|][|:: مسابقة القصة القصيرة :: |][|

مجلس للمشاركات الأدبية بمختلف أقسامها...
الثائر
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 111
اشترك في: الثلاثاء مايو 09, 2006 8:25 pm
مكان: اليمن

Re: |][|:: مسابقة القصة القصيرة :: |][|

مشاركة بواسطة الثائر »

(إرتقاء.......وألم)






دورة الزمان كانت تمرُّ بالأيام والسنوات بسرعة مذهلة ...(وزيدٌ) ؛لم بفتأ يَدرس ، ويذاكر ‘ ويطالع ؛ بعزيمة الشاب ؛ المرتبط بالله ، والواثق من قدراته الذاتية ..وسواءٌ الدراسة الجامعية ، والدراسة العلمية المسجدية ؛ فقد أكمل دراسته الجامعية بامتياز ، وتأهل في دراسته العلمية ؛ ليتصعد دست التدريس ، ويصبح خطيباً في إحدى المساجد ....
فقد صار (زيد) صاحب فكرٍ واعي ..ونظرةٍ واسعة ؛ أكسبته المعرفة التامة بهذه الأمة ..وبما يحدث فيها ؛ من تيهٍ ،وضياع ، وتمزق وشتات ، وظلالٍ وتباعدٍ مخيف عن هداية ربها ..وصراطه المستقيم ؛ حتى جعلت القرآن وراءها ظهريّا ؛ لتحتكم إلى الجبت والطاغوت ..من دون الله!!!
وبدأ يتطلع لى الافق البعيد ؛ إلى اليوم الذي سينهض فيه الإسلام على قدميه ؛ ليستعيد خطاه الواثقة من جديد ؛ فيمسح عن المسلمين غبار الذلة والمسكنة ..ويعيد لهم مجدهم المسروق ...!!!
حتىبدأت الآهات تتصعد من قلبه المجروح ؛ وهو يتذكر تفرق المسلمين ، وتشتتهم ،..
فقد تقهقر فكره إلى الوراء ليتذكر أصعب مشهدٍ مرَّ عليه في حياته ؛ مشهد ذلك الخطيب الذي بدا في مسجدهم المجاور بهيأة شيخٍ ؛يحمل لحيةً كثة ؛ قد تدلت بأطرافها إلى صدره ..ممتزجةً ببعض حمرةٍ ، ويرتدي قميصاً ؛ لم يتجاوز نصف الساق ‘ بالإضافة إلى تلك الصماطة الحمراء التي يضعها فوق رأسه ‘..أما وجهه فلم يتبينه ؛ لإن لحيته الكثة كانت قد أخفت ملامح وجهه..!!! وهو يحث بخطاه المتأرجح بجسمه السمين ؛ إلى داخل المسجد ..ليستدرك خطيب المسجد ؛ رافعاً صوته :
-أين خطيب هذا المسجد ؟!!
-أنا ...أنا ...خطيب المسجد !!!
-أنا مرسلٌ من الجهات الخاصة ..!!! وسأكون من اليوم خطيباً لهذا المسجد !!!!!!!
-!!!!!!!!!!!!!!
وما إن أكمل المؤذن : لا إله إلا الله ..
حتى قام ؛ وبدء خطبته بهدوء تام ؛ خافتاً صوته ؛ حتى لا يكاد يُسمع بعض ما يقول من شدة الخفوت ..لكن صوته بدء يرتفع حيناً فحيناً ؛ متحدثاً عن الإسلام ..حتى تطرق إلى مذاهبها ..لكنه تعداها بكل سهولة ..
ليستقر عند المذهب الزيدي ؛ الذي بدء يتحدث عنه بتشنجٍ شديد ؛ حتى اختُطف وجهه بالحمرة ، وكادت عيناه أن تنتقل من مكانهما ..
يكيل الزيدية كيلاً ..ويتهمها زوراً ؛ فتارةً يصمها بالرفض ...وتارةً بالتمرد ...وتارةً بالزندقة !!!
وما من لفظة تتناهى في القبح إلا أضافها إلى الزيدية ..وما من فعل يتناهى في الشناعة ..إلا أظافها إلى رموزه ..وعلماءه
..وهكذا ..هكذا ..حتى انتهى من الخطبة ..وهو لا يدري ..ماذا يريد ..لكنه أدرك أنه استطاع أن يوصل رسالته للمصلبن !!!!!!!!

وهكذا ظلت هذه الخواطر المؤلمة تراود فكره التائه .. حتى فا جئه صوت التلفون ؛ فالتفت إليه بوجهٍ قداختطفته كل معاني الإستفهام ..ومزقته كل معاني التعجب ..هامساً في نفسه :
-من يتصل في هذا الوقت المتأخر من الليل !!!!!!
فوثب إلى سماعة التلفون ..فما إن رفعها ؛ حتى ابتدره المتصل :
-زيد.....زيد!!!
-نعم..نعم ... أنا زيد !!!
-لقد اختفى اثنان من المدرسين!!!
- أين ..ومتى ..!!!
-ربما أن الأمن قد أخذوهم إلى السجن ..!!!
-متى كان ذلك ..متى ..متى!!!
كان المتصل قد أغلق السماعة ...
وهنا بدء القلق يتسرب إلى كيانه بشدة ...وبدأت الهواجس الحادة تتسرب إلى فكره المتعب ....لكنه أخذ ينقل مكانه من الغرفة إلى الحجرة ؛ علَّ هذا القلق أن يهدأ ..والأفكار أن تسكن ؛ فيجد تفسيراً مناسباً لما يجرى ...
لكن اباه ؛ -الذي تعود ان يستيقظ في ذلك الوقت المتأخر من الليل –كان قد ادرك (زيداً) وهو يدور بخطواته يميناً وشمالاً ؛ واضعاً كفيه خلف ظهره ...كأنما يفكر في شيئٍ قد امتنع عليه ..فشعر (الأب) بقلقٍ بدأ يتسرب إلى كيانه من حال (زيد) ..فاقترب إليه ببطءٍ ..حتى همس بهدوءٍ :
-زيد ...زيد !!
التفت (زيد) بشدة :
-نعم ..نعم ..أبي ..!!
-مالي أراك على هذه الحالة ..وفي هذا الوقت المتأخر من الليل ..!!!
-لا شيء ..لا شيء ..ياابي ..إطمئن !!
- وكيف أطمئن ..وأنا أرى ما أرى ...فأرجوك ؛أخبرني إن كان قد حصل شيئٌ..
فأجاب (زيد) ؛وقد لاحت عليه كل معاني الأسف :
لقد اتصل بي أحد أصدقائي ...وأخبرني أن الأمن قد أخذوا اثنين من المدرسين ..واقتادوهم إلى السجن !!!
تبسم (الأب) على غير عادته ...وأخذ يطمئن (زيداً ) بنيرته الواثقة:
-(زيد) ..لقد اعتدنا على هذا المشهد المتكرر ..والمدروس ...فما إن تنشب الحرب بين الطائفتين ؛ حتى تتجند الأجندة ؛المختلفة أهوائها ..المترامية أطرافها ؛لتحارب المذهب الزيدي..وأتباعه ؛ مستغلين مثل هذه الأجواء –التي تهيئ له الأجواء الملائمة- ليشنوا الحرب على هذا المذهب العظيم ؛ بمختلف الأسلحة المتاحة لهم ؛
فتارةً بالدعاية أنه يحمل غطاءً جعفرياً بإسم الزيديه ليحقق مشروعاً إيرانياً ، وتارةً بأنه يريد أن يردَّ عقارب الساعة إلى الوراء ليسترجع الامامة البائدة ..وتارةً يصورونه بأنه مذهب مهمش :فقهه حنفي ، وأصوله معتزلي ..وتارةً باستنقاص أئمته وأعلامه ..كا الإمام الهادي ..والإمام عبد الله بن حمزة ..وتتبع ثغراتهم ..حتى وصل الأمر إلى سبهم ..ونبش قبورهم ..بل وصل الامر أن يستنقصوا من الإمام علي(ع) ويجعلون ذكره ذنباً لا يغتفر ...!!!!!!!!!!
ومن الطبيعي بعد هذا كله أن من يلتحق بالمدرسة الزيدية ..أن يشنوا عليه الدعايات الكاذبة ؛ حتى يأخذوه ..ويقتادوه إلى السجن ..ولو بتهمة باردة !!!!!
ولعمري إن أمير المؤمنين قد أشار إلى هذا بقوله ( إن أمرنا هذا لصعبٌ مستصعب ..لا يناله إلا من امتحن الله قلبه للإيمان )!!!!..
ولهذا من دخل في هذه المدرسة ؛فلا بد وأن يجتاز اختبار القبول ؛ حتى يقبله الله عنده ، ويحشره الله في نظم الإئمة الهداة ..!!!!

بني ..أرى أن تدع هذا القلق ، وتستغل ما تبقى من الليل ؛في الصلاة والمناجاة لمولاك ..!!
فهيَّا ...يابني ...هيّأ ...
انهالت هذه الكلمات الربانية على قلب (زيد) ؛وكأنها برد اليقين ، وزلالة الماء المعين ؛ فقد غسلت قلبه من كل همٍّ وكدر ..وجعلته يصفو، ويستعيد ثقته المطلقة بوعد الله الصادق ؛ لمن يستجيب لله ورسوله ..ويمشي بخطاه من أجل الله ..وعلى صراطه المستقيم ...
فقال ؛ وكيانه يكاد يتعثر حياءً من هذا الكهل الرباني :
-سمعاً وطاعةً ...ياأبي !!!!

فلم يبرح(زيد) ان توظأ ..وأخذ سجادته ؛ وبات بين يدي ربه ساجداً وراكعاً ..يناجي ربه –المطلع على أحواله-بصوتٍ تكاد لشجوه أن تتقطع له القلوب ..وتذرف له الآماق !!!!!

والأب المؤمن يراقب (ابنه) من طرفٍ خفيٍ ؛بصمتٍ يحمل في طياته وقار الكهول العارفين .....يسترجع في مخيلته ذلك المسلسل القديم :من وقوفه امام النافذة ، إلى الحوار الذي دار بينهما في طريقهما إلى المسجد ، إلى تلك الطلعة المؤمنةالتي استقبلت (زيداً) فكانت له عوناً لإن يصل إلى درجة العلماء العارفين ...وهكذا حتى أخذته نهدةٌ ؛ يكاد أن يُسمع لها نحيب ؛ لولا أنه استدكرها بنغمته المتصاعدة : الحمدلله .....الحمد لله ... الحمد لله!!!!!!!!!

صورة

مركز الرماح
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 60
اشترك في: الثلاثاء مارس 16, 2010 8:25 pm

Re: |][|:: مسابقة القصة القصيرة :: |][|

مشاركة بواسطة مركز الرماح »

و الله شباب مشاء الله عليكم

قصص حلوة و موضوع جميل

بس انا راح أكون كمان من ضمن المشجعين في المشاهدة

و نشوف إبداعتكم
خـمـسـة فـي الـقـلـب قـد سـكـنـوا ...... واعـتـلـوا أعـلـى مـن الـرتـبـي
فـكـتـفـى قـلبــي بــهــم و قــال ....... مـن يـرى فـي حـبـهـم تـربــي

الثائر
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 111
اشترك في: الثلاثاء مايو 09, 2006 8:25 pm
مكان: اليمن

Re: |][|:: مسابقة القصة القصيرة :: |][|

مشاركة بواسطة الثائر »

(

(الإعتصام)


ظل (زيد) يتابع أخبار أخوانه المسجونين عن قرب ....ويتفقد أحوالهم ...
وفي إحدى الأيام ؛دعي للإعتصام أمام أحدى تلك الوزارات الظالمة ؛مساندة لإخوانه المظلومين ..
فخرج في الصباح الباكر ...يتأرجح بكيانه العاثر ؛أسفا على أخوانه ؛الذين حرم من رؤيتهم ؛ظلما وعدوانا ..
وفي أثناء الطريق...ظل يسترجع في مخيلته تلك الذكريات الرائعة ؛التي لم يكن فيها شئ من عبث الخاطئين ,ولهو الغافلين ...بل كانت كلها في حلل النقاء الرباني ,ومجامع الصفاء الإيماني ...حتى تطلع إلى تلك الذكريات أن تعود...وظل الشوق يتسرب إلى قلبه ببطء شديد..حتى صدعت في قلبه صدعاً لتغرز فيه الشوكة المستحدة من ألم الفراق لمن يحبه ؛تلك الشوكة التي مانفدت قلباً فاستقرت فيه إلا جعلت الحياة كلها معاني شائكة ...حتى تحطمه أو تنتزع...
فأحس (زيد) بحرارة (الحب) التي ضلَّ تفسيرها عن لبِّه ...فظلَّ يبحثُ عن تفسير لها ؛علَّه أن يدرك معناها الحقيقي ؛فيعيشها بمجامع وجدانه..
فظل يهمس في نفسه ؛ متسائلا عن (الحب) ما هو:
هل (الحب):(أن تشعر الأرواح المفارقة أحبتها بمس الفناء ؛لأن أرواحا أخرى فارقتها ...ففي الموت يمس وجودنا ليحطم ,وفي الفراق يمس ليلتوي ,وكان الذي يقبض الروح في كفه حين موتها ..هو الذي يلمسه عند الفراق بأطراف أصابعه..)
-أم أن (الحب):(أن يشعر الإنسان أن المحبة هو وجود الحبيب ؛لأن فيه عواطفه ...فعند الفراق تنتزع قطعة من وجودنا ؛فنرجع باكين محزونين ..كأن في القلوب معنى من المناحة على معنى من الموت..)
-أم أن (الحب):(أن يشعر القلب أن كل مافيه الحب فهو وحده الحياة..ولو كان صغيرا لا خطر له ,أو خسيسا لا قيمة له ...كأن الحبيب يتخذ في وجودنا صورة معنوية في القلب ؛والقلب على صغره ..بخرج منه كل الدم ..ويعود إليه كل الدم...)
-أم أن (الحب):(أن يشعر الأنسان أن في الحب يتعلم القلب كيف يتألم بالمعاني التي يجردها من أشخاصها المحبوبة ..وكانت كامنة فيهم ...وبالفراق بتعلم القلب كيف يتوجه بالمعاني التي يجردها هو من نفسه ..وكانت كامنة فيه..)
-أم أن (الحب):(أن يدرك الأنسان أن العمر يتسلل يوما فيوما ..ولا يشعربه ...ولكن متى فارقه من يحبه ؛نبه القلب بغتة معنى الزمن الراحل ..فكأن فب الفراق على النفس أنفجارا يتطاير به عدة سنين من الحياة..)
-أم أمن (الحب):(أن يشعر الإنسان أن العمر يمتلئ شيئا فشيئا ..ولا يحس الزيادة كيف تزيد...فإذا فارقه من يحبه ؛نبه القلب فيه معنى الفراغ ..فكأن للفراق على أكبادنا ظمأ كظمأ السقاء الذي فرغ ماءه فجف ..وكان الفراق جفافه..)

وهكذا ظل بصمت هائم ..يسبح في أعماق (الحب) ..باحثاً عن السر المنطوي فيه...حتى انتبه على ضجيج الإعتصام ؛فانظم في جموع المعتصمين بكل هدوء..مسلما على أصدقائه الذين تغيبَّوا عنه فترة من الزمان...لكنه لم يرَ كلَّ الوجوه ..التي اعتاد أن يراها في المسجد....فالتفت إلى أحد أصدقائه المدرسين:
-أين بقية الطلاب؟!!!!
-آه آه ... يا(زيد)...في منازلهم!!!!
-وماذا يعملون في منازلهم؟!!!!
-آه لو تدري ما.....
قاطعه (زيد):
-وهل حصل شئ ما في غيابي؟!!!!
-الطلاب أصبحوا في وادِ آخر غير وادي العلم!!!
-أرجوك....وضح أكثر.
-منهم من منعه أبوه خوفاً عليه , فانجر إلى الضياع , ومنهم من أصبح له فكرٌ مناهضٌ للعلم!!!!..ومنهم ؛من يرى أن العلم سبب مانحن فيه .. ومنهم من يرى أننا لو اتخذنا منحىً آخر غير العلم لإجل هذا الدين لكان أصوب!!!!
ومنهم من....
ضج صوت الميكرفون ليقطع حوارهماً:
-أيها الجمع ....أيها المعتصمون ...السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..قبل أن نبدا أرجوا منكم أن تتقاربوا ..
إلتفت (زيد) إلى صديقه المدرس :
- من هذا؟!!!
- ربما أنه من أحدى المنظمات الحقوقبة...
فانظما إلى دائرة الأعتصام بكل هدوء ليسمعا :
(لقد حضر اليوم أهالي المعتقلين ...مع أطفالهم..!!!!) (وسنستمع إن شاء الله إلى مشاركاتهم!!!)...
فالتفت(زيد) بشدة إلى أهل صديقه المغيب وراء الجدران ...وظلّ يحدق نحوهم؛ليرى صورة ؛لم يرَ من نوعها قطّ في حياته ...ولو أنه خرّ من السماء إلى الأرض ؛لكان أهون عليه ..مِن أن يرى مثل هذا المشهد!!!!
فقد راعه مشهد الزوجة المفجوعة ..وهي جالسة لا تحملها رجلاها ...وعلى صدرها طفلها الصغير –الذي جاء مع أمه بكل براءة ؛يبحث عن أبيه الذي افتقده من مدّة ليست بالقصيرة-وأمه تضمه ؛كأنه قطعة من قلبها ..رجعت إليها ..وتشد عليه بيديها شدةَ الجزع والحنان ؛كما لوكانت تحسبه صلة بينها وبين زوجها ..تنقل هذه الشدة بعينيها إليه كما تنقل الكهرباء حركة المتحرك ...وقد انطلقت دموعها ؛ومن كلّ نطرة إلى فراق زوجها مادة جديدة للبكاء...وهي تنحني برأسها إلى صدرها ؛كأنها شعرت به ينكسر ..فمالت ليلتئمَ صدع منه على صدع ...ثم تعود برأسها ؛فيكاد ينشق قلبها ..فتضغطه بانحناءة أخرى ..وهي في كل ذلك مرسلة عينيها تمطر مطراً....وكانت حين تضع كفها على وجهها ؛لتكف دموعها ..وتنحيه عن خدها ؛يتساقط من فروج أصابعها ..وكأنه عدد أيام شقائها..!!!!!!!!!!!
وحسب الطفل الصغير أن هذه الحركة هدهدة من أمه لينام ...فنام هنيئاً على صدرها ...وأدفأه غليان هذا الصدر..فضاعف لذة أحلامه...وإنما هو طفل سماويٌ لايزال مس يد الله على جلده الرطيب...
فلو زفرت حوله جهنم صدرها لكفنته نسمة من نسمات الجنة ...!!!!!!!!!!



كانت هذه الصورة قد اخذت بوجدان (زيد) لتهدّ كيانه ...فلم يطق هذا المشهد ...حتى أومأ ببصره إلى الأرض ؛لكي لا يشاهد الأمهات ؛وهنّ ينتحبن على فراق أيناهن ...ولكي لايرى الأطفال ؛وهم يعجون حزناً على غياب آبائهم ....
فتجتمعَ عليه صورٌ شتى من صور الحزن القاتل ...فتكون عليه صاعقة من النار المحرق ؛التي تحمل في طيها هول العذاب ...وربما قضت على كيانه العاثر...
فاستدار بجسده المضنى سالكاً طريق المنزل ... والأفكار لم تفتأ تراوده بكل قاتلة ..قد تميت قلبه باليأس والإحباط ...
لكنه حاول أن يسيطر على مشاعره, وأحاسيسه ؛ليستعيد قواه الفكرية , ,والجسدية, ويجعل من هذه المشاهد المأساوية , والشتات المترامي ..دافعاً إيجابياً ؛تدفعه نحو الإصلاح والإبتكار...قبل أن تتسلل إلى قلبه ...فتحطمه !!!
حتى احس بطاقته الروحية تشتعلُ قوةً ,وصلابة ...وتستعدَّ لمواجهة نكاية الزمان ..أياً كان نوعها , ومهما كان حجمها ....مادام ان له ناصراً ومعيناً ؛لا تبلغ كنه ذاته الأبصار ....وهو الله القوي...!!!!!!!!!!!

صورة

الفخي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 207
اشترك في: الجمعة مارس 14, 2008 7:10 pm
مكان: لا يوجد
اتصال:

Re: |][|:: مسابقة القصة القصيرة :: |][|

مشاركة بواسطة الفخي »

شكرا جزيلا اخي العزيز الثائر على هذه القصه الرائه .
انها فعلا مؤثره وتحكي ما يحدث الان واسلوبك في كتابتها رائع ومشوق جدا .

نسال الله ان يكتب ذلك في ميزان حسناتك .
صورة

الثائر
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 111
اشترك في: الثلاثاء مايو 09, 2006 8:25 pm
مكان: اليمن

Re: |][|:: مسابقة القصة القصيرة :: |][|

مشاركة بواسطة الثائر »

السجن



وفي يوم الجمعة دخل (زيدٌ) المسجد يمشي ببطء؛ كأنما يجر خطواته جراً؛ أصوات قراءة القرآن التي كان يضج بها المسجد بدأت بالخفوت.... ما إن اعتلى المنبر حتى كانت الأصوات قد تلاشت؛
فترة الأذان كانت فرصة لأن يتأمل في وجوه الحاضرين , أخذ ينقل طرفه في زوايا المسجد000 يرى الوجوم على الوجوه,ويرى علامات التبرم000بل يرى حتى النائمين!!وحفظ كذلك وجوه أولئك الذين يلازمون حضور خطبته00ويتخذون مواقع ثابتة في المسجد!!يعرفهم تماماً00ويعرف (الغرض) الذي جاؤوا من أجله!!!
لكن ماذا يعمل لهولاء الذين اختلفت أهوائهم ،وتباينت مشاربهم ؛فظنوا أن هذا الأسلام رسالة لامعنى لها إلا أن تشبع أهوائهم ،وتحقق رغباتهم ؛فأخذوا منه مارأوا فيه ملائماً لهوى أنفسهم ،وتركوا منه مالا يتلائم معهم ...!!!!
وياطالما قد أبدوا لي الضيق في كثير من الخطب ...لا لشيئٍ ..إلا أنها جاءن مخالفة لإهوائهم ،ومباينة لإفكارهم ومعتقداتهم ....وربما احتج على الخطبة أحدهم بأنه لم يسمع بهذا من مشائخه قطّ ...وحصر الإسلام في أولئك المشائخ..!!!!!!وقد سمع قول الله (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله)!!!!!!!
كل هذه الأفكار طافت برأسه وهو يتأمل في وجوه الحاضرين؛ ويحاول أن يقرأ في ملامح كل شخص وقعت عيناه عليه؛ وأن يترجم خبايا مايدور في فكره.
ولم يقطع حبل تفكيره إلا قيام المؤذن بتقريب الميكرفون إليه ليبدأ الخطبة000

أستهل الخطبة بالحديث عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:ومكانته في المجتمع مستشهداً بحديث رسول الله (ص)وآله:
(من رأى منكم منكراً فليغره)
واسترسل في شرح هذا الحديث000حتى كان صوته يعلو حينا ويخفت حيناًً آخر00في حالة من التفاعل مع الحديث00 لم يشعر خلالها بشئ آخر سوى حركات التحفز التي بدأت تظهر على المصلين00والشباب منهم خاصة00!!

كان هناك تقريران قد كتبا عن الخطبة00
الأول يقول: "الخطيب يحرض على العصيان المسلح"
أما التقرير الثاني فيؤكد على أن:.
"الخطيب يدعوا إلى الإطاحة بالنظام عن طريق انقلاب!!!!!
إضافة إلى ملاحظات سجلها (أحدهم)00أشار فيها إلى أن:
"الخطيب يصف أعمال الدولة بالمنكر"
مر يومه بهدوء تام 000حتى إذا هجم عليه الليل00وكاد أن يهجع إلى النوم00
بعد أن صلى الوتر000
حينها بدأ طرق شديد ينهال على باب المنزل!!00 ارتدى ثوبه00 ثم توجه نحو الباب ؛وعلامات التعجب تملأ وجهه00
وهو ينادي:
_من هناك00!!
-أفتح 0000أفتح!!
-من أنت!!
-أفتح 00وإلا اضطررنا لدخول البيت بالقوة!!

_!!!!!!!!!!!!!!!!!
فتح الباب 00فاندفع الطارق إلى داخل البيت 00ومعه جمع من العسكر00 قال مخاطباً إياه:
-النقيب عوض من الأمن السياسي00 سنفتش البيت00!!
-هل لديكم أوامر بهذا!!!!!!
فتشوا لا تصدقوا هذا الأبله(مشيراً إلى العسكر!
-لحظه لو سمحت لأخبر أهلي 000وو00أأأأأأأأأ
الضابط مقاطعاً: فتشوا 00 لا حرمة للمتمردين00!!!
وبعد أن فتشوا البيت دون أي نتيجة 00
قال الضابط (لزيد):
-تعالى معنا00
-إلى أين00ولماذا!!
أجابه وهو يدفعه أمامه:
-ستعرف فيما بعد00؟!
وضع القيد في يده00 وأركبوه في إحدى تلك الطقومات القديمة التي لا نوافذ لها ؛ سوى فتحات صغيرة ينفذ منها الهواء000
وبعد مسيرة نصف ساعة توقفت السيارة00فصعد إليه أحدهم00وعصب عينيه00 ثم اقتاده إلى إحدى تلك المباني000
أحس أنه صعد درجاً؛ وسار في أكثر من ممر :مرة ذات اليمين ؛وأخرى ذات الشمال00 وأخيراً أدخل أحدى الغرف00 ورفعت العصابة عن عينيه00لم ير شيئاً لأن الغرفة كانت مظلمة000 وقبل أن يخرج الجندي؛ ويغلق الباب وراءه:أدار مفتاح الضوء الذي كان باهتاً00لدرجة أنه لا يكاد يصل الضوء إلى أطراف الغرفة رغم صغر حجم الغرفة000
تبين في الغرفة فراشاً قديماً ممدوداً00وطاولة وكرسي من حديد00
تمنى لو أن الجندي لم يشعل هذا النور00لأنه كان من الضعف بحيث يرسم تظليلاً للأشياء الموجودة في الغرفة00 بشكل يبعث على الوحشة000 فكان يرى ظله وكأنه عمود مشنقة00ولحيته الكثة حبلها00 وبدا له ظل الطاولة وهو يقف خلفها وكأنها منصة المشنقة00!! تساءل00 وقد أحس بكآبة تنوء بكلكلها على صدره: هل هذا جزء من برنامج الليلة؟!!
وظلَّ يسبح في لجج الماضي المضطرب يبحث عن سبب مقنع لهذا السجن المفاجئ ؛فظلّ يستعرض حياته من أول يوم دخل فيه المسجد ...إلى الخطب التي كان يلقيها ؛إلى يوم السجن هذا ؛علَّه يجد مايبرر سجنه ..فلم يجد إلا..الإنتماء!!!!
أستمر على هذا الحال ثلاث ليال00لا يكلمه أحد00ولا يرى أحداً00سوى جندي يفتح الباب00ويضع له طعاماً دون أن يتكلم00
وفي الليلة الرابعة00أفاق من تخيلاته على باب الغرفة تفتح00فالتفت00فإذا بنور الغرفة الباهت يتسرب إلى الممر عبر فتحة الباب00
فقال يحدث نفسه00ويكتم آهة تكاد تفجر صدره:يارب : حتى هذا النور الباهت لم يطق وحشة الغرفة 00ففر إلى الممر؛وماذا عساه يجد في الممر 00 أو مابعد الممر؟!!
دخل الشخص ولم يستطع أن يتبين وجهه 00ولكن عرف أنه ضابط حين وقعت حزمة من الضوء على كتفه فلمعت النجمة النحاسية التي كانت تعلوه ه000
سحب الكرسي00 فكان له صرير خيّل إليه وهو ينبعث من وسط الظلام ممزقاً السكون:
وكأنه نحيب امرأة ثكلى00
جلس الضابط على الكرسي مستظهراً النور واضعاً يديه على الطاولة00
وبعد فترة من الصمت المخيف00التي لم يسمع فيها إلا أنفاسه المتلاحقة00
سأله الضابط:
-أين تتدرب على السلاح00 ومن هم شركائك في الانقلاب!!
-أي سلاح00وأي انقلاب؟!!
-لا تماطل نحن نعرف عنك كل شيء 00وكنا نرصد تحركاتك جميعها!!
-ماذا عندي حتى تعرفونه 000وماهي تحركاتي؟!
-الإنكار لايفيدك00ولا يؤخر تنفيذالحكم ضدك00!!
-أنا لا أعرف شيئاً مما تقول!
نحن نعرف يا00فضيلة العلامة000 تحرض الشباب على العصيان المسلح 00وتدعوهم للمشاركة فيالانقلاب الذي تخطط له00!!!
-من قال هذا الكلام00!!
أنت قلته..!!!.. هل نسيت بهذه السرعة00أم أن ذاكرتك ضعيفة إلى حد أنك لا تتذكر خطبتك قبل يومين؟
من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ؛فإن لم يستطع فبقلبه
- هاااااه..........هذا ليس كلامي 00هذا حديث!!
-مانريده منك 00هو الشخص الذي تحدث بهذاالكلام00 نعرف أنه مغرر بك نريد الرأس المدبر00!!
-يارجل والله إن هذا حديث من أحاديث الرسول (ص)وآله00 ثم ماذا عساك أن تفهم من الحديث أكثر مما دل عليه؟!
- هكذا إذن تجهلنا بالدين أنت المسلم فقط00 أما الحكومة التي جعلت الإسلام مصدراً رئيسياً من مصادر التشريع00هي برأيك ليست أسلاميه00؟!
-أنا لم أقل هذا00!!
-وتنكر أيضاً؛ لدينا تسجيل لخطبتك 00 التي تصف فيها سياسة الحكومة بالمنكر ..وتحرض الشباب على الاعتراض عليها بالعصيان المسلح000!
- هذا لم يحصل قط00 وأنا حين استشهدت بالحديث لم أعن شيئاً مما تقول00!
-حينما بدأت تصرخ بجمهور المصلين؛ وتقول:"من رأى منكم منكراً فليغيره بيده"000 وترفع يديك أمامهم00كما لو كنت تحمل مسدساً000هل هذا حديث أم دعوة للعصيان المسلح ..تحرض فيها الشباب المخدوع بشعاراتكم الدينية00؟!!
- ولكن00!
-هل تظن عناصرنا من الغباء بحيث لا يعرفون شفرتك السرية00؟!
- قد تكون عناصركم فهمت حركاتي خطأ00 ومن هنا حصل سوء فهم00!
- لو سلمنا جدلاً 00أنك لا تقصد بالمنكر السياسة الحكيمة للدولة00 وأن التغيير باليد لا تقصد به التحريض على العصيان المسلح00 فماذا تقول عن كلمتك الصريحة للانقلاب على الدولة وتغيير نظام الحكم؟! …هل تريد أن تعيدوا الإمامة والكهنوتية يا......
-أنا00!
- لا تعد للمماطلة00كنت تصرخ:فليغيره بيده 00فإن لم تستط فبقلبه..وظللت تكررها ثلاث مرات00فبقلبه00فبقلبه00فبقلبه00
-لقد مضى عهد الانقلابات يامعتوه000!!!

قال الضابط عبارته هذه00ونهض وأغلق الباب خلفه بعنف00 مزق السكون الذي
يخيم على المكان00أخذ الصوت الذي أحدثه الباب يتردد00فخيل إليه كأنما يكرر
جملة الضابط الأخيرة:"مضى عهد الانقلابات000""مضى عهد الانقلابات"


رغم المرارة التي يشعربها ؛إلا أنه أخذ نفساً عميقاً ؛ووجهه يتلأ لأ ..كالبدر الذي غيبته الغيوم السوداء ...لكن مما زاد وجهه حسناً ؛حتى مزقت تلك الغيوم السوداء ؛هي تلك الإبتسامة الحانية ..التي اعتاد أن يرسلها في كل بلاء بقوله :
الحمد لله ...الحمد لله ...الحمد للهّّّّّّّّ!!!!!

صورة

الفخي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 207
اشترك في: الجمعة مارس 14, 2008 7:10 pm
مكان: لا يوجد
اتصال:

Re: |][|:: مسابقة القصة القصيرة :: |][|

مشاركة بواسطة الفخي »

شكرا جزيلا اخي العزيز الثائر على هذه القصه المعبره .

سيتم اضافة هذا الجزء الى القصة الذي قمت بوضعها في ملف بي دي اف .

تحياتي لكم
صورة

الثائر
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 111
اشترك في: الثلاثاء مايو 09, 2006 8:25 pm
مكان: اليمن

Re: |][|:: مسابقة القصة القصيرة :: |][|

مشاركة بواسطة الثائر »

عَبرَة

وهكذا هي البشرية الناكبةُ عن نهج ربها عبر تاريخ الوجود , إذا مارأت النور-نورالله-يتصدع من قلوب المؤمنين,ويرتفع في أكف الدعاة المخلصين ؛اجتهدت في إخفائه ؛علَّ ذلك النور أن ينطفئ ,وذلك المشعل أن يخبو...وهيهيات!!!

وهذا مادفع( زيداً ) أن يُمسي بين تلك الجدران الصامتة ؛دافعاً ضريبة إيمانه ,وانتمائه ...والتي جعلت من القلب(الصنوبري) "انقلاباً"يستحق به أن يُسجن!!!!!

وهنا سكتت...والدموع تتفجر من آماقها,والنحيب لا يفارق صوتها!!!!
فالتفت إليها (زيد)؛ووجهه أشبه بنهارٍ جثم عليه الليل المظلم, وخداه أشبه بإخدودٍ يزخرُ فيه الماء ؛من شدة البكاء...يحاول أن يتكلم ؛لكن العبرات تحتبس لسانه ,والآهات تخترم كلماته ..حتى تتأتأ ببعض كلماتٍ؛ظلَّ يخرجها بصعوبة بالغة؛ممزوجةً بنحيبٍ ؛لحنه أشبهُ بلحن الدماء , وأداؤه أشبهُ بتمتمة امرأة ثكلى؛لو تصّعّد بها هذا الكون ؛لخرّت الأرواح ,وتهاوت القلوب ؛من هول هذه العبرات ؛التي انبعثت من قلبٍ مكلوم قائلةً:
-هههل هذه قصتي !!! ولماذا أنا...وووووما هو ذنبي...سليهم ..سلي كلَّ الناس ؛قولي لهم :ماهو جرمي :أديني ..أم عقيدتي ..أم انتمائي !!!!وهل هذا جرمٌ يستحقُ أن أعاقب عليه؟!!!!!ماذا يريدون منّا ... سليهم :ماذا يريدون ؟!!!!!
رفعت كفَّها بكل حنانٍ إلى وأسه ؛تمسحه برفقٍ بالغ؛حتى شعر بلمستها الحانية ,وحنانها الدافئ ؛يتسربُ إلى قلبه ؛فهدأ قليلاً ,ثمَّ قال بهمسٍ بالغ :
-وماذا بعد السجن ؟!!!
أطرقت برأسها إلى الأرض ؛تمتم بكلماتٍ لا تُسمع ,وتهمس بقولٍ لا يٌفهم....
و(زيدٌ) لم يبرح بطرفه عن وجهها ؛يرددُ:
-لماذا لا تتكلمي...وماذا بعد السجن ؟!!!
رفعت طرفها إليه ؛بعد سكونها الواجم ؛ثمَّ قالت :
-بعد أن سُجنتَ ؛مكثتَ هناك مدةً ليست بالقصيرة ...فما أخرجوك إلا مغمىً عليك..!!!
- وماذا أصابني ..تكلمي ..؟!!!
-مايصيب كلَّ من سُجِنَ من أجل دينه وحريته !!!!!
فانشدَّ إليها بكلِّ قوةٍ ؛وقد أخذ بتلابيبها ؛رافعاً صوته :
-وأين أنا ...أين أنا؟!!!
-أنتَ في بيت خالك ...يا زيد..!!!
-ولماذا..أجيبي ..لماذا؟!!!
وهي مطرقةٌ إلى الأرض ؛يكاد وجهها الغض أن يلامس الأرض ؛من شدةِ جذبه لها؛لولا أن أصابته نوبةٌ؛أسقطته أرضاً ؛فلم يسطع على الحركة...!!!!
فقامت هي لكلِ سكينةٍ ووقار؛تحمله إلى مكانه ؛بيدين ترتعشان , وجفنين يرتجفان ,وقلبٍ يخفق...حتى قعدت جنبه ؛تكابدُ أحزانها ,وتجفف دمعتها , وتمسك على قلبها !!!...فما سمعت إلا أذان الفجر يغمرها بندائه :ألله أكبر....ألله أكبر..
فأحست ؛وكأن السكينة بدأت تتسرب إلى قلبها , والطمأنينية طفقت تتسلل إلى روحها ...فقامت ؛وتوضأت ,ثمَّ قعدت في مصلاها ؛تناجي ربها ,وتبثه أحزانها ,وتشكوه لوعتها ,فما إن أكملت حتى أخذت ورقةً ؛لتكتبَ عليها ؛بحبر قلمها ؛بل بدموع عينيها :

بسم الله الرحمن الرحيم
إلى (زيد) الصابر...
ربما أن هذه الكمات هي آخر ماتسطره يدي ..وهذه العبرات هي آخر ما ترتجف به مقلتي ؛لأني سأسافر هذا الصباح إلى عش الزوجية ,ومأوى الذرية ...وسأكل أمرك إلى أمي على أمل الشفاء ...ويعلمُ الله أني لا أريد أن أفارقك طرفةَ عبن ..ولا أقل منها ...ولكن الحياة أجبرتني على هذا الفراق المؤلم !!!! ومن يدري على أيِّ شيئٍ نأتي على هذا الزمان ...وعلى أيِّ حالٍ سنلتقي في هذا الزمان!!!!

زيد...حياتك أشبهُ بحياة العظماء ؛الذين ذاقوا مرارةَ الدنيا ,وكابدوا لوعةَ الحياة ؛ من أجل دينهم ,ومبادئهم ..!!!
هذا الدين ..وهذه المبادئ ؛الذي جهلها كثيرٌ من الناس :
فظنوا أن معانقتا موتٌ ؛مع أنها هي الحياة ..!!
وان عمارتها خرابٌ ؛مع أنها هي البناء..
وأن مسايرتها ظلالٌ ؛مع أنها هي الرشد والهدى ..
وأن احتظانها في القلب همٌّ وضيقٌ ؛مع أنها هي الراحةُ والسعة ..
وأن السعي من أجلها تعبٌ والاهاق؛ مع أنها هي الراحة والطمأنانية ..!!!!
ولهذا تركوا هذا الدين ..وهذه المبادئ:فظنّوا بها ..واتهموا حامليها ..وجعلوا من هذا الدين ..وهذه المبادئ –والذي يتقولب في المذهب الزيدي الشريف (حرسه الله)-مظنّةً للفساد , وأرضيةً للهلاك , وأساساً للدمار ؛فاتهموها زوراً , وسجنوا وشردوا حامليها ظلماً !!! بل وجعلوا هذا المذهب الشريف أشبهَ بمذهب اليهود!!!!
ونسبوا إلى حامليه وأعلامه أبشعَ الأوصاف والقيود!!!!
وليتهم يقرأون ...أو ليتهم ينصفون ...!!!!
أما الناس ؛فهم أشبه بأنعامٍ ؛ ظلَّ راعيها ..أو غاب حاميها !!! فما ألقيَ إلى سمعهم صدقوه , وما رأوه في وسائل الإعلام اتبعوه ...
يتبعون كلَّ ناعق ...ويميلون مع كلّ ريح ...لم يستضيئوا بنور العلم والمعرفة !!!
ولم يلجأوا إلى ركنٍ وثيق ..!!!!
ولعمري :إن مايجري اليوم للمذهب الشريف ؛لتدبيرٌ من الله خفيٌّ ؛يجهله عوام الناس ..ولا يدركه إلا العظماء ...العظماء وحدهم...!!!!



زيد...في مسيرتك العلمية , وحياتك الدعوية ..
تذكر: دائماً إمامك العظيم :زيد بن علي ؛الذي تعتز به ,ووتفتخر بانتسابك إليه ..وهو يكابد آلامه , ويلفظ أنفاسه ؛من أجل هذه الأمة ؛حتى باع جسده لماء الفرات !!!
تذكر دائماً: يحيى بن زيد ؛وهو يتنقل من مكانٍ إلى آخر ,ومن أرضٍ إلى أرض..صابراً محتسباً ..حتى استشهد ,وصُلب جسده !!!
تذكر: أبناء عبد الله الكامل : محمد ,يحيى , أدريس , موسى ؛وهم مشررردون في بقاع الأرض ..لا لذنبٍ ..إلا أهم يريدون الحرية والعزة لهذه الأمة!!!
تذكر :محبس الهاشمية ..وكيف نَحلت أجسامهم ,ورق العظم منهم ..حى خرجت أرواحهم الطاهرة ّّّّ!!!!
تذكر الهادي ..وووجده القاسم..والقاسم بن محمد ...
وغيرهم ...الكثير ؛من أئمة الهدى..ومشاعل النور والتقى ؛الذين صبروا من أجل هذه المبادئ ,وباعوا أرواحهم من أجل هذا الدين ّ!!!!.
فربما يكونون سلوى لفؤادك المكلوم ..ودواءً لقلبك المجروح ..ودافعاً حثيثاً ؛لإحياء العلم بعد أن اندرست معالمه ..وإذكاء الإيمان في القلوب بعد أن خمدت مشاعله ..وإعمار الأخلاق بعد أن انهدمت أركانه ..وإرجاع الناس إلى واقع الإسلام بعد أن أصبح ذكريات يُتلى على المسامع ..لا غير!!!!
وإيجاد مجتمعٍ خالص لله ..ولدينه :
بهم يعتز المؤمن ..ويذل الكافر ..
بهم يعلو الحق ..ويخمد الباطل..
بهم يُنصر المظلوم ..ويقمع الظالم..
بهم تلوح أنوار الهدى ..وترتفع رايات العلا..
بهم تقام الشرائع ..وتُطبق الأحكام ..
بهم يٌنشر العلم ..ويطوى الجهل ..
بهم يرتاح الله لدينه ..ولعباده
...وماذاك على الله بعزيز ..وهو على كلِّ شيئٍ قدير ..
ولعلك تحظى بخير الدنيا ..ونعيم الآخرة ..وتكون هناك مع الانبياء ,والصديقين , والشهداء , والأئمة الهادين ..وحسن أولئك رفيقا ...

هذه رسالتي الأخيرة إليك ...بل هذه دمعتي أُرسلُها إليك..
ومهجة قلبي أنثرها بين يديك !!!!!!!!!!
والسلام عليك ورحمة الله وبركاته ...

أختك الصغرى... زهراء


أنتهت القصة

صورة

أبا القاسم
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 44
اشترك في: السبت يناير 28, 2006 9:42 am
مكان: اليمن

Re: |][|:: مسابقة القصة القصيرة :: |][|

مشاركة بواسطة أبا القاسم »

قرأتها فأحسست بالدمعة في جفني
والشجا يتردد في حلقي ..
من روعتها .. وإتقان أسلوبها ..

فجزاك الله خيراً ...وكتب الله أجرك..
قد الوقت أعوج

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الأدب“