هذا بحث جمعه احد الاصدقاء بشأن موضوع قراة القرآن على الميت ووصولها للميت وقد حبيت ان اثري هذا المنتدى الرائع بهذه الفائدة وهي رد على خصوم من عارض قراءة القران على الميت ويرى انها بدعة وهي من احاديث النبي عليه افضل الصلاة والسلام وكلام العلماء وللأسف نرى كثير من الناس يتهربون من المواجه في هذا الكلام ويعاندون رغم وجود ادلة ولكن العقلية الحجرية دائما تثبت انها موجودة خاصة عقلية الوهابية الذيني يعتقدون انهم اهل الحق
فضل سورة (يس) وأثرها على الحي والمحتضر والميت
ورد في فضل هذه السورة المباركة أحاديث كثيرة، فهي قلب القرآن الكريم، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (لكل شيء قلب وقلب القرآن يس، ومن قرأ يس كتب له بقراءتها قراءة القرآن عشر مرات) أخرجه الترمذي عن أنس رضي الله عنه، وقال عليه الصلاة والسلام : (لوددت أنها في قلب كل إنسان من أمتي) أخرجه الحافظ البزار عن ابن عباس رضي الله عنهما، وروى ابن حبان في صحيحه عن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (من قرأ يس في ليلة ابتغاء وجه الله عز وجل غفر له في تلك الليلة) وفي رواية : ( من قرأ يس في ليلة أصبح مغفوراً له، ومن قرأ حم التي يذكر فيها الدخان أصبح مغفوراً له) أخرجه الحافظ ألموصلي كذا قال ابن كثير، وفي حديث آخر: (من قرأ يس وحم في ليلة جميعا إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) ، وفي رواية : (إن في القرآن سورة تشفع لقارئها ويُغفر لسامعها ألا وهي يس)، وقال عليه الصلاة والسلام : (الحمد لله الذي أكرمني وأكرم أمتي بسورة يس وأية الكرسي وقل هو الله أحد) ، وفي حديث آخر: (تهرب مردة الشياطين من سورة يس وآخر الحشر والمعوذتين). وقال: صلى الله عليه وآله وسلم : ( من داوم على قراءة يس كل ليلة ثم مات مات شهيداً) أخرجه الطبراني، وفي حديث : (من قرأ يس حين يصبح أعطي يسر يومه حتى يمسي، ومن قرأها في صدر ليلته أعطي يسر ليلته حتى يصبح)، قال بعض العلماء: من خصائص هذه السورة أنها لا تقرأ عند أمر عسير إلا يسره الله عز وجل. وعن يحي بن كثير قال: بلغنا أن من قرأ يس حين يصبح لم يزل في فرح حتى يمسي، ومن قرأها حين يمسي لم يزل في فرح حتى يصبح. - وهذا يشير إلى إدخال الأنس إلى بيت العزاء- وقال صلى الله عليه وآله وسلم : (إن في القرآن لسورة تشفع لقارئها ويغفر لسامعها تدعى المعمة قيل يا رسول الله وما المعمة ؟ قال تعم صاحبها بخير الدارين، وتدفع عنه أهاويل الآخرة، وتدعى الدافعة والقاضية قيل يا رسول الله وكيف ذلك ؟ قال تدفع عن صاحبها كل سوء وتقضى له كل حاجة) رواه الحاكم. وفي حديث آخر: (اقرءوا يس فإن فيها عشرين بركة : ما قرأها عار إلا اكتسى، وما قرأها أعزب إلا تزوج، وما قرأها خائف إلا أمن، وما قرأها مسجون إلا فرج عنه، وما قرأها مسافر إلا أعين على سفره، وما قرأها رجل ضلــت لـه ضالــة إلا وجدهــا، وما قرئـت عند ميت إلا خفف عنه، وما قرأهــا مريض إلا برئ ...)، وفي الحديث: (يس لما قرئت له). وقال صلى الله عليه وآله وسلم : ( من قرأ سورة يس في ليل أو نهار لم يدركه يومئذ ذنب)، وعن عبد الله ابن الزبير رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (من جعل يس أمام حاجته قضيت)، وأخرج ابن الضريس عن سعيد بن جبير رضي الله عنه أنه قرأها على رجل مجنون فبرأ. وروي عنه صلى الله عليه وآله وسلم: (من صلى في ليلة الجمعة ركعتين ويقرأ في أول ركعة صورة يس وفي الثانية تبارك الذي بيده الملك، أعطي بكل حرف نوراً يسعى بين يديه ويأخذ كتابه بيمينه، ويكتب له براءة من النار، ويشفع في سبعين من أهل بيته، ألا ومن شك فيه كان منافقاً)، كذا في الدر النظيم.
وروي بإسناد صحيح عن أبي بكر الصديق وابن عباس رضي الله عنهما: (من قرأ سورة يس إلى قوله: (إذ جاءها المرسلون) ودعا على إثرها استجيب له) وقد جرب ذلك.
أثرها على المحتضر:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أيما مسلم قرئ عنده إذا نزل به ملك الموت يس نزل بكل حرف عشرة أملاك يقومون بين يديه صفوفاً يصلون عليه ويستغفرون له، ويشهدون غسله ويتبعون جنازته ويصلون عليه ويشهدون دفنه، وأيما مسلم قرأ يس وهو في سكراته لم يقبض ملك الموت روحه حتى يجيئه رضوان بشربة من الجنة يشربها وهو على فراشه يقبض روحه وهو ريان ويمكث في قبره وهو ريان ولا يحتاج إلى حوض من حياض الأنبياء حتى يدخل الجنة وهو ريان)، أخرجه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما. وعن انتفاع المحتضر بسورة يس لما فيها من التوحيد والمعاد والبشرى بالجنة لأهل التوحيد وغبطة من مات بقوله تعالى: (يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين). فتستبشر الروح بذلك فتحب لقاء الله عز وجل فيحب الله لقاءها فإن هذه السورة قلب القرآن، وفيها خاصية عجيبة في قراءتها عند المحتضر قال بعض العلماء: وكأن قراءتها لتنزل الرحمة والبركة على المحتضـر ليسهـل الله عليـه خروج الـروح والله أعلم، وذكر أبو الفرج ابن الجوزي قال: كنا عند شيخنا عبد الأول وهو في السياق يحتضر وكان آخر عهدنا به أنه نظر إلى السماء وضحك وقال: (يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين) ومات. (انتهى كلام ابن الجوزي).
أثرها على الميت
روي النسائي وغيره عن مقبل بن يسار عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (أقرأوا على موتاكم سورة يس) أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجة والحاكم.
وورد عن أبي الدرداء عنه صلى الله عليه وآله وسلم: (ما من ميت يقرأ عليه سورة يس إلا هُــوِّن عليه) وفي حديث آخر: ( من قرأ سورة يس ابتغاء وجه الله تعالى غفر له ما تقدم من ذنبه فأقرأوها عند موتاكم) ذكره في الجامع الصغير، وروي أيضاً: (من دخل المقابر فقرأ يس خفف عنهم يومئذ وكان له بعدد من فيها حسنات وفتحت له أبواب الجنة)، قال محب الدين الطبري: المراد الميت الذي فارقته روحه، وحمله على المحتضر قول بلا دليل. وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( من زار قبر والديه أو أحدهما فقرأ عنده أو عندها يس غفرله). وقال صلى الله عليه وآله وسلم: (ما الميت في قبره إلا شبه الغريق المتغوث ينتظر دعـوة تلحقه من أب أو أم أو ولد أو صديق ثقة، فإذا لحقته كانت أحب إليه من الدنيا وما فيها، وإن الله ليدخل على أهل القبور من دعاء أهل الأرض أمثال الجبال، وإن هدية الأحياء إلى الأموات الاستغفار لهم ) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان. وعن أنس رضي الله عنه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله إنا نتصدق على موتانا ونحج عنهم وندعو لهم فهل يصل ذلك إليهم، فقال: (نعم إنه ليصل ويفرحون به كما يفرح أحدكم بالطبق إذا أهدي إليه) رواه أبو حفص العكبري. وما أمر الله به من الدعاء للمؤمنين والاستغفار لهم وما ذكره في كتابه العزيز من استغفار الأنبياء والملائكة لهم حجة لنا عليهم، لأن كل ذلك عمل الغير. وفي مشكاة المصابيح أخرج السمرقندي في فضائـــل (قل هو الله أحد) والرافعي في تاريخه والدار قطني كلهم عن الإمام علي كرم الله وجهه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (من مر على المقابر وقرأ (قل هو الله أحد) إحدى عشرة مرة ثم وهب أجرها للأموات أعطي من الأجر بعدد الأموات) رواه الحافظ السيوطي والشوكاني في فتح القدير. والأحاديث كثيرة جداً في فضل سورة (يس) وثبوت انتفاع المحتضر والميت بثواب قراءة القرآن الكريم وسائر أعمال البر بفضل الله عز وجل، وقد أوردنا أهمها، ونورد أقوال العلماء الفضلاء رضوان الله عليهم أجمعين.
أقــوال العلماء
سئل شيخ الإسلام (ابن تيمية) في فتاويه عما إذا كانت تصل إلى الميت القراءة والصدقة من ناحليه وغيرهم: فأجاب بقوله: (ج 24 ص 366، ص 367) وأما القراءة والصدقة وغيرهما من أعمال البر فلا نزاع بين علماء السنة والجماعة على وصول ثواب العبادات المالية كالصدقة والعتق كما يصل إليه الدعاء والاستغفار والصلاة عليه -صلاة الجنازة - والدعاء عند القبر، وتنازعوا في وصول الأعمال البدنية كالصدقة والصوم والقراءة، والصواب أن الجميع يصل إليه، وأما احتجاج البعض بقوله تعالى: (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) فيقال قد ثبت بالسنة المتواترة وإجماع الأمة أنه يُصلى عليه، ويُدعى له ويستغفر له وهذا من سعي غيره، والمحقق في ذلك أن الله لم يقل أن الإنسان لا ينتفع إلا بسعي نفسه وإنما قال (ليس للإنسان إلا ما سعى) فهو لا يملك إلا مال نفسه ونفع نفسه فمال غيره ونفع غيره كذلك للغير، ولكن إذا تبرع له الغير بذلك جاز، وهكذا إذا تبرع له الغير بسعيه نفعه الله بذلك، كما ينتفع بدعائه له والصدقة عنه وهو ينتفع بكل ما يصل إليه من كل مسلم سواء كان من أقربائه أو غيرهم كما ينتفع بصلاة المصلين عليه ودعائهم له عند قبره. وسئل (ابن تيمية) في موضع آخر (ج 24 ص 324) عن قراءة أهل الميت تصل إليه والتسبيح والتحميد والتهليل إذا أهدوه إلى الميت يصل إليه ثوابها أم لا، فأجاب: يصل إلى الميت قراءة أهله وتسبيحهم وتكبيرهم وسائر ذكرهم لله تعالى إذا أهدوه إلى الميت وصل إليه والله أعلم)، وفي موضع آخر يقول: من أعتقد أن الإنسان لا ينتفع إلا بعمله فقد خرق الإجماع، وقد كان ابن تيمية يختار هذه الطريقة ويرجحها.(انتهى كلام ابن تيمية). قال الإمام النووي رحمه الله في شرح المهذب: يستحب لزائر القبور أن يقرأ ما تيسر من القرآن الكريم ويدعو لهم عقبها، نص عليه الشافعي واتفق عليه الأصحاب، وزاد في موضع آخر: وإن ختموا القرآن على القبر كان أفضل. (انتهى كلام الإمام النووي). وقال ابن قدامه المقدسي في آخر كتاب الجنائز من مغنيه ما نصه: ولا بأس بالقراءة عند القبر، وقد روي عن أحمد أنه قال: إذا دخلتم المقابر فأقرءوا أية الكرسي وثلاث مرات قل هو الله أحد، ثم قولوا: اللهم إنا وهبنا ثواب ما قرأناه لأهل المقابر، ثم قال: وأي قُربة فعلها وجعل ثوابها للميت المسلم نفعه ذلك إن شاء الله. وقال العلامة الزيلعي في شرح كنز الرقائق في باب الحج عن الغير ما نصه: الأصل في هذا الباب أن الإنسان له أن يجعل ثواب عمله لغيره عند أهل السنة والجماعة صلاةً كان أو صوماً أو حجاً أو صدقةً أو قراءة قرآن أو الأذكار إلى غير ذلك من جميع أنواع البِر ويصل ذلك للميت وينفعه بفضل الله عز وجل. ويتضح مما سبق أن القرآن الكريم لم ينفِ انتفاع الرجل بسعي غيره، وإنما نفى ملكه لغير سعيه، وبين الأمرين من الفرق ما لا يخفى فقد أخبر الله تعالى أنه لا يملك إلا سعيه وأما سعي غيره فهو ملك لساعيه فإن شاء أن يبذله لغيره وإن شاء أبقاه لنفسه، قال الحسين بن الفضل رحمه الله: ليس له بالعدل إلا ما سعى، وله بالفضل ما شاء الله تعالى. وقد توسع الشيخ ابن القيم في كتابه في مسألة وصول كافة أنواع البِر المختلفة من الأحياء إلى الأموات وذكر بالتفصيل الأدلة المؤيدة في عدد من الفصول في كتابه الروح ورد على كل من يقول بخلاف ذلك رداً مفصلاً وجواباً شافياً كافياً ومن جملة ما قاله الشيخ ابن القيم (ص 11، ص 111) هذه النصوص متظاهرة على وصول ثواب الأعمال إلى الميت إذا فعلها الحي عنه وهذا محض للقياس فإن الثواب حق للعامل فإذا وهبه لأخيه المسلم لم يمنع ذلك كما لم يمنع من هبته ماله في حياته وإبراءه له من بعد موته فقد نبه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بوصول ثواب الصوم الذي هو مجرد ترك ونية تقوم بالقلب لا يطلع عليه إلا الله وليس بعمل الجوارح فيه على وصول ثواب قراءة القرآن التي هي عمل باللسان تسمعه الأذن وتراه العين بطريق أولى ويوضحه أن الصوم نيه محضة وكف النفس عن المفطرات وقد أوصل الله ثوابه إلى الميت فكيف بالقراءة التي هي عمل ونية فوصول ثواب الصوم إلى الميت فيه تنبيه على وصول سائر الأعمال. كما ذكر ابن القيم في موضع آخر (ص 10، ص 12) قال الخلال في كتاب الجامع: (القراءة عند القبور) عن ابن اللجلاج عن أبيه قال: إني إذا مت فضعني في اللحد ثم قل: بسم الله وعلى سنة رسوله الله صلى الله عليه وآله وسلم وسُنَّ عليَ التراب سنا وأقرأ عند راسي بفاتحة البقرة فإني سمعت عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقول ذلك). وقال ابن القيم في كتابه الروح طبعة حيدر أباد – ما نصه: وقد ذكر عن جماعة من السلف أنهم أوصوا أن يقرأ عند قبورهم وقت الدفن، قال عبد الحق: يروى أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه أمر أن يقرأ عند قبره سورة البقرة، وذكر الخلال عن الشعبي قال كانت الأنصار إذا مات لهم الميت اختلفوا إلى قبره يقرأون عنده القرآن، وقد أورد السيوطي في كتابه (شرح الصدور) بلفظ: كان الأنصار يقرأون عند الميت سورة البقرة. وأخبرني الحسن بن أحمد الوراق قال: حدثني علي بن موسى الحداد وكان صدوقاً قال: كنت مع أحمد بن حنبل ومحمد بن قدامه الجوهري في جنازة فلما دفن الميت جلس رجل ضرير يقرأ القرآن عند القبر فقال ابن حنبل: يا هذا إن القراءة عند القبر بدعه فلما خرجنا من المقابر قال أحمد بن قدامه لابن حنبل يا أبا عبد الله ما تقول في مبشر الحلبي ؟ قال ثقة قال كتبت عنه شيئاً ؟ قال نعم، فقال أخبرني مبشر عن عبد الرحمن ابن العلا عن ابيه أنه أوصى إذا دفن أن يقرأ عند رأسه بفاتحة البقرة وخاتمتها وقال: سمعت عبد الله بن عمر يوصي بذلك فقال ابن حنبل: ارجع وقل للرجل يقرأ القرآن. وقد ورد في الفتاوى قول الإمام أحمد بن حنبل: الميت يصل إليه كل شيء من الخير للنصوص الواردة فيه، ولأن المسلمين يجتمعون في كل قطر ويقرأون ويهدون لموتاهم من غير نكير فكان إجماعا. (انتهى قول الإمام أحمد). وعن استئجار القراء ورد في حاشية أبي السعود المصري ما نصه: اختلفوا في الاستئجار على قراءة القرآن على القبر مدة معلومة والمختار أنه يجوز. كذا في الجوهرة. وقال الحسن الصباح الزعفراني: سألت الإمام الشافعي عن قراءة القرآن عند القبر، فقال: لا بأس بها، وقال: الحسن الحروي: مررت على قبر أخت لي فقرأت عندها سورة (تبارك) لما يذكر من فضلها فجاءني رجل فقال لي إني رأيت أختك في المنام تقول جزى الله أبا علي خيراً فقد انتفعت بما قرأ لي، وأخبرني الحسن بن الهيثم قال سمعت أبا بكر الأطروش عن أخيه نصر قال: كان رجل يجيء إلى قبر أمه يوم الجمعة فيقرأ سورة (يس) فجاءني في بعض أيامه فقرأ سورة (يس) ثم قال: اللهم إن كنت قسمت لهذه السورة ثواباً فأجعله في أهل هذه المقابر، فلما كان في الجمعة التي يليها جاءت امرأة فقالت أنت فلان ابن فلانة ؟ فقال نعم، فقالت: إن بنتاً لي ماتت فرأيتها في المنام جالسة على شفير قبرها فقلت ما أجلسك هاهنا فقالت: إن فلان ابن فلانة جاء إلى قبر أمه فقرأ (يس) وجعل ثوابها لأهل المقابر فأصابنا من روح ذلك وغفر لنا. قال الإمام الشافعي (رحمه الله) كما ورد في رياض الصالحين للإمام النووي - : ويستحب أن يقرأ عنده - عند القبر- شيء من القرآن، وإن ختموا القرآن عنده كان حسناً. (انتهى كلام الشافعي) وقال ابن أبي الدنيا قال: حدثني الحسن بن علي عن ثابت بن سليم قال حدثنا أبو قلابة قال: جزى الله أهل الدنيا خيراً أقرئهم السلام فإنه يدخل علينا من النور أمثال الجبال. وأخرج أبن أبي الدنيا عن سفيان قال: كان يقال الأموات أحوج إلى الدعاء من الأحياء إلى الطعام والشراب وقد نقل غير واحد الإجماع على أن الدعاء ينفع الميت، ودليله من القرآن قوله تعالى: (والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا أغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان)، كما ذكر (الشيخ محمد بن عبد الوهاب) رحمه الله في كتابه (أحكام تمني الموت) (ص 75) ما يفيد بوصول ثواب الأعمال الصالحة من الأحياء إلى الأموات ومن ضمنها قراءة القرآن للأموات حيث قال: وللطبراني مرفوعا (إذا تصدق أحدكم بصدقة تطوعاً فليجعلها عن أبويه فيكون لهما أجرها ولا ينقص من أجره شيئا) وللديلمي نحوه من حديث معاوية ابن حيدة ولابن أبي شيبة عن أبي جعفر قال: كان الحسن والحسين رضي الله عنهما يعتقان عن والدهما الإمام علي رضي الله عنه بعد موته، وأخرج سعد الزنجاني عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا قال: (من دخل المقابر ثم قرأ فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد، وألهاكم التكاثر ثم قال: إني جعلت ثواب ما قرأت من كلامك لأهل المقابر من المؤمنين والمؤمنات كانوا شفعاء له إلى الله تعالى)، وأخرج عبد العزيز صاحب الخلال عن أنس مرفوعا عنه صلى الله عليه وآله وسلم: (من دخل المقابر فقرأ سورة يس خفف الله عنهم وكان له بعدد ما فيها من الحسنات) (انتهى كلام الشيخ محمد بن عبد الوهاب) رحمه الله. وقال الإمام القاضي عياض في شرحه على صحيح مسلم في حديث الجريدتين عند قوله صلى الله عليه وآله وسلم (لعله يُخفَّف عنهما ما دامتا رطبتين) ما نصه: أخذا العلماء من هذا استحباب قرأءة القرآن على الميت لأنه إذا خفف عنه لتسبيح الجريدتين وهما جماد فقراءة القرآن أولى، نقله عنه الآبي في شرح مسلم، وقال العلامة الشهاب القرافي ما ملخصه: مذهب أبي حنيفة والإمام أحمد بن حنبل أن القراءة يحصل ثوابها للميت وإذا قرئ عند القبر حصل للميت أجر المستمع وما لا يقع فيه خلاف أنه يحصل للأموات بركة القـرآن لا ثوابـــه. وحول تلقين من حضره الموت (لا إله إلا الله) لا خلاف بين العلماء في مشروعيته للحديث الصحيح: (لقنوا موتاكم لا إله إلا الله). وحول التهليل الذي جـرت عـادة الناس بعمله(لا إله إلا الله لا يدوم إلا الله) ينبغي أن يعمل ويعتمد في ذلك على فضل الله، ويلتمس فضل الله بكل سبب ممكن ومن الله الجود والإحسان. وأما تلقينه بعد الدفن على القبر فقد استحبه الشافعية أكثر من الحنابلة والمحققون من الحنفية والمالكية لحديث أبي أمامة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (إذا مات أحد من إخوانكم فسويتم عليه التراب فليقم أحدكم على رأس القبر ثم ليقل يا فلان ابن فلانة فإنه يسمع ويجيب، ثم يقول يا فلان ابن فلانة فإنه يستوي قاعـداً، ثم يقول يا فلان ابن فلانة، فأنه يقول: أرشدنا رحمك الله ولكن لا تشعرون، فليقل اذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، وأنك رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد نبياً وبالقرآن إماما)، فإن منكراً ونكيراً يأخذ كل واحد منهما بيد صاحبه ويقول انطلق بنا ما نقعد عند من لقن حجته، فيكون الله حجيجه دونهما، قال رجـل يا رسول الله فإن لم يعرف أمه قال ينسبه إلى حواء - يا فلان ابن حواء- قالوا ويكون تلقينه بعد انصراف المشيعين بصوت متوسط بين الجهر والاسرار والله أعلم. وقد تحقق وتلخص من أقوال العلماء الاعلام الأقدمين من أهل الأثر، ثبوت انتفاع الميت بعمل الحي الموهوب له وخاصة سورة (يس) وكذلك ثبوت انتفاع المحتضر لما ورد بها من الآثار الواضحة، فقد فعلها السلف الصالح، وأن عمل المسلمين شرقاً وغرباً وفي سائر الأعصار والأمصار من غير نكير من العلماء ولا يزال مستمرا عليها، وأنهم وقفوا على ذلك أوقافا، وأنه ليس للمنكر على وصول ثواب قراءة القرآن الكريم للميت دليل يستطيع أن يحتج به، ونذكر بقول الإمام ابن القيم الجوزية في كتابه (الروح) ما استحسنه عامة المسلمين فهو عند الله حسن. والله من وراء القصد والحمد لله رب العالمين أولاً وأخيراً وصلى الله وسلم على سيدنا وحبيبنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
( اطبــع وانشـــر تـؤجــر- صدقـــة جاريـــــة – مستمــــدا صالح الدعــــوات )
==========

أهم المصادر والمراجع (1) تفسير القرآن الكريم لابن كثير(تفسير سورة يس) . (2) العلماء وأقوالهم في شأن الأموات وأحوالهم، فيصل مراد علي رضى .
(3) إسعاف المسلمين والمسلمات بجواز القراءة ووصول ثوابها إلى الأموات، محمد العربي المغربي .(4) كتاب الروح لابن القيم الجوزية.
(5).أحكام تمني الموت للشخ محمد بن عبد الوهاب . (6) الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية. (7) رياض الصالحين للإمام النووي .