سؤال من حائر (التوبة)

هذا المجلس لطرح الإستفتاءات، حيث سيجيب عنها مجموعة من العلماء الأفاضل.
أضف رد جديد
النجراني
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 12
اشترك في: الخميس ديسمبر 29, 2005 2:59 pm

سؤال من حائر (التوبة)

مشاركة بواسطة النجراني »

الاخوان الاعزاء السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وصلتني الرساله التاليه من احد الاصدقاء

(الاخ العزيز السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
اخي بحكم معرفتك وقربك من اهل العلم اود منك ان تسأل لي عن هذا الامر الذي جعلني في حيره وفي عذاب
اخي لقد سافرت قبل حوالي سبعة اشهر الى بلاد تكثر فيها المعاصي من شرب خمر وزنا وما الى ذلك وقد ازلني ابليس اللعين وأغواني وشربت الخمر وزنيت لمدة اسبوع تقريبا وبعدها وانا في تلك البلاد رجعت الى ربي وتذكرت معصيتي التي جرتني الى ترك الصلاة فقمت بالاستغفار
والصلاة الفرض سبع مرات احسب ذلك قضاء لما فاتني فسمعت احدهم يقول صلاتك لا تقبل اربعين يوما فاهملت لمدة عن الصلاة فلم استطع ومن ذلك الحين وانا مواظب على صلاتي ارجو
افادتي وتنويري جزاك الله خيرا)

نرجو الافادة احسن الله اليكم

مع معرفتي باستقامة الرجل من قبل ومواظبته على الصلاة ولكني فوجئت بما قر أت
لافتى الا علي ولا سيف الا ذوالفقار

ابو عز الدين
مشرف مجلس الفتوى
مشاركات: 416
اشترك في: السبت مارس 20, 2004 9:41 am

مشاركة بواسطة ابو عز الدين »

من المجموع الكبير لمولانا نجم آل الرسول القاسم بن ابراهيم صلوات الله البر الرحيم عليه

[التوبة]

وعلى العبد أن يتقي الله في سر أمره وعلانيته، ويستغفر الله ويتوب إلى الله من ذنوبه، فإنه يقبل التوبة عن عباده، بذلك وصف نفسه جل ثناؤه، فقال :﴿ وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى ﴾ [طه:82]. ثم دعا عباده إلى التوبة، ثم أخبرهم أنه يقبلها، فقال :﴿ استغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود ﴾ [هود:90]. وقال :﴿ وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ﴾ [النور:31].

فمن تاب إلى الله قَبِلَ توبته، وإن كانت ذنوبه عدد الرمل، وأكثر من ذلك، لأنه كريم، وهو بعباده رؤوف رحيم، يقبل التوبة ويقيل العثرة، ويقبل المعذرة، ويغفر الخطيئة، إذا صحت من العبد التوبة. وقال جل ثناؤه :﴿ والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا، إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيما ﴾ [الفرقان:68 –70]. ومن تاب من ذنبه، قَبِلَ الله توبته وأحبه، كذلك قال جل ثناؤه :﴿ إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ﴾ [البقرة:222]. يعني: المتطهرين من الذنوب. فمن أحبه الله لم يعذبه، وكان من أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولاهم يحزنون، وكان من أهل الجنة لاشك فيه. وكذلك أخبر تبارك وتعالى عن ملائكته :﴿ الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم، ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم ﴾ [غافر:7 – 8]. والله جل ثناؤه لا يخلف الميعاد.

ومنه ايضا
[التائب والتوبة]
قال الوافد: ما شرائط التائب وأوصافه ؟

قال العالم: شرائطه: المحبة والطاعة، والإقبال والضراعة، من أراد الحبيب ؟ جاء بقلب منيب، من اعترف ؟ أقر بما اقترف، واعتذر وأنصف، وبادر وعطف، وتاب وأكثر الإنتحاب، وعمل بالصواب، وتبع آيات الكتاب.

أين التوبة ؟ يا صاحب الحوبة، أين الاستغفار ؟ يا أهل الإصرار، أين الوجل ؟ يا أهل الزلل، أين الضراعة ؟ يا أهل الطاعة، توبوا وأنيبوا، ولا تسوِّفوا فتخيبوا واعتذورا واستغفروا وازدجروا، وتذللوا واعترفوا واعتبروا، واخضعوا وانكسروا، واصبروا على الطاعة، تدركوا الفوز والنفاعة، ارغبوا وتقربوا، واندموا على المعاصي ولا تصروا، ﴿ وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ﴾[النور: 31].

أين المؤمنون ؟ أين الموحدون ؟ أين ﴿ العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون ﴾[التوبة: 112]. كيف ينامون ولا يشتاقون ؟! ﴿ جنة عرضها السموات والأرض ﴾[آل عمران: 33]. قصورها من الذهب والجوهر، والياقوت الأخضر، فيها الحور الحسان، والأكاليل والتيجان، تجري من تحتها الأنهار، لباس أهلها الحرير والسندس والعبقري، ( أين الراغبون ؟ أين المجتهدون ؟ هذه دار لا تخرب ولا يفنى شبابها، ولا تبلى ثيابها )، هذه دار المجتهدين ما هم عنها بمخرجين، دارٌ أهلها لا يَشقَون، ولا يفتقرون ولا يحزنون، ولا يمرضون ولا يموتون، ولا يهرمون ولا يحتاجون.


أيها الخاطئون العاصون، أيها المفسدون، أيها المذنبون، مالكم لا تتوبون ؟! مالكم لا ترجعون ؟! ( مالكم لا تخافون ؟ أمعكم صبر على النار ؟ ألكم في ذلك اعتذار )، ألا تخافون نار الجحيم ؟! وشراب الحميم ؟! وطعام الزقوم ؟! ولباس القطران ؟! ألا إن جهنم حرها لا يبرد، وعذابها لا ينفذ، ولهبها لا يخمد، إلى كم هذه الغفلة ؟! ( كم تنقضون العهود ؟ كم تَعَدَّون الحدود ؟ ) كم تعصون المعبود، ارجعوا إلى الله في وقت المهَل، قبل أن ينقطع الأجل ويرفع العمل، فإن الله يقبل التوبة، ويمحو الحوبة. التوبة تمحو عظائم الذنوب، وتقرب العبد إلى علام الغيوب، توبوا إلى الله قبل أن يغلق الباب، ويحصل الحساب، ويقع العذاب، احذروا الله، خافوا الله، راقبوا الله، بادروا بالتوبة قبل الندم، قبل زلة القدم، قبل الأخذ بالكظَم.

تب أيها العاصي، قبل أن تصبح من رحمة الله قاصي، قبل الأخذ بالنواصي، ارجعوا إلى الله بالقلوب، من قبل أن يكون الباب محجوب، أَيْ أهل التوحيد، تقربوا إلى الملك الحميد، تنجوا من العذاب الشديد، يا أهل القرآن تقربوا بالقرآن، إلى الملك الديان، تنجوا به من عذاب النيران، هو الشفيع فيكم، هو الرفيق لكم، هو الشاهد عليكم، هو الدليل، هو السبيل، هو الحجة، هو المحجة، اعرضوا أعمالكم عليه، وردُّوا أقوالكم إليه، أكثروا قراءته بالليل والنهار، وفي وقت الأسحار، فإن الملائكة معكم عند قراءته قعود، وعلى ما تنطقون به شهود.

لا تُخسروا الميزان، لا تحلفوا الأيمان، لا تذكروا البهتان، لا تبخسوا المكيال، لا تشِيبُوا الأعمال، لا تصحبوا الأنذال، لا تضيعوا الصلاة، لا تغلُّوا الزكاة، لا تحلوا المحرمات، لا تؤذوا الجيران، لا تطيعوا الشيطان.

أيها المضيعون للصلوات، توبوا إلى المطلع على أعمالكم في الخلوات، أيها الخائن بالعين والفؤاد، تب إلى الملك الجواد، قبل أن يُسلط عليك ملائكة غلاظ شداد.
أيها المؤذي للجيران، تب إلى الملك الديان، قبل سرابيل القطران .

أيها المانعون للزكوات، توبوا إلى الله ( قبل نزول النقمات والسطوات. أيها المتبعون للشهوات، توبوا إلى الله ) من اكتساب السيئات، وتضرعوا إليه بالدعوات.

يا صاحب الكذب والزور، تب إلى الله قبل الويل والثبور. أيها الباهت المغتاب، تب إلى الملك الوهاب، قبل أن تذوق أليم العقاب. أيها الحالف بالأيمان، تب إلى الله قبل نزول النيران.

ومنه ايضا [التوبة]
ومن عثر في هذه السبيل بعد سلوكه لها فلا يقطع من الله رجاه، ولا ييأس مما أعد الله لكل من أخطأ خَطَاه، من رحمته التي وهب منها أفضل الموهبة، وجعلها للخاطئين عند الخطيئة في قبول التوبة، فإن الله تبارك وتعالى لم يقم للتائبين منهاجاً، ولم يجعل لكل نفسٍ تائبة إليه من العقوبة إخراجاً، إلا لما أحب من بسط العفو والمغفرة، وتعريف مكان حلمه بالعفو بعد المقدرة، فإن أنتم زللتم عن طاعته، فلا تزولوا عن طلب عفوه ومغفرته، فإنه يبلغكم بسعيكم في طلب عفوه، منازل الساعين في طلب ثوابه، وكما أن الله تفضّل من ثوابه بأكثر من عمل العاملين، فكذلك تفضل بالعفو على من أناب إليه من الخاطئين، وكما أن طالب الضالة محبٌّ لوجودها وأدائها، والطبيب محبٌ لإبراء المرضى إذا عالجها من أدوائها، فكذلك الله تبارك وتعالى يحب توبة من دعاه إلى الإنابة من المذنبين، ولذلك مدح سبحانه إنابة من أناب إليه من المنيبين.

ومنه ايضا
[التوبة من ترك الصلاة وسائر العبادات]
وإن كان ضيع صلاةً، أو صياماً، أو حجاً، أو زكاةً، بعد ما وجب ذلك عليه، بالتواني والاستخفاف، متعمداً لذلك، فعليه أن يتوب إلى الله جل ثناؤه من ذلك، ويقضي ما فاته من الصلوات إن كان يعرف عددها، ومن الصيام أيضاً كذلك، وإن كان لا يعرف كم هو فليتحر الصواب جهده، ويزيد حتى يستغرق ذلك، ثم نرجو أن لا يضره نقَصَ أو زاد، إذا لم يتعمد ذلك، ويقضي تلك الصلوات في أي أوقات النهار أو الليل شاء، فإذا حلت له أوقات صلوات يومه الذي هو فيه صلاها في أوقاتها، ثم عاد فيقضي ما عليه حتى يفرغ منها، لا يتشاغل بغيرها
.
لا تضق ذرعاً بحالٍ *** فالذي سواك حاضرْ *** وهو بي أرحم مني *** كلما دارت دوائرْ *** لا تخف لا تخشَ مهما *** كنتَ للرحمانِ ذاكرْ

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الفتوى“