تفسير الثقلين- من تأليفات السيد العلامة بدرالدين الحوثي(1)

هذا المجلس لتبادل الخبرات.
أضف رد جديد
الموسوي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 427
اشترك في: الجمعة ديسمبر 19, 2003 12:19 am

تفسير الثقلين- من تأليفات السيد العلامة بدرالدين الحوثي(1)

مشاركة بواسطة الموسوي »

تفسير الثقلين

صفحة 1
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين
أما بعد,
فإن النصح للمسلمين واجب إسلامي يفرضه الإسلام على كل من يقدر عليه كما قال رسول الله (ص) الدين النصيحة وأفضل نصح يقدمه المسلم لأخيه المسلم هو إظهار الحق فيما يتعلق بالمسائل العقائدية الهامة التي يترتب عليها بقية المسائل . والثقلان وهما كتاب الله سبحانه وتعالى وعترة نبيه (ص) من أهم الأصول في الشريعة الإسلامية بل لا نجاة للمسلم إلا بالتمسك بهما والسير علو نهجهما . فالقرآن لا نزاع بين المسلمين في وجوب التمسك به وإنما النزاع والذي تبناه النواصب وأسسه الأمويون قائم فيما يتعلق بفضل أهل البيت (ع) و وجوب التمسك بهم . ورغم كثرة الآيات والأحاديث الدالة على وجوب التمسك بأهل البيت وفضلهم نرى النواصب وبشتى الأساليب جادين في حربهم وإطفاء نورهم . وقد سبق للوالد بدر الدين حفظه الله إن سجل شريطين الأول في تخاريج حديث الثقلين والآخر في عدة أحاديث منها حديث الاصطفاء وفي هذه المدة ظهر أن النواصب يطرحون عدة شبه على العامة ليوهموهم أنه لا فضل لأهل البيت ( ع ) وأنه لا يجب التمسك بهم ومحاولة منهم في تنفير الناس عن أهل البيت . وقد اخترنا في هذا الكتاب أن نلقي هذه الشبه والدعايات بصورة أسئلة ليجيب عنها الوالد حفظه الله بما يوضح بطلانها فالمرجو من الأخوة القراء أن يقفوا موقف القارئ الذي لا يريد إلا الحق فنقول:
صفحة 2
السؤال الأول : إنك قد سجلت أحاديث في أهل البيت (ع) منها قوله (ص) إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض . وسجلت الحديث عن رسول الله (ص) أنه قال والذي نفسني بيده لا يدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبكم لله ولقرابتي وحديث أحب الله لما يغذوكم من نعمه وأحبوني لحب الله وأحبوا أهل بيتي لحبي . وحديث إن الله اصطفى من كنانه قريشا واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم ، ، وحققت في كتاب الغارة - السريعة تفسير قول الله تعالى (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) ، فسرتها بقربى رسول الله (ص) وإن معنى الآية الأمر بمودة ذوي القربى ذوي قربى رسول الله من أجل قرباه منهم وكذلك جمعت أحاديث في هذا الباب وأنت تعلم أن منهم من هو ظالم لنفسه بالمعصية لله مثل من يقطع الصلاة متعمدا ومن يفطر في شهر رمضان متمردا ومن يأكل أموال الناس بالباطل بالوسائل التي لا شك في تحريمها مثل الربى والرشوة وغير ذلك . وإن من الناس من يدعي أنكم إذا حدثتم في أهل البيت فإنكم تريدون هؤلاء ويظنون أنكم تأمرون الناس بمحبتهم والتمسك بهم وإن كانوا ظالمين متمردين على الله مصرين علو - الكبائر فحققوا ماذا تريدون في الفجار منهم وما رأيكم فيهم؟
صفحة 3
" جواب مولاي العلامة بدري الدين " الأول " اللهم صل على محمد وعلى آله وسلم بسم الله والحمد لله وما توفيقي إلا بالله وصلى الله على محمد وآله . ما كنت أظن أن أحدا يعتقد إنا نرغب في مودة أعداء الله ورسوله فضلا عن التمسك بهم وجعلهم مع القرآن لا يفارقهم ولا يفارقونه وكيف نقول ذلك أو يظن فينا هذا الظن ونحن نقرأ القرآن الذي هو الحاكم بين الناس فيما اختلفوا فيه والله تعالى يقول ( لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آبائهم أو أبنائهم أو إخوانهم أو عشيرتهم ) الآية . ويقول سبحانه ( ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون ) . ويقول سبحانه ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء ) ويقول سبحانه ( ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا - واتبع هواه وكان أمره فرطا ) فقد بين القرآن الكريم أن المؤمن بالله واليوم الآخر لا يواد من حاد الله ورسوله ولو كانوا آبائهم أو أبنائهم . وعلى هذا ، فرسول الله (ص) أول المؤمنين لا يواد من حاد الله ورسوله ولو كان ابنه ولا يركن إليه ولا يتخذه وليا فكيف تجب مودت من هو عدو الله ورسوله لأجل قرباه من رسول الله (ص) وقد صار عدو الله ورسوله بمعصيته لله ورسوله وتمرده على الله مع أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لو عصى الله وتمرد على الله
صفحة 4
وحاشاه لخاف على نفسه عذاب يوم القيامة كما أمره الله أن يقول ( إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم ) . وكيف وقد دخل في قول الله تعالى ( فاستقم كما أمرت ومن تاب . معك ) وهذا الخطاب للنبي (ص) يقول الله له ( فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا أنه بما تعملون بصير ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون ) . وكيف تجب مودة أعداء الله من أهل القرابة وقد أمر الله رسوله (ص) بإنذارهم في قوله تعالى ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) فأنذرهم صلى الله عليه وآله وسلم حتى عمة العباس بن عبد المطلب وعمته صفيه بنت عبد المطلب وبنته فاطمة وقال لهم إني لا أغني عنكم من الله شيئا كما رواه أهل الحديث . فهذا اعتقادنا فيهم إن من عصى الله وتعدا حدوده ولم يتب إلى الله فلا تجب مودته ولا التمسك به وإن نسبه الشريف لا يقربه عند الله يوم القيامة كما لم يقرب أبا لهب ولا ابن نوح الذي لم يركب معه وقال سآوى إلى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم ، وهذا لأن الملك لله وحده لا يشاركه فيه نبي مرسل ولا ملك مقرب ولا غيرهم . فلا يقرب أحدا إلى الله إلا عبادة الله أما من كان عدو الله فلا يقربه عند الله اتصاله بالرسول أو غيره من أولياء الله ولهذا يقام عليه الحد كما يقام على غيره وقد روي عن رسول الله (ص) أنه قال لو سرقت
صفحة 5
فاطمة بنت محمد لقطعت يدها أو كما قال ، نعم ما كنت أظن أحدا يعتقد إنا نرغب في مودة أعداء الله . وأظن مثل كلامهم ذلك جدلا من النواصب كما جادل بعض المشركين في قول الله تعالى (إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون). وأبطل الله جدلهم بقوله تعالى ( إن الذين سبقت لهم منا الحسني أولئك عنها مبعدون ) . ولعل من صبيان المدارس ونحوهم من قد غره النواصب فقالوا لهم إن السادة يقولون تجب على الناس محبتهم وهم يفعلون ويفعلون فيصدق صبيان المدارس لعدم مخالطتهم لأهل العلم من ذرية رسول الله (ص) وهذا التصديق خطأ لأنه لا يصدق العدو في عدوه ولا الخصم في خصمه قبل معرفة من هو على الحق . قال السائل : إذا كنتم لا تريدون مودة الفاجر ولا اتباعه وكذلك لا تريدون اتباع الجاهل الذي ليس له حظ من العلم فلما ذا - لا تصرحون باستثنائه كل ما رغبتم في حب ذوي قربى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفي التمسك بعترته ؟ يقول المولى بدر الدين : إنا نعتقد أن الاستثناء لا يحتاج إليه لأن من هو فاجر عدو الله لا نظن أن أحدا منصفا يتوهم إنا نوجب مودته والتمسك به وإذا كان كذلك فإنا نستغني عن الاستثناء - بمعرفة السامع وفهمه ، ولو ظننا أن السامع يتوهم ذلك لاستثنينا الفاجر التعدي لحدود الله المصر على المعاصي ، ولنا قدوة ، رسول الله (ص) حيث لا يستثني مع كل حديث في ذوي قرباه حيث لا يعتقد
صفحة 6
السامع أنه يعني الفاجر مع المؤمن التقي لأن فهم السامع يغني عن الاستثناء . فإذا كان السامع لا يعتقد إنا نوجب مودة الفاجر ولا التمسك بالجاهل الذي ليس له حظ من العلم فلا حاجة إلى الاستثناء . مع إنا قد سجلنا هذا في شريط وذكرنا معناه في كتاب ( تحريز الأفكار ) ثم جعلنا هذا الكتيب لإزاحة العلة وإبطال الشبهة وبالله التوفيق . السؤال الثاني " : ظهر لنا أن بعض النواصب ينسب إلى السادة المعاصي والمنكرات وقصده أنه لا يجب اتباع الصالحين منهم ولا مودتهم من أجل قرباهم من رسول الله (ص) ويعتبر فساد من فسد منهم دليلا على أنه لا يعتبر قربى السيد من رسول الله (ص) ولا يلتفت إلى نسبه المتصل برسول الله (ص) وإن كان لم يعرف منه فساد بل ولو كان من خيار الناس فما الجواب عنه ؟ " الجواب الثاني " يقول المولى بدر الدين : إن هذه من النواصب مخالفة للكتاب والسنة لأن الآيات في أهل البيت (ع) والأحاديث باقية على أصلها لم يخرج منها إلا الفاجر المصر على الكباير ما دام على ذلك فلا تجب مودته . والجاهل المعلوم جهله فلا يجب - اتباعه ما دام جاهلا ولا ينسخها خروج الفاجر منها بل الفاجر مخصوص منها ومن لم يعلم منه الفجور
صفحة 7
والتعمد للكبائر فحكمه في المودة ثابت لم ينسخ لأنه لا ينسخ الحكم الشرعي إلا يناسخ وليس هنا ناسخ ولو كان خروج البعض يبطل حكم الكل أو ينسخه للزم بطلان فضل الصحابة الثابت لهم بالصحبة لأجل بطلان فضل من رجع إلى الباطل وارتد على عقبه القهقرى كما في الآيات القرآنية والأحاديث المشهورة فكان لا يبقى فضل لصحابي بصحبته لأن بعض الأصحاب ارتدوا على أدبارهم القهقرى فإذا كان هذا باطلا في الصحابة لأن الله تعالى يقول ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) . فكذلك في قرابة رسول الله (ص) لأن الله تعالى يقول ( ولا تزر وازرة وزر أخرى وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شئ ولو كان ذا قربى ) . فذنب المذنب على نفسه وحده مع أن علماء المخالفين لا يقولون كقول النواصب هذا الذي في السؤال . وقد قال ابن تيمية في المجلد الرابع من ( فتاواه الكبرى ) . ( ص 487 ) الطبعة الأولى في محاورة بينه وبين مقدم المفعول أي التتر . قال فما تحبون أهل البيت ؟ قلت محبتهم عندنا فرض واجب يؤجر عليه فإنه قد ثبت عندنا في صحيح مسلم عن زيد ابن أرقم قال - خطبنا رسول الله (ص) بغدير يدعا خما بين مكة والمدينة فقال أيها الناس إني تارك فيكم كتاب الله وذكر كتاب الله وحص عليه ثم قال : وعترتي أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي إذ كركم الله في أهل
صفحة 8
بيتي ، القائل ابن تيمية قلت : لمقدم ونحن نقول في صلواتنا كل يوم اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد . قال مقدم ومن يبغض أهل البيت ؟ قلت : من أبغضهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا انتهى وقال ابن تيمية في المجلد الثالث من فتاواه الكبرى) (ص 154) حاكيا عن أهل مذهبه الذين سماهم أهل السنة والجماعة ، قال ويحبون أهل بيت رسول الله (ص) ويتولونهم ويحفظون فيهم وصية رسول الله (ص) حيث قال يوم غدير خم أذكركم الله في أهل بيتي وقال أيضا لعمه العباس وقد اشتكى إليه إن بعض قريش يجفو بني هاشم فقال والذي نفسي بيده لا يؤمنون حتى يحبوكم لله ولقرابتي . وقال (ص) إن الله اصطفى بني إسماعيل واصطفى من بني إسماعيل كنانه واصطفى من كنانه قريشا واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم ه‍ ، المراد ، وقد أفاد في هذا وجوب محبة ذوي قربى رسول الله (ص) لله ولقرابتهم من رسول الله (ص) وإن وجوب المحبة باق لم ينسخ ولم يسقط وجوبه بالنسبة إلى الصالحين لأجل فساد الظالمين من بني هاشم .
صفحة 9
والله تعالى يقول ( أفنجعل المسلمين كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون ) . وقال ابن تيمية في المجلد الأول من فتاواه الكبرى ) ( ص 315 ) الطبعة الأولى أيضا ولهذا قال العلماء يستحب أن يستسقى بأهل الدين والصلاح وإذا كانوا من أهل بيت رسول الله (ص) فهو أحسن. فدل هذا على أن من مذهبهم بقاء فضل أهل البيت (ع) وإن كان بعضهم قد فسد لأن فساده على نفسه خاصه وقال ابن كثير وهو من علمائهم أيضا في تفسيره في تفسير سورة الشورى في الجزء السابع ( ص 189 ولا تنكر الوصاة بأهل البيت والأمر بالإحسان إليهم واحترامهم وإكرامهم فإنهم من ذرية طاهره من أشرف بيت وجد على وجه الأرض فخرا وحسبا ونسبا . ولا سيما إذا كانوا سبعين للسنة النبوية الصحيحة الواضحة الجلية كما كان عليه سلفهم كالعباس وبنيه وعلي وأهل بيته وذريته رضي الله عنهم أجمعين . وفي الصحيح أن رسول الله (ص) قال في خطبته بغدير خم إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي وإنهما لم يفترقا ( كذا ) ( الصواب لن يفترقا ) حتى يردا علي الحوض . ثم ذكر ابن كثير غير هذا من الأحاديث في أهل البيت عليهم السلام . والمقصود بيان أن علماء المخالفين لا يرون سقوط حق جميع أهل البيت (ع) بفساد بعضهم ، وأن النواصب المذكورين
صفحة 10
في السؤال قد خالفوا علماءهم كما خالفوا الأدلة من الكتاب والسنة " السؤال الثالث " إن بعض النواصب يدعون أن السادة يتكبرون على القبائل فإذا قال القبيلي للسيد يا فلان ولم يقل يا سيدي أو يا سيد غضب وقال سيدي وسيد أبوك فما الجواب على هذا الدعوى ايقاكم الله ؟ " الجواب الثالث " يقول العالم الحجة : هذا من النواصب لقصد التفريق بين السادة والقبايل ولقصد أن يجعلوا القبايل نواصب يبغضون السادة وينفرون منهم بالكذب عليهم . ومن جهل الحقيقة فعليه أن يتعرف الواقع بمخالطة أهل العلم والدين من ذرية رسول الله (ص) ولا يصدق فيهم أعدائهم وليس من الإنصاف أن بصدق فيهم أعدائهم النواصب لأن النواصب أهل بدعة وهم يدعون الناس إلى بدعتهم ولأن الغريم في لغة البلاد - أي الخصم لا يصدق في غريمه أي خصمه كما لا يخفى على منصف . " السؤال الرابع " لعل بعض السادة الجهلة قد صدر منه تكبر أو قال سيدك وسيد أبوك . فما قولكم فيمن نسب ذلك إلى السادة جملة ؟ " الجواب الرابع "
صفحة 11
" الجواب الرابع " يقول السيد المولى بدر الدين : إن التكبر من المنكرات وهو وزر على صاحبه وحده وليس أئمة على غيره لأن الله تعالى يقول ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) . ومعناها لا يحمل أحد ذنب غيره وعلى هذا فليس للنواصب حق في أن ينسبوا ذلك إلى السادة جملة لأنهم إذا نسبوه إلى السادة جملة لأجل ينفروا الناس عنهم جملة فقد جاؤوا ظلما وزورا لأن علماء الدين من آل رسول الله (ص) والمؤمنين . المتقين منهم أهل تواضع وأخلاق كريمة وأدب . فلو بلغ أحدهم في السيادة والشرف ما بلغ ما تكبر على أحد ولا قال لمسلم يفخر عليه أنا سيدك وسيد أبوك ومن خالطهم عرفهم وبان له كذب أعدائهم وإلى الله المصير . قال السائل - فلما ذا يغضب بعضهم إذا دعاه أحد فقال يا فلان باسمه ولم يقل يا سيدي أو يا سيد ؟ - الجواب - إن غضب أجد الصالحين مع أن هذا بعيد لكن على الفرض . والتقدير أنه إذ اغضب أحد وهو من الصالحين فليس هذا تكبرا وإنما سببه أن العادة قد جرت في البلاد بأن يقول الداعي يا سيدي فلان واشتهر عن النواصب إنكار هذا فإذا قال القايل للسيد يا فلان توهم السيد أنه قد مال إلى النواصب أو اتهمه بالنصب لأنه - عدل عن شعار الشيعة في هذه البلاد في هذا الزمان إلى شعار النواصب في هذا الزمان وفي هذا البلاد . الذي هو إنكار كلمة سيد ، فالغضب هنا من النصب لا من
صفحة 12
سيد لو كانت مع السلامة من النصب ومن الميل إلى النواصب بعضهم يغضب لسبب آخر وهو أنها قد جرت العادة بأن يا سيدي أو يا سيد بمعني أنه من ذرية رسول الله (ص) هذا مع أنها قد جرت به العادة واستمرت للفرق بين وغيره أنكر تركها وتخيل إن الذي تركها يتجاهل نسبه يعترف له به فكأنه ينفيه فيغضب لذلك وليس هذا من في شئ لأن الغضب من أجل الباطل الذي يتصوره في قائل يا فلان فقط . " السؤال الخامس " قال سائل : إن بعض النواصب يتكلم في السادة يقول إنهم ما يرون إلا مصلحة أنفسهم يعني مثلا إذا وعظوا وعظوا في أهل البيت وإذا سجلوا شريطا سجلوا في أهل البيت وإذا صنفوا كتابا صنفوا في أهل البيت فهم مشغولون بأنفسهم يجرون إلى أنفسهم ويريدون أن يكونوا فوق الناس ويكون الناس أتباعا لهم فما الجواب على هذه الدعاية ؟ " الجواب الخامس " يقول العلامة الكبير أبقاه الله : كلمة النواصب هذه مثل كلمة نوح ( ع ) الذين ذكرهم الله تعالى في قوله . ( فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم ) الخ .
صفحة 13
فقد تشابهت قلوب أهل الباطل وهذه عادة أهل الباطل أن يدعوا على أهل الحق إرادة الأغراض النفسية ، فالمذكورون من قوم نوح قالوا ( يريد أن يتفضل عليكم ) . وقال فرعون في موسى ( إن هذا لساحر عليم يريد أن يخرجكم من أرضكم ) وقال ( إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها ) . وكذلك قال فرعون وملاؤه في موسى وهارون ما حكاه الله في قوله تعالى ( قالوا أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آبائنا وتكون لكما الكبرياء في الأرض وما نحن لكما بمؤمنين ) فهذا كلام منهم دعوى يدافعون بها الحق الثابت بالدليل فلا يلتفت إليها لأن الأصل الدليل ولا تسقطه دعوى الإرادة ، ولو كانت دعوى الإرادة - تسقط الحق الثابت بالدليل لسقطت حجة نبي الله نوح ونبي الله موسى ونبي الله هارون وغيرهم وهذا لا يقوله مسلم . أما أن السادة إذا وعظوا وعظوا في أهل البيت الخ . فالجواب عنه أما أولا فهذه دعوى عليهم لا أساس لها من الصحة فهم يعظون في معرفة الله وفي الحث على التعلم وفي التحذير من النار وكذلك في مواضيع عديده مثل موعظة بليغة ومثل تعليم الصلاة وغيرها ومثل التحذير من الخمر والتحذير من الرباء وبيان ما هو الربا وغير ذلك من المسائل الأصولية والفقهية وفي ذلك - شروط موجودة بين الناس لا يمكن إنكارها وكذلك مصنفاتهم في العلم
صفحة 14
فكيف يصح أن يقال فيهم أنهم إذا وعظوا وعظوا في نفوسهم وإذا سجلوا سجلوا في نفوسهم الخ . إذا كان المقصود أنهم مشغولون بالوعظ في أنفسهم فهو غير صحيح وأما ثانيا : فإن المهم بيان أن الحق مع أهل البيت ليتبع الناس علمائهم ويتمسكوا بهم - - - ويحبوا المؤمنين منهم وذلك من النصح للأمة والمقصود المهم أن يتمسكوا بأمير المؤمنين ( علي ابن أبي طالب عليه السلام ) وفاطمة والحسن والحسين عليهم أفضل الصلاة والسلام والعلماء الأخيار الكبار من ذريتهم رضي الله عنهم مثل زين العابدين علي ابن الحسين والباقر والصادق وزيد ابن علي ومحمد بن عبد الله النفس الزكية والقاسم بن إبراهيم والهادي إلى الحق يحي ابن الحسين بن القاسم والناصب الحسن بن علي الأطروش والمؤيد بالله أحمد بن الحسين والإمام أحمد بن سليمان والإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزه وغيرهم من أهل العلم والدين من الأولين منهم والآخرين . والمقصود المهم الإرشاد في اتباع الحق والتحذير من الاغترار بأهل الباطل في مسألة عقيدة ومذهب لا مجرد مسألة شخصية وهذا من النصيحة ، والدين النصيحة ، أما الإكثار في ذكر فضائل أهل البيت فله أسباب واضحه لأن النواصب أكثروا في التضليل على الناس ليصرفوهم عن اتباع أهل البيت فلا بد من الرد على النواصب ودفع تضليلهم الذي نشروه وكثروه في الأرض ألا ترى أنهم
صفحة 15
يروون عن النبي (ص) أنه قال إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله وسنتي . واكثروا من ذكره بهذه اللفظة فقط كأنه لا يوجد حديث بلفظ كتاب الله وعترتي وغرضهم أن يظن الجاهل أن حديث كتاب الله وعترتي غير ثابت . فلم يكن لأهل العلم مجال من إيضاح الحقيقة لنشر الحديث الذي رواه جمهور أهل الحديث بلفظ كتاب الله وعترتي مع أن حديثهم بلفظ كتاب الله وسنتي ليس في كتبهم التي هي عندهم الصحاح ليس في البخاري ولا مسلم ولا بقية الأمهات الست المطبوعة المنشورة ، مع أنا لا ننكر أن سنة رسول الله (ص) بمنزلة الكتاب في وجوب اتباعها وأنها حق من الله وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى . وقال الله تعالى ( واتبعوه لعلكم تهتدون ) ولكنا نعني أن النواصب ظللوا على العامة بحديث كتاب الله وسنتي ليوهموهم أنه لا يثبت كتاب الله وعترتي وكم لهم من تغرير وتلبيس وجحد - للأحاديث الثابتة ودعايات منفرة عن أهل البيت شبه ما تقدم في السؤالات يحاربون بذلك مذهب أهل البيت عليهم السلام . فالدفاع لباطلهم ضروري وإن كثر الكلام وطال الخصام ، وأما ثالثا : فإن دعوى النواصب على أهل البيت يمكن معارضتها بدعوى على النواصب وهي أنهم حسدوا آل الرسول ( ص ) على ما آتاهم الله من فضله .
صفحة 16
كما قال الله تعالى ( أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما ) . فقاموا لآل رسول الله (ص) مقام الحاسد فهم تارة يجحدون فضائلهم وتارة يسبون جملتهم بما يصدر من بعضهم فيحملون - المحسنين منهم ذنب المسئ منهم ليشوهوا سمعة المحسنين وتارة ينفرون الناس عنهم بدعوى أنهم يتكبرون عليهم ويستخفون بهم ومرجع ذلك إلى أن النواصب حسدوا آل الرسول (ص) . وكذلك يمكن معارضة دعوى النواصب على آل الرسول (ص) بدعوى أن النواصب استكبروا من تعظيم آل الرسول (ص) وانفوا من الاعتراف بحقهم كما استكبر إبليس (لع) من السجود لآدم (ع) . فحمله ذلك على ترك السجود لآدم (ع) وعلى - العداوة لآدم (ع) وذريته نفوذ بالله من الشيطان الرجيم ونعوذ بالله من الكبر والحسد وكانت الظروف تستدعي وتوجب على آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وشيعتهم وجميع العلماء إظهار الحق ودفع كيد الكائدين وإبطال مكر الماكرين الحاسدين المتكبرين وإن كثر الإرشاد واستمرت مكافحة الفساد . " السؤال السادس " قال السائل : إن النواصب ينكرون حباب الركب ويجعلون ذلك عيبا على السادة ويقولون ما الفائدة في حباب الركب فما الجواب على هذا ؟
صفحة 17
" الجواب السادس " يقول العلامة الحجة : حباب الركب هو تقبيلها وقد جرت العادة في هذه الأقطار بتقبيل ركبت العالم الفاضل وإن لم يكن من السادة كما أن الجاهل من السادة لا يحبون ركبته بل هو يحب ركبة العالم الفاضل من آل رسول الله (ص) فحباب الركب ( أي تقبيلها ) تابع للعلم والفضل لا لمجرد السيادة ولكنه كثر في ذرية رسول الله ( ص أصل العلم والفضل ) فصارت هذه - كالخاصة بهم مع أن العالم لا يقول للناس حبوا ركبتي . ولكن من يفعل ذلك يفعله احتراما للعالم . أما قول النواصب ما الفائدة في تقبيل الركب فالجواب ، : أولا ما عليكم أنتم في تقبيل الركب ؟ ، وأما ثانيا فإن الفائدة لمن عظم أهل العلم والدين وتواضع وطرح الكبر فالفائدة في ذلك كله فائدة السجود لآدم كانت الفائدة للملائكة (ع) الذين تواضعوا واجتنبوا الكبر أما إبليس فإنه استكبر ففاتته فائدة السجود لآدم وكان تكبره وبالا عليه وكذلك من استكبر من تعظيم أهل العلم والإيمان والله تعالى يقول ( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات ) . فمن أنف من ذلك وتركه تكبرا وقال الناس سواء فقدوته إبليس (لع) فإنه استكبر من السجود لآدم وقال - أنا خير منه ، قال الله تعالى ( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين ) .
صفحة 18
نعم : أما من ترك تقبيل الركبة ركبة العالم وليس ذلك منه أنفه وترفعا عن تعظيمه فلا بأس بذلك إنما البأس في التكبر . السائل : أنهم يعترضون على تقبيل الركب بما روي عن أنس بن مالك قال قيل يا رسول الله إذا لقي أحدنا أخاه فيحني له ظهره قال لا قال فيلتزمه ويقبله قال لا قال فيصافحه قال نعم فما الجواب على هذا ؟ الجواب - يقول مولانا العلامة بدر الدين : الجواب وبالله التوفيق إن هذا الحديث ليس صحيحا عندنا بل ولا صحيحا على أصل المخالفين لأن في سنده حنضله السدوسي قال الذهبي في الميزان قال يحي القطان تركته عمدا وكان قد اختلط وضعفه أحمد وقال . منكر الحديث يحدث بأعاجيب وقال ابن معين ليس بشئ تغير في آخر عمره وقال النسائي ليس بقوي وقال مرة ضعيف . انتهى ، ، فظهر بهذا أنه لا يصح الاحتجاج بهذه الرواية . مع أن الانحناء إنما يكون تبعا لتقبيل الركبة حيث تكون في الغالب أسفل . والدليل على هذا أنه إذا اتفق أن يكون العالم في مكان مرتفع بحيث يمكن تقبيل ركبته بدون انحناء أنه يحصل المقصود بتقبيل ركبته من دون انحناء وعلى هذا فلا يقال . انحنى له إنما يقال حب ركبته كما أن من عمل في شئ منخفض لا يقال انحنى له كالباني لا يقال إنه انحنى للجدار . وقد روى أن أبا بكر لما رجع وقد توفي رسول الله (ص) قبله وهو ميت وهذا يستلزم انحناء عظيما منخفضا حتى يصير قريبا من هيئة
صفحة 19
الساجد فلا يصح أن يقال إنه سجد لرسول الله صلى الله عليه وآله وانحنى له إنما يقال قبله لأن المقصود التقبيل ليس المقصود - الانحناء وقد قال الله تعالى ( ذلك ومن يعظم شعاير الله فإنها من تقوى القلوب ) . وقال تعالى ( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات ) . وقال تعالى ( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر تولوا الألباب ) . وروى زيد ابن علي عن أبيه عن جده عن علي عليهم السلام قال قال رسول الله (ص) من سلمت طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا إلى الجنة وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم وإنه يستغفر لطالب العلم من في السماوات ومن في الأرض حتى حيتان البحر وهوام البر وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب . فإذا كانت الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم ولا تأنف من ذلك وهو طالب العلم فضلا عن العالم فكيف يأنف الرجل من تقبيل ركبة العالم وهذا قد ورد فيه أن فضله على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب . وروى المرشد بالله في الأمالي في الجزء الأول ( ص 40 ) بسنده إلى صفوان بن عسال المرادي قال فإني سمعت رسول الله (ص) يقول من خرج من بيته ابتغاء العلم وضعت الملائكة أجنحتها
صفحة 20
له رصا بما يصنع . اه‍ ، فهذا يدل على أن التواضع للعالم والمتعلم حق وصواب ومن ذلك تقبيل الركبة بل فيه مصلحة عظيمة وهو أنه دواء لدفع الكبر . وقد روى المرشد بالله (ع) في الأمالي في الجزء الثاني ( ص 219 ) بسنده أن عبد الله بن سلام مر في السوق على رأسه حزمة من حطب فقيل له في ذلك فقال إني أردت أن أدفع الكبر فإني سمعت النبي (ص) يقول لا يدخل الجنة رجل في قلبه مثقال حبة من الكبر انتهى . فتقبيل ركبة العالم من هذا القبيل فكيف نحذر الناس منها وننفرهم عنها وهي دواء للكبر ولا سيما إذا كان العالم فقيرا مستضعفا - والأعمال بالنيات ولولا أن النواصب قد جادلوا فيها وأوهموا أنها من الباطل وأرادوا أن ينفروا عن السادة بسببها لما تكلمنا فيهما لأنها ليست الإعادة ، ويمكن تركها وتعظيم العالم بغيرها لمن شاء ذلك كما أنه يمكن فعلها وتعظيم العالم بها لمن شاء ذلك . وليس الغرض أن يأمر الناس بها ولا أن نحثهم عليها وإنما الغرض الرد على النواصب وبيان أنهم شنعوا بحباب الركب وما فيه عيب لا على العالم ولا على المحب . والمعظم له بتقبيل ركبته بل هو في ذلك محسن بل يرجى له الثواب بسببها بتعظيم شعاير الله ومراغمة النواصب أهل الحسد والكبر ونصرت الحق وأهله من آل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم . وشيعتهم لأن تقبيل الركبة قد صار من شعار الشيعة في هذا
صفحة 21
البلد وبالله التوفيق ، " السؤال السابع " قال السائل : إن المخالفين يحتجون يقول الله تعالى ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) فيزعمون أنه لا يكون التفاضل بغير التقوى فما الجواب على احتجاجهم بهذا ) " الجواب السابع " يقول العلامة المفتي : - - الجواب وبالله التوفيق : إن أتقى الأمة هو رسول الله (ص) وعلي وفاطمة سيدة النساء (ع) والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ( عليهم السلام ) فلا تعارض بين الآية وبين تفضيل النسب النبوي لأن أتقى الأمة هم من أهل النسب النبوي المفضل على غيره ، مع أن الآية أثبتت الفضل بالتقوى ولم تبطل الفضل بغير التقوى كالعلم والسخاء والشجاعة والنسب النبوي . وإنما تدل على أن تقوى الله أفضل الفضائل ولا تدل على أن غير التقوى ليس فضيلة أصلا فلم تبطل الفضل بالنسب . : سؤال . إن بعض النواصب يحتج بالحديث الذي يروى عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الناس كأسنان المشط فيجعل معنى الحديث أن الناس سواء في الفضل ليس لأحد فضل على أحد فما الجواب ؟ " جواب " إنا لا ندعي أن النسب الشريف يقرب صاحبه عند الله إذا كان - كافرا أو فاسقا وقد قدمنا في هذا ما فيه الكفاية . فأما الحديث الناس كأسنان المشط إن صح عن رسول الله (ص) ،
صفحة 22
فليس معناه إلا أن الناس سواء في العبودية الله وإنهم سواء إمام الحق والعدل ليس لأحد حق في مداهنة بإسقاط حق واجب أو حد من الحدود لازم فإن الشريف والوضيع سواء في ذلك لأنهم كلهم عباد الله وهم سواء في العبودية لله سبحانه بهذا المعنى هذا معنى الحديث لا يصح غيره . والدليل على ذلك أن رسول الله (ص) لا يقول الناس كأسنان المشط بمعنى أنهم لا يتفاضلون في شئ كيف وهم يتفاضلون في الذكورة والأنوثة والطول والقصر والألوان والصور والعلم والجهل والعقل والحمق والذكاء والغباوة والحفظ والنسيان والقوة والضعف والبصر والعمى والسمع والصم والغنى والفقر والدين والفجور والفصاحة والعي وطول العمر وقصره فهم مختلفون في كثير من الصفات وقد قال الله تعالى ( مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع هل يستويان مثلا أفلا تذكرون ) . وقال تعالى ( وما يستوي الأعمى والبصير ) وقال تعالى ( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ) وقال تعالى ( وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ) . وقال تعالى ( بما فضل الله بعضهم على بعض ) وقال في بني إسرائيل ( وإني فضلتكم على العالمين ) فكيف يصح أن يكون . رسول الله (ص) قال الناس كأسنان المشط بمعنى أنهم لا يتفاضلون في شئ فهذا لا يصح لأنه يكون الحديث بهذا الإطلاق مخالفا للعقل والكتاب والسنة فلا يصح عن رسول الله (ص) .
صفحة 23
وقد يعرف هذا الصبيان فإن الناس إذا قاموا صفا واحدا لم يكونوا كأسنان المشط لأن الناس مختلفون في الطول والقصر بخلاف أسنان المشط وكيف يصح عن رسول الله صلى الله عليه وآله أن يقول خلاف ما هو معلوم بالمشاهدة فدل ذلك على أنه أما غير صحيح وأما بمعنى استواء الناس أنام الحق والعدل . قال السائل : إن الحديث يروى بزيادة وإنما يتفاضلون بالعافية وهذا يدل على أن المراد به أنه لا فضل لأحد على أحد إلا بالعافية فما الجواب على هذا ؟ الجواب : يقول السيد بدر الدين حفظه الله : إن هذه الزيادة غير صحيحة عندنا وليس فيها ما يدفع الإشكال إلا في العمى والصم ونحوهما فأما في بقية الخصال التفاضل بالعلم والتفاضل بالشجاعة والتفاضل بالسخاء فالإشكال باق والرواية منكره . قال السايل : إن في بعض الروايات الناس أبناء علات كأسنان المشط وإنما يتفاضلون بالعافية وهذا يشير إلى أن المراد التسوية في الأنساب فما الجواب ؟ الجواب : يقول العلامة الحجة - أنه إن أشار إلى ذلك فالنكارة باقية لقوله إنما يتفاضلون بالعافية لأنهم يتفاضلون بالعلم والعقل وغير ذلك من الكفاءات وقد قال الله تعالى ( هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ) وقال تعالى ( إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها
صفحة 24
من بعض والله سميع عليم ) فالرواية منكره لأجل قول الراوي في حرها وإنما يتغاضلون مع أن في سند هذه الرواية الحسين ابن الخليل ابن مرة أو الحسن أن الخليل ابن مرة وهو مجهول . عن أبيه . وفيه كلام قال فيه الذهبي في الميزان . وقال البخاري منكر الحديث إلى أن قال وقد ضعفه ابن معين وقال البخاري حدث - عنه الليث وفيه نظر ، فإذا كان الراوي مجهولا يروى عن ضعيف والرواية منكره كانت مطروحة لا يلتفت إليها ولا يشتغل بتأويلها . " السؤال الثامن " إنهم أرادوا أن النبي (ص) قال الناس كأسنان المشط والمراد أنهم سواء لا يتفاضلون بالنسب فما الجواب عليهم . " الجواب الثامن " : إن هذه دعوى منهم تفسير الحديث على هواهم بلا دليل فليس لهم أن يفسروا الحديث بهواهم وبما هو مخالف للأدلة الكثيرة الدالة على تفضيل أهل النسب النبوي كما يأتي فنحن فسرناه بأن الناس سواء في العبودية لله تعالى وأنهم سواء أمام الحق والعدالة وهذا معنا صحيح لا يعارضه دليل فتفسيرنا هو الصحيح . مع أنه يشهد لتفسيرنا قول الله تعالى ( والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذرياتهم وما التناهم من عملهم من شئ ) ورسول الله ( ص ) أفضل المؤمنين فدل ذلك على أن المؤمنين
صفحة 25
من ذريته يلحقون به يلحقهم الله به كما قال ( ألحقنا بهم ذرياتهم فقد دل ذلك على أن نسبهم أفضل من غيره لأجل هذه الفائدة التي فيه . وروى الحاكم في المستدرك في الجزء الثالث (ص 142) عن عمر قال إني سمعت رسول الله (ص) يقول كل نسب وسبب ينقطع يوم القيامة إلا ما كان من سببي ونسبي وصححه الحاكم وأخرج - - مثله في المستدرك في الجزء الثالث ( ص 158 ) عن المسور ابن مخرمة وصححه الحاكم وأقره الذهبي . ودليلنا خاص ودليلهم إن صح فهو عام يدخل فيه المشركون الذين هم فحم من فحم جهنم الذين روي عن النبي (ص) أنه نهى عن الافتخار بهم . فحديثهم إن صح فهو محمول على ذلك لأنه يعمل بالدليل الخاص فيما خصه وبالعام فيما بقي كما هو معروف عند أهل العلم : " السؤال التاسع " يقول السائل : قد رووا عن النبي ( ص ) أنه قال ألا لا فضل لعربي على عجمي ألا لا فضل لأحمر على أسود إلا بالتقوى : فما الجواب عليهم في هذه الرواية ؟ " الجواب التاسع " لسماحة السيد بدر الدين : هذا الحديث الذي رووه لا يصح . عن النبي (ص) لأن القرآن عربي ولسان الرسول (ص) عربي فإذا
صفحة 26
كان الكتاب والسنة عربيان كان العربي أقرب لفهم الكتاب - والسنة فكانت العروبة في اللغة نعمة على العربي قد فضل بها على العجمي فلا يصح أن يقول رسول الله (ص) إن العربي ليست له نعمة زائدة بعروبة لسانه ولأن العربي قد يكون أفضل في بقية خصال الكمال كالعلم والسخاء والشجاعة والحلم والأدب والسمع والبصر فكيف يتصور أن يقول رسول الله (ص) ألا لا فضل لعربي على عجم ألا لا فضل لأحمر على أسود إلا بالتقوى على معنى نفي الفضل على الإطلاق . هذا لا يصح عن رسول الله (ص) . وقد قال ابن تيمية وهو من أئمة هؤلاء المخالفين الذين يزعمون أنهم أهل السنة قال في كتابه المسمى ( اقتضاء الصراط المستقيم ) . ( ص 148 ) الطبعة الثانية ، قال : فإن الذي عليه أهل السنة - والجماعة اعتقاد أن جنس العرب أفضل من جنس العجم عبرانيهم وسريانهم وروسيهم وفرسيهم وغير ذلك وإن قريشا أفضل العرب وإن بني هاشم أفضل قريش وإن رسول الله (ص) أفضل بني هاشم فهو أفضل الخلق نفسا وأفضلهم نسبا وليس فضل العرب ثم . قريش ثم بني هاشم بمجرد كون النبي (ص) منهم وإن كان هذا من الفضل بل هم في أنفسهم أفضل وبذلك ثبت لرسول الله (ص) أنه أفضل نفسا ونسبا وإلا لزم الدور انتهى . وقال ابن تيمية أيضا في كتابه المسمى ( اقتضاء الصراط المستقيم ( ص 160 ) وسبب هذا الفضل - والله أعلم - ما اختصوا به في عقولهم
صفحة 27
وألسنتهم وأخلاقهم وأعمالهم وذلك أن الفصل أما بالعلم النافع وأما بالعمل الصالح والعلم لمبدأ وهو قوة العقل الذي هو الحفظ والفهم . وتمام . وهو قوة المنطق الذي هو البيان والعبارة . والعرب هم أفهم من غيرهم وأحفظ وأقدر على البيان والعبارة . ولسانهم أتم الألسنة بيانا وتمييزا للمعاني - إلى أن قال - : وأما العمل فإن مبناه على الأخلاق وهي الغرايز المخلوقة في النفس وغرائزهم أطوع للخير من غيرهم فهم أقرب للسخاء والحلم والشجاعة والوفاء وغير ذلك من الأخلاق المحمودة ه‍ . قلت الأدلة القوية في كنانة من ولد إسماعيل لا في العرب كلهم قال ابن تيمية في كتابه المسمى ( اقتضاء الصراط المستقيم ) في ( ص 150 ) والدليل على فضل جنس العرب ثم جنس قريش ثم جنس بني هاشم ما رواه الترمذي من حديث إسماعيل ابن أبي خالد عن يزيد ابن أبي زياد عن عبد الله ابن الحارث عن العباس ابن عبد المطلب رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله إن قريشا جلسوا فتذاكروا أحسابهم بينهم فجعلوا سئلك كمثل نخلة في كبوة من الأرض فقال النبي (ص) إن الله خلق الخلق فجعلني من خير فرقهم ثم خير القبايل فجعلني في خير - قبيله ثم خير البيوت فجعلني في خير بيوتهم فإنا خيرهم نفسا وخيرهم بيتا . قال الترمذي هذا حديث حسن وعبد الله ابن الحارث هو ابن نوفل ( الكبا ) بالكسر والقصر [ والكبه ] الكناسة . والتراب الذي يكنس من البيت
صفحة 28
وفي الحديث . الكبوة وهي مثل الكبه ، والمعنى أن النخلة طيبة في نفسها وإن كان أصلها ليس بذاك . فأخبر (ص) أنه خير الناس نفسا ونسبا . وروى الترمذي أيضا من حديث الثوري عن يزيد ابن أبي زياد عن عبد الله ابن الحارث عن المطلب ابن أبي وداعه قال جاء العباس إلى رسول الله ( ص ) فكأنه سمع شيئا فقام النبي (ص) على المنبر فقال : من أنا فقالوا أنت - رسول الله ( صلى الله عليك - وسلم ) قال أنا محمد ابن عبد الله ابن عبد المطلب . ثم قال : إن الله خلق الخلق فجعلني في خيرهم ثم جعلهم فرقتين فجعلني في خير فرقة ثم جعلهم قبائل فجعلني في خيرهم قبيلة ثم جعلهم بيوتا فجعلني في خيرهم بيتا وخيرهم نفسا . قال الترمذي هذا حديث حسن . قال ابن تيمية وقد روى أحمد هذا الحديث في المسند من حديث الثوري عن يزيد ابن أبي زياد عن عبد الله ابن الحارث ابن نوفل عن المطلب ابن أبي وداعه قال قال العباس رضي الله عنه بلغه (ص) بعض ما يقول الناس قال فصعد المنبر فقال من أنا قالوا أنت رسول الله فقال أنا محمد ابن عبد الله ابن عبد المطلب إن الله خلق الخلق فجعلني من خير خلقة وجعلهم فرقتين فجعلني في خير فرقة وخلق القبايل فجعلني في خير قبيلة وجعلهم بيوتا فجعلني في خيرهم بيتا فأنا خيركم بيتا وخيركم نفسا .
صفحة 29
أخبر صلى الله عليه وآله وسلم أنه ما انقسم الخلق فريقين إلا كان هو في خير الفريقين - إلى أن قال ابن تيمية - ومثله أيضا في المسألة ما رواه أحمد ومسلم والترمذي من حديث الأوزاعي عن شداد ابن عمار عن واثلة ابن الأسقع قال سمعت رسول الله (ص) يقول إن الله اصطفى كنانه من ولد إسماعيل واصطفى قريشا من كنانة واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم هكذا رواه الوليد وأبو المغيرة عن الأوزاعي ورواه أحمد والترمذي من حديث محمد ابن مصعب عن الأوزاعي . ولفظه : إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل واصطفى من ولد إسماعيل بني كنانه . الحديث قال الترمذي . هذا حديث صحيح وهذا - يقتضي أن إسماعيل وذريته صفوة ولد إبراهيم فيقتضي أنهم أفضل من ولد إسحاق ومعلوم أن ولد إسحاق الذين هم بنو إسرائيل أفضل العجم لما فيهم من النبوة والكتاب فمتى ثبت الفضل على هؤلاء فعلى غيرهم بطريق الأولى : انتهى المراد نقله من كلام ابن تيمية . وفي المبحث زيادة في كتابه المسمى ( اقتضاء الصراط المستقيم فمن أراد الزيادة فليراجعه . وقال ابن تيمية في فتاواه الكبرى في الجزء التاسع عشر في الطبعة الأولى ( ص 29 ) : وجمهور العلماء على أن جنس العرب خير من غيرهم كما أن جنس قريش خير من غيرهم وجنس بني هاشم خير من غيرهم وقد ثبت في الصحيح عنه (ص) أنه قال الناس معادن كمعادن الذهب والفضة خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا . ه‍ .
صفحة 30
فهذا فيه - دليل على التفاضل بغير التقوى كما أن التفاضل بالتقوى . لأن قوله : خيارهم في الجاهلية . يثبت التفاضل في الجاهلية قبل الإسلام وقبل التقوى . وبالله التوفيق . فهذه الجملة تدل على أن الحديث الذي رووه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : ألا لا فضل لعربي على عجمي . حديث غير صحيح . ولعله يمكن تأويله : بأن المقصود : لا فضل لعربي بمجرد انتسابه إلى عربي فليس له فضل بذلك على عجمي إذا لم يكن له سبب آخر أما التقوى وأما الانتساب إلى بني هاشم وأما سبب غير ذلك من أسباب الفضل فليس المراد حصر الفضل في التقوى لا غير وعلى هذا فلا يكون فيه حجة للمخالفين لأنه على هذا المعنى لم ينف التفاضل النسب إلا نسبا خاصا وهو الانتساب إلى عربي اللسان دون الانتساب إلى بني هاشم أو إلى قريش أو إلى كنانة ابن إسماعيل أو إلى إسماعيل.

وبهذا القدر نكتفي ففيه البيان التام لمن أنصف وترك التعصب والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله.

كتب على تسجيل مولانا و حجة عصرنا السيد العلامة الكبير بدرالدين بن أميرالدين بن الحسين الحوثي حفظه لله و أبقاه للذب عن الدين وجزاه الله خيرا عن الإسلام والمسلمين.
25 ذوالحجة 1407 هـ.
لن تنالوا خيراً لا يناله أهلُ بيتِ نبيكم ولا أصبتم فضلاً إلا أصابوه (الامام زيد بن علي)

محمد الغيل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2745
اشترك في: الأحد إبريل 18, 2004 3:47 am
اتصال:

مشاركة بواسطة محمد الغيل »

الشكر لكم موصول أخي الموسوي وبارك الله فيكم :)

الادارة ارى تثبية الموضوع لمدة نصف شهر أو أكثر وشكرا للجميع
صورة
يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون
صورة

صقر قريش
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 58
اشترك في: الثلاثاء ديسمبر 21, 2004 11:17 am
اتصال:

مشاركة بواسطة صقر قريش »

الشكر لكم موصول أخي الموسوي وبارك الله فيكم

وأنتم دائما تتحفونا با لمفيد
لعمرك ما الإنسان إلا بدينه *** فلا تترك التقوى إتكالاً على النسب

شهيد آل محمد
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 73
اشترك في: الاثنين يوليو 18, 2005 4:48 pm

مشاركة بواسطة شهيد آل محمد »

باركالله فيك يا سيد موسوي
واريد شراء هذا الكتاب فمن اين اجده
بارك الله فيك وفي السيد المجاهد الاكبر
بدر الدين بن امير الدين الحوثي ايده الله ونصره
والسلام

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس تبادل الخبرات“