حوار بين مشرك ومسلمين أحدهما عدلي

مجلس للحوار والنقاش مع المذاهب الأخرى ( كثيرا من المواضيع والمشاركات فيه يطرحها المخالفين للفكر الزيدي )، فللزائر الباحث عن الفكر الزيدي عليه التوجه لمجلس الدراسات والأبحاث ومجلس الكتب.
أضف رد جديد
ابوالقمرين
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 34
اشترك في: الجمعة يوليو 11, 2008 11:01 pm

حوار بين مشرك ومسلمين أحدهما عدلي

مشاركة بواسطة ابوالقمرين »

بسم الله الرحمن الرحيم

عند مشاهدة آثار الدمار الذي أحدثه الزلزال الأخير الذي ضرب باكستان ، دار الحوار التالي بين كل من مشرك ومسلمين أحدهما عدلي :

المشرك: الازلتم تزعمون بوجود اله حكيم ، رحيم ، عادل ، رغم كل ما نشاهد يوميا من الأحداث المؤسفة ، سواء مما بزعمكم ناتج عن أفعالة واوامره من زلازل وأعاصير وفيضانات ومجاعات ..الخ ، أو مما هو ناتج عن عمل الأنسان من ظلم واراقة دماء وانتهاك للحقوق والأعراض ، بدون تدخل منه لمنع ذلك !!!

أحد المسلمين (غير العدلي): هذا سؤال ناتج عن جهل وجحود فالله سبحانه وتعالى الخالق ، وحده المتصرف في شئون خلقه ، وهو يسألهم عن افعالهم ، ولايسأل سبحانه عما يفعل ، لقصور الادراك الانساني عن بلوغ الغاية من حكمة الله ، وابتداء هو من خلق الأرض وما عليها ، فان شاء أن يفنيها فذلك شأنه وليس في ذلك أي ظلم للعبيد!!
كما أن الله سبحانه عندما خلق الخلق ، خلقهم لعبادته وحده ، وابتلاهم بنعمه ومحنه ليختبرهم ويجزيهم على أفعالهم بالجنة ان كانوا صالحين والنار ان كانوا جاحدين ، وذلك بعد أن ميزهم بالعقل عن باقي مخلوقاته ، واختارهم لخلافته في الأرض.

المشرك: بفرض ان كلامك صحيح ، وكان الله هو حقا خالق الكون وموجده ، وان كل هذه الأحداث المؤسفة تجري بغرض اختبار الانسان ومن ثم مكافأته على أفعاله ، فما الحكمة من دخول غير العقلاء في هذا الاختبار وأعني هنا الأطفال والحيوانات؟!

المسلم (غير العدلي): هؤلاء هم اما أطفال لآخرين عقلاء أو حيوانات مملوكة لهم وفي كل هاتين الحالتين الابتلاء هنا موجه للمكلفين وان كان بشكل غير مباشر ، ليرى الله سبحانه ان كانوا (المكلفين) سيصبرون ويحتسبون ، أم سيكفرون ويجحدون.

المشرك: بالرغم من عدم اقتناعي بما قلته ، من حيث أني لا أزال أعتقد أن امتحان شخص بأيقاع البلاء بآخر هو عين الظلم ، الا أنني سأسألك عن أمر آخر، وهو من أهم الأسباب التي تجعلني لا أصدق زعمكم بوجود اله حكيم ، قوي ، غالب على أمره، في هذا العالم !
أنتم تزعمون أن الاله يحب عباده المؤمنين، ويدافع عنهم ويحميهم ، ولكننا نرى العديد من المئآسي الأنسانية ، التي تأسف لها أقل النفوس حساسية ، فكيف بأرحم الراحمين؟ اليس الناس يموتون جوعا بالملايين في هذا العالم وتزعمون بأن الله خلق مخلوقاته وهو يرزقها ، حتى الدودة العمياء في الصخرة الصماء !! اليس في بعض البلدان أصبح استغلال النساء والأطفال بأبشع الممارسات الجنسية أمرشائع وذلك مقابل اطعامهم وايوائهم ، وعدم تركهم عرضة للجوع أو البرد!!
الا يقتل الأبرياء بالآلاف يوميا، وهم يؤمنون بالله القوي الناصر!! لم لا يدافع عنهم وهم يصلون له ، ولا يتوقفون عن دعاءه وأنتم تزعمون أنه قريب مستجيب للدعاء؟!
اليست الأرض والحقوق الأنسانية تغتصب ، والأشرار يزدادون قوة وتأثيرا في الأرض يوما بعد يوما ، فان قلتم أن الله يرضى بذلك ، فأين الرحمة والعدالة من صفاته ، وان قلتم لايرضى ، فلم لا يغير ذلك ان كان يملك القوة والقدرة؟!

المسلم (غير العدلي): أنت انسان معاند ، لقد قلت لك سابقا أن الله خلق عباده للابتلاء ، ومثل ما أنه يبتليهم أحيانا بأغداق النعم عليهم من الأهل والمال والولد والصحة وخلافه ، فهو يسلط عليهم أحيانا شرار خلقه ليسوموهم العذاب ، فيرى مقدار صبرهم واحتسابهم ويختبر ايمانهم ، كما أنه أمرهم بطاعته ، فعند انحرافهم عن الطريقة التي ارتضاها لهم فأن هذا من الأسباب التي تجعله يسلط عليهم شرارهم جزاء لتفريطهم في حقه!!

وهنا وفي هذه المرحلة من النقاش تدخل العدلي في النقاش فقال: للخروج من هذه المتاهة ، يجب اعادة الأمور الى اصولها ، فابتداء نحن (المؤمنون) ندعي بأن الله عزوجل خلق الأرض وماعليها وهوفي غنى عن كل ذلك ، فلا سلطانه سيزداد بهذا الخلق ، ولا هو محتاج لاثبات قدرته عليه لاحد من خلقه.
ولحكمة يعلمها وحده سبحانه ، خلق الانسان وجعل له عقلا يميز به بين الحق والباطل ، وجعله خليفته في الأرض، وسخر له كل ما فيها وذلك لتمكينه من القيام بالخلافة على أصولها ، وليبين له مايرضيه سبحانه مما يسخطه، أرسل الرسل مبشرين ومنذرين ، لكي لا يكون لأحد حجة بعد الرسل. ولكي تستقيم شروط الخلافة للأنسان فقد أعطاه القدرة الكاملة على التصرف والتأثير على ما حوله ، بالرغم مما قد ينتج عن أفعاله من ظلم لغيره من أبناء جنسه الا أن ذلك هو شرط الاختبار الذي لابد منه ، وقد وازن سبحانه بين كل ذلك بحكمته وعدله ، فما أصاب الانسان من ألم أو ظلم أو نصب الا كان له عوض عن ذلك ان لم يكن في الدنيا الفانية القصيرة الأمد، ففي الآخرة الباقية (دار الخلود وطول المقامة) اذا احتسبه عند الله سبحانه ، وبالمقابل فما تعدى أحد فيها على غيره الا كان ذلك مدعاة له للعقاب اما في الدينا، وهذا أخف العذاب أو في الآخرة وهذا الخسران بعينه.

المشرك: ولكن هذا يعيدنا الى نفس النقطة التي بدأنا منها ، فالمظلوم لم يختر أن يكون موضوعا للاختبار، ولم يرضى ان يكون مغبونا في حياته التي سيحياها لمرة واحدة فقط!

المسلم (العدلي): هذا يعتمد على منظورنا ومنظور الخالق لهذه الدنيا ، ففي حين قد يرى البعض أن هذه الدنيا هي الغاية وأنها فرصة الأنسان للعيش والتمتع بما فيها ، فان الله سبحانه بين لنا عبر رسله أنها لاتتعدى كونها دار ابتلاء ، أي موضوع اختبار، نعيمها زائل ومحاسنها زائفة ، وبالتالي فانه بحرمانه لعبده من بعض نعمها وتعويضه له عن ذلك بنعيم الآخرة ، يكون قد تفضل عليه وأحسن اليه ، لا ظلمه وحرمه!
الاترى أن الأب لايجد أي ضير من تعريض أبنائه للاختبارات المدرسية والتحديات الرياضية ، مع ما قد تتضمنه من معاناة وارهاق نفسي وجسدي ، بل وعلى العكس فانه يحس بالسعادة عند أجتياز الولد لهذه المصاعب ، كونها مؤشرا لتقدمه وصقل مواهبه ومهاراته ، ولتحفيز ولده على الاجتهاد فأنه يقدم له الهدايا والحوافز التشجيعية ، والتي تزداد أهميتها بأهمية الاختبار. ولله المثل الأعلى ، فبالرغم مما نجد في أنفسنا من أهمية لهذه الدنيا الفانية ، الا أنها لا تمثل عند الله سبحانه وتعالى أهمية الأختبار الدراسي في المرحلة الابتدائية!

ولكون من شروط الابتلاء التمكين، فقد أعطى الله عبيده ذلك، حتى يعلم الشخص أنه قادر على التأثير بأفعاله، فيقدم عليها ، سواء كانت أعمالا خيرة أم شريرة. فمن أراد الاحسان لم يقدم عليه الا مع علمه الاستطاعة عليه وكذلك من أراد الشر والتجبر، فلولا يقينه بقدرته على ذلك، ما أقدم عليه أصلا ، ومن هنا تأتي حكمة المولى عز وجل في التخلية بين العباد، مع العلم أن مقدرة العبد تكمن في الأذى فقط لا الضرر، وهذا حد قدرتهم.

المسلم (غير العدلي): (موجها كلامه الى أخيه العدلي) أنت تقول تخلية ، ولكن الله هو الذي حكم وقضى بما ذكرت من أذى ، كجزء من الابتلاء الواقع على عباده.

المسلم (العدلي): هذا موضوع فيه خلاف ، ففرق العدلية لاتقول بذلك، كون الأذى من أنواع الظلم الذي لايرضى الله عز وجل به، ولذلك فنحن لانقول انه يأمر به أو يقضي به على عبيده ، ومايفهم من الآيات القرآنية أو الأحاديث النبوية الشريفة بأنه اشارة أو تصريح الى نسبة عمل الظالمين الى المولى، تنزه سبحانه وتعالى عن ذلك، نرده الى وجهين ، اما تخليته وبالتالي أصبح وقوع الأذى ممكنا لعدم تدخله لمنعه (لما ذكرناه سابقا من اكتمال شروط الأبتلاء)، أو يمكن أن يعزى ذلك الى كونه سبحانه هو من خلق لعبيده القدرة على أيقاع الأذى ، كما خلق لهم القدرة على عمل الخير، فالأختيار عائد كليا اليهم ، وحسابهم مبني علي أفعالهم الناتجة عن اختياراتهم.

المشرك: هذا كلام يدل على عمق تفكير ، وان كنت غير مقتنع به ، حيث واستواء الجزاء (جنه أو نار) يقضي باستواء الاختبار، وهذا ما لا نجده!

المسلم (العدلي): هذا يكون صحيحا في علم البشر وحكمتهم القاصرة، أما بالنسبة للمولى عز وجل فان عدله وحكمته يقضيان بأن لا يكلف نفسا الا ما آتاها ، وأيضا أن لا يكلفها ما لا تطيق، وهو العالم بحدود قدرة كل نفس، فهو خالقها.
وقبل أن تقول ، ولم لم يساوي بين عبيده في القدرة، أقول لك أن هذا من عظيم حكمته، حتى يوجد الحاجة بين عبيده لبعضهم البعض، وحتى يبين لهم مقدار نعمه فيحمده العارفون. الا ترى أنه لولا وجود العمى لما علم قدر نعمة البصر، ولولا الصمم لما قدرنا نعمة السمع ولولا الشلل ما عرف قدر نعمة الحراك!

وبالنسبة لتساؤلك السابق، كيف أن الله برحمته يدع أناسا يموتون من الجوع ، أقول لك أن جميع احصاءات الأمم المتحدة تؤكد على أن مافي الأرض من غذاء وثروات كاف لسد حاجات جميع البشر، ولكن استئثار الأقلية لهذه الثروات ، هوالسبب الفعلي لحرمان البعض.
كما أن الله سبحانه لم يضع هؤلا المتجبرين في أماكنهم كما يزعم البعض لأنه قد بين لنا من هم أوليائه الذي يجب اتباعهم وتوليتهم أمور العبيد، ومايقع اليوم من ظلم على الناس ، قد تقع فيه المسئولية ولوبشكل جزئي على المظلومين أنفسهم، لعدم تغييرهم هذا الظلم (الا المستضعفين) ، وتقع المسئولية على كل شخص بمقدارقدرته على التغيير، ولو كانت هذه القدرة لا تتجاوزمقدار صوته في انتخابات محلية أو نيابية أو ماعداها.
ربنا نرجو رحمتك ونخشى عذابك ، ان لم يكن بك غضب علينا فلانبالي

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الحوار مع الفرق والمذاهب الإسلامية الأخرى“