قضية المرأة الحلقة الأولى

يختص بقضايا الأسرة والمرأة والطفل
أضف رد جديد
أمين ذياب
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 10
اشترك في: الثلاثاء يونيو 21, 2005 4:55 am
مكان: عمان الأردن

قضية المرأة الحلقة الأولى

مشاركة بواسطة أمين ذياب »

من كتابي المعنون بقضية المرأة

المـــــــــــــــــــرأة
المقدمة
طال الأمد فقد تأخر ظهور هذا القسم من كتاب المرأة كثيرا ، وكان الواجب أنْ يصدر هذا الكتاب مبكرا ، منذ بدء الفترة الديمقراطية العالمية المزعومة ، فتحت ستار الدعوة للديمقراطية قام النشطاء من الرجال والنشيطات من النساء بدعم مالي خارجي بفتح قضية المرأة ، لا لبحثها ، بل لإصدار حكم قطعي لا يقبل النقاش والحوار هو : إنَّ المرأة في الإسلام تفتقد حقوقها ، والبنية الاجتماعية السائدة بين الناس هضمت حقوق المرأة .
لم يتبن هؤلاء النشطاء من الجنسين قضية المرأة ، لحسٍ معنوي مرهف ؛ أو لإدراك عقلي حصيف قضية المرأة ، وقد تبنوا رأياً هو : إنَّ من الضروري إحداث مجموعة متغيرات في البنية الفكرية ، تلك البنية على حد زعمهم ، هي التي تمارس ظلم المرأة وقهرها ، وقمع تطلعها للتقدم في مضمار الرقي ، لقد ثأثر هؤلاء النشطاء في الحملة الشرسة التي شنها الغرب العدو الحاقد على هذه الأمة الخيرة ، ليهدم كامل تاريخها ويقطع صلتها بتراثها ، ويقدم لهذه الأمة تاريخه هو ، بعد أن غطى عيوبه في السابق واللاحق بقنابل من الدخان ، تعمي عيون النشطاء عن إدراك الحقائق ، وقد قدم الغرب ولا زال يقدم عونا ماليا ودعما سياسيا لـهم ، فاق التوقعات ، ولكن هؤلاء النشطاء خفي عليهم جملة أمور هي :
1. لقد وضع الغرب قضية المرأة تحت البحث وبتأثيره صارت محورا أساسيا ، وهو الذي أخذ على عاتقه تحديد أولياتنا ، فبدلا عن أولويات تحقيق الوحدة ، والتحرير من الهيمنة ، وتحديد الهوية ، صارت قضية المرأة هي الأولوية ، ولم يكتف الغرب بذلك ، بل حدد نـهج علاج قضية المرأة ، حسب الصورة التي يرسـمها الغرب للمرأة ، لا حسب ما يجب أن تكون عليه منظومة الحقوق والواجبات للمرأة .
2. يفتقد النشطاء الحد الأدنى للمعرفة ، فليس لديهم إلاَّ مجرد انفعال بالحالة التي عليها الغرب ، فالواحد منهم يصدق به قوله تعالى : (( كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ))(الأنعام: من الآية71) دون إدراك للواقع الذي عليه الغرب في حياته ، فهم لم يبصروا حياة الغرب في كل أحوالها ، وإنما رأوا تقدمه بالتكنولوجيا ، والزعم المزيف بأن الحكم عندهم هو حكم الشعب لنفسه بنفسه ، وكل الناس تشارك على زعمهم باتخاذ القرار ، واقع هؤلاء أنـهم لا يسيرون وفق منهج بحث أوصلهم إلى ذلك ، بل هم اتباع أهواء ، بل في حالة تبعية للغرب قال تعالى : (( وَإِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ ))(الأنعام: من الآية119) .
3. الأمم من حيث الواقع التاريخي أمتان : أمة ذات عمق تاريخي وحضارة غابرة أو حضارة ماثلة ، وأمة ليست ذات حضارة ، والأمة الإسلامية هي أمة ذات حضارة غابرة ، ولكنها دون كل الحضارات الغابرة فيها إمكان للعودة لقيادة الحياة البشرية ، وهي ذات قدرة على تشكيل الحياة الإنسانية مرة أخرى ، بحيث يمكن تحقيق العدل والرحمة للبشر ، يقول فوكو ياما في كتابه نـهاية التاريخ وخاتم البشر ما يلي : { صحيح أنَّ الإسلام يشكل أيدلوجيا منسقة ومتماسكة ، مثل الليبرالية والشيوعية ، وأنَّ له معاييره الأخلاقية الخاصة به ، ونظريته المتصلة بالعدالة السياسية والاجتماعية ، كذلك فإنَّ للإسلام جاذبية ، يمكن أنْ تكون عالمية ، داعيا إليه البشر كافة باعتبارهم بشرا ، لا مجرد أعضاء في جماعة عرقية أو قومية معينة ، وقد تمكن الإسلام في الواقع من الانتصار على الديمقراطية الليبرالية في أنحاء كثيرة من العالم الإسلامي ، وشكل بذلك خطرا كبيرا على الممارسات الليبرالية حتى في الدول التي لم يصل فيها إلى السلطة السياسية بصورة مباشرة ، وقد تلا نهاية الحرب الباردة في أوروبا على الفور تحدي العراق للغرب ، وهو ما قيل ( بحق أو بغير حق ) أنَّ الإسلام كان أحد عناصره } انتهى الاقتباس .
المطلوب التمعن الدقيق والقراءة الواعية للفقرة السابقة من كتاب فوكوياما ! .
4. تلك هي شهادة فوكو ياما للإسلام بما هو آيدلوجيا ، وليس بما هو تدين ، وإن كان التدين جزء منه ، لكن النشطاء ويا للحسرة لا يفقهون تلك الحقيقة ، إنـهم يركضون وراء السراب قال تعالى : (( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ )) (الأعراف:175- 176) .
5. يهمل النشطاء موضوع نـهضة الأمة المعينة ، وليس مجرد أمة ، ولذلك لا يأخذون في الحسبان حقيقة هذه الأمة ، ولهذا لابد من التوضيح لذلك : إذا صح وصدق أنَّ ما من حديث [ أي الدخول لعالم الحداثة] ؛ ألاَّ وهو التجسيد الراهن الحي لما تكشف عنه الماضي في مسيرته المتواصلة نحو الحاضر ؛ فأنَّ هذا الحاضر المختلف الذي ينفرد به الغرب في هذا الزمان ليس سوى النتيجة اللازمة لماضيه الخاص ، ولخط سيره المتميز ؛ الذي ليس للشعوب والأمم الأخرى ؛ بما فيها الشعوب المتواجدة على ساحة العالم العربي والإسلامي ، وهي شعوب وأمم تحيا اليوم في العالم الحديث جنبا إلى جنب مع الغرب ، من غير أنْ تكون حديثة ، فحاضر الغرب ليس هو حاضرنا تأكيداً ، كما هو مشاهد ومدرك .
إنْ يكن حاضر الغرب إذن غير حاضرنا ، فلأن ماضيه غير ماضينا ، وخط سير تراثه في التاريخ غير خط سير تراثنا . أنْ يكون لدينا رغبة أو أنْ يرغب غيرنا من الشعوب المتخلفة دخول عالم الحداثة ، بالمعنى الذي صنعه الغرب ، أو يصنعه الغرب ، يعني ضرورة أكثر بكثير من أخذ حياة حاضر الغرب الحديث ، بكل تشعبات حياته ، ونظمها ، وتجلياتـها في السياسة والاقتصاد والثقافة والاجتماع والصناعة ، ومنظومة الاستهلاك العالمي بما فيها من لهو وعبث وربا وقمار عالميين .
إنَّ ذلك يعنى أنْ نتبنى ماضي هذا الغرب الحديث وخط سير تراثه الذي أفضى به إلى هذا الحاضر ، فالحاضر لا يمكن أنْ يؤتى فعلا إلاَّ عن طريق الماضي ، وهذا بالضبط ما يضعنا كشعوب متخلفة بالقياس الحضاري الغربي المعاصر أمام الخيار الأصعب . هل نترك ماضينا وتعلن البراءة منه ؟ للدخول لعالم الحداثة في صورته الغربية ، أم نتمسك بتراثنا وبالتالي على رأي البعض نمارس التخلف ، ذلك ما يسمى الخيار الأصعب .
لقد وجد من جراء الحال التي عليها الأمة ، وأنـها في الحضيض الأحط من ناحية روحية ـ مع ما يرى من إقبال على العبادات ؛ والتزام بالهيئات ؛ والإسراع في أداء النسك ـ فالناحية الروحية تعني إدراك الألوهية حين القيام بالأعمال وليس فقط التوجه نحو العبادات ، وهذا مفقود من حياة المسلمين ، والأمة الإسلامية في أشد أنواع التخلف المادي ، فكيانات الأمة كلها مصنفة من العالم الثالث ، وهي من ناحية فكرية تعاني السطحية ، وهي تعيش حياتـها نبراسها الإنحطاط السياسي ، مما دعا الكثير من المثقفين التنكر لتراث الأمة الحضاري ، يقـرأون الإسلام لاشباعه نقدا وتجريحا ، وهذه عينة من كلام واحد منهم هو محمد أركون ؛ في كتابه الفكر الإسلامي نقد واجتهاد ، تَبِين عن مدى الرغبة في أنْ يتماهى الإسلام مع الحضارة الغربية ، وكل المثقفين مهما كانت نوع غربته تباشر عين الرغبة ، يقول أركون :
( إنَّ ضبط الجنس والحياة الجنسية عن طريق المحرمات العديدة التي تحيط بالمرأة ، ثُمَّ إخضاع المرأة لمكانة أدنى وإبقائها فيها ، ثُمَّ الامتيازات والسلطات الموكلة للرجل من قبل القانون "الديني" ، كل ذلك يتيح تكرار السياج الدوغماتي المغلق ، وإعادة انتاجه عن طريق الطاعة المباشرة ، التي يقدمها الابن للأب ، أو البنت للأخ أو الأب ، أو المرأة للزوج ، أو الصغير للكبير إلخ ... وأمَّا خارج العائلة فنجد أنَّ المؤمن يخضع للعالِم (= رجل الدين) والمريد يخضع للشيخ ( شيخ الزاوية الدينية ) . وكلهم يخضعون للأمير أو للسلطان أو للخليفة أو للإمام . واليوم يخضعون للرئيس أو للزعيم أو للسكرتير العام للحزب ) انتهى الاقتباس .
يكشف الاقتباس عن صورة الإسلام في ذهن أهل الغربة ، وبدلا عن أنْ يكونوا جزءا من الغربة ( أي الانسلاخ عن أمتهم ) فتستريح الأمة من شرورهم ، تراهم يعلنون قوامتهم بطريقة فجة على هذه الأمة ، يباشرون الدعوة للنهضة بترك الإسلام وتحريفه لقبول قوامة الغرب ، وقد جعلوا قضية المرأة المحور الرئيس والأساسي في هذه الدعوة ، في زمن حلكة اشتداد الظلمة على هذه الأمة في قضيتين مهمتين : الصلح مع دولة العدو ، والعدوان على العراق ، يبتغون من وراء ذلك عن حسن نية أو سوء طوية ، نقل الأمة من تحدي الخطر ، إلى هدم الذات الحضارية ، واستبدالـها بحضارة العدو المشوهة يمهدون السبيل لعدوها للسيطرة عليها .
لقد جاء هذا الكتاب ليكشف قضية المرأة كشفا دقيقا ، ويرد كيد أهل الكيد إلى نحورهم ، ليصيب منهم مقتلا ، بوصف الواقع كما هو ، دون تخيلات أو تصورات أو تمحلات ، يضع الأمور في نصابـها ، والقارئ قادر على إدراك هذه الحقائق ، التي تعيد له ثقته بأمته وتراثها ، فيقوم منتصبا ، شامخا ، يقاوم الغزو الفكري الجديد ، الذي اتخذ قضية المرأة ذريعته ، يقاوم ضد كل الاتجاهات التي تريد النيل من هذه الأمة الخيرة ، وهي أمة أناط الله بـها مقاومة تسلط أهل الجبروت ، قال تعالى واصفا نبي هذه الأمة : (( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ )) (الانبياء:107) وقال الله تعالى في شأن أمته : (( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ))(البقرة: من الآية143) . ختاما لقد شَهِدّتُ مؤتمرات وورش عمل ومحاضرات ومساجلات كثرة تلفت النظر أقدم لكم ما تحصل عندي منها أو بسببها والسلام .
العقل أول ألأدلة . الشرع الإسلامي مصلحة للناس . التوحيد العدل . المنزلة بين المنزلتين . صدق الوعد والوعيد . وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . هي أصول الإسلام

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الأسرة والمرأة“