سمسرة الحسم في حرب صعدة

أضف رد جديد
صوت الحرية
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 460
اشترك في: الاثنين سبتمبر 06, 2004 9:45 pm

سمسرة الحسم في حرب صعدة

مشاركة بواسطة صوت الحرية »

سمسرة الحسم في حرب صعدة
عبدالباسط الحبيشي

أصبح واضحاً للعالم أن مسألة حسم معارك صعدة بجيش متهالك مجرد أحاديث
أوهام يرددها نظام صالح عبثاً لإقناع الخارج بقدرته على حسمها مما دفع
الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي الإعراب عن قلقهما لنتائج هذه الحرب
والمطالبة بإيقافها فوراً قبل أن تستفحل جذوتها وتفضي إلى حرب أهلية على
مستوى اليمن بأكملها.

صالح أكثر من غيره يفهم بأنه من المحال ألإتيان بحسم عسكري مؤزر لاسيما
وهو يعرف أن جيشه لم يؤهل إلا لحمايته والقيام بالإستعراضات العسكرية في
المناسبات الوطنية فقط فضلاً عن عدم إيمان هذا الجيش بالأهداف الوطنية
للحرب سوى المتاجرة بالوطن. فعمد على إستقدام القبائل والعمائم للإنخراط
فيها مقابل إغراء الأسلاب والغنيمة وأموال الإرتزاق المنهمرة من الجارة
الكبرى.

ألإدعاء بأن الحرب لن تضع أوزارها حتى تلبي الشروط الستة التي تم تهديد
الحوثيين بها ، يعرف الجميع بأن هذه الشروط ، بإستثناء شرط واحد سنأتي
على ذكره لاحقاً ، قد وردت في إطار إتفاقيات الوساطة القطرية ورفضتها
السلطة ولم يرفضها الحوثيون.

إذاً لكي يتم الحسم العسكري ، لابد من إخراج سياسي لهذه الحرب يفضي
بإنتصار الطرف الرسمي تحت شعار هذا الحسم لإنقاذ ما تبقى من ماء الوجه
وإستعادة بعض الهيبه بالإيحاء أن السيطرة على زمام الأمور في البلاد لا
تزال قائمة أو ممكنه لأنه بغير إنتصار الحاكم ستفتح على السلطة أبواب
جهنم من كل حدب وصوب وسينادي أصغر متنفذ أو أصغر شيخ بإخراج قريته عن هذه
السلطة المترهلة الفاشلة.

الشروط الستة لا يستطيع أن يهديها للسلطة أحد سوى آل الحوثي إن هم قبلوا
لعبة المساومة والمتاجرة بالمال الرخيص ولن يكلفهم ذلك شيئاً. في الحقيقة
، لن يكلفهم حتى الإلتزام بالشروط. كل المطلوب هو إعلان شكلي عن تنفيذهم
لهذه الشروط ليتسنى له بعد ذلك الإعلان عن بطولة مزيفة كبقية بطولاته
السابقة وإنتصارساحق ومجلجل أمام العالم والجارة الكبرى ليقبض المكافأة
المتبقية من الصفقة ولا يمانع أن يتعهد كذباً بصرف جزء منها للحوثيين إن
وافقوا على ذلك وما الوساطة القائمة الان تحت أزيز الطائرات وقصف
الصواريخ إلا لإجبار الحوثيين على الموافقة على هذا العرض ليس إلا، وإلا
ماذا يعني التورط في الإعلان عن حسم عسكري مع المعرفة المسبقة بالفشل عن
تحقيق هذا الحسم والسماح للوسطاء إجراء إتصالاتهم المشبوهة في آن.

لكن من الواضح أن السلطة لم تحصل على شئ ولن تحصل إلى على الخسران
المبين لا سيما بعد إعلان الحوثيين بأنهم ينوون مواجهة السلطة بحرب
إستنزاف طويلة الأمد وهذا ما يخشاه صالح ويضعه أمام خيارين لا ثالث
لهما. إما الحسم العسكري الحقيقي وهذا من رابع المستحيلات ونحن نشهد
تداعيات ألويته الجرارة الواحدة تلو الأخرى ، أو فشله الذريع والمهين في
الحرب التي حتى لو تراجع عنها أو أوقفها بالتلفون ستكون فضيحة مجلجلة
لاشك أنها ستأتي على البقية الباقية من هيبة دولة فاشلة.

وما يؤكد على ذلك هو النظر إلى الشروط السته التي يتخللها شرط لم يدرج
في إتفاقيات الوساطة القطرية ، وهو شرط إعادة المختطفين الأجانب ، الذي
يعتقده البعض بأنه شرط تعجيزي من أجل مواصلة الحسم العسكري حتى وإن
إستسلم الحوثيون كونهم لا يستطيعون تنفيده لأنهم ببساطة لم يقوموا بهذه
العملية الإجرامية التي تريد السلطة أن تلصقها عليهم وتدحرجها ضمن الشروط
كصفقة متكاملة (package deal) لكن فات مُخرج ومهندس هذه الشروط الستة
أنه بإضافة هذا الشرط بالذات قد فضح أمر الحسم وفضح أيضاً أهداف السلطة
من خلال ألإعلان المُمل والمتكررعنه مع الفشل الواضح على الأرض كون
إضافة هذا الشرط يدل على أن:

- المُختطَفين الأجانب لا يزالون على قيد الحياة وأنهم في عهدة السلطة
وبما أن إطلاقهم من قبلها يُعد إعتراف بالجريمة. لذا فهي ترغب أن تقنع
الحوثيين بالترهيب والترغيب أن يقدمون إعترافاً مجانياً كاذباً بها لتجعل
منهم غطاء عن فضيحة القتل للممرضات الثلاث والإختطاف مقابل التوقف عن ضرب
صعدة بالصواريخ وقتل الأبرياء وإراقة الدماء مع بعض الضمانات المصاحبة
لهذه الصفقة وإستغلال هذا التنازل لاحقاً. لكن محاولة تعزيز موقف السلطة
بهذا الرهان لا شك أنه خاسر وخطير وإنتحار لأنه أحرق عليها جميع السفن
لمحاولة العودة والإنسحاب أو التراجع بمكالمة هاتفية كما حصل في الحرب
الخامسة إلا إذا كان هذا عمل متعمد وضمن السيناريو لتدمير البلاد.

وإذا أفترضنا جدلاً بأن السلطة لم تتعلم من الدروس السابقة لها بأن هناك
رجال لا تُشترى ولا تُباع بالمال ، وقد حاولت ذلك مع الحراك الجنوبي
وفشلت. وحاولت مع الحوثيين مراراً ورُفضت. دعونا إذاً نُحسن النية بها
على أساس هذا الفرض ونقول بأن هذه السلطة لم تدرك بعد بأن هناك بشر لا
ينتمون إلى طينتها الفاسدة. ولم تدرك بأن هناك من يؤمن بالمبادئ والقيم
والمثل العليا ومحصن من تدمير وعيه الإنساني والعقائدي ، رجال لا يعنيها
المال المدنس بشيٍء ، لذلك خاب ظنها ورهانها ، فوقعت في هاوية الحسم
الإفتعالي والبطولات العنترية والتلفيقية الكاذبة وأستهانت بقدرات
الحوثيين الأشاوس وأعتقدت بأن هجوم عسكري مكثف تستخدم فيه كل الآليات
العسكرية والإسلحة المحرمة ستخيفهم وتجعلهم يركعون ليصبحوا لقمة صائغة
يقبلون بأي شروط تملى عليهم.
هاهم الحوثيون يقدمون مبادرة نقيضة لمبادرة السلطة بأن توقف حربها الغير
مبررة على أبناء اليمن. السؤال: ما عساها فاعلة بعد الآن وهي ترى مواقعها
تتهاوى الواحدة تلو الأخرى؟؟.
bassethubaishi@yahoo.com

أضف رد جديد

العودة إلى ”متابعات حرب صعدة“