مناقشة متروية لإشكالية مشتعلة (الأزمة بين حزب الله ومصر)

أضف رد جديد
طالبة حق
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 43
اشترك في: الاثنين يناير 26, 2009 2:49 pm

مناقشة متروية لإشكالية مشتعلة (الأزمة بين حزب الله ومصر)

مشاركة بواسطة طالبة حق »

مناقشة متروية لإشكالية مشتعلة



المعلومات التي تجمعت في سياق الحملة التي أطلقها بيان النيابة العامة المصرية لأمن الدولة حول ما سمي بقضية شبكة حزب الله ، محورها قيام الحزب بتنظيم مجموعات من المواطنين لبنانيين وفلسطينيين ومصريين وربما من جنسيات عربية أخرى بهدف إقامة بنية تحتية من المواقع الآمنة وطرق المرور للتسلل إلى قطاع غزة المحاصر ، بقصد تهريب أسلحة ومقاتلين وأموال إلى منظمات المقاومة الفلسطينية .

هذه هي القضية برأسمالها وفي حال أزلنا منها شوائب التحريض والمبالغات السياسية التي نسبت إلى الحزب تحضير عمليات ضد أهداف إسرائيلية أو أميركية على الأرض المصرية وفي قناة السويس فالواضح من محضر الاستجواب المنشور في بيروت وبعد خطاب السيد حسن نصرالله أمين عام حزب الله أن بعض المعطيات التي ألصقتها الرواية الرسمية المصرية كانت مصنعة ومفتعلة لاعتبارات سياسية .

الحقائق الفعلية التي صرح بها السيد نصرالله بدت مقنعة لجميع من تعاملوا معها بعقلانية وهو أثار بذلك إعجاب الأصدقاء والأعداء لأنه أثبت مصداقية سلوك الحزب بالتصريح العلني عما يفعله ويقوم به انطلاقا من اعتقاده بصوابه وطنيا وأخلاقيا وقوميا ودينيا وفقا للمعايير التي يعتمدها في قياس قراراته وأفعاله .

أولا : إن مجموعة من المبادرات اللبنانية والعربية تتحرك منذ اندلاع هذه الأزمة بقصد تهدئة الأجواء بين الطرفين وبعدما تواصلت الحملة الحكومية المصرية على الحزب وبالرغم من دعوة السيد نصرالله للمعالجة الهادئة وإثر تثبيته لمعايير مبدئية يتبناها الحزب في موقفه الرافض للتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد العربية ورفضه القيام بأي عمل يتعرض للأمن الوطني المصري أو يمس استقرار النظام العام .

من الواضح أن هذه المبادرات ما تزال في بداياتها وهي قد تفلح في تسوية الأزمة الراهنة لكنها لن تنهي أصل المشكلة التي ستحكم الواقع العربي بمستوييه الشعبي والرسمي خلال الفترة المقبلة وبناء على طبيعة المرحلة الجديدة التي تعيشها القضية الفلسطينية وبعد صعود المقاومة وانتصاراتها في مجابهة العدو الصهيوني منذ العم 2000 على وجه التحديد .
السؤال الذي يطرح نفسه يتعلق بالتحديد بالموقف من المقاومة وبالكيفية التي يمكن التعامل بها مع متطلبات دعم المقاومة الفلسطينية ومراعاة الواقع السياسي والأمني الخاص في دول الجوار الفلسطيني أوفي منطقة الطوق كما درجت العادة على تسميتها منذ عام النكبة وقيام الدولة العبرية وللتذكير فإن مفردة الطوق هي اصطلاح في الجغرافيا السياسية يعود إلى زمن النهضة القومية والعهد الناصري بالذات .

ثانيا : إن النقاش العربي الداخلي حول المقاومة العربية الجديدة التي يعبر عنها حزب الله وفصائل المقاومة الفلسطينية بقيادة حماس ، هوحوار متشعب ومتداخل ، لأن الانقسام حول جدوى المقاومة والموقف منها يحكم الواقع الرسمي العربي كما تبين في قمة الدوحة التي انعقدت لنصرة غزة شعبا ومقاومة وغاب عنها جناح مهم في النظام العربي كما أن هذا الانقسام يطال في جانب منه مكونات ما يمكن الاصطلاح على تسميته الشارع العربي حيث ترسبت بعض عمليات التشويه المذهبية والسياسية التي جرى تصنيعها لحجب فكرة المقاومة وثقافتها عن الجمهور العربي العريض الذي تفاعل بعفوية شديدة مع انتصارات حركات المقاومة وإنجازاتها في لبنان وفلسطين والعراق وهذه المسالة تحكم بالمستوى نفسه العلاقة المتوترة بين الشارع وقواه الحية من جهة والأنظمة التي تورطت في ركاب مغامرة إدارة بوش على امتداد السنوات الثماني المنصرمة .

ثالثا : هذه التناقضات تستدعي تحريك الحوار بهدوء ومن غير لغة الإثارة والتحريض والمبالغات ولكنها تتطلب صراحة ووضوحا في إعادة تقويم المواقف والخيارات بالاستناد إلى الحقائق الموضوعية :

الحقيقة الأولى هي أن ما سمي بمحور الاعتدال لم يكن يعتبر المقاومة قوة قادرة على صد العدوان الإسرائيلي وفرض توازنات جديدة لمصلحة العرب وهو رمى بثقله السياسي والمادي والأمني لمؤازرة فريق السلطة الفلسطينية وفريق الموالاة في لبنان تحت وهم التخلص من المقاومة أو تحجيمها وقد فشلت هذه المحاولات حتى تاريخه وأثبتت المقاومة جدارتها .

الحقيقة الثانية هي أن دول ما يسمى بمحور الاعتدال تربطها علاقات وثيقة بالإدارة الأميركية وبأجهزتها الأمنية والسياسية المتورطة في دعم إسرائيل والمجندة لخدمة أولوياتها الأمنية وفي صلبها مطاردة المقاومة واستهدافها وتعميم توصيفها بالإرهاب وتتعرض هذه الأنظمة لضغوط وطلبات أميركية متواصلة بهدف إشراكها في منع أي مساعدة مالية وأي نشاط سياسي أو عملي قد تفيد منه حركات المقاومة .

الحقيقة الثالثة هي أن دولتين عربيتين هما مصر والأردن ترتبطان بمعاهدتين مع إسرائيل وتقيمان تنسيقا أمنيا وسياسيا مع إسرائيل وهذا ما تسميه الحكومتان المصرية والأردنية بالظروف الخاصة التي تطلبان من العرب والفلسطينيين خصوصا مراعاتها .

الحقيقة الرابعة وهي أن المقاومة الفلسطينية بالتحديد تحتاج بصورة حاسمة إلى مساندة من دول الطوق بحكم الجوار الجغرافي مع الضفة الغربية وقطاع غزة وفلسطين المحتلة عام 48، كما إن ذلك غير قابل للتحقق سوى عبر تفاهم على قواعد تراعي ظروف واعتبارات الأطراف المعنية أي الأنظمة والحكومات في كل من مصر والأردن وسوريا ولبنان من جهة وحركات المقاومة من جهة أخرى .

إن تحريك حوار عربي جدي حول هذه العناوين بالذات يستدعي الانطلاق من حصيلة التجربة التاريخية ودروسها التي تجزم بأن المقاومة قدمت الحل التاريخي لمأزق الصراع مع العدو الصهيوني بينما العملية السياسية التي انطلقت في مؤتمر مدريد ميتة وغير قابلة للحياة مع الخيارات الإسرائيلية المجربة والمكشوفة كما برهنت عليها حرب غزة والانتخابات التي جاءت بحكومة نتنياهو- ليبرمان - باراك .

من الضروري التنويه بأن مثل هذا النقاش يتطلب آليات للتواصل داخل الغرف المغلقة وليس السجال عبر وسائل الإعلام .

رابعا : يستثمر ما يسمى بمحور الاعتدال في تحريضه ضد المقاومة ، على استغلال الحضور السياسي والإعلامي الإيراني الناتج عن موقف طهران الداعم لحركات المقاومة ولموقف سوريا من الصراع العربي الإسرائيلي وهذا الاستثمار يحقق نتيجة ضارة وخطرة عبر تحريض يعمق الشرخ المذهبي ويثير العصبيات على حساب وحدة الموقف في وجه العدو المشترك الذي تقول الخطب المعلنة أنه إسرائيل .

إن السبيل الوحيد لتحقيق توازن مقابل الحضور الإيراني في الصراع العربي الإسرائيلي يكون بمنافسة إيران في السياسة المناهضة للصهيونية وفي حضور المزيد من الدول العربية بالإضافة إلى سوريا على جبهة دعم المقاومة واحتضان القضية الفلسطينية وليس عبر التورط بالتحالف مع إسرائيل والزعم بأن ما يسمى خطر النفوذ الإيراني يتقدم على الخطر الإسرائيلي وهي خرافة من اختراع المحافظين الجدد الذين سعوا لتمزيق المنطقة وافتعال التناقضات بين شعوبها وداخل كل شعب بمفرده لحماية إسرائيل وتعزيز هيمنتها .

غالب قنديل


أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الأخبار المنقولة“