ماهية تسبيح ما لا يعقل(الحيوانات)

هذا المجلس لطرح الإستفتاءات، حيث سيجيب عنها مجموعة من العلماء الأفاضل.
أضف رد جديد
أبو القاسم اليوسفي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 20
اشترك في: الأربعاء مايو 10, 2006 4:36 pm
اتصال:

ماهية تسبيح ما لا يعقل(الحيوانات)

مشاركة بواسطة أبو القاسم اليوسفي »

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوة و الآباء العلماء الأفاضلالقائمون على هذا المجلس الأكارم
حياكم الله و بعد:-
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
افتونا جزاكم الله خيراً في المسألة التالية:-
ما قولكم في تسبيح الطيور و البهائم الذي ذكر في القرىن في قوله تعالى:-((و إن من شئ إلا يسبح بحمده ولكن لاتفقهون تسبيحهم.... الآيه)).
فقد أستصعب علي فهمها و خاصة بعد أن قرأت في تفسير المصابيح و كتاب الذكر فوجدت في المصابيح أن التسبيح مجاز و إنما المراد أن دقة خلقها يؤدي إلى التسبيح عندما يراه المكلف
حيث أن الحيوانات ليست مكلفه .
و ما وجدت في كتاب الذكر ما رواه عن الإمام الباقر عليه السلام أنه قال " مامن طير أو وحش يؤخد في جو أو يهوي من شاهق إلا بذنب ! قيل وما ذلك الذنب ؟ قال :- تركه التسبيح"
أو كما قال.
كما أن القصة التي ذكرت في القرآن و هي قصة الهدهد مع نبي الله سليمان عليه السلام في قوله تعالى:-(( فمكث غير بعيد وقال أحطت بما لم تحط به و جئتك من سبأ بنبأ يقين غني وجدت امرأة تملكهم و أوتيت من كل شيء و لها عرش عظيم وجدتها و قومها يسجدون للشمس من دون الله و زين لهم الشيطان أعمالهم ...الآية))
ففي هذه الآية يتبين مدى اهتمام الهدهد بطاعة الله عز وجل و استغرابه من أولئك الذين يعبدون الشمس التي لا تنفع و لا تضر و يتركون عبادة الله فغن أقل قليل ما يدل عليه هذا هو أن الهدهد يعرف التسبيح و هو يسبح الله و يعبده وحده :و كذالك ما روي عن إطلاع النبي سليمان عليه السلام على منطق الطير و ذكر أشياء من تسابيحها .
وكذلك ما روي عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم أن الحصى سبحت في كفه
أفيدونا جزاكم الله خيراً

ابو عز الدين
مشرف مجلس الفتوى
مشاركات: 416
اشترك في: السبت مارس 20, 2004 9:41 am

مشاركة بواسطة ابو عز الدين »

السلام عليكم
اخي الكريم راجع كتاب المجموعة الفاخرة للامام الهادي الى الحق يحيى بن الحسين وستجد فيه الجواب الشافي والله اعلم
لا تضق ذرعاً بحالٍ *** فالذي سواك حاضرْ *** وهو بي أرحم مني *** كلما دارت دوائرْ *** لا تخف لا تخشَ مهما *** كنتَ للرحمانِ ذاكرْ

ابو عز الدين
مشرف مجلس الفتوى
مشاركات: 416
اشترك في: السبت مارس 20, 2004 9:41 am

مشاركة بواسطة ابو عز الدين »

تسبيح الأشياء وسجودها لله تعالى

وسألت أكـرمك الله: عن قول الله سبحانه: ﴿وإن مِّن شَيْءٍ إلا يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾[الإسراء:44]؟

واعلم أن معنى هذا وأحسن ما يؤول في فهمنا، أن الله تبارك وتعالى أراد بذلك أنه ليس من شيء إلا وفيه من أثر صنعه وتدبيره وتقديره ما يدل على جاعله ومصوره، ويوجب له سبحانه على من عرف أثر صنعه فيه التسبيح والتهليل، والإقرار بالوحدانية والتبجيل، عند تفكر المتفكر، واعتبار المعتبر، بما يرى من عجائب فعله جل جلاله، فيما خلق من عروق الأشجار الضاربة في الثرى، وفروعها الباسقه في الهواء، وما يكون منها من ثمار مختلفة شتى. فإذا نظر إلى أثر تدبير الجبار فيها، أيقن بالصنع، وإذا أيقن بالصنع أيقن بالصانع، فإذا استدل على الصانع ثبتت معرفته في قلبه، ورسخت وحدانيته في صدره، فإذا ثبتت المعرفة في قلب المعتبر، وصحت في جوارح الناظر، نطق لسانه بالتسبيح لجاعل الأشياء، وظهرت منه العبادة لصانعها.

فهذا معنى: ﴿وإن مِّن شَيْءٍ إلا يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ﴾، لمَّا كان في الأشياء كلها الدليل على جاعلها، وفي الدليل على جاعلها ما يوجب الإقرار به، وفي الإقرار به ما يوجب ذكره بما هو أهله من التقديس والتبجيل، والتسبيح والمعرفة والإقرار بقدرته جاز أن يقال: يسبح؛ إذ كان بسببه التسبيح من المسبِّح المستدِّل على ربه، بما بين له في كل شيء من أثر صنعه، فقال: ﴿وإن مِّن شَيْءٍ إلا يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾، وهو يعني بالتسبيح تسبيح المسبحين لسبب أثر الصنع من المعتبرين بذلك، فجاز ذلك، إذ كان بسبب أثر الصنع في هذه الأشياء كان التسبيح فيها من المسبحين، المقرين بالله المعترفين.

وما التسبيح إلا كقول الله عز وجل: ﴿زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ﴾[النمل: 40]، وليس الله يزين لأحد قبيحاً، ولكن لما كان سبب زينة الدنيا وما فيها من الله خلقاً وجعلاً، وكان منه الإملاء للفاسقين، والتأخير الذي به تزينت أعمالهم، جاز أن يقال: زينا ولم يزين لهم سبحانه قبيحاً من فعلهم.

كذلك قوله سبحانه: ﴿وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا﴾[الكهف: 28]، فليس الله سبحانه يُغفل قلب أحد عن ذكره، ولا يصرفه عن معرفته، ولكن لما أن كان منه سبحانه ترك المعاجلة للمسيء على فعله، والتأخير له في أجله، جاز أن يقول: أغفلنا، إذ كانت الغفلة هي الإعراض والترك للحق والتوبة والإنابة، فجاز من قِبَل إملاء الله وتأخيره للمسيء المذنب أن يقول: أغفلنا على مجاز الكلام، ومثل هذا كثير في القرآن، يعرفه ذو الفهم والبيان.

ومما حكى الله عز وجل عن ولد يعقوب عليه السلام: ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيْرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا﴾[يوسف: 82]، فقالوا: القرية، والقرية فإنما هي البيوت والدور، وليس البيوت والدور تُسأل، وإنما أراد أهل القرية؛ لأنها من سبب الأهل، والأهل من سببها، فجاز ذلك في اللغة العربية. وكذلك قولهم: ﴿الْعِيْرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا﴾، والعير فإنما هي الجمال المحملة، وليس الجمال تسأل ولا تجيب ولا تستشهد، وإنما أرادوا أهل الجمال وأرباب الحمولة، فقالوا: سل العير، وإنما أرادوا أهلها.

فكذلك قوله سبحانه: ﴿وإن مِّن شَيْءٍ إلا يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ﴾[الإسراء: 44]، يريد وإن من شيء إلا وهو يوجب التسبيح على من اعتبر ونظر، وفكر في أثر صنع الله بما فيه، فجاز أن يقال: وإن من شي إلا يسبح بحمده، لما أن كان أثر الصنع فيه موجباً للتسبيح لصانعه على المعتبرين من عباده.

فأما قوله: ﴿وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾[الإسراء: 44]، فهو ذم لمن لم يعتبر، ويستدل بآثار الصنع في الأشياء، فقال: ﴿لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾، يريد: لا تفقهون ما به من أثر الصنع فيها، الذي يوجب التسبيح للصانع والإجلال والتوقير، وكان ذلك ذماً لمن لا يعتبر ولا يتفكر، ولا يحسن التمييز في أثر صنع الله، فيعلم بأثر صنعه ما يستدل به على قدرته، ويصح لربه ما يجب بمعرفته من توحيده، والإقرار بربوبيته.

وأمـا قولـه: ﴿وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ﴾[الرحمن: 6]، فقد قال بعض العلماء: إن معنى السجود سجود ظلال الأشياء ووقوعها على الارض. وقال بعضهم إن هذا على المَثَل يقول: إنه لو كان في شيء من الأشياء من الفهم والتمييز مثل ما جعل الله في الآدميين والشياطين والملائكة المقربين إذا لعبد الله كل شيء وسبحه بأكثر من عبادة الآدميين وتسبيحهم. فجعل هذا مثلاً كما قال سبحانه: ﴿إنا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنسان انه كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً ﴾[الأحزاب: 72] أراد تبارك وتعالى أنه لو كان في السموات والأرض والجبال من الفهم والتمييز ما في الآدميين، ثم عرض عليها ما عرض على الآدميين من حمل الأمانات التي قبلها الآدميون؛ لأشفقت السموات والأرض والجبال من حملها، ولما قامت بما يقوم به الآدمي من نقضها، مع ما في الأمانة من الخطر وعظيم الأمر على من لم يؤدها على حقها، ويقم بها على صدقها.

والأمانة على صنـوف شتى: فمنها قول الحق وفعله، ومنها أداء الشهادة على وجهها، ومنها أداء الحقوق إلى أهلها من النبيئين والمرسلين والأئمة الهادين، ومنها الوادئع من الأموال وغيرها، ومنها ودائع العهود والعقود من متابعة المحقين، ومعاهدة الأئمة القائمين، ومنها العقود التي قال الله تبارك وتعالى فيها وفيما عظم من خطرها وأجلَّ من أمرها: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ﴾[المائدة: 1]، فكل ما ذكرنا فهو أمانة عند العالمين، واجب عليهم تأديتها عند رب العالمين.

وأحسن ما أرى والله أعلم، وأحكم في تأويل قوله سبحانه: ﴿وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ﴾، أنه أراد بقوله يسجدان ومعنى يسجدان: فهو لمـا فيهما من التدبير، وأثر الصنع والتقدير لله الواحد القدير، فإذا رأى المعتبرون المؤمنون ما فيهما من جليل صنع الله وعظيم جعله لهما، وما سخرهما له وجعلهما عليه من جولان النجم في الأفلاك، تارة مصعداً، وتارة منحدراً، وتارة طالعاً، وتارة آفلاً، تقديراً من العزيز العليم، لما أراد من الدلالة على الدهور والأزمان، والدلالة على عدد الشهور والسنين والأيام للإنسان، فإذا رأى ذلك كله مسلم تقي، أو معتبر مهتد، سجد له بالمعرفة والإيقان، واستدل عليه سبحانه بذلك الصنع في كل شأن، فعبده عبادة عارف مقر، عالم غير منكر، فسجد له متذللاً عارفاً، مستدلاً عليه سبحانه بما أبصر من الدلائل في النجوم عليه.

وكذلك حال الشجر، وما فيه من عجائب الصنع والتدبير، وما ركَّبه الله سبحانه عليه من التقدير في ألوان ثمارها وطعومها، واختلاف ألوانها، وهي تسقى بماء واحد، وتكون في أرض واحده، كما قال الله سبحانه: ﴿وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاء وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إن فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾[الرعد: 4]، فكل ذلك من اختلافها دليل على قدرة جاعلها، ووحدانية فاطرها. فهذا أحسن المعاني عندي - والله أعلم وأحكم - في يسجدان: أنه يسجد من أثر الصنع فيهما، وأثر القدرة في تقديرهما كلُّ مؤمن عارف بالله، مقر بصنع الله وحكمته، يستدل عليه بأثر قدرته. فافهم ما به قلنا في قوله: ﴿يَسْجُدَانِ﴾، وتفكر فيما شرحنا، وميز قولنا يبن لك فيه الصواب، ويزح عنك فيه الشك والارتياب.

أ. هـ من كتاب المجموعة الفاخرة

رابط التحميل

http://hamidaddin.net/ebooks/Majmou.chm

بالتوفيق أخي
لا تضق ذرعاً بحالٍ *** فالذي سواك حاضرْ *** وهو بي أرحم مني *** كلما دارت دوائرْ *** لا تخف لا تخشَ مهما *** كنتَ للرحمانِ ذاكرْ

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الفتوى“