فتوى للازهر ..... في حكم تعلم علم الكلام .....

مجلس للحوار والنقاش مع المذاهب الأخرى ( كثيرا من المواضيع والمشاركات فيه يطرحها المخالفين للفكر الزيدي )، فللزائر الباحث عن الفكر الزيدي عليه التوجه لمجلس الدراسات والأبحاث ومجلس الكتب.
أضف رد جديد
بديع الزمان
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 45
اشترك في: الأربعاء مارس 25, 2009 6:14 pm

فتوى للازهر ..... في حكم تعلم علم الكلام .....

مشاركة بواسطة بديع الزمان »

بسم الله الرحمن الرحيم

اذكر لكم فتوى لعلماء الازهر في حكم تعلم علم الكلام وان كانوا للاسف اغفلوا كلام جهابذة علم الكلام امثال علماء اهل البيت (ع) ومشايخ المعتزلة ولكن لا باس بايراد هذه الفتوى لاحتوائها على بعض الفوائد وبالاخص لمن يريد ان يرد على شبه بعض المشاغبين من الوهابية والذين يزعمون ان تعلم علم الكلام حراااام ...

تقول الفتوى :
س : هل يعد علم الكلام علمًا مذمومًا؟ وإذا كان غير مذموم، فبما نفسر ما ورد من نهي العلماء عن الاشتغال به، ورجوع بعض العلماء عنه ؟
الجواب:
بسم لله، والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه. وبعد، فعلم الكلام، وعلم أصول الدين، وعلم التوحيد والصفات، ثلاثة أسماء مترادفة لمسمى واحد، وقد أطال سعد الدين التفتازاني في بيان أسباب تسمية هذا العلم، باسم: علم الكلام، فقال: «لأن عنوان مباحثه كان قولهم: الكلام في كذا وكذا؛ ولأن مسألة الكلام كان أشهر مباحثه وأكثرها نزاعًا وجدالاً، حتى إن بعض المتغلبة قتل كثيرًا من أهل الحق؛ لعدم قولهم بخلق القرآن»(1)، وقالوا: غير ذلك. وسُمِّي بعلم التوحيد؛ لأن مبحث الوحدانية أشهر مباحثه. وسمي بعلم أصول الدين؛ لابتناء الدين عليه.
فهو علم عظيم شأنه، جليل قدره، يعالج أهم قضايا الإنسان على هذه الأرض، مثل: قضية الألوهية، وقضية الرسالة، وقضية الجزاء في اليوم الآخر، وغير ذلك.

ما هو علم الكلام؟
علم الكلام هو: علم إقامة الأدلة على صحة العقائد الإيمانية، وهو بهذا المعنى لا ذم فيه البتة، بل كان أمرا امتلأ به كتاب ربنا، وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم، فقد عرف علماء الكلام ذلك العلم بأنه : علم يُقْتَدر به على إثبات العقائد الدينية مُكْتَسَب من أدلتها اليقينية.(2)

نشأة علم الكلام :
إن سبب نشأة علم الكلام هو الرد على المبتدعة، الذين أكثروا من الجدال مع علماء المسلمين، وأوردوا شُبها على ما قرره الأوائل، وخلطوا تلك الشُّبه بكثير من القواعد الفلسفية، فاحتاج العلماء من أهل السنة إلى مقاومتهم ومجادلتهم ومناظرتهم حتى لا ‏يلبسوا على الضعفاء ‏أمر دينهم، وحتى لا يُدْخِلُوا في الدين ما ليس منه، ولو ترك العلماء هؤلاء الزنادقة وما يصنعون؛ لاستولوا على كثير من عقول الضعفاء، ‏وعوام المسلمين، والقاصرين من فقهائهم، وعلمائهم، فأضلوهم ‏وغَـيَّروا ما عندهم من الاعتقادات الصحيحة.
وقبل تصدي هؤلاء العلماء لهم لم يكن أحد يقاومهم، وكيف يقاومهم وهو لا يفهم كلامهم لعدم اشتغاله به؛ لأنه لا يرد عليه إلا من يفهمه، وسكوتهم هذا أدى إلى نشر كلام هؤلاء الزنادقة حتى اعتقده بعض الجاهلون، فكان لِزَامًا على علماء المسلمين أن يقوموا بالرد على هؤلاء من خلال تعلمهم هذا العلم ونبوغهم فيه؛ لأن إفحامهم بنفس أدلتهم أدعى لانقطاعهم، وإلزامهم الحق، وبالفعل ردوا عليهم وأبطلوا شبههم، وكانت طريقتهم في الرد هي إثبات العقائد الإسلامية، والاستدلال عليها بما هو من جنس حُجَجِ القرآن، من الكلمات المؤثرة في القلوب، المقنعة للنفوس، المورثة لثلج الصدور وطمأنينة القلوب، من الأدلة الجلِيَّة الظاهرة.

علم الكلام المذموم:
إذا تقرر ما ذُكِرَ من فضل هذا العلم، لما له من دور كبير في رد شبه الطاعنين، فلم نهى علماء السلف عن الاشتغال به؟
وقبل الإجابة على هذا السؤال نذكر أولا بعضًا من النصوص التي ورد فيها نهي السلف عن الاشتغال بعلم الكلام:
قال الغزالي: «فإن قلت: تعلم الجدل والكلام مذموم كتعلم النجوم أو هو مباح أو مندوب إليه، فاعلم أن للناس في هذا غلوا وإسرافا في أطراف، فمن قائل: إنه بدعة أو حرام، وأن العبد إن لقي الله عزَّ وجل بكل ذنب سوى الشرك خير له من أن يلقاه بالكلام، ومن قائل: إنه واجب وفرض، إما على الكفاية أو على الأعيان، وأنه أفضل الأعمال وأعلى القربات، فإنه تحقيق لعلم التوحيد ونضال عن دين الله تعالى. وإلى التحريم ذهب الشافعي، ومالك، وأحمد بن حنبل، وسفيان، وجميع أهل الحديث من السلف... واحتجوا بأن ذلك لو كان من الدين لكان ذلك أهم ما يأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويعلم طريقه ويثني عليه، وعلى أربابه.(3) ومنها ما روي عن أبي يوسف أنه قال: «من طلب الدين بالكلام تزندق».(4)

حقيقة ما ورد من نهي عن الاشتغال بعلم الكلام:

إن نهي العلماء في هذه النصوص الواردة عنهم ليس على إطلاقه، ولكنه مُنْصَبٌّ على مَنْ استخدم علم الكلام على طريقة الفلاسفة، وعلى طريقة أهل الأهواء والبدع الذين غَلَّبوا جانب العقل، وتركوا الكتاب والسنة، وجعلوا معولهم عقولهم، وأخذوا بتسوية الكتاب والسنة عليها، والكلام على طريقة المتنطعين والمتغلغلين في التقسيمات والتدقيقات التي لا يفهمها إلا قِلَّة قليلة من الناس المتشدقين بتكثير الأسئلة والأجوبة الدقيقة مما أحدثه المتكلمون من تفسير وسؤال وتوجيه وإشكال، ثم الاشتغال بِحَلِّه، ومن إثارة اللوازم البعيدة، والإكثار من إيراد الشبه الواردة على عقائد أهل السنة مما لم يكن يعرف شيء منه في العصر الأول، بل كانوا يُشَدِّدون النَّكير على مَن يفتح باب الجدل والمماراة، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: «هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ»(5) أي: المتعمقون في البحث والاستقصاء؛ وذلك لاشتمال هذا النوع من الكلام(6) – كما قال الغزالي - على كثير من الخبط والتضليل، وعدم وفائه بما هو المقصود منه من كشف الحقائق، وعمارة القلوب باليقين، بل إنه مورث – بالعكس من ذلك - زعزعة في العقيدة، ووهنا في التصميم.
فهذا هو المقصود بعلم الكلام الذي ذمه السلف، ونهوا عن الاشتغال به، وكأن علم الكلام عندهم منصرف إلى هذا النوع، ومن أجل ذلك أطلقوا ذمه والنهي عنه ولم يُفَصِّلوا، ولا يزال هذا الاسم منصرفًا إلى هذا النوع المذموم، بحيث لا يتبادر إلى الذهن عند إطلاقه إلا هذا النوع، وإن كانت التعريفات التي صاغها العلماء لعلم الكلام أعم منه (أي: المذموم) وشاملة للنوع المحمود منه.
قال سعد الدين التفتازني: «ما نُقِل عن بعض السلف من الطعن فيه والمنع عنه (أي: علم الكلام) فإنما هو للمتعصب في الدين، والقاصر عن تحصيل اليقين، والقاصد إفساد عقائد المسلمين، والخائض فيما لا يفتقر إليه من غوامض المتفلسفين، وإلا فكيف يتصور المنع عما هو من أصل الواجبات وأساس المشروعات».(7)
ويجوز أن يُحْمل نهي السلف على ما في التغلغل في علم الكلام من خطر الدخول في البدعة أو الكفر؛ لأن الباحث فيه قد يخطئ، والخطأ فيه لا يخلو عن أحد الخطرين المذكورين.
ويجوز أن يُحْمل نهي السلف على ما اشتمل عليه علم الكلام من حكاية مذاهب أهل البدع والأهواء، وذكر الشُّبَه الواردة على اعتقاد أهل السنة، وهذا مُفْض إلى نشر هذه المذاهب - وقد أُمِرْنا بإخمادها - ومُوجب لتمكن هذه الشُّبَه في القلوب، فإن الشبهة كثيرا ما تكون واضحة، ويكون الجواب عنها خفيًّا، ثم إن هذا يَجُرُّ إلى الرأي، والجدل، والمماراة في دين الله تعالى. ومن هذا ما ورد أن الإمام أحمد بن حنبل بالغ في ذم علم الكلام حتى هجر الحارث المحاسبي مع زهده وورعه؛ بسبب تصنيفه كتابًا في الرد على المبتدعة، وقال له: ويحك ألست تحكي بدعتهم أولاً ثم ترد عليهم، ألست تحمل الناس بتصنيفك على مطالعة البدعة، والتفكر في تلك الشبهات، فيدعوهم ذلك إلى الرأي والبحث.(8)
ويجوز أن يُحْمل نهي السلف على الاقتصار على علم الكلام - لما فيه من زعزعة العقيدة وسقوط هيبة الرب من القلب - وترك العلوم الإسلامية الأخرى.
ويجوز أن يُحْمل نهي السلف على أنه لمن انشغل بعلم الكلام وخاض فيه في الوقت الذي تعدم فيه الحاجة إليه؛ لأن أدلة المتكلمين مثل الدواء ينتفع بها قليل الناس، ويتضرر بها الآخرون، فينبغي الاقتصار منها على قدر الحاجة ووقت الحاجة.
فإن قيل: نحن لا نحتاج إلى نشر علم الكلام وتعليمه، بل نكتفي في رد شبه المبتدعة بما ركز ‏في الجبلة والطباع؟ نقول: ليس ما ركز في الجبلة والطباع – إن كانت سليمة- كِفَاية تامَّة لِحَلِّ شُبَهِ ‏المبتدعة.
ما ورد من رجوع بعض العلماء عن علم الكلام :

ما قيل عن رجوع علماء علم الكلام في آخر حياتهم عن علم الكلام، وندمهم على الوقت الذي أضاعوه من حياتهم في الاشتغال به؛ دعوى لا يوجد دليل قاطع على إثباتها.
وما ورد من نصوص استدل بها أصحاب هذه الدعوى على رجوع علماء الكلام في آخر حياتهم، تجدها عند فحصها ومراجعتها ووزنها بميزان العلم لا ترقى أن تكون دليلا للنتيجة التي توصلوا إليها، بل على العكس تجد النتيجة الصحيحة تناقض ما توصلوا إليه ونشروه.

ومن هذه النصوص التي استدل بها أصحاب هذه الدعوى على رجوع الإمام الفخر الرازي - وهو أحد أئمة علم الكلام الْمُنَظِّرين له - في آخر حياته عن آرائه، وعن انشغاله بعلم الكلام، وهذا النص ذكره الذهبي في كتابه (سير أعلام النبلاء) نقل فيه قولا للفخر الرازي، ثم علَّق عليه، فنبدأ بذكره لقول الفخر الرازي، قال في آخر حياته: «لقد تأملت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية فما رأيتها تشفي عليلا، ولا تُروي غليلا، ورأيت أقرب الطرق طريقة القرآن».(9)
وقد عَدَّ هؤلاء هذا النص الوارد في وصية الإمام الفخر الرازي في آخر حياته تراجعًا كاملا منه، واعترافًا بفساد علم الكلام، وهذا واضح جِدًّا في قول الذهبي: «فإنه توفي على طريقة حميدة»، معنى هذا أن نتاجه العلمي طوال حياته كان على طريقة غير حميدة- من وجهة نظر الذهبي، ومن تابعه.
وعند تحليل النَّص الوارد عن الإمام الفخر الرازي تحليلا علميًّا بعيدًا عن الأهواء لا نجد النتيجة التي توَّصل إليها هؤلاء صحيحة مقبولة؛ لأن الكلام الوارد في وصية الفخر الرازي –رحمه الله- قبل موته لا يعدوا إلا إقرارًا مؤكدا منه بتفوق القرآن بصفته كلام الله تعالى على كل قَوْلٍ بشري، وهذا أمر معلوم من الدين بالضرورة لدى كل مسلم، ولا يوجد شيء في النص يوحي بتراجعه عن علم الكلام مطلقًا.

وعلى هذا تجري جميع النصوص التي استدلوا بها على رجوع باقي علماء علم الكلام، فبعد تفنيدها لا تجدها تدل على النتيجة التي توصل إليها هؤلاء.
ومن الغريب العجيب أن هذه الدعاوى لم تُقَلْ في حياة هؤلاء العلماء حتى نرى ردهم عليها بالإقرار أو بالنفي، وإنما ذكرت بعد موتهم، وهو ما يجعلنا نقول بأن هناك مشكلة حقيقية تدعونا إلى تأملها وتفهمها ومعالجتها، هذه المشكلة – الدينية، الأخلاقية، العلمية - تكمن فيمن يُذِيع وينشر مثل هذه النصوص، ويؤولها تأويلا بعيدًا عن الصحة، وذلك بالاستدلال بها على تراجع هؤلاء الأئمة الأعلام عن مذاهبهم وأفكارهم، ثم إذا بحثنا عن الغرض الأساسي لهذا الفعل وجدنا أن الغرض من ذكر مثل هذه التراجعات – الموهمة ممن يدعيها - والاحتفاء بها في كتبهم أو على منابرهم؟ وإلقاء هذه الآراء على عامة الناس وشغلهم بها، وجدناه هو: الإيحاء بأن هذه المذاهب متهافتة لا أساس لها، وأن المذهب العَقَدِي الذي يتبناه هؤلاء هو المذهب الحق، وما سواه باطل، يجب التبرؤ منه، وهم بذلك يقومون بالدعاية لنشر مذهبهم الذي تبنوه، وإثبات أن مذاهب غيرهم باطلة، بدليل تراجع أئمتها والمنظرين لها.

وعلى هذا فإن ما ورد عن السلف من نصوص تنهى عن الاشتغال بعلم الكلام محمولة على من استخدم هذا العلم على طريقة الفلاسفة، وعلى طريقة أهل الأهواء والبدع الذين غَلَّبوا جانب العقل، وتركوا الكتاب والسنة، وليس النهي الوارد على الإطلاق. قال ابن حجر الهيتمي: «أما تعليم الحجج الكلامية، ‏والقيام بها ‏للرد على المخالفين، فهو فرض كفاية، اللهم إلا إن وقعت حادثة، وتوقف دفع المخالف فيها ‏على تعلم ما ‏يتعلق بها من علم الكلام أو آلاته، فيجب عينًا على من تأهل لذلك تعلمه للرد على ‏المخالفين» (10).كما أن ما ورد من رجوع بعض العلماء عن علم الكلام لم يثبت عنهم صراحة، وبهذا يعلم المذموم من علم الكلام والواجب منه.

والله تعالى أعلى وأعلم.
و صلى الله وسلم على محمد واله


أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الحوار مع الفرق والمذاهب الإسلامية الأخرى“