من للغريب
من للغريب الوحيد
من للغريب الشريد
من للغريب حفيد الرسول
من للغريب الفار بدينه
من لغريب يريد السلطان حبسه
من لغريب يريد الظالم تعذيبه
من لغريب يريد الفاجر قتله
من لغريب ملاحق شريد
من لغريب طُرد من دياره
من لغريب غُرِّب عن موطنه
من لغريب أُبعد عن أسرته
من لغريب حرموه حبيبته زوجته
من لغريب تخلى عنه أهله
من لغريب هرب منه أحبابه
من لغريب لا يملك إلا عقيدته
من لغريب فضّل الموت على ذلته
من لغريب غُلِّقت الأبواب في وجهه
من لغريب صار الهم أكله
من لغريب صارت الدموع شربه
من لغريب الألم هواءه يتنفسه
من لغريب إغاثة الملهوف جل ذنبه
من لغريب إجابة ابن الرسول جرمه
من لغريب وحيداً باكيا
من لغريب مؤملاً راجيا
من لغريب أمله في الله سرمداً باقيا
من لغريب يقينه أقوى من جبل شامخا
ليس هناك إلا ربه الرحيم الغافرا
هو يعلم إخلاصهُ وما القلب احتوى
وشوقه للقياه بثوب الشهيد جل المنى
1 شعبان 1426هـ
5/9/2005م
من للغريب
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 2745
- اشترك في: الأحد إبريل 18, 2004 3:47 am
- اتصال:
بسم الله الرحمن الرحيم
من للغريب في زمن الغربة ؟؟؟
كلامك أخي لن نذل عليه مسحة حزن واضحة المعالم
كلام مؤثر ويدخل للقلب بمجرد قراءة عابرة أو واعية إنه أبلغ من قصيدة عصماء منمقة ذات قوافي واوزان مرتبة
أكاد والذي يحلف به ابكي من شدة حزن يعتريني كلما تذكرتُ حالاً مثل هذه الحال وما أدري ما الذي اصاب عيني هذه المرة فهي في الغالب عندما ترى مثل هذه المشاعر الفياضة تجود بماء حار يكاد يلسع خدي!!
لكنها اليوم مصابة بالجمود ففيض الحزن الذي تلقته من خلال هذه الاحرف الناطقة الصادقة اربكها تماما وقلب موازينها!!!
وجرعة الاسى التى تجرعتْها اغرقها في محيط من العذاب والحزن والمعانة!!!!
فابيضتْ حزنا فهي كاظمة وغار مائها واقلعت غمامة مدها بسبب ريح عاصفٍ تهز الضمائر الحية أنت من نفخ جحفلها وفرق جمعها وبدد قنزعها !
أخي
لا تحزن فوالذي يحلف به لينصرنَّك الله ولو بعد حين!
وتذكر دائما مصاب آل محمد وكيف فُعِلَ بهم في تلك المهامة والقفار الموحشة !!!
تذكر كيف تشردوا هم وتلك العوائل المكرمة المعظمة المفخمة !!!!!
لقد حفروا سيرتهم العطرة في يوافيخنا وعقولنا ومشاعرنا وضمائرنا حفرا في زمن الطغاة المتوحشين والفراعنة المتسلطين !!!
إنها سيرتكم يا آل محمد أنتم من يدفع الثمن دائما لتعيش الاجيال في ظل الحرية والكرامة فأنتم بحقٍ شعلة تضيء في ليل دامس قد عسس وتحترق ولا تبخل بزيتها لترى غيرها الطريق !!
دروسكم دائما مشبعة بالتضحية والعطاء والسماحة والصبر والطاعة والضراعة والاستسلام لمراد الحق الخالق فهذا همكم الاول ارضاء الله فلا تنسى وتوكل على الحي الذي يراك حين تقوم واصبر حتى حين ودع "الكاوية" تمر وسترى بإم عينك نهاية لهذا الظلم ولن أقول لك قريبا لتركن ولن أقل لك بعيدا لتحزن ولكن لكم ولهم موعد قد ازف أقترابه وحان حينه وجاءت ساعته وسوف تعلمون !!!!!
ابشر فقد فاضت عيني الآن
فسحقا لشعب أنت بين أكنافه لا يبكي عليك وعلى أمثالك وهلاكا لأمة رعناء صماء مداسة لا تعي درس ولا تزرع غرس ولا تنكر حتى بالهمس ولا تصرخ بس بس بسْ!!!
قد اعترتها ذلةٌ غبراء وعلتها فتنةٌ عمياء في ليل داجٍ ليس فيه عبدٌ ناجٍ الا من هو على شاكلتك أو كان في موقع مثل موقعك أو مهموم مغموم قد أنقطعت عنه سبله وحيله لا يقدر على ضربٍ في الارض ليخرقها ولا له سببٌ الى السماء ليبلغها عاجزٌ مراقبٌ خائفٌ دُفِعَ من محرابه ومسجده دفعا وسُجِنَ في قعر داره سجنا!!!!
محزون القلب قد براه الهم بري القداح نومه قد هجرجفن عينيه الا يسيرا!
و رزقه قد أنقطع عنه الا قليلا يعيش بين أحياءٍ لهم قلوب غافلة وضمائر ميتة خاسرة قد قلب الامور وسبرها وادرك وجه الحيلة فتركها ، مصاب بوحدة قاتلة بعد أن هجره اصحابه بعد أن كانوا حوله مثل الحلقة المفرغة خوفا من عسس الدولة وعمّالها وتقطعت عنه اسبابه فانقطع عنها طالباً لعزةِ مؤمنٍ يرقبُ اللهَ قبلَ هوى نفسه ، ورغبات فؤاده الضامي مثل عيسٍ في بريةٍ في يوم صيفٍ حارٍ حامٍ تحملُ الماء فوق ظهرها فتهلكُ دونه عطشا !
فحسبنا الله ومنه نستمد العون
والسلام
أخوكم /
من للغريب في زمن الغربة ؟؟؟
كلامك أخي لن نذل عليه مسحة حزن واضحة المعالم
كلام مؤثر ويدخل للقلب بمجرد قراءة عابرة أو واعية إنه أبلغ من قصيدة عصماء منمقة ذات قوافي واوزان مرتبة
أكاد والذي يحلف به ابكي من شدة حزن يعتريني كلما تذكرتُ حالاً مثل هذه الحال وما أدري ما الذي اصاب عيني هذه المرة فهي في الغالب عندما ترى مثل هذه المشاعر الفياضة تجود بماء حار يكاد يلسع خدي!!
لكنها اليوم مصابة بالجمود ففيض الحزن الذي تلقته من خلال هذه الاحرف الناطقة الصادقة اربكها تماما وقلب موازينها!!!
وجرعة الاسى التى تجرعتْها اغرقها في محيط من العذاب والحزن والمعانة!!!!
فابيضتْ حزنا فهي كاظمة وغار مائها واقلعت غمامة مدها بسبب ريح عاصفٍ تهز الضمائر الحية أنت من نفخ جحفلها وفرق جمعها وبدد قنزعها !
أخي
لا تحزن فوالذي يحلف به لينصرنَّك الله ولو بعد حين!
وتذكر دائما مصاب آل محمد وكيف فُعِلَ بهم في تلك المهامة والقفار الموحشة !!!
تذكر كيف تشردوا هم وتلك العوائل المكرمة المعظمة المفخمة !!!!!
لقد حفروا سيرتهم العطرة في يوافيخنا وعقولنا ومشاعرنا وضمائرنا حفرا في زمن الطغاة المتوحشين والفراعنة المتسلطين !!!
إنها سيرتكم يا آل محمد أنتم من يدفع الثمن دائما لتعيش الاجيال في ظل الحرية والكرامة فأنتم بحقٍ شعلة تضيء في ليل دامس قد عسس وتحترق ولا تبخل بزيتها لترى غيرها الطريق !!
دروسكم دائما مشبعة بالتضحية والعطاء والسماحة والصبر والطاعة والضراعة والاستسلام لمراد الحق الخالق فهذا همكم الاول ارضاء الله فلا تنسى وتوكل على الحي الذي يراك حين تقوم واصبر حتى حين ودع "الكاوية" تمر وسترى بإم عينك نهاية لهذا الظلم ولن أقول لك قريبا لتركن ولن أقل لك بعيدا لتحزن ولكن لكم ولهم موعد قد ازف أقترابه وحان حينه وجاءت ساعته وسوف تعلمون !!!!!
ابشر فقد فاضت عيني الآن
فسحقا لشعب أنت بين أكنافه لا يبكي عليك وعلى أمثالك وهلاكا لأمة رعناء صماء مداسة لا تعي درس ولا تزرع غرس ولا تنكر حتى بالهمس ولا تصرخ بس بس بسْ!!!
قد اعترتها ذلةٌ غبراء وعلتها فتنةٌ عمياء في ليل داجٍ ليس فيه عبدٌ ناجٍ الا من هو على شاكلتك أو كان في موقع مثل موقعك أو مهموم مغموم قد أنقطعت عنه سبله وحيله لا يقدر على ضربٍ في الارض ليخرقها ولا له سببٌ الى السماء ليبلغها عاجزٌ مراقبٌ خائفٌ دُفِعَ من محرابه ومسجده دفعا وسُجِنَ في قعر داره سجنا!!!!
محزون القلب قد براه الهم بري القداح نومه قد هجرجفن عينيه الا يسيرا!
و رزقه قد أنقطع عنه الا قليلا يعيش بين أحياءٍ لهم قلوب غافلة وضمائر ميتة خاسرة قد قلب الامور وسبرها وادرك وجه الحيلة فتركها ، مصاب بوحدة قاتلة بعد أن هجره اصحابه بعد أن كانوا حوله مثل الحلقة المفرغة خوفا من عسس الدولة وعمّالها وتقطعت عنه اسبابه فانقطع عنها طالباً لعزةِ مؤمنٍ يرقبُ اللهَ قبلَ هوى نفسه ، ورغبات فؤاده الضامي مثل عيسٍ في بريةٍ في يوم صيفٍ حارٍ حامٍ تحملُ الماء فوق ظهرها فتهلكُ دونه عطشا !
فحسبنا الله ومنه نستمد العون
والسلام
أخوكم /

يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون

-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 1041
- اشترك في: السبت مارس 19, 2005 9:03 pm
لكم الله يا غرباء الزمان .. لكم الله
ولك أخي لن نذل ولن نذل بإذن الله ما قاله أحد أجدادك يوماً مخاطباً أحد جبابرة بني العباس وهو الإمام الولي يحيى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي عليهم سلام الله فلك ولنا فيها العزاء :
بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد، فقد فهمت كتابك وما عرضت عليَّ من الأمان أن تبذل لي أموال المسلمين، وتقطعني ضياعهم التي جعلها الله لهم دوني ودونك، ولم يجعل لنا فيها نقيراً ولا فتيلاً، فاستعظمت الإستماع له فضلاً عن الركون إليه، واستوحشت منه تنزهاً عن قبوله، فاحبس عني أيها الإنسان مالك وإقطاعك، وقضاء حوائجي فقد أدبتني أدباً ناقصاً - يعني أمه عليه السلام -، وولدتني عاقاً، فوالله لو أن من قتل من أهل تُركاً وديالم على بعد أنسابهم مني وانقطاع رحمهم عني لوجبت علي نصرتهم والطلب بدمائهم، إذ كان منكم قتلهم ظلماً وعدواناً، الله لكم بالمرصاد لما ارتكبتم من ذلك، وعلى الميعاد لما سبق فيه من قوله ووعيده، وكفى بالله جازياً ومعاقباً وناصراً لأوليائه، ومنتقماً من أعدائه.
وكيف لا أطلب بدمائهم، وأنام على ثأرهم والمقتول بالجوع والعطش والنكال، وضيق المحابس وثقل الأغلال، وترادف الأثقال، أبي عبدالله بن الحسن النفس الزكية، والهمة السنية، والديانة المرضية، والخشية والبقية، شيخ الفواطم، وسيد أبناء هاشم طراً، وأرفع أهل عصره قدراً، وأكرم أهل بلاد الله فعلاً، ثم يتلوه إخوته وبنو أبيه، ثم إخوتي وبنو عمومتي، نجوم السماء، وأوتاد الدنيا، وزينة الأرض، وأمان الخلق، ومعدن الحكمة، وينبوع العلم، وكهف المظلوم، ومأوى الملهوف، ما منهم أحد إلا من لو أقسم على الله لبر قسمه، فما أنس من الأشياء فلا أنسى مصارعهم، وما حل بهم من سوء مقدرتكم، ولؤم ظفركم، وعظيم إقدامكم، وقسوة قلوبكم، إذ جاوزتم قِتلة من كفر بالله إفراطاً، وعذاب من عاند الله إسرافاً، ومثله من جحد بالله عتواً.
وكيف أنساه ما أذكره ليلاً إلا أقضَّ عليَّ مضجعي، وأقلقني عن موضعي، ولا نهاراً إلا أمرَّ علي عيشي، وقصر علي نفسي، حتى وددت أني أجد السبيل إلى الاستعانة بالسباع عليكم، فضلاً عن الناس، وآخذ منكم حق الله الذي وجب عليكم، وأنتصر من ظالمكم، وأشفي غليل صدرٍ قد كثرت بلابله، وأسكن قلباً جم وساوسه من المؤمنين، وأذهب غيض قلوبهم ولو يوماً واحداً، ثم يقضي الله فيَّ ما أحب.
وإن أعش فمدرك ثأري داعياً إلى الله سبحانه على سبيل رشاد أنا ومن اتبعني، نسلك قصد من سلف من آبائه وإخوتي وإخواني القائمين بالقسط، الدعاة إلى الحق، فإن أمت فعلى سنن ما ماتوا غير راهب لمصرعهم، ولا راغب عن مذهبهم، فلي بهم أسوة حسنة، وقدوة هادية، فأول قدوتي منهم أمير المؤمنين رضوان الله عليه، إذ كان ما زال قائماً وقت القيام مع الإمكان حتماً، والنهوض بمجاهدة الجبارين فرضاً، فاعترض عليه من كان كالظلف من الخلف، ونازعه من كان كالظلمة مع الشمس، فوجدوا لعمر الله من حزب الشيطان مثل من وجدت، فظاهرهم من أعداء الله مثل من ظاهرك، وهم لمكان الحق عارفون، ولمواضع الرشد عالمون.
فباعوا عظيم أجر الآخرة بحقير عاجل الدنيا، ولذيذ الصدق بغليظ مرارة الإفك، ولو شاء أمير المؤمنين لهدأت له، وركنت إليه ؛ بمحاباة الظالمين، واتخاذ المضلين، وموالاة المارقين، ولكن أبى الله ورسوله أن يكون للخائنين متخذاً، ولا للظالمين موالياً، ولم يكن أمره عندهم مشكلاً، فبدلوا نعمة الله كفراً، واتخذوا آيات الله هزواً، وأنكروا كرامة الله، وجحدوا فضيلة الله لنا.
فقال رابعهم: أنى يكون له الخلافة والنبوة حسداً وبغياً، فقديماً ما حسد النبيون وآل النبيين الذين اختصهم الله بمثل ما اختصنا، فأخذ عليهم تبارك وتعالى، فقال: ﴿أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا ءَاتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ ءَاتَيْنَا ءَالَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَءَاتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا﴾ [النساء:54].
فجمع الله لهم المكارم والفضائل، والكتاب والحكمة والنبوة، والملك العظيم، فلما أبوا إلا تمادياً في الغي، وإصراراً على الضلال، جاهدهم أمير المؤمنين حتى لقي الله شهيداً رضوان الله عليه.
ثم تلاه الحسن سليل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وشبيهه، وسيد شباب أهل الجنة، إذ كل أهلها سادة، فكيف بسيد السادة، فجاهد من كان أمير المؤمنين جاهده، حتى كان بالمدائن وثب عليه أخو أسد فوجاه في فخذه، فسقط لما به، وأيس الناس من إفاقته، فتبددوا شيعاً، وتفرقوا قطعاً.
فلما قصرت طاقته، وعجزت قوته، وخذله أعوانه، سالم هو وأخوه معذورين مظلومين موتورين، فاسثقل اللعين ابن اللعين حياتهما، واستطال مدتهما، فاحتال بالاغتيال لابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى نال مراده، وظفر بقتله، فمضى مسموماً شهيداً، مظلوماً وقيذاً، وعبر شقيقه وأخوه وابن أمه وأبيه وشريكه في فضله، ونظيره في سؤدده، على مثل ما انقرض عليه أبوه وأخوه، حتى إذا ظن أن قد أمكنته محبة الله من بوارهم، ونصرة الله من اجترامهم، دافعه عنها أبناء الدنيا، واستفرح بها أبناء الطلقاء، فبعداً للقوم الظالمين، وسحقاً لمن آثر على سليل النبيين الخبيث ابن الخبيثين، فقتلوه ومنعوه ماء الفرات، وهو مبذول لسائر السباع، وأعطشوه وأعطشوا أهله وقتلوهم ظلماً، يناشدونهم فلا يجابون، ويستعطفونهم فلا يرحمون، ثم تهادوا رأسه إلى يزيد الخمور والفجور تقرباً إليه، فبعداً للقوم الظالمين.
ثم توجهت جماعة من أهل العلم والفضل إلى جستان في جيش، فتذاكروا ما حل بهم من ابن مروان، فخلعوه وبايعوا الحسن بن الحسن، ورأسوا عليهم ابن الأشعث إلى أن يأتيهم أمره، فكان رأسهم غير طائل ولا رشيد، نصب العداوة للحسن قبل موافاته، فتفرقت عند ذلك كلمتهم، وفل حدهم، فمزقوا كل ممزق، فلما هزم جيش الطواويس احتالوا بجدي الحسن بن الحسن، فمضى مسموماً يتحسى الحسرة، ويتجرع الغيظ، رضوان الله عليه، حتى إذا ظهر الفساد في البر والبحر، شرى زيد بن علي لله نفسه، فما لبث أن قتل، ثم صلب، ثم حرق، فأكرم بمصرعه مصرعاً.
ثم ما كان إلا طلوع ابنه يحيى عليه السلام ثائراً بخراسان، فقضى نحبه، وقد أعذرا رضوان الله عليهما، وقد كان أخي محمد بن عبدالله دعا بعد زيد وابنه عليهما السلام، فكان أول من أجابه وسارع إليه جدك محمد بن علي بن عبدالله بن عباس وإخوته وأولاده، فخرج بزعمه يقوم بدعوته حتى خدع بالدعاء إليه طوائف.
ومعلوم عند الأمة أنكم كنتم لنا تدعون، وإلينا ترجعون، وقد أخذ الله منكم ميثاقاً لنا، وأخذنا عليكم ميثاقاً لمهدينا محمد بن عبدالله النفس الزكية، الخائفة التقية المرضية، فنكثتم ذلك، وادعيتم من إرث الخلافة ما لم تكونوا تدعونه قديماً ولا حديثاً، ولا ادعاه أحد لكم من الأمة إلا تقولاً كاذباً، فها أنتم الآن تبغون دين الله عوجاً، وذرية رسول الله قتلاً واجتياحاً، فمتى ترجعون، وأنى تؤفكون، أو لم يكن لكم خاصة وللأمة عامة في محمد بن عبدالله فضل إذ لا فضل يعدل فضله في الناس، ولا زهد يشبه زهده في الناس، حتى ما يتراجع فيه اثنان، ولا يتراد فيه مؤمنان، ولقد أجمع عليه أهل الأمصار من أهل الفقه والعلم في كل البلاد لا يتخالجهم فيه الشك، ولا تقفهم عنه الظنون، فما ذكر عند خاصة ولا عامة إلا اعتقدوا محبته، وأوجبوا طاعته، وأقروا بفضله، وسارعوا إلى دعوته، إلا من كان من عتاة أهل الإلحاد، الذين غلبت عليهم الشقوة، وغمطوا النعمة، وتوقعوا النقمة من شيع أعداء الدين، وأفئدة المضلين، وجنود الضالين، وقادة الفاسقين، وأعوان الظالمين، وحزب الخائنين.
وقد كان الدعاء إليه منهم ظاهراً، ,الطلب له قاهراً بإعلان اسمه، وكتاب إمامته على أعلامكم (محمد يا منصور) يعرف ذلك ولا ينكر، ويسمع ولا يجهل، حتى صرفتموها إليكم وهي تخطب عليه، وكفحتموها عنه وهي مقبلة إليه، حين حضرتم وغاب، وشهدتم إبرامها وناء، رغبة ممن حضر، وعظيم جرأة ممن اعترض، حتى إذا حصلت لكم بدعوتنا، وهدأت عليكم بخطبتنا، وقرت لكم بسببنا، قالت لكم إجرامكم إلينا، وجنايتكم علينا: إنها لا توطأ لكم إلا بإبادة خضرائنا، ولا تطمئن لكم دون استئصالنا، فأغري بنا جدك المتفرعن فقتلنا لاحقاً بأثره فينا عند المسلمين، لؤم مقدرة، وضراعة مملكه، حتى أخذه الله أخذ عزيز مقتدر قبل بلوغ شفاء قلبه من فنائنا، وهيهات أ، يدرك الناسُ ذلك، ولله فينا خبيَّة لا بد من إظهارها، وإرادة لا بد من بلوغها.
فالويل لكم فكم من عين طالما غمضت عن محارم الله، وسهرت متهجدة لله، وبكت في ظلم الليل خوفاً من الله، قد أسحها بالعبرات باكية، وسمرها بالمسامير المحماة، فألصقها بالجدران المرصوفة قائمة، وكم من غرة وجه طالما ناجى الله مجتهدا ً، وعنى لله متخشعاً مشوهاً بالعمد، مظلوماً مقتولاً ممثولاً به معنوفاً، وبالله أن لو لم يلق الله إلا بقتل النفس الزكية أخي محمد بن عبدالله رحمه الله تعالى للقيه بإثم عظيم، وخطب كبير، فكيف وقد قتل قبله النفس التقية - أي عبدالله بن الحسن - وإخوته وبنو أخيه، ومنعهم روح الحياة في مطابقه، وحال بينهم وبين خروج النَّفَس في مطاميره، لا يعرفون الليل من النهار، ولا مواقيت الصلاة إلا بقراءة أجزاء القرآن تجزيه، لما غابوا في آناء الليل والنهار حتى الشتاء والصيف حال أوقات الصلاة، قرماً منه إلى قتلهم، وقطعاً منه لأرحامهم، وترةً لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيهم.
فولغ في دمائهم ولغان الكلاب، وضرى بقتلهم صغيرهم وكبيرهم ضرواة الذئاب، ونهم بهم نهم الخنزير، والله له ولمن عمل بعمله بالمرصاد، فلما أهلكه الله قابلتنا أنت وأخوك الجبار الفض الغليظ العنيد، بأضعاف فتنته، واحتذاء سيرته، قتلاً وعذاباً وتشريداً وتطريداً، فأكلتمانا أكل الرُّبَّا حتى لفظتنا الأرض خوفاً منكما، وتأبدنا بالفلوات هرباً عنكما، فأنست بنا الوحوش وأنسنا بها، وألفتنا البهائم وألفناها، فلو لم تجترم أنت وأخوك إلا قتل الحسين بن علي وأسرته بفخ لكفى بذلك عند الله وزراً عظيماً، وستعلم وقد علم ما اقترف والله مجازيه وهو المنتقم لأوليائه من أعدائه.
ثم امتحننا الله بك من بعده، فحرصت على قتلنا، وظلمت الأول والآخر منا، لا يؤمنهم بعد دار، ولانأي جار، تتبعهم حيلك وكيدك حيث تستروا، من بلاد الترك والديلم، لا تسكن نفسك ولا يطمئن قلبك دون أن تأتي على آخرنا، ولا تدع صغيرنا، ولا ترثى لكبيرنا، لئلا يبقى داع إلى حق، ولا قائل بصدق من أهله، حتى أخرجك الطغيان، وحملك الشنآن، على أن أظهرت بغضة أمير المؤمنين، وأعلنت بنقصه، وقربت مبغضيه، وآويت شانئيه، حتى أربيت على بني أمية في عداوته، وأشفيت غلتهم في تناوله، وأمرت بكرب قبر الحسين بن علي صلوات الله عليهما، وتعمية موضعه، وقتل زواره، واستئصال محبيه، وأوعدت زائريه، وأرعدت وأبرقت على ذكره.
فوالله لقد كان بنو أمية الذين وضعنا آثارهم مثلاً لكم، وعددنا مساوئهم احتجاجاً عليكم - على بعد أرحامهم - أرأف بنا، وأعطف علينا قلوباً من جميعكم، وأحسن استبقاءاً لنا ورعاية من قرابتكم، فوالله ما بأمركم خفاء، ولا بشنآنكم امتراء، ولم لا تجاهَدَ وأنت معتكف على معاصي الله صباحاً ومساء، مغتراً بالمهلة، آمناً من النقمة، واثقاً بالسلامة، تارة تغري بين البهائم بمناطحة كبش ومناقرة ديك ومحارشة كلب.
وتارة تفترش الخصيان، وتأتي الذكران، وتترك الصلوات صاحياً وسكران، لا يشغلك ذلك عن قتل أولياء الله، وانتهاك محارم الله، فسبحان الله ما أعظم حلمه، وأكثر أناته عنك وعن أمثالك، ولكنه تبارك وتعالى لا يعجل بالعقوبة، وكيف يعجل وهو لا يخاف الفوت، وهو شديد العقاب.
فأما ما دعوتني إليه من الأمان، وبذلت لي من الأموال، فمثلي لا تثني الرغائب عزمته، ولا تنحل لخطير همته، ولا يبطل سعياً باقياً مع الأيام أثره، ولا يترك جزيلاً عند الله أجره بمال فانٍ وعارٍ باق، هذه صفقة خاسرة، وتجارة بائرة، استعصم الله منها، وأسأله أن يعيذني من مثلها بمنه وطوله.
أفأبيع المسلمين وقد سمت إليَّ أبصارهم، أفأبيع خطيري بمالكم، وشرف موقفي بدراهمكم، وألبس العار والشنار بمقامكم، لقد ضللت إذاً وما أنا من المهتدين.
والله ما أكلي إلا الجشب، ولا لبسي إلا الخشن، ولا شعاري إلا الدرع، ولا صاحبي إلا السيف، ولا فراشي إلا الأرض، ولا شهوتي من الدنيا إلا لقاؤكم، والرغبة في مجاهدتكم ولو موقفاً واحداً، انتظار إحدى الحسنيين في ذلك كله في ظفر أو شهادة.
وبعد، فإن لنا على الله وعداً لا يخلفه، وحتماً سوف ينجزه حيث يقول: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا﴾ [النور:55].
وهو الذي يقول عز قائلاً: ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾ [القصص:5].
ولك أخي لن نذل ولن نذل بإذن الله ما قاله أحد أجدادك يوماً مخاطباً أحد جبابرة بني العباس وهو الإمام الولي يحيى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي عليهم سلام الله فلك ولنا فيها العزاء :
بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد، فقد فهمت كتابك وما عرضت عليَّ من الأمان أن تبذل لي أموال المسلمين، وتقطعني ضياعهم التي جعلها الله لهم دوني ودونك، ولم يجعل لنا فيها نقيراً ولا فتيلاً، فاستعظمت الإستماع له فضلاً عن الركون إليه، واستوحشت منه تنزهاً عن قبوله، فاحبس عني أيها الإنسان مالك وإقطاعك، وقضاء حوائجي فقد أدبتني أدباً ناقصاً - يعني أمه عليه السلام -، وولدتني عاقاً، فوالله لو أن من قتل من أهل تُركاً وديالم على بعد أنسابهم مني وانقطاع رحمهم عني لوجبت علي نصرتهم والطلب بدمائهم، إذ كان منكم قتلهم ظلماً وعدواناً، الله لكم بالمرصاد لما ارتكبتم من ذلك، وعلى الميعاد لما سبق فيه من قوله ووعيده، وكفى بالله جازياً ومعاقباً وناصراً لأوليائه، ومنتقماً من أعدائه.
وكيف لا أطلب بدمائهم، وأنام على ثأرهم والمقتول بالجوع والعطش والنكال، وضيق المحابس وثقل الأغلال، وترادف الأثقال، أبي عبدالله بن الحسن النفس الزكية، والهمة السنية، والديانة المرضية، والخشية والبقية، شيخ الفواطم، وسيد أبناء هاشم طراً، وأرفع أهل عصره قدراً، وأكرم أهل بلاد الله فعلاً، ثم يتلوه إخوته وبنو أبيه، ثم إخوتي وبنو عمومتي، نجوم السماء، وأوتاد الدنيا، وزينة الأرض، وأمان الخلق، ومعدن الحكمة، وينبوع العلم، وكهف المظلوم، ومأوى الملهوف، ما منهم أحد إلا من لو أقسم على الله لبر قسمه، فما أنس من الأشياء فلا أنسى مصارعهم، وما حل بهم من سوء مقدرتكم، ولؤم ظفركم، وعظيم إقدامكم، وقسوة قلوبكم، إذ جاوزتم قِتلة من كفر بالله إفراطاً، وعذاب من عاند الله إسرافاً، ومثله من جحد بالله عتواً.
وكيف أنساه ما أذكره ليلاً إلا أقضَّ عليَّ مضجعي، وأقلقني عن موضعي، ولا نهاراً إلا أمرَّ علي عيشي، وقصر علي نفسي، حتى وددت أني أجد السبيل إلى الاستعانة بالسباع عليكم، فضلاً عن الناس، وآخذ منكم حق الله الذي وجب عليكم، وأنتصر من ظالمكم، وأشفي غليل صدرٍ قد كثرت بلابله، وأسكن قلباً جم وساوسه من المؤمنين، وأذهب غيض قلوبهم ولو يوماً واحداً، ثم يقضي الله فيَّ ما أحب.
وإن أعش فمدرك ثأري داعياً إلى الله سبحانه على سبيل رشاد أنا ومن اتبعني، نسلك قصد من سلف من آبائه وإخوتي وإخواني القائمين بالقسط، الدعاة إلى الحق، فإن أمت فعلى سنن ما ماتوا غير راهب لمصرعهم، ولا راغب عن مذهبهم، فلي بهم أسوة حسنة، وقدوة هادية، فأول قدوتي منهم أمير المؤمنين رضوان الله عليه، إذ كان ما زال قائماً وقت القيام مع الإمكان حتماً، والنهوض بمجاهدة الجبارين فرضاً، فاعترض عليه من كان كالظلف من الخلف، ونازعه من كان كالظلمة مع الشمس، فوجدوا لعمر الله من حزب الشيطان مثل من وجدت، فظاهرهم من أعداء الله مثل من ظاهرك، وهم لمكان الحق عارفون، ولمواضع الرشد عالمون.
فباعوا عظيم أجر الآخرة بحقير عاجل الدنيا، ولذيذ الصدق بغليظ مرارة الإفك، ولو شاء أمير المؤمنين لهدأت له، وركنت إليه ؛ بمحاباة الظالمين، واتخاذ المضلين، وموالاة المارقين، ولكن أبى الله ورسوله أن يكون للخائنين متخذاً، ولا للظالمين موالياً، ولم يكن أمره عندهم مشكلاً، فبدلوا نعمة الله كفراً، واتخذوا آيات الله هزواً، وأنكروا كرامة الله، وجحدوا فضيلة الله لنا.
فقال رابعهم: أنى يكون له الخلافة والنبوة حسداً وبغياً، فقديماً ما حسد النبيون وآل النبيين الذين اختصهم الله بمثل ما اختصنا، فأخذ عليهم تبارك وتعالى، فقال: ﴿أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا ءَاتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ ءَاتَيْنَا ءَالَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَءَاتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا﴾ [النساء:54].
فجمع الله لهم المكارم والفضائل، والكتاب والحكمة والنبوة، والملك العظيم، فلما أبوا إلا تمادياً في الغي، وإصراراً على الضلال، جاهدهم أمير المؤمنين حتى لقي الله شهيداً رضوان الله عليه.
ثم تلاه الحسن سليل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وشبيهه، وسيد شباب أهل الجنة، إذ كل أهلها سادة، فكيف بسيد السادة، فجاهد من كان أمير المؤمنين جاهده، حتى كان بالمدائن وثب عليه أخو أسد فوجاه في فخذه، فسقط لما به، وأيس الناس من إفاقته، فتبددوا شيعاً، وتفرقوا قطعاً.
فلما قصرت طاقته، وعجزت قوته، وخذله أعوانه، سالم هو وأخوه معذورين مظلومين موتورين، فاسثقل اللعين ابن اللعين حياتهما، واستطال مدتهما، فاحتال بالاغتيال لابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى نال مراده، وظفر بقتله، فمضى مسموماً شهيداً، مظلوماً وقيذاً، وعبر شقيقه وأخوه وابن أمه وأبيه وشريكه في فضله، ونظيره في سؤدده، على مثل ما انقرض عليه أبوه وأخوه، حتى إذا ظن أن قد أمكنته محبة الله من بوارهم، ونصرة الله من اجترامهم، دافعه عنها أبناء الدنيا، واستفرح بها أبناء الطلقاء، فبعداً للقوم الظالمين، وسحقاً لمن آثر على سليل النبيين الخبيث ابن الخبيثين، فقتلوه ومنعوه ماء الفرات، وهو مبذول لسائر السباع، وأعطشوه وأعطشوا أهله وقتلوهم ظلماً، يناشدونهم فلا يجابون، ويستعطفونهم فلا يرحمون، ثم تهادوا رأسه إلى يزيد الخمور والفجور تقرباً إليه، فبعداً للقوم الظالمين.
ثم توجهت جماعة من أهل العلم والفضل إلى جستان في جيش، فتذاكروا ما حل بهم من ابن مروان، فخلعوه وبايعوا الحسن بن الحسن، ورأسوا عليهم ابن الأشعث إلى أن يأتيهم أمره، فكان رأسهم غير طائل ولا رشيد، نصب العداوة للحسن قبل موافاته، فتفرقت عند ذلك كلمتهم، وفل حدهم، فمزقوا كل ممزق، فلما هزم جيش الطواويس احتالوا بجدي الحسن بن الحسن، فمضى مسموماً يتحسى الحسرة، ويتجرع الغيظ، رضوان الله عليه، حتى إذا ظهر الفساد في البر والبحر، شرى زيد بن علي لله نفسه، فما لبث أن قتل، ثم صلب، ثم حرق، فأكرم بمصرعه مصرعاً.
ثم ما كان إلا طلوع ابنه يحيى عليه السلام ثائراً بخراسان، فقضى نحبه، وقد أعذرا رضوان الله عليهما، وقد كان أخي محمد بن عبدالله دعا بعد زيد وابنه عليهما السلام، فكان أول من أجابه وسارع إليه جدك محمد بن علي بن عبدالله بن عباس وإخوته وأولاده، فخرج بزعمه يقوم بدعوته حتى خدع بالدعاء إليه طوائف.
ومعلوم عند الأمة أنكم كنتم لنا تدعون، وإلينا ترجعون، وقد أخذ الله منكم ميثاقاً لنا، وأخذنا عليكم ميثاقاً لمهدينا محمد بن عبدالله النفس الزكية، الخائفة التقية المرضية، فنكثتم ذلك، وادعيتم من إرث الخلافة ما لم تكونوا تدعونه قديماً ولا حديثاً، ولا ادعاه أحد لكم من الأمة إلا تقولاً كاذباً، فها أنتم الآن تبغون دين الله عوجاً، وذرية رسول الله قتلاً واجتياحاً، فمتى ترجعون، وأنى تؤفكون، أو لم يكن لكم خاصة وللأمة عامة في محمد بن عبدالله فضل إذ لا فضل يعدل فضله في الناس، ولا زهد يشبه زهده في الناس، حتى ما يتراجع فيه اثنان، ولا يتراد فيه مؤمنان، ولقد أجمع عليه أهل الأمصار من أهل الفقه والعلم في كل البلاد لا يتخالجهم فيه الشك، ولا تقفهم عنه الظنون، فما ذكر عند خاصة ولا عامة إلا اعتقدوا محبته، وأوجبوا طاعته، وأقروا بفضله، وسارعوا إلى دعوته، إلا من كان من عتاة أهل الإلحاد، الذين غلبت عليهم الشقوة، وغمطوا النعمة، وتوقعوا النقمة من شيع أعداء الدين، وأفئدة المضلين، وجنود الضالين، وقادة الفاسقين، وأعوان الظالمين، وحزب الخائنين.
وقد كان الدعاء إليه منهم ظاهراً، ,الطلب له قاهراً بإعلان اسمه، وكتاب إمامته على أعلامكم (محمد يا منصور) يعرف ذلك ولا ينكر، ويسمع ولا يجهل، حتى صرفتموها إليكم وهي تخطب عليه، وكفحتموها عنه وهي مقبلة إليه، حين حضرتم وغاب، وشهدتم إبرامها وناء، رغبة ممن حضر، وعظيم جرأة ممن اعترض، حتى إذا حصلت لكم بدعوتنا، وهدأت عليكم بخطبتنا، وقرت لكم بسببنا، قالت لكم إجرامكم إلينا، وجنايتكم علينا: إنها لا توطأ لكم إلا بإبادة خضرائنا، ولا تطمئن لكم دون استئصالنا، فأغري بنا جدك المتفرعن فقتلنا لاحقاً بأثره فينا عند المسلمين، لؤم مقدرة، وضراعة مملكه، حتى أخذه الله أخذ عزيز مقتدر قبل بلوغ شفاء قلبه من فنائنا، وهيهات أ، يدرك الناسُ ذلك، ولله فينا خبيَّة لا بد من إظهارها، وإرادة لا بد من بلوغها.
فالويل لكم فكم من عين طالما غمضت عن محارم الله، وسهرت متهجدة لله، وبكت في ظلم الليل خوفاً من الله، قد أسحها بالعبرات باكية، وسمرها بالمسامير المحماة، فألصقها بالجدران المرصوفة قائمة، وكم من غرة وجه طالما ناجى الله مجتهدا ً، وعنى لله متخشعاً مشوهاً بالعمد، مظلوماً مقتولاً ممثولاً به معنوفاً، وبالله أن لو لم يلق الله إلا بقتل النفس الزكية أخي محمد بن عبدالله رحمه الله تعالى للقيه بإثم عظيم، وخطب كبير، فكيف وقد قتل قبله النفس التقية - أي عبدالله بن الحسن - وإخوته وبنو أخيه، ومنعهم روح الحياة في مطابقه، وحال بينهم وبين خروج النَّفَس في مطاميره، لا يعرفون الليل من النهار، ولا مواقيت الصلاة إلا بقراءة أجزاء القرآن تجزيه، لما غابوا في آناء الليل والنهار حتى الشتاء والصيف حال أوقات الصلاة، قرماً منه إلى قتلهم، وقطعاً منه لأرحامهم، وترةً لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيهم.
فولغ في دمائهم ولغان الكلاب، وضرى بقتلهم صغيرهم وكبيرهم ضرواة الذئاب، ونهم بهم نهم الخنزير، والله له ولمن عمل بعمله بالمرصاد، فلما أهلكه الله قابلتنا أنت وأخوك الجبار الفض الغليظ العنيد، بأضعاف فتنته، واحتذاء سيرته، قتلاً وعذاباً وتشريداً وتطريداً، فأكلتمانا أكل الرُّبَّا حتى لفظتنا الأرض خوفاً منكما، وتأبدنا بالفلوات هرباً عنكما، فأنست بنا الوحوش وأنسنا بها، وألفتنا البهائم وألفناها، فلو لم تجترم أنت وأخوك إلا قتل الحسين بن علي وأسرته بفخ لكفى بذلك عند الله وزراً عظيماً، وستعلم وقد علم ما اقترف والله مجازيه وهو المنتقم لأوليائه من أعدائه.
ثم امتحننا الله بك من بعده، فحرصت على قتلنا، وظلمت الأول والآخر منا، لا يؤمنهم بعد دار، ولانأي جار، تتبعهم حيلك وكيدك حيث تستروا، من بلاد الترك والديلم، لا تسكن نفسك ولا يطمئن قلبك دون أن تأتي على آخرنا، ولا تدع صغيرنا، ولا ترثى لكبيرنا، لئلا يبقى داع إلى حق، ولا قائل بصدق من أهله، حتى أخرجك الطغيان، وحملك الشنآن، على أن أظهرت بغضة أمير المؤمنين، وأعلنت بنقصه، وقربت مبغضيه، وآويت شانئيه، حتى أربيت على بني أمية في عداوته، وأشفيت غلتهم في تناوله، وأمرت بكرب قبر الحسين بن علي صلوات الله عليهما، وتعمية موضعه، وقتل زواره، واستئصال محبيه، وأوعدت زائريه، وأرعدت وأبرقت على ذكره.
فوالله لقد كان بنو أمية الذين وضعنا آثارهم مثلاً لكم، وعددنا مساوئهم احتجاجاً عليكم - على بعد أرحامهم - أرأف بنا، وأعطف علينا قلوباً من جميعكم، وأحسن استبقاءاً لنا ورعاية من قرابتكم، فوالله ما بأمركم خفاء، ولا بشنآنكم امتراء، ولم لا تجاهَدَ وأنت معتكف على معاصي الله صباحاً ومساء، مغتراً بالمهلة، آمناً من النقمة، واثقاً بالسلامة، تارة تغري بين البهائم بمناطحة كبش ومناقرة ديك ومحارشة كلب.
وتارة تفترش الخصيان، وتأتي الذكران، وتترك الصلوات صاحياً وسكران، لا يشغلك ذلك عن قتل أولياء الله، وانتهاك محارم الله، فسبحان الله ما أعظم حلمه، وأكثر أناته عنك وعن أمثالك، ولكنه تبارك وتعالى لا يعجل بالعقوبة، وكيف يعجل وهو لا يخاف الفوت، وهو شديد العقاب.
فأما ما دعوتني إليه من الأمان، وبذلت لي من الأموال، فمثلي لا تثني الرغائب عزمته، ولا تنحل لخطير همته، ولا يبطل سعياً باقياً مع الأيام أثره، ولا يترك جزيلاً عند الله أجره بمال فانٍ وعارٍ باق، هذه صفقة خاسرة، وتجارة بائرة، استعصم الله منها، وأسأله أن يعيذني من مثلها بمنه وطوله.
أفأبيع المسلمين وقد سمت إليَّ أبصارهم، أفأبيع خطيري بمالكم، وشرف موقفي بدراهمكم، وألبس العار والشنار بمقامكم، لقد ضللت إذاً وما أنا من المهتدين.
والله ما أكلي إلا الجشب، ولا لبسي إلا الخشن، ولا شعاري إلا الدرع، ولا صاحبي إلا السيف، ولا فراشي إلا الأرض، ولا شهوتي من الدنيا إلا لقاؤكم، والرغبة في مجاهدتكم ولو موقفاً واحداً، انتظار إحدى الحسنيين في ذلك كله في ظفر أو شهادة.
وبعد، فإن لنا على الله وعداً لا يخلفه، وحتماً سوف ينجزه حيث يقول: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا﴾ [النور:55].
وهو الذي يقول عز قائلاً: ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾ [القصص:5].
عندما نصل إلى مرحلة الفناء على المنهج القويم ، أعتقد أنا قد وصلنا إلى خير عظيم .


-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 2274
- اشترك في: الاثنين يناير 05, 2004 10:46 pm
- مكان: صنعاء
- اتصال:
أخي العزيز / لن نذل
إليك هذه :-
بسم الله مجراها ومرساها
يا ملجئاً للخائف المحتارا *** يا من يغيث مشرداً قد طارا
يا حي يا قيوم ياغوث الذي *** يشكو إليك من الذي قد جارا
يا من يجير بفضلهِ مستضعفاً *** مستصرخاً متضرعاً لك جارا
يا من يجير ولا يجار عليه في *** سلطانهِ يا قاصماً جبارا
يا من هو الله الشديد محاله *** يا قادراً يا غالباً قهّارا
يا من تنزه أن يراه بناظرٍ *** يا من يحيط ويدرك الأبصارا
يا أولاً يا آخراً يا ظاهراً *** يا باطناً يا عالماً أسرارا
يا واحداً يا دائماً يا باقياً *** يا من أبان عجائباً وأثارا
يا نافخ الأرواح في أشباحها *** ومقدراً لبقائها مقدارا
يا رب يا حنّان يا منّان يا *** رحمان يا ديان يا جبارا
يشكو عُبيدك بعد أن نزلت به *** دهماء يسعر حرها إسعارا
يشكو إليك من الذي بعث الأولى *** يبغون فجعة مؤمنٍ ودمارا
يشكو شكاية محرقٍ مستضعفٍ *** كثرت جنود عدوه فتجارا
فبحق ذاتك يا مغيث عُبيده الـ *** مضطر ممن قد أراد ضرارا
وبحق ذاتك يا رحيم برحمة *** رادفتها بتفضل مدرارا
من القصيدة المسماه باستفتاح الفرج ( المنفرجه )
للإمام المنصور بالله القاسم بن محمد (ع) .
إليك هذه :-
بسم الله مجراها ومرساها
يا ملجئاً للخائف المحتارا *** يا من يغيث مشرداً قد طارا
يا حي يا قيوم ياغوث الذي *** يشكو إليك من الذي قد جارا
يا من يجير بفضلهِ مستضعفاً *** مستصرخاً متضرعاً لك جارا
يا من يجير ولا يجار عليه في *** سلطانهِ يا قاصماً جبارا
يا من هو الله الشديد محاله *** يا قادراً يا غالباً قهّارا
يا من تنزه أن يراه بناظرٍ *** يا من يحيط ويدرك الأبصارا
يا أولاً يا آخراً يا ظاهراً *** يا باطناً يا عالماً أسرارا
يا واحداً يا دائماً يا باقياً *** يا من أبان عجائباً وأثارا
يا نافخ الأرواح في أشباحها *** ومقدراً لبقائها مقدارا
يا رب يا حنّان يا منّان يا *** رحمان يا ديان يا جبارا
يشكو عُبيدك بعد أن نزلت به *** دهماء يسعر حرها إسعارا
يشكو إليك من الذي بعث الأولى *** يبغون فجعة مؤمنٍ ودمارا
يشكو شكاية محرقٍ مستضعفٍ *** كثرت جنود عدوه فتجارا
فبحق ذاتك يا مغيث عُبيده الـ *** مضطر ممن قد أراد ضرارا
وبحق ذاتك يا رحيم برحمة *** رادفتها بتفضل مدرارا
من القصيدة المسماه باستفتاح الفرج ( المنفرجه )
للإمام المنصور بالله القاسم بن محمد (ع) .


-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 619
- اشترك في: الثلاثاء فبراير 01, 2005 11:50 pm
- مكان: اليمن
هو يعلم إخلاصهُ وما القلب احتوى
وشوقه للقياه بثوب الشهيد جل المنى
أخي العزيز لن نذل... أثق أنك ممن يستحقون ملاقاة الله بثوب الشهيد...باركك الله..وحقق مرادك بعد عمر طويل تملأه بكل ما وضع الله فيك من قدرة خلاقة على العطاء..
ولست غريباً..الغريب هو من يختار النار دون الجنة ..!
نحن معك بكل ما فينا من ضعف ...
سندعو لك .... ولكننا بما نحن فيه من آمان مزعوم..بحاجة أكثر إلى دعواتك..!
