عُيُونُ المخْتَار من فنون الأشعار والآثار

مجلس للمشاركات الأدبية بمختلف أقسامها...
أضف رد جديد
مواطن صالح
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 1606
اشترك في: الجمعة يونيو 24, 2005 5:42 pm
مكان: صنعاء حده
اتصال:

عُيُونُ المخْتَار من فنون الأشعار والآثار

مشاركة بواسطة مواطن صالح »

عُيُونُ المخْتَار
من فنون الأشعار والآثار


مما جمعه مولانا شيخ الإسلام وإمام أهل البيت الكرام/ أبو الحسنين
مـجـد الدين بن محمد بن منصـور المؤيدي رضى الله عنه




الطبعة الأولى

1421هـ ، 2000م
تم الصف والإخراج بمركز أهل البيت(ع) للدراسات الإسلامية

جميع الحقوق محفوظة لمركز أهل البيت(ع) للدراسات الإسلامية بصعدة



بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.

وبعد:

فاستجابة لقول الله سبحانه وتعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}[الأنفال:24]ولقوله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، [آل عمران:104]ولقوله تعالى:{قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى:23]، ولقوله تعالى: { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}[الأحزاب:33]ولقوله تعالى: {إنما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}[المائدة:55].

ولقول رسول الله صَلّى الله عَليه وآله وسَلّم : ((إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبداً كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي، إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض))، ولقوله صَلّى الله عَليه وآله وسَلّم : ((أهل بيتي فيكم كسفينة نوح، من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى))، ولقوله صَلّى الله عَليه وآله وسَلّم : ((أهل بيتي أمان لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء))، ولقوله صَلّى الله عَليه وآله وسَلّم : (( من سرّه أن يحيا حياتي؛ ويموت مماتي؛ ويسكن جنة عدن التي وعدني ربي؛ فليتول علياً وذريته من بعدي؛ وليتولّ وليه؛ وليقتد بأهل بيتي؛ فإنهم عترتي؛ خُلقوا من طينتي؛ ورُزقوا فهمي وعلمي )) الخبر- وقد بيّن صَلّى الله عَليه وآله وسَلّم بأنهم علي؛ وفاطمة؛ والحسن والحسين وذريّتهما عليهم السلام، عندما جلَّلهم صلى اللّه عليه وآله وسلم بكساءٍ وقال: ((اللّهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً)) - .

استجابةً لذلك كله كان تأسيس مركز أهل البيت(ع) للدراسات الإسلامية بصعدة.

ففي هذه المرحلة الحرجة من التاريخ ؛ التي يتلقى فيها مذهب أهل البيت(ع) مُمثلاً في الزيدية، أنواعَ الهجمات الشرسة من أعدائه الظاهرين ومن أدعيائه المندسين، رأينا المساهمة في نشر مذهب أهل البيت المطهرين صلوات الله عليهم عَبْر نَشْرِ ما خلّفه أئمتهم الأطهار عليهم السلام وشيعتهم الأبرار رضي الله عنهم، على أن نقدمها للقارئ الكريم نقيّة خالصة من الشوائب، لتصل العقيدة الصافية إليه سليمةً خاليةً من التحريف والتبديل والزيادة والنقصان، وما ذلك إلا لثِقَتِنا وقناعتنا بأن العقائد التي حملها أهل البيت(ع) هي مراد الله تعالى في أرضه، ودينه القويم، وصراطه المستقيم، وهي تُعبِّر عن نفسها عبر موافقتها للفطرة البشرية السليمة، ولما ورد في كتاب الله عز وجل وسنة نيبه صلى الله عليه وآله وسلم.

واستجابةً من أهل البيت صلوات الله عليهم لأوامر الله تعالى، وشفقة منهم بأمة جدهم صلى الله عليه وآله وسلم، كان منهم تعميدُ هذه العقائد وترسيخها بدمائهم الزكية الطاهرة على مرور الأزمان، وفي كل مكان، ومن تأمّل التاريخ وجَدهم قد ضحّوا بكل غالٍ ونفيس في سبيل الدفاع عنها وتثبيتها، ثائرين على العقائد الهدَّامة، منادين بالتوحيد والعدالة، توحيد الله عز وجل وتنزيهه سبحانه وتعالى، والإيمان بصدق وعده ووعيده، والرضا بخيرته من خَلْقِه.

ولأن مذهبهم صلوات الله عليهم دينُ الله تعالى وشرعه، ومرادُ رسول الله صَلّى الله عَليه وآله وسَلّم وإرثه، فهو باقٍ إلى أن يرث الله الأرض ومنْ عليها، وما ذلك إلا مصداق قول رسول الله صَلّى الله عَليه وآله وسَلّم: ((إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض)).

"واعلم أن الله جل جلاله لم يرتض لعباده كما علمتَ إلا ديناً قويماً، وصراطاً مستقيماً، وسبيلاً واحداً، وطريقاً قاسطاً، وكفى بقوله عز وجل: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام:153].

وقد علمتَ أن دين الله لا يكون تابعاً للأهواء: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ} [المؤمنون:71]، {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ} [يونس:32]، {شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى:21].

وقد خاطبَ سيد رسله صلَّى الله عليه وآله وسَلَّم بقوله عز وجل: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ(112)وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ(113)} [هود:112ـ113]، مع أنه صلَّى الله عليه وآله وسَلَّم ومن معه من أهل بدر، فتدّبر واعتبر إن كنت من ذوي الاعتبار، فإذا أحطت علماً بذلك، وعقلت عن الله وعن رسوله ما ألزمك في تلك المسالك، علمتَ أنه يتحتم عليك عرفانُ الحق واتباعه، وموالاة أهله، والكون معهم، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة:119]، ومفارقةُ الباطل وأتباعه، ومباينتهم {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة:51]، {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا ءَابَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} [المجادلة:22]، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} [الممتحنة:1]، في آيات تتلى، وأخبار تملى، ولن تتمكن من معرفة الحق وأهله إلا بالإعتماد على حجج الله الواضحة، وبراهينه البيّنة اللائحة، التي هدى الخلق بها إلى الحق، غير معرّج على هوى، ولا ملتفت إلى جدال ولا مراء، ولا مبال بمذهب، ولا محام عن منصب، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [النساء:135]"([1]).

وهنا يتشرَّف مركز أهل البيت(ع) للدراسات الإسلامية بصعدة بتقديم مجموعة من كتب أهل البيت المطهرين عليهم السلام وكتب شيعتهم الأبرار رضي الله عنهم، ومنها هذا الكتاب الذي بين يديك.

وأخيراً يتوجه العاملون بمركز أهل البيت(ع) والمنتسبون إليه بالشكر والعرفان لكل من ساهم في إنجاح هذا العمل، وفي مقدّمتهم عالم العصر، شيخ الإسلام وإمام أهل البيت الكرام/ مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي أيده الله تعالى وأطال بقاه، سائلين الله عز وجل أن يجعله من الأعمال الخالصة المقبولة لديه، وأن يثبّتنا على نهج محمد وآله محمد.

والحمد لله أولاً وآخراً وصلى الله على سيدنا محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.

إبراهيم بن مجدالدين بن محمد المؤيدي

مركز أهل البيت(ع) للدراسات الإسلامية


اليمن- صعدة، ت(511816)، ص ب (91064)








بسم الله الرحممن الرحيم



الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الطاهر الأمين وعلى آله الطيبين الطاهرين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.

وبعد..

لقد تعرض تراثنا الفكري الإسلامي لأسوأ أنواع الإهمال والضياع، لاسيما الكتب المخطوطة التي تعتبر أهم عوامل ربط الحاضر بالماضي، وفيها أُفْرِغَت عقولُ عباقرةِ الإبداعِ وسلاطين العلم، وسُجِّلت فيها تجارب العظماء وخلاصة خبراتهم.

وقد شاركنا نحن المسلمين بفاعلية في ذلك الضياع والإهمال، بأسباب مختلفة، وكثيراً ماضاعت أو تلفت مخطوطات قيمة تحت شعارات الحفظ والصون.

وهنا يجدر بنا أن نتساءل كيف وصلت تلك الكميات الهائلة من المخطوطات إلى متاحف أوروبا، وما سر اهتمامهم بها ذلك الاهتمام ؟ ربما لأنهم عرفوا كيف يستفيدون منها، أو لأنها جزء من التاريخ الإنساني، ورب ضارة نافعة، فأولئك الذين لا نحسب أن لهم علاقة بهذه المخطوطات يشفقون عليها حتى من نسمة الريح وشدة الضوء، وقد سهلوا الاستفادة منها.

وهذا الكتاب الذي بين يديك جزء من أعمال مولانا شيخ الإسلام وإمام أهل البيت الكرام / مجد الدين بن محمد بن منصور المؤيدي حفظه الله ومتعنا بطول بقائه، وذلك أنه لما ذهب إلى لندن للعلاج لم ينسه مَرَضُه الهدفَ الذي يعيش من أجله، ولامنعته عِلَّته عن تصفح أسفار العلوم، لأنه - وكما هو معروف عنه - شفاء علته النظر في الكتب ، ومتعة حياته مداعبة أبكار المسائل ، فقضى وقته بين رفوف المكتبة العملاقة في المتحف البريطاني يتنقل بين أقسامها كالنحلة ليمتص رحيق أزهارها. ولعلو همته وشدة تثبته لم يكتف بالنظر أويعتمد على الحافظة بل استنسخ ما قدر عليه، وكان مما دون جملة من لطائف القصائد ودرر الأخبار والأشعار.

وبعد رجوعه بالسلامة إلى اليمن رأى أن يفرد كتاباً يجمع فيه نبذة من تلك القصائد والأخبار، ويضيف إليها من مخزون علمه الجم مايزيدها نضارة وفائدة، ثم ضمنها هذا المجموع الذي سمَّاه (عيون المختار من فنون الأشعار والآثار) فجزاه الله عن المسلمين خير الجزاء، وأمده بالعافية وطول البقاء، إن ربي على مايشاء قدير.

وهذه نبذة من ترجمته وإشارة إلى بعض أحواله نرجوا أن تعرف به مَن بَعُد، ونأمل أن يعذرنا في الاختصار مَن قَرُب، فهو علم الأعلام، وعالم العلماء.

وصفات ضوء الشمس تذهب باطلاً .
ـــــــــــــــــــــــ
ترجمة المؤلف
كانت اليمن في أواخر القرن الثالث عشر الهجري تمر بحالة عصيبة من الاضطرابات والفتن، فالأتراك قد بسطوا نفوذهم على مساحة شاسعة من البلاد، والمقاومة الشعبية لاتزال تستعر وتتلظى في كل مكان، والانتفاضات والثورات تتفجر في مختلف الجهات.

وكان من أبرز تلك الأحداث قيام الإمام المهدي لدين الله محمد بن القاسم الحسيني الحوثي بالإمامة وبيعة الناس له سنة (1298 هـ)، وكان مركز دعوته جبل برط ، حينها ارتحل العلماء الأعلام من مختلف المناطق إلى مقام الإمام المهدي ببرط، وكان ممن ارتحل إليه السيد العلامة الزكي محمد بن منصور بن أحمد المؤيدي قادماً من بلده ضحيان صعدة، فلازم الإمام المهدي مدة وتزوج ابنته الشريفة الطاهرة أمة الله بنت الإمام المهدي.

وشاء الله أن يرزقهما الولد الصالح، ففي قرية (الرضمة) من جبل برط، وفي شهر شعبان سنة (1332 هـ) أشرق صُبْحٌ جديد بمولد مولانا السيد العلامة المجتهد النَّظَّار / مجد الدين بن محمد بن منصور المؤيدي في أسرة زكية طاهرة، وبيت علوي عريق يشع بنور العلم والإيمان.

وقضى أيام طفولته وصباه في حجر الأبوين الطاهرين، يتغذى بالعلم والحكمة، ويتنقل في حلقات الدرس ومجالس العلماء، يطلب المعارف، وما أن بلغ سن المراهقة حتى صار العلماء يتوسمون فيه خصال الفضل والنُّبل، فحصل بذلك على الاهتمام البالغ والرعاية المميزة، وحين بلغ الثامنة والعشرين من عمره توفي والده وذلك سنة (1360هـ)، فلم يكن ذلك المصاب ليوهن من عزمه أوينْخَر في صلابة إرادته، فاستمر في بناء شخصيته ولازم مجالس العلم وخالط الفضلاء، ومازال يكترع من علوم الأكابر ويأنس كل الأنس بتصفح أوراق الدفاتر، حتى حَصَّل أنواع العلوم، وخاض في منطوقها والمفهوم، وكان من أبرز مشائخه:

والده السيد العلامة زاهد آل محمد وعابدهم محمد بن منصور المؤيدي.

والسيد العلامة نبراس آل محمد وحافظهم الأوحد الحسن بن الحسين بن محمد الحوثي.

والسيد العلامة الحافظ المجتهد عبدالله بن الإمام الهادي الحسن القاسمي.

والسيد العلامة بدر آل محمد محمد بن إبراهيم المؤيدي الملقب بابن حوريه. وغيرهم من مشاهير أهل عصره.

ولم تمض عليه فترة وجيزة حتى صار فارساً في ميدان العلوم، وأصبح قِبْلة يُقصد لحل المشكلات وكشف المعضلات، واستقر في صعدة يعلم الجاهل ويرشد الضال ويغيث الملهوف ويحسن إلى كل الناس.

وقد تميز بصفات خلقية كريمة فالشجاعة والحكمة والصدق والصبر والتواضع صفات مكينة فيه، يعرف ذلك من جلس بين يديه وحاوره.

ولم يكن المؤلف أيده الله بمعزل عن الأحداث التي تعصف بالبلاد، فإنه لما قُتِل الإمام يحيى حميد الدين سنة (1948 م) واضطربت أمواج الفتن، كان له دور بارز في حقن الدماء وتسكين الدهماء، والحفاظ على السكينة العامة، والعمل على التعايش بسلام، وكذلك كان له نفس الدور عند قيام ثورة 26 سبتمبر عام (1962م).

ولم يتوقف أيده الله تعالى عن نشر المعارف وتدريس العلوم حتى في أحلك الظروف، فحلقات العلم قائمة والدروس مستمرة في سلم وحرب، وفي سفر وحضر.

وفي الستينات انتقل إلى نجران مع أسرته، وهنالك أحاط به طلاب العلم المتلهفون إلى سماع دروسه، فقام بدوره في نشر المعارف بعيداً عن وطنه، ثم انتقل إلى الطائف وهنالك أدى نفس الوظيفة، فما زال يَتَنَـقَّل بين نجران والطائف وجدة والرياض ومكة والمدينة وصنعاء وصعدة، وفي كل مكان يهطل على قلوب طلاب العلم كهطول الماء على الأكباد الظامئة.

وقد مد الله في عمره الشريف حتى أخذ عنه الآباء والأبناء والأحفاد.

وعلى الجملة فحياته مُفْعَمة بالفضائل والأحداث، وهو المعروف بسعة الأفق وكرم الأخلاق والصبر والتواضع وإدامة النظر في الكتب والتتبع والبحث ، وهو اليوم في الثمانينات ولازال على وتيرة أيام الشباب، بحثاً ومطالعة وإفتاء وتدريساً.

واستطاع أن يجدد كثيراً من الأساليب، ويوضح كثيراً من الرُّأى ، ويصحح كثيراً من المسائل الفقهية حتى أصبحت أنظاره محل احترام الجميع.

وقد خلّف لنا ميراثاً ثقافياً في جوانب مهمة لايستغني عنها طلاب المعرفة فمن آثاره العلمية:

1 ـ كتاب التحف شرح الزلف، في سير وتاريخ الأئمة، طبع ثلاث مرات.

2 ـ كتاب لوامع الأنوار وجوامع العلوم والآثار، حديقة غَنَّاء في شتى المعارف. طبع في ثلاثة مجلدات.

3 ـ الجامعة المهمة لأسانيد كتب الأئمة، طبع.

4 ـ الجوابات المهمة، طبع.

5 ـ عيون الفنون، طبع.

6 ـ عيون المختار من فنون الأشعار والآثار ـ هذا الذي بين يديك ـ.

7 ـ مجمع الفوائد، وقد اشتمل القسم الأول منه على عدة كتب منها:

· فصل الخطاب في تفسير خبر العرض على الكتاب.

· الدليل القاطع المانع للتنازع.

· الماحي للريب في الإيمان بالغيب.

· الثواقب الصائبة لكواذب الناصبة.

· إيضاح الأمر في علم الجفر.

· رفع الملام في رفع الأيدي عند تكبيرة الإحرام.

· الرسالة الصادعة بالدليل.

· فصل الخصام في وجوب الإحرام.

واشتمل القسم الثاني منه إلى كثير من من الفتاوى والتعليقات على مختلف الكتب وفي مختلف المجالات.

ومن تراثه أنه خَلَّف لنا كوكبة من العلماء الأعلام الذين هم رموز وكبار العلماء اليوم، ذكر أسماءهم المولى العلامة الحسن بن محمد الفيشي في ترجمته للمؤلف أيده الله تعالى في آخر كتاب التحف شرح الزلف.

ومازال اليوم قائم على الدرس والتدريس، والإفتاء والتوجيه والتأليف، وحل المشكلات وفض النزاعات، نسأل الله أن يمد في عمره الشريف.

ــــــــــــــــــــ




قال السيد العلامة الحسن بن محمد الفيشي حفظه الله تعالى في سياق ترجمته للمؤلف أيده
الله تعالى:ولقلّة عتادي، وقصر باعي ، وكونه كالشمس رابعة النهار، والقضية المسلمة التي لا يتسرب إليها إنكار، فسأسلك مسلك الإختصار، وكيف لي بالإجادة والإحاطة في صفات قدسية وحيد عصره في القيادة الروحية، وسفير الإسلام لتجديد معرفة نظمه الأساسية، ومنتج الثروة العظمى من علوم العترة النبوية، وحامي سرح الشريعة المطهرة من تيارات المبادئ الإلحادية – إلى قوله – {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا}[الأحزاب:62] ، ((إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي، إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض))،(اللهم بلى لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة)) صدق الله وصدق رسوله وصدق وليّه، والمؤلف مصْداق واقع هذه الأدلة الصادقة في عصرنا، فهو من جمع الله به الفواضل والفضائل، ورأب به الصدع المائل، وثبّت به عرى القواعد والدلائل، المجتهد الجهبذ الفطاحل، عالم العالم الوحيد، والناقد الثبت المسدد الرشيد، رباني العترة وحافظها، ونحريرها وحجتها، الإمام المجدد لتراث آل الرسول، والقاموس المحيط بعلمي المعقول والمنقول، مولانا وشيخنا الولي بن الولي بن الولي: أبوالحسنين مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي أمتع الله بدوام بقائه الدين والمسلمين، ورفع منزله مع الأنبياء والمرسلين .

... إلى قوله حفظه الله تعالى – فشبّ المؤلف زاده الله شرفاً بين هذه الأسرة الكريمة، وعليه رقابة عين العناية القدسية، وتوجيهات العواطف الروحانية الأبوية، فدرج بين أحضان البيئة العربية، والتربية الهاشمية العلوية، يتلقى المواهب الفطرية السنية، وفتوحات الطموح إلى المعالي والعبقرية، فصفت سريرته ، وخلصت عن كل شائبة سجيته.

... إلى قوله حفظه الله – فنبغ منه مثقف مؤيّد ، ومقوم مسدد، مؤهل للمكرمات، مرشح للكمالات.

...إلى قوله حفظه الله: وبعد أن استولى على علمي الدراية والرواية، وسلمته أزمتها أرباب التحقيق والهداية، طار اسمه وشاع ذكره، وعَظُم خطره، فصار قبلة الأصابع، وممثل الفضيلة الجامع، ورائد المتطلعين إلى ذروة الفوز والفلاح، وطليعة السابقين من دعاة الحكمة والعدالة والإصلاح، تلهج الألسن بمحامده، وينشر الأثير آيات مجده وشواهده، ولذلك خفَّت إله جموع الطلبة أهل الهمم الساميات، وأحدقت به الآمال من كل المناحي والجهات، فبسط لهم من خلقه رحباً، ومنحهم إقبالاً وقرباً، وملأ قلوبهم شغفاً بالعلم وحباً.

.... إلى قوله حفظه الله تعالى – فسبحان رب يعطي من يشاء ما يشاء، أريحية هاشمية وأخلاق محمدية وتحمّلات علوية ........إلخ الترجمة ، وهي مزبورة في آخر كتاب التحف شرح الزلف.

ـــــــــــــــ




وعند اطلاع السيد العلامة الحسن بن محمد الفيشي حفظه الله تعالى على هذا الكتاب قال ما لفظه:

بسم الله الرحمن الرحيم

وسلام على عباده الذين اصطفى، أخي المطّلع، بين يديك المجموع النفيس الذي نسّقه وجمعه مولانا الإمام الحجة شيخ الإسلام أبو الحسنين/ مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي، - أسعده الله – وفيه ما انتخبه من بعض المخطوطات بلندن أيّام قدومه إليها للعلاج، وأقول:

إن وقْع هذا المجموع المُنْتقى فوق واقع أمثاله من تراثه الذي ألّفه، وهو الكثير الواسع الذي استقاه ووُفِّق إليه من عيْن معين خليفتيْ رسول الله صَلّى الله عَليه وآله وسَلّم ، فلا يذهبنّ عنك موقعه، وما يجب أن تتلقّاه به:

ما قلت إلا الذي قد قال خالقنا
إجماعنا حجة الإجماع وهو له



في قوله أو رسول الله حاكيه
أقوى دليل على ما الكتب تنبيه




فواقع هذا المُنتقى من الأدلة الصريحة على أن مولانا هو من العلم وإليه، وذلك لأنه تولّى ما تولّى منه بلندن في فترة لا يَدْخل في الحسبان اشتغاله فيها بشيء غير ما دخلها لأجله، فهو إنما نزلها للإسشفاء والعلاج، لا لاكتشاف مكنون ذخيرتها والإنتاج، ولو لا أنه هو ما تصوّرت وقوع مقدِّمات الإنتاج، ولا صدّقت بمسلّمات دخوله متحفها وحصيلة الإفراج، وكيف يجوز أن ينصرف عن المستوصف وعلّتُه حاصلة، ويتحرك بحركات الصحيح من العلل نحو المتحف بالسرعة الفائقة، ولكنها شنشنة أعرفها من أخزم، يُفضّل شفاء الروح على اندمال الجروح، صحبْته فكان لا يفتح عينيه صباحاً إلاّ إلى كتاب، ولا يُغمضهما بعد هويّ من الليل إلا عن كتاب، وكأنّ العلم من مقوّمات حياته، ومن مُغذّيات مشاعره وطاقاته، ومن ضروريّاته لا من محسِّناته، يُحمِّل نفسه في سبيله أقصى جهودها، ويمنعها إجمامها ورَوْحها وهجودها، معاهدُ نشره للعلم هنا وهناك مفتوحة، في الحلّ والترحال، في البكور والآصال، في الليل إذا عسعس والنهار إذا تنفّس، تلاميذه يعْسر عدّهم، ويُجهد حصرهم، وهم ببركته يكتسبون النشاط من نشاطه، وترتاض أنفسهم للمواصلة تأسياً به، وانقياداً لإرشاده، وشاهد الحال يُغني عن المقال، فها هو الآن قد احْقوقف ظهره ، ووهى صوته، وكاد أن يكون رهين فراشه، وقعيد بساطه، تتوافد عليه الطلبة للأخذ عنه صباح مساء، يُملي أحدهم؛ فإذا ما غلط أو وهن أو استفهم صحّح موْلانا الغلط، أو أزال الوَهم، أو أفاد المستفهم، بالقرع أو الإشارة أو المنطق الهمسي، وقد مرَّن نفسه على عدم الإنقباض عن أي طالب في كل مكان وفي كل زمان، ومع كثرة تنقلاته ومصداقية قول القائل حيث يقول:
يوماً بحزْوَى ويوماً بالعقيق وبالـ



ـعذيب يوماً ويوماً بالخليصاء



تتجد له طلبة بنزوله ينزلون، وعلى نوره يتقاطرون، حتى تغص بهم الساحة، ولا يكلّ ولا يملّ.

واسمح لي أن أقول: إن هذه نبذة مما يستحقه فضيلته، لأنه في كل مكرمة إمام، ولكل الفضائل والفواضل زمام، إن جُوري سَبَق، وإن جُودل غَلب، كم نَقَد وحقّق، وأطلق وقيّد، وفحص وأمعن، وأسَّسَ فأتقن، وكم أخذ وردّ، وأقام وأقعد، فهو سيف الحق، بيد الحق يصول ويجول.

أمّا ناحيته العلمية فحدّث عن البحر ولا حرج، وله اليد العليا عن المناقشة، والقِدْح المعلّى حين المجادلة، إذا جسّ الخصم نبضه صدمه واعتنق، وصرعه وشنق، وتلا حين ذاك: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ(1)مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ(2)}[الفلق]، وما عسى أن أقول في جنب ما له من خصائص نالت كلّ منال، وضربت بها الأمثال، بلّغه الله غاية الآمال، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، وصلى الله على سيد المرسلين وآله المطهرين، والحمد لله رب العالمين.

ــــــــــــــــ

هذا وقد كانت قراءة هذا الكتاب الجليل على سيدنا ومولانا الإمام الحجة/ مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي أيده الله تعالى ونفع بعلومه، بحضور كوكبة شريفة من طلاب العلم كثّر الله تعالى سوادهم، فأجاز أيده الله تعالى طباعته والحمد لله أولاً وآخراً، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم.

إسماعيل بن مجدالدين بن محمد المؤيدي

مركز أهل البيت(ع) للدراسات الإسلامية

اليمن – صعدة – ت(511816)ص ب (91064)

ــــــــــــــــــــ




بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين الحمد لله كما يجب لجلاله وصلاته وسلامه على سيدنا محمد وآله وبعد.

فإنه لما لزم الارتحال إلى لندن لقصد المعالجة بعد أن تطاولت مدة الآثار، وقد ندب الشرع الشريف إلى التداوي في صحيح الأخبار، وكان دخول المستشفى بلندن يوم السبت أول شهر ربيع الأول سنة 1389 هـ، ثم كان العود بعد الوصول إلى ألمانيا يوم الأحد 25 جمادى الأخرى، وكان الوصول إلى جدة ليلة الاثنين 26، فقد طالت المدة وأكثرها بلندن لضرورة المعالجة والحمد لله تعالى على نعمه التي لا تحصى حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، كان الوقوف هنالك على عجائب وغرائب وسأقيد هنا بعض ما كتبته من الفوائد والفرائد ابتداء بما نقلته من المتحف البريطاني المسمى بالإنجليزية (بريتش موزيم) من سيرة إمام اليمن الميمون الهادي إلى الحق المبين إمام الأئمة ومنقذ الأمة أمير المؤمنين أبي الحسين يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن الرضا بن الحسن السبط بن أمير المؤمنين وأخي سيد النبيئين علي بن أبي طالب وابن سيدة نساء العالمين فاطمة بنت خاتم النبيين محمد الأمين عليهم أزكى صلوات رب العالمين وسلامه وبركاته وتحياته، وهذه السيرة بحمد الله موجودة لدينا باليمن وكذا غيرها مما أنقله من اللمع الفريدة والنكت المفيدة ولكني أعجبت بوجودها ووجود مؤلفات أئمة العترة عليهم السلام وسيرهم وآثارهم هنالك فأحببت نقل ما نقلت ليعلم المطلع أن الله تعالى قد نشر آثار هذه الذرية النبوية في جميع الأقطار وأظهر أنوارهم المضيئة فسارت مسير الشموس والأقمار وأن من يحاول طم آثارهم وطمس منارهم يحاول نزح البحار، وإطفاء الأنوار كما قال الله جل جلاله : {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ(32)}[التوبة]، وما أحسن قول من قال:

وفي تعب من يحسد الشمس نورها

ويجهــد أن يأتي لهــا بضــريب




ولله السيد الإمام الهادي بن إبراهيم الوزير حيث يقول مع تغيير يسير في المصراع الأخير:

إذا افتخرت أميَّتهم علينا
ألستم خير من ركب المطايا
أجبناهم بما قد قيل فينا
أليس لجدكم في اللوح ذكر
ومن قال الولاية في سواكم


بقول جريرها في الامتداحِ
وأندى العالمين بطون راحِ
وفي آبائنا صِيد البطاحِ
مع اسم الله لا يمحوه ماحِ
فليس من الدعاة إلى الصلاحِ




وقد نقلت في التحف شرح الزلف وغيرها من اعتراف علماء المسلمين من أرباب الحديث والمؤرخين المرجوع إليهم عند الأمة وليسوا من المنتمين إلى طائفة الزيدية وإقرارهم بما خصهم الله تعالى به من العلم والفضل والسيرة الطاهرة والشمائل النبوية والفضائل العلوية ولا سيما إمام الأئمة وهادي هداة الأمة الذي كشف الله تعالى به عن اليمن الغمة وأزاح به ظلمات الظلمة ما يقر أعين الناظرين المحبين، ويجدع أنوف الجاحدين المناصبين والعاقبة للمتقين.

هذا وكان ابتداء تحرير ذلك في المسودات غرة شهر ربيع الأول عام (1389هـ)بلندن وكان ابتداء تبييضه من المسودات بجوار بيت الله الحرام بشعبان من هذا العام والله ولي التوفيق والإنعام بقلم جامعه المفتقر إلى الله تعالى مجد الدين بن محمد بن منصور بن أحمد بن عبد الله بن يحيى بن الحسن بن يحيى بن عبد الله بن علي بن صلاح بن علي بن الحسين بن الإمام الهادي إلى الحق عز الدين بن الحسن بن الإمام علي بن المؤيد بن جبريل بن المؤيد بن أحمد بن الأمير شمس الدين الداعي إلى الله يحيى بن أحمد بن يحيى بن يحيى بن الناصر بن الحسن بن عبدا لله بن الإمام المنتصر بالله محمد بن الإمام المختار القاسم بن الإمام الناصر لدين الله أحمد بن الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين عليهم السلام والرحمة والرضوان وهذا أوان الابتداء والله المستعان.

ـــــــــــــــ








مما قاله الإمام الهادي إلى الحق المبين يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم عليهم أكرم التحيات والتسليم

منقولاً من سيرته المخطوطة بلندن


قال عليه السلام في قصيدته البائية:

إذا المرء لم يجعل رضا الله ربِّه
وآب حسيرا قد تهتك ستره
ومنها:
أمام رضاهُ خاب من كل جانبِ
ولم ينجُ من مستفظعات النوائبِ



وما زلت أغزوهم بحسن بصيرة
وأغشيهم الأنصار في حومة الوغى
وكل جري القلب ليث مهاجر
أغاروا مِنَ افاق البلاد لهجرة
فجاسوا ديار الناكثين بنية
فأضحى كتاب الله يرضى بحكمه
وأوطأت من قد كان ضداً معانداً
وسرت إلى نجران في كل طالب
جيوشا ليوثا حشوها الخيل والقنى


ومعرفة مني بحرب المحاربِ
يريقون بالبيض الرقاق القواضبِ
ضروب بنصل السيف في الحق راغبِ
مقدسة يبغون خير المطالبِ
مقانب حرب عُبِّيت لمقانبِ
وقد كان مسخوطا بتلك الجوانبِ
قليل التقى في العهد أكذب كاذبِ
لثأر كتاب الله أروع غاضبِ
وبيض تزيل الهام فوق المناكبِ



إلى قوله:

من العرب الأسد المداعيس بالقنا
ومن حي همدانٍ وخولان جحفل
مراقيل نحو الضرب في ساحة الوغى
يريدون وجه الله لا شيء غيره




ومن عَجَمٍ جم طوال الشواربِ ([2])
ومن غيرهم مثل الأسود الغواربِ
إلى الموت أرقال الجمال المصاعبِ
ويبغون ثأر المصطفى خير راكبِ



إلى قوله في بعض أعدائه:

فلا الجوف ينجيه ولا أرض شاكر
إلى قوله:

سيعلم دجال وأحمق مذحج
ودارت كؤوس الموت بين حماتها
وطارت رؤوس ثم أيد وأرجلٌ
وقل اصطبار القوم حين تراكمت
بأنا حماة الدين آل محمد
وإنا نكب القِرن في حومة الوغى
نذود عداة الحق عن دين احمد
سأترك إن دارت رحى الحرب دارهم
بحول إلهي لا بحولي وقوتي




ولاسهل سفيان ولاأرض ماربِ

إذا التقت الأقران خُزْر الحواجبِ
وضاقت على الأبطال كل المذاهبِ
وحل بأطراف القنا في الترائبِ
عليهم لعمري مفظعات المصائبِ
ذووالصبر إذ لاصبر وقت التقاربِ
يمج نجيع الصدر عند المضاربِ
ونمنعه من كل باغ وناصبِ
خلاءً لأذيال الصبا والجنائبِ
ونصر إله الناس رب المغاربِ





ـــــــــــــــــ

ومن أخرى له عليه السلام يصف القائم من أهل البيت عليهم السلام وهو المراد بهذا:

تحف به خيـل يمانيــة لهـــا
قروم أجابوا الله حين دعاهم
فما زالت الأخبار تخبر أنهم
وناديت همدانا وخولان كلهم
تذكرني أيامهم خير عصبة
من اصحاب بدر والنضير وخيبر
فتعمل في الفجاركل مهنـد
ويظهر حكم الله بين عباده
وتذهب عورات وعري وعسرة
ويحيا كتاب الله بعد مماتـه


على الهول إقدام ليوث طوالبُ
بأيمانهم بيض حداد قواضبُ
سينصرنا منهم جيوش كتايبُ
ومذحج والأحلاف والله غالبُ
من الناس قد عفَّت عليها الجنايبُ
وأحدٍ لهم في الحق قِدما مناقبُ
وترضي إلها سبحته الكواكبُ
وتملأ بالعدل المنير الجوانبُ
كمايُذهب المَحْلَ المشتَّ السحائبُ
ويحيا بنا شرق وتحيا مغاربُ




ومن أخرى له عليه السلام:

نام الخلي وعين الدين في تعب
والناس في غفلة عما أصيب به
حتى نهضت لدين الله محتسبا
إذ لا أرى ثائراً لله ينصره
كيف القرار وقدأضحت معالم ما
أم كيف يرضى بسوم الخسف ذوكرم
بل أيها السفر يطوي الأرض منشمراً
من سهل ريدة مبدأ سيره عجلاً
أبلغ بني الحسن الأخيار مأْلكَة
تحنناً وحفاظاً ثابتاً أبداً
من الرجا وحقوقاً حق واجبة
الستر شيمتنا إن زلة ظهرت


غطت عليها ولاة الجوْر بالحجبِ
آل الرسول فكل غير مكتئبِ
والله يعطي جزيلاً كل محتسبِ
ولا نكوفا لدين الله ذا غضبِ
سن الرسول كحد الصارم الجدبِ
ممن له حسب قد صين بالأدبِ
نحو الحجاز على المهرية النجبِ
ماضي العزيمة بالتقريب والخببِ
من ناصح لهم ذي منطق ذربِ
إذ أنتم عندنا في موضع القُطُبِ
ومابكم من قرابات ومن نسبِ
من الصديق فعال السادة النجبِ



ومنها:

نقول هذا كتاب الله فاتبعوا
بني علي فلا تبدوا لفاقرة
ولا تقيموا على هون وحقكم
فقد سمعتم حبيبا في مقالته
نصبت نفسي لأمر الله محتسبا
وسرت في حي همدان ويشفعها
وحاشد وذوي الأحلاف قاطبة
حزب النبي وحزبي بعده فلهم
جزاهم الله عني كل صالحة




آي الكتاب الذي ينجي من العطب
ولا تَحنّوا فليس الجد كاللعب
قد قام بالسمر في الآفاق والشهب
السيف أصدق أنباء من الكتب([3])
أرجو من الله أعلى ذروة الرتب
خولان أهل النُّهى في جحفل لَجِبِ
والصِّيد صيد ثقيف ساعة الغضبِ
حظان لم يُجمعا يوما لمكتسبِ
وحاطهم من شقى الأغلال واللهبِ




ـــــــــــــــــ

ومن قصيدة أخرى له عليه السلام:

ألح العاذلون علي لما


رأوني في المواقف لا أحيدُ




إلى قوله عليه السلام:

دعوت الناس كلهم لحق


وأكثرهم عن التقوى يحيدُ








ومنها :

ولست بتارك للحق([4]) حتى
ونحكم بالكتاب بكل فج
ولست بخاشع يوماً لحرب
ولست بقائل ما دمت حيا
أخو الفسق الدوانيـقي لمــا
تفرقت الظباء على خـداش


يطاع الواحد الفرد الودودُ
ويرجع عن تعديه العنيدُ
وإن خشعت لهيبتها الأسودُ
كما قد قال في الحرب الرقودُ
تداخل قلبه الرعب الشديدُ
فما يدري خداشٌ ما يصيدُ



إلى قوله عليه السلام:

ومن يبغي مسالمتي فإني
وما مثلي يُفَزَّع بالمنايا




لأهل الدين والتقوى مريدُ
وما مثلي يتعتعه الوعيدُ




ــــــــــــــــ

وقال عليه السلام في قصيدته الرائية إلى ولده الإمام المرتضى محمد بن الإمام الهادي وقد أسر في الحرب غدرا أسره آل طريف وحبس بصنعاء ببيت بوس:

ألا أبلغا إبني وإن كان نائياً
وذا العرف والإحسان في كل حالة
ومن طاب مولوداً ومن طاب ناشئاً
ومن لا يُرى منه لعمرك زلّة
ومن لم يزل يعلو على المجد شامخاً
ومن هو أمار بكل فضيلة
ومن هو للأرحام أوصل واصل


أخا الدين والتقوى وذا الفضل والبشرِ
ومن ذكره عال على كل ذي ذكرِ
ومن فضله قد شاع في البر والبحرِ
ومن لم يزل طهرا على غاية الطهرِ
ومن هو أصل للمهابة والفخرِ
ومن هو مفضال على العسر واليسرِ
ومن هو أصل في التعطف والبشرِ


إلى قوله:

ومن هو للإسلام ركن معاضد
ومن هو حتف للعدو لدى الوغى
ومن تعرف الأقران في الحرب فضله
ودارت كؤوس الموت بين حماتها
فحينئذ تلقى أبا القاسم الذي
يمين يديه للمنايا ذريعة




ومن هو جاف للفسوق وللكفرِ
وسم قتول للأعادي ذوي الخترِ
إذا التقت الأبطال في معرك وَعْرِ
وأولجت المُرّان في ثغر النحرِ
له الفخر مقداماً بها واسع الصدرِ
ويسراهما غوث من الحرب والفقرِ



إلى قوله:

فقولا له يُقْري عليك مكرراً
ويشكو إليك الله يعلم وحشة
فيا رب عجل يا عزيز خلاصه
إذا اجتمع الأقوام حولي ولم أر
على أنني حزم جليد مُجَرّب
ولست بضجاج جزوع مفند
ولكنني ألقي بأمره كله
وأعلم أن الله يكشف كلما
أبا قاسمٍ تفديك نفسي من الـردى
أبا قاسم تالله لو كنت قربكم




أبوك سلاماً دائماً عدد القطرِ
لها حرق باد إلى القلب والسَّحْرِ ([5])
وجَمّل به أسري وشد به أزري
محمدا المفضال باح به سري
صبور على ماجاء من نوب الدهرِ
إذا أقبلت نحوي عرى محن تجري
على ثقة مني إلى خالق الصخر
يغم ويجلو فادح الهم والعسر
ومن كل ماسوء ومن كل ماشر
لدافعت عنك الناكثين ذوي الغدر



إلى قوله:

وما بلغوا منك الذي كان دون أن
وجاهدتهم بالسيف والرمح معلنا
وإن كان في آبائك الشم أسوة
وهذا شعار الصالحين ذوي النهى
فقد نالهم بالطف قتل وشدة
وضرب له شأن من الشأن فادح



أوسد في لحدي وأدفن في قبري
لعمرك أو آتي على آخر العذر
لمثلك يا ابن الطاهرين ذوي القدر
ذوي البر والتقوى السمادعة الغرِ
ونالهمُ أمر يجل عن الأسرِ
وطعن بأطراف المثقفة السمرِ



إلى قوله:

على أن أقاموا الحق لا شيء غيره
وما ذاك من صُغْر بهم عند ربهم
فأخر عنهم نصره لكرامة
وأملى لأهل الفسق في ثار أحمد
فويل بني الدنيا من الله إنه
إلى قوله:

محمد المرضي فيها خصيمهم
يقول لهم يوم المعاد محمد
وسوقتموهم في الأسارى تعفرتاً
ولم توقنوا أني أخاصم عنهمُ
قتلتم بنيَّ الطاهرين ذوي التقى
ألم يك حقي واجبا في رقابكم
وترعوا حقوقي في بني وحرمتي
قتلتم بني الدنيا بَنيَّ وخنتــمُ
فذوقوا عذاب الله زال نعيمكم




وقاموا لرب الناس بالفرض والنصرِ
ولكنه ذخر لهم أيما ذخرِ
أراد بها إكمال ما شاء من أجرِ
ليأخذهم يوم القيامة بالوزرِ
سيصليهمُ نارا تلهب بالجمرِ



ليأخذ منهم ماله كان من وتر
قتلتم بني الزهراء سيدة الزهرِ
على الله رب البيت والركن والحجرِ
وأطلب ثاري منكم ساعة النشرِ
وروعتم مني الحريم على الصغْر
فترعوا حقوق الله في واجب الأمرِ
وتبغوا مني الوسيلة في الحشرِ
عهودي وأبديتم لنا غاية الغدرِ
وحل بكم لا شك قاصمة الظهرِ



إلى قوله عليه السلام:

فأوصيك بالتقوى وبالدين والهدى
وأن لا ترى للدهر يوما مطأطئا
فيوشك أن تنفك منك علايق
عليك سلام الله ما ذر شارق




وإيثار أمر الله في السر والجهرِ
ولا تخضعنْ للدهر والزم على الصبرِ
بصبرك إن أخلصت لله في الشكرِ
وما غردت ورقاء في سدف ([6]) الفجرِ




انتهى المنقول منها ولله دره ما أبلغها وأروعها وأبرعها، ولم أجد لشيء من الشعر ما وجدت لها من الرقة والتحنن واللطافة والروعة والجزالة والبطولة والبراعة والعلم والحكمة، ولم أتأثر بشيء من النظم كما تأثرت بها، هذا ما عندي ولكل ناظر نظره وذوقه، وكيف لا وهي صادرة ممن والى من، سلام الله وبركاته ورحمته ورضوانه عليهم، والله يرزقنا مرافقتهم في المقام الأمين مع الذين أنعم الله عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين آمين آمين.

ولقد هوّنت علينا ما نقاسيه ونلاقيه من هذه الأحداث والفتن النازلة في أرض اليمن بنا أهل البيت خاصة وبأهل الإيمان عامة ولسائر المسلمين كافة، فإنا لله وإنا إليه راجعون وإلى الله ترجع الأمور وهو حسبنا ونعم الوكيل نعم المولى ونعم النصير.

ـــــــــــــــــــ

وقال عليه السلام في قصيدته الصادية إلى أخيه العالم الحافظ عبدالله بن الحسين بن القاسم عليهم السلام وقد استنصره على أهل نجران لما غدروا به وشرعوا في حربه:

ألآيم إنما همي جوادي
ونعشي الدين بعد ثوى صريعاً
وضربي كل جبار عنيد
ولم أبك على رَبع محيل
ولكن النزاع إلى شقيقي
فقل لأبي محمد([7]) ذي الأيادي
سأشجي طالبيك بحد رمحي
بنفسي ما اغتممت به ومالي
إذا رعُب الشجاع من العوالي
حملت وفي يميني مشرفي
أَخِلْ مني سحابة فاطمي


ورمحي والمفاض من الدلاصِ ([8])
وقسمي في البرية بالحصاصِ ([9])
بأبيض مرهف فوق القصاصِ
ولم أرع النوادب باقتباصِ ([10])
وصنوي ذي الحفائظ في العراصِ
تأن فسوف يسعدك ارتباصي ([11])
فلا يجدون عمرك من مناصِ
أقيك بمهجتي عند الحياصِ
وهمّ من المخافة بانتكاصِ
أقد به الطلى قَدَّ الفراص ([12])
يواصل رعدها لمع النشاصِ ([13])




إلى قوله عليه السلام:

أتتك الخيل معلمة عليها
وفتيان إذا سمعوا صريخي
أولئك حاشد وبنو بكيل
وخولان الحماة وذو المساعي
وفي الأحلاف كل نهي وعز
أظنّ الناكثون بنقض عهدي
بأني لم أشابه من علي
وأني لا يرام الضيم مني
سأحكم بالقرآن([14]) على الأعادي
أنا الحسني سيف الله حقا
غضبت لخالقي وشَهرْتُ سيفي


أسود يأْنفون من المعاصي
أجابوا مغضبين من الصياصي
أولو ضرب كأشداق القلاصي
سيوفي المدركات لدى القصاصِ
لدى الهيجاء غير ذوي مناصِ
وكانوا في الفجور من الحراصِ
خصال المكرمات لذي الخلاصِ
وأني المرتجى لذوي الخصاصِ
وأدمغ من تطاول لانتكاصِ
مذُاعٌ في الأداني والأقاصي
على أهل الدعارة والمعاصي




فأجابه أخوه عبدالله بن الحسين عليهم السلام بقصيدة منها:

سلوت عن المنازل والعراص
ومن بالفُرع من ولد ومال
بإبن أبي ومن تفديه نفسي
إمام للبرية أريحيٌّ
بطاعته فقد أصبحت أرجو
إذا لمعت بوارقه بأرض


وعن دار الأحبة والأقاصي
ومن بالروض منهم والصياصي
من الأسواء طراً والمناصي ([15])
بلا ظن أقول ولا اختراص
من الرحمن ربي بالخلاص
أظل الموت فيها كالنشاصي




إلى قوله:

وترضى يا إمام العدل ضربي
إلى قوله:
لهامات اللصوص بني الملاص ([16])



جفاني البيض والغيد السبايا
وأضرب كبشهم ضربا عنيفا
وأغدي الخيل مضمرة عليهم
عليها كل أزهر قاسمي
فيعرفنا بنو حار بـن كعـب
ومنها:

فإنا لانجوز الحق فيهم


إذا هُمْ لم يغصوا بانتقاصي
يشيب لوقعه سود القصاص ([17])
ترى شعث المفارق والنواصي
يخيس القرْن منه باقتماص ([18])
أسود الجيش ترفل في الدلاص ([19])



ونرضى لا محالة بالقصاص




ــــــــــــــــ

قلت: وعلى ذكر هذا نذكر من رسالة الإمام الهادي إلى الحق عليه السلام إلى بني الحارث بن كعب لما غدروا به قوله عليه السلام ما لفظه:

ــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

من عبدالله الهادي إلى الحق أمير المؤمنين يحيى بن الحسين بن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أما بعد فإن الله عز وجل يقول في كتابه الذي نزله على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ(11)} [الرعد].

ومـنه:

ولابد أن يتم الله في خلقه ما قضى وكل ما هو كائن سيكون، ومن خالف الحق فهو الهالك المغبون، ولا شك أن الله أراد تغيير نعمتكم وإزالة مابكم من الخير ابتداكم به من غير فعل كان منكم استأهلتم به ما كان أعطاكم من النعم التي فيها تتقلبون وفي جنباتها ترتعون.

إلى قوله: وقد بلغنا ما أنتم عليه مما هو إنشاء الله سبب لهلاككم، وحلول النقم بكم، ولم تزالوا أهل غدر ومكر بأولياء الله، ومَنْ مكر بأولياء الله فإنما مكره على نفسه، وقد رام ذلك قبلكم من إخوانكم في دينكم فكان ذلك والحمد لله عليهم لا لهم {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ}[فاطر:43].

إلى قوله: ونحن أحق من تأدب بآداب الله واحتذى في قوله كله: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ(58)}[الأنفال] ولسنا ممن يستجيز غدرا ولا يستحل خديعة ولا مكرا ولا نقول غير ما نفعل ولا ننطق إلا بما نعمل فقد آذناكم بالحرب على سواء إن الله لا يحب الخائنين فخذوا في أهبتكم وتقدموا في شأنكم وأحكموا أمركم وأبلغوا إرادتكم في مهلة أمركم ثم اقضوا إلي ولا تنظرون فقد غَشِيَتْكم من أولياء الله وحزبه ما لا طاقة لكم به ولا مفر لكم بحول الله عنه وأظلكم بَأْسُهم وغضبهم لربهم ما طرة لا يكن منها كنان، نقمة من الله نزلت بالظالمين ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين.

إلى قوله عليه السلام: فقد نبذنا إليكم عهدكم، ونقضنا بما كان منكم أمانكم.

إلى قوله عليه السلام: والحمد لله رب العالمين كثيراً كما هو أهله ومستحقه ومنه ونحن في زيادة منه وإحسان ونعم ظاهرة وامتنان، واليمَن كلها إلا أقلّها لنا طاعة ومدد وأعوان، تنقل إلينا أموالها وتجمع لخدمتنا ونصرتنا رجالها وفرسانها، وذلك بمَنِّ الله وفضله وإحسانه إلينا وطَوْله {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ(227)}[الشعراء]، بالله نصول وبه نجول وعليه نتوكل وإليه نبرأ من الحول والقوة ومن القدرة والسطوة وهو حسبنا ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى الله على سيدنا النبي محمد وآله وسلم .وكتب إليهم هذا الشعر:

خذوا حذركم مني فإني مُسَيّر
يسير إلى الباغين حرب محمد
على شزب تعدو بكل سميدع


إليكم جنود الله والله غالبُ
عساكر تملا الأرض منها المقانبُ
بأيديهم البيض الرقاق القواضبُ([20])




إلى آخر القصيدة وإنما آخذ لمعاً مما وقفت عليه.

وكتب إليهم أيضاً:

لازاجر لذوي الضلالة والردى
قرب الوعيد وحان سفك دمائكم
متوكل ماضي العزيمة ضيغم
مازال يصفح ثم يعفو آخذا
حتى إذا طال النكوث وأسرفوا
آذنتهم بالحرب إنــي واثــق
فالآن جدوا واجهدوا وتحرزوا
وبذي الفقار أصول في لجج الوغى
وترى السواعد والأكف طوايراً
بمقام أروع في النبوة أوسط
قاسا شدايد كل حرب معلناً
والله يفعل مايشاء بقــدرة


إلا السيوف غمادها في الهامِ
لخلاف متبع القرآن إمام
صلد الصفات معاود الأقدامِ
بالفضل ذا حدب على الإسلام
في البغي إن البغي فعل لئام
بالنصر من ذي العز والإكرام
فأنا الموهِّن كيد كل عرامِ
حتى أُكشِّف حالك الإظلام
والروس طائحة مع الأقدامِ
ينميه كل معظم قمقام
حقا وفض صفوف كل لهام([21])
باري البرية عادل الأحكام




وقد قدمت هذه الأبيات وإن كان خلاف الترتيب لاتصالها بالرسالة.

ــــــــــــــــــ

هذا وقال الإمام الهادي إلى الحق المبين يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم عليهم أزكى التحيات والتسليم في قصيدته المشهورة العينية من البحر الطويل:

نفى النوم من عيني هم مضاجع
إلى قوله عليه السلام:

فما العز إلا الصبر في حومة الوغا
ومن لم يزل يحمي ويَنْقِم ثاره
يقلب بطن الرأي فيه لظهره
ونحن بقايا المرهفات وسورها
يموت الفتى منا بكل مهند
فتلك منايانا وإنا لمعشر
أبونا أمير المؤمنين وجدنا
نهضت فلم أعجزوقلت مواعظا
بنيت لكم بيتا من المجد سمكه
بعثت كتاب الله بعد هلاكه
وحرمت ما قد حرمته نواطق
فطال بفعلي كل آل محمد
وشيعتهم عالون في كل حجة
وجوههم تزهو بنور فعالهم
لأنهمُ أحيوا كتابا وسنة
ومنها:
وخطب جليل فهو للنوم مانعُ



إذا برقت فيها السيوف اللوامعُ
ومن هو في الحالات يقظان هاجعُ
ويمضي إذا ما أمكنته المقاطع
إذا كان يوم ثاير النقع ساطعُ
وأسمر مسنون الشبا ([22]) وهو دارعُ
من الناس في الدنيا النجوم الطوالعُ
رسول الذي منه تتم الصنايع
ذخاير علم إن وعاهن سامع ([23])
دوين الثريا فخره متتابعُ
فليس بغير الحق يزمع زامعُ
من آي كتاب الله غر جوامع
وكل عزيز عندهم متواضعُ
وأمرهمُ في آل أحمد جامع
إذا فخروا طالوا على من ينازع
به شهدت عند الفخار الصوامع




ألم تعلموا أني أجود بمهجتي
ولست وبيت الله أذخر عن أخ
وإني لأحمي أن أبيت بغبطة
ومنها:
ومالي جميعا دونكم وأدافعُ
إذا نلت ما فيه الغنى والمنافعُ
بطينا وجاري مقتر وهو جائع ([24])




وإني قصدت الله في الأمر كله
ومن بايع الرحمن لم يبغ غيره
وقد عشت فيكم أعصرا بعدأعصر
فلو أن أرض الله طرا بأسرها
لجدت بها والله قولة صادق
إلى قوله:
وإني له عبد مطيع مبائع
وذو البخل بالأموال تالله جائعُ
بذولا لمالي إن حوى المال جامع
وأمثالها أمست حوتها الأساجع ([25])
لبعضكم صدري بذلك واسعُ





بني عمنا الدنيا تدور بأهلها
فلا تيأسوا منا لعل أمورنا
فللدهر حالات يقلب أهله
وليس أخو الأيام إلا مناظراً
فمن كان في شيء تنظر ضده
عليكم سلام الله ما ذر شارق


وأيامها عُوْج هديتم رواجعُ
سيتبعها دهر موات متابع
فيخفض متبوعا ويرفع تابع
عواقبها لا أعوج الرأي جازعُ
وللشيء أسباب إليه تسارعُ
وماسجعت فوق الغصون السواجعُ





ـــــــــــــــــــــــ

وقال عليه السلام مخاطباً لولاة الجور من أهل العراق - أي بني العباس-:

ألا أبلغ ولاة الجور عني
بأني إن سَلِمت لكم قليلا
تروني في كتايب مرغمات
من اليمن الذي فيه مقال
عليهم كل سابغة دلاص
على حُصُنٍ مسومة كرام
بأيديهم بواتر قاطعات
أكر على عتاتكم كميتا
تحف به قبائل أهل بأس
وحولي المؤمنون أولوا المعالي


مقالة صادق فيما يقولُ
وتنسيني منيتي العجول ([26])
لأنفكم إذا حضر الصقيلُ
من الرحمن جاء به الرسولُ
يرون الكفر منهم أن يزولوا
خلال القسطلين بهم تجولُ
لها من ضرب هامكم فلولُ
شديد الأسر همته الصهيل
يمانيون عزهم أصيلُ
وحولكم الأراذل والجهولُ




إلى قوله:

فينصر ديننا ذو العرش ربي
فلست إلى النبي إذا انتسبتم
إذا ما كان ذاك ولم أقمكم
وأعدل منكم عوجا وميلا
وأحكم بالكتاب كتاب ربي
وأقفو سنة المختار جدي
فيلقى الجور قد هتكت عراه
ويضحي الحق أبلجَ مستبينا
وعاد الناس في عدل جميعا
ومسكين وأيتام ضعاف
ويقضى عنهم غرم ودين
ويقسم فيئهم فيهم جميعا
ويصبح راغماً إبليس حقا


فتلقوا في الأسار لكم عويلُ
إلى أجدادكم حقا أقولُ
على الحق المبين ولا أميلُ
وعاد الحق دهرا ما يحولُ
فقد حارت عن الآي العقولُ
وما قد قاله البر الوصولُ
ويعقب عزه ذل يطولُ
وبعد السخط قد رضي الجليل
وأشبعت الأرامل والكهول
ويُكسى فيه عُريان ذليلُ
ويأمن ويحهم لهم السبيل
كثير المال منهم والقليلُ
ويرضى الله ليس له عديلُ




ـــــــــــــــــــ

وقال عليه السلام يصف وقعة جرت من وقعاته من البحر الوافر:

ألا لله عينا من رآنا
وقد سرنا إليهم في جيوش
بأيديهم بواتر قاطعات
فصبحناهم بالخيــل قباً
عليها كل أروع مضرحي
فاعذرنا ولم نعجـل عليهم
ومنها:
وأشباه الكلاب لدى القتالِ
مظفرة تزفُّ إلى القتالِ
يزاح بهن أقحاف الرجالِ
ترامى في الأعنة كالسعال([27])
تسربل سابغ الحلق المذال ([28])
وخيرناهم كل الخصال



ولست بمسرع في ذاك حتى
وقد كنتم زمانا في فســـاد
ومنها:

فقد أعطاني الرحمن نصراً
وجيش لا يرام إذا التقينا
فحزب الله منصور قوي
وأمر الله يقدم كل أمر
أنا ابن محمد وأبي علي
بحذوهم لعمركم احتذائي
أنا الموت الذي لابد منه
وغيث للولي إذا وليٌّ


إذا ماكفر كافركم بدا لي
وإدغال وخدع واغتيال



وإمداداً بإعزاز ومال
شديد البأس يزحف ذا احتفال
وحزب البغي يؤذن بالوبال
ولسنا أهل غدر وانتقال
وجدي خير منتعل وخالي
كما يحذو المثال على المثال
على من رام غدري واغتيالي
أتاني يبتغي مني نوالي




ومن قصيدة له عليه السلام من البحر الكامل:

بلغ سراة بني ربيعة كلها
والذائدين عدو آل محمد
والناصرين لربهم ونبيئهم
والقائمين بنصر آل محمد
ومنها:
وبني صريم نصرتي ورجالي
بالمشرفية والقنا العسّالِ
وإمامهم بتوازن وتوالِ
والحافظين لعهدهم بكمالِ



إني أتاني نصحكم وفعالكم
وتمامكم لوليكم وإمامكــم
إن الصنائع لاتضيع لأهلهـا
في نصرتي حظان قد عرفا معاً
حظ لدى الدنيا يعيش به الورى
ولدى القيامة في جوار محمد
ياحي وادعة الكرام تأهبـوا
وبكم أصول على العدو لأنكم
وكذاك كان جدودكم مع والدي
أعني أمير المؤمنين أخا النهى
غرّ العبيد بني طريف علتــي
وأنا الذي عرفوا وسوف أزورهم
وبكل قارعة كأن حسيسها
لست ابن أحمد ذي المكارم والعلى
وأحكم البيض البواتر فيهم
قد جربوا حزمي وصفحي عنهم
فتوازروا طراً علي بجدهم
لمامنعتهم الفواحش والردى
ودعوتهم إصلاح دين محمد
وحميتهم شرب الخمور وأكلهم
فعتوا ومالوا للضلالة والهوى
فهناك قلت وماعرفت بخاشع
إنْ يُقْبِلوا فبحظهم أخذوا وإن
وأبي رسول الله أسس دعوتي
وهدا فأورثني الهدى فحذوته
ونصبت نفسي في مقامي ناصحاً
هذا كتاب الله يشهد بيننــا
أأنا أحق بأمركم وبنهيكــم
إن النبي غداً يقوم بحجتـــي
مارغبتي فيما حوته أكفكم
وبه نعز كفى به عزاً لنــــا


بالناكثين أراذل الأوغال ([29])
بالبيعتين غداة كل نضالِ
عندي وسيفي واكف التهطالِ
حقاً ولست بكاسف الآمالِ
خضر الجنان كزاخر سَيَّال
في جنة نعمت وطيب ظلال
في الدين إن عليكم إدلالي
أنتم يميني في الوغى وشمالي
صنو الرسول الطاهر المفضال
والمفني الكفار باستئصال
مع محنة دامت عليَّ ليالِ
بالخيل عابسة وبالأبطال
نار تُضَرَّم ساطع الإشعال
إن لم أثر نقْعاً بصحن أزال
حتى أقيم تمايل الأنذال
وطريقتي وخلايقي وفعالي ([30])
كفعال عاد في الزمان الخالي
والفعل للشبان ([31]) باستحلال
وقيامهم بفرائض الأعمال
مال اليتيم بطغوة وضلالِ
والحق قد رفضوه باستبدالِ
لنوايب الحدثان في الأهوالِ
جمحوا فسوف أبيدهم بنكالِ
فبه أطول منيف كل طوالِ
حذو المثال مقابلا لمثالِ
لرعية لهجت بكل محال
فسلوه ينطق عند كل سؤال
ياقوم أم عُبْدان آل حوالِ
فضعوا الجواب له على استمهالِ
بل رغبتي في الخالق المتعالي
عز الإله معظم بجلالِ




ومما قاله الإمام الهادي إلى الحق عليه السلام هذه القصيدة من البسيط إلى الدّعام ابن إبراهيم الأرحبي يحثه على الجهاد في سبيل الله ويذكر سوابق همدان مع أمير المؤمنين وأخي سيد المرسلين صلوات الله تعالى وسلامه عليهم أجمعين:

إنهض فقد أمكنتنا فرصة اليمن
وسابقات وإكراماً ومكرمة
ويوم صفين والفرسان مُعلَمةٌ
والروع حام ويوم النهروان لكم
ونصرهم لأمير المؤمنين على
وقم فزد شرفاً يعلو على شرف
ففيك ذاك بحمدالله نعرفــه
واستغنم الأمر نهضاً يا دعام له
إلى آخرها، فأجابه الدعام بهذا الشعر:
وصل فضائل كانت أول الزمنِ
كانت مع الطاهر الهادي أبي الحسن
تخوض في غمرات الموت في الجشن([32])
والنقع مرتفع بالبيض والحُصُن ([33])
محض المودة والإحياء للسننِ
في حي همدان والأحياء من يمنِ
إذ أنت ليث الوغى في السلم والفتنِ
مادام روح حياة النفس في البدنِ



أتى كتاب إمام صادق لقِنِ
هذا أبوه رسول الله يتبعــه
أبو الحسين الزكي الهاشمي فما
وكيف ذاك وفي خم لطاعته
أنت المقدم يابن المصطفين فما
أقدم على الرشد والتوفيق معتمداً
وبالبنين وبالأموال قاطبة
تترى بنصرك يا ابن الطاهرين كما
معي فوارس من همدان ناصحة
أنا سنانك أُوهِي حد سَوْرة من
أقود خيلك أحمي عن مكارهها
شفى الصدور كتاب أنت كاتبه
ذكرتَ سالف أجدادي الذين سعوا
أنا خليفتهم في نسل قائدهم
مابعد قولك من قول فنتبعه
يا ابن الوصي أمير المؤمنين ويا
حبلي بحبلك موصول بلاكذب
إلى اتباعك فاحفظها منحَّلة
إنا نرى من تنحى عن ولايتكم
ومنها:
بالفرض يأمرنا منه وبالسننِ
خير البرايا إمام من بني الحسنِ
خذلانه بحلال ياذوي الفطنِ
فرض علينا به قد قام لم يهن
لنا سواكم برغم الكاشح الضغن
على الإله فعندي النصر بالبدن
وبالعشائر من همدان في سنن
تترى من الماء إسبال من المُزُن
لله صادقة في القول والدين ([34])
ناواك يا ابن رسول الله في اليمن
بذي كعوب وماض حده أرِنِ ([35])
هذا وأيقظنا من نومة الوسن
في نصر جدك في ماض من الزمن
يحيى الإمام بلا عجز ولاغُبنِ
يا ابن الحطيم وياابن الحِجر والركُن ([36])
نسل البتول ومن قد فاز بالمنن
والود مني لكم ينقاد بالرسن ([37])
من سامع لك لاينساك في الوطن
كجاحدٍ مالَ من جهل إلى وثنِ



واعزم على ما أراك الله من رشدِ
وتستبين فعالي في مسيركم


حتى تميز عن كشف من المحنِ
حقاً وليس مقالي فيك بالأفن ([38])




ــــــــــــــــــــ

ومما قاله الإمام الهادي إلى الحق عليه السلام في شأن القرامطة والملاحدة من البحر الكامل:

يا أمة الكفر الذين تحملوا
رفضوا الهدى والحق ثم تعلقوا
وعصوا بكفرهم الإله فأصبحوا
أعروا ظهور المسلمين بجورهم
قتلوا الأنام وأيتموا أطفالهم
وأتوا بكل عظيمة مجهولــة


بالصغر منهم طاعة الشيطانِ
وتمسكوا بالظلم والعدوانِ
متقلدين سرابل النيرانِ
واستأثروا بمنافع العقيان ([39])
وسبوا كرايمهم من النسوانِ
نقضاً لآل مُنَزّل([40]) القرآنِ




ومنها:


قتلوا الضعيف فغادروه ساقطاً
والمسلمون بشر حالٍ بينهم
ومنها:
كالشاة يفرسها بنو سرحان ([41])
من مسلمٍ عار ومن جيعان



ولقد دعوت الناس نحو إلههم
وقسمت أموال الرعية بينها
ورددت ظالمها فعاد مثلَّما


ونصحت في قولي بصدق لسان
ونعشتها من غشية الغرثان ([42])
ونويت ([43]) من مظلومها الحيران






ــــــــــــــــ

وقال عليه السلام من مجزوء الرَّمَل:

وَخَطَ الشيبُ لداتي
ومضى بعض شبابي
ليس يرضى بالتواني الـ
أرفع الراية يهوي
أذق السيف الأعادي
انصر الرحمن تنصر
إنَّ أعداء إلهي
من أتى للحق طوعاً
ليس يشقى حين يبـ
ومنها:
وأتى منه أتييُّ
ودنا منه العتي
واحد الفرد العليُّ
نحوها البر التقيُّ
طالما عز الغويُّ
نصره دان بهي
أمرهم أمر دني
فهو مرضي رضي
ـدو الحق إلاما ([44]) شقي



لم يلدني ذو المعالي
إن تلاقينا بقاع
وتعاطينا ضراباً
وتساقينا بكأس
إن أنا لم يبد مني
ومحامات وصبر
حيث لايطعن خلق
ليس يبري داء قلبي
دون أن يرضى إلاهي


الطاهر الطهر النبي
فيه للوقع دوي
عنه ينحاز الكمي
ماؤها حتف وحي
ضرب كف علوي
وطعان حسني
ومقامٌ فاطمي
إنه داء دوي
ذو الجلال الأزلي




ــــــــــــــــ



قال علي بن محمد بن عبيدالله العباسي العلوي الشهيد المقبور بخيوان رضي الله تعالى عنهم في قصيدة له إلى الإمام الهادي إلى الحق عليه السلام من الكامل:


دار لمية مابها آثار
قد غيرتها بعد ساكنها الصَّبَا
ومنها:
فالربع منها موحش مقفار
وتقادم الأزمان والأمطار




وخرايد مثل البدور نواعم
فيهن ريم طفلة رعبوبة
حوراء من حورالجنان خريدة
فرعا غراء كأن خدودها
وإذا بدت للناظرين رأيتها
وإذا بدت للناظرين رأيتها
تلك التي هام الفؤاد بذكرها
فدع التذكر للديار وأهلها
وارفض طلابك للأوانس والصبا
إني امرء لاأشتكي ألم الهوى
لما دعا يحيى الإمام إلى الهدى
لم أنثني لما دعا وأجبته
فهو الإمام أخو المكارم والتقى
أهل الخلافة والديانة والنهى
وهم اللباب لباب آل محمد
ولبابهم يحيى الإمام أخوالحجى
ومنها:
خرز العيون نواهد أبكار
صفراء تحكي لونها الدينار([45])
خمصانة بهنانة معطار([46])
ورد نضير ساطع ونهار
نوراً تكل لنوره الأبصار
بيضا تضئ لنورها الأقطار
دهراً ولم يك في هواها عار
إني أراك يهمك التذكار
إن الأوانس حبهن دمار
لكن هداني الواحد الجبار
والناس عن طلب الهدى حُيَّار
ونصرته ولمن عصاه النار([47])
تنميه آباء له أطهار
من آل أحمد سادة أخيار
خير الخلائق معشر أبرار
طابت لنا ببقائه الأمصار



أنصاره ولد القتيل بكربلاء
أوفوا ببيعته وحاموا دونه
نصر الحسين بكربلاء أبوهم
ومنها:
أبناء عباس لهم أخطار
بنفوسهم فهم له أنصار
وهم مع الهادي لهم آثار



قرم تبحبح في أرومة هاشم
وأنا عليٌ سيفه لعدوه
ومنها:
وطمى عليها موجه الزخار
وأبي علي([48]) الفاضل الكرار



وحسين والحسن المهذب والدي([49])
واسى الحسين بنفسه وبرهطه
ومنها:
وأخوهم العباس فهو خيار
يوم الفرات خبعثن ([50]) ضبار



هاتيك عادتنا وتلك فعالنا
ممن أقام الدين وهو عموده
يحيى الذي أحيا لأمته الهدى
رفضوا الكتاب وبدلوا أحكامه
بابن الحسين فأصبحت آياته
يامن تردى بالمكارم والعلى
ياخير من قاد الجياد ومن به
ياخير من أمسى بُعَيْدَ محمد
ياخير من غمر الأنام بفضله
أنت الرجاء لمن أتاك لحاجة
تعطيه مايغنى به وتريشه
وتنيل من عاداك سماً ناقعاً
ياخير من صلى وصام لربه
ظهر الفساد بأرضنا وبلادنا
ومنها في القرامطة:
مادام ليل يقتفيه نهار
جاءت بذاك عن النبي الأخبار
من بعد أن أودى به الكفار
والله أظهره لنا القهار
بيضا صافية لها أنوار
والمجد ثوب والسماح إزار
فخرت قريش كلها ونزار
وله إليه منصب وفخار
ياخير من ينتابه الزوار
أنت الغياث له وأنت الجار
حتى يحالف بيته الإيسار
وتحط من أودادك ([51]) الأوزار
من نسل آدم باحت الأسرار([52])
قامت بذاك قرامط أشرار



فانهض نصرت عليهم فأبدهم
قالوا إمامهم إله قادر


إن القرامط عاضدتها حار([53])
كذبوا عليهم لعنة وصغار





ــــــــــــــــــــ

ولما نزل الإمام الهادي إلى الحق سلام الله عليه ورضوانه وأباد المفسدين وطهر اليمن من القرامطة الملحدين، قال علي بن محمد العلوي المذكور رضوان الله عليه من الكامل:

ظهرت لعمرك دولة الإسلام
وتكشفت عنا العماية كلها
يا ابن النبي محمد ووصيه
ليث هزبر في الحروب غضنفر
طلاب أوتار لدين إلهه
ماضٍ على الهول العظيم مصمم
عن كل مكرمة وكل فضيلة
قد خصه رب العباد بعلمه
وبه أبان الدين بعد خموله
والأمر بالمعروف قام بشأنه
ودعا الأنام إلى الصلاح وكلهم
والفسق قالوا لاندعه بحيلة
فأباد كل معاند بمهند
وأقام حق الله بين عباده
خير البرية من سلالة أحمد
أنصاره ولد القتيل بكربلا
أبناء عباس علي جدهم
صنو الرسول المصطفى ووصيه
ولنا الولادة من علي ذي النهى


بالفاطمي إمام كل إمامِ
بإمام حق عادل الأحكامِ
كهف الضعيف وكافل الأيتامِ
جهم شديد البطش والإقدامِ
قتال كل منافق ظلامِ
ضخم الدسيعة ليس بالنوام ([54])
يسمو ويطلبها بكل حسام
واختاره من صالح الآنام
وبه يُكَشَّف حالك الإظلامِ
وأقام حقاً دعوة الإسلامِ
لايبتغي بدلا بشرب مدام
شابوا جميعاً دينهم بحرام
صافي الحديدة مُذْكَرٍ صمصامِ
ونفى جميع الفسق والآثام
ما إن له في العالمين مسام
أهل التقدم يوم كل صدام
سيف الإله وكاسر الأصنامِ
وأبو الحسين السيد القمقام
ولنا التقدم والرماح دوام






إلى قوله:

وأنا علي سيفه لعدوه
وأذل من ناواه إني واثق
الله فضلني بهجرة والدي
وبنصره لله حذو إمامه
يلقى العظائم والحتوف بنفسه
موسى وجعفر والغضنفر قاسم
إلى قوله:
أرمي بنفسي دونه وأحامي
بالله ذا الجبروت والإكرام
وبسيفه وقيامه وقيامي
وبصبره لنوائب الأيام
وبأشبل في الحرب غير لئام
أهل الفضائل رُجَّح الأحلام



فجزاه ربي ذو الجلال بفعله
وجنان خلد في جوار محمد
فالحمدلله العلي إلـهنا
الرافع البلوى وناصر دينه


رَوحاً وريحاناً وطيبَ مقام
مع طيبين مطهرين كرامِ
ذي الطول والآلاء والإنعامِ
من مشركين معاندين طغامِ




إلى آخرها وهي كبرى رائعة لم يسعد الوقت بنقل زيادة على هذا، ولاقوة إلا بالله وهي موجودة في السيرة كما سبق، والحمدلله وحده.

ــــــــــــــ
حكى في سيرة الإمام الهادي إلى الحق عليه السلام صفة الاتفاق بينه وبين أبي العتاهية المذحجي ملك اليمن في عصره رضي الله تعالى عنه حين كان منه التسليم للإمام الهادي إلى الحق عليه السلام والتخلي من الملك امتثالا لأمر الله تعالى وقد أكرمه الله تعالى بعد ذلك بالشهادة بين يدي إمام الحق الهادي لدين الله سلام الله عليهم ورضوانه فهو من الذين آثروا الملك الكبير الباقي على الملك الحقير الفاني وكأن عدي بن زيد ينظر إليه حيث قال:

وتأمل رب الخورنق إذ اشـ
إلى قوله:

فارعوى قلبه وقال وما لــذَّ


ـرف يوماً وللهدى تفكير



ـة عيش إلى النفاد يصيــــر




نعم، قال في السيرة مالفظه:

وكان أصحاب الهادي عليه السلام شبيهاً من مائة وخمسين فارساً؛ وشبيهاً من ستمائة راجل؛ فأتى يزيد بن علي الشاكري ورجل خثعمي يقال له أبو رفاعة؛ فقالا: يا ابن رسول الله إنا نراك قد عزمت على حرب هذا الرجل، وليس معك عسكر، وقد يذكر أن مع هذا الرجل عسكراً عظيماً.

فقال لهم: أبشروا فإنه سيلقاني، فإن سلم إلي هذا الأمر وإلا ضربت عنقه، وأنتم داخلون صنعاء غداً إن شاء الله تعالى ومصلون فيها الجمعة بحول الله وقوّته، ثم أمر الطبريين أن يكونوا بين يدي العسكر، وكان مع علي بن محمد في ذلك اليوم اللواء فقال: بينما الناس في تعابيهم إذ أشرف عسكر أبي العتاهية في ذلك اليوم أربعمائة فارس وعشرة آلاف راجل، فلما نظر أبو العتاهية إلى عسكر الهادي عليه السلام عبّى عسكره ميمنة وميسرة وقلباً، ثم أرسل إلى الهادي رسولاً أن يلقاه في عشرة فرسان، فخرج الهادي ومعه ثلاثون فارساً، وأمر عسكره أن يلزموا مواضعهم على تعابيهم، فلما نظر أبو العتاهية إلى الهادي قد فصل عن عسكره خرج ومعه نفر من أصحابه ناحية حتى صار بين العسكرين، ثم أمرَ أبوالعتاهية أصحابه الذين كانوا معه بالوقوف، فبرز الهادي من أصحابه ناحية، فلما نظر إليه أبو العتاهية ركض نحوه وسار الهادي في لقائه، فلما قَرُب أبو العتاهية من الهادي عليه السلام رمى برمحه وكشف رأسه ونزل عن فرسه، فلما نظر الهادي إليه نزل عن فرسه، وأقبل أبوالعتاهية يحضر إلى الهادي حتى قبَّل رأسه ويديه، وجثى بين يديه، وجلس أبوالعتاهية والهادي عليه السلام معه يَعِظه ويدعوه إلى طاعة ربه، فسارع أبوالعتاهية، وقال: استحلفني يا أمير المؤمنين، فاستحلفه الهادي وأخذ بيعته على القيام معه بالحق وعلى الحق، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

إلى أن قال: ثم دعا أبوالعتاهية أصحابه فبايعوا الهادي عليه السلام، ثم ركب أبوالعتاهية فرسه وجعل يأتي بجماعة بعد جماعة، فيستحلفهم الهادي عليه السلام على السمع والطاعة، ثم حلف أكثر العسكر، ثم تقارب العسكران واختلطا، وسلَّم بعضهم على بعض، فساروا جميعاً غير بعيد، وقرب وقت صلاة العصر؛ فنزل الهادي فتطهّر على غَيْل حدقان وأبوالقاسم.

قلت: يعني المرتضى عليه السلام.

قال: وأبو العتاهية، وصلّوا، وقرب وقت المغرب، فالتفت أبو العتاهية فقال:

امض جُعلت فداك على بركة الله إلى صنعاء.

فقال الهادي: أو نبيت هاهنا؟

فقال: اعمل برأيك غير أني لا أحب مبيتك هاهنا لما أحاذر من بني عمي على صنعاء.

إلى قوله: فدخل صنعاء ليلة الجمعة لسبع ليال بقين من المحرم سنة 288 هـ ومعه أبو العتاهية بين يديه إلى آخر ماشرح.

وخلاصة ذلك أن عبدالله بن الجراح والجفاتم أقبلوا من السرِّ يركضون خيلهم إلى صنعاء، وكذلك آل طريف، واجتمعوا عشرة آلاف رجل وستمائة فارس، وقد دبَّروا أن يهجموا على الإمام الهادي وأصحابه وقت صلاة الجمعة، فلما خرج الهادي ورقى المنبر فخطب الناس خطبة بليغة أقبلوا، فوضعوا أيديهم في أثقال أصحاب الإمام الهادي، فأتاه بعضهم وهو على المنبر وأعلمه بما حدث في عسكره، فلم يلتفت إلى ذلك، ومضى في خطبته، ثم نزل فصلَّى بالناس، فخرج أبو العتاهية من المسجد يركض فرسه؛ فقال لهم:

يامعشر العسكر تعلمون صنائعي إليكم، وأنا أميركم الذي تعرفون، أعطيكم أكثر مما كنت أعطيكم، وأزيدكم.

وجعل يرفق بهم فلم يقبلوا منه ماقال، فقالوا بأجمعهم: لا ، نريد العلوي، فناشدهم بالله وعرّفهم فضله، فخرج الإمام الهادي عليه السلام من المسجد وعَبَّى من كان معه، ثم سار إلى منزله وجلس مُشْرفاً على آل طريف والجفاتم، وأبو العتاهية معهم يكلّمهم ويرفق بهم، ولايزيدهم ذلك إلا طغياناً وكفرا، فأمر الهادي عليه السلام أصحابه فاصطفّوا قدّام داره، وهو في مجلسه مشرفٌ عليهم، فأتاه أبوالعتاهية، فقال له:

يا ابن رسول الله لاتعجل عليَّ.

فقال له: انفذ إليهم فاصرفهم عن موضعهم؛ فوالله محمود لئن برزت إليهم لأنظمنهم في رمحي كما ينظم الجراد في العود.

فرجع أبو العتاهية إليهم فناشدهم بالله فلم يقبلوا منه، وحملوا عليه يرمونه بالنبل والحجارة، فطردوا أبا العتاهية، ووقع القتال بالقرب من دار الهادي عليه السلام.

وأتى أبو العتاهية إلى الهادي عليه السلام فقال له: اركب جُعلت فداك فإن القوم قد غشوك.

فركب الهادي فرسه، وأمر ابنه أبا القاسم فركب، وأمر أصحابه بالركوب فركبوا، وخرج الهادي من داره، فلما عاينه القوم - وكانوا هزموا أصحابه حتى أدخلوهم الدار - رجعوا إلى مواضعهم، وحمل عليهم وحْده، ومضى الهادي عليه السلام وطعن أول من لقي من القوم فقتله، ثم طعن آخر، ثم طعن آخر،حتى طرح منهم ثلاثة من خيارهم، ثم لحق الخيل فطعن فارساً فطرحه، وكان طعنه لهؤلاء القوم في حملته التي حمل عليهم، وصدق قوله فنظمهم في رمحه كما وعدهم، فانهزم القوم حتى خرجوا من صنعاء، وخرج الهادي في آثارهم يطردهم وقتل الهادي عليه السلام عسكراً منهم في الجبَّانة، ثم لحقه أبو العتاهية فسأله الرجوع إلى منزله، فرجع إلى منزله ونزع سلاحه وأمر أصحابه بلزوم بابه، فأرسلوا إلى أبي العتاهية يسألونه الأمان فكلَّم لهم الهادي.

فقال له: افعل ماشئت.

فأرسل أبو العتاهية أنْ سيروا إلى منازلكم، فدخلوا صنعاء، فلما كان من الغد أمر الهادي منادياً ينادي بالعطاء للعسكر، وهدأ البلد واطمأنّوا ووضعت الفتنة، وسلم أبوالعتاهية جميع ماكان بيده من مال وإبل وخيل وسلاح وأثاث، وصيَّر أبا العتاهية على بعض أمره.

فقال له: لا أريد يا أمير المؤمنين ذلك، وأريد أن أكون خادماً بين يديك، ولبس الصوف وأظهر الزهد.

وسمعت أبا القاسم محمد بن يحيى يقول: دخل علينا أبو العتاهية في بعض الأيام فنظرت إلى وجهه متغيراً، فقلت: لم تَعْمل بنفسك هذا وأنت تحتاج إلى نفسك؟ كُلْ من الطعام.

فقال: لا والله يا ابن رسول الله حتى يذهب هذا اللحم الذي قد حملته من الحرام ثم آكل.

ــــــــــــــــــــــــــ

ومما قاله الإمام الهادي إلى الحق عليه السلام من الكامل:

الخيل تشهد لي وكل مثقَّف
حقاً ويشهد ذو الفقار بأنني
نهلاً وعلاً في المواقف كلها
حتى تذكر ذو الفقار مواقفاً
جدي علي ذي الفضائل والنهى
صنو الرسول وخير من وطيء الثرى


بالصبر والإبلاء والإقدامِ
أرويت حديه نجيع طغامِ
طلباً بثأر الدين والإسلامِ
من ذي المعالي السيد القمقام ([55])
سيف الإله وكاسر الأصنامِ
بعد النبي إمام كل إمامِ




ــــــــــــــــــــــــ








ومن كتاب النجاة للإمام الناصر لدين اللّه أحمد بن الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين عليهم السلام قوله عليه السلام:

وقد قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم: إن من الشعر لحكمة.

ثم أورد هذه القصيدة الرائعة في الرد على المجبرة في صفح 223 إلى 225 طبعة دار النشر 1405 هـ الموافق 1985م:

المجبرون يجادلون بباطل
الواصفون إلههم بتعنت
كلٌ مقالته الإله يضلني
إن كان ذا فتعوذوا من ربكم
إن كان ذاك كذا إرادة ربنا
إن كان ذلك فالمعاصي طاعة
إن المهيمنَ لايضل عباده
إلزامه لهُمُ الضلالَ بفعلهم
بعد اختيارهم الضلالَ على الهدى
قالوا الذنوب مشيئة من ربنا
قالوا الرضى غير المشيئة فاعتدوا
إن المشيئةَ والإرادةَ والرضى
والاستطاعة فيكمُ مخلوقة
لولا استطاعتكم لطاعة ربكم
اللّه ملّكنا ليوجب حجة
جعل استطاعتنا علينا حجة
ولذاك ليس على المصاب بعقله
والناس تَحْدث منهمُ أفعالهم
زعموا بأن اللّه كلف عبده
إن المكلِّف عندنا لعبيــده
أيريد معصية ويفرض طاعة
أأراد أن يُعصى وعذب من عصى
أأراد سيرة من أطاع ومن عصى
إن كان ربكمُ أراد ضلالكم
أيقول ربكمُ لقومٍ آمنــوا
ماكان ربكمُ ليصرف عبده
ليس الحكيم بمن يقول لعبده
والله لم يردِ الفواحش إنما


وبغير مايجدون في الفرقانِ
لعباده كذبوا على المنانِ
ويريد لي ماكان عنه نهاني
ودعوا تعوذكم من الشيطان
فلمن أعد جواحم النيران
والبر مثل عبادة الأوثان
حتى يضلوا ياذوي الطغيان
إضلالُه لهمُ بكل أوان
لاقبل بينة لنا ببيانِ
قلتُ المشيئة والرضى سيانِ
والله يجزيهم على العدوان
معنى وماهي فاعلموا بمعاني
خُلِقَت مع الأرواح والأبدان
ماقال ربكمُ اطلبوا رضواني
تخزيك كل يد وكل لسان
والاستطاعة حجة الرحمن
في الدين من حرج ولا الولدان
والاستطاعة حيلة الإنسان
أشياء ليس له بهن يدان
مالايطاق لجائر السلطان
إن كان ذاك فأمره أمران
تلك المقالة أعظم البهتانِ
فهما إذاً في الأمر مستويانِ
فالمجبرون إذا ذووا إحسانِ
ويرد ألسنهم عن الإيمان
من وجه طاعته إلى العصيان
والعبد يفعل مايشاء عصاني
بالعدل يأمرنا وبالإحسان




ــــــــــــــــــ






الحمدلله وحده وصلوات الله وسلامه على رسوله وآله

وهذا مما نقلته في المتحف البريطاني بلندن من ديوان الإمام الحجة المنصور بالله عبدالله بن حمزة عليهما السلام - وديوانه هنالك بتمامه - هذه القصيدة الفريدة إلى الأميرين الداعيين إلى الله شيبتي الحمد شمس الدين يحيى بن أحمد وبدر الدين محمد بن أحمد بن يحيى بن يحيى بن الناصر بن الحسن بن عبدالله بن الإمام المنتصر بالله محمد بن الإمام القاسم المختار بن الإمام الناصر أحمد بن الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن الرضا بن الحسن السبط بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السلام، وكان الإمام المنصور بالله يحاول قيام الأمير شمس الدين بالإمامة، ولكنه أبى إلا البيعة للإمام عليهما السلام، وقد أشار إلى ذلك في هذه القصيدة.

وإلى شمس الدين ينتهي نسب آل المؤيد بصعدة وضحيان وهجرة فلله وقطابر ورغافة وسائر النواحي، وهم غير بيت المؤيد بشهارة وصنعاء والمدان والجراف وتلك النواحي، فهم من أبناء الإمام القاسم بن محمد بن علي عليهم السلام، ويقال لأولاد الأمير شمس الدين آل المؤيد كما ذكرنا وبنو المؤيد، ويقال للذين من بيت الإمام القاسم بيت المؤيد كما أشرنا، ومن أبناء الأمير بدر الدين الإمام المنصور بالله الحسن والأمير الخطير الحسين مؤلف الشفا وغيره والأمير تاج الدين أحمد والد الإمام إبراهيم والأمير الشهيد مجد الدين والأمير المختار عليهم السلام.

وقد أوضحت أنساب الجميع وبطونهم في التحف شرح الزلف نفع الله تعالى بها، والعمل الآن كائن في طبعها حقق الله تعالى الأمل، وأصلح القول والعمل، بفضله وكرمه.

وقد قدّمتها وإن كان الترتيب لايقتضي ذلك لابتدائها بالدعاء إلى الله تعالى والتوصية بمراقبته وجلالة موقعها.

قال الإمام عليه السلام:

إن النجاة لزوم خوف الباري
إلى قوله:
وهو المزحزح عن عذاب النارِ



بلغ إلى شمس الهدى وشقيقه
عني رسالة من يروم ببأسهم
المانعين الجار عند نزوله
والضاربين الكبش يبرق بيضه
الجائدين إذا السماء بخيلة
الرافضي الدنيا الدنية حسبة
شيخين من آل الرسول تسابقا
مدحتهمُ آي الكتاب فكم عسى
هم قادة للمسلمين وسادة
وبهم حياة الدين بعد مماته
أو ليس يحيى قام قومة جده
ودعا لمنصورٍ تطاول سؤْلُه
ديناً لعمرك خالصاً ودرايةً
وأخوه بدر الدين قاد إلى الهدى
فشفى صدور المؤمنين ولم يدع
وبنوهما السادات أنوار الهدى
ولكم من الله الكريم جلالة


بدر الهدى وبنيهما الأطهارِ
نعش الهدى وإبادة الفجارِ([56])
والرافعين بنارهم للساري
في عارض كالعارض المطّارِ
بالقطر والوافين للغدارِ
والقاطعين تسلط الجبارِ
وبنوهما سلكوا على الآثارِ
يعطيهم المداح بالأشعارِ
في دارنا هذي وتلك الدار
وهم ولاة النقض والإمرار([57])
يحيى فشال الدين بعد عثار([58])
في أن يكون له من الأنصار([59])
بمواقع الإيراد والإصدار
جيشاً كمثل الزاخر التيّار
للظالمين بدارهم من دار
شم الأنوف سلالة الأخيار
في قلب كل منافق ومماري




ومنها:

إيهاً بني الهادي فأنتم من بني الز
لولا أبوكم زار عني روحه
أحيا معالم دين أحمد جاهداً


هراء كالأسماع والأبصارِ
أزكى صلاة الواحد القهار
وكساه برديه لأصبح عاري([60])






ومنها:

إن تلْقهم بالسلم تلق زواخراً
كالماء ليناً للضعيف ورقة
شغفوا بكسب المكرمات وبالعلا
إن تلقهمْ لم تلق إلا كاتباً
أو مرشداً في العلم أو مسترشداً
أو كاشفاً خطباً عظيماً باهظاً
أنتم يمين الحق فاحموا سرحه


أوفي الوغا تلق القضاء الجاري
ولضدهم أقسى من الأحجار
شغَفَ الفرزدق قادماً بنَوار
أو خاطباً أو قارئاً أو قاري([61])
أو قائداً للجحفل الجرار
ثقلا لحيي يعرب ونزار([62])
من كل أطلس خاترٍ مغوار




وهي طويلة نقلت منها هذا القدر.

ــــــــــــــــــ

ومن قصيدته عليه السلام إلى الشريف قتادة بن إدريس الحسني - وقد ذكرت قطعة منها في التحف شرح الزلف وأذكر هنا بعض مالم يكن هناك لتتم الفائدة -

منها: قوله عليه السلام:

نصاب لو أضاء نصاب قوم



ومنها

فنحن الطالبون بثأر دين الـ
وكم يومٍ ضربنا الخيل فيه
أصد عن الصدود إذا التقينا
وأقصد حومة الموت اعتمادا
أشد على الكتيبة لا أبالي
وليس لنا على البلوى معين
ومن يوم القيام نظرت منكم
وليس الموت يُدفع بالتوقّي
وثأركم ببغداد جهاراً
هم قتلو جدودكم وجدي
زمان سويقة سقيت رباها
وأيام الحسين ببطن فخ
بني حسن أعيروني نهارا
حلفت لأبعثن العام حرباً
فلست بمستكينٍ للأعادي
وإلا فاسألوا صنعاء عني
ألم أكُ فارس الخيلين جمعاً


أضاء فغض من ضوء النهار





إله وأهل ألوية الفخارِ
إلى حوض الردى ضرب القمارِ
وكم يوم فررت من الفرارِ
كأني قاصد أهلي وداري
وقعت على اليمين أو اليسارِ
سوى نفر قليل كالدراري
موازرة وقد طال انتظاري
وليس الربح إلا بالخسار
أُعيِّركمْ به والثأر ثأري
وهم هدموا دياركمُ وداري
على شط النوى صوب القطار
فقاتله شبيه بالقُدار([63])
من الأنهار كم حد النهار
عَوانا كالحريق من العصار
ولا أنا بالمداهن والمداري
ويوم الباب في كنفَيْ ذمار
وهل شقت فوارسها غباري




إلى قوله:

ولست بفاخرٍ سفهاً وكبراً
وهل رجل يقول أبي علي


ولكن طاعة الباري افتخاري
يقهقر عن مناطحة الشفار




ــــــــــــــــــــ

ومن قصيدة له عليه السلام:

رويدكما لاتعجلا بملام
فيا راكباً أما عزمت فبلغن
وأبناء قحطان وعدنان عن يد
وقل لهمُ ماعذركم عند ربكم
وقلت لهم يارب لم ينصروالهدى
ألا رب مفتون بعاجل عيشةٍ
وكم باسطٍ للعهد كفاً كأنه
ومنها وهو قبل هذه:
فليس مقام الليث مثلَ مقامي
بني هاشم قومي الهداة نظامي
وكل كريم الوالدين محامي
إذا قادكم باريكم([64]) لخصامي
وقد ذدت عن راياتهم بحسامي
عمٍ عن طريق الحق أو متعام
لغفلته قد مدها لسلام



وفي كل يوم همة علوية
ولي نفس حر الوالدين مهذب


تزيل بإذن الله ركن شمام
ونفس عصام قد سمت بعصام




هذا إشارة إلى قولهم عصامي لمن اكتسب الكمال بنفسه ولم يكن عن آبائه قال عصام المشار إليه:

نفس عصام سودت عصاما



وعلّمتــــه الكـــر والإقدامـــا




ويقال للذي لافخر له إلا بآبائه عظامي، والإمام عليه السلام أفاد في هذا أنه جمع الحظين شرف الآباء واكتساب المكارم بالنفس وذلك هو الواقع، وقد قال في مثل ذلك أحد شعراء بني هاشم:

لسنا وإن آباؤنا كرموا
نبني الذي كانت أوائلنا


يوماً على الأحساب نتكل
تبني ونعمل كالذي عملوا




ـــــــــــــــــــ

ومن جوابه عليه السلام على ابن المعتز العباسي حين قال مخاطباً للعلويين:

بني عمنا أرجعوا ودنا
لكم مفخر ولنا مفخر
ورثنا وأنتم نبي الهدى
فأنتم بنو بنته دوننا


وسيروا على السنن الأقوم
ومن يُؤْثر الحق لم يندمِ
وذا المجد والشرف الأعظمِ
ونحن بنو عمه المسلمِ




إلى آخرها، وهذه الأبيات قد ذكرها الإمام عليه السلام في الشافي:

بني عمنا إن يوم الغدير
أبينا علي وصي الرسول
لكم حرمة بانتساب إليــه
لئن كان يجمعنا هاشم
وإن كنتمو كنجوم السماء
فنحن بنو بنته دونكم
حماه أبونا أبو طالب
وقد كان يكتم إيمانه
فأي الفضائل لم يحوها
قفونا محمدَ في فعله
هدى لكم الملك هدى العروس
يشهد للفارس المُعْلمِ
ومن خصه باللوا الأعظمِ
وها نحن من لحمه والدمِ
فأين السنام من المنْسمِ
فنحن الأهلة للأنجم
ونحن بنو عمه المسلم
وأسلم والناس لم تسلم
فأما الولاء فلم يكتم ([65])
ببذل النوال وضرب الكمي
وأنتم قفوتم أبا مجرم([66])
فكافأتموه بسفك الــــدم




المراد به أبو مسلم الخراساني مؤسس الدولة العباسية، وقد كانت دعوتهم إلى القيام بثأر أهل البيت عليهم السلام كما قال ابن المعتز:

ونحن نهضنا رافعين شعارنا بثارات زيد الخير عند التجارب

وقد كان بنو هاشم جميعاً بايعوا الإمام محمد بن عبدالله النفس الزكية عليهم السلام ومنهم أبو جعفر المنصور، ثم غدره هو وأبومسلم، فسلّطه الله عليه فقتله أبوجعفر غدراً {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا}[الأنعام:129] وقد منع محمداً لضرورة الشعر كقول العباس ابن مرداس:

فما كان حصن ولاحابـس
قال الإمام:
يفوقان مرداسَ في مجمع




ورثنا الكتاب وأحكامه
فإن تفزعوا نحو أوتاركم
أشرب الخمور وفعل الفجور
قتلتم هداة الورى الطاهرين
فخرتم بملك لكم زائلٍ
ولابد للملك من رجعة
إلى النفر الشم أهل الكساء
يغشّون بالنور أقطارها
وله من أخرى:
على مفصح الناس والأعجم
فزعنا إلى آية المحكم
من شيم النفر الأكرم
كفعل يزيد الشقيِّ العمي
يقصّر عن ملكنا الأدوم
إلى مسلك المنهج الأقوم
ومن طلب الحق لم يَظْلم
وتنسل عن ثوبها الأسحم([67])




وليس لنا من عاصم غير ديننا
أهمدان ما صفين غاب حديثها
وفيكم مقال للوصي فجددوا
فنحن الصميم من ذؤابة هاشم
بنيت لعدنان وقحطان عن يد
ولم ندعكم للنصرخوفاًمن العدا
ومن قصيدة له:
ولاوزر غير السيوف الصوارم
عليكم ولا أيام ديْر الجماجم
فعالاً فلم يغن الحديث بقادم
وأنتم لنا عون
تم الغاء عرض الصورة التي استخدمتها في التوقيع كون المستضيف لها يحتوي على برمجيات ضارة، يرجى رفعها على موقع آمن .. رابط صورتك القديمة::
http://www.nabulsi.com/text/02akida/4ot ... age023.gif

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الأدب“