رسالة هامة جدا إلى مجالس آل محمد المختطفه

مغلق
الشريف الحمزي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 431
اشترك في: الخميس يونيو 23, 2005 4:42 pm

Re: رسالة هامة جدا إلى مجالس آل محمد المختطفه

مشاركة بواسطة الشريف الحمزي »

بديع الزمان كتب:سيدي الشريف الحمزي بارك الله فيكم نحن جميع الزيدية لا نريد ان تصل الامور الى ما تتوقعه من التحريف في المبادئ

ولكن ما المانع من التواصل مع الحوثيين ومحاورتهم وارجو ان لا تنتقل الينا حمى تصغير الدائرة الزيدية

فلسنا بحاجة الى ذلك

واعتقد ان الامامية ليسوا في طرف واحد مع الحوثيين والزيدية في طرف اخر

وانا بصراحة لست حوثي ولكني ادعوكم الى التعقل وعدم نشر فكر التحذير والتعتيم فالمسالة تريد سعة صدر اكثر

وصلى الله على محمد واله
حفظكم الله أخي الكريم بديع الزمان ووفقكم الى كل خير
والله هذا مانتمناه ويشهد الله أنني من أشد الناس حرصا على أن يبقى الفكر الزيدي حرا طليقا يتنفس الحرية وشعارا للحياة الكريمة والحياة المتجددة ولكن نرى أننا بدئنا نتجه وبقوة إلى تقديس الاشخاص ونتعامل مع نظريات جديدة لاعلاقة لها بفكرالزيدية بدأنا نقراء عن غيبة السيد حسين بدر الدين رحمه الله وتارة أنه في السماء وتارة أنه في مكان ما وهناك فجوة بين العلماء وغيرهم وهناك فكر بعيد جدا نتمنى من العقلاء تهذيبه .... والخوف من إستمراء بعض الغير متعلمين للوضع ثم يصعب التصحيح .
والجميع يعلم أن الزيدية مباديء واضحة وجلية .
ولك مني جزيل الشكر والتقدير
أنا ابن عليّ الطهر من آل هاشم *** كفاني بهذامفخراً حين أفـــــخر
وجدي رسول الله أكرم من مشى *** ونحن سراج الله في الأرض يزهر

أحمد يحيى
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 1079
اشترك في: الثلاثاء يوليو 24, 2007 1:09 am

Re: رسالة هامة جدا إلى مجالس آل محمد المختطفه

مشاركة بواسطة أحمد يحيى »

سيدي الحبيب الشريف الحمزي زادكم الله علما ونفع بكم...
وكذا بقية الإخوة الكرام

أنقل لكم سيدي -وإن كان البعض يتضايق من النسخ واللصق- هذا مقال -أو بالأصح ورقة عمل- شارك بها الأخ محمد عايش في إحدى الندوات ذات العلاقة بحر ب صعدة...

وأعتقد أنه قارب فيها الحقيقة إلى حد كبير فيما يخص أسباب الحرب وحاول أن يثبت -من ضمن ما يثبته- أن الحرب على الحوثيين هي حرب على الزيدية في الأصل و بنية مسبقة من قبل السلطة والأجنحة المتصارعة داخلها (سياسية، عسكرية ذات بعد فكري سلفي) ...وأن السيد حسين الحوثي وأنصاره ما كانوا إلا العذر والمبرر لشن الحرب ..وستجدون في الورقة فوائد أخرى ..

فتأملوا ما كتبه فهو يوضح بصورة أفضل ما أردت إيضاحه لكم في تعقيبي السابق .... أرجو قراءته وإن طال نسبياً.


* أخي الكريم بديع الزمان...سرني التوافق...حفظك الله ورعاك وزادك من فضله...


وفق الله الجميع لرضاه... مع محبتي للجميع


******************


حرب صعدة وأثرها في تحولات الزيدية الدينية

الثلاثاء , 16 مارس 2010 م


الأربعاء 24/2/2010م كان الزميل محمد عايش ضيفاً على منتدى الجاوي الثقافي وتحدث عن ملابسات وأسباب اندلاع حرب صعدة وكشف الكثير من الجديد والمثير في تغضنات تلكم الحرب الغامضة، وقد ارتأت " التجمع" نشر عرضه المكثف واللافت كما ورد على لسانه:

ما سأشارك به اليوم لا أدعي أنه محاضرة ولكن سأقدم بعض ما لدي من وجهات نظر بخصوص موضوع نقاشنا اليوم... سأسميه نقاشاً وسأتحدث باختصار شديد عن بعض تصوراتي لما حدث في صعدة وللأفق الذي تأسس على ما حدث من حرب وصراع هناك, ثم اترك المجال للنقاش بشكل أكبر لأنه لا أخفيكم أني اشعر بالرهبة وأنا ضيف على منتدى له رواده وأعضاؤه, نعرف جميعاً, انهم من رواد الثقافة والسياسة والفكر والأدب في اليمن ولست إلا تلميذاً لدى معظمكم.

.. موضوعي الذي سأتحدث عنه بشكل مركز هو موضوع الساعة في البلاد.. منذ حوالى ست سنوات موضوع الصراع في صعدة, خلفياته الاساسية ونتائجه الرئيسة.. نتائجه بشكل أساسي في صناعة تحول تاريخي خطير داخل الهوية الزيدية.

سأنطلق أولاً من لحظة ما قبل الصراع في منتصف عام 2004م عن الأسباب واسمحوا لي, ما سأطرحه من اسباب لما حدث في صعدة يمثل وجهة نظر تحليلية خاصة بي قد تجدون فيها ما يكون محل خلاف لديكم.. طبعاً يفترض بعد مضي ست سنوات وست جولات من جولات الحرب ان تكون مسألة ما هو سبب اندلاع حرب صعدة مسألة قد تم تجاوزها أو انها مسألة اصبحت تحصيل حاصل باعتبار ان الصراع قد حدث ولا يزال يحدث وقد نتجت عنه الكثير من الحقائق والوقائع ونتجت عنه صيرورة على مستوى الحراك السياسي, والديني والاجتماعي في البلاد لكن أنا مصر على ضرورة العودة وإثراء النقاش حول مسألة أسباب ومقدمات حرب صعدة..لماذا؟ لأني اعتبر حرب صعدة وأنتم تدركون ذلك أيضاً أن هذه الحرب هي الحرب الوحيدة يبدو لي في تاريخ اليمنيين, وتاريخ اليمنيين كله حروب في حروب.. الحرب الوحيدة التي كانت على هذا النحو من الغموض وعدم وضوح الأسباب والخلفيات والجذور لدرجة أنه الى الآن لا يزال يحدث جدال كبير ولازالت هناك تكهنات كثيرة ومتشعبة حول ما هي الأسباب التي أدت الى حدوث ما حدث في صعدة؟

هناك أكثر من تفسير للأمر, وأكثر من تكهن.. لدى الحكومة الأسباب التي تطرحها بشأن أسباب حرب صعدة ولدى الحوثيين اسبابهم ولدى الدوائر التي هي خارج الحكومة والحوثيين اسبابها.. الحكومة تتحدث عن أنها حرب لمواجهة جماعة تسعى لإسقاط النظام الجمهوري والحوثيون يتحدثون في أوضح خطاب لهم أن هذه حرب يخوضونها دفاعاً عن أنفسهم, وانها حرب بالوكالة عن أمريكا واسرائيل وما الى ذلك من أسباب.

الاطراف المختلفة داخل المعارضة لها تفسيرات تختلف باختلاف هذه الأطراف.. هناك من يعتبر أن ما يحدث هو جزء من صراع داخل الحكم نفسه وتجليات هذا الصراع هي حرب صعدة؛ وهناك من يتحدث ان الحرب في صعدة هي حرب بين طرف وطرف آخر, كان الطرف الأول هو من صنع هذه الحرب أو انها حرب بين الحكومة وبين طرف آخر خلفته الحكومة في مرحلة من المراحل وكان ضمن أدوات صراعها مع منافسيها وخصومها السياسيين.

لماذا كل هذه التكهنات؟ هل يعقل أن تكون هناك حرب بهذا الحجم وبهذا القدر من التأثير وهذا القدر من العنف ومع ذلك يظل سببها محل تكهن, محل احتمال او مجموعة فرضيات! في الحقيقة لدي وجهة نظر فيما حدث وهي تستند الى معطيات من الواقع سبقت هذا الحادث الذي طرأ بشكل مفاجئ لدرجة ان الجميع صحوا ذات صباح وهم يسمعون عن حرب في صعدة لم يكونوا قد سمعوا عن أي مقدمة لها.. يعني لم تنشب قبلها, كالعادة, أزمة هددت بحرب كما يحدث في كل الحروب بل فجأة, الغالبية الساحقة من اليمنيين سمعوا عن الحرب يوم اندلاعها فيما سمعوا عن الطرف الرئيس فيها, الطرف المستهدف فيها أي الحوثيون في نفس اليوم..

اسمحوا لي أن أوجز ما سأتحدث عنه بهذا الصدد, وبالأحرى أن أوجز العناوين.. عناوين مقدمات ما حدث والنتائج بشكل رئيس؟

سأتحدث عن طبيعة الصراع وأنه صراع زيدي-زيدي.. سأتحدث عن لحظة اندلاع الصراع منتصف 2004م وعن التحول الجذري الذي صنعه هذا الصراع داخل الهوية الزيدية وعن بعض عناوين ومظاهر هذا التحول الذي اعتبره تحولاً تاريخياً في هوية جماعة دينية ظلت حاضرة ومؤثرة في تاريخ البلاد منذ أكثر من الف عام.

أولاً: حين أقول: إن طبيعة هذا الصراع هو صراع زيدي-زيدي, إنما أقول هذا لأختصر على نفسي.. ما حدث في صعدة يتعلق بصراع داخل مسمى واحد يمكن أن اسميه صراع زيدي- زيدي.. صراع يقف على الطرف الأول فيه طرف زيدي بالمنطقة والطرف الآخر, الطرف المقابل الذي يمثله الحوثيون هو الزيدية الدينية.

سأقف قليلاً عند التعاريف حتى لا يكون هناك لبس فيما أقوله.. هناك من يعترض على هذا التقسيم, او على هذا التصنيف ويعتبره تعريفاً تعسفياً.. لدينا زيديتان هنا, في اليمن.. هناك أولاً الزيدية الدينية وهي الزيدية المعروفة تاريخياً كحركة دينية سياسية تتبنى مجموعة عقائد وأفكار وقوانين وتشريعات مثلها مثل بقية المذاهب الاسلامية.. هذه الزيدية الدينية تعريف من ينتمي اليها هو من ينتمي اليها اختياراً, يعني تتكون لديه ثقافة ثم يتبناها ويدافع عنها كعقيدة. في المقابل هناك الزيدية المناطقية.. الزيدية التي لا تعني بالضرورة التدين وفقاً لمجموعة الافكار والقوانين والتقعيدات الدينية الزيدية, من ينتمي الى هذه الزيدية المناطقية او القبلية هو من ينتمي اليها بالولادة, يعني ولد في منطقة زيدية ولذلك يصنف كزيدي, من يمثل الطرفين في هذا الصراع؟!.. طرف الزيدية المناطقية القبلية هي الحكومة او السلطة في اليمن التي نعرف انها تستند في حكمها وفي استمرارها على عامل العصبية القبلية المناطقية التي هي عصبية المنطقة الزيدية, بينما من يقف على الطرف الآخر هو الزيدية الدينية التي تنتمي الى المذهب الزيدي المعروف في التاريخ وفي الواقع والتي وحدت نفسها مقصية عن الفعل السياسي والاقتصادي والاجتماعي في البلاد منذ أكثر من أربعين عاماً وتحديداً من لحظة 26سبتمبر 1962م وبالتالي المقدمة الحقيقية لما حدث في صعدة, باختصار شديد, نجدها في عام 1962م أو أن ما حدث في صعدة منتصف 2004 أنا اعتبره في وجهه العميق, اذ ما تجاوزنا السطح ونفذنا الى العمق هو استمرار للصراع الذي حدث في عام 1962م ولكن ليس بالضرورة استمراراً بنفس الصيغة التي يدعيها أحد أطراف الحكم, أي أنه صراع من أجل العودة الى ما قبل العام 1962م.

لا -هو صراع, نعم ينتمي الى صراعات 1962 لكن بصيغة مختلفة.. نحن نعرف أن ما حدث في ثورة 26سبتمبر هو انها انتهت الى أن تصبح نوعاً من انقلاب القبيلي على الهاشمي, نوع من انقلاب المنطقة على المذهب خصوصاً بعد تصفية كافة الحركات والتيارات الوطنية في منعطفات كثيرة, منها منعطف أغسطس 1968م وما بعده وما قبله ونتيجة لتلك المنعطفات تم تغييب كل القوى والتيارات التي تمثل مختلف مشارب اليمنيين ومناطقهم أيضاً, لتتحول أو ليكرس الوضع القائم للجمهورية العربية اليمنية فيما بعد كوضع تحكمه المنطقة أو القبيلة التي كانت في يوم من الأيام دعامة لحكم الزيدية الدينية المستمرة منذ ألف عام, منذ مجيء الإمام الهادي الى اليمن في القرن الرابع الهجري ظلت الزيدية الدينية تحكم وعمادها الرئيس في الحكم هو القبيلة.. القبيلة المحاربة, ما حدث عام 1962م وما بعده هو أن القبيلة المحاربة استطاعت ان تنقلب على النظرية الزيدية, واستطاع الشيخ ان ينقلب على الإمام فتحول الوضع الى أن القبيلة أصبحت هي الحاكمة, والزيدية الدينية وجدت نفسها مقصية وخارج الحركة التاريخية للمجتمع واستمر هذا الوضع طوال اربعين عاماً.. الزيدية بمشائخها وعلمائها وافكارها انسحبت الى الظل منذ الستينيات وصولاً الى عام 1990م لحظة تحقيق الوحدة واطلاق الحريات السياسية والفكرية والحزبية.. ظلت الزيدية الدينية ما قبل العام 1990م تمارس انشطتها بشكل سري وبشكل هامشي جداً ومضيق عليه الى حد كبير.. يعني عام 1990 كانت المنطقة المعروفة تاريخياً بأنها منطقة المذهب الزيدي أو أنها المنطقة الزيدية الممتدة من صعدة وصولاً الى ذمار كانت فارغة تماماً من أي حراك ديني زيدي, باستثناء بعض المراكز الرئيسة جداً وبشكل محدود سواء في صنعاء أو في صعدة, وبينما كان معظم مشائخها وأهم مرجعياتها كانوا مهاجرين يمارسون أنشطتهم أحياناً, خارج اليمن, في السعودية تحديداً.

كان أشهر مرجع ديني خلال الثلاثين سنة من ما قبل الثورة الى عام 1990 كان مثلاً المرجعي الكبير مجد الدين المؤيدي كان يمارس رعاية مصالح اتباعه ومصالح مذهبه أحياناً من السعودية, من نجران وأحياناً من صعدة وكان يتم ذلك في نطاق ضيق جداً.

هكذا ظل التيار الحاكم, ظلت القبيلة الحاكمة أو ظلت مؤسسة الحكم مسيطرة على الامور بشكل جيد ومضبوط داخل قبيلتها وآمنة لأي حركة مناوئة أو أي حركة منافسة من قبل التيار الديني الذي يستوطن تاريخياً نفس المنطقة.. في عام 1990 حدث المتغير الأهم على صعيد الواقع اليمني بشكل عام, أتيحت الحريات السياسية والمدنية.. العلماء والناشطون الزيود بدأوا يستعيدون دورهم الديني داخل المجتمع, على صعيد ممارسة التدريس ونشر المراكز الدينية واستقطاب الطلاب المهاجرين الى المناطق التي عرفت بأنها مناطق هجرة تاريخية لتعلم الزيدية وفي ظرف صغير من عام 1990 حتى عام 2000 ثم حتى عام 2004 كانت هذه العودة ما أسميها بعودة الزيدية الدينية, كانت عودة قوية جداً وحققت أثراً كبيراً جداً وسريعاً وإن لم يكن يلحظها المواطن اليمني العادي.. لماذا؟ كانت تجري بعيداً عن وسائل الإعلام, ليست لديها وسائل إعلام قوية ومؤثرة, ثم أنها كانت تتحرك داخل مناطقها التاريخية, يعني لم تكن وافدة, كان المرجع الديني يرسل أحد الأساتذة لديه ليعلم الطلاب في أي منطقة داخل هذه المنطقة فيأتي ليعلمهم أصلاً ما يعتبرونه جزءاً من تراثهم وهو المذهب الزيدي.

انتشر التدريس من مركزين رئيسين: مركز صنعاء ومركز صعدة, والمعروف ان لصعدة وصنعاء مركزيتهما في تاريخ المذهب الزيدي بحكم الأئمة الزيدية طوال الألف سنة. المهم, أنا أتحدث عن الانطلاقة الجديدة للزيدية وهي مرتبطة بحدث الوحدة في عام 1990 وليس عن المعاقل الرئيسة للزيدية مثل ذمار وشهارة وغيرهما, والغرض من تركيزي على نقطة انطلاق هذا الحراك يكمن في مقصدي أن اضعكم في صورة الوضع الذي كانت عليه الأمور عند اندلاع الصراع في 2004.. دون التعرف على طبيعة الحركة الزيدية من عام 90 الى عام 2004, وبمعنى أفصح دون التعرف على هذا الحراك الذي كان بعيداً عن وسائل الإعلام ويستحيل بناء وجهة نظر معقولة حول أسباب الصراع في صعدة.

وفي السياق, يمكن القول إن الحراك الزيدي بدأ بعد سنوات الكبت والاقصاء والعزلة والتهميش إن جاز القول مع عام 1990م وفي هذه الاثناء اتسمت حركته بالسرعة وحاز على تأييد كبير وواسع وكان له تأثيره السريع أيضاً باستقطاب الجمهور.. جمهور المنطقة الزيدية, الجمهور التاريخي الذي كانت قد جرت محاولات رسمية, حتى قبل العام 1990 عند اقصاء الزيدية الدينية, لإحلال بديل للزيدية كمعتقد ديني رئيس وأصيل في هذه المناطق.. تمت حينها محاولات لزرع التسنن والتسنين داخل هذه المناطق بوتيرة عالية, على الأقل منذ السبعينيات.

المعروف أن أول معهد من بين المعاهد العلمية, أو ما عرف بالمعاهد العلمية التي كانت سنية إخوانية تم تأسيسه في المنطقة الزيدية, مثلاً في منطقة خولان في السبعينيات, وتم إحياء العديد من الرموز في المنطقة الزيدية حتى تمت عملية استعادة لبعض الرمزيات والشخصيات والمقولات التاريخية المتسننة لتكون على حساب الرأسمال الرمزي للزيدية.. تمت استعادة شخصية الامام الشوكاني كرمز بما أنه خرج عن المدرسة الزيدية الى مدرسة التسنن كذلك جرى استعادة شخصية ابن الأمير والمقبلي وغيرهما:

بعد عام 1990 حدث نوع من ردة الفعل غير الواعية انتجت حراكاً كبيراً ومتميزاً للزيدية الدينية بدأت, مثلاً الى عام 2004 كانت هذه خارطة انتشار الزيدية ومراكزها ومدارسها واتباعها.. منتصف العام 2004 كانت الزيدية المذهبية, الدينية قد غطت تقريباً كل مناطق نفوذها التاريخية بمدارس ومراكز علمية.. في صنعاء, مثلاً, كان الجامع الكبير قد أصبح لديه, بحلول عام 2004 ما يقارب 400 مركز تعليمي منتشر على عديد من المناطق داخل صنعاء وذمار وحجة, هذه المراكز تتوزع الى مراكز تعليمية دائمة طوال العام, او مراكز صيفية وكان للجامع الكبير ثلاثة مراكز للتعليم تستقطب اكثر من ثلاثة آلاف طالب داخل صنعاء, وهناك مراكز أخرى داخل صنعاء كانت مستقلة عن الجامع الكبير, منها مركز بدر ومركز النهرين الذي كان فيه أحد كبار مراجع الزيدية وهو العلامة حمود بن عباس المؤيد.. كان هناك شغل على صعيد استعادة حضور الذات داخل ما تعتبره مراجع الزيدية منطقة تاريخية لهم.

في صعدة كان هناك –مثلاً- ما يقارب (7000) رجل دين يعتبرون مرجعيات, كلهم من الجيل الثاني والثالث الذين تتلمذوا على المرجعيات الكبيرة مثل مرجعية مجد الدين المؤيدي, ومرجعية بدر الدين الحوثي.. كان هناك علامة واحد مثلاً, حسين بدر الدين الحوثي, كان لدى هذا العلامة في عام 2000 أكثر من 200 مدرس يدرسون طوال العام في هجرات دائمة داخل قرى ومناطق ممتدة من صعدة وصولاً الى ذمار.. هكذا كانت الزيدية الدينية تعيد انتشارها, تفتح مراكز في أي مكان, لم تكن تواجه أي مشاكل لأن القبيلي كان في أي منطقة يتلقفها بترحاب ويقول: هذا مذهب آبائنا وأجدادنا, تعالوا أهلاً وسهلاً.. كان هؤلاء المدرسون يمارسون التدريس على هامش التدريس الرسمي مثل بقية المدارس الدينية, كانوا موجودين حتى في عقر دار الحكم –إن جازت التسمية- كانوا موجودين في سنحان, في حاشد, في بني مطر, في خولان, في الحيمة....في داخل سنحان نفسها كانت المدارس الرئيسة المعترف بها, خارج الاعتراف الرسمي, بالنسبة للقبائل وللسكان المحليين, موجودة في حزيز وبالتحديد كانت موجودة, تمتد ابتداء من دار سلم الى حزيز الى المحاقرة الى بيت حاضر الى بيت عقب الى دار عمر الى مناطق عديدة جداً في بلاد الروس وصولاً الى عاطش.

المهم انتشرت المدارس الزيدية في كل المناطق ووصل هذا الانتشار الى مستوى الذروة بين عامي 93 – 94 وبعد ذلك تصاعدت وتمكنت من تغطية كل المناطق, كان الجامع الكبير يغطي كل مناطق صنعاء تقريباً وذمار وأجزاء من عمران وحجة, فيما كانت صعدة تغطي كل مديريات ومناطق صعدة وخارج صعدة وصولاً الى الجوف.. لو كانت لدينا خارطة مرسومة بيانياً وعملنا عليها اللون الاحمر لنوضح فيه هذا الانتشار للمراكز الدينية لكانت الخارطة امتلأت باللون الاحمر وقد تحقق ذلك فعلاً مع حلول العام 2004.. طبعاً أنا أعرف أن الكثيرين يفاجأون بهذه الحقيقة, لكن الحاصل كما سبق وأن أوضحت كان هذا الحراك غير مرصود على صعيد وسائل الاعلام, وكانت الزيدية الدينية تتحرك في بيئتها الطبيعية.. الناس كلهم في تلك المناطق وغيرها يعرفون حكاية مركز مقبل بن هادي الوادعي في دماج.. لماذا؟.. لم يكن هذا المركز في بيئته الطبيعية, كان وجوده هناك يشكل مفارقه أصلاً لأنه كان سلفياً في بيئة شيعية على العكس من هذه المراكز التي كانت تتحرك في بيئتها الطبيعية وكانت هذه العودة الكبيرة للزيدية غير واعية بحجم الخطر السياسي الذي كانت تمثله بالنسبة للحكم, وبمعنى أوضح كان تحرك الزيدية غير واع بالمخاطر والمترتبات السياسية التي سوف تنشأ عنه لأنه كان محكوماً بهم واحد فقط هو هم إنقاذ الذات من الفناء, لأن الزيدية الى العام 1990 كانت قد اوشكت على أن تصبح مجرد أشخاص ومرجعيات فقط, كان هناك عمليات تسنين وعمليات سلفتة للمجتمع لم تستهدف المجتمع الزيدي فقط بقدر ما كانت تستهدف المجتمع اليمني كله.

الزيدية حينما واتتها الفرصة للعودة, عادت بوعي من كان وجوده مهدداً بالزوال ولم يكن لديها مشروع سياسي, فهي عادت بصورة الزوايا المعروفة تاريخياً في كل مكان, مثل الزوايا الصوفية وغيرها.. لكن المشكلة في الزيدية الدينية أن لديها الوجه السياسي الذي إذا خمل في مرحلة من المراحل فإنها تستطيع استعادته في أي وقت حينما تنضج ظروف الاستعادة.

وأتصور على صعيد التحليل وعلى صعيد بعض المعلومات أن الحكم رأى في هذا الانتشار خطراً وجودياً بالنسبة له, إن لم يكن على المدى القريب أو المتوسط فهو خطر على المدى البعيد.. لماذا؟ لأن انتشار الزيدية الدينية بهذا الشكل, يخلق عملية تفريخ للعصبية القبلية التي يعتمد عليها الحكم لتحل محلها العصبية الدينية.. فالعصبية الدينية تدين بالولاء تلقائياً للمرجع, للمعلم, للعالم, للهاشمي في نهاية الأمر, بينما العصبية القبلية التي تدين بالولاء للشيخ هي العصبية التي يستند عليها الحكم: عصبية القبيلة.. ما أن يتم تبني تخلي القبائل عن هذه العصبية وتبنيهم لمجمل العقائد الدينية الزيدية, أو إعادة إحياء العقيدة الزيدية داخلهم حتى يتخلوا عن العصبية القبلية, أي أنهم يبتعدون أكثر عن الحكم, وعن مساندة الشيخ لمصلحة مساندة العالم والمرجع الديني.. يعني الحكم وجد نفسه انه قد يصحو في يوم من الأيام وكل قبائله أصبحوا متعصبين لمجد الدين المؤيدي أو لبدر الدين الحوثي أكثر من تعصبهم لعبدالله بن حسين الأحمر أو لرئيس الجمهورية أو لأي كان.

هذا في تصوري هو الخطر الأهم الذي أدركه الحكم ولم يدركه كثيرون ممن حاولوا أن يجدوا السبب الرئيس لما حدث في صعدة.. حتى على صعيد حزب الحق فإن الزيدية بدأت تستعيد دورها السياسي وضرب سريعاً عام 1994م بتغذية الحكومة لانشقاق حاد في صعدة بينما عرف بجماعة العلماء والشباب المؤمن وكانت هذه واحدة من محاولات فرملة هذه العودة الزيدية الكبيرة التي ظهر فيما بعد أنها كانت عودة كبيرة جداً.. يعني كان مثلاً, مجد الدين المؤيدي يخرج يعمل مخيماً لمصلحة حزب الحق, هو مخيم الفتح ويحتشد فيه أكثر من عشرين ألف, هذا كله في مدينة صعدة وحدها.

وقد جرب الحاكم الاصطدام السياسي المباشر بهذا الحراك في انتخابات 1993م وكان الصوت الغالب في صعدة لمصلحة الزيدية الدينية, لمصلحة حزب الحق, وبالأحرى لمصلحة المرجعية الممثلة بالزيدية الدينية ومجد الدين المؤيدي, وبعدها لجأ الحاكم لوسائله المعروفة وانتهى الأمر بأن حصد حزب الحق مقعدين فقط بعد أن أوشكت صعدة أن تصبح دائرة مغلقة لحزب الحق, وحزب الحق هو تعبير سياسي ناشئ للزيدية الدينية.

أتصور أن الحكم لم يكن مستعداً للسماح لهذه الحركة بالنمو أكثر والتطور أكثر واستقطاب المزيد من الجماهير داخل منطقته الاستراتيجية لأنه كان بذلك يفرط بالأداة الرئيسة من أدوات حكمه التي تعينه على الاستمرار في الحكم, ولذلك احتاج إلى أن يتخذ أكثر من إجراء لاحتواء وكبح هذا الحراك.

من المعروف أنه لم يكن يستطع عمل ذلك بإجراء قمعي واحد بحق كل المدارس التي نشأت.. كانت هذه عملية مستحيلة. لماذا؟

أولاً: لأنه لم يكن هناك مبرر على الإطلاق يقنع القبائل الذين سيقولون إن هؤلاء يعلموننا الدين, نحن كلنا مؤتمر لكن هذا هو ديننا ومذهبنا.. بهذا المعنى لم يكن أحد من السكان المحليين قابلاً بأن تأتي الحكومة تعطل مدرسة دينية أصبح يدرس فيها أولاده.

ثانياً: جربت الحكومة, أحياناً, مع مركز بدر العلمي لو تتذكرون, كانت تعتقل المرتضى المحطوري بين الحين والآخر, وتحدث ضجة من المنظمات الدولية والمحلية الحقوقية, لم يكن من السهل اتخاذ إجراء ينهي هذا الخطر تماماً بإنهاء وإغلاق جميع مدارسه.

وعلى ذكر مرتضى المحطوري يتوجب التنويه إلى أن الحركة الزيدية واعتباراً من عام 1990م كانت قد أفرزت مجموعة شخصيات قيادية داخل الزيدية الدينية أصبحت الحكومة تنظر إليها بحذر شديد.. أصبحنا نسمع عن الدكتور مرتضى المحطوري وهذا بالمناسبة كان يخرج إلى سنحان في زيارة للمراكز الدينية مثل خروج الفاتحين حيث تجتمع كافة القبائل لديه وترحب به باعتباره من يمثل دينهم ومذهبهم.

والى جانب المحطوري كان هناك يحيى الديلمي والمعروف انه كان قبل غزو العراق من رجال الدين المعروفين داخل صنعاء وقد أصبح لديه عدد من الأتباع ويؤثر في عدد من خطباء المساجد وأصبح يطلق المظاهرات بعد صلاة الجمعة وهذه لم تفعلها أحزاب سياسية, وكانت هذه المظاهرات حاشدة ومؤثرة ومنها مظاهرة ما يسمى بـ"الجمعة الدامية" قبيل غزو العراق وكان يحتشد في هذه المظاهرات الكثير من الناس.

وعلاوة على المحطوري والديلمي كان هناك محمد مفتاح وأسماء عديدة داخل صنعاء وأسماء عديدة داخل صعدة وداخل عمران وفي حرف سفيان و...الخ هذا كله هو حاصل الصورة الزيدية من عام 1990م الى لحظة اندلاع الحرب في منتصف 2004م. وعوداً الى ما سلف, كنت قد قلت إن الحكم لم يكن قادراً على قمع المدارس الدينية الزيدية في وضع سلمي أو في وضع سياسي طبيعي وبصدد ذلك يتوجب السؤال: ما الذي حدث؟

كان لابد من خلق حالة طوارئ تبرر مثل هذه الإجراءات, وحالة الطوارئ لا تخلقها إلا حرب, ولو حرب صغيرة. يبدو لي من هنا جاءت فكرة الحرب... الحرب التي استهدفت جماعة حسين الحوثي وهي إحدى الجماعات المكونة للحراك الزيدي, وهي جماعة ثانوية يدعونا أمرها الى السؤال عن السبب في اختيارها كهدف.. لماذا تم استهدافها أولاً؟

اعتقد أنها كانت مستهدفة كهدف ثانوي, لأن الهدف الرئيس من إشعال الحرب هو خلق حالة طوارئ تسمح باتخاذ إجراء قمعي ضد كل المدارس الزيدية والحراك الزيدي والعودة الزيدية بشكل عام.

لماذا تم اختيار حسين الحوثي في جبال مران؟

حسين الحوثي بعد أن دمر حزب الحق ولم يبق منه إلا شكل, كان هو أوضح تعبير سياسي داخل هذه الحركة الدينية التي ظلت تعمل في مجال الدين ولم تصل الى السياسة بعد, أو لم تستعد وجهها السياسي بعد. الحاصل هو أن من بدأ باستعادة الوجه السياسي لهذه الحركة هو حسين الحوثي في جبال مران من خلال رفعه للشعار المعادي لأمريكا وإسرائيل ومن خلال حديثه عن ضرورة أن يلتحق اليمنيون والزيود بالصراع الأكبر ضد قوى الاستعمار والصهيونية....الخ.

وبدأ مشروع حسين الحوثي يتخلق بشكل مؤثر وأصبح يستقطب العشرات والمئات, وفي البدء كان مشروعه فكرياً ولم يكن لديه البعد العسكري وإن كان يتحدث عن البعد العسكري في السياق المتصل بأمريكا وإسرائيل. حينها كان قد بدأ بإرسال حملة دعوته أو مشروعه الجديد إلى مناطق مختلفة, منها الجامع الكبير بصنعاء ونحن نتذكر أن هتافات الشباب الذين كانوا يرفعون شعار "الموت لأمريكا وإسرائيل" قبل الحرب وكانت تلك واحدة من إرهاصات الحرب, وكان ذلك الشعار يرفع بالجوامع في صنعاء وصعدة وفي الجامع الكبير بصنعاء أولاً –هو شعار الثورة الإيرانية-.

بهذا شكل حسين الحوثي الهدف المناسب للحكومة لكي تبدأ ما خططت له وبالفعل بدأت الحرب في صعدة منتصف 2004 ولم تنته الجولة من الحرب وهذا ما لم يرصده كثيرون- إلا وكانت الحركة الزيدية قد ضربت في كل مكان, ليس في مران فقط, وتم إغلاق المدارس الدينية في صنعاء, في آنس في ذمار, في سنحان في كل مكان وحصل كل ذلك بتهمة الحوثية.

لأن استخدام تهمة الحوثية مكن الحكومة من النجاح في تشويه الحركة الزيدية تماماً وتعبئة الرأي العام ضدها, وأصبحت القبائل تبادر من نفسها لإغلاق المدارس في مناطقها.. عموماً انتهت حرب صعدة مع نهاية الجولة الأولى, ولذلك فإني اعتقد بأن حرب صعدة قد حققت الهدف المرجو منها وبموجبها استطاعت الحكومة إغلاق كل شيء بما في ذلك مركز الجامع الكبير حتى مركز بدر تحول إلى مركز أشباح.. أغلقت المراكز أولاً واعتقل جميع الناشطين ثانياً وهناك إحصاءات وبيانات معروفة لدى المنظمات والجمعيات المعنية بالقضايا الحقوقية.. هذا ما أنشأ المقولة التي يتحدث عنها الجميع بأن السلطة أخطأت في خلطها بين الزيدية والحوثية.. هي لم تخلط بقدر ما أقدمت على فعل مقصود, في نظري.

وعلى سبيل المثال يمكن التذكير بإقدام السلطة على اعتقال كل من يحيى الديلمي ومحمد مفتاح اللذين اعتقلا واعتقل العشرات من تلاميذهم, ويمكن السؤال: ما علاقة اعتقال هؤلاء بصعدة أو بحسين الحوثي؟

أغلقت كل المدارس, اعتقل جميع الناشطين سواء الناشطين من المدرسين أو من الطلاب وانتهت الحكومة في وقت وجيز من هذا كله.. حتى دار العلوم العليا, وهي مدرسة رسمية طبعاً, وكانت المدرسة الوحيدة التي تسمح بتعليم الفقه الزيدي أغلقت, وتكرس بذلك تغييب الفقه الزيدي كلياً من مناهج التعليم, طبعاً, تعرفون أن المنهج الرسمي المقرر في المدارس هو المنهج الوهابي وهو منهج سلفي.. الزيدية وجدت نفسها مقصية من الحياة العامة لليمن وأبرز معالم هذا الإقصاء يتجلى في عدم وجود أي تمثيل لها في المنهج الدراسي مع أنها شريحة موجودة داخل المجتمع ولديها فقهها, وتصوراتها.. وعلاوة على ذلك جرى تغيير اسم دار العلوم وألغي المنهج الذي كان يدرس فيها وتم إغلاق أو حل حزب الحق وهذه كانت من الخطوات المتخذة ضد الزيدية الدينية والسياسية وأغلقت صحيفة "الأمة" واقتحم مقر اتحاد القوى الشعبية وصودرت صحفه واتخذت سلسلة الإجراءات القمعية بحقه.. هذا ما حدث حين أقول بأن الحرب نجحت في تحقيق أهدافها من الجولة الأولى.

كان ذلك في الجولة الأولى, لكن ما حدث لاحقاً يطالعنا بحقيقة أن ما كان ثانوياً وتمثل بحسين الحوثي وجماعته كهدف تحول إلى مشكلة, رئيسة لأنه تمدد, ذلك أن الحرب برهنت على صدق نبوءة يعتبرها أتباعه من نبوءاته هو, قال: عليكم أن تشتغلوا هنا والذي يقول إن أمريكا وإسرائيل غير موجودة يكذب.. إرفعوا الشعار وسيحاربونكم ويأتون إليكم حيث انتم, وحين جاءت الحكومة قال لهم: انظروا لقد حاربوكم ووصلوا إليكم بمجرد رفعكم للشعار.. حاربوكم بالنيابة عن أمريكا وإسرائيل, وبذلك استطاع أن يستقطب مزيداً من الأتباع.. الحرب جاءت بشكل مباغت.. سلسلة الإجراءات التي اتخذت ضد الزيدية بشكل عام أثبتت للزيدية قبل أن تثبت لغيرهم أن المستهدف ليس حسين الحوثي ولا جماعة الحوثي, بل المستهدف هي الزيدية بشكل عام وبذلك تحول حسين الحوثي إلى منطقة استقطاب لكل الزيود داخل صعدة وخارج صعدة فالتحق به المزيد من المقاتلين لتتحول بذلك جماعة الحوثي إلى مشكلة رئيسة أفشلت الحرب.

بهذا المنحى أو بهذه الإجراءات القمعية أسهمت السلطة في تغيير وجه الزيدية تماماً.. نحن نعرف أن حسين الحوثي كان جزءاً من الزيدية, والزيدية منظومة فقهية وتشريعية وعقائدية معروفة منذ أكثر من ألف عام.. كانت الزيدية منقسمة على نفسها أيضاً, فهي كانت مع هذا الانتشار واعتباراً من العام 1994م حتى عام 2004م منقسمة على نفسها بشكل كبير جداً, كان هناك خلاف حاد بين جماعة حسين الحوثي التي تم تعريفها بجماعة "الشباب المؤمن" وبين جماعة العلماء الكبار ومنهم مجد الدين المؤيدي.. هذا الخلاف وصل في مرحلة من مراحله إلى درجة التكفير, وكانت جماعة "الشباب" مقصية من قبل العلماء وكبار المراجع.. حينما جاءت الحرب وأغلقت كل إمكانات الزيدية وواجهها حسين الحوثي وأتباعه بقوة منحت حسين الحوثي وتصوراته ورؤاه الجديدة التي تسببت في إحداث هذا الشرخ مع المرجعيات الكبيرة تهيأت للحوثية فرصة لاكتساب الشرعية الرئيسة داخل الزيدية الدينية ولأن تصبح ممثلة لها ولأكثر من ذلك, ما يعني إسكات كل صوت معارض لها داخل الزيدية.

بعد ست سنوات انتهى بنا الحال إلى درجة أصبحت معها الزيدية الآن وبشكل رئيس: زيدية حوثية, لا يمكن الفصل, حالياً, الزيدية عن هذا التعريف.. لا يمكن في الوقت الراهن ومستقبلاً الفصل بين الزيدية والحوثية.. لم يعد ممكناً الفصل بين الزيدية والحوثية, مثلما لم يكن ممكناً لنا أن نفصل, من قبل, بين الزيدية والهادوية.. نحن نعرف أن الزيدية أنتجت فرقاً, لكن منذ أن أسس الإمام الهادي دولة الزيدية في اليمن انتهت الزيدية في كل مكان واستمرت الزيدية الهادوية, وكانت تظهر دائماً فرق صغيرة وتختفي مثل المطرفية, الجارودية و... و... وبقيت الزيدية الهادوية وعملياً أضحت الزيدية تسمى بالزيدية الهادوية لأنه لم يعد هناك, في الواقع أي زيدية أخرى غير الزيدية الهادوية.. المنعطف الخطير الذي حدث بدءاً من 2004م تمثل في أنه نقل الزيدية هذه النقلة المتقدمة جداً.. نقلها من زيدية هادوية إلى زيدية حديثة وهي زيدية مغايرة تماماً للزيدية التاريخية التي تعارفنا عليها.. زيدية مختلفة في أهم بناها الفكرية والعقائدية.. مستقبلاً أتصور أنه بفعل الحرب, وفعل الفرصة الذهبية التي وفرتها الحرب لحسين الحوثي وأفكاره ومجموعة مشروعه لن يصبح لدينا سوى زيدية حوثية.. الزيدية الحوثية ترتكز على مجموعة مقولات يتم الآن تطويرها, ومن الوارد أن يتم تطويرها.. كان دور حسين الحوثي يتمثل في مشروع واضح داخل الزيدية وهو مشروع نقدي للزيدية يروم نقل الزيدية من "الحوزة" أو من "الزاوية" وبالأحرى نقلة من "الحلقة" والمسجد –الحلقة هي تعبير الزيدية- الى الفعل السياسي والتأثير السياسي, وكانت هذه عبارة عن عملية إعادة لهوية الزيدية التي كانت عليها في التاريخ.. الزيدية كانت حركة سياسية بامتياز وفي بدء تأسيسها مع زيد بن علي كانت حركة معارضة, أولاً معارضة مدنية ثم معارضة مسلحة.

هكذا كانت الزيدية, كانت حركة سياسية بامتياز لم تكتسب رؤاها السياسية والفكرية والدينية والعقائدية إلا عبر تدرج طويل ومراحل مديدة.. تجربة حسين الحوثي وهي تعتبر من أبرز معالم التحول في الهوية الزيدية, تستند الى مجموعة أفكار ومجموعة هذه الأفكار هي التي منحت الحوثيين أو الزيديين قوتهم وقدرتهم على الصمود إلى هذه اللحظة.

وفي السياق كان على حسين الحوثي من أجل أن يستعيد الدور السياسي للزيدية أن يقضي على فكرة الحلقة وعلى التقليد الذي كان يقضي بضرورة أن يتتلمذ الناس في الحلقة ويدوروا في فلكها إلى ما نهاية, وفي ذلك كان ينطلق من الاعتقاد أن الحلقة تحكم على الناس بالعزلة طوال أعمارهم.

وبالمناسبة كان حسين الحوثي بمثابة مرجعية دينية, ونافذة ومرجع في الزيدية, علاوة على كونه ناشطاً سياسياً يتمتع بكيمياء في النشاط السياسي وهو من مؤسسي وقادة حزب الحق وكان من المؤهلين لقيادة أتباع في العملية السياسية كما كان ممثلاً لحزب الحق في البرلمان والمشكلة أن الحكومة ضربت حزب الحق كجزء من إدارتها للحياة السياسية في البلاد.

الرجل وجد نفسه في وضع يدعو لمواجهة سؤال الحياة السياسية في اليمن التي أضحت في نظره غير نظيفة, غير صحية ومن هنا تبلور مشروعه السياسي معارضة النظام وتبني شعار مواجهة إسرائيل وأمريكا, واعتقد أن السبب في ذلك هو نفس السبب الذي تهرب الحركات الإسلامية السياسية إليه حين تموه اندفاعها لمواجهة المظالم المحلية برفع شعار مواجهة التحديات الإقليمية والدولية وتتمثل مجموعة أفكار حسين الحوثي في التالي:

أولاً: الاجتهاد ليس حكراً مطلقاً على أي أحد, أنت مسلم تستطيع أن تجتهد في أي وقت, وتستطيع أن تقرأ القرآن وتجتهد وتبني رؤيتك الخاصة بهذه الفكرة هو يقضي على واحدة من أهم مقولات الجماعات الدينية وهي مقولة: الواسطة. نحن نعرف أنه دائماً هناك واسطة بين المسلم وبين الله, بين المسلم وبين القرآن. الزيدية مثلها مثل غيرها من الحركات الدينية تعتمد مقولة الواسطة, فالقرآن لا يستطيع تفسيره وشرحه إلا العلامة أو المرجعية... حسين الحوثي جاء ليقول (لا) أنت لست بحاجة لأن تدرس علوم الدين لعدة سنوات في الحلقة العلمية لكي تصبح مجتهداً أو من أجل أن تتحصل على أربعة عشر شرطاً من شروط الإسلام, المعروف أن المدرسة الزيدية واحدة من المدارس الدينية التي حافظت على باب الاجتهاد وأبقت عليه مفتوحاً, مع الإشارة إلى أن ذلك كان ضمن ضوابط تصل الى أربعة عشر ضابطاً وهي ضوابط تجعل من مسألة الاجتهاد في غاية الصعوبة, وجاء حسين الحوثي ليقول انك تستطيع ممارسة الاجتهاد وبمقدورك أن تفهم القرآن لأنه نزل بلسان عربي وهو ليس مجموعة الغاز, ويكفي أن تمعن في قراءته وتستطيع أن تفهم وتفسر ما جاء فيه.. أنت تحتاج القرآن من أجل أن تواجه مشكلاتك في المجتمع, وتواجه أفيال العصر, أمريكا وإسرائيل وتقيم دولة إسلامية.. وبمعنى أوضح نزع حسين الحوثي صفة القداسة عن الواسطة, لم يعد المرجع الديني مهماً وفي هذا المنحى كانت هذه النقلة خطيرة جداً والمعروف أن كثيراً من المفكرين والمستشرقين يعتبرون الواسطة من أهم المشكلات بل المعوقات التي يعاني منها الفكر الديني كونها تكرس لتراتبية تشل حركة تفكير الأفراد واستقلاليتهم, ثم أن عملية إزاحة الواسطة تمنح المتلقي أو التابع إحساساً كبيراً جداً بالذات وتصل به إلى مستوى الرضا عن ذاته ويبدأ بتبني هذه الأفكار بصورة عقائدية ويصبح على استعداد أن يبذل حياته ثمناً للدفاع عن تلك الأفكار.

من هنا لم يعد المرجع في تفكير حسين الحوثي هو المركز وأصبحت المركزية متاحة لكل الناس وصار بمقدورهم أن يصنعوا شيئاً وأن يحدثوا فرقاً دون انتظار لعالم أو مرجع وهكذا أصبح أمر القيادة متاحاً لأي شخص عوضاً عن ذلك الذي كان منمطاً في صورة شيخ معمم ذي لحية بيضاء, أصبح المرجعية بالنسبة للزيدية الحوثية الجديدة هو عبدالملك الحوثي –مثلاً- وأصبح الناس ينقادون له وهو شاب متمثل لمشروع أخيه يستطيع أن يتكلم ويفهم دينه جيداً وفقاً لمعايير حسين الحوثي وبميسورة أن يصبح مرجعية وله كلمة على عدد من المشايخ وأصحاب النفوذ.. هذا وجه من وجوه الزيدية الجديدة, الزيدية الحوثية, وهي زيدية ترتبط بالفعل السياسي سواء بالعمل المدني السياسي السلمي أو بالفعل الحربي إن اضطرت إليه.. هذا أبرز تجديد لحسين الحوثي.

وتبعاً لذلك أسهمت الحرب في تحويل معظم الزيدية إلى زيدية موالية لحسين الحوثي, وأصبح من الصعب اليوم أن تدخل إلى بيت زيدي يعتقد بالمذهب بالاختيار وينتقص من مكانة حسين الحوثي كما تكرس هذا الاسم خلال ستة أعوام كرمز وصار بمثابة الرأسمال المتبقى للزيدية.. رأس المال الذي يثير خيال ويلهب حماسة الآلاف من الشباب الزيود الذين ينتمون إلى مختلف أرجاء المنطقة الزيدية.. هكذا أصبح من الصعب الفصل بين ما هو زيدي وما هو حوثي, وأنا هنا لا أتكلم لكي أبرر للإجراءات التي اتخذت بحقهم كما أني لست في موقع الاحتفاء بما أصبحت عليه الحوثية, لكن هذا باختصار شديد ما لدي, واعذروني إذا ما كانت هذه الإطلالة مشتتة.. هذا ما أردت أن أصل إليه فالمقدمات تفيد ما حدث في صعدة كان عبارة عن صراع زيدي- زيدي.. صراع الزيدية القبلية مع الزيدية الدينية, لأن الزيدية القبلية الحاكمة رأت بأن الزيدية الدينية قد تستعيد نفسها وتشكل خطراً عليها مستقبلاً وعلى حكمها.. كما أن هذه الحرب التي شهدتها صعدة باستهدافها للحراك الزيدي أو ما أسميته بـ"العودة الزيدية" أنتجت شرعية أكبر للحوثيين وتمثيل الحوثية حتى أصبح من المستحيل الفصل بين الزيدية الحوثية والزيدية بشكل عام, ومن الراجح أن يصبح التمثيل المستقبلي للزيدية سيكون الزيدية الحوثية, ما يعني أننا نعيش, فيما يتعلق بتاريخ المذهب الزيدي انعطافة تشبه تلك الانعطافة التي صنعها الإمام الهادي في 280 للهجرة بتأسيسه للزيدية الهادوية.. نحن نعيش تخلق زيدية جديدة هي الزيدية الحوثية واعذروني على الإطالة.



- محمد عائش كاتب وصحفي مستقل –من مواليد عام 1979م

- ولد في منطقة آنس في جبل الشرق- درس الابتدائية والإعدادية في صنعاء بدار العلوم, ثم القانون بعدها بالجامع الكبير بصنعاء

- تخصص في الدراسات الدينية, وتحديداً في اللغة العربية والعلوم الدينية

له مجموعة من الابحاث والمقالات التي تخوض في الشأن الفكري والشأن العام, أهمها كان ما كتبه أخيراً حول الصراع في صعدة

عمل مديراً لتحرير صحيفة "الشارع" ثم رئيس التحرير التنفيذي لمجلة "أبواب", ثم رئيس الموقع الالكتروني لـ"الشورى نت", ثم مديراً لتحرير صحيفة "صوت الشورى".
" أعيش وحبكم فرضي ونفلي .... وأحشر وهو في عنقي قلادة"

صدى الاسلام
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 26
اشترك في: الأحد فبراير 26, 2006 12:53 pm
مكان: السعودية
اتصال:

إستفتاء هام :: بشأن إغلاق المجلس السياسي

مشاركة بواسطة صدى الاسلام »

ماأجمل ان تشارك العقول بعيدا عن السياسة المنقوووووووووله ((نسخ لصق)) هموم ومشاكل الامة الاسلامية و مشاكل أبناء الزيدية


أظن ان الغالبية العظمى من الاعضاء في هذه المجالس المباركة
قد نفروا منه بسبب الحجب لصعوبة الدخول اليه ولاسباب {أمنية} بسبب المجلس ((السياسي))

اقترح على الادارة الكريمة ان تعمل إستفتاء على إغلاق المجلس السياسي لعدم أهميته في هذا الوقت بل لانه يزيد الطين بله
واظن انا لو تعقلنا المسألة لكفانا ذلك التعقل دون أي استفتاء

نشر الفكر أهم من ((النسخ واللصق))

دعوا المجالس للشباب والباحثين ليستفيدوا منها
لاتجعلوها تمشي وفق اهواء شخصية او حزبية
لانها تتكلم باسم جميع((الزيدية))
فوالله انكم محاسبون على ذلك
لاتصغوا الى اؤلئك المهرجين والمطبلين واعيدوا المجالس الى حلتها الطبيعية
تحياتي لجميع العقلاء
يانفس قد ازف الرحيل*** واضلك الخطب الجليل
فتاهبي يانفس لايلعب **** بك الامل الطويل

الشريف الحمزي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 431
اشترك في: الخميس يونيو 23, 2005 4:42 pm

Re: إستفتاء هام :: بشأن إغلاق المجلس السياسي

مشاركة بواسطة الشريف الحمزي »

بعد التحية والتقدير
اخي الكريم سبق أن طلبت بهذا المقترح ولكن للاسف لم نجد
تجاوب وكان النتيجة ماذكرتم من عزوف للاسف
عموما أنا مع الفكرة تحياتي
أنا ابن عليّ الطهر من آل هاشم *** كفاني بهذامفخراً حين أفـــــخر
وجدي رسول الله أكرم من مشى *** ونحن سراج الله في الأرض يزهر

مغلق

العودة إلى ”مجلس آراء الأعضاء ومقترحاتهم“