الفرق بين السب و بين القول بالحق-من تأليفات السيد العلامة(2)

هذا المجلس لتبادل الخبرات.
أضف رد جديد
الموسوي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 427
اشترك في: الجمعة ديسمبر 19, 2003 12:19 am

الفرق بين السب و بين القول بالحق-من تأليفات السيد العلامة(2)

مشاركة بواسطة الموسوي »

بحث في الفرق بين السب و بين القول بالحق

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الحميد المجيد، و أشهد أن لا إله إلا الله العزيز الحكيم و أشهد أن محمدا عبده و رسوله الصادق الأمين، صلى الله عليه و على آله الطاهرين،
و بعد,
فهذه كلمات في الفصل بين السب المكروه، و بين القول بالحق و إن كان مرا. قال الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله و لو على أنفسكم أو الوالدين و الأقربين) و قال (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط) و قال الله (و إذا قلتم فاعدلوا و إن كان ذا قربى) و قال الله تعالى (لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم)..
دلت هذه الآيات على جواز بيان أعمال و أقوال بعض الناس من أجل دفع باطلهم أو التحذير منهم أو الشكاية منهم أو نحو هذا من الأغراض الصحيحة، يجوز بل قد يجب. و دلت هذه الآيات على وجوب ذلك أو جوازه في الواحد من الصحابة - على معنى الصحابة عند الغلاة فيهم - لأن الصحابة داخلون في هذه الآيات دخولا أوليا، لأن القرآن نزل و كانوا هم المخاطبين بهذه الآيات قبل التابعين.. و كذلك قال الله تعالى (و اللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم)، فهل يقول الغلاة في الصحابة لا يجوز هذا فيهم؟
و قد قال تعالى: من نسائكم و قال: أربعة منكم، والصحابة على اصطلاحكم داخلون في هذا الخطاب قبل غيرهم و مؤدى ذلك و نتيجته أنها إن أتت صحابية فاحشة فاستشهدوا عليها أربعة من الصحابة فإذا شهدوا عليها فعلى قول هؤلاء الغلاة الجهلة يكون الشهود قد سبوا الصحابية. و هذا لأنهم يعتبرون الحاضرين عند رسول الله(ص) من المسلمين كلهم صحابة. و كذلك قوله تعالى (و الذين يرمون أزواجهم و لم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله أنه لمن الصادقين) فكان على قول هؤلاء الغلاة ينبغي أن يزجر عن الكلام في امرأته الصحابية إذا كانا من الصدر الأول و يقال له من أول ما يتكلم فيها: أسكت لا تسب صحابية!
ثم قال تعالى (و يدرؤ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله أنه لمن الكاذبين) فحيث كانا صحابيين كيف ساغ لها على قول الغلاة أن تقول في الصحابي أنه لمن الكاذبين؟ و قد جرى على بيان ما روي في الصدر الأول كثير من العلماء و المؤلفين فنقلوه و لم يعتبروه سبا محرما، و إن كان كلاما في من يسمونهم صحابة، و إليك جملة من البخاري لأنه عند الغلاة في الصحابة أصح الكتب بعد القرآن، و لنا نسلم لهم ذلك ففي البخاري (4 ص42) أن فاطمة ابنة رسول الله(ص) سألت أبابكر أن يقسم لها ميراثها ما ترك رسول الله(ص) مما أفاء الله، فقال لها أبوبكر أن رسول الله(ص) قال لا نورث ما تركنا صدقة فغضبت فاطمة بنت رسول الله(ص) فهجرت أبابكر فلم تزل مهاجرته حتى توفيت. هذا حاصل الرواية. و أنا اختصرتها. و أخرج البخاري (ج2 ص210) عن المسور بن مخرمة أن رسول الله(ص) قال: فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني. فهل نرى البخاري قد سب أبابكر من أجل روايتيه المذكورتين و هل ترى المسور و من تحته من الرواة قد سبوا أبابكر من أجل روايتهم لذلك؟ و كذلك روى البخاري (ج2 ص36) عن عائشة قالت هند أم معاوية لرسول الله(ص) أن أباسفيان رجل شحيح فهل علي جناح أن أخذ من ماله سرا، قال خذي أنت و بنوك ما يكفيك بالمعروف! فهذا عند الغلاة أبوسفيان من الصحابة و كان على رأيهم ينبغي أن يقول لها رسول الله(ص) اسكتي لا تسبي صاحبي. و روى البخاري (ج 6 ص70) في باب و إذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا, عن ابن عباس رضي الله عنهما أردت أن أسأل عمر فقلت يا أميرالمؤمنين من المرأتان اللتان تظاهرتا على رسول الله(ص)؟ فما أتممت كلامي حتى قال: عائشة و حفصة. فهل يرى الغلاة أن عمر قد سب عائشة و حفصة؟ و هل سبهما رواة هذه الرواية عن ابن عباس؟ و هل سبهما البخاري الراوي لذلك في كتابه الذي يسمونه الصحيح! و أخرج البخاري (ج 6 ص10 - 11) عن مسروق قال دخل حسان بن ثابت على عائشة فشبب و قال حصان رزان ما تزن بريبة. و تصبح غرثى من لحوم الغوافل. قالت لست كذلك، قلت تدعين مثل هذا يدخل عليك و قد أنزل الله: و الذي تولى كبره منهم. فقالت و أي عذاب أشد من العمى و قد كان يرد عن رسول الله(ص) ، فهل ترون عائشة قد سبت الصحابة لكلامها في حسان بقولها لست كذلك و قولها و أي عذاب أشد من العمى؟ و هل ترونها قررت مسروقا على سب صحابي لما أنكر عليها أذنها له و قد أنزل الله و الذي تولى كبره؟ و في البخاري (ج 6 ص178) عن عبدالله (رض) أن رجلا من الأنصار قذف امرأته فأحلفهما النبي(ص) ثم فرق بينهما. و أخرج البخاري في الصفحة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن هلال بن أمية قذف امرأته فجاء فشهد و النبي(ص) يقول الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب، ثم قامت فشهدت. ففي هذا على قياس قولكم سب الصحابة و رميهم بالكذب فهذه الجملة من البخاري و لم أستقص كلما فيه من هذا الباب و قد نقلته من النسخة المجردة عن الشروح. و في مسلم (ج10 ص104) عن فاطمة بنت قيس قالت قال لي رسول الله(ص) إذا حللت فآذنيني فآذنته فخطبها معاوية و أبوجهم و أسامة بن زيد فقال رسول الله(ص) أما معاوية فرجل ترب لا مال له و أما أبوجهم فرجل ضراب للنساء و لكن أسامة بن زيد.. الحديث. قال النووي في شرحه في ذكر فوائد هذا الحديث (ص106 - 107) التاسعة -أي الفائدة التاسعة - جواز ذكر الغائب بما فيه من العيوب التي يكرهها إذا كان للنصيحة و لا يكون حينئذ غيبة محرمة. انتهى المراد . و هذا يؤكد ما ذكرنا، لأن أباالجهم كان صحابيا عندهم فدل ذلك على جواز الكلام في الصحابي للنصيحة.. و في مسلم حديث المتلاعنين (ج10 ص125) و قبلها و بعدها و الرواية في اللتين تظاهرتا على رسول الله(ص) عائشة و حفصة (ج10 ص85 و ص90) و الرواية في أبي سفيان و غير ذلك.
و بهذا يظهر للمنصف أن من الغلو منعهم من الكلام في أي رجل يسمونه صحابيا و لو لمصلحة بيان الحق الذي يكتمونه و إنصاف أهل الحق في إثبات أن الحق مع علي(ع) و أهل البيت الذين يجب التمسك بهم و مع شيعتهم المتمسكين بهم و أنهم هم العدول في الحديث، و أن النواصب هم المتهمون، و نحو ذلك من المصالح الدينية، و كذلك من الغلو فرقهم بين الصحابة و غيرهم إذا أجازوا للصحابي أن يتكلم في الصحابي و منعوا غير الصحابي عن الكلام بمثل ما أجازوه للصحابي فهذا الفرق لا دليل عليه من الكتاب و لا من السنة، بل الدين واحد للصحابة و لمن بعدهم، فتفريقهم هذا نوع من غلوهم في الصحابة وأيضا يسرفون في الغلو بقولهم في من تكلم في واحد ممن يسمونهم صحابة - يسب الصحابة - فيجعلونه قد عم الصحابة جملة و هذا كذب و غلو، و قد يبيحون دمه لأنه قد سد باب الشريعة بزعمهم و إن لم يتكلم إلا في رجلين أو ثلاثة ، و لا يفعلون ذلك فيمن تكلم في بعض التابعين مع أنهم طريق الدين لمن بعدهم، و يجادلون في فضائل علي عليه السلام بإنكار بعضها و ادعائهم أنه موضوع أو ضعيف و يجرح الرواة و تضعيفهم و بتأويل الحديث لإبطال الفضائل ليسلم لهم غلوهم فيمن فضلوهم على علي عليه السلام و يصغرون فضائل علي(ع) ويعرضون عن ذكرها - كل ذلك من أجل الغلو في أبي بكر و عمر و عثمان و يجرحون في من تكلم فيهم أو فضل عليا(ع) عليهم، و لا يجرحون فيمن سب عليا و لعنه و أبغضه لأن ذلك عندهم هين و إن سموه بدعة فصاحبه عندهم يمكن توثيقه و قبول حديثه! و هذا لأنهم لا يكرهون تصغير أمير المؤمنين علي، ليسلم لهم تفضيل أبي بكر و عمر و عثمان. و هذا تحكم منهم و اتباع للهوى.. (أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله و اتبعوا أهواءهم) فالحق أنه يجوز من الكلام في الصحابي ما يجوز في التابعي و إنما الممنوع الكذب و التغرير لنصرة الباطل، و المكروه السب لغير مصلحة دينية، و نحن نكره السب و خصوصا في هذا الزمان الذي كثر فيه المتعصبون لهم بجهالة. فإن هذا يؤدي إلى التنفير، و الواجب السعي لجمع كلمة المسلمين و التعاون على جفاء الكافرين. و لكنا مع هذا نكره التعصب للثلاثة و معاوية لأنه يؤدي إلى الحط من فضائل أميرالمؤمنين و ذريته للمحاماة عن أولئك، ثم يؤدي إلى النصب و النفاق. بدليل الحديث لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق.. فهذه نصيحة للطلاب.
و بالله التوفيق.
و كتب بدرالدين الحوثي وفقه الله بتاريخ 18 ذي الحجة سنة 1407
لن تنالوا خيراً لا يناله أهلُ بيتِ نبيكم ولا أصبتم فضلاً إلا أصابوه (الامام زيد بن علي)

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس تبادل الخبرات“