دكتور جامعي يتكلم عن الجهل الشديد بالمذهب الزيدي

[freedom]

ضحـــك كـــالبكاء..الفكر والتاريخ بأقلام الجامعيين!!

17/8/2005

د. فؤاد البعداني


في أحدث معلومات سرية سربها طلاب جامعيون: الخليفة الأموي "يزيد بن معاوية" الذي كان شيوعيا هو المؤسس الأول للزيدية، كما أن الزيديةهي إحدى ثمار الاستعمار الصليبي، وزيدية اليمن هم من عبدة الشيطان، أما عن "الحوثي" فقد كان لاهوتيا وسلفيا، ويستمد معتقداته من المذهب المسيحي وفكره إنما يعد امتدادا للمذهب الشيوعي الذي كان يعمل على نشره في اليمن، وهو نتاج الفرقة الشيعية المولوكس!!!

ربما قد يقبل البعض على مضض أن يحصل الطالب اليمني على الثانوية العامة وينتظم في صفوف إحدى الجامعات اليمنية الحكومية أو الأهلية وهو على قدر كبير من الضعف الثقافي والوعي السياسي العام، لكن من غير المقبول أن يجهل هذا الطالب الكثير من المعلومات العامة والمكونات الفكرية والاجتماعية والسياسية المتصلة بتكوين المجتمع اليمني والأحداث التاريخية والمعاصرة الكبرى التي شهدتها اليمن، ولا سيما الاحداث الشهيرة التي عاصرها الطالب أثناء دراسته الثانوية والجامعية؟

وليس من المعقول كذلك أن تشهد اليمن حدثا فكريا وسياسيا كبيرا، يهيمن على الساحة اليمنية ويصبح لعدة شهور حديث الناس جميعا في المجالس والمقايل والمناسبات والتجمعات والأسواق ووسائل النقل وأماكن العمل، ويتصدر اهتمامات وسائل الإعلام المختلفة، الخارجية والداخلية، الرسمية منها والحزبية والأهلية، ولا سيما الصحافة التي أشبعته حديثا وعرضا ونقاشا وتحليلا، ومع هذا كله نجد عشرات الطلاب الجامعيين لا يعرفون شيئا عن ذلك الحدث ولا عن خلفيته الفكرية والسياسية؟

وكيف لطالب تغيب عنه معلومات تتعلق ببلده ومجتمعه، أن يلم بما سواها؟وإذا كان الكثير من هؤلاء الطلاب لا تغيب عنهم آخر الاحداث والأخبار المتصلة بعالم الفن أو عالم الرياضة، ولا تخفى عليهم سفاسف الأمور المتعلقة بإحدى الفنانات وقصصها السخيفة وحفلاتها وزواجها وطلاقها، وأخبار ماردونا ورونالدو والصراع بين الأندية السعودية على شراء اللاعب القحطاني، ويجهلون أحوال وطنهم وأحداث بلدهم؛ فأنى لمثل هؤلاء أن يكونوا لبنات فاعلة في بناء وطنهم وخدمة مجتمعهم؟

وأريد بداية لفت نظر الجهات الحكومية إلى أن إعلامها الرسمي لم يكن موفقا في عرض بعض الأحداث ومناقشتها وتوعية المجتمع بها، ذلك أن التركيز على مجرد صب الشتائم وتوجيه التهم والرمي ببعض الكلمات والمصطلحات المتشنجة، ليس الأسلوب الأمثل في إيصالها الرسالة المطلوبة وتوعية المجتمع بما نريده أن يدركه، وهذا ما تجلى بوضوح خلال أحداث فتنة الحوثي، حيث أخفق الإعلام الرسمي في إيصال رسالته، والتي لم يستوعبها بعض طلاب الجامعات، فكيف بمن سواهم من عموم الشعب؟

أما ما كان من توعية فكرية وسياسية عبر الصحافة الرسمية فكيفما كانت فإن تأثيرها محدود جدا، لأن عموم الناس نادرا ما يقرأونها، بما في ذلك الشباب الجامعي، الذين إن وصلت إلى يد أحدهم صحيفة بحث فيها عن أخبار الرياضة وقد يتصفح عناوينها وما فيها من صور ثم يرميها جانبا، وما سأورده من آراء لبعض الطلاب يؤيد ما ذكرته آنفا.

ولكي لا أطيل عليك قارئي الكريم، أعرض عليك الآن بعض النماذج المختارة من إجابات بعض الطلاب في دفاتر الامتحانات الجامعية على سؤال بسيط حول شخصية حسين بدر الدين الحوثي، وخلفيته وعلاقته بالمذهب الزيدي، مع ملاحظة أني قد وجهت السؤال للطلاب في القاعات الدراسية ولما وجدت معلوماتهم شحيحة وتصوراتهم خاطئة، قدمت لهم شرحا مفصلا لجميع الجوانب العقائدية والفكرية والسياسية المتصلة بالموضوع في أكثر من محاضرة، بعيدا عن الأسلوب الذي اتبعته الصحافة الرسمية والحزبية وبعض الاهلية على حد سواء.


فحول المذهب الزيدي في اليمن جاءت إجابات الطلاب بما يثبت الجهل الشديد به، فقد أصبت بالذهول وأخذتني الدهشة وأنا أقرأها من ذلك:

اتفاق بعض الطلاب على أن المذهب الزيدي يرجع إلى مؤسسه الاول "يزيد بن معاوية" الخليفة الأموي الثاني ويضيف أحد الطلاب بأن مؤسس الزيدية هذا كان شيوعيا!! بمعنى أن الدولة الأموية افتتحت عهدها وحكمها للعالم الإسلامي بالفكر الشيوعي، ويؤكد آخر على أن الزيدية هدفوا لتدمير صفوف المسلمين، ويذهب طالبان آخران إلى اتهام أتباع المذهب الزيدي في اليمن بأنهم من عبدة الشيطان المؤمنين به وبكونهم امتدادا لزيدية العراق.

أما أحد الطلاب فقد فجر لنا مفاجأة جديدة نزلت علي كالصاعقة مفادها بأن الزيدية هي من الفرق التي شجعها الاستعمار الصليبي وأسهم في تأسيسها!!ويرى طالب آخر بأن الزيدية تعتمد على إظهار الإسلام وتبطن الأشياء الأخرى، دون أن يخبرنا عن هذه الأشياء.وترى إحدى الطالبات بأن المذهب الزيدي إنما هو مذهب وضعي!!وأرادت ثلاث طالبات أن لا يتورطن بإجابات غير صحيحة حرصا منهن على الصدق والدقة وهذه محمدة لهن، فمن قال الله أعلم فقد أفتى، واعتمادا على هذا فقد كانت إجاباتهن بأنهن لم يسمعن بكلمة مذهب زيدي من قبل، ويساندهن أحد الطلاب مؤيدا لهذا الاتجاه بأنه كذلك لم يسمع عن هذا المذهب. أما عن الحوثي وفكره وجماعته، فقد تباين الطلاب كثيرا في تشخيصه وكشف حقيقة فكره ودعوته على النحو الآتي:بداية يجزم أحد الطلاب بأن الحوثي قد ادعى الألوهية!! ويذهب طالبان آخران إلى أن الفكر الحوثي يعد امتدادا للمذهب المسيحي، ويخالفهم طالب آخر بأنه كان من أتباع المذهب النصراني، بينما يؤكد ثلاثة من الطلاب على أنه من أصحاب المذهب اللاهوتي!! والحوثي كذلك عند خمسة آخرين هو قادياني وفكره يعد امتدادا للمذهب القادياني.

وينفرد أحد الطلاب بتقديم خلطة عجيبة حيث يرى أن فكر الحوثي خليط من المذهب القادياني والبهائية والسرورية!! ولا يفوتك أخي القارئ ان السرورية تصنف كإحدى الفصائل السلفية.

والحوثي كذلك هو صوفي حيث يذهب خمسة من الطلاب إلى عد الفكر الحوثي امتدادا للمذهب الصوفي، ويتحفنا أحد الطلاب بإجابة لطيفة معتبرا الحوثي من أتباع المذهب السلفي، وكأنه لا يدرك أن السلفية هي أشد ما يناقض الفكر الحوثي ويعارضه، ويكشف لنا أحد الطلاب سرا بأن الحوثي يؤمن باثنى عشر نبيا، كما أنه عند زميل له لا يؤمن برسول الله وإنما يؤمن بأن عليا هو ابن الله، وهو كذلك من أتباع مذهب المكارمة عند آخر.

ومن المصطلحات السرية والجديدة التي أماط عنها اللثام أحد الطلاب وله حق السبق، حيث أفاد بأن الحوثي وجماعته يعدون امتدادا لمذهب الشيعة المولوكس!! وعند طالب آخر هم من اليزيدية الذين يعبدون الشيطان! وتكتب إحدى الطالبات قائلة: "فكرة الحوثي، هي محاربة الإرهاب، وهو امتداد للمذهب الإسلامي الجهادي في سبيل الله وليس امتدادا للمذهب الزيدي".أما طالبة أخرى فقد قالت: "لا أستطيع أن أكمل لأني لاأعرف عن الحوثي شيئا"، وتساندها إحدى زميلاتها بأنها كذلك تجهل هذه الشخصية ولا تعرف شيئا عن فكره.

كما قدم لنا بعض الطلاب خلطات عجيبة جمعوا فيها بين بعض المتناقضات: فقد ذهب خمسة منهم وكانت سادستهم طالبة إلى أن الحوثي وجماعته يعدون امتدادا للمذهب الشيوعي والصوفية، وسبحان الذي جمع بين الشيوعية والصوفية، وبنفس الطريقة يرى ستة آخرون بأنهم ينتمون للمذهب الشيوعي الاثنى عشري، وقريبا من هذا يرى طالب آخر بأنهم يحملون الفكر الشيوعي الإسماعيلي!! ويتردد ثلاثة طلاب عاجزين عن الاختيار بين كون الحوثي شيوعياً أم شيعياً؟

وبعيدا عن هذا الخلط والعجن والجمع بين مصطلحات عدة، فقد توصل عدد كبير من الطلاب إلى حد التواتر إلى قناعة تامة وحاسمة فقطعوا بالرأي على توصيف واحد، وما نقل بالتواتر لا يصح رفضه كما هو معروف في علم مصطلح الحديث، ولا يمكن أن يجمع العدد الكبير على كذب أو زور أو باطل، ولكن وللأسف الشديد فإن هذا قد حصل معي ومن طلابي، حيث أجمع اثنان وأربعون طالبا على أن الحوثي كان شيوعيا، وأن فكره وجماعته امتدادا للمذهب الشيوعي،وأنه كان يريد نشر الشيوعية في اليمن، وهو مدعوم من الشيوعيين ومن اليزيديين!!

وهكذا يتبين أن أكثر من خمسين طالبا جامعيا لا يفرقون بين الشيوعية والشيعية، ولا يعرفون شيئا عن الزيدية، ولا عن الشيعة الاثنى عشرية مع أنهم قد ملأوا الدنيا ضجيجا وعويلا في كل مكان وجدوا فيه.

[الهاشمي اليماني]

سيدي الكريم ... أمر رائع ما طرحته أو كتبته ... لكن الغريب العجيب أن يذكر معظم الطلبة اليزيدية ويصفونهم ببعض صفاتهم كتقديس الشيطان ... وذلك يعني أن عبادة الشيطان لها أمر يثير الإهتمام .. وتم ما تم ووضحت النتيجة المؤسفة ... لكن أليس من الملاحظ إنزواء المثقف الزيدي وإبتعاده عن الخوض بخصوصية الزيدية ومزاياها .. ناهيك عن إنحسار له أسبابه الجوهرية المعروفة باليمن .. ويبقى القول أن علينا الإهتمام بكتاب الطفل وبقية المناهج التربوية .. وأن يتخصص البعض بتبسيط الأفكار وبلورتها لمن لايفهما .