ابن تيمية وأحاديث فضائل أهل البيت عليهم السلام

مجلس للحوار والنقاش مع المذاهب الأخرى ( كثيرا من المواضيع والمشاركات فيه يطرحها المخالفين للفكر الزيدي )، فللزائر الباحث عن الفكر الزيدي عليه التوجه لمجلس الدراسات والأبحاث ومجلس الكتب.
أضف رد جديد
الحكيم المتألق
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 87
اشترك في: الأحد إبريل 27, 2008 2:56 am

ابن تيمية وأحاديث فضائل أهل البيت عليهم السلام

مشاركة بواسطة الحكيم المتألق »

ابن تيمية و أحاديث فضائل أهل البيت من خلال كتابه منهاج السنة


بقلم الدكتور المحدِّث العلامة محمود سعيد محمد ممدوح حفظه الله

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم



للشيخ الحسن بن يوسف بن علي بن محمد المعروف بالمطهر الحلي (648 726– كتاب اسمه : ( منهاج الكرامة في إثبات الإمامة ) .

وقد تعقــَّبه الشيخ تقي الدين أبو العباس ابن تيمية الحراني رحمه الله ( 664-728 ) في مصنف أسهب فيه وأسماه ( منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية ) .

وهذا الكتاب أحدث ضجَّــة في صفوف أهل السنة والشيعة معا ً.

والذي يعنينا هنا كلمتان لإمامين جليلين مشهود لهما بالبراعة والتقدم والمعرفة التامة.

والإمامان هما : تقي الدين السبكي ،وابن حجر العسقلاني.


أما التقي السبكي : فانه وقف على رد ابن تيمية بعد وفاته ،فوصفه في أبيات ابتدأها في الطعن على ابن المطهر الحلي ، ثم أثنى على ابن تيمية لتصدره في الرد إلا أنه عاب عليه أشياء فقال ( 1 ) :

ولابن تيمية ردٌ عليه وفَي
بمَقصد الرد واستيفاء أضرُبه

لكنه خَلَط الحقَّ المبينَ بما
يشوبه كَدَرا في صَفو مَشربه

يخالط الحشو أنَّى كان فهو له
حثيثُ سَير ٍ بشرق ٍ أو بمغربِه

يرى حوادث لا مبدا لأولها
في الله سبحانه عمَّا يظن به

لو كان حيا يرى قولي ويفهمه
رددتُ ما قال أقفُو إثر سبسَبِه

كما رددتُ عليه في الطلاق وفى
ترك الزيارة ردا ً غير مُشتبه

وبعده لا أرى للرد فائدة
هذا وجوهره مما أضِنُّ به

والرد يحسُنُ في حالين واحدة
لقطع خصم ٍ قوي ٍّ في تغلُّبه

وحالة ٍ لانتفاع الناس حيث به
هَديٌ وربحٌ لديهم في تطلُّبه

وليس للناس في علم الكلام هُدى
بل بدعة ٌ وضلالٌ في تكسُّبه

ولي يدٌ فيه لولا ضعفُ سامعِه
جعلتُ نظم بسيطي في مهذ َّبِه




فعاب التقي السبكي على ابن تيمية أمرين :

أولا : الحشو ويعني به التجسيم أو التشبيه.

ثانيا : قوله بحوادث لا أول لهل .


وأما الحافظ ابن حجر العسقلاني فإنه أقرَّ شيخ الإسلام تقي الدين السبكي على ما قال وزاد عليه فقال في ( لسان الميزان ) (7/529،530):

(طالعتُ الرد المذكور فوجدته كما قال السبكي في الاستيفاء ( 2 ) لكن وجدته كثير التحامل إلى الغاية في رد الأحاديث التي يوردها ابن المطهر وإن كان معظم ذلك من الموضوعات والواهيات ، لكنه رد في رده كثير من الأحاديث الجياد التي لم يستحضر حالة التصنيف مظانها ، لأنه كان لاتساعه في الحفظ يتكل على ما في صدره، والإنسان : عامد للنسيان . وكم من مبالغة لتوهين كلام الرافضي أدَّته أحيانا الى تنقيص علي رضي الله عنه )اهـ..

وقال في الدرر الكامنة (2/71) في ترجمة الحسن بن يوسف المعروف بالمطهر الحلي : ( له كتاب في الإمامة ردَّ عليه ابن تيمية بالكتاب المشهور المسمى – الرد على الرافضي – وقد أطنب فيه وأجاد في الرد ، إلا أنه تحامل في مواضع كثيرة ، ورد أحاديث موجودة وإن كانت ضعيفة بأنها مختلقة ) اهـ..

وقال الحافظ ابن حجر في الفتح (13/410) : (وهي – أي الحوادث التي لا أول لها – من مُستشنع المسائل المنسوبة لابن تيمية ) اهـ .

وكلام الحافظ ابن حجر يُــؤخـــــذ منه أمور:

1 ــ موافقته للتقي السبكي في عيب ابن تيمية بالحشو ، وبقوله : بحوادث لا أول لها .

2 ــ كثرة تحامله في رد الأحاديث.

3 ــ أنه لم يكن ضابطا لما يستحضره ، ولذلك كان يغلط لاعتماده على حفظه.

4 ــ تــَـنــَـقـــُّصه عليا ً عليه السلام ( 3 )


قلتُ : سلك ابن تيمية عند كلامه على الأحاديث التي في فضائل علي عليه السلام مسلكين :

الأول : التوسع في تضعيف هذه الأحاديث والحكم على جلها بالوضع.

الثاني : ما ثبت عنده بعد جهد زعم أنها ليست من خصائصه عليه السلام ، بل هي فضائل شاركه فيها غيره .


وهذان المسلكان نصَّ عليهما ابن تيمية في كتابه المذكور (5/6،7) .


وقد أحببتُ أن أذكر في هذه العجالة بعضا ً من الأحاديث التي صرَّح بوضعها وبكذبها ( 4 ) والصواب أنها صحيحة أو حسنة، ولم أقصد الاستيعاب ، ولكن ما لا يُـدرك كله لا يُـترك جُـله.

أما ما ضعَّفه وهو صحيح أو حسن ،أو حكم بوضعه وهو ضعيف فقط : فشيءٌ كثير ، وقد عملتُ على جمعه والله المستعان.

ودونك بعض الأمثلة:

1 ــ حديث الموالاة: ( من كنت مولاه فعلي مولاه ،اللهم وال من والاه وعاد من عاداه).

قال ابن تيمية (4/86): (وأما من كنت مولاه فعلي مولاه فلا يصح من طرق الثقات أصلا) اهـ..


وقال (7/319): ( وأما الزيادة وهي قوله : ـ اللهم وال من والاه وعاد من عاداه….الخ – فلا ريب أنها كذب) اهـ. .

وهذا ما ذهب اليه في الفتاوي (4/417-418) .


قلتُ : الشطر الأول من الحديث: متواتر ، نص على تواتره عدد من الحفاظ ، ورواه أكثر من خمسة وعشرين صحابيا.


وأما قوله صلى الله عليه واله وسلم : ( اللهم وال من والاه ،وعاد من عاداه ) : فهي زيادة غاية في الصحة ، وقد وردت عن عدد من الصحابة ، وصححها عدد من الأئمة الحفاظ من حديث أنس بن مالك ، وأبي سعيد الخدري ، وزيد بن أرقم ، وسعد بن أبي وقاص ، واستوعب طرق حديث الموالاة الحافظ ابن عقدة في مصنف مستقل ، والسيد أحمد بن الصديق الغماري في : ( الإعلام بطرق المتواتر من حديثه عليه السلام).


وذكر أحمد في ( الفضائل ) ، والنسائي في ( الخصائص ) ، وابن الجزري في ( المناقب ) ، والهيثمي في ( المجمع ) : جملة صالحة منه ، والمعرَّف لا يعرَّف.

2- حديث : ( أنت وليّ في كل مؤمن بعدي ) .

قال ابن تيمية ( 4/104): (كذب على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ) .


قلتُ : بل صحيح على شرط مسلم ، فقد أخرجه الطيالسي ( 829 ) ، وابن أبي شيبة (12/79). وأحمد في المسند (4/437)، وفي الفضائل (1035)،والترمذي (5/269) ،والنسائي في الخصائص (88) ،وابن حبان (6929) ،والحاكم (3/110) جميعهم من حديث جعفر بن سليمان الضبعي ، عن يزيد الرشك ، عن مطرف بن عبد الله عن عمران بن الحصين قال : بعث صلى الله عليه واله وسلم جيشا ، واستعمل عليهم علي بن أبي طالب ، فمضى في السرية فأصاب جارية فأنكروا عليه وتعاقدوا أربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه واله وسلم إذا لقينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أخبرناه بما صنع ، وكان المسلمون إذا رجعوا من السفر بدأوا برسول الله صلى الله عليه واله وسلم فسلـَّموا عليه ثم انصرفوا إلى رحالهم ، فلما قدمت السريَّة سلـَّموا على النبي صلى الله عليه واله وسلم فقام أحد الأربعة ، فقال : يا رسول الله ألم تر إلى علي بن أبي طالب صنع كذا وكذا ؟ فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم قام – يعني الثاني – فقال مثل ذلك ، ثم قام الثالث فقال مثل مقالته ثم قام الرابع فقال مثل ما قالوا ، فأقبل إليهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والغضب يُعرَفُ في وجهه فقال : (ما تريدون من علي ؟ إن عليا مني ، وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي).


حسَّنه الترمذي ،وصحَّحه ابن حبان ،والحاكم على شرط مسلم ووافقه الذهبي.


3- قال ابن عمر : ( ما كنا نعرف المنافقين على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا ببغضهم عليا ً ) .


قال ابن تيمية (3/228) : ( هذا الحديث لا يستريب أهل المعرفة بالحديث أنه حديث موضوع مكذوب على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ) اهـ .


قلتُ : بل لا يستريب أهل المعرفة بالحديث أن متنــَــه غاية في الصحَّــة، فقد أخرج مسلم في صحيحه (78) ، والترمذي (5/306) وقال حسن صحيح ، وابن ماجه(114) والنسائي (8/117) وفي خصائص علي (100-102)، وعبد الله بن أحمد في زياداته على الفضائل (1102) وأبو نعيم في الحلية (4/185) وصحَّحه ، وغيرهم من حديث علي عليه السلام قال : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وآله وسلم ( ألا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق ) .

وقال أبو نعيم : هذا حديث صحيح متفق عليه . اهـ. .

وأخرج البزار ( كشف الأستار 3/169)، وعبد الله في زيادات الفضائل (1086) من حديث عبيد الله بن موسى ، أن محمد بن علي السلمي ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر بن عبد الله قال : ( ما كنا نعرف منافقينا معشر الأنصار إلا ببغضهم لعلي ) وهذا إسناده حسن.

وأحسن منه : ما أخرجه أحمد في الفضائل بإسناد على شرط البخاري عن أبي سعيد الخدري قال : ( إنما كنا نعرف منافقي الأنصار ببغضهم عليا ً ) .


يتبع ،،،

الحكيم المتألق
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 87
اشترك في: الأحد إبريل 27, 2008 2:56 am

Re: ابن تيمية وأحاديث فضائل أهل البيت عليهم السلام

مشاركة بواسطة الحكيم المتألق »

- قال رجل لسلمان : ما أشد حبك لعلي ، قال : سمعت نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : من أحبه فقد أحبني .


قال ابن تيمية (3/9) : كذب.


قلتُ : بل صحيح ، فقد أخرجه الحاكم في المستدرك (3/130) من حديث أبي زيد سعيد بن أوس الأنصاري ، ثنا عوف ، عن أبي عثمان النهدي ، قال : قال رجل لسلمان : ما أشد حبك لعلي ؟ قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : ( من أحب عليا ً فقد أحبني ، ومن أحبني فقد أحب الله عز وجل ، ومن أبغض عليا ً فقد أبغضني ، ومن أبغضني فقد أبغض الله عز وجل ) قال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين، وسلــَّمه الذهبي.

قلتُ : سعيد بن أوس: ليس من رجال الصحيح ، وهو حسن الحديث ، وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير(23/380/901) عن أم سلمة ، وقال الهيثمي في المجمع (9/132) : ( وإسناده حسن ) .

فهذا طريقان للحديث كلاهما حسن لذاته، فالحديث: صحيح بهما.

5 - حديث الطير : أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أتي بطائر فقال : (اللهم ائتني بأحب الخلق إليك يأكل معي من هذا الطائر فجاء علي) .

قال ابن تيمية (4/99) (حديث الطائر من المكذوبات الموضوعة عند أهل العلم والمعرفة بحقائق النقل)اهـ..


قلتُ : كلا بل الحديث صحيح، ودعك من التعصب والتهويل، فالحديث رواه من الصحابة رضي الله : أنس بن مالك ، وعلي ، وابن عباس ، وجابر بن عبد الله ، وأبي رافع ، ويعلى بن مرة ، وسفينة . وهو متواتر عن أنس .

وصرَّح ابن كثير الدمشقي الشامي في البداية والنهاية (4/416): أنّ الحافظ الذهبي ألف جزءا في طرق الحديث ، فبلغ عدد من رواه عن أنس : بضعة وتسعين نفسا ً ، وقال : أقرب هذه الطرق غرائب ضعيفة . اهـ .

قلتُ : هذا العدد يستحيل اجتماعهم على الكذب ، فيجب عدم النظر في أحوالهم على ما هو مقرَّر في علوم الحديث .

والذهبي يقول في تذكرة الحفاظ (3/1043) : ( له طرق كثيرة جدا قد أفردتــُها بمصنــَّف ، ومجموعها يوجب أن يكون الحديث له أصل ) اهـ .


وأكثر من هذا قول الذهبي في تاريخ الإسلام (2/179) : حديث الطير وله طرق كثيرة عن أنس متكلم فيها ، وبعضها على شرط السنن ، ومن أجودها حديث قطن بن نسير شيخ مسلم ، ثنا جعفر بن سليمان ، ثنا عبد الله بن المثنى ، عن عبد الله بن أنس بن مالك عن أنس قال : أهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حجل مشوي فقال : ( اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي ……….وذكر الحديث . اهـ .


واعترض الحافظ صلاح الدين العلائي في ( النقد الصحيح ) (ص 75) على من حكم بوضعه .

وقد أفردتــُــه بجُــزء يقطع الواقف عليه بصحة الحديث ، يسّر الله تعالى طبعه، ولا بأس بسوق طريقين له في هذه العجالة:


الأول : ما أخرجه الطبراني في الكبير (7/95) ، (10343) ، وابن عدي في الكامل (3/958) ، وابن الجوزي في العلل (1/225) من طريق سليمان بن قرم ، عن فطر بن خليفة ، عن عبد الرحمن بن أبي نعم ، عن سفينة به مرفوعا ً ، قال الهيثمي في المجمع (9/958) : رجال الطبراني رجال الصحيح غير فطر ابن خليفة وهو ثقة . اهـ.

قلتُ : فطر بن خليفة: روى له البخاري مقرونا ً بغيره كما في مقدمة الفتح (ص435) ، ورمز لكونه من رجال البخاري في التهذيب (8/300).

الثاني : ذكر ابن كثير في البداية والنهاية نقلا ً عن ( جزء الذهبي ) في حديث الطير (7/352) أن ابن أبي حاتم رواه عن عمار بن خالد الواسطي ، عن إسحاق الأزرق ، عن عبد الملك بن أبي سليمان ، عن أنس .

قال ابن كثير عقِــبَـــه : وهذا أجوَد من إسناد الحاكم .


قلتُ : عمّار بن خالد الواسطي قال عنه ابن أبي حاتم : كتبتُ عنه مع أبي بواسط وكان ثقة صدوقا ً ( الجرح والتعديل 3/1/395) وإسحاق بن يوسف الأزرق ، وعبد الملك بن سليمان : كلاهما ثقة .

فهذا إسناد صحيح لا يتكلم فيه إلا صاحب هوى .

وإن لم يكن حديث الطير صحيحا ً : فأشتهي أن يبيِّن المعترض ما هو الحديث الصحيح ؟!

و الحاصل : أن الحكم على الحديث بالوضع مع وجود هذه الطرق : تقصير في البحث وتغافل في النظر ، وتشديد لا يلائم أصول الحديث الشريف وقواعد الصناعة ، والله وأعلم .


وقد ذكر الحافظ العلائي طريقين له في ( النقد الصحيح ) (ص75-77) يكفيان للحكم على الحديث بالحسن بالنظر لهما فقط .

والله المستعان .

6- حديث ردّ الشمس لعلي عليه السلام .


أسهبَ ابن تيمية في تكذيبه (4/185-195).

وقد قال الحافظ ابن حجر في الفتح (6/222) : وقد أخطأ ابن الجوزي بإيراده في الموضوعات ، وكذا ابن تيمية في الرد على الروافض في زعم وضعه ، والله أعلم .

وصحَّحه عدد من الحفاظ من أجلهم الحافظان أحمد بن صالح و الطحاوي المصريان ، وأفرده بالتصنيف الحافظ الحسكاني .

و الحافظ محمد بن يوسف الصالحي في جزء وقفت عليه بمكتبة الحرم المكي اسمه : (مزيل اللبس عن حديث رد الشمس) .


7- حديث : ( سدوا الأبواب كلها إلا باب علي ّ ) .

حكم ابن تيمية عليه بالوضع (3/9) وبالكذب في الفتاوى (4/415).

قلتُ : بل الحديث صحيح ، وكنتُ قد تكلمتُ عليه في ( النقد الصحيح ) (ص89-90) .

وهو عند الترمذي (تحفة/232) من طريق محمد بن فضيل ، عن سالم بن أبي حفصة ، عن عطية العوفي ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك لعلي رضي الله عنه ، وقال الترمذي عقيبه : هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، وقد سمع مني محمد بن إسماعيل يعني البخاري هذا الحديث .

عطية العوفي : وثقه يحي بن معين ، وابن سعد ، وابن شاهين ، وحسّن له الترمذي مرات عديدة ، وسكت عن حديثه أبو داود ، ومن تكلم فيه : فلحكاية مكذوبة ، وحسّن حديثه غير واحد من الحفاظ ، وهو الحق الموافق لقواعد الجرح والتعديل والذي تراه مبسوطا في كتابي ( رفع المنارة لتخريج أحاديث التوسل والزيارة ).

وسالم بن أبي حفصة : مع غلوه في التشيع قال عنه الحافظ في التقريب (ص226): صدوق في الحديث .اهـ. .

والعبرة بصدق الراوي لا بمذهبه .

وللحديث شاهدان أحدهما مسند والآخر مرسل .

أما المسند : فأخرجه البزار في مسنده (1/133/2) حدثنا إبراهيم بن سعد الجوهري ، قال ثنا إسماعيل بن أبي أويس ، قال حدثني أبي ، عن الحسن بن زيد ، عن خارجة بن سعد ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي ( لا يحل لأحد أن يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك ) .

قال البزار : وهذا الكلام لا نعلمه يروى عن سعد إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد ……. ولا نعلم روى عن خارجة إلا الحسن بن زيد هذا . اهـ..

وقال الهيثمي في ( مجمع الزوائد ) (7/115) : رواه البزار ، وخارجة لم أعرفه وبقية رجاله ثقات . اهـ .

قلتُ : أما إسماعيل بن أبي أويس وأبوه ففيهما مقال كبير مشهور وتوثيقهما فيه نظر .. وهما علة في السند .

وخارجة: هو أبن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ، ذلك أن البزار ذكره في مسند سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه (1/33/2)وقال : ومما روى خارجة ابن سعد عن أبيه … اهـ..

وممَّن صرَّح بأن خارجة هو ابن سعد بن أبي وقاص الحافظ ابن حجر في أجوبته على الأحاديث المحكوم عليها بالوضع في المشكاة (1790) وهو والد عامر بن خارجة بن سعد الذي يروي عن جده سعد مباشرة كما في الجرح والتعديل (3/1/320) ، وضعفاء العقيلي (3/308)، فهذا صريح من أبي حاتم و العقيلي بأن خارجة هو ابن سعد بن أبي وقاص .

وعليه فقد أخطأ الشيخ عبد الرحمن المعلمي رحمه الله تعالى في تعليقه على الفوائد المجموعة (367) بقوله : خارجة لا يعرف هو ولا أبوه فليس لسعد بن أبي وقاص ابن اسمه خارجة ).


وأما المرسل : فأخرجه القاضي إسماعيل في ( أحكام القرآن ) قال : ثنا إبراهيم بن حمزة ، ثنا سفيان ين حمزة ، عن كثير بن زيد ، عن المطلب : أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن أذن لأحد أن يمر في المسجد ولا يجلس فيه وهو جنب إلا علي بن أبي طالب رضي الله عنه لأن بيته كان في المسجد .

قلتُ : هذا مرسل حسَن ، إبراهيم بن حمزة وسفيان بن حمزة صدوقان ، وكثير بن زيد صدوق يخطئ كما في التقريب (459) ، والمطلب بن حنطب تابعي ثقة ، لذلك قال الحافظ في النكت (1/470) ، وفي القول المسدد (ص21) : هذا مرسل قوي .

وهذا المرسل القوي: يعضده حديثا أبي سعيد وسعد بن أبي وقاص .

وأخرجه أحمد في المسند (2/26) ، وفي الفضائل (955) ، وابن الجوزي في الموضوعات (1/364) من حديث هشام بن سعد ، عن عمر بن أسيد ، عن ابن عمر به ، وهذا الإسناد حسن ، فالحديث صحيح .

وقال الحافظ ابن حجر في القول المسدد (20) : هو حديث مشهور له طرق متعددة كل طريق منها على انفراده لا تقصر عن رتبة الحسن ، ومجموعه مما يقطع بصحته على طريق كثير من أهل الحديث . اهـ .


8 – حديث : ( يا علي حربي حربك ، وسلمي سلمك ) .

قال ابن تيمية (2/300) : ( هذا كذب موضوع على النبي صلى الله عيه وسلم ، وليس في شيء من كتب الحديث المعروفة ، ولا روي بإسناد معروف ) . اهـ .

قلتُ : هذه جرأة والحديث أخرجه إمامه أحمد بن حنبل في فضائل الصحابة (1350) قال : ثنا تليد بن سليمان ، ثنا أبو الجحاف ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة قال : نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى علي وفاطمة و الحسن والحسين عليهم السلام فقال : ( أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم ) .

هذا الإسناد رجاله ثقات ، ما خلا شيخ أحمد تليد بن سليمان وقد اختلف فيه ومن تكلم فيه فلتشيعه فإنه كان غال .

وأخرجه الحاكم في المستدرك (3/149) من هذا الوجه قال : هذا حديث حسن من حديث أبي عبد الله أحمد بن حنبل ، عن تليد بن سليمان فإني لم أجد له رواية غيرها .

وله شاهد حسن لذاته أخرجه الترمذي (5/699) ، وابن ماجه(1/52) ، و الطبراني في الكبير (3/149) ، والحاكم في المستدرك (3/149) من حديث أسباط ، عن السدي ، عن صبيح مولى أم سلمة ، عن زيد بن أرقم به مرفوعا ً .

وللحديث طرق أخرى، وفيما ذكرتــُـه كفاية ، وكان لابد أن يضعف ابن تيمية هذا الحديث لأن إثبات صحته أو حسنه فيه نسف لموضع كتابه تماما ، والحديث يتحدث عن نفسه .


9 – حديث : ( إن الله أوحى إلي أنه يحب أربعة من أصحابي ، وأمرني بحبهم ، فقيل له من هم يا رسول الله ؟ قال : علي سيدهم ، وسلمان ، والمقداد ، وأبو ذر ) .

قال ابن تيمية (3/173) : ( ضعيف بل موضوع وليس له إسناد يقوم به ) اهـ .

قلتُ : أخرجه إمامه أحمد بن حنبل في المسند (5/351) ، والترمذي رقم (3718)، وابن ماجه في مقدمة سننه (149) من حديث شريك ، عن أبي ربيعة الأيادي ، عن عبد الله بن بريدة عن أبيه مرفوعا ً .

وقال الترمذي : حسن لا نعرفه إلا من حديث شريك . اهـ .

قلتُ : له شاهد ، ومتنه معروف ، ويكفي تحسين الترمذي له في هذا البــاب .




10 – ( أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمة ، وأحبوني لحب الله ، وأحبوا أهل بيتي لحبي ) .

قال ابن تيمية (/99) : ( إسناده ضعيف ) .

قلتُ : بل حسن الإسناد ، فقد أخرجه الترمذي (5/664) ، وأحمد في فضائل الصحابة (1952) ، والحاكم في المستدرك (3/150) ، والبيهقي في مناقب الشافعي (1/45) ، وفي شعب الإيمان (1/288) من حديث عبد الله بن سليمان النوفلي ، عن محمد بن علي بن عباس عن أبيه ، عن أبن عباس مرفوعا ً .

قلتُ : رجاله ثقات ما خلا النوفلي وهو حسن الحديث ، وحسَّنه لذاته الترمذي ، وصحَّحه الحاكم ووافقه الذهبي .

وتحسين الترمذي : معناه أن النوفلي صدوق على الأقل ، فلا يلتفت لقول من قال لايعرف .

والخطبُ في هذا الحديث أهون مما سبقه .


ومع مسلك الشيخ ابن تيمية رحمه الله تعالى في تكذيب الأحاديث الصحيحة والحسنة بل المتواترة كما تقدم – ولا عذر لهذه الأحاديث إلا أنها تتحدث عن خصائص علي عليه السلام – فإنه سلك مسلكا آخر فيما ثبت عنده من أحاديث في فضائل علي عليه السلام فأخذ يلوي عنق النصوص ليصرفها عن إثبات فضائل أو خصائص لعلي عليه السلام .


*** فإذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعلي : ( أنت مني بمنزلة هارون من موسى ) يُشير ابن تيمية (4/78-88) إلى أنه لا يثبت أي مزيــَّــة لعلي !!!


*** وإذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعلي : (أنت مني وأنا منك ) . رأى ابن تيمية (3/8) أنه ليس فيه مزيَّــة خاصة بعلي فالمراد منه الأخوة في الدين ، وهذه الأخوة يشاركه فيها غيره من المسلمين !!!

وغاب عنه حديث : ( إن علي مني ، وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي ) .


*** وآية التطهير { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا } {الأحزاب :33} . يرى ابن تيمية (2/117) أنها مجرد إرادة من الله لهم بالتطهير ، ودعا من النبي صلى الله عليه وسلم لهم بذلك !!!

وغاب عنه أن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم مستجاب ، وقوله صلى الله عليه وسلم : ( فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ) يفيد ذهاب الرجس عنهم وطهارتهم ظاهرا وباطنا ، وهذا لا ينبغي التخلف عنه لأن فيهم بضعة رسول صلى الله عليه وسلم وأخاه والسبطين .


*** ومثله قوله تعالى في آية المباهلة : { فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم } الآية {آل عمران :61} .

هذه الآية لا تثبت مزيَّـة خاصة بعلي عليه السلام عند ابن تيمية مع أنها تفيد مزيّــة خاصة بسيدنا علي عليه السلام حيث أن النبي صلى الله عليه وسلم جمعه مع نفسه كما في الآية بقوله ( وأنفسنا ).

وهذا البغوي الإمام المفسر يقول (1/480) : ( وأبناءنا ) أراد الحسن والحسين ( ونساءنا ) فاطمة ( وأنفسنا ) عنى نفسه وعليا رضي الله عنه . اهـ .


*** وحديث الثقلين المخرج في صحيح مسلم (2408) و الترمذي (3788) واللفظ له . وغيرهما . وهو قوله صلى الله عليه وسلم ( إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أحدهما أعظم من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما).

وفي روايات أخرى ( إني تارك فيكن ثقلين) .

يرى ابن تيمية (4/85) أن الحديث الذي في صحيح مسلم إذا كان النبي صلى الله عليه ويلم قد قاله فليس فيه إلاّ الوصية باتباع الكتاب ، وهو لم يأمر باتباع العترة ولكن قال : أذكركم الله في أهل بيتي اهـ . (!!!)

قلتُ : أما الحديث فمتواتر ، ولكن أين اذن الثقل الثاني الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالاستمساك به ؟


ولشيخ مشايخنا الحبيب علوي بن طاهر بن عبد الله الهدار الحداد باعلوي إطناب في هذا الباب في كتابه الفخيم : ( القول الفصل فيما لبني هاشم وقريش و العرب من فضل ) وهو مطبوع في مجلدين .

وللشيخ محمد زاهد الكوثري : ( التعقب الحثيث لما ينفيه ابن تيمية من الحديث ) .

وللسيد أحمد بن الصديق كلمة عن تشدد ابن تيمية في أحاديث فضائل آل البيت عليهم السلام أنظرها في : ( هدية الصغراء بتصحيح حديث التوسعة يوم عاشوراء ) (ص7-9) .


وضرب الأمثلة هنا : لا يغني عن البسط في موضع آخر .

والله المستعان

الحكيم المتألق
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 87
اشترك في: الأحد إبريل 27, 2008 2:56 am

Re: ابن تيمية وأحاديث فضائل أهل البيت عليهم السلام

مشاركة بواسطة الحكيم المتألق »


ALYEMANI100
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 167
اشترك في: السبت إبريل 18, 2009 1:49 am

Re: ابن تيمية وأحاديث فضائل أهل البيت عليهم السلام

مشاركة بواسطة ALYEMANI100 »

السلام عليكم ورحمة الله

لا يسعني الا ان اشكر الحكيم المتالق على طرح هذا الموضوع الذي اتحفنا فشكرا له وفي الحقيقه ارى ان هذه هي الطريقه الصحيحه لمن اراد ان يتشيع وهي بالعلم ومش بالتعصب كما يفعل البعض اليوم وشكرا له ان عرفنا بالشيخ ممدوح

اما في الموضوع فتعريف بسيط بالمطهر الحلي فمنزلته عند الشيعه الرافضه كمنزلة ابن تيميه عند السلفيه وكتابه منهاج الكرامة في إثبات الإمامة له قصه وهي انه جرى بينه واحد اهل السنه مناظره واستطاع الحلي ان يهزم صاحبه لما له من علم بالمصادر السنيه وفصاحته وقوة حجه وبيان وبعد هذه المناظره طلب منه الحاكم وكان من التتار الذين اسلمو ان يشرح ويكتب ما جاء في المناظره فكتب هذا الكتاب وتشيع الحاكم . وكل من قراء هذا الكتاب يشهد لهذا الكتاب من الناحيه اللغويه وقوة البيان والحجه

اما شيخ الاسلام ابن تيميه فهو اشهر من نار على علم وكتابه منهاج السنه ايضا من اشهر كتبه وهذا الكتاب ايضا له قصه هي بعد ان بدء الشيعه ينشرون كتاب صاحبهم في الامصار لما فيه من قوة حجه وظنهم بان فيه حجه قويه على اهل السنه وصلت نسخه الى الشام حيث كان ابن تيميه والح عليه الناس ان يرد على هذا الكتاب فبعد الحاح جاء هذا الرد ممثلا بكتاب منهاج السنه ويقال من من قراء هذا الكتاب انه سيحكم على كل ما جاء في كتاب المطهر الحلي بالباطل اما في مقدمة منهاج السنه فيقول ابن تيميه في ما معناه ان الرد في الكتاب ليس موجها لعلماء الشيعه من الاماميه و الزيديه ولكن للمغاليه من الشيعه

انا لم اقراء الكتابين ولكن هذا ما بلغنا من العلماء والله اعلم
من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الحوار مع الفرق والمذاهب الإسلامية الأخرى“