها، فكان هذا منه كراهية واختياراً، ولم يكن هذا شيئاً مما أتاه من الواحد الجبار.
ومثل هذا مما كان من رأيه وفعله ولم يأته في كتاب الله ولا في سنته مما كان يستحبه ويفعله من نوافل صلاته، وتعبده من بعد الفرائض المفروضات، لما كان يتعبد من النوافل المعروفات، اللواتي كن منه اختياراً وعبادة، يطلب بذلك من الله الفضيلة والزيادة، كان ذلك منه صلى الله عليه وآله وسلم استحساناً لنفسه، ولم يكن فرضاً من الله لا يسع تركه، ولا يجب على من تركه الكفر بربه، لأن بين الفرض وغيره من النوافل فرقاً بيناً، وفضلاً نيراً، فكثير يعلمه العلماء، ويفهمه الفهماء، ليس بلازم واجب على المتعبدين؛ إذ لم يكن فريضة من الله رب العالمين، إن أخذ به آخذ فقد أخذ بركة ويمناً، واتبع فضلاً ورشداً، وإن تركه تارك من غير زهد فيه، ولا قلة معرفة بفضله، ولا استخفاف لحق فاعله، ولا اطراحاً لرأي صانعه، ولا مضادة له في فعله، لم يكن بتركه له في دين الله فاجراً، ولا بعهد رسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم غادراً.
فافهم هديت ما به في السنة قلنا، وأحسن الفكر والتمييز فيما منهما شرحنا، تبن بذلك إن شاء الله من الجهال، وتبعد بمعرفته من اسم الضلال، وتسلم بحول الله من قول المحال، والحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين، وصلى الله على محمد خاتم النبيين وعلى أهل بيته الطيبين وسلم كثيراً.و
ينظر الامام الهادي الى الموضوع بشكل أعم و يؤكد على حديث العرض فيقول :
اعـلم أن كل قياس جاء مخالفاً للكتاب، أو جاء الكتاب له مخالفاً، حتى يكون كل واحد منهما ضد للآخر فلا يصح هذا القياس أبداً، ولا يثبت معه تأويل ولا هدى؛ لأنه مخالف للأصول، ولم يكن - ولله الحمد - ثابتاً في الفصول، وفي ذلك ومثله وما كان من شكله، ما يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( إنه سيكذب علي كما كذب على الأنبياء من قبلي؛ فما أتاكم عني فأعرضوه على كتاب الله، فما وافق كتاب الله فهو مني وأنا قلته، وما خالف كتاب الله فليس مني ولم أقله.)). فجعل صلى الله عليه وآله الكتاب إماماً لكل ما روي عنه، أو قيل إنه منه؛ يُعرض عليه، فإن جاء مثله، عُلم أنه من قوله، وإن جاء مضاداً لشيء منه، عُلم أنه ليس عنه. فهذا في الأثار المذكورة عن الرسول، فكيف فيما سواها من القياس الذي يتعاطاه ويطلبه بعض الناس، فلعمري لا يصح من قياسهم، ولا يجوز من مقالهم، إلا ما يشهد له الكتاب والسنة، وكانت الموافقة لهما منه نيرة بينه، فعند موافقة القياس للكتاب يصح القياس في الألباب، وعند مخالفة القياس للكتاب يبطل ويفسد في جميع الأسباب. فليفهم من كان ذا فهم ما به في القياس قلنا، ومامنه أجزنا، وما منه دفعنا وأبطلنا. أهــ
ويدخل مولانا نجم آل الرسول القاسم بن ابراهيم الى ما نحن بصدده من اثبات لمنهج الحديث أو علوم السنة عند الزيدية عنصرين همامين
الاول: العقل والثاني: الاجماع
يقول:
و أصل السنة التي جآءت على لسان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ما وقع عليه الإجماع بين أهل القبلة، والفرع ما اختلفوا فيه عن الرسول. فكل ما وقع فيه الإختلاف من أخبار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فهو مردود إلى أصل الكتاب والعقل والإجماع.
وبهذا تعرف يا شيخنا أن للزيدية منهجا خاصا بها لمعرفة
1- الرواة ومن هو المقبول منهم
2- الحديث وما هو المقبول منه " نقد المتن" أو عرض المتن على كتاب الله !!
كما أن للسنة عند الزيدية قسمان بعتبار آخر :
الاول : الاصل وهو "المتواتر" أو ما وقع عليه أجماع اهل القبلة
الثاني : الفرع وهو " الاحاد " وهو ما قد تتفق عليه الامة أو قد تختلف حوله !
وما أختلفت حوله الامة يجب التعامل معه من خلال خطوط اربعة
الخط الاول: عرض الحديث على كتاب الله .
الخط الثاني : عرض الحديث على العقل " الا يصادم الاصول المقررة ".
الخط الثالث : إجماع أهل القبلة بمعنى أن لا يكون الخبر الاحادي مصادم للاجماع .
الخط الرابع : النظر الى عدالة الراوي وضبطه وحفظه ووثاقه .
اشار الامام الهادي الى قضية هامة أيضا وهي أن ما ثبت من السنة في اطار الواجب أو المحرم ليس من رسول الله بل هو من الله وهو مراد له !
وما كان من السنة في اطار "المندوب أو المكره" فهو من رسول الله للمكلف العمل به فيثاب وله أن يتركه فلا اثم عليه "المندوب " وله أن يفعله فلا عقاب عليه وله أن يتركه فله آجر "المكروه"
كما اشار الى أن رسول الله قد يشتهد من خلال فهمه للنصوص فيصدق الله اشتهاده أو قد يرد الله عليه اجتهاده ويأتي بحكم آخر غير ما ذهب اليه الرسول الكريم !
والآن شيخنا الكريم هل هناك شيء جديد في اصل مبحثكم هذا ؟؟
أرجو منكم ارشادي اليه !!
تحياتي لكم شيخنا والسلام عليكم !
السلام عليكم
شيخنا أمين ..........
اليكم هذه المداخلة أرجو أن تستفيدو منها وهي في الحقيقة عبارة عن أقل من ملاحظة ارجو أن يتسع لها صدركم الكريم :-
سيدي الكريم
دائما عند كتابت موضوع ذي بال أوشأن أرى أن تشرع فيه بذكر الله " بسم الله الرحمن الرحيم أو الحمد لله" وذلك اقتداء بفعل الشارع الكريم و عملا بقول الشارع الكريم وايضا تطبيقا لسنة قد سار عليها السلف والخلف رحم الله منهم من يستحق الرحمة آمين .
كتبتم شيخنا الفاضل ما نصه:
"يخطئ من يظن أن سنة الرسول، لم تصلْ إلينا إلا عبر قناة أهل الحديث، المبنية على ضبط وعدالة الراوي، واتصال السند، وخلوه من الشذوذ والعلة، سنداً ومتناً، مع ملاحظة أن خلوة من الشذوذ والعلة، إنصب على السند، ولم ينصب على المتن"
حسنا سيدي الفاضل لكني أعتقد أن أغلب الفرق الاسلامية يوجد في داخلها نفس القنوات الاربع التى ذكرتم ف
الزيدية مثلا لها كتبها الخاصة بها في علم اصول الدين و لها كتبها الخاصة بها في علم الفقه ولها كتبها الخاصة بها في علم اصول الفقه كما أن لها كتبها الخاصة و في علم الحديث المشتمل على تلك القنوات الاربع غالباً
فمسند الامام زيد الحديثي وكتاب درر الاحاديث النبوية وكتاب الشفاء للامير الحسين وكتاب العلوم للامام أحمد بن عيسى بن زيد وكتاب الجامع الكافي وكتاب الامالي الاثنينية والخميسية للمرشد بالله والموفق بالله وأمالي أبو طالب وأمالي المؤيد بالله وكتاب شرح التجريد وكتاب الاعتصام وكتاب مسند شمس الاخبار وكتاب الروض النظير وغيرها من الكتب تذكر في صفحاتها لمنتسبي المذهب أغلب القنوات الاربع التى ذكرتم !!!!
كما أن كتب الفقه مشتملة على ما ذكرتم ايضا .!
كما أن الامامية لها نفس المنهج أو نفس القنوات !!!
حتى الخوارج ياشيخنا لهم نفس المنهج ولهم مسند قديم جدا اسمه الجامع الصحيح مسند الامام الربيع بن حبيب بن عمرالازدي البصري .
سيدي الكريم
للزيدية منهج خاص يتم بواسطته تنقية الاحاديث الظنية وغربلتها وبهذا المنهج تعرف سنة رسول الله وما صح منها
الزيدية تعرّف السنة فتقول في كتبها :
السنة هي :"قولُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفعلُه وتقريره"ثلاثة اقسام لها اذا قولٌ وهو اقواها وفعلٌ ثم تقريرٌ
[علم الرجال وغيره من العلوم]
لقد اساس الامام علي بن أبي طالب لهم ولغيرهم من الفرق علم الرجال واشار الى غيره من العلوم حين سؤل عليه السلام عما في أيدي الناس من اختلاف الخبر. فقال عليه السلام:
إنَّ فِي أَيْدِي النَّاسِ حَقّاً وَبَاطِلاً، وَصِدْقاً وَكَذِباً، وَنَاسِخاً وَمَنْسُوخاً، وَعَامّاً وَخَاصّاً، وَ مُحْكَماً وَمُتَشَابِهاً، وَحِفْظاً وَوَهْماً، وَلَقَدْ كُذِبَ عَلَى رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهٌ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلََّم- عَلَى عَهْدِهِ، حَتَّى قَامَ خَطِيباً، فَقَالَ: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ». وَإِنَّمَا أَتَاكَ بِالْحَدِيثِ أَرْبَعَةُ رِجَالٍ لَيْسَ لَهُمْ خَامِسٌ:
1/رَجُلٌ مُنَافِقٌ مُظْهِرٌ لِلْإِيمَانِ، مُتَصَنِّعٌ بِالْإِسْلاَمِ، لاَيَتَأَثَّمُ (1) وَلاَ يَتَحَرَّجُ ، يَكْذِبُ عَلَى رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهٌ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلََّم- مُتَعَمِّداً، فَلَوْ عَلِمَ النَّاسُ أَنَّهُ مُنَافِقٌ كَاذِبٌ لَمْ يَقْبَلُوا مِنْهُ، وَلَمْ يُصَدِّقُوا قَوْلَهُ، وَلكِنَّهُمْ قَالُوا: صَاحِبُ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهٌ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلََّم- رَآهُ، وَسَمِعَ مِنْهُ، وَلَقِفَ عَنْهُ ، فَيَأْخُذُونَ بِقَوْلِهِ، وَقَدْ أَخْبَرَكَ اللهُ عَنِ الْمُنَاقفِقِينَ بِمَا أَخْبَرَكَ، وَوَصَفَهُمْ بِمَا وَصَفَهُمْ بِهِ لَكَ، ثُمَّ بَقُوا بَعْدَهُ، فَتَقرَّبُوا إِلَى أَئِمَّةِ الضَّلاَلَةِ، وَالدُّعَاةِ إِلَى النَّارِ بِالزُّورِ وَالْبُهْتَانِ، فَوَلَّوهُمُ الْأَعْمَالَ، وَجَعَلُوهُمْ حُكَّامً عَلَى رِقَابِ النَّاسِ، فَأَكَلُوا بِهِمُ الدُّنْيَا، وَإِنَّمَا النَّاسُ مَعَ الْمُلُوكِ وَالدُّنْيَا، إِلاَّ مَنْ عَصَمَ اللهُ، فَهذَا أَحَدُ الْأَرْبَعَةِ.
2/وَرَجُلٌ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللهِ شَيْئاً لَمْ يَحْفَظْهُ عَلَى وَجْهِهِ، فَوَهِمَ فِيهِ، وَلَمْ يَتَعَمَّدْ كَذِباً، فَهُوَ فِي يَدَيْهِ، يَرْوِيهِ وَيَعْمَلُ بِهِ، وَيَقُولُ: أَنَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهٌ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلََّم- ، فَلَوْ عَلِمَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّهُ وَهِمَ فِيهِ لَمْ يَقْبَلُوهُ مِنْهُ، وَلَوْ عَلِمَ هُوَ أَنَّهُ كَذلِكَ لَرَفَضَهُ!
3/وَرَجُلٌ ثَالِثٌ، سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهٌ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلََّم- شَيْئاً يَأْمُرُ بِهِ، ثُمَّ إِنَّهُ نَهَى عَنْهُ وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ، أَوْ سَمِعَهُ يَنْهَىُ عَنْ شَيْءٍ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ وَهُوَ لايَعْلَمُ، فَحَفِظَ المَنسُوخَ، وَلَمْ يَحْفَظِ النَّاسِخَ، فَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ لَرَفَضَهُ، وَلَوْ عَلِمَ الْمُسْلِمُونَ إذْ سَمِعُوهُ مِنْهُ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ لَرَفَضُوهُ.
4/وَآخَرُ رَابِعٌ، لَمْ يَكْذِبْ عَلَى اللهِ، وَلاَ عَلَى رَسُولِهِ، مُبْغِضٌ لِلْكَذِبِ، خَوْفاً للهِ، وَتَعْظيِماً لِرَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهٌ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلََّم- وَلَمْ يَهِمْ ، بَلْ حَفظَ مَا سَمِعَ عَلَى وَجْهِهِ، فَجَاءَ بِهِ عَلَى مَا سَمِعَهُ، لَمْ يَزِدْ فِيهِ وَلَمْ يَنْقُصْ مِنْهُ، وَحَفِظَ النَّاسِخَ فَعَمِلَ بِهِ، وَحَفِظَ الْمَنْسُوخَ فَجَنَّبَ عَنْهُ ، وَعَرَفَ الْخَاصَّ وَالْعَامَّ، وَمُحْكَمَ والمُتَشَابِهَ فَوَضَعَ كُلَّ شَيْءٍ مَوْضِعَهُ. وَقَدْ كَانَ يَكُونُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهٌ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلََّم الْكَلاَمُ لَهُ وَجْهَانِ: فَكَلاَمٌ خَاصٌّ، وَكَلاَمٌ عَامٌّ، فَيَسْمَعُهُ مَنْ لاَ يَعْرِفُ مَا عَنَى اللهُ بِهِ، وَلاَ مَا عَنَى بِهِ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهٌ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلََّم- فَيَحْمِلُهُ السَّامِعُ، وَيُوَجِّهُهُ عَلَى غَيْرِ مَعْرِفَةٍ بِمَعْنَاهُ، وَمَا قُصِدَ بِهِ، وَمَا خَرَجَ مِنْ أَجْلِهِ، وَلَيْسَ كُلُّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهٌ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلََّم- مَنْ كَانَ يَسْأَلُهُ وَيَسْتَفْهِمُهُ، حَتَّى إِنْ كَانُوا لَيُحِبُّونَ أَنْ يَجِيءَ الْأَعْرَابِيُّ أَوْ الطَّارِىءُ، فَيَسَأَلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَتَّى يَسْمَعُوا، وَكَانَ لاَ يَمُرُّ بِي مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ إِلاَّ سَأَلْتُ عَنْهُ وَحَفِظْتُهُ. فَهذِهِ وَجُوهُ مَا عَلَيْهِ النَّاسُ فِي اخْتِلاَفِهِمْ، وَعِلَلِهِمْ فِي رِوَايَاتِهِمْ. أهـ من نهج البلاغة
سيدي الكريم
للزيدية كما قلتُ لكم سابقا منهجا خاصا بها في
"علم الحديث " كما أن لها طرقها لمعرفة أحاديث رسول الله وتمحيصها وسبرها وتنقيتها !
نجم آل الرسول ذكر في كتابه المجموع الكبير في مبحث تحت عنوان
[أصول الاسلام الخمسة ]أ
شار الى قضية هامة في ما نحن بصدده قال يرحمه الله:
من لم يعلم من دين الإسلام خمسة من الأصول، فهو ضآلٌ جهول.
أولهن:
أن الله سبحانه إله واحدٌ ليس كمثله شيء، بل هو خالق كل شيء، يدرك الأبصار ولا تدركه الأبصار وهو اللطيف الخبير.
والثاني:
من الأصول: أن الله سبحانه عدل غير جائر، لا يكلف نفساً إلا وسعها، ولا يعذبها إلا بذنبها، لم يمنع أحداً من طاعته بل أمره بها، ولم يدخل أحداً في معصيته بل نهاه عنها.
والثالث:
من الأصول: أن الله سبحانه صادق الوعد والوعيد، يجزي بمثقال ذرة خيراً، ويجزي بمثقال ذرة شراً، من صيَّره إلى الثواب فهو فيه أبداً خالد مخلد، كخلود مَن صَيَّره إلى العذاب الذي لا ينفد.
والرابع:
من الأصول أن القرآن المجيد فصل محكم، وصراط مستقيم لا خلاف فيه ولا اختلاف، وأن سنة رسول الله صلى الله عليه ما كان لها ذكر في القرآن ومعنى.
والخامس:
من الأصول: أن التقلب بالأموال في التجارات والمكاسب في وقت ما تعطل فيه الأحكام، وينتهب ما جعل الله للأرامل والأيتام، والمكافيف والزُّمناء، وسائر الضفعاء، ليس من الحل والإطلاق كمثله في وقت ولاة العدل والإحسان، والقائمين بحدود الرحمن.
فجميع هذه الأصول الخمسة لا يسع أحداً من المكلفين جهلها، بل تجب عليهم معرفتها.
ومعنى كلامه عليه السلام كما فهمت أنا "أن سنة رسول الله تعرض على كتاب الله "
وحفيده الهادي الى الحق يحيى بن الحسين نظر الى علم الحديث أو علم السنة من زوايا مختلفة متعدده .
اليكم بعض الاقتباسات الهامة منها قال في المجموعة الفاخرة يرحمه الله :
نقول، من بعد الحمد لله والثناء عليه، والصلاة على محمد صلى الله عليه وآله وسلم:
أمَّا بعد، فإنا نظرنا في أمور هذه الأمة وأسبابها، وقلبنا ما قلبنا من حالها وأخبارها، وافتراق أقاويلها، وفساد تأويلها، وقلة ائتلافها، فوجدنا أمورها تدل على أنها ضيعت ما به أمرت، حتى صعب قيادها، وكثر حيادها، وقل فهمها، وكثر تخليطها، وصار لكلها قول مقول، و عمل فادح معمول، ينفر منه القلب الجهول، فضلاً عن أهل المعرفة والعقول. كان من أنكرِ قولِها وأعظمِ جهلها ما قالت به في الله سبحانه، فرمت به لجهلها رسوله، فزعمت لعظيم غفلتها وعامر رقدتها أن دينها الذي به تعبدها ربها كتاب ناطق مضى، وسنة جاء بها من نفسه النبيء، شرعها من ذاته، وتخيرها للعباد بنظره، لم يأمر بها الرحمن، ولم تنزل عليه في آي القرآن، فزعمت بذلك من قولها، فلزمها في أصل مذهبها وحاق بها في جميع قولها أنها زعمت فيما ذكرت وقالت: إن الله وكل نبيه صلى الله عليه وآله وسلم في الدين إلى نفسه، ولم يشرع له كلما يحتاج إليه من فرضه، كأن لم يسمعوا الله سبحانه يقول فيما نزل على نبيه من القول: ﴿مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ﴾[الأنعام: 38]، ويقول سبحانه: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾[النحل: 89]، وكأن لم يسمعوا قوله: ﴿أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾[العنكبوت: 51]، فأخبر سبحانه بقوله: ﴿أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ﴾، أن فيما نزل من تبيانه ونوره وبرهانه كفاية لهم، في كل ما افترض عليهم، ولو كان ترك شيئاً مما يحتاجون إليه لم ينزله على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم في القرآن وعلى لسان جبريل، لم يقل: ﴿أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ﴾، فدل بما شهد به من الكفاية لهم على أنه لم يكل نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم إلى استخراج شيء مما افترض عليهم وعليه، وأنه لم يترك شيئاً من فرائضه، ولا شرائع دينه إلا وقد أوحى به إلى رسوله وحياً، ونزل عليه به نوراً وهدى، فلم يكف هذه الأمة ما نزل الله فيما ذكرنا من الحجة حتى قالت: إن كل فرع مفرع مما فرعه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو منه اختياراً وتمييزاً من نفسه، وإن ذلك ليس هو من ربه، من ذلك ما قال الله سبحانه في الصلاة الموجبة، والزكاة المفترضة، حين يقول: ﴿أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾[المجادلة: 13] فزعمت هذه الأمة فيما ذكرت، وبه على الله سبحانه اجترأت، أو من قال بذلك منها، أنه لم يكن من الله جل جلاله، وعظم عن كل شأن شأنه في الصلاة غير ما أمر به من إقامتها، وأنه لم يحد لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم شيئاً من حدودها، ولم يوقفه على ما به كمالها من ركوعها وسجودها وعدد ركعاتها، وأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اخترع ذلك من نفسه، وسنه لأمته، وجعله ديناً لها من ذاته، وأن شرائع الزكوات وما به تجب الزكوات في الأوقات المفروضات الموقتات، وما يؤخذ من الأموال الصامتة، والأنعام السائمة، والأطعمات، وما يجب في التجارات من الأعشار وأنصافها، وما حدد في ذلك كله من الحدود المعروفة، وأوقف عليه في كل ذلك من الأفعال المفهومة، من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا من الله، وأن ذلك شيء فعله برأيه، واختاره بتمييزه، وفعله باجتهاده، وفرضه على أمته دون خالق المخلوقين وإله العالمين، وكذلك قالوا في جميع الفرائض المفروضة والفروع المتفرعة، فزعمت هذه الأمة، أو من قال بذلك منها، أن ما كان في الكتاب ناطقاً موصولاً فهو من الله فرض مفترض، وما كان من تفريع الأصول وتمييز ما ميز صلى الله عليه وآله وسلم من الفصول فإنه منه لا من الله، وأنه فعله لا فعل الله، ثم سموا ذلك الفرع سنة، وأخرجوا معنى السنة من الفريضة، وتوهموا أن ذلك كما قالوا، ولم يعلموا ما عليهم في ذلك حتى حكموا به وسموه كذلك، فلما عظم الأمر، وجل الخطر، ورأينا الهلكة واقعة بهم، والضلالة شاملة لهم، رأينا أن نفسر معنى قول القائل سنة، ونشرح ما السنة، وكيف كان تفريع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما فرع من الأصول المنزلة التي جاءت في كتاب الله سبحانه مجملة، فقلنا:
إن رسول الله عليه السلام لم يكن ليخترع أمراً دون الله سبحانه، وأنه كما قال صلى الله عليه وآله وسلم حين يقول: ﴿إِنْ أَتَّبِعُ إلا مَا يُوحَى إِلَيَّ﴾[الأعراف: 203]، وكما قال عليه السلام حين يقول: ﴿وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ﴾[ص: 86]، ونقول إن الله سبحانه لم يكل شيئاً من ذلك إلى نبيه يبتدعه ولا يشرعه ولا يفرضه ولا يثبته؛ إذا لقد كلفه الله شططاً من أمره، وألزمه معوزاً من فعله، بل القول في ذلك المبين، والحق البين اليقين أن الله سبحانه، وجل عن كل شأن شأنه، أصل أصول فرائضه في الكتاب المبين، ونزله على خاتم النبيين، فجعل في كتابه أصول كلما افترضه من الدين، وبينه لجميع العالمين، فكانت أصول الدين في الكتاب كلها، وجاءت الفصول مفصولة والفروع المفرعة إلى النبي عليه السلام من الله ذي الجلال والإكرام على لسان الملك الكريم جبريل الروح الأمين، فنزل بشرائع الدين وتفريع أصول القرآن المبين على محمد صلى الله عليه وآله وسلم، كما نزل عليه السلام بالأصول إليه، وكان نزوله بالفروع مفرعة، كنزوله بالأصول المجملة المجتمعة، وأدى جبريل الروح الأمين إلى محمد خاتم النبيئين فروع شرائع الدين، عن الله رب العالمين، كما أدى مجملات أصول القرآن المبين.
والسبب في تفريق ذلك من الله، فنظرٌ من الله لبريته، وعائدة على خلقه، ولطف في فعله وصنعه، وتقوية لمن أراد حفظ كتابه، وحمل ما نزل من وحيه وبيانه، فخفف عنهم في الكتاب، وأعانهم بذلك في كل الأسباب، ففرق بين الأصول الموصولة والفروع المفرعة، فجعل الأصول في الكتاب مجملة جاء بها جبريل، وجعل الفروع في غير الكتاب جاء بها أيضاً جبريل، فكلٌ من الله وحي مبين، وتفصيل وفرض منه سبحانه وتنزيل، بعث بهما كليهما رسولاً واحداً، ملكاً عند الله مقرباً أميناً مؤتمناً، فأدى إلى الرسول عليه السلام ما به أرسل إليه، وتلى عليه من ذلك ما أمر بتلاوته عليه، فكان ذلك من الله فرضاً مميزاً، وديناً من الله مفترضاً لم يكن لرسوله فيه اختيار، ولم يشرع لأمته من دين الله إلا ما شرع الله، ولم يأمرها إلا بما أمرها الله، ولم ينهها إلا عمَّا نهاها الله.
وقال عليه السلام في نفس الكتاب
ثم نقول إن كلما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إنه حرام لا يجوز تحليله، أو إنه حلال لا يجوز تحريمه، ومحظور لا يجوز اطلاقه، أو مطلق لا يجوز حظره، فإنه من الله لا منه، وإنه لم يفعل ذلك إلا بأمر الله، ولم يتعدّ فيه فرض الله تعالى وإن ذلك لازم للأمة، وإن لمن خالفه أو نقص بعضه العقاب والعذاب، وإن لمن أداه على وجهه وعبد الله بما تعبده به الثواب، فكل ما ذكرنا من ذلك من الحلال والحرام وشرائع الدين والأحكام فهي من الله حقاً حقاً. وليس حالها كحال غيرها مما جعله رسول الله عليه السلام من نفسه واختياره ورآه مما لم يجعل الله ولا رسوله على تاركه عقاباً، مثل ما سنّ من الوتر، وتقليم الأظافر، وحلق الشعر والسواك وتعفية اللحية وأخذ الشارب، وغير ذلك مما سن وفعل واختار لنفسه من زيادات العبادة والصلاة، مثل ما كان يصلي ويلزم ويحب من ركعات كان يصليهن فيما سوى الفريضة، ومثل ما كان يرى من التعزيرات، ويفعله عند النازلات، وما كان يكون منه من التأديب لأمته على ما يكون من خطا أفعالها؛ لأن الخطأ من أفعال الأمة على أربعة وجوه:
فوجه:
يجب لله فيه حد، وهو ما جعل فيه سبحانه حداً في كتاب الله وسماه، مثل ضرب الزانيين، وقطع السارقين، وحد القاذفين، وما أشبه ذلك مما جاء في الكتاب حده مبيناً.
والوجه الثاني:
فما نزل به جبريل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وحده له وأمره به، من أدب من ارتكب شيئاً محرماً مثل حد الخمر المحرمة في الكتاب، نزل بالحد فيها وفسره كما فسر غيره من الفروع جبريل لمحمد عليه السلام.
والوجه الثالث:
فخطأ من أفعال العباد يجب للنبي عليه السلام فيه الأدب على فاعله، وهو مثل رجل لو ضم امرأة إليه، أو قبلها، أو نظر إلى شعرها أو بشرها، فلرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الاختيار في أدبه وتعزيره، على قدر ما كان من فعله وجرأته، يقل الأدب أو يكثر على قدر ما يرى من بلوغ الأدب، وجزع المؤدَب، وكذلك الأئمة لها في ذلك الاختيار تعزر بما رأت يقل الأدب أو يكثر على قدر ما ترى من عظم الجرم وصغره، وبلوغ الأدب في المؤدب واحتماله للأدب، عليها فرض أن تعمل النظر في ذلك، وتتحرى التنكيل للمؤدبين قل الضرب في ذلك أو كثر، تطلب بلوغ جزع المؤدب، والإبلاغ منه بما ترى فيه من الصلاح له.
والوجه الرابع:
فهو اللمم الذي ذكر الله، وهو فعل لا يجب فيه الحد لله ولا لرسوله، ولا للأئمة أدب. واللمم: فهو ما ألم به صاحبه من غير تعمد ولا اعتقاد، ولا هم ولا عزم، بمثل النظر عن غير تعمد، والمزاحمة للمرأة عن غير قصد، وما أشبه ذلك مما لم يتقدم له ذكر في ذلك على فاعله، ولم يقصد به اجتراء على خالقه، ولا تعمداً لإتيان معصية، ولا استحلال محرمة، فهذا معنى اللمم الذي ذكر الله سبحانه.
ومن الحجة على من زعم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فرع من ذاته شيئاً من الفرائض المحكمات، أو شرع من ذاته شيئاً من الأحكام المشروعات، أن يقال له: خبرنا عن فعل الله هل هو فعل نبيه، وعن فعل نبيه هل هو فعله؟ فمن أصل قوله إذا كان موحداً وبالله إذا كان عارفاً أن يقول: لا. ثم يقول: فعل الله خلاف فعل محمد، وفعل محمد صلى الله عليه وآله وسلم خلاف فعل الله عز وجل.
فيقال له حينئذ: ألا ترى أن هذا الذي ذكرت أن محمداً فرعه وشرعه وفصله، وأمر العباد بفعله، هو فعل لمحمد؟
فإذا قال: نعم، قيل له: أفليس فعل محمد خلاف فعل الله؟
فإذا قال نعم، قيل له: فمحمد إذا هو المفترض للفرائض على الأمة دون الله، إذ كان فعل محمد خلاف فعل الله، ومحمد إذا لو كان ذلك كذلك كان المعبود بأداء فرائضه دون الله، إذ الفرض من محمد لا من الله.
فلا يجد بداً، إن كان عارفاً وله موحداً، من أن يرد جميع ما تعبد به الأمة إلى الله عز وجل، ويزعم ويقول ويعتقد أنه من الله، حتى يصح له القول بأن المسلمين عبدوا الله لا غيره، ويثبت الفعل في فرض المفروضات لله لا لغير الله، لأن العبادة من العابدين لم تصح إلا بأداء الفرائض لمن افترضها، فمن ثبتت له الشرائع والتفريع والتبيين ثبت له الفرائض، ومن ثبت له الافتراض للمفروضات ثبتت له العبادة في كل الحالات من العابدين وهم المؤدون للفرائض المحكمة، والشرائع المثبتة التي لا تصح لهم عبادة إلا بأدائها، ولا ديانة إلا بإقامتها، فهذه حجة على من عرف الله بالغة كاملة بينة نيرة تبين لمن أفكر فيها، وتصح لمن تدبر معانيها، والحمد لله رب العالمين وسلام على المرسلين.
ومن الحجة على من قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما يقول المبطلون: من أنه لو فرع الفروع من نفسه، وأوجبها على الأمة دون ربه، لكان المتعبد لنفسه بالفرض الذي أوجبه عليها وفرعه لها، لأنه صلى الله عليه وآله وسلم أول العابدين، وأخلص المخلصين، وأقوم القائمين بهذه الفرائض المفروضات، والفروع المفرعات، فهو قائم بها عابد لمن فرضها بإقامته لحدودها، فالفارض لها هو المعبود دون غيره، فتبارك الله رب العالمين، الذي فرض فرائضه على جميع المربوبين الملائكة المقربين والأنبياء والمرسلين وجميع الثقلين. وفي تبري رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من التكلف لشيء من فروع أحكام الله عز وجل وفرضه، وما جعل من برهانه ودينه، ما يقول الله تبارك وتعالى:﴿وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِم بِآيَةٍ قَالُواْ لَوْلاَ اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يِوحَى إِلَيَّ مِن رَّبِّي﴾[الأعراف: 203].
فإن قال قائل:
ما معنى قول من يقول: سنة، وما معنى دعاء من دعا إلى الكتاب والسنة؟
قيل له:
معنى الدعاء إلى ذلك هو الدعاء إلى الأصول الموصلة، والجمل المجملة، والآيات المنزلة، وإلى الفروع المفرعة، والأحكام المحكمة، والشرائع المبينة، والطاعات المفترضة.
والكتاب فهو:
جزء من وحي الله وأحكامه، وسنته جزء آخر من وحي الله وتبيانه، فسمي الوحي الذي فيه أصول المحكمات من الأمهات المنزلات قرآناً، لأنه جعل للأصول إماماً وقواماً، وللفروع المفرعات أصولاً وتبياناً، وسمي الجزء الثاني من وحي الله عز وجل وفرائضه سنة وبرهاناً، فكان ما يتلى في آناء الليل والنهار أحق بأن يسمى قرآناً، لما فيه من واجب التلاوات، وما يتعبد به المتعبدون من الدراسات، وكان ما فسر به المجملات مما بين به المتشابهات من الفروع المبينات أولى بأسماء السنة في الباين من اللغات؛ لأن معنى السنة هو التبيين للموجبات للحجة، لقول العرب سن فلان سنة، تريد بيّن أمراً وشرع خيراً، وجعل شيئاً يستن به فيه، ومعنى يستن به أن يقتدى به فيه ويحتذى. وكذلك وعلى ذلك يخرج معنى قول القائل سن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كذا وكذا، يريد أظهر وبين ما جاء به من عند الله.
والسنة فهي:
الأحكام المبينة، والفرائض المفصلة، فهي لله سبحانه ومنه، لا من رسول الله صلوات الله عليه وآله ولا عنه، وليس له فيها فعل غير التبيلغ والأداء والنصيحة والإبلاء، والسنة فهي سنة الله عز وجل، وإنما نسبت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على مجاز الكلام، إذ هو المبلغ لها والآتي عن الله سبحانه بها، كما يقال للقرآن كتاب محمد، وكما يقال للإنجيل كتاب عيسى، وكما يقال للتوراة كتاب موسى، قال الله سبحانه في ذلك وما كان من الأمر كذلك: ﴿وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إماما وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَانًا عَرَبِيًّا﴾[الأحقاف: 12]، فسماه كتاب موسى ونسبه إليه، وإنما هو كتاب الله عز وجل الذي نزل على موسى، وكذلك مجرى السنة في قول القائل سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يريد سنة الله، ومعنى سنة الله فهو فرض الله وحكمه وتبيانه لدينه وعزمه، قال الله جل جلاله:﴿سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ﴾[غافر: 85]، يريد سبحانه بقوله: ﴿سُنَّةَ اللَّهِ﴾ أي: ذكر الله وفعله، وصنعه في خلقه وأمره.
ومن قال سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يريد بها غير ما ذكرنا من المعنى، أو توهم في ذلك أنه شيء من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا من الله، فقد جهل أمر الله، وحرف معاني تأويل قول الله، ونسب البهتان إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقال بأفحش القول في الله سبحانه وفيه.
وينتقل مولانا الهادي ليتحدث عن قضية هامة جدا وهي مسألة العرض أي عرض الحديث النبوي على كتاب الله قال يرحمه الله :
والسنة فلم تعارض الكتاب أبداً بإبطال لحكم من أحكامه، ولا أمر من أمره، ولا نهي من نهيه، ولا إزاحة شيءٍ من خبره، ولا رد شيء من منسوخه، ولا نسخ شيء من مثبته، ولا إحكام شيء من متشابهه، ولا تغيير شيء من محكمه، بل السنة محكمة لكل أمر الأحكام الموصلة، المبينة للمعاني المفصلة، مفرعة للمحكمات المتبينة عن التأويلات، يشهد لها محكم الكتاب وتنبي عنها جميع الأسباب أنها من الله رب الأرباب.
وما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الفروع التي جاءته عن الله عز وجل وتبارك وتعالى حتى يقال إنها من السنة فلم يشهد له الكتاب ولم يوجد فيه ذكرها مفصلاً أو مجملاً موصلاً ثابتاً فليس هو من الله، وما لم يكن من الله فلم يقله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وما لم يقله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويحكه عن الله فهو ضد السنة لا منها، وما لم يكن منها لم يجز في دين الله أن ينسب إليها.
وآيات الكتاب هي :
الأمهات لشرائع سننه المفرعات، والأمهات فهي المحكمات، وإليهن ترد المفصلات، ومن الشواهد لما جاء من الروايات مما حكي من السنن المبينات وفي ذلك ما يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((سيكذب علي كما كذب على الأنبياء من قبلي، فما أتاكم عني فاعرضوه على كتاب الله، فما وافق كتاب الله فهو مني وأنا قلته، وما خالف كتاب الله فليس مني ولم أقله.))، يريد صلى الله عليه وآله وسلم: أن ما وافق الكتاب مما روي عنه من الأحكام ومن شرائع الإسلام فإنه منه أخذ، وأنه جاء به عن الله، وما خالف الكتاب فليس من السنة التي جاء بها عن الله؛ لأن جميع الوحي الذي جاء عن الله سبحانه من السنة والقرآن فهما شيئان متشابهان متفقان، لا يتضادان أبداً ولا يفترقان. وليس ما كان من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من فعل أو اختيار جاء به عن نفسه منسوباً إلى الله، ولا عنه ولا مشابهاً لشيء من أحكام السنن، بل قد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا رأى رأياً وفعل فعلاً مما ليس هو فيه مخالف لسنة ولا لكتاب بين ذلك عن نفسه، وأخبر أنه ليس من ربه، مثل ما كان منه صلوات الله عليه وآله في الجد الذي لقيه في الجحفة راجعاً من حجة الوداع، فقال: يا رسول الله إن ابن ابني مات فما لي من ماله؟
فقال عليه السلام: لك السدس.
فلما أن أبعد الشيخ رقّ عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ورحمه لما بان له من ضعفه وقلة حيلته وكبر سنه، فرده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: لك السدس الآخر.
فلما أن مضى الشيخ وأبعد رده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثانية، فقال: إن السدس الثاني مني طعمة لك.
فبين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما كان منه وبين ما كان من الله، فلما أن قال: (( السدس الثاني طعمة مني ))، علمنا أن السدس الأول حكم من الله، فبين صلى الله عليه وآله وسلم فعله من فعل الله عز وجل؛ لأن لا يقع على الأمة تخليط في دين الله، ولأن يبين لها أحكام ربها وفعله، لكيلا يكون لها عليه في شيء من الدين حجة. وكذلك كان عليه السلام يفعل في كل ما كان منه من تأديب أمته، وأفعاله فيها وسياسته لها، يبين فعله من فعل الله، ويخبر بما جاء به عن الله.
وكذلك ما كان من فعله وكراهيته من حمل الحمير على الخيل، وذلك قوله لعلي رحمة الله وصلواته عليهما حين قال: مما تكون هذه البغال؟
فقال: يحمل الحمار على الفرس، فيخرج من بينهما بغل.
فقال صلى الله عليه وآله وسلم: إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون.
أو قال: الذين لا يعقلون. فكره صلى الله عليه وآله وسلم أن تحمل الأشكال إلا على أشكالها، أو أن تخلى الفحول إلا على أمثالها، فكان هذا منه كراهية واختياراً، ولم يكن هذا شيئاً مما أتاه من الواحد الجبار.
ومثل هذا مما كان من رأيه وفعله ولم يأته في كتاب الله ولا في سنته مما كان يستحبه ويفعله من نوافل صلاته، وتعبده من بعد الفرائض المفروضات، لما كان يتعبد من النوافل المعروفات، اللواتي كن منه اختياراً وعبادة، يطلب بذلك من الله الفضيلة والزيادة، كان ذلك منه صلى الله عليه وآله وسلم استحساناً لنفسه، ولم يكن فرضاً من الله لا يسع تركه، ولا يجب على من تركه الكفر بربه، لأن بين الفرض وغيره من النوافل فرقاً بيناً، وفضلاً نيراً، فكثير يعلمه العلماء، ويفهمه الفهماء، ليس بلازم واجب على المتعبدين؛ إذ لم يكن فريضة من الله رب العالمين، إن أخذ به آخذ فقد أخذ بركة ويمناً، واتبع فضلاً ورشداً، وإن تركه تارك من غير زهد فيه، ولا قلة معرفة بفضله، ولا استخفاف لحق فاعله، ولا اطراحاً لرأي صانعه، ولا مضادة له في فعله، لم يكن بتركه له في دين الله فاجراً، ولا بعهد رسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم غادراً.
فافهم هديت ما به في السنة قلنا، وأحسن الفكر والتمييز فيما منهما شرحنا، تبن بذلك إن شاء الله من الجهال، وتبعد بمعرفته من اسم الضلال، وتسلم بحول الله من قول المحال، والحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين، وصلى الله على محمد خاتم النبيين وعلى أهل بيته الطيبين وسلم كثيراً.و
ينظر الامام الهادي الى الموضوع بشكل أعم و يؤكد على حديث العرض فيقول :
اعـلم أن كل قياس جاء مخالفاً للكتاب، أو جاء الكتاب له مخالفاً، حتى يكون كل واحد منهما ضد للآخر فلا يصح هذا القياس أبداً، ولا يثبت معه تأويل ولا هدى؛ لأنه مخالف للأصول، ولم يكن - ولله الحمد - ثابتاً في الفصول، وفي ذلك ومثله وما كان من شكله، ما يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( إنه سيكذب علي كما كذب على الأنبياء من قبلي؛ فما أتاكم عني فأعرضوه على كتاب الله، فما وافق كتاب الله فهو مني وأنا قلته، وما خالف كتاب الله فليس مني ولم أقله.)). فجعل صلى الله عليه وآله الكتاب إماماً لكل ما روي عنه، أو قيل إنه منه؛ يُعرض عليه، فإن جاء مثله، عُلم أنه من قوله، وإن جاء مضاداً لشيء منه، عُلم أنه ليس عنه. فهذا في الأثار المذكورة عن الرسول، فكيف فيما سواها من القياس الذي يتعاطاه ويطلبه بعض الناس، فلعمري لا يصح من قياسهم، ولا يجوز من مقالهم، إلا ما يشهد له الكتاب والسنة، وكانت الموافقة لهما منه نيرة بينه، فعند موافقة القياس للكتاب يصح القياس في الألباب، وعند مخالفة القياس للكتاب يبطل ويفسد في جميع الأسباب. فليفهم من كان ذا فهم ما به في القياس قلنا، ومامنه أجزنا، وما منه دفعنا وأبطلنا. أهــ
ويدخل مولانا نجم آل الرسول القاسم بن ابراهيم الى ما نحن بصدده من اثبات لمنهج الحديث أو علوم السنة عند الزيدية عنصرين همامين
الاول: العقل والثاني: الاجماع
يقول:
و أصل السنة التي جآءت على لسان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ما وقع عليه الإجماع بين أهل القبلة، والفرع ما اختلفوا فيه عن الرسول. فكل ما وقع فيه الإختلاف من أخبار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فهو مردود إلى أصل الكتاب والعقل والإجماع.
وبهذا تعرف يا شيخنا أن للزيدية منهجا خاصا بها لمعرفة
1- الرواة ومن هو المقبول منهم
2- الحديث وما هو المقبول منه " نقد المتن" أو عرض المتن على كتاب الله !!
كما أن للسنة عند الزيدية قسمان بعتبار آخر :
الاول : الاصل وهو "المتواتر" أو ما وقع عليه أجماع اهل القبلة
الثاني : الفرع وهو " الاحاد " وهو ما قد تتفق عليه الامة أو قد تختلف حوله !
وما أختلفت حوله الامة يجب التعامل معه من خلال خطوط اربعة
الخط الاول: عرض الحديث على كتاب الله .
الخط الثاني : عرض الحديث على العقل " الا يصادم الاصول المقررة ".
الخط الثالث : إجماع أهل القبلة بمعنى أن لا يكون الخبر الاحادي مصادم للاجماع .
الخط الرابع : النظر الى عدالة الراوي وضبطه وحفظه ووثاقه .
اشار الامام الهادي الى قضية هامة أيضا وهي أن ما ثبت من السنة في اطار الواجب أو المحرم ليس من رسول الله بل هو من الله وهو مراد له !
وما كان من السنة في اطار "المندوب أو المكره" فهو من رسول الله للمكلف العمل به فيثاب وله أن يتركه فلا اثم عليه "المندوب " وله أن يفعله فلا عقاب عليه وله أن يتركه فله آجر "المكروه"
كما اشار الى أن رسول الله قد يشتهد من خلال فهمه للنصوص فيصدق الله اشتهاده أو قد يرد الله عليه اجتهاده ويأتي بحكم آخر غير ما ذهب اليه الرسول الكريم !
والآن شيخنا الكريم هل هناك شيء جديد في اصل مبحثكم هذا ؟؟
أرجو منكم ارشادي اليه !!
تحياتي لكم شيخنا والسلام عليكم !

يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون

-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 70
- اشترك في: الجمعة أغسطس 12, 2005 12:25 pm
ما المشكلة عندك يا محمد الغيل ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ما المشكلة عندك يا محمد الغيل ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
بعد اطلاعي على قولك فهمت اني لم اقل شيئا ذي بال فما المشكلة عندك ؟ كلامي كله مسروق من غيري ما المشكلة ؟ الكل يقول ما قلت ما المشكلة ؟
بعد اطلاعي على قولك فهمت اني لم اقل شيئا ذي بال فما المشكلة عندك ؟ كلامي كله مسروق من غيري ما المشكلة ؟ الكل يقول ما قلت ما المشكلة ؟
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 2745
- اشترك في: الأحد إبريل 18, 2004 3:47 am
- اتصال:
Re: ما المشكلة عندك يا محمد الغيل ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
أمين نايف ذياب كتب:ما المشكلة عندك يا محمد الغيل ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
بعد اطلاعي على قولك فهمت اني لم اقل شيئا ذي بال فما المشكلة عندك ؟ كلامي كله مسروق من غيري ما المشكلة ؟ الكل يقول ما قلت ما المشكلة ؟


عم أمين لا مشكلة خالص أنا قلتُ لكم في أول كلامي :
اليكم هذه المداخلة أرجو أن تستفيدو منها ....
هل استفتم من مداخلتي هذه ؟؟؟
وهل هناك مشكلة في مداخلتي ؟؟
أنت قلت في محاضرتك "البعد الحضاري لفكر المعتزلة "
التى نشرتها في الاثنين سبتمبر 12, 2005 3:24 am
ما نصه :
فالزيدية مثلاً لهم منهج الأمام زيد والاباضية لهم منهج جرح وتعديل وللمعتزلة واغلبهم أحناف من حيث الفقه منهج الأحناف في قبول الحديث والاستدلال به ، ولهم منهج مدون في مصطلح الحديث ولكن لا يزال ضمن المخطوطات .
وأنا قلت لكم في مداخلتي هذه التى نشرت في نشر: الجمعة سبتمبر 09, 2005 2:15 am
ما نصه :
حسنا سيدي الفاضل لكني أعتقد أن أغلب الفرق الاسلامية يوجد في داخلها نفس القنوات الاربع التى ذكرتم ف
الزيدية مثلا لها كتبها الخاصة بها في علم اصول الدين و لها كتبها الخاصة بها في علم الفقه ولها كتبها الخاصة بها في علم اصول الفقه كما أن لها كتبها الخاصة و في علم الحديث المشتمل على تلك القنوات الاربع غالباً
فمسند الامام زيد الحديثي وكتاب درر الاحاديث النبوية وكتاب الشفاء للامير الحسين وكتاب العلوم للامام أحمد بن عيسى بن زيد وكتاب الجامع الكافي وكتاب الامالي الاثنينية والخميسية للمرشد بالله والموفق بالله وأمالي أبو طالب وأمالي المؤيد بالله وكتاب شرح التجريد وكتاب الاعتصام وكتاب مسند شمس الاخبار وكتاب الروض النظير وغيرها من الكتب تذكر في صفحاتها لمنتسبي المذهب أغلب القنوات الاربع التى ذكرتم !!!!
كما أن كتب الفقه مشتملة على ما ذكرتم ايضا .!
كما أن الامامية لها نفس المنهج أو نفس القنوات !!! حتى الخوارج ياشيخنا لهم نفس المنهج ولهم مسند قديم جدا اسمه الجامع الصحيح مسند الامام الربيع بن حبيب بن عمرالازدي البصري .
ولكنكم يا عم أمين من قال هنا :
يخطئ من يظن أن سنة الرسول، لم تصلْ إلينا إلا عبر قناة أهل الحديث،
فقلتُ لكم يا عم أمين :
والآن شيخنا الكريم هل هناك شيء جديد في اصل مبحثكم هذا ؟؟
أرجو منكم ارشادي اليه !!
على فكرة أعجبني كثيرا هذا الفهرس الحصري :
شاهدوا عملياً صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وصيامه وحجة، وكيفية دفنه للميت، وكيفية الزواج والطلاق، ومقدار أنصبة الصدقة المفروضة، وكيفية تعامله مع الأرض، وآبار المياه، والولائم والهدية والهبة، وكيفية توزيع أموال الصدقات والفيء،وكيفية عقده المعاهدات، وكيفية العمرة،وكيفية خطبة الجمعة والأذان، والإقامة، وكيفية تأمير الأمراء وعقد ألوية الجيش، وأحكام التعامل التفصيلي مع أسرى الحرب، وكيفية الرهن، وأحكام عقود البيع، والإجارة والحوالة، وأحكام توزيع الإرث التفصيلي،
بالفعل أكثر من رائع !!!
سيدي الكريم ما طرحت لكم منهج متكامل هذا كل ما في الامر ولعله المشكلة التى تبحثون عنها

سلام الله عليك شيخ أمين !

يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون
