هذه رائعة الشاعر المرحوم عبد الله البردوني يقال أن لها قصة طريفة حدثت حينما ألقاها في بغداد هل يعرفها أحد؟:
----------------------------------------
ما أصدق السيف! إن لم ينضه الكذب *** وأكذب السيف إن لم يصدق الغضب
بيض الصفائح أهدى حين تحملها *** أيد إذا غلبت يعلو بها الغلب
وأقيح النصر... نصر الأقوياء بلا *** فهم.. سوى فهم كم باعوا... وكم كسبوا
أدهى من الجهل علم يطمئن الى *** أنضاف ناس طغوا بالعلم واغتصبوا
قالوا: هم البشر الأرقى وما أكلوا *** شيئاً.. كما أكلوا الإنسان أو شربوا
ماذا جرى... يا أبا تمام تسألني؟ *** عفواً سأروي.. ولا تسأل.. وما السبب
يدمي السؤال حياءً حين نسأله *** كيف احتفت بالعدى (حيفا) أو النقب)
من ذا يلبي؟ أما إصرار معتصم *** كلا وأخزى من (الأفشين)(1) ما صلبوا
اليوم عادت علوج (الروم) فاتحة *** وموطن العرب المسلوب والسلب
ماذا قعلنا؟ غصبنا كالرجال ولم *** نصدق.. وقد صدق التنجيم والكتب
فأطفأت شهب (الميراج) انجمنا *** وشمسنا... وتحدت نارها الحطب
وقاتلت دوننا الابواق صامدة *** أما الرجال فماتوا... ثم أو هربوا
حكامنا إن تصدوا للحمى اقتحموا *** وإن تصدى له المستعمر انسحبوا
هم يفرشون لجيش الغزو أعينهم *** ويدعون وثوباً قبل أن يثبوا
الحاكمون و?واشنطن? حكومتهم *** واللامعون.. وما شعوا ولا غربوا
القاتلون نبوغ الشعب ترضيةً *** للمعتدين وما أجدتهم القرب
لهم شموخ (المثنى) (1) ظاهراً ولهم *** هوى الى ?بابك الخرمي? ينتسب
ماذا ترى يا (أبا تمام) هل كذبت *** أحسابنا؟ أو تناسى عرقه الذهب؟
هروبة اليوم أخرى لا ينم على *** وجودها أسم ولا لون.ولا لقب
تسعوت ألفاً (لعمورية) اتقدوا *** وللمنجم قالوا: إننا الشهب
قيل: انتظار قطاف الكرم ما انتظروا *** نضج العناقيد لكن قبلها التهبوا
واليوم تسعون مليوناً وما بلغوا *** نضجاً وقد عصر الزيتون والعنب
تنسى الرؤوس العوالي نار نخوتها *** إذا امتطاها الى أسياده الذئب
(حبيب) وافيت من صنعاء يحملني *** نسر وخلف ضلوعي يلهث العرب
ماذا أحدث عن صنعاء يا أبتي؟ *** مليحة عاشقاها: السل والجرب
ماتت بصندوق ?وضاح?(1) بلا ثمن *** ولم يمت في حشاها العشق والطرب
كانت تراقب صباح البعث فانبعثت *** في الحلم ثم ارتمت تغفو وترتقب
لكنها رغم بخل الغيث ما برحت *** جبلى وفي بطنها ?قحطان? أو ?كرب?
وفي أسى مقلتيها يغتلي ?يمن? *** ثان كحلم الصبا... ينأى ويقترب
?حبيب? تسأل عن حالي وكيف أنا؟ *** شبابة في شفاه الريح تنتحب
كانت بلادك (رحلاً)، ظهر (ناجية) *** أما بلادي فلا ظهر ولا غبب
أرعيت كل جديب لحم راحلة *** كانت رعته وماء الروض ينسكب
ورحت من سفر مضن الى سفر *** أضنى لان طريق الراخة التهب
لكن أنا راحل في غير م سفر *** رحلي دمي... وطريقي الجمر والحطب
إذا امتطيت ركاباً للنوى فأنا *** في داخلي... أمتطي ناري واغترب
قبري ومأساة ميلادي على كتفي *** وحولي العدم المنفوخ والصخب
?حبيب? هذا صداك اليوم أنشده *** لكن لماذا ترى وجهي وتكتئب؟
ماذا؟ أتعجب من شيبي على صغري؟ *** إني ولدت عجوداً.. كيف تعتجب؟
واليوم أذوي وطيش الفن يعزفني *** والأربعون على خدي تلتهب
كذا إذا ابيض إيناع الحياة على *** وجه الأديب أضاء الفكر والأدب
وأنت من شبت قبل الأربعين على *** نار (الحماسة) تجلوها وتنتخب
وتجتدي كل لص مترف هية *** وأنت تعطيه شعراً فوق ما يهب
شرقت غربت من (والٍ) الى (ملك) *** يحثك الفقر... أو يقتادك الطلب
طوفت حتى وصلت (الموصل) انطفأت *** فيك الاماني ولم يشبع لها أرب
لكن موت المجيد الفذ يبدأه *** ولادة من صباها ترضع الحقب
?حبيب? مازال في عينيك أسئلة *** تبدو... وتنسى حكاياها فتنتقب
وماتزال يحلقي ألف مبكيةٍ *** من رهبة البوح تستحيي وتضطرب
يكفيك أن عدانا أهدروا دمنا *** ونحن من دمنا نحسو ونحتلب
سحائب الغزو تشوينا وتحجبنا *** يوماً ستحبل من ارعادنا السحب؟
ألا ترى يا ?أبا تمام? بارقنا *** (إن السماء ترجى حين تحتجب)
ديسمبر 1971م
أبو تمام وعروبة اليوم
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 9
- اشترك في: الاثنين ديسمبر 22, 2003 6:33 pm