أفضلية الملائكة على البشر

هذا المجلس لطرح الدراسات والأبحاث.
أضف رد جديد
المنصور
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 156
اشترك في: الأربعاء أغسطس 03, 2005 1:25 pm

أفضلية الملائكة على البشر

مشاركة بواسطة المنصور »

الأخوة أعضاء منتدى مجالس آل محمد الكرام أحببت أن أشارككم عقولكم النيرة بهذه المشاركة المتواضعة - الأولى – متمنيًا التفاعل وإثراء الموضوع وإبداء أي ملاحظات عليه فسعة الصدر موجودة إن شاء الله تعالى

بسم الله الرحمن الرحيم
أفضلية الملائكة على البشر

الحمد لله رب العالمين ، الرحمن الرحيم ، الجبار العظيم ، وأصلي وأسلم على ملائكته أجمعين ، وعلى الملائكة المقربين ، وعلى جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت ورضوان ومالك ، وأصـلي علـى الـكرام الكاتبين ، وأصلي وأسلم على خير البشر محمد عبد الله ورسوله وعلى آله الطيبين الطاهرين ، وعلى إخوانه من الأنبياء والمرسلين وعلينا معهم يا أرحم الراحمين .
وبعد :
مرت بي عدة أحداث يدور فيها النقاش عن أي الخليقتين أفضل ؟! الملائكة أم البشر ؟!
واستوقفتني المسألة كثيراً لما يتوهم في هذا الزمان من أن المسألة قطعية بأفضلية البشر على الملائكة ، وأن المسألة لا يوجد فيها غير هذا القول . مع أن حقيقة هذا الخلاف موجود منذ زمن طويل ، سطر في بطون الكتب . والناس فيه على أراء :
1- فالأشعرية قالت : الأنبياء أفضل من الملائكة .
2- وقالت الأمامية : بل الأنبياء والأئمة أفضل من الملائكة .
3- وقال آخرون : بل الأنبياء والمؤمنون أفضل من الملائكة .
4- وقال أهل البيت عليهم السلام (الزيدية) والمعتزلة : بل الملائكة أفضل من الأنبياء بمعنى أن ثواب أدنى المـلائكة أكثر من ثواب أفضل الأنبياء .
وبعد الخوض في كلام الفرق وجدت أن محـور الكلام يدور على مرتكز أساسي الفصل فيه يحـسم النتيجة لمن يثبت ذلك .لأن الجميع متفق على أن المـلائكة خلق عظيم جسماً ، وخلق عظيم في الأعمال التي يقومون بها ، فمنهم الركَّع الذين لا ينتصبون ، والسجَّد الذين لا يركعون ، ولا يسئمون من التسبيح ، أغنتهم العبادة عن الأكل والشراب .(1)
ــــــــــــــــــــــ
(1): يقول الإمام علي عليه السلام في ذلك :( ثُمَّ فَتَقَ مَا بَيْنَ السَّمَاواتِ العُلاَ، فَمَلاََهُنَّ أَطْواراً مِنْ مَلائِكَتِهِ: مِنْهُمْ سُجُودٌ لاَ يَرْكَعُونَ، وَرُكُوعٌ لاَ يَنْتَصِبُونَ، وَصَافُّونَ لاَ يَتَزَايَلُونَ ، وَمُسَبِّحُونَ لاَ يَسْأَمُونَ، لاَ يَغْشَاهُمْ نَوْمُ العُيُونِ، وَلاَ سَهْوُ العُقُولِ،وَلاَ فَتْرَةُ الْأَبْدَانِ،ولاَ غَفْلَةُ
النِّسْيَانِ. وَمِنْهُمْ أُمَنَاءُ عَلَى وَحْيِهِ، وأَلسِنَةٌ إِلَى رُسُلِهِ، وَمُخْتَلِفُونَ بِقَضَائِهِ وَأَمْرهِ. وَمِنْهُمُ الْحَفَظَةُ لِعِبَادِهِ، وَالسَّدَنَةُ لِأَبْوَابِ جِنَانِهِ. وَمِنْهُمُ الثَّابِتَةُ في الْأَرَضِينَ السُّفْلَى أَقْدَامُهُمْ، وَالمَارِقَةُ مِنَ السَّماءِ الْعُلْيَا أَعْنَاقُهُمْ، والخَارجَةُ مِنَ الْأَقْطَارِ أَرْكَانُهُمْ، وَالْمُنَاسِبَةُ لِقَوَائِمِ الْعَرْشِ أَكْتَافُهُمْ، نَاكِسَةٌ دُونَهُ أَبْصارُهُمْ، مُتَلَفِّعُونَ تَحْتَهُ بِأَجْنِحَتِهِمْ، مَضْرُوبَةٌ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مِنْ دُونَهُمْ حُجُبُ الْعِزَّةِ، وَأسْتَارُ الْقُدْرَةِ، لاَ يَتَوَهَّمُونَ رَبَّهُمْ بالتَّـصْوِيرِ، وَلاَ يُجْرُونَ عَلَيْهِ صِفَاتِ الْمَصْنُوعِينَ، وَلاَ يَحُدُّونَهُ بِالْأََمَاكِنِ، وَلاَ يُشِيرُونَ إِلَيْهِ بِالنَّظَائِرِ. [نهح البلاغة / الخطبة رقم (1)ص
(74)ط دار البلاغة].


ولكن النقطة الفاصلة بين الأقوال هي : أن أصحاب القول الأول يتهمون الملائكة بالجبر وانتفاء حرية الإرادة عنهم ، ولذلك يفضلون البشر عليهم باعتبار أن البشر غير مجبورين وحرية الإرادة كاملة لديهم .
أما أصحاب القول الثاني : فإنهم يثبتون للملائكة حرية الإرادة الكاملة وأنهم مكلفون مختارون .
هذه هي النقطة المهمة في كلام الفريقين فمتى ثبت أن الملائكة غير مكلفين ولا حرية إرادة لهم ثبت أن البشر أفضل من الملائكة وإذا ثبت عكس ذلك وأن الملائكة مكلفون مختارون دل دلالة قاطعة على أن الملائكة أفضل من البشر بمراحل كبيرة جداً .
لذا حاولت أن أتطرق إلى هذه النقطة في بحث متواضع مستدلاً بآيات القران الكريم المـرجع القطعي لجمع الفرق والطوائف الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه . مستعيناً بتوفيق الله.

الدليل الأول :

قال تعالى (لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)[التحريم/6] . التكليف عبارة عن أمر بالفعل وأمر بالكف عن الفعل ( أفعل، ولا تفعل ) . هذا هو التكليف ، والله تعالى لا يخاطب بالتكليف إلا مـن يعقل معنى التكليف فالجمادات والحيوانات التي لا تعقل غير مكلفة وبالتالي لا عقاب عليها ولا حساب (1) وفي هذه الآية بين الله تعالى أن الملائكة مكلفون لتوجيه خطاب التكليف إليهم بقوله تعالى: ( ما أمرهم ) وقوله: ( مـا يؤمرون ) وكذلك نسب الله تعالى الفعل إليهم في قوله: ( لا يعصون ) وقوله: ( يفعلون ) كما نسب الأفعـال إلى المؤمنين من البشر إليهم وفي هذا دلالة على عدم الجبر على الفعل . حيث لـو كان الأمر أمر جبر وحـتم لنسب الفعل إليه كما نسب أفعاله في خلق السماوات والأرض والجن والأنس ففي جميع هذه لأفعال نسب الله تعالى أفعالها إليه قال تعالى :
1- ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة /21].
2 – ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَـهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )[ النساء /1].
ــــــــــــــــــــــ
(1):قال الإمام الهادي عليه السلام في المجموعة الفاخرة : ( وذلك أن الله عز وجل لم يخاطب أحداً من خلقه إلا ذوي الـعقول مـن الملائكة والجن والإنس ، وسائر خلقه حيوان لا عقول لها ، وجماد لا روح فيه ، وإنما خاطب الله عز وجل أهل العقول ،وأمرهم ونهاهم ..) إلى أخر كلامه . وقال بعد ذلك : والذي لا عقل له من خلقه لا يجب له ثواب ولا عليه عقاب) [المجموعة الفاخرة –دار الحكمة – الطبعة الأولى- ص (100-101)].

3 – ( الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَـرُواْ بِرَبِّهِم يَـعْدِلُونَ ) [الأنعام /1].
4 – ( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّوَرِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ) [الأنعام /73].
5 – ( إِنَّ رَبَّـكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّـهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ )
[ الأعراف /54].

الدليل الثاني :

قوله تعالى : (لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً لِّلّهِ وَلاَ الْمَلآئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعاً{172} )[ النساء / 172 ] في هذه الآية من الدلالة على أفضلية المـلائكة الشيء الكبير ، وبيان الاستدلال بهذه الآية أن قوله تعالى : (وَلاَ الْمَلآئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ) ترق وصعود من درجة إلى درجة أعلى منها يعرف ذلك العالم بأساليب أهل اللسان العربي ، لأنه يقال : لا يأنف فلان من تعظيم العالم ولا من هو أعظم منه ، أي ولا من هو أعظم من ذلك الفلان فإنه لا يأنف من تعظيم العالم . ومن هذا قول الشاعر :
وما مثله مِمَّن يُجَاوِد حَاتِمٌ 000000 وَلَا البحرُ ذُو الأَمْوَاجِ يَنْأَجُ زَاخِرُهُ (1)
ــــــــــــــــــ
(1): كتاب عدة الأكياس في شرح معاني الأساس . الجزء الثاني ، ص (21-22) ط دار الحكمة الطبعة الأولى .

وأضيف أن الله ذكر ملائكته المقربين وقد يكون المقصود بالمقربين جميع الملائكة أو المقربون مـنهم كجبريل وميكائيل وإسرافيل ، وفي كلا الحالتين بين الله لنا عظيم منزلتهم حيث خصهم الله تعالى بهذا الوصف العظيم وقال لن يستنكف المسيح أن يكون عبداً لله ولا من هم أفضل منه وأفضل من غيرهم ، ولو كان أحـد أفضل منهم لعطف الله تعالى البيان عليه .
ومن جهة أخرى ذكر الله تعالى عاقبة من يستنكف عن عبادته بعد ذكره لنبي الله عيسى بن مريم عليه السلام والملائكة المقربون فقال عز وجل: (وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعاً) فذكر الله أن من يستنكف ويستكبر فسيكون لهم يوم يحاسبون فيه على فعلهم ويجازيهم على استكبارهم واستنكافهم وفي هذا دليل على أنهم مخيرين غير مجبورين بإمكانهم الإيمان وكذلك العصيان والاستنكاف والاستكبار ، وهذا هـو
التكليف بعينه .

الدليل الثالث :

قوله تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إَلاَّ إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَـلَقْتَ طِيـناً) [الأسراء /61]. وقوله تعالى: (إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِن طِينٍ{71} فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ{72} فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ{73} إِلَّا إِبْـلِيسَ اسْتَـكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ{74} قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ {75} قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ{76} قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ{77} وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ{78}) [ ص / 71-78].



في هذه الآيات دلالة على التكليف من عدة أوجه :-
الوجه الأول:- الخطاب الموجه إلى الملائكة بالسجود وفي الخطاب بالأمر دلالة على التكليف .
الوجه الثاني:- أن الأمر بالسجود لأدم كان اختبارًا للملائكة وامتحانًا لهم بالإضافة إلى إبليس حيث كان معهم في الاختبار ، فنجح الملائكة بالاختبار وفشل إبليس في الاختبار , والابتلاء والاختبار لا يكون إلا لمكلف لأن الله لا يبتلي ويختبر غير المكلفين وهذا شيء متفق عليه وإلا ما الحكمة من الابتلاء والاختبار إذا كان المبتلي غير مكلف ؟!
وقد بين ذلك الأمام علي عليه السلام في نهج البلاغة في خطبته التي تسمّى القاصعة . وهي تتضمن ذم إبليس لعنه اللّه،عَلى استكباره ، وتركه السجود لآدم عليه السلام، وأنه أول من أظهر العصبية وتبع الحمية ، وتحذير الناس من سلوك طريقته بقوله : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَبِسَ الْعِزَّ وَالْكِبْرِيَاءَ،وَاخْتَارَهُمَا لنَفْسِهِ دُونَ خَلْقِهِ،وَجَعَلَهُمَا حِمىً وَحَرَماً على غيره، وَاصْطَفَاهُمَا لِجَلاَلِهِ. وَجَعَلَ اللَّعْنَةَ عَلَى مَنْ نَازَعَهُ فِيهِمَا مِنْ عِبَادِهِ، ثُمَّ اخْتَبَرَ بِذلِكَ مَلاَئِكَتَهُ الْمُقَرَّبِينَ، لَِيمِيزَ المُتَوَاضِعيِنَ مِنْهُمْ مِنَ الْمُسْتَكْبِرِينَ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ وَهُوَ الْعَالِمُ بِمُضْمَرَاتِ القُلُوبِ، وَمَحْجُوبَاتِ الْغُيُوبِ: (إِنِّي خَالِقٌ بَـشَراً مِنْ طِينٍ *فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ * فَسَجَدَ الْمَلاَئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلاَّ إِبْلِيسَ) اعْتَرَضَتْهُ الْحَمِيَّةُ، فَافْتَخَرَ عَلَى آدَمَ بَخَلْقِهِ، وَتَعَصَّبَ عَلَيْهِ لِأَصْلِهِ. فَعَدُوُّ اللهِ إِمَامُ الْمُتَعَصِّبِينَ، وَسَلَفُ الْمُسْتَكْبِرِينَ، الَّـذِي وَضَعَ أَسَاسَ الْعَصَبِيَّةِ، وَنازَعَ اللهَ رِدَاءَ الْجَبْرِيَّةِ، وَادَّرَعَ لِبَاسَ التَّعَزُّزِ، وَخَلَعَ قِنَاعَ التَّذَلُّلِ. أَلاَ تَرَوْنَ كَيْفَ صَغَّرَهُ اللهُ بِتَكَبُّرِهِ، وَوَضَعَهُ بِتَرَفُّعِهِ، فَجَعَلَهُ فِي الدُّنْيَا مَدْحُوراً، وَأَعَدَّ لَهُ فِي الْآخِرَةِ سَعِيراً وَلَوْ أَرَادَ اللهُ أَنْ يَخْلُقَ آدَمَ مِنْ نُور يَخْطَفُ الْأَبْصَارَ ضِيَاؤُهُ، وَيَبْهَرُ الْعُقُولَ رُوَاؤُهُ ، وَطِيب يَأْخُذُ الْأَنْفَاسَ عَرْفُهُ ، لَفَعَلَ، وَلَوْ فَعَلَ لَظَلَّتْ لَهُ الْأَعْنَاقُ خَاضِعَةً، وَلَخَفَّتِ الْبَلْوَى فِيهِ عَلَى المَلائِكَةِ. وَلـكِنَّ اللهَ سُبْـحَانَهُ يَبْتَلِي خَلْقَهُ بِبَعْضِ مَا يَجْهَلُونَ أَصْلَهُ، تَمْيِيزاً بِالْإِخْتِبَارِ لَهُمْ، وَنَفْياً لِلْإِسْتِكَبَارِ عَنْهُمْ، وَإِبْعَاداً لِلْخُيَلاَءِ مِنْهُم.
فَاعْتَبِروا بِمَا كَانَ مِنْ فِعْلِ اللهِ بِإِبْلِيسَ، إِذْ أَحْبَطَ عَمَلَهُ الطَّوِيلَ، وَجَهْدَهُ الْجَهِيدَ، وَكَانَ قَدْ عَبَدَ اللهَ سِـتَّةَ آلاَفِ سَنَةٍ، لاَ يُدْرَى أَمِنْ سِنِي الدُّنْيَا أَمْ مِنْ سِنِي الْآخِرَةِ، عَنْ كِبْرِ سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ. فَمَنْ بَعْدَ إِبْلِيسَ يَسْلَمُ عَلَى اللهِ بِمِثْلِ مَعْصِيَتِهِ؟ كَلاَّ، مَا كَانَ اللهُ سُبْحَانَهُ لِيُدْخِلَ الْجَنَّةَ بَشَراً بِأَمْرٍ أَخْرَجَ بِهِ مِنْهَا مَلَكاً. إِنَّ حُكْمَهُ فِي أَهْـلِ السَّـماءِ وأَهْلِ الْأَرْضِ لَوَاحِدٌ، وَمَا بَيْنَ اللهِ وَبَيْنَ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ هَوَادَةٌ فِي إِبَاحَةِ حِمىً حَرَّمَهُ عَلَى الْعَالَمينَ) [الخطبة رقم (192)ص (423) طبعة دار البلاغة . الطبعة الثانية].(1)


ـــــــــــــــــــــــ
(1): وللإمام علي عليه السلام خطبة أخرى جليلة في وصف الملائكة وفيها الدلالة الجلية على أفضلية الملائكة وأنهم مكلفون يقول فيها: (ثُمَّ خَلَقَ سُبْحَانَهُ لِإِسْكَانِ سَمَاوَاتِهِ، وَعِمَارَةِ الصَّفِيحِ الْأَعْلَى مِنْ مَلَكُوتِهِ، خَلْقاً بَدِيعاً مِنْ مَلاَئِكَتِهِ، وَمَلاََ بهِمْ فُرُوجَ فِجَاجِهَا، وَحَشَا بِهِمْ فُتُوقَ أَجْوَائِهَا ، وَبَيْنَ فَجَوَاتِ تِلْكَ الْفُرُوجِ زَجَلُ الْمُسَبِّحِينَ مِنْهُمْ فِي حَظَائِرِ الْقُدُسِ ، وَسُتُرَاتِ الْحُجُبِ، وَسُرَادِقَاتِ الْمَجْدِ، وَوَرَاءَ ذلِكَ الرَّجِيجِ الَّذِي تَسْتَكُّ مِنْهُ الْأَسْمَاعُ سُبُحَاتُ نُورتَرْدَعُ الْأَبْصَارَ عَنْ بُلُوغِهَا، فَتَقِفُ خَاسِئَةً عَلَى حُدُودِهَا. أَنْشَأَهُمْ عَلَى صُوَرٍ مُخْتَلِفَاتٍ، وَأَقْدَارٍ مُتَفَاوِتَاتٍ، (أُولِي أَجْنِحَةٍ) تُسَبِّحُ جَلاَلَ عِزَّتِهِ، لاَ يَنْتَحِلُونَ مَا ظَهَرَ فِي الْخَلْقِ مِنْ صُنْعِهِ، وَلاَ يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ يَخْلُقُونَ شَيْئاً مَعَهُ مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ، (بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأمْرِهِ يَعْمَلُونَ). جَعَلَهُمُ اللهُ فِيَما هُنَالِكَ أَهْلَ الْأَمَانَةِ عَلَى وَحْيِهِ، وَحَمَّلَهُمْ إِلى الْمُرْسَلِينَ وَدَائِعَ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ، وَعَصَمَهُمْ مِنْ رَيْبِ الشُّبُهَاتِ، فَمَا مِنْهُمْ زَائِغٌ عَنْ سَبِيلِ مَرْضَاتِهِ، وَأَمَدَّهُمْ بِفَوَائِدِ المَعُونَةِ، وَأَشْعَرَ قُلُوبَهُمْ تَوَاضُعَ إِخْبَاتِ السَّكِينَةِ، وَفَتَحَ لَهُمْ أَبْوَاباً ذُلُلاً إِلى تَمَاجِيدِهِ، وَنَصَبَ لَهُمْ مَنَاراً وَاضِحَةً عَلَى أَعْلاَمِ تَوْحِيدِهِ، لَمْ تُثْقِلْهُمْ مُوصِرَاتُ الْآثَامِ ، وَلَمْ تَرْتَحِلْهُمْ عُقَبُ اللَّيَالي وَالْأَيَّامِ، وَلَمْ تَرْمِ الشُّكُوكُ بِنَوَازِعِهَا عَزِيمَةَ إِيمَانِهمْ، وَلَمْ تَعْتَرِكِ الظُّنُونُ عَلَى مَعَاقِدِ يَقِينِهمْ، وَلاَ قَدَحَتْ قَادِحَةُ الْإِحَنِ فِيَما بَيْنَهُمْ، وَلاَ سَلَبَتْهُمُ الْحَيْرَةُ مَا لاَقَ مِنْ مَعْرِفَتِهِ بِضَمائِرِهمْ، وَسَكَنَ مِنْ عَظَمَتِهِ وَهَيْبَةِ جِلاَلَتِهِ فِي أَثْنَاءِ صُدُورِهمْ، وَلَمْ تَطْمَعْ فِيهِمُ الْوَسَاوِسُ فَتَقْتَرِعَ بِرَيْنِهَا عَلى فِكْرِهمْ. مِنْهُمْ مَنْ هُوَ في خَلْقِ الْغَمَامِ الدُّلَّحِ ، وَفي عِظَمِ الْجِبَالِ الشُّمَّخِ، وَفي قَتْرَةِ الظَّلاَمِ الْأَيْهَمِ, وَمِنْهُمْ مَنْ قَدْ خَرَقَتْ أَقْدَامُهُمْ تُخُومَ الْأَرْضِ السُّفْلَى، فَهِيَ كَرَايَاتٍ بِيضٍ قَدْ نَفَذَتْ فِي مَخَارِقِ الْهَوَاءِ، وَتَحْتَهَا رِيحٌ هَفَّافَةٌ تَحْبِسُهَا عَلَى حَيْثُ انْتَهَتْ مِنَ الْحُدُودِ الْمُتَنَاهِيَةِ، قَدِ اسْتَفْرَغَتْهُمْ أَشْغَالُ عِبَادَتِهِ، ووَصَلَتْ حَقَائِقُ الْإِيمَانِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَعْرِفَتِهِ، وَقَطَعَهُمُ الْإِيقَانُ بِهِ إِلى الْوَلَهِ إِليْهِ، وَلَمْ تُجَاوِزْ رَغَبَاتُهُمْ مَا عِنْدَهُ إِلى مَا عِنْدَ غَيْرِهِ. قَدْ ذَاقُوا حَلاَوَةَ مَعْرِفَتِهِ، وَشَرِبُوا بِالْكَأْسِ الرَّوِيَّةِ مِنْ مَحَبَّتِهِ، وَتَمَكَّنَتْ مِنْ سُوَيْدَاءِ قُلُوبِهمْ وَشِيجَةُ خِيفَتِهِ، فَحَنَوْا بِطُولِ الطَّاعَةِ اعْتِدَالَ ظُهُورِهمْ، وَلَمْ يُنْفِدْ طُولُ الرَّغْبَةِ إِلَيْهِ مَادَّةَ تَضَرُّعِهِمْ، وَلاَ أَطْلَقَ عَنْهُمْ عَظِيمُ الزُّلْفَةِ رِبَقَ خُشُوعِهمْ، وَلَمْ يَتَوَلَّهُمُ الْإِعْجَابُ فَيَسْتَكْثِرُوا مَا سَلَفَ مِنْهُمْ، وَلاَ تَرَكَتْ لَهُمُ اسْتِكَانَةُ الْإِجْلاَلِ نَصِيباً فِي تَعْظِيمِ حَسَنَاتِهمْ، وَلَمْ تَجْرِ الْفَتَرَاتُ فِيهِمْ عَلَى طُولِ دُؤُوبِهِمْ ، وَلَمْ تَغِضْ رَغَبَاتُهُمْ فَيُخَالِفُوا عَنْ رَجَاءِ رَبِّهِمْ، وَلَمْ تَجِفَّ لِطُولِ الْمُنَاجَاةِ أَسَلاَتُ أَلْسِنَتِهمْ، وَلاَ مَلَكَتْهُمُ الْأَشْغَالُ فَتَنْقَطِعَ بِهَمْسِ الْجُؤَارِ إِلَيْهِ أَصْواتُهُمْ، وَلَمْ تَخْتَلِفْ فِي مَقَاوِمِ الطّاعَةِ مَناكِبُهُمْ، وَلَمْ يَثْنُوا إِلَى رَاحَةِ التَّقْصِيرِ فِي أَمرِهِ رِقَابَهُمْ، وَلاَ تَعْدُو عَلَى عَزِيمَةِ جِدِّهِم بَلاَدَةُ الْغَفَلاَتِ، وَلاَ تَنْتَضِلُ فِي هِمَمِهِمْ خَدَائِعُ الشَّهَوَاتِ .قَدِْ اتَّخَذُوا ذَا الْعَرْشِ ذَخِيرَةً لِيَومِ فَاقَتِهمْ ، وَيَمَّمُوهُ عِنْدَ انْقِطَاعِ الْخَلْقِ إِلى المَخْلُوقِينَ بِرَغْبَتِهمْ، لاَ يَقْطَعُونَ أَمَدَ غَايَةِ عِبَادَتِهِ، وَلاَ يَرْجِعُ بِهمُ الاِسْتِهْتَارُ بِلُزُومِ طَاعَتِهِ، إِلاَّ إِلَى مَوَادَّ مِنْ قُلُوبِهمْ غَيْرِ مُنْقَطِعَةٍ مِنْ رَجَائِهِ وَ مَخَافَتِهِ، لَمْ تَنْقَطِعْ أَسْبَابُ الشَّفَقَةِ مِنْهُمْ، فَيَنُوا في جِدِّهِمْ، وَلَمْ تَأْسِرْهُمُ الْأَطْمَاعُ فَيُؤْثِرُوا وَشِيكَ السَّعْىِ عَلَى اجْتِهَادِهِمْ. ولَمْ يَسْتَعْظِمُوا مَا مَضَى مِنْ أَعْمَالِهِمْ، وَلَوِ اسْتَعْظَمُوا ذلِكَ لَنَسَخَ الرَّجَاءُ مِنْهُمْ شَفَقَاتِ وَجَلِهِمْ ، وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي رَبِّهِمْ بِاسْتِحْواذِ الشَّيْطَانِ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يُفَرِّقْهُمْ سُوءُ التَّقَاطُعِ، وَلاَتَوَلاّهُمْ غِلُّ التَّحَاسُدِ، وَلاَ تَشَعَّبَتْهُمْ مَصَارِفُ الرِّيَبِ ، وَلاَ اقْتَسَمَتْهُمْ أَخْيَافُ الْهِمَمِ، فَهُمْ أُسَرَاءُ إِيمَانٍ لَمْ يَفُكَّهُمْ مَنْ رِبْقَتِهِ زَيَغٌ وَلاَ عُدُولٌ وَلاَ وَنىً وَلاَ فُتُورٌ، وَلَيْسَ في أَطْبَاقِ السَّمَاءِ مَوْضِعُ إِهَابٍ إِلاَّ وَعَلَيْهِ مَلَكٌ سَاجِدٌ، أَوْ سَاعٍ حَافِدٌ ، يَزْدَادُونَ عَلَى طُولِ الطَّاعَةِ بِرَبِّهمْ عِلْماً، وَتَزْدَادُ عِزَّةُ رَبِّهِمْ فِي قُلُوبِهِمْ عِظَماً.)
[نهج البلاغة /الخطبة رقم (91) ص (222)].

وللإمام علي عليه السلام خطبة أيضاً في صفة الملائكة الكرام يقول فيها :(و منها: مِنْ مَلاَئِكَةٍ أَسْكَنْتَهُمْ سَمَاوَاتِكَ، وَرَفَعْتَهُمْ عَنْ أَرْضِكَ ; هُمْ أَعْلَمُ خَلْقِكَ بِكَ، وَأَخْوَفُهُمْ لَكَ، وَأَقْرَبُهُمْ مِنْكَ; لَمْ يَسْكُنُوا الْأَصْلاَبَ وَلَمْ يُضَمَّنُوا الْأَرْحَامَ، وَلَمْ يُخْلَقُوا (مِنْ مَاءٍ مَهيٍن) ، وَلَمْ يَتَشَعَّبْهُمْ (رَيْبَ الْمَنُونِ)، وَإِنَّهُمْ عَلَى مَكَانِهمْ مِنْكَ، وَمَنْزِلَتِهِمْ عِنْدَكَ، وَاسْتِجْمَاعِ أَهْوَائِهِمْ فِيكَ، وَكَثْرَةِ طَاعَتِهِمْ لَكَ، وَقِلَّةِ غَفْلَتِهِمْ عَنْ أَمْرِكَ، لَوْ عَايَنُوا كُنْهَ مَا خَفِيَ عَلَيْهِمْ مِنْكَ لَحَقَّرُوا أَعْمَالَهُمْ، وَلَزَرَوْا عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَلَعَرَفُوا أَنَّهُمْ لَمْ يَعْبُدُوكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ،
وَلَمْ يُطِيعُوكَ حَقَّ طَاعَتِكَ).[نهج البلاغة / الخطبة رقم (109) ص (264)].



الوجه الثالث:- الله يبتلي ويختبر الرسل والانبياء لحكمة وهي : ليميز الخبيث من الطيب ويجازي كلاً بعمله فمن نجح في الابتلاء والاختبار كان جزاؤه الرضا والرضوان ومن فشل في الاختبار كان جزاؤه السخط والنيران ، وإذا كان الحال هكذا ، فكذلك الحال في نجاح الملائكة في الابتلاء والاختبار أي أن لهم جزاء على التكليف والابتلاء . وهي تحصل لبعض البشر فكيف بالملائكة .

أما عن نوعية الجزاء على الابتلاء والتكليف الذي يجازى به الملائكة فلسنا مخاطبين بمعرفته حتى أننا لانعرف بالضبط حقيقة وكنه الجزاء الذي نحن مكلفون به ، قال تعالى :(فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون).
وقد يكون التلذذ بالعبادة نـوع مـن الجزاء ، وهي تحصل لبعض البشر فكيف بالملائكة ، ومن هؤلاء الأمام علي عليه السلام حين قال : لمكوثي في
المسجد أحب إليَّ من مكوثي في الجنة ….إلى أخر كلامه عليه السلام .
الوجه الرابع :- إن إبليس مكلف بدليل أنه لم يكن مجبوراً على المعصية ورفـض السجـود عصيانا واستكبارا منه قال تعالى : (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَـدُواْ إِلاَّ إِبْـلِيسَ أَبَى وَاسْتَـكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِين) [البقرة/34]وقال : (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ) [الكهف/50] وكذلك أن الباري سخط عليه والله لايسخط ويعذب إلا على من عصى أمره وكان مكلفاً وإلا كان ظلماً أن يجبر الله أحداً على العصيان والإغواء ثم يعذبه . وغيرها من الأدلة .
وإذا كان إبليس مـكلفاً ومخيراً وكان الخطاب في الأمر الألهي بالسجود لأدم موجه أصلا إلى الملائكة وإبليس تضمناً فيجب أن يتساوى الجميع بالتكليف لأنه لايعقل أن يشتمل الأمر الواحد مكلفاً وغير مكلف في نفس الوقت فلابد أن يكون الجميع مكلفين حتى يشملهم الأمر بالسجود . ولأن هذا ابتلاء واختبار للجميع فنجح في الاختبار والابتلاء المـلائكة وفشل في الاختبار إبليس ، وبهذا كان الملائكة ملائكة وصار إبليس إبليساً .

الدليل الرابع :

قوله تعالى : (إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُوا) [الأنفال /12] . في هـذه الآية يوحي الله تعالى إلى الملائكة أنه معهم ومعنى أنه معهم أي معهم بعلمه وقدرته بدون قرب مكان ومسافة ، وفي هذا توضيح لقرب منزلتهم من الله تعالى حيث الله تعالى لا يكون إلا مع المؤمنين الذين بلغوا درجة كبيرة من الإيمان . قال تعالى: (وَلَقَدْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقَـالَ اللّهُ إِنِّي مَعَـكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاَةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللّهَ قَرْضاً حَسَنـاً لَّأُكَفِّـرَنَّ عَنكُمْ سَـيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ )[المـائدة/12]. وقال تعالى : (قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى)[طه/46]. وقال تعالى : (فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُـوا إِلَـى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ) [محمد/35].
ومن الاستدلال بالآية على التكليف أن الله يوحي إلى الملائكة أنه معهم وهذه بشرى من الله تـعالى إلى الملائكة والبشرى لا تكون لمجبور وإنما لمختار .هذا وجه .
والوجه الآخر الأمر بتثبيت الذين أمنوا والأمر لا يكون إلا لمكلف كما سبق وأن بينا .

الدليل الخامس :

قوله تعالىَ : (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ{19} ذِي قُـوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَـرْشِ مَـكِينٍ{20} مُـطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ{21})[التكوير /19~21] . وصف الله تعالى أمينه جبريل عليه السلام بأنه مكين ومطاع ثم ذكـر الله تعالى جبريل عليه السلام بأنه أمين وكيف نتصور أن يمدح الله أحداً بالأمانة وهو مجبول علـى فعل الأمـانة لا يستطيع أن يخون لأن الله جبله على هذا الفعل ثم بعد ذلك مدحه إن الله لم يمتـدح أحـداً على فعل حسن إلا لشخص مكلف له خيار الفعل وعدم الفعل فالله لم يمدح أرضه وسمواته وشجره ومن في حكمهن بشيء مـن المدح لأنهن غير مكلفات وكذلك الحال في الذم فالله لم يذم شيء إلا كان مكلفاً له حـرية الإرادة في التماس أحد الطريقين والنجدين .فكان الذم حكمـاً عليـه بعد فعله القبيح بمحض إرادته استحق عليه التسمية .فلذا أستحق جبريل عليه السلام هذا الوسام وهذه التسمية والحكم.

الدليل السادس :

قوله تعالى:( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَـعِينَ) [البقرة /161]. وقوله تعالى: (أُوْلَـئِكَ جَزَآؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ )[آل عمران / 87]. نستشف من خلال هذه الآية في لعن الملائكة للذين ماتوا وهم كفار على أن الملائكة لهم إدراك وتمييز في استحقاق الكفار اللعنة ومن كان له هذا الإدراك والتمييز يكون مكلفاً لإن التكليف لا يكون إلا لعاقل مـدرك مميز . فالإدراك مناط التكليف .
ومن وجه آخر : اقتران الملائكة مع جنس الناس الذين هم مكلفون أيضاً يوحي بالتـكليف لأن الله تعالى لم يقرن الملائكة مع جنـس آخر غير مكلف ، ولم يذكـر اللعن في القرآن إلا من مكلفين باستثـناء الله سبحانه وتعالى لأن اللعن مسألة تحتاج من القائل بها إلى تأمل ونظر ومعرفة شروط اللـعن ومن يستحق اللعن وهذا يكون للذات المكلفة العاقلة المدركة .

الدليل السابع :

قوله تعالى : ( شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ )[آل عمران /18]. في ذكر الملائكة بالشهود على وحدانية الله تعالى مع أولي العلم من الرسل والنبيين والصديقين ومن هو عالم بوحدانية الله تعالى وعدله دون غيرهم من المخلوقين غير المكلفين لدلالة على تكليفهم .
ومن وجه آخر : إن معرفة الله تعالى متعلقة بالعلم والملائكة عليهم السلام عالمون بالله تعالى بوحدانيتة وعدله ولذلك شهدوا لله تعالى بذلك مع أولي العلم بل قبل أولي العلم ذكر تقديمهم . قال الأمام الهادي عليه السلام في المجموعة الفاخرة : ( وذلك أن الله عز وجل لم يخاطب أحداً من خلقه إلا ذوي العقول من المـلائكة والجن والإنس ، وسائر خلقه حيوان لا عقول لها ، وجماد لا روح فيه ، وإنما خاطب الله عز وجل أهل العقول ،وأمرهم ونهاهم ..) إلى أخر كلامه . وقال بعد ذلك : (والذي لا عقل له من خلقه لا يجب له ثواب ولا عليه عقاب) [المجموعة الفاخرة -دار الحكمة - الطبعة الأولى- ص (100-101)].
وفي تقديم الملائكة على أولي العلم مع أن أولي العلم يدخل فيهم الأنبياء والرسل عليهم السلام الفضل والشرف والدرجة غير الخفية ، ودلالة واضحة على تقدمهم على الأنبياء والرسل عليهم السلام .
(لَّـكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلآئِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيداً )[النساء/166] .


الدليل الثامن :

قوله تعالى : (وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ)[الرعد/13]. يسبح الرعد بحمد الله تـعالى بلسان الحال ، ويسبح الملائكة والأنس والجن بلسان المقال . وذكر الله تعالى الفارق في سبب تسبيح الملائـكة وهو الخوف من الله سبحانه وتعالى وهذا السبب (أي الخوف) غير مذكور في الرعد ومن في حكمه مِن مَن لا إرادة له أما الملائكة فذكر الله تعالى أنهم يخافون الله تعالى وهذا ينافي قول من يقول أن الملائكة مجرد آلة أو خلق للعبادة فقط ، فإذا كان الله سبحانه وتعالى أراد الملائكة مخلوقات مجبولة على العبادة لما فرق بين الرعد ومن في حكمه وبين الملائكة في مسألة الخوف من الله تعالى . ووجه آخر وهو أن الخوف : شعور ينبـع من الـذات الخائفة لإن يقع ضرر أو فوت نفع على الذات أو على من يحب . وإذا كان الخوف ينبع من الـذات ولـيس بتدخل خارجي جبري ينقدح القول أن الملائكة مجبولون .

الدليل التاسع :

قوله تعالى:(الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلاً أُولِـي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُـلَاثَ وَرُبَاعَ)[فاطر /1] . ذكر الله سبحانه وتعالى أن الملائكة رسل أو من الملائكة رسل ، والرسل مكلفون بتبليغ ما بلغوا به قال تعالى :( وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ )[النور/54] .

الدليل العاشر :

قوله تعالى : (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاء إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُـدُونَ{40} قَـالُوا سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِم بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ)[سبأ/40-41]. في مخاطـبة الله تعالى جل وعز للملائكة بيان على أنهم غير مجبولين إذ كيف يعقل مخاطبة من هومجبور علـى رد الخـطاب ، فكيف يسألهم ثم يجبرهم على الجواب عن السؤال بما وضع فيهم من الإجابة فذلك غير معقول .
ففي مخاطبة الله تعالى لعيسى عليه السلام بقوله تعالى : (وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلـتَ لِلنَّـاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ)[المائدة /116] نفس الخطاب ونفس الجواب . فكيف نتصور أن عيسى عليه السلام كـان مخـيراً في الجواب والملائكة مجبولين على الجواب ، مع أن الحكمة من توجيه الخطاب واحدة في الملائكة والأنس .
كذلك قول الملائكة: (أنت ولينا) ينطبق عليها نفس الكلام السابق في حرية الجواب وأضافة الموالاة إليهم .

الدليل الحادي عشر :

قوله تعالى : (وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِن دَآبَّةٍ وَالْمَلآئِكَةُ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ {49} يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {50}) [النحل / 49-50]. ذكر المفسرون أن للسجود معنيان الأول : الخضوع والانقياد كما هو الحاصل في النجم والشجر وما في حكمها ، والمعنى الثاني : السجود بمعناه اللغوي وهو وضع الجبهة عـلى الأرض الحاصل من الأنس وما في حكمهم .
وذكر عطف الملائكة بعد ذكر السجود في السموات والأرض عطف ترقي في الدرجات كمـا هـو معروف في لغة العرب . كقولهم : لا يأنف فلان من تعظيم العالم ولا من هو أعظم منه .
وكذلك إفراد ذكرهم بالخصوص وغيرهم بالأجمال لخصوصية منزلتهم فيبين لنا الله تعالى أن الملائكة أيضاً تسجد لله تعالى وهم لا يستكبرون ، ونفي الاستكبار عنهم دليل على حرية الإرادة حيث لو كانوا مجبولين على العبادة لما كان هناك معنى لكلمة وهم لا يستكبرون .
والكلام في كلمة (يَخَافُونَ) هو نفس الـكلام والمعنى في كلمة (يَخَافُونََ) و (لاَ يَسْتَكْبِرُونَ) حيث نسب الله تعالى الأفعال إليهم ولم ينسبها إليه . فتأمل . أما قوله تعالى : (وَيَفْعَلُونَ مَايُؤْمَرُونَ) فسبق ذكر الاستدلال به في الدليل الأول .


الدليل الثاني عشر :

قال تعالى: (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ{26} لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ{27} يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْـفِقُونَ{28} وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِّن دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ{29}) [الأنبياء/26~29].
نلاحظ أن كلمة عباد تطلق على المكلفين بدليل قوله تعالى : ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَـرِيبٌ) [البقرة/186]. وقوله تعالى: (وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ)[البقرة/207]. وقوله تعالى: (لَّعَنَهُ اللّهُ وَقَالَ لَأَتَّـخِذَنَّ مِـنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً )[النساء/118]. وقوله تعالى : (إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ )[المائدة/118]. وقوله تعالى: (قُل لِّعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ )[إبراهيم/31]. وقوله تعالى : (نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) [الحجر/49]. وقوله تعالى: (وَقُل لِّعِبَادِي) [الإسراء/53]. وغير ذلك من الأيـات ، والله لا يخاطب إلا من يعقل معنى الخطاب (التكليف). هذا وجه أول .
ثانياً : قوله تعالى : (وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ) دليل على انهم مأمورون والأمر والنهي لا يكون إلا لمكلف
ثالثاً : قوله تعالى : (وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى) دليل على علو منزلتهم حيث أن الشفاعة لا تكون إلا من شخص عظيم المنزلة أي تكون من أعلى إلى أدنى ولا تكون العكس ، مثل الأنبياء والصالحين وفي مقدمتهم الملائكة سلام الله عليهم . وفي الآية الكريمة دلالة على أن جميع الملائكة يشفعون ، أما البشر فالقليل النادر الذي يمتلك هذه المزية العظيمة يوم القيامة .
رابعاً : قوله تعالى : (وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ) سبق أن ذكرنا خشية الملائكة وكذلك ينطبق الحـال مع كلمة مشفقون . ففي الكلمتين نسب الله تعالى الأفعال إليهم .
خامساً : قوله تعالى: (وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِّن دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ) توعد الله الملائكة في هذه الآية الكريمة بجهنم في حال قول أحدهم بما يستوجب العقاب أي أن عليـهم ثواب وعقاب والله لايستثني أحداً ، وفي هذه الآية دلالة واضحة كافية لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد .


الدليل الثالث عشر :

قوله تعالى : (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَـى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) [الإسراء/70]. هذه الآية تدحض الأوهام التي يتصورها البعض من أن الإنسان أفضل مخلوق خلقه الله تعالى بقوله تعالى : (وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ) ولم يطلق الله التفضيل على جميع المخلوقات وإنمـا قال : (عَلَى كَثِيرٍ) ومخلوقات الله كثيرة من أجرام ودواب باشكالها من حيونات وأسماك وحشرات وهوام وجن وملائـكة ، والإنسان مفضل على كثير من هذه المخلوقات وما أكثرها من أجناس ، ولـكن يوجد جنس مـن المخلوقات أفضل من البشر بنص الآية . وبعد التفكر والنظر في الآيـات وجدنا أن مخلوقات المـلائكة عليهم السلام هم المقصودون بالاستثناء في هذه الآية . أو نبؤنا عن الجنس المستثنى في الآية الكريمة .

الأدلة الدالة على تقديم ذكر الملائكة على غيرهم :

قدّم ذكر الملائكة في القرآن في أكثر من موضع على ذكر البشر بما فيهم الأنبياء وهذا التقديم لا يخلو من الفضل لهم ، بل إنه لم يرد نص واحد في القرآن الكريم قدم فيه البشر على الملائكة إلا من باب عطف الترقي الذي سبق ذكره وهو دليل جلي على فضل الملائكة . والآيات كالأتي :
1/قوله تعالى : (شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ) [ آل عمران /18].
2/قوله تعالى : (أُوْلَـئِكَ جَزَآؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ)[ آل عمران /87 ].
3/قوله تعالى : (لَّـكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلآئِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيداً) [النساء /166].
4/قوله تعالى : (وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً)[ النساء / 136].
5/قوله تعالى : (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِه) [البقرة /285].
6/قوله تعالى : (مَن كَانَ عَدُوّاً لِّلّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِين)[البقرة /98].
7/قوله تعالى : (وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) [البقرة /177].
8/قوله تعالى : (اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) [الحج /75].
9/قوله تعالى : (لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً لِّلّهِ وَلاَ الْمَلآئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعاً) [النساء /172].
10/ قوله تعالى : (وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران /80].(1)
ـــــــــــــــــــــــــ
- (1)ذكر حسن بن علي السقاف في صحيح شرح العقيدة الطحاوية أو المنهج الصحيح في فهم عقيدة أهل السنة والجماعة ص 389 ، أن الله تعالى ذكر الملائكة في القران أكثر من ثمانين مرة ، يثني عليهم في كل مرة بالطاعة والتسبيح وغير ذلك . انتهى.

ولا يوجد نص واحد يلوم الملائكة أو يعاتبهم ، مع أن الله تعالى قد لام الرسل والأنبياء وعاتبهم على بعض أعمالهم مثل : أكل آدم عليه السلام من الشجرة .



في ذكر مقارنة بين جبريل عليه السلام ومحمد عليه السلام :

ذكر الله تعالى في كتابه في موضعين جبريل عليه السلام ومحمد عليه السلام فشرع بذكر رسول السماء جبريل عليه السلام ووصفه بصفات جليلة القدر ، عظيمة المنزلة ،ثم عطف بذكر رسول الأرض ومدحه بصفات تقل عن الصفات التي مدح بها جبريل عليه السلام (مع عظيم منزلة سيدنا محمد صلى وسلم عليه وعلى آله التي لا تخفى).
قال تعالى : (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ{19} ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ{20} مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ{21} وَمَـا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ{22} وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ{23})[التكوير/19~23] نلاحظ المدح العظيم الذي مدح الله به تعالى جبريل عليه السلام ذلك بأنه رسول كريم ، وذي قوة عنـد ذي العرش ومـكين ومطاع وأمين ، وكيف عطف بذكر الرسول عليه وآله الصلاة والسلام بقوله (وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ) .
وكذلك الحال في سورة النجم حيث قال تعالى:(وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى{1} مَـا ضَلَّ صَـاحِبُكُمْ وَمَـا غَوَى{2} وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى{3} إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى{4} عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى{5} ذُو مِرَّةٍ فَاسْـتَوَى {6} وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى{7} ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى{8} فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى{9} فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى {10} مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى{11} أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى{12} وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى{13} عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى{14} عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى{15} إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى{16} مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَـا طَغَى{17} لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى{18}) .ونتأمل أيضاً في السورتين كيف أن الله ذكـر بأن رؤية جبريل عليه السلام كان آية عظيمة كبيرة بقوله: (لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى) وقوله: تعالى (وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ {22} وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ{23}) .


- ومن الأدلة على أفضلية الملائكة :

1-التعدد في عمل الملائكة عليهم السلام واختصاص كل واحد منهم بعمل موكل إليه رفيع الـدرجة يعلو على الأعمال الموكلة إلى البشر ، يدل على رفعتهم فالأنبياء والرسـل عليهم السلام كلفوا بتبليغ الشريعة السماوية فكانوا رسلاً و أنبياء وارتفعت منزلتهم عن غيرهم من البشر بهذا التكليف الرفيع ، وكـذا الحـال في الملائكة عليهم السلام حيث كلفوا بأعظم مـن ذلك وأرفع فكلف البعـض بحمل العرش والبعض أمـناء على الرسالات ، ومنهم خزّان المطر وزواجر السحاب ، وسدنة الجنان والزبانية على الجحيم ، والـركَّع الـذين لا ينتصبون والسجَّد الذين لا يركعون .


2- ومن الدلائل التي تدل على أن الملائكة مكلفون هو تفاوتهم في الدرجات وهذا أمر مسلم به ، فمنهم ذوو الدرجات الرفيعة كجبريل وميكائيل وإسرافيل، ومنهم المقربون ،ومنهم غير ذلك . ووجه التكليف أنا لو سلمنا أنهم جبلوا على العبادة والطاعة لأن الله أراد أن يكون له خلق يعبـدونه على أرقى العبادة وهم الملائكة لخلقهم وجبلهم على أرفع درجة من العبادة وجعلهم في منزلة واحدة ومستوى واحد من العبادة . ولكن المسلم به أنهم تتفاوت منازلهم ودرجاتهم ولا يحصل التفاوت في الدرجات والمنازل إلا بقدر العمل والطاعة لله فترقي بعضهم على بعض .


3- ومن الأدلة على أفضلية الملائكة عليهم السلام أن شرف النبؤة حصل بالاتصال مـع المـلائكة ، حيث أن النبؤة هي: الإنباء وهو الإخبار . فنعد ما ينباء مستحق النبؤة يحصل له شرف منزلة النبؤة ، وكان هذا الشرف الرفيع بتلقي الإنباء من الملائكة عليم السلام . قال تعالى : ( يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَـن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُون ) [النحل /2].


4- ومن الأدلة الدالة على تكليفهم وأنهم خلق غير مجبول على الطاعات: الصلوات لهم منا . والصلوات هي الدعـاء بالرحمة ، فعلى قـول أن الملائكة مجبولين فكيف نصلي ونطلب الرحمة لخلق جبـلوا على الطاعة ، مثل الأشجار والأحجار ، وهل يجوز أن نصلي على الأشجار والأحجار ؟‍ إن الصلاة لا تكون إلا على شخص مـكلف مختار .

ــــــــــــــــــــــ
- ومن الرد على الأمامية في تفضيلهم الأئمة على الملائكة قول زين العابدين عليه السلام في الصحيفة السجادية : (حَمْداً نُزَاحِمُ بِهِ مَلاَئِكَتَهُ الْمُقَرَّبِينَ وَنُضَامُّ بِهِ أَنْبِيآءَهُ الْمُرْسَلِيْنَ) (وَ الْحَمْد للهِ بِكُلِّ مَا حَمِدَهُ بِهِ أدْنَى مَلائِكَتِهِ إلَيْهِ وَ أَكْرَمُ خَلِيقَتِهِ عَلَيْهِ، ) (اللَّهُمَّ وَحَمَلَةُ عَرْشِكَ الَّذِينَ لا يَفْتُرُونَ مِنْ تَسْبِيحِكَ، وَلا يَسْأَمُونَ مِنْ تَقْـدِيْسِكَ، وَلا يَسْتَحسِرُونَ مِنْ عِبَادَتِكَ، وَلاَ يُؤْثِرُونَ التَّقْصِيرَ عَلَى الْجِدِّ فِي أَمْرِكَ، وَلا يَغْفُلُونَ عَنِ الْوَلَهِ إلَيْكَ. وَإسْرافِيْلُ صَاحِبُ الصُّوْرِ، الشَّاخِصُ الَّذِي يَنْتَظِرُ مِنْكَ الاذْنَ وَحُلُولَ الامْرِ، فَيُنَبِّهُ بِالنَّفْخَةِ صَرْعى رَهَائِنِ الْقُبُورِ. وَمِيكَآئِيلُ ذُو الْـجَاهِ عِنْدَكَ، وَالْمَكَانِ الـرَّفِيعِ مِنْ طَاعَتِكَ. وَجِبْريلُ الامِينُ عَلَى وَحْيِكَ، الْمُطَاعُ فِي أَهْلِ سَمَاوَاتِكَ، الْمَـكِينُ لَـدَيْكَ، الْمُقَرَّبُ عِنْدَكَ، وَالـرُّوحُ الَّذِي هُوَ عَلَى مَلائِكَةِ الْحُجُبِ، وَالرُّوحُ الَّذِي هُوَ مِنْ أَمْرِكَ. أَللَّهُمَّ فَصَلِّ عليهم وَعَلَى الْمَلاَئِكَةِ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِمْ مِنْ سُكَّانِ سَمَاوَاتِكَ وَأَهْلِ الامَانَةِ عَلَى رِسَالاَتِكَ، وَالَّذِينَ لا تَدْخُلُهُمْ سَأْمَةٌ مِنْ دؤُوب، وَلاَ إعْيَاءٌ مِنْ لُغُوب وَلاَ فُتُورٌ، وَلاَ تَشْـغَلُهُمْ عَنْ تَسْبِيحِكَ الشَّهَوَاتُ، وَلا يَقْطَعُهُمْ عَنْ تَعْظِيمِكَ سَهْوُ الْـغَفَلاَتِ، الْخُشَّعُ الابْصارِ فلا يَرُومُونَ النَّظَرَ إلَيْكَ، النَّواكِسُ الاذْقانِ الَّذِينَ قَدْ طَـالَتْ رَغْبَتُهُمْ فِيمَا لَـدَيْكَ الْمُسْتَهْتَرُونَ (1) بِذِكْرِ آلائِكَ وَالْمُتَوَاضِعُونَ دُونَ عَظَمَتِكَ وَجَلاَلِ كِبْرِيآئِكَ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ إذَا نَـظَرُوا إلَى جَهَنَّمَ تَزْفِرُ عَلَى أَهْـلِ مَعْصِيَتِكَ: سُبْحَانَكَ مَا عَبَدْنَاكَ حَقَّ عِبَـادَتِكَ. فَصَـلِّ عَلَيْهِمْ وَعَلَى الـرَّوْحَـانِيِّينَ مِـنْ مَـلائِكَتِكَ، وَ أهْلِ الـزُّلْفَةِ عِنْدَكَ، وَحُمَّالِ الْغَيْبِ إلى رُسُلِكَ، وَالْمُؤْتَمَنِينَ على وَحْيِكَ وَقَبائِلِ الْمَلائِكَةِ الَّذِينَ
اخْتَصَصْتَهُمْ لِنَفْسِكَ، وَأَغْنَيْتَهُمْ عَنِ الطَّعَامِ والشَّرَابِ بِتَقْدِيْسِكَ، إلى أخر دعائه عليه السلام
(1)
والـمُسْتَهْتَرُونَ :الـمُولَعُونَ بالذكر والتسبـيح. وجاء فـي حديث آخر: هم الذين اسْتُهْتِرُوا بذكر الله أَي أُولِعُوا به. يقال: اسْتُهْتِرَ بأَمر كذا وكذا أَي أُولِعَ به لا يتـحدّث بغيره ولا يفعلُ غيرَه .(لسان العرب).

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين .

والحمد لله رب العالمين
آخر تعديل بواسطة المنصور في الأربعاء نوفمبر 22, 2006 8:50 pm، تم التعديل 9 مرات في المجمل.
( وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ )
[img]http://mail.google.com/mail/?attid=0.1& ... 9296cc0528[img/]

حيدرة الحسني
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 144
اشترك في: الأربعاء ديسمبر 03, 2003 4:49 pm

مشاركة بواسطة حيدرة الحسني »

جزاكم الله خيرا

بحث قيم يثير دفائن العقول
قال عبد اللّه بن بابك: خرجنا مع زيد بن علي إلى مكة فلما كان نصف الليل قال: يا بابكي ما ترى هذه الثريا؟ أترى أنّ أحداً ينالها؟ قلت: لا، قال: واللّه لوددت أنّ يدي ملصقة بها فأقع إلى الاَرض، أو حيث أقع، فأتقطع قطعة قطعة وأن اللّه أصلح بين أُمّة محمّد (ص)

محمد الغيل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2745
اشترك في: الأحد إبريل 18, 2004 3:47 am
اتصال:

مشاركة بواسطة محمد الغيل »

أيها المنصور نصرَ اللهُ دينك :)


لي عودة بعد أن اتفحص الموضوع أكثر وسوف أقوم بسحبه طباعةً لمراجعته في وقت الخلوة الخاصة بي فالمسامحة ........... :idea:

قبلاتي لك والسلام عليكم سيدي الكريم !
صورة
يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون
صورة

الداعي الى الحق
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 147
اشترك في: السبت يونيو 25, 2005 12:12 am
اتصال:

مشاركة بواسطة الداعي الى الحق »

السلام عليكم

رائع جداً هذا البحث

أشكرك جداً أخي الضيف الكريم المنصور
وإلى الأمام
وحسبك من زيدٍ فخاراً وسؤدداً *
تُزاحم هامات النجوم مناكبُه
وكل مصاب نال آل محمـــــــدِ *
فليس سوى يوم السقيفة جالبُه
هذا اعتقادي ما حييت ومذهبي *
إذا اضطربت بالنا صبي مذاهبُه

الكاظم
مشرف مجلس الدراسات والأبحاث
مشاركات: 565
اشترك في: الأربعاء مارس 24, 2004 5:48 pm

مشاركة بواسطة الكاظم »

أحسن الله إليكم ... أخي المفضال ( المنصور )

وكَذا فلنُسخّر أقلامَنا ، لخِدمَة تراثنا الخالد بإذن الله تعالى .

وهي دَعوةٌ للجميع ، للخوضِ في موضوعات ذات اتجاهات متعددة ( كلٌّ على قدر ميله وهوايته ) ، موضوعات ذات أهميّة فكريّة .

شكرَ الله سعيَكُم أخي المنصور ( ورحمَ الله أمّا أنجبَت مِثلكم ) .

-----------

أمامنا طريقٌ وَعِر ، سَنُعبِّدُهُ بإذن الله ، حتّى يَصلُحَ للعبور ، فإن انقضَت أعمَارنا وحَالَت دُونَ عُبورنا عليه ، فإنَّ أبناءنا وأبناءكُم سَيسِيرونَ عليه بلا عناءٍ ولا مشقّة !!! .
صورة
الوالد العلامة الحجّة عبدالرحمن بن حسين شايم المؤيدي
صورة

محمد الغيل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2745
اشترك في: الأحد إبريل 18, 2004 3:47 am
اتصال:

مشاركة بواسطة محمد الغيل »

بسم الله الرحمن الرحيم

يقول الحق سبحانه في سورة البقرة :

﴿قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾[97]

﴿مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ﴾[98]

لهما مدلول اتمنى أن يضاف الى هذا البحث الرائع المكتمل ؛؛

اشكركم مجددا واتمنى لكم التوفيق والنجاح !

السلام عليكم
صورة
يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون
صورة

حيدرة الحسني
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 144
اشترك في: الأربعاء ديسمبر 03, 2003 4:49 pm

مشاركة بواسطة حيدرة الحسني »

احسن الله اليكم

هناك سؤال خطر على بالي

لماذا أمر الله الملائكة بالسجود لأدم وهل هناك مدلول لأفضلية بني أدم و خصوصا ان رد ابليس كان (انا خبر منه).

و شكرا
قال عبد اللّه بن بابك: خرجنا مع زيد بن علي إلى مكة فلما كان نصف الليل قال: يا بابكي ما ترى هذه الثريا؟ أترى أنّ أحداً ينالها؟ قلت: لا، قال: واللّه لوددت أنّ يدي ملصقة بها فأقع إلى الاَرض، أو حيث أقع، فأتقطع قطعة قطعة وأن اللّه أصلح بين أُمّة محمّد (ص)

الكاظم
مشرف مجلس الدراسات والأبحاث
مشاركات: 565
اشترك في: الأربعاء مارس 24, 2004 5:48 pm

مشاركة بواسطة الكاظم »

مشاركةً الفائدة لإخوتي في الله .... مُحبّي محمد (ص) وآل محمد (ع)

أنقل كلاماً لأمير المؤمنين علي (ع) ، في هذا الشأن ، ( وإن كانَ قد أُتيَ عليه في أصل البَحث) :

1- قال (ع) في نهج البلاغة ، خ 192 وهي التي تُسمّى بالقاصعة، ما نصّه :

(( وجعَلَ - الله - اللعنة على مَن نَازَعَه فيهما - أي العزّة والكبرياء- من عِباده، ثم اختَبَر بِذَلِكَ مَلائكَتَه المُقرّبين، ليميزَ المُتواضعين منهم من المُستكبرين، فقال سبحانه وهو العالم بمضمرات القلوب، ومحجوبات الغيوب: (إني خالق بشرا من طين * فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين * فسجد الملائكة كلهم أجمعون * إلا إبليس) اعترضَتهُ الحميّة، فافتَخَر عَلى آدَم بِخَلقِه، وتعصّب عليه لأصلِه. فعدو الله إمام المتعصبين، وسلف المستكبرين، الذي وضع فعدو الله إمام المتعصبين، وسلف المستكبرين، الذي وضع أساس العصبية، .... ، ولو أرادَ الله أن يَخلُقَ آدَم مِن نورٍ يَخطف الأبصَار ضِياؤه، ويُبهر العُقولَ رواؤه ، وطِيبٍ يَأخُذ الأنفاس عرفه ، لَفَعَل، ولَو فَعَل لَظَلّت لَه الأعناقُ خَاضِعَة، ولَخَفَّت البَلوَى فِيه عَلى المَلائكة. ولكنَّ الله سُبحانه يَبتَلِي خَلقَه بِبَعضِ مَا يَجهَلونَ أصلَه، تَمييزا بالإختبَار لَهُم، ونَفياً للإستكبَار عنهُم، وإبعاداً للخُيلاء مِنهُم. ))

2- قال (ع) في نهج البلاغة ، الخطبة الأولى ، ما نصّه :

(( واستأدَىالله سبحانه المَلائكة ودِيعَته لَدَيهِم، وعَهِدَ وَصيّته إليهِم، فِي الإذعَان بالسّجود له - أي لآدم - ، والخنوع لِتَكرِمَتِه، فَقال سبحانه: (اسجدوا للآدم فسجدوا إلا إبليس ) اعتَرَته الحميّة، وغَلَبَت عَليهِم الشّقوة، وتعزّز بِخِلقَةِ النّار، واسْتَوهَن خَلقَ الصّلصَال، فأعطاه الله النظرة استحقاقا للسخطة، واستتماما للبلية، وإنجازا للعدة، فقال: (إنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم) ))

==========

تحياتي للجميع .
صورة
الوالد العلامة الحجّة عبدالرحمن بن حسين شايم المؤيدي
صورة

المنصور
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 156
اشترك في: الأربعاء أغسطس 03, 2005 1:25 pm

مشاركة بواسطة المنصور »

سيدي الكريم : حيدرة الحسني

جواب سؤالك رد عليه الإمام علي عليه السلام في خطبتة القاصعة بأنه مجرد اختبار للملائكة ، ويقال : أن السجود لم يكن لآدم وإنما كان لله ، وآدم كان مجر قبلة للسجود ، كما أن الكعبة قبلة للصلاة لا أن الصلاة لها .

وقد تفضل سيدي الكاظم بإجابتك موضحًا للشواهد في الخبطة ذاتها بإسلوبه المميز فشكرا له

تحياتي لكما .
آخر تعديل بواسطة المنصور في الأربعاء فبراير 22, 2006 7:57 pm، تم التعديل مرتين في المجمل.
( وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ )
[img]http://mail.google.com/mail/?attid=0.1& ... 9296cc0528[img/]

المنصور
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 156
اشترك في: الأربعاء أغسطس 03, 2005 1:25 pm

مشاركة بواسطة المنصور »

بسم الله الرحمن الرحيم

يقول الحق سبحانه في سورة البقرة :

﴿قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾[97]

﴿مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ﴾[98]

لهما مدلول اتمنى أن يضاف الى هذا البحث الرائع المكتمل ؛؛
هل يتكرم سيدي محمد الغيل بإضافة مدلول الآيتين الكريمتين .

انتهز الفرصة لإعرب عن خالص سلامي لكم .
آخر تعديل بواسطة المنصور في الأربعاء فبراير 22, 2006 7:58 pm، تم التعديل مرة واحدة.
( وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ )
[img]http://mail.google.com/mail/?attid=0.1& ... 9296cc0528[img/]

معاذ حميدالدين
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 212
اشترك في: الجمعة مارس 12, 2004 6:47 am
مكان: جدة
اتصال:

مشاركة بواسطة معاذ حميدالدين »

السلام عليكم جميعاً

بحث قيم أحسن الله اليك،
وأضيف هنا استدلالات أخرى في الموضوع ترفد ما طرحته:

من كتاب العقد الثمين:

مسألة: قال أئمتنا عليهم السلام وموافقوهم: وأفضل خلق الله تعالى الملائكة، ثم الأنبياء عليهم السلام جميعاً، ثم أوصياء الأنبياء عليهم السلام، ثم الأئمة العادلون، ثم الشهداء، وخالفت الأشعرية وغيرهم من المحدثين في تفضيل الملائكة عليهم السلام على الأنبياء عليهم السلام، وقالت الإمامية: بل الأنبياء والأئمة أفضل من الملائكة، وقيل: بل الأنبياء والمؤمنون أفضل.
لنا: قول الله تعالى في الملائكة: ﴿لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ﴾{التحريم:6}، مع ما حكاه عن الأنبياء من مواقعة بعض المعاصي، وأيضاً كثرة أعمالهم من الطاعات مع طول أعمارهم وتحملهم من التكاليف الجسيمة ما لم يتحمله الأنبياء، وأيضاً فإنما يأخذ الأنبياء عليهم السلام العلوم والديانات عن الملائكة غالباً، ولا شك أن من لم يعص الله تعالى البتة ومن زادت طاعته ومن كان معلماً لغيره فهو أفضل ممن ليس كذلك.
ولنا أيضاً: قوله تعالى: ﴿قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ﴾{الأنعام:50}، إذ لا معنى لنفي مرتبة الملائكة عنه عليه السلام في الفضيلة مع كونها فوقها فيها إذ المعلوم أنه ليس بمَلَك، فلا يصح في خطاب الحكيم قصد نفي كونه مَلَكاً وإنما يصح قصد نفي كونه صلى الله عليه وآله وسلم في رتبة المَلَك أو أفضل، وقـوله تعالى: ﴿مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنْ الْخَالِدِينَ﴾{الأعراف:20}، أي إلا لئلا تكونا مَلَكَين أو كراهية أن تكونا مَلَكَين، والمعنى أن الله تعالى حكى عن إبليس اللعين في تغريره على آدم وحوا أن الله تعالى إنما نهاهما عن الأكل من تلك الشجرة لئلا يبلغا درجة الملائكة في الفضيلة والتعظيم والتقرب إلى الله تعالى فلو أكلا منها لبلاغا تلك المرتبة، هكذا استدل بالآية أصحابنا رحمهم الله تعالى، وفيه نظر، لأن ذلك حكاية عن قول إبليس لعنه الله تعالى، ولا يتم الاحتجاج إلا مع التقرير من الشارع فيحتاج إلى إثباته ومجرد ترك تقبيح القول لا يدل على صحته إذا وقع ممن علم ضلالته.
ويمكن الجواب: بأن ترك إنكار القول الباطل لا يجوز على الحكيم من أي قائل كان والله أعلم.
ولنا أيضاً: ما روي من الحديث القدسي: "ما ذكرني عبد في ملأٍ إلا ذكرته في ملأٍ خير من ملائه" أو معناه، مع أن المعلوم أن المؤمنين من الصحابة كانوا يذكرون الله في محضر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فهو من جملة الملأ المفضل عليهم الذين ذكر الله تعالى فيهم فاقتضى تفضيل الملائكة عليهم السلام، وأما ما احتج به المخالف من سجود الملائكة لآدم عليهم السلام وكونهم كانوا جنداً لنبينا صلى الله عليه وآله وسلم في يوم بدر ونحوه، فلا حجة فيه لأن السجود لله تعالى وإن استقبل به آدم فذلك كاستقبال الكعبة، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم آمِراً على الملائكة وإنما أمرهم تعالى بنصرته ونصرة من معه وتأييدهم إعزازاً لدينه وإكراماً لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم.
وقد زعم بعض المتأخرين ممن أقعدته العصبية وضعف الهمة عن النظر في هذه المسألة أن الخوض فيها فضول وبدعة لا ثمرة لها وزخرف هذا القول بأن الملائكة والأنبياء عليهم السلام لا تنازع بينهم وأنهم متفقون من هو الأفضل.
وهذا كلام ساقط لا يلتفت إليه وسببه التقصير والنفور عن علم الكلام وإلا فالمعلوم عقلاً أن العلوم كلها حسنة وأن ما فهم من تدبر كتاب الله وسنة رسول الله لا يسمى بدعة ولا يقال لا ثمرة له، وأقل ثمرة لهذه المسألة لو حلف رجل بطلاق أو عتاق أو نذر وعلق ذلك بأفضلية أحد الصنفين على الآخر ترتب عليهما البَّر والحِنْث، فأما قوله: إن الملائكة والأنبياء عليهم السلام لا تنازع بينهم الخ، فمعلوم ولكن مقتضى الخلاف في هذه المسألة اتفاقهم على تفضيل الملائكة عليهم السلام عند أئمتنا ومن وافقهم، وعلى تفضيل الأنبياء عليهم السلام عند المخالف فما في هذا القول حجة لذلك الزاعم، بل هو مجرد مغالطة من ذلك الواهم.


ومن مجموع الإمام الهادي عليه السلام:

وسألت أكرمـك الله عن الملائكة والأنبياء صلوات الله عليهم فقلت: أيهم أفضل؟
والجواب في ذلك أن الملائكة أفضل من الأنبياء. والحجة في ذلك أن الفضيلة لا تكون إلا بفضل الأعمال، فلما وجدنا الملائكة أفضل أعمالاً وأكثر عبادة، حكمنا لها بالفضل على من دونها عملاً. ألا تسمع كيف يشهد الله لها بكثرة العبادة ودوام الطاعة، حين يقول الله عزوجل: ﴿وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ عِندَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ﴾[الأنبياء: 20]، فذكر سبحانه عنهم ما ذكر من عبادتهم ودوام طاعتهم، في التسبيح له والتقديس في الليل والنهار لا يفترون، ومن كان عابداً لله الليل والنهار لا يفتر خلاف من هو يفتر في الليل والنهار، ويشتغل بلذّات نفسه وشهوات قلبه، من الجماع، والمآكل، والمشارب، والنوم، والجلوس، والحديث. فلما أن صح عندنا أن الملائكة مأمورة منهية كالأنبياء، مختارة للطاعة كاختيار الأنبياء، قادرة على ضد الطاعة لو أرادته، بما جعل الله فيها من الاستطاعة والتمكين، ثم وجدناها قد استعملت ذلك كله أثرة لله، وإقبالاً على طاعته، ففرغت أنفسها الليل والنهار في عبادته لا تفتر، حتى شهد الله لها بذلك، كانت عندنا أفضل من الأنبياء بما ذكرنا من فضل عملها، ودوام طاعتها.
ومن الدليل على فضل الملائكة على الأنبياء قول الله عز وجل: ﴿لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً لِّلّهِ وَلاَ الْمَلآئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ﴾[النساء: 172]، فقال سبحانه: ﴿لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ﴾، ثم قال: ﴿وَلاَ الْمَلآئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ﴾، فذكر الملائكة بعد المسيح، فعلمنا أنها أكبر منه وأعظم وأفضل، وفي أقل مما ذكرنا ما كفى من كان ذا فهم واجتزاء.

ويمكن تحميل الكتابين وغيرهما من http://www.ebooks.hamidadidn.net

محمد الغيل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2745
اشترك في: الأحد إبريل 18, 2004 3:47 am
اتصال:

مشاركة بواسطة محمد الغيل »

هل يتكرم سيدي محمد الغيل بإضافة مدلول الآيتين الكريمتين .

انتهز الفرصة لإعرب عن خالص سلامي لكم .



من عيوني سيدي المنصور وأنا كلي خجل :oops: منكم فقد تأخرت عليكم قريبا إن شاء الله وسلام عليكم سيدي الفاضل
صورة
يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون
صورة

محمد الغيل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2745
اشترك في: الأحد إبريل 18, 2004 3:47 am
اتصال:

مشاركة بواسطة محمد الغيل »

بسم الله الرحمن الرحيم

سيدي المنصور

أرى أن تعتمد هنا على مرتكزين هامين لفهم مراد الحق سبحانه في سورة البقرة قال تعالى :

﴿قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾[97]

المرتكز الاول : تتناول فيه شخصية جبريل عليه السلام من جميع النواحي قال تعالى "﴿عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى﴾[5]
﴿ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى﴾[6]
﴿وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى﴾[7]
﴿ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى﴾[8]
﴿فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى﴾[9]
﴿فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى﴾[10]
﴿مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى﴾[11]
﴿أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى﴾[12]
﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى﴾[13]
﴿عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى﴾[14]
﴿عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى﴾[15]
﴿إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى﴾[16]
﴿مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى﴾[17]
﴿لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى﴾[18]
سورة النجم قال مولانا القاسم بن ابراهيم
وإنما ذلك جبريل صلى الله عليه، رآه نبي الله على خلقته التي عليها جُبِل، ولم يره النبي صلى الله عليهما على تلك الخلقة قط إلا مرتين، جعل الله ذلك آية بينه وكرامةً شريفة عالية، وذلك قوله عز وجل :﴿لقد رأى من آيات ربه الكبرى﴾ [النجم: 18
وقال مولانا الهادي
معنى قوله تعالى: ﴿فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى﴾
وسألت عن قول الله سبحانه: ﴿فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى﴾[النجم: 9]؟
الجـواب: أن الذي صار قاب قوسين أو أدنى هو جبريل صلى الله عليه، فكان في هذا الموقف قد دنى من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في صورته التي هو عليها مع الملائكة المقربين، حتى كان من الرسول قاب قوسين أو أدنى. ومعنى قاب قوسين: فهو مقياس رميتين بالقوس في الهواء. فدنا منه صلى الله عليهما حتى كان في الموضع الذي ذكره الله تبارك وتعالى فيه: ﴿فَأَوْحَى إلى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى﴾[النجم: 10]، مما أرسله الله به من الأشياء، فهذا تفسير ما عنه سألت من قوله: ﴿قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى﴾[النجم:9].

خلقته كما وصفه رسول الله فقد شاهده مرتين وظائفه وأعماله - تسميته بهذا الاسم"جبريل " - وهل لهذا الاسم معنى عند الامم السابقة ؟
تعرف أنه رسول الله الى أنبياء الله فهو اذا وسيط بين الخالق وبين الانبياء !
اذا كيف يتلقى الوحي من الله ؟
وهل له دور في تعذيب الامم السابقة ؟؟
وذا كان غير مكلف فكيف ينزل في كل عام ليتدارس مع النبي القرآن في رمضان وفي العام الذي قبض فيه رسول الله دارسه القرآن مرتين ؟؟ وكيف ينزل ليعلمكم معالم دينكم؟؟ أورد الحديث المشهر عن عمر بن الخطاب "طلع علينا ....الخ" وحديث جبريل حين جاء يعلم رسول الله اوقات الصلاة فقد قيل إنه صلى معه في اليوم الاول وفي الثاني
المرتكز الثاني : تتناول فيه قصة اليهود مع جبريل ولما جعلوه عدولا لهم ؟؟؟ وهل تصح العداوة بين المكلف وغير المكلف مثلا هل يصح أن اعادي جبل من الجبال أو طير من الطيور وأنا أعلم أنه لا تكليف عليه ؟؟؟
وهكذا ستفتح أمامك العديد من الثغرات التى تدل على أن الملائكة مكلفين ولهم قدرة على فعل الفعل وتركه !!
وأما عن الاية الثانية وهي قوله تعالى في نفس السورة ﴿مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ﴾[98]
فيمكن توظيف هذا النص من خلال تفسيره وربطه بما سبق ايضا
عن مولانا الهادي في كتابه المجموعة الفاخرة
المسألة الثانية والأربعون: هل كلف الله الملائكة؟
وأما ما سأل عنه من قوله، وكذبه على ملائكة ربه، فقال: خبرونا عن الاستطاعة التي تزعمون أن الله جل ثناؤه جعلها في عباده حجة عليهم، وأنها مركبة فيهم ليعملوا أو يتركوا، هل جعلها في الملائكة المقربين؟ أم لا؟ ثم قال: فإن قالوا: نعم قد جعلها فيهم، وامتن بها عليهم، فقولوا لهم: فأنتم إذا لا تدرون عن الملائكة هل بلغت؟! أم لا؟ أم هل أدت ما أمرت بأدائه؟ أم هل قصرت في شيء مما أمرت به؟ إذ تزعمون أنها قادرة على ما تهوى، تاركة لما تشاء.
[جوابها]
فقولنا في ذلك: إن الله سبحانه ركب الاستطاعة في عباده وجعلها في جميع خلقه المأمورين المميزين، ومنهم الملائكة المقربون صلوات الله عليهم. ثم أمرهم ونهاهم من بعد أن أوجد فيهم ما أوجده سبحانه في غيرهم من الاستطاعة الكاملة، والنعمة الشاملة، وأمرهم ونهاهم، ولولا ما ركب فيهم من الاستطاعة لما جرى أمره عليهم، من ذلك قوله: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ﴾[البقرة:34]، فأمرهم بالسجود من أجله، ولما رأوا ما ابتدع من جليل صنعه، ولعظيم ما فيه من قدرته، إذ خلقه من طين من صلصال من حمأ مسنون. والمسنون فهو ما داخله الأجُون فأسِنَ لذلك وأجن وتغير، فصار لما فيه من الأجون حمأ، كما ذكر الله مسنوناً، ثم صوره رجلاً، ثم نفخ فيه الروح، فصار جسماً متكلماً، لحماً وعروقاً وعظاماً ودماً، يُقبل ويدبر، ويورد ويصدر، بعد أن كان طيناً لازباً. فسجد الملائكة - عليهم السلام - لله المهيمن ذي الإنعام من أجل ما أحدث في آدم صلى الله عليه من الخلق وجعله أباً لكل الخلق. فكانوا بائتمارهم في ذلك لله مطيعين، وعليه مثابين، ولأمر الله مؤدين. ولو لم يكن فيهم استطاعة، ولا ما يقدرون به على السجود من الآلة، لم يأمرهم سبحانه بما لا يستطيعون، ولم يكلفهم العدل الجواد ما لا يطيقون؛ لأنه أرحم الراحمين، وأكرم الأكرمين، وأعدل العادلين. وليس ما ذكر المبطلون، وقال به الضالون من صفات الرحيم، ولا من أفعال العزيز العليم؛ لأن من أمر مأموراً بأن يفعل مفعولاً لا يقدر على فعله، كان بلا شك ظالماً له في أمره، وكان قد كلفه في ذلك محالاً، وكان له بذلك غاشماً ظالماً، وليس الله بظلام للعبيد، كما قال في ذلك ذو الجلال الحميد: ﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ﴾[فصلت:46]، وقال سبحانه: ﴿وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾[الكهف:49]، فيا سبحان الله!! ما أجهل من نسب ورضي لربه ما لا يرضاه وما لا ينسبه إلى نفسه من تكليف العباد ما لا يطاق، ثم رضي ذلك ونسبه إلى الواحد الخلاق، فكان كما قال الله جل جلاله، وتقدست أسماؤه: ﴿وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ﴾[الزخرف:17]، فأخبر سبحانه أنهم كانوا ينسبون إلى الله اتخاذ البنات، ولا يرضون بهن لأنفسهم، ولا يحبون الإناث، بل إذا رزق أحدهم بما رضيه لربه بانت الكراهية منه في وجهه؛ فشابهوهم في فعلهم، واحتذوا في ذلك بقولهم، فقالوا: إن الله يكلف عباده ما لا يطيقون فعله، ويعاقبهم على ترك ما لم يقدرهم على صنعه، وهم ينفونه عن أنفسهم، ويبرءون منه أخس عبيدهم، فسبحان من أمهلهم، وتفضل بالإنظار لهم.
ثم قال: ما يدريكم أن الملائكة مستطيعون، لما يشاءون من الأعمال متخيرون، وعلى العمل والترك قادرون؟ لعلهم قد تركوا بعض ما به أمروا، وقصروا في أداء بعض الوحي، وفرطوا في نصر النبي والمؤمنين، وفي غير ذلك مما أمرهم به رب العالمين.
فقولنا في ذلك له: إنا علمنا براءتهم صلوات الله عليهم وإنفاذهم لكل ما أمرهم به ربهم على ما أمرهم به، غير مفرطين في شيء منه؛ لقوله فيهم سبحانه، وثنائه بما أنثى عليهم من ترك التفريط في أمره والاستقصاء في كل إرادته، والتقديس له والتسبيح الليل والنهار، وذلك فقول الواحد الجبار: ﴿لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ عِندَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ﴾[الأنبياء:20]، وفي ترك التفريط فيما أمرهم به رب العالمين، ما يقول سبحانه في القرآن المبين: ﴿حَتَّىَ إذا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ﴾[الأنعام:61]، ويقول تبارك وتعالى فيهم، ويثني بما يعلم من أفعالهم عليهم، حين يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾[التحريم:6]، وفي ذلك ما يقول سبحانه، ويحكي عن المبطلين بما قالوا في الله رب العالمين، حين يقول: ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ﴾[الأنبياء:26]، فوجدناه تبارك وتعالى يذكر الاجتهاد منهم له عنهم، فقلنا فيهم بما قاله ربنا وربهم، فتعالى أصدق الصادقين عن مقالة الفسقة الجاهلين.
ومن الدليل على معرفة حقائقهم والوقوف على محض فعلهم واجتهادهم، تولي الله لهم ومعاداته لمن عاداهم. ألا تسمع كيف يقول الواحد ذو الجلال والطول: ﴿مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فإن اللّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ﴾[البقرة:98]، فذكر سبحانه وجل عن كل شأن شأنه أنه عدو لمن عاداهم، وإذا صحت العداوة والمقاضاة منه لمن ناضاهم فقد ثبتت منه الولاية بلا شك لمن والاهم، ألا تسمع كيف جعل من عاداهم فاجراً؟ وسماه في واضح التنزيل كافراً؟ حين يقول في آخر الآية جل جلاله، عن أن يحويه قول أو يناله: ﴿فَإِنَّ اللّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ﴾، ولن يوالي أبداً من كان في أمره مقصراً، ولن يشهد بالوفاء لمن كان عنده سبحانه غادراً، فبهذا ومثله من تنزيله مما قد ذكره وبينه في وحيه وقيله، شهدنا للملائكة المقربين بالاجتهاد في الطاعة لرب العالمين.



أما عن تفسيرالآية السابقة وهي قوله تعالى" فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ" فالضمير في نزله عائد على القرآن ومعنى على قلبك أي علمك اياه لتحفظه
سئل الامام القاسم : عن قوله سبحانه: ﴿ وقرآنا فرقناه ﴾ [الإسراء:106] ؟
فقال:] ﴿ وقرآنا فرقناه ﴾ تأويله: فرقناه قطعا، وفرقنا[ه] وجعلنا[ه] مفرقا ﴿ لتقرأه على الناس على مكث ﴾ [الإسراء: 106] وهو على مهل وبمكث، وتأويل ﴿ نزلناه ﴾ فهو قليلا قليلا، كذلك يُذكر - والله أعلم - أن جبريل صلى الله عليه كان يُعلِّم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما علمه من القرآن خمس آيات، خمس آيات، لما أراد الله إن شاء الله بذلك لفؤاده من الثبات، كما قال الله سبحانه: ﴿ كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا ﴾ [الفرقان: 32 ] تأويله: ونزلناه تنزيلا، والتنزيل، هو الإبانة والتفصيل.

ويمكن أن تستفيد ايضا من قول مولانا القاسم في المجموع الكبير وذلك عند تفسير سورة القدر قال تفسير سورة القدر
بسم الله الرحمن الرحيم
وسألته رحمة الله عليه عن قوله سبحانه: ﴿ إنا أنزلناه في ليلة القدر، وما أدراك ما ليلة القدر، ليلة القدر خير من ألف شهر، تنزل الملائكة والروح فيها ﴾ ؟
فقد يكون أنزلنا: جعلنا، كما قال سبحانه: ﴿ وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ﴾
[الحديد: 25]، ﴿ وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج ﴾ [الزمر: 6].
وتأويل أنزل، في ذلك جعل، فيمكن أن يكون جعل القرآن كله، وأحدثه وأتمه وأكمله، فيما ذكر تبارك وتعالى من ليلة القدر المذكور، والقدر: فهو وقت وَقتَّه الله جلَّ ثَنَاؤُهُ من أوقات الدهور، وقد يكون القدر، هو الجلالة والكبر، كما يقال: إن لفلان أو لكذا وكذا قدرا، يراد بذلك أن له لجَلالة وكبرا، فإن كان وقتا فهو وقت ذكره الله وكرَّمه، بما قدَّر فيه من أموره المحكمة، ومن الأدلة على أن الله جعل القرآن في ليلة القدر كله، وأحدثه فيها فأتمه وأكمله، وأنه لم يرد بتنزيله ووحيه، إنزاله له جملة على رسوله ونبيه، أن الله سبحانه إنما أنزله على رسوله، صلَّى الله علَيهِ وآلِه، وأوحى تبارك وتعالى به إليه مفرقا لا جملة واحدة، وعلمه إياه جبريل صلى الله عليهما سورة سورة وآيات آيات معدودة، ليقرأه كما قال سبحانه على مكث وترتيل، ولترتيله وَصَفَه تبارك وتعالى في الوحي له بالتنزيل ؛ لأن المفرق المنزل، هو المرتل المفصل، وفي ذلك ما يقول الله تبارك وتعالى فيه: ﴿ وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا ﴾ [الإسراء: 106]، ويقول سبحانه لرسوله، صلَّى الله علَيهِ وآلِه وسلم في قراءته: ﴿ ورتل القرآن ترتيلا ﴾ [المزمل: 4]، والتفصيل: هو التقطيع والتنزيل.
وفي إجماله، وجمع إنزاله، ما يقول المشركون لرسوله، صلَّى الله علَيهِ وعلى أهله: ﴿ لولا أنزل عليه القرآن جملة واحدة ﴾، فقال الله سبحانه: ﴿ كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا ﴾، يقول سبحانه: نزلناه عليك قليلا قليلا، ثم قال سبحانه لرسوله، صلى الله عليه وآله: ﴿ ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا ﴾ [الفرقان: 32 – 33]، فنحمد الله على ما نوَّر بذلك من حجته بمنه ورحمته تنويرا.
ثم أخبر سبحانه أن قد أنزله، وتأويل ذلك: أن قد جعله الله كله، في ليلة واحدة، فقال تبارك وتعالى: ﴿ إنا أنزلناه في ليلة القدر ﴾ و﴿ إنا أنزلناه في ليلة مباركة ﴾ [الدخان: 3]، فأبطل بذلك كل حجة لمن كفر مظلمة مهلكة، فكان ذلك من قدرته، ما لا ينكره من أهل الجاهلية من أقر بمعرفته.
وقد يمكن أن يكون تأويل ﴿ إنا أنزلناه ﴾ هو: تنزيله سبحانه من السماء السابعة العليا، إلى من كان من الملائكة في السماء الدنيا، وقد ذكر عن أمير المؤمنين علي صلوات الله عليه أن ذلك هو تأويل ﴿ إنا أنزلناه ﴾ وبيانه، فأي التأويلين جميعا تُؤُوِّلَ فيه، وقع بإنزاله كله عليه.
ولو كان إنما أراد بذلك إنزاله على محمد صلَّى الله علَيهِ وعلى أهل بيته وسلم لكان إنما نزل إليه مفرقا ومقطعا، غير مجمل من الله، وإنما قال الله: ﴿ إنا أنزلناه ﴾ فأوقع التنزيل على كله لا على بعضه، وقال لرسوله، صلَّى الله علَيهِ وآلِه: ﴿ إن الذي فرض عليك القرآن ﴾ [القصص: 85] فأخبر سبحانه بفرضه، والفرض: هو التقطيع والتفصيل كما يقول القائل للشيء إذا أمر بقطعه، افْرِضْه وفَصِّلْه ليقطعه.
وتأويل ﴿ إن الذي فرض عليك القرآن ﴾، هو أن الذي قطَّع تفريقا ما نزل من القرآن إليك، وذلك فهو الله الرحمن الرحيم، وما فرض: فهو كتابه المنزل الحكيم، وأي القولين اللذين ذكرنا، وبينا في ذلك وفسرنا، قيل به فتأويل، وأمر كبير جليل، كريمٌ ذكرُه، واجبٌ شكرُه.
وليلة القدر التي نزل فيها القرآن: فليلة من الليالي مباركة، تتنزل الملائكة فيها كما قال الله تبارك وتعالى الروح والملائكة ؛ لبركتها وقدرها، وما عظم الله من أمرها، ﴿ بإذن ربهم من كل أمر ﴾ من أمور الله بنازلة، وبركة لأهل الأرض كلهم شاملة، فليلة ذلك الوقت والخير والقدر، خير كما قال: ﴿ خير من ألف شهر ﴾، لما جعل الله جلَّ ثَنَاؤُهُ فيها من اليُمن والبركات، وما يمسك الله فيها عمن أجرم من النقم والهلكات، ولما نسب الله إليها، من الخير تنزلت الملائكة والروح فيها، من أعلى العلا، إلى الأرض السفلى.
يقول الله سبحانه: ﴿ بإذن ربهم ﴾، تأويل ذلك بإذن الله فيها لهم، وقد قال غيرنا في تأويل ﴿ من كل أمر ﴾: إنه من كل وجهة، وما قلنا به - والله أعلم - في نزولهم من أمر الله ورحمته بكل نازلة أشبه وأوجه، فهم ينزلون فيها من أمر الله وتقديره، وما جعل الله فيها من بركاته وخيره، إحداناً وزمرا وإرسالا، ببركتها وإعظاما لها وإجلالا، وإذ جعلها الله سبحانه لتنزيله ووحيه وقتا ومقدارا، وذكرها بما ذكرها به من القدر تشريفا لها وإكبارا، وليلة القدر ليلة جعلها الله من ليالي رمضان، ألا ترى كيف يقول سبحانه: ﴿ شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ﴾ [البقرة: 185]، ويقول سبحانه بعد ذكره لشهرها، وما جعل الله فيها من بركتها ويمنها، ﴿ إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين، فيها يفرق كل أمر حكيم، أمرا من عندنا إنا كنا مرسلين، رحمة من ربك إنه هو السميع العليم ﴾ [الدخان: 3 - 6]، فهي ليلة بركة ورحمة، وسلامة وعصمة، وفيها ما يقول أرحم الراحمين، ورب السماوات والأرضين: ﴿ سلام هي حتى مطلع الفجر ﴾، وتأويل ﴿ سلام ﴾، فهي: سلامة هي حتى طلوع الفجر، فليلة القدر ليلة سالمة مسلمة، ليس فيها عذاب من الله تبارك وتعالى ولا نقمة، جعلها الله بفضله بركة وسلامة، ورحمة للعباد إلى الفجر دائمة، ولحقِّ الليلة نزَّل الله فيها وحيه وقرآنه، وفرَّق برحمته فيها فضله وفرقانه، بالبركة والتفضيل، والإعظام والتجليل.
وتأويل ﴿ ما أدراك ﴾، فهو: ما يدريك، لولا ما نزلنا من البيان فيها عليك، ﴿ ما ليلة القدر ﴾ في القدر والكبر، وما يضاعف فيها لعامله من البر والأجر، فهي ليلة ﴿ خير من ألف شهر ﴾، جعلت لبركتها ويمنها، في التضعيف لها، والأضعاف كعشرة آلاف ليلة، وعشرة آلاف ليلة، وعشرة آلاف ليلة، فذلك ثلاثون ألف ليلة، ونحوها تامة، جعلت مقدارا مضاعفا لليلة القدر تشريفا لها وكرامة، وهي ليلة مقدسة يضاعف فيها كل بر وعمل صالح لمن عمل به فيها من أهلها، فيزاد على تضعيفه من قبل ثلاثين ألف ضعف لقدرها وفضلها، ونحمد الله في ذلك وغيره رب العالمين، على ما أنعم به من ذلك الله خير المنعمين.
أخي الكريم العجب كل العجب من الذين ينكرون أن الملائكة مكلفين مختارين مثلنا ثم نسمعهم يصلون عليهم ومعنى الصلاة الدعاء الا تسمعهم يقولون في خطبهم وصلِّ على جبريل أمينك على وحيك وعلى ملائكتك المقربين المصطفين، وعلى محمد رسولك وعلى جميع الانبياء والمرسلين ، ونحوه في مقالاتهم ومؤلفاتهم وكيف يصلون على غير المكلف ويدعون لهم بالرحمة ورفع الدرجة ؟؟ وهم مجرد الات لا تعقل ولا تقدر على الفعل والترك ولما لا يدعون للشمس بطول البقاء وللقمر عند كسوفها بإن الله يرحمها ويكفيها العناء .... عجبي !!!!!!!
قال مولانا الهادي
في الفاخرة
كيفية أخذ الوحي عن الله
وسـألـت أكـرمك الله وحفظك، وأعانك على طاعته ووفقك، فقلت: كيف يأخذ جبريل عليه السلام الوحي عن الله، وكيف يعلمه، وكيف السبيل فيه من الله حتى يفهمه؟
واعلم هـداك الله: أن القول فيه عندنا كما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أنه سأل جبريل عن ذلك، فقال آخذه من ملك فوقي، ويأخذه الملك من ملك فوقه.
فقال: كيف يأخذه ذلك الملك ويعلمه؟
فقال جبريل: يُلقى في قلبه القاءً، ويلهمه إياه إلهاماً، وكذلك هو عندنا، أنه يلهمه الملك الأعلى إلهاماً؛ فيكون ذلك الإلهام من الله إليه وحياً، كما ألهم تبارك وتعالى النحل ما تحتاج إليه، وعرفها سبلها حين كان منها من ذلك في بناء شهودها، وتسوية ما تسوي لأولادها، وما تجتنيه من الأشجار، مما تعلم أن فيه الشراب الذي ذكر الله أنه شفاء، سماه الله سبحانه شفاء للناس، من العسل الذي يخرج من أجوافها، فقال تبارك وتعالى: ﴿وَأَوْحَى رَبُّكَ إلى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إن فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾[النحل: 68].
فكما جاز أن يُلهم النحل ما تحتاج إليه فتفهمه حين فهمت الأشجار وميزت الثمار، فعرفت ما يخرج منه العسل فقصدته، وعرفت ما لا عسل فيه فتركته، مع عجائب كثيرة من أمرها، ودلائل على أثر الصنع في فعلها، يستدل به من جعل له لب، ويعرف أثر صنع الله فيه من كان له قلب... فكذلك فعل الله في الملك يلهمه ما أراد إلهاماً، ويلقيه في فهمه إلقاء، فيكون فعل الله في ذلك منيراً ساطعاً عند كل من كان ذا عقل نافع، لا يمتنع من قبوله عقل عاقل، ولا يكون عند ذي تمييز بحائل.
فإذا ألهمه الله ما أراد سبحانه، ثبت في قلبه بغاية الثبات كلما وقع من ربه في الحالات أثبت وأوضح في قلبه من كلام لو سمعه من غيره؛ لأن هذا الإلهام من الله فعل مفعول في الملهم، وما كان من فعل الله والقائه إلى عبده، فهو أثبت وأوضح من إلقاء مخلوق إلى مخلوق مثله.
فهذا معنى ما عنه سألت من وصول حكم الله ووحيه، إلى المؤدي عنه من ملائكته ما أراد وشاء من فرضه، فأعْمل فكرك في تدبيره، يوصلك ذلك إن شاء الله إلى فهمه، ويوردك إلى ما أردت من علمه.
-------------------------
أرجو أن تستفيدو سيدي من هذه النقاط والمعذرة إن كانت قد تكررت أو اشرتم اليها في اصل البحث فأنا مثل "من يهدي التمر الى هجر" أو كما يقال في المثل!!

اتمنى لكم التوفيق والنجاح حليفكم
صورة
يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون
صورة

المنصور
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 156
اشترك في: الأربعاء أغسطس 03, 2005 1:25 pm

مشاركة بواسطة المنصور »

لهما مدلول اتمنى أن يضاف الى هذا البحث الرائع المكتمل ؛؛
شكرًا لأستاذي محمد الغيل على إطرائه على الموضوع .
وفي الحقيقة أن الموضوع غير مكتمل ، والبحث في جله ينصب على محور واحد وهو: (هل الملائكة مكلفون أم غير مكلفين) .وقد كنت نويت عند شروعي في كتابة هذا البحث المتواضع أن أتطرق إلى جمع شبه المخالفين من أهل السنة والجماعة وإمامية وغيرهم دليلًا دليلًا ،ومن ثم نسفها دليلًا دليلًا .
ولكن للأسف لم تتوفر لي مراجع القوم فكتفيت بما ذكرته .
وهذه دعوة لك وللجميع برفد الموضوع وتفنيد أقوالهم وشبههم وردها عليهم .
وإثراء الموضوع من جمع جوانبه .
تنزيهًا لأفضل خليقة الله الملائكة المعصومين المفضلين من رب العالمين .



شاكرًا للجميع على الكلمات التشجيعية والجميلة التي غمرتموني بها .
آخر تعديل بواسطة المنصور في الأربعاء فبراير 22, 2006 7:59 pm، تم التعديل مرتين في المجمل.
( وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ )
[img]http://mail.google.com/mail/?attid=0.1& ... 9296cc0528[img/]

محمد الغيل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2745
اشترك في: الأحد إبريل 18, 2004 3:47 am
اتصال:

مشاركة بواسطة محمد الغيل »

ولكن للأسف لم تتوفر لي مراجع القوم فكتفيت بما ذكرته


ما هي المراجع التى تحتاجها ؟؟ سوف اتساعد معكم في هذ الجانب بقد ر المستطاع !
المكتمل ؛؛


الموضوع مكتمل بهذا الاعتبار الذي ذكرتم أخي الكريم :)

كود: تحديد الكل

والبحث في جله ينصب على محور واحد وهو: (هل الملائكة مكلفون أم غير مكلفين) .


أخي عمل ترجمة خاصة "بجبريل" عليه السلام صدقني ستثري الموضوع كثيرا !
لكم تحياتي سيدي والسلام عليكم
صورة
يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون
صورة

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الدراسات والأبحاث“