حكم تارك الصلاه

هذا المجلس لطرح الإستفتاءات، حيث سيجيب عنها مجموعة من العلماء الأفاضل.
أضف رد جديد
يوسف حسين
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 81
اشترك في: الثلاثاء مايو 24, 2005 4:47 pm
مكان: ارض الله
اتصال:

حكم تارك الصلاه

مشاركة بواسطة يوسف حسين »

ما حكم تارك الصلاه عدما وما حكم تا خير صلاه العشاء والجمع بين المغرب والعشاء والظهر ولعصر وتاخير صلاه الفجر وما حكم الذى يصلى المغرب بدون السنه والعشاء بدون الوتر
صورة

ابو عز الدين
مشرف مجلس الفتوى
مشاركات: 416
اشترك في: السبت مارس 20, 2004 9:41 am

مشاركة بواسطة ابو عز الدين »

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله
حكم تارك اصلاة عمدا كافر نعمة
قال الامام القاسم بن ابراهيم في كتابه المجموع الكبير ما نصه

[الصلاة معراج المؤمن]
قال الوافد: حد لي الصلاة يرحمك الله ؟
قال العالم: الصلاة صلة بين العبد والرب، وستر للعيب وكفارة للذنب، الصلاة صلة بلا مسافة، وطهارة كل خطيئة وآفة، الصلاة مواصلة ومصافاة، ومداناة ومناجاة، المصلي يقرع باب الله ويطمع في ثوابه، وهو على بساط الله عز وجل.
إذا كبر العبد تكبيرة الإحرام، تساقط عنه الأوزار والآثام، وإذا توجه العبد إلى القبلة، فقد أبدى من نفسه الخضوع والذلة، واتبع الشرع والملة، إذا أخلص العبد في الصلاة بنيته، كفر الله عنه ذنبه وخطيئته، وأجزل له عطيته، وإذا أخلص العبد القراءة والتلاوة، سطع في قلبه النور والحلاوة، وإذا قرأ الفاتحة، أدرك الصفقة الرابحة، وإذا أتبعها بالسورة، كثر في الآخرة سروره، وكفاه الله محذوره، وإذا انحنى للركوع، فقد أظهر لله الخضوع، وإذا قام للإعتدال، فقد نفى عنه الإشتغال، وإذا هوى للسجود، فقد خرج من الجحود، واستحق من الله الجود، وإذا تشهَّد على التمام، سلَّمت عليه الملائكة الكرام، وبشروه بدار السلام.
الصلاة شرح الصدور، وفَرَجٌ من جميع الأمور، الصلاة نور في الفؤاد، وسرور يوم المعاد، الصلاة للقلوب منهاج، وللأرواح معراج، الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، وتؤمِن صاحبها من نكير ومنكر، الصلاة تغني من الإفلاس، وتُلبس العبد الإيناس، الصلاة قرة العين، وجلاء الرَّين، المصلي على بساط المولى، يناجي الملك الأعلى.
الصلاة ضياء في الصدور، وفسحة في القبور، وبهاء في الحشر والنشور، الصلاة تُجوِّز على الصراط، وتورث في قلب صاحبها النشاط، الصلاة تنزع قساوة القلوب، وتكفر الذنوب، الصلاة تسهل العسير، وتمحو الذنب الكبير، الصلاة توسع الأرزاق، وتطيب الأخلاق، الصلاة تقرب العبد إلى المولى، وتؤمنه من البلوى . من لزم المحراب قرع الباب، ومن قرع الباب أتاه الجواب، صحة الإرادة، لزوم المساجد للعبادة.
الصلاة تخفف الأوزار، وتؤمن من النار، أقرب ما يكون إلى ربه مَن سجد وقام، وزكى وصام، لو علم المصلي مَن يناجي لما التفت في صلاته، من سهى في صلاته فقد ضيع أشرف أوقاته.
واذكر وقوفك في الحساب طويلا اخضع لربك في الصلاة ذليلا
لو علمت بين يدي من تقوم، كنت تلازم بابه وتدوم.
عجبا لمن يناجي القاهر! كيف يُخطر في قلبه الخواطر، ليس للمؤمن من صلاته إلا ما عقل، ولا تُرفع صلاته إذا غفل، عفِّر وجهك بالتراب، فلعله يفتح لك الباب، أحضر في الصلاة باطنك، كما أحضرت ظاهرك، طهِّر قلبك، كما تطهر ثيابك.
عجبا ممن يسأل الخلق! وباب مولاه مفتوح لكل سائل! عجبا ممن يتذلل للعبيد! وله عند سيده ما يريد، من أطال لله القيام، أزال عنه الأوزار والآثام، من أخَّر الصلاة عن الأوقات، من غير علة من العلات، حرم الخيرات والصالحات، مَن ترك الصلاة إلى الليل، حلَّ به الذل والويل، من حافظ على الصلوات، تتابعت عليه الخيرات، ورُفعت له الدرجات، وصُرفت عنه النقمات.
من لم تكن الصلاة من باله وعزمه، لم يُبَارَك له في رزقه وتركه الله بهمِّه، مَن ضيَّع صلاته لم تقبل حسناته، وكثرت عند الموت سكراته، من غفل عن الصلاة والذكر، ضيق عليه في القبر، الصلاة عمود الدين، وتمامها صحة اليقين.
وقال عليه السلام

[الواجبات الشرعية]
ثم فرض سبحانه عليهم بعد توحيده وما فهم من فرائض حقه، الصلاة سياسة بما فرض منها بحقه، وإحياء بها لذكره وتعظيمه، ولما فيها من خشوع كل مؤمن وتقويمه، لطاعة الله وأمره وإجلاله، عند ما يخطر فيها من ذكر الله بباله، ولما له ما كان فيها وبها من العصمة والبركة، والنجاة عند قيامه إليها وفيها من كل معصية مهلكة، من كل فحشاء أو منكر، أو استكبارِ متكبرٍ، ولها وفيها، ولدعائه إليها، ما يقول سبحانه لرسوله، صلى الله عليه وعلى وآله :﴿ اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر - ثم قال سبحانه: ولذكر الله أكبر ﴾[العنكبوت: 45]. وأنهى لمن كان لأمر الله منتهيا عن كل فحشاء أو منكر، ومستكبرَ من معصية الله أو مستصغَر. فصدق الله لا شريك له في خلق ولا أمر، ولا حكمٍ لخاطرة ذكر أكبر، وأنهى لمن آمن به عن كل معصية وجرم، أزجر من كل كبير من الأمور أو ناهية، وأجل وأعلى من كل جليل وعالية، ازدجر بها مزدجر فانتهى، وَوُفَّق لها مُوَفَّق فاهتدى.
ولما جعل الله له من الصلاة من ذكره، فيها للرسل ما تقدم من أمره، فلم تَحُلْ رسل الله من أمر الله به فيها، ولم تزل رسل الله صلوات الله عليها، تدعو الأمم في سالف الدهور إليها، فقال تبارك وتعالى في إسماعيل رسوله، صلى الله عليه وعلى جميع رسله :﴿ وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا ﴾ [مريم: 55].
وقال عيسى صلى الله عليه :﴿ وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا ﴾ [مريم: 31].
وقال تبارك وتعالى لموسى فيها قبل وصيته لعيسى صلوات الله عليهما، والحمد لله على ما جعل من الرسالة فيهما: ﴿ وأقم الصلاة لذكري إن الساعة آتية أكاد أخفيها ﴾ [طه:15]. فأخبر سبحانه بما جعل من ذكره بها وفيها، وإنما الذكر يقول من أجل ما فيها، من إجلال أمري وما يكون من القيام لها وإليها، من خواطر ذكري وإجلالي فيها، كما يقال فعلتُ ذلك لذلك، كذلك فُرضت الصلاة لما قلنا من هذا، وكان ما قلنا من علل ما جعلت له الصلاة فرضا، ما يقول سبحانه لرسوله، صلى الله عليه وآله :﴿ وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى ﴾[طه: 132 ]. فكفى بهذا في تعظيم الصلاة تبياناً ونوراً من كل ظلمة وعشوى، وكانت عند الله قربة من مُصلِّيها وطاعة ورضى.
وفي الصلاة وأمره بها ما يقول مرارا كثيرة رب العالمين، لمن استجاب له بالايمان من المؤمنين: ﴿ وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الله ورسوله لعلكم ترحمون ﴾ [النور: 56]. وفيها وفي فرضها وتكريمها، وما ذكر من أمرها وتعظيمها، ما يقول سبحانه: ﴿ فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين ونفصل الآيات لقوم يعلمون ﴾[التوبة: 11]. فلم يعقد سبحانه الإخاء والولاء، إلا بين من زكى وصلى.
ومما يدل من فهم عن الله تبارك وتعالى على تعظيم، قدر الصلاة ما قال العليم الحكيم : ﴿ فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم ﴾[التوبة: 5]. فلم يُزِل - سبحانه وتعالى حكمه بتقتيلهم، ولم يأمر تبارك وتعالى بتخلية سبيلهم، وإن تابوا ولم يشركوا - حتى يصلوا ويزكوا.
وفيما أمر الله به المؤمنين من الصلاة، وبعد الذي جعل بينهم بها من الإخاء والموالاة، ما يقول سبحانه :﴿ فإذا اطمأننتم - وهو أمنتم وأقمتم - فأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً ﴾[النساء: 103]. والموقوت فهو المؤقت بالمواقيت والحدود، وبما لا يجهله المؤمنون من عددها المعدود، وما فيها من القيام والقعود، والسجود والركوع، والقراءة والتسبيح والخشوع. فمن دلائل مَن أراد علم معدودها، وما قلنا به من قيامها وقعودها، وركوعها وسجودها، فقول الله تعالى: ﴿ حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين ﴾[البقرة: 238]. فحكم عليهم سبحانه فيها بالقيام إذا كانوا آمنين، فإن خافوا صلوها رجالا وركبانا، وبيَّن ذلك كله لهم تبيانا، والرجال الذين ذُكروا في هذه الآية، فهم الرجالة، والركبان: فَرَكْبُ الإبل والخيالة، فإن أمكنهم القيام في الخوف للصلاة قاموا، وإن لم يمكنهم إلا الإيماء برؤوسهم أومُوا.
ودل على أن مفروض الصلاة خمس، ليس فيها زيادة ولا نقص، بقول سبحانه: ﴿ حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ﴾[البقرة: 238]. فكان أول ما يقع عليه اسم صلواتٌ ثلاثٌ وقفا، وكانت الوسطى التي أمرهم الله بالمحافظة عليها مع ما أمر سبحانه من المحافظة على الصلوات رابعة سواها، فلما كملت الصلاة أربع طلبنا إذ علمنا أنها أربع وُسْطُاها، فلم نجد لأربعِ صلواتٍ وسطى، فطلبنا أقل ما نجد بعد أربعامتوسطا، فلم نجده - والحمد لله - إلا خمسا، فكان ذلك لعلم عدد الصلوات بيانا وتبيانا، فعلمنا أن الصلوات التي أُمروا بالمحافظة عليها أربع عددا، وأن الوسطى التي أمروا بالمحافظة عليها معها خامسة فردا، لأن الخامسة لا تكون وسطى لثلاث أبداً، وإنما هي واسطة لأربع، فدل على عدد الصلوات أجمع، وكانت فيما بان من هذا حجة على البدعية، وغيرها من الرافضة وغوالي الجهلة والحشوية، لأن البدعية قالت إنما يجب في اليوم والليلة صلاتان على المصلين، وقالت الرافضة فيها بواحدة وخمسين، وقال من فيها جَهِلَ وغلا، يجزي كل مصلٍ ما صلى.
ثم جعل الله تبارك وتعالى لِمَا فرض من هذه الصلوات، ما جعل من الطهور والمقادير والأوقات، فتُنوزِعَ أيضا واختلف فيه، وكان ما قلنا به من ذلك وذهبنا إليه، ما أخذنا وقلنا فيه عن قبول الكتاب، وما لا يأبى - إن شاء الله - علينا قبوله أولو الألباب.
فقلنا وبالله نستعين على الهدى، ونعوذ به من الضلالة والردى: وقت كل صلاة قبلها، وكذلك ما فرض الله من الطهور لها، وكل وقت كان للفريضة اللازمة، فهو وقت للنافلة المتطوعة. وكل وقت لا يصلى فيه الفرائض، فلا يصلح أن يصلى فيه النوافل، وخير المقادير والأوقات، ما جعل وقتا للصلوات، كما خير الشهور والأزمان، ما دلنا الله عليه من شهر رمضان، وخير ليالي الشهر، ما ذكره الله من ليلة القدر، وخير الأيام السبعة، ما دلنا عليه من يوم الجمعة.
وبلغنا كثيراً لا نحصيه أن علياً، رأى رجلا يصلي ضحى أو ضحيا، فقال له: نحر الصلاة نحره الله.
وبلغنا أن أبا جعفر بن علي بن الحسين كان يقول ( والله ما صلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مسجده الضحى قط ).
وبلغنا أن علياً صلى عليه، كان يقول كثيرا لبنيه، ( يا بَنِيَّ لا أنهاكم عن الصلاة لما فيها من ذكر الله، ولكني أسخط لكم خلاف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ).
وقال عليه السلام
[ أوقات الصلوات ]
وقال الله لا شريك له، في الوقت وما حد للصلوات منه، فيما نزل من الكتاب لرسوله، صلى الله عليه وآله: ﴿ أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا ﴾[الإسراء: 78]. فجعل الله هذا وقتا للصلوات من الفرائض والنوافل محدوداً. وقال له، صلى الله عليه وآله: ﴿ ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محمودا ﴾[الإسراء: 79]. وما أمره الله سبحانه - في صدر نهاره، ولا في شيء مما وصل إلينا عن الرسول من أخباره - بنافلة من النوافل، وما كان بفضيلة من الفضائل بجاهل، فأمره بالصلاة من دلوك الشمس وهو المَيْلُ والزوال، وغسق الليل فهو السواد والاظلام، وهو الطرف الآخر، والطرف الأول فهو الفجر. وفي هذين الوقتين، وما فرض فيهما من الصلاتين، ما يقول سبحانه : ﴿ أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ﴾[هود: 114]. فجعل سبحانه طرف النهار الأول كله وقتا للفجر، وجعل الطرف الآخر كله وقتا للظهر والعصر، وجعل زلف الليل كله جميعا، وقتاً للمغرب والعشاء معاً، فبيَّن أوقات الصلوات لمن فرضت عليه، بيانا لا شبهة ولا لُبسة فيه.
فوقت الظهر والعصر جميعا، لمن أراد أن يفردهما أو يجمعهما معاً، من دلوك الشمس إلى غروبها، إلى أن يظلم أفق السماء ويظهر أحد نجومها، لذهاب ضوء الشمس وشعاعها، لا يعتد في ذلك كله بظهور الكواكب الدرية ولا اطلاعها، فإنه ربما طلع أحدها والشمس ظاهرة لم تغب، فلا يعمل من تلك الكواكب كلها على ظهور كوكب.
[ و ] وقت المغرب والعشاء الليل كله، وزلف الليل فأول الليل وآخره، كل ذلك وقت لهما جميعا، من شاء أفردهما ومن شاء جمعهما معاً.
ووقت الفجر أجمع، حتى يظهر قرن الشمس ويطلع، فهذه أوقات الصلوات، وما بيَّن لها من الأوقات، لا ما قال به فيها - من لم يُنصف، ضعفةَ الرجال والنساء من كل مكلف، - [و]لها من عسير المقاييس، وما في ذلك على ضعفة الرجال والنساء من عسير المشقة والتلابيس، التي لو كلفوا عملها دون الصلاة لفرحوا، أورمى بهم إليها وفيها لتاهوا وتَطَرَّحُوا، منها في عسر عسير، وحيرة وضيق وحرج كبير، فقال سبحانه رحمة منه بالمؤمنين: ﴿ ما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم وهو سماكم المسلمين ﴾[الحج: 78]. والحرج في كل أمر من الأمور فهو الضيق، والعسر في الأمور فهو التلبيس والأعاويق.
وزوال الشمس فهو ميلها، إذا ما استوى ظلها، فزالت وأنت مستقبل القبلة عن وسط السماء، فزاد ظلها شرقا قليلا أو كثيرا على مقدار الاستواء. وغسق الليل فهو ما لا يخفى، على مكفوفٍ بصرُه أعمى، وهو سواد الليل وظلمته، أوَّليته في ذلك سواء وآخريَّته، والفجر أوله وآخره فقد يعاين [ ويرى ]، فهو بيِّن لا يشك فيه ولا يُمترى، وهو ما بين إدبار النجوم، إلى طلوع الشمس المعلوم، وكل وقت بين هذه الأوقات، فََأَبينُ ما بُيِّن من البينات، لا يحتاج فيه إلى مقياس، ضعيف ولا قوي من الناس، والحمد لله في ذلك وغيره، على تخفيفه فيه وتيسيره.
ولكل صلاة من صلاة النهار والليل وقت، والصبح فلها الفجر كله، قلنا وقت موقوت، وآخر كل وقت كأوله، وبعضه في أنه وقت ككله، لا تفاوت بينه في رضى الله وطاعته، ولا في ضعف أحد واستطاعته، وكذلك بلغنا أن بعض آل محمد كان يقول: ما آخر الوقت عندي إلا كأوله. وما القول في الأوقات - والله أعلم - عندي في الأداء في الفريضة إلا مثل قوله. فأما ما ذكر عن النبي صلى الله عليه وعلى آله إن كان صُدق عليه فيه ( إن أول الوقت رضوان الله، وآخره عفو الله)، فليس على ما يتوهمه مَن جهل، أنه عفو عن ذنب عُمل ، فكيف وكلهم يزعم أن جبريل ومحمداً صلوات الله عليهما صليا فيه، وصارا منه ومِن فعلِه إلى ما صارا إليه، مع أنه لو كان ذنبا لمن فعله، لمنع المؤمن منه أهله، وإنما تأويل العفو منه فيما أمر الله من الوقت تخفيف الله ورحمته، وذلك فهو أيضا رضى الله ومحبته، وكلٌ والحمد لله إذ فعله جبريل ورسول الله صلى الله عليهما فرشدٌ، لا يلام عليه ولا يُذم فيه ممن فعله أحد. وهذه الأوقات فإنما هي لمن صلى وحده، أو كانت عليه أو شغلته من الأمور والأمراض مشغله، وأما أوقات المساجد لعمارتها، واجتماع أهلها فيها فآخره، فما ذكر للظهر من أن يكون ظل كل شيء مثله وما ذكر للعصر من أن يكون الظل مثليه، وما قبلنا به من هذا فأمر الله محمود بيِّنٌ فيه، وعلى قدر اختلاف الوقتين والفعلين، لأن أحدهما عمارة للمساجد، وذلك فليس كصلاة الواحد، والفرق في ذلك فبَيَّنٌ عند من أنصف ولم يَحِف، ولم يعتسف ولم ينحرف.
وفي عمارة المساجد ما يقول الله سبحانه: ﴿ إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر ﴾ [التوبة: 16]. وقال سبحانه: ﴿ يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله ﴾[الجمعة: 9]. وغيرنا - والله المستعان - فقد يقول في الأوقات بغير ما قلنا، ولا يقبل في ذلك وبيانه عن كتاب الله وتبيانه ما قلنا، غير أنهم جميعا، كلهم معا، إلا مَن جهل ففحش جهله، وقلَّ عند علمائهم علمه، يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( جمع في الحضر وهو مقيم من غير سفر، ولغير علة من مرض أو خوف أو مطر، بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء )، فكفى بهذا في الأوقات من نور وضياء.
وقالوا: إنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( من أدرك ركعة من العصر قبل غروب الشمس فقد أدرك العصر، ومن أدرك ركعة من الفجر قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الفجر )، مع إجماعهم على: ( الجمع بين الظهر والعصر عند زوال الشمس بعرفة )، وإجماعهم على الجمع بين المغرب والعشاء متى شاءوا بالمزدلفة، مع أن قول أكثرهم أن من طهر من النساء من طمث أو نفاس قبل غروب الشمس بقدر صلاة خمس ركعات، صلت الظهر والعصر فَلِمَ أمروها بذلك إن لم يكن ذلك وقتا من الأوقات، إلا أن يلزموها لو طهرت بعد سنة ما فاتها من الصلوات، وكذلك يقولون فيما يلزمونها إن طهرت قبل الفجر، من صلاة المغرب والعشاء ما ألزموها من صلاة الظهر والعصر، مع ما ذكر عن ابن عباس، وغيره من علماء الناس، من أنهم كانوا يقولون: النهار كله وقت لصلاة النهار والليل كله وقت لصلاة الليل، وفي هذا على بيان ما قلنا ما لا يجهل مَن عقل من البرهان والدليل، مع ما ذكروا أيضا عن الرسول صلى الله عليه، فيما قلنا به من الأوقات وذهبنا إليه، من أنه: ( أخر عليه السلام ليلة من الليالي العتمة حتى ذهب من الليل نصفه أو أكثر، ثم خرج وقد ذهب أكثر الليل وأدبر، فقال ما أحد ينتظر هذه الصلاة في هذا الوقت غيركم، فصلاها في تلك الساعة بهم). ( وأن الشمس غربت وهو بسرف من طريق مكة فأخر صلاة المغرب والعتمة حتى صلاها ببطن الأبطح ). وبين سرف وبين الأبطح أميال عشرة. فكفى بهذا وغيره، وما ذكر بعض أصحاب أبي جعفر محمد بن علي أنه كان عنده يوماً فزالت الشمس فقام من ساعته فصلى الظهر والعصر، ثم رآه في يوم من الأيام آخر، أخرها حتى قيل قد غابت الشمس عن سافل أُحُد وهو جبل مطل على المدينة، إذا غابت الشمس عن أعلاه غابت منها عن كل ناحية عالية أو باطنة، مع أن هذا ومثله فما لا نحصيه، ولا نأتي - وإن جهدنا بإحصاء - عليه، فنحمد الله كثيراً على ما مَنَّ به من هذا، لمن قَبلِ الهدى عنه وآتاه، ونستغفره لذنوبنا، ونستتره لعيوبنا، ونعوذ به من شرور أنفسنا وغيرنا، ونسأله لهداه حسن تيسيرنا، وحسبنا الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم.
ومن دلائل ما قلنا به في وقت صلاة الليل، ما دلنا الله سبحانه في سورة المزمل على ذلك من الدليل، قال تبارك وتعالى لرسوله، صلى الله عليه و[على]أهله :﴿ يا أيها المزمل، قم الليل إلا قليلاً، نصفه أو انقص منه قليلاً، أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلاً، إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً، إن ناشئة الليل هي أشد وطأً وأقوم قيلاً، إن لك في النهار سبحا طويلاً، واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلاً ﴾[المزمل: 1 – 8].
فدل سبحانه فيما نزل من هذه الآيات، على ما قلنا به من الأوقات، فيما فرض في الليل من الصلوات.
ودل على ما يجب في الصلاة، من الذكر والتسبيح والقرآة، فلا يكون أبداً المزمل إلا مضطجعاً أو نائما، ولا يصلح أن يكون أبدا قاعداً ولا قائما.
والتزمل هو الاستغشاء والتدثر، والاضطجاع والنوم، وقد يكون في أحدهما المتدثر الذي يتزمل ويتدثر، ولا يكون أبدا إلا أول الليل وآخره، فجعل ذلك سبحانه كله وقتا لقيامه ولتأخره، فيه بصلاته واستيفائه إلا الأقل وهو ما اشتبه منه، فلم يتبينه من يريد أن يتبينه، فندري أفي الفجر هو أو في الليل، فليس لأحد أن يؤخر صلاة ليله إلى مثل ذلك الوقت من التأخير، لأنه ليس له أن يصلي إلا في وقت بيقين، وهو ما وضع الله في الوقت من التبيين، وليس يوجد أبدا وإن جهد وقت صلاة الليل ويبين، حتى يدركه العلم البتُّ واليقين، إلا سواد الليل وظلمته، ولذلك ما جعله الله وقتا لهما برحمته. وقال سبحانه لرسوله، صلى الله عليه وآله، : قُمهُ كله، إلا أقله. فنهاه عن القيام في قليله، وهو ما قلنا فيه بتفصيله، عندنا مما الله به أعلم، وما فهمنا فيه الفهم، لا يفهم فيه غيره، ولا نجد تفسيراً إلا تفسيره.
ثم فصَّل ذلك سبحانه بأمره، فيما قلنا به من مفسَّره، بقوله: ﴿ نصفه أو أنقص منه قليلا ﴾. يريد سبحانه قبله، ﴿ أو زد عليه ﴾. يريد سبحانه بعده، فبيَّن سبحانه بقوله: ﴿ الليل ﴾ ما بين نصفه إلى أوله.
وبقوله: ﴿ نصفه ﴾ بعده ما بين نصفه إلى أقله، وتأويل: ﴿ قم الليل ﴾ إنما هو :في أي الليل شيت، فإنك لم تُنه عن الصلاة إلا في أقله كما نهيت، كما يقول القائل: قم ظهرا، وإنما يريد عند الظهر، وقم لحاجتنا فجرا، وإنما يريد عند الفجر، ألا ترى كيف يقول سبحانه: ﴿ نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه ﴾. يقول سبحانه: نصفه أو انقص منه، وهو ما قبل النصف، ﴿ أو زد عليه ﴾. وهو ما بعد النصف، فبيَّن هذا الأوقات كلها، وكذلك قال في تبيينها، لرسوله، صلى الله عليه وآله :﴿ إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه، وطائفة من الذين معك ﴾. وإنما أدنى من ثلثي الليل عند نصفه وعند ثلثه. كما [ لو ] قال قائل - سوى الله لا شريك له - لمن يريد أن يأمره ويستعمله: قم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه. كان إنما يريد قم عندما أمرتك بالقيام عنده في وقته، ولا يريد أن يقوم ثلثه قائما على رجليه. وكما [لو] يقول قائل العامل من العمال، أو أمره في نهاره بعمل من الأعمال: اعمل كذا وكذا نهارا. فعمل ذلك في أي وقت شاء من نهاره، لكان قد أدى إلى مَن أمره ما يجب عليه من ائتماره، غير مقصر فيما [أُمر] به من العمل ولا مفرط، ولا مستوجب في تقديم ولا تأخير فيما أُمر به لسخط، بل هو مؤتَمِر بما أُمر وأُلزم، محافظ فيما أمر به على ما قيل وأُعلم. فهذا عندنا وجه التأويل، وفيما فَهَّمنا عن الكتاب في التنزيل، لا ما يقول به - والحمد لله - من لم يفهم فيه ما فهمنا عن الله، من الاختلاف الكثيرة فأنتبه القليلة، والله المستعان بنوره وتبيينه، من أن رب العالمين، فرض مثل الصلاة الخمس على المؤمنين، أن يصلوا الليل كله، إلا - زعموا - أقله. فمنهم من زعم: أنه إنما فرض عليهم ثلثه، ومنهم من قال: نصفه، ومنهم من قال: ثلثيه، جهلا بحق الله ومخالفة للعلم وإدعاءً عليه.
﴿ وناشئة الليل ﴾. فهي: الليل كله، وهي آخر الليل وأوله، فكان هذا على ما قلنا أيضاً دليلاً، لقول الله سبحانه :﴿ إن ناشئة الليل هي أشد وطأً وأقوم قيلاً ﴾. ودل أن صلاة الليل قراءة مجهور بها، يقول:﴿ ورتل القرآن ترتيلاً ﴾. والترتيل، فهو: الجهر والتنفيل، فأما هَذُّ القرآن فيها ونثره، فإنا لا نأمر به ولا نستحسنه، لما ذكرنا من قول الله سبحانه. وقول رسوله، صلى الله عليه وعلى آله: ( لا تنثروا القراءة نثر الدقل ). فنحن لا نأمره بذلك في فريضة ولا تنفل.
والدليل على ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أن هذه الصلوات في الليل فرض لا نافلة، وأنها فريضة من الله واجبة لازمة، قوله سبحانه:﴿ والله يقدر الليل والنهار، علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرأوا ما تيسر من القرآن، علم أن سيكون منكم مرضى، وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله، وآخرون يقاتلون في سبيل الله، فاقرأوا ما تيسر منه وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ﴾[المزمل: 20]. فدل قوله سبحانه أقيموا الصلاة، وتوكيده فيها - جل ثناؤه - القراة، على أن ذلك فرض لا نافلة، وأن ما أمر الله فيها فريضة لازمة، إذ لم يذكرها عن رسوله تنفلا، ولا منه صلوات الله عليه تطوعاً، ولا زيادة على ما يجب ويحق فرضا من الصلاة عليه، كما ذكر النافلة وما جعل له بها وفيها من القربة إليه، فقال سبحانه: ﴿ ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محمودا ﴾ [الإسراء: 79]. فجعل تبارك وتعالى بين أمره بالفريضة والنافلة والإباحة فصولاً بينة وحدوداً.
فإن قال قائل فأين الأمر بالإباحة، التي قلتم والفصل بين الأمور الثلاثة ؟
قيل له: قول الله تبارك وتعالى:﴿ وإذا حللتم فاصطادوا ﴾[المائدة: 2]. فهذا هو الإباحة والتوسعة، لا من الفرائض والنوافل المتطوعة.
وقال يرحمه الله :


[ السكون والخشوع في الصلاة ]
وعلى من ائتمر في الصلاة لله بأمر[ه]، تسكين أطرافه وخفض بصره، وترك الالتفات فيها والتلعب، والخشوع فيما هو فيه بها من القيام والتَّنصُّب، فإنه منتصب فيها بين يدي الله فعليه فيها الخشوع والتذلل والترتيل فيها جهده بالقراءة، فإنه بلغني أن الله سبحانه قال لموسى في التوراة: ( يا موسى قم بين يدي مقام العبد الذليل، يا موسى إذا قرأت التوراة فاقرأها بصوت حزين ). جعلنا الله وإياك من المطيعين، وفيما أمرنا وإياك به من الصلاة له من الخاشعين، فإنه يقول سبحانه :﴿ وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين ﴾[البقرة: 43]. ويقول سبحانه :﴿ واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين ﴾[البقرة: 45].
وقال يرحمه الله:

تفسير سورة الماعون
بسم الله الرحمن الرحيم
وسألته صلوات الله عليه عن تأويل: ﴿ أرأيت الذي يكذب بالدين، فذلك الذي يدع اليتيم، ولا يحض على طعام المسكين، فويل للمصلين، الذين هم عن صلاتهم ساهون، الذين هم يرآؤن ويمنعون الماعون ﴾ ؟
فقال: تأويل ﴿ أرأيت ﴾ هو تعريف، وتبيين من الله وتوقيف، لرسول الله صلَّى الله علَيهِ وآلِه، ولمن آمن بما أنزل من الوحي والكتاب إليه، لا رؤية مشاهدة وعيان، ولكن رؤية علم وإيقان، كما يقول القائل لمن يريد أن يعرفه شيئا إذا لم يكن ذلك الشيء له ظاهرا جليا: أرأيت كذا وكذا يعلم علمه، يريد بأرأيت توقيفه على أن يعرفه ويعلمه، على حدود ما فهمه منه وأعلمه، فأعلم الله سبحانه رسوله صلَّى الله علَيهِ وآله وسلم ومن نزل عليه معه وبعده هذا البيان، أن الذي يكذب بيوم الدين من الناس أجمعين، ويوم الدين: فهو يوم يجزي الله جلَّ ثَنَاؤُهُ العاملين، بما كان من أعمالهم، في هداهم وضلالهم، وهو يوم البعث حين يدان كل امرء بدينه، ويرى المحسن والمسيء جزاء العامل منهما يومئذ بعينه، وتكذيب المكذب بيوم الدين، فهو: ارتيابه وإنكاره فيه لليقين، وذلك، ومن كان كذلك، فهو الذي يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين، ولارتيابه فيه وتكذيبه، ولقلة يقينه به، دَعَّ اليتيم ودَعُّه له: هو دفعه، عن حقه ومنعُه، وتكذيب المكذب بالدين، لم يحض غيره على إطعام المسكين، وفيه وفي أمثاله ما يقول الرحمن الرحيم: ﴿ ويل للمصلين ﴾، يعني: من غير أبرار المتقين، وهم الفجرة الظلمة المنافقون، ﴿ الذين هم ﴾ كما قال الله سبحانه: ﴿ عن صلاتهم ساهون ﴾، والساهون: فهم الذين هم عن صلاتهم ووقتها لاهون، ليس لهم عليها إقبال، ولا لهم بحدود تأديتها اشتغال، فنفوسهم عن ذكر الله بها ساهية، وقلوبهم بغير ذكر الله فيها لاهية، ﴿ الذين هم يرآؤن ﴾ وهم: المراؤن الذي ترى منهم عيانا الصلاة، وقلوبهم بالسهو والغفلة عن ذكر الله مُملاة.
﴿ ويمنعون الماعون ﴾ هو ما جعل الله فيه العون من المرافق كلها، التي يجب العون فيها لأهلها، من غير مفروض واجب الزكوات، وما ليس فيه كثير مؤنة من المعونات، مثل نار تقتبس، أو رحى أو دلو يلتمس، وليس في بذله، إضرار بأهله، وكل ذلك وما أشبهه، فماعون يتعاون به، ويتباذله بينهم المؤمنون، ومانعوه بمنعه له مِنْ طالبه فمانعون، وهم كلهم بمنعه لغيرهم فذامون.
وما ذكر الله سبحانه من قوله: ﴿ فويل للمصلين ﴾ فقول لمن كان قبله، من ذكره بمنع الماعون، موصول في الذم والتقبيح، وما يعرف في التقبيح فصغيره صغيره، وكبيره كبيره، وكله عند الله فمسخوط غير رضي، وخلق دني من أهله غير زكي، تجب مباينته، ولا تحل مقارنته، إلا لعذر فيه بَيِّن، وأمر فيه نَيِّر، والحمد لله مقبح القبائح، والمنان على جميع خلقه بالنصائح، الذي أمر بالبيان والإحسان، ونهى عن التظالم والعدوان.
لا تضق ذرعاً بحالٍ *** فالذي سواك حاضرْ *** وهو بي أرحم مني *** كلما دارت دوائرْ *** لا تخف لا تخشَ مهما *** كنتَ للرحمانِ ذاكرْ

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الفتوى“