من مواعظ نجم آل الرسول الإمام القاسم بن إبر اهيم

أحاديث، أدعية ، مواعظ .....
أضف رد جديد
مواطن صالح
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 1606
اشترك في: الجمعة يونيو 24, 2005 5:42 pm
مكان: صنعاء حده
اتصال:

من مواعظ نجم آل الرسول الإمام القاسم بن إبر اهيم

مشاركة بواسطة مواطن صالح »

الغفلة عن الموت
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، وعلى محمد وعلى أهله أفضل الصلاة والتسليم.

وبعد: يا أُخيَّ فأغاذني الله وإياك من مهلك غفلى الغافلين، وسلمني [وإياك] بمنِّه ورحمته من مضل جهالة الجاهلين، الذي حسبوا وظنوا _إذ تاهوا وتمنوا_ قصيرَ آجالهم طويلا، فأفنوا أيام حياتهم بالغفلى مُنىً وتأميلا، حتى عاينوا نازل الموت، بكل حسرة وفوت، فأيقنوا عند نزوله بباطل المنى، إذا ذاقوا الموت والفناء، وعلموا أن قد كان قصيرا ما استطالوا من حالهم، وغرورا وخداعة ما كانوا فيه من مناهم وآمالهم.

يا أُخيَّ: واعلم أن الأجل حثيث الفناء، ليس لأحد معه _والله المستعان_ من بقاء، لا يقف والحمد لله من أهله على من استوقفه، ولا يغفل لمحاذرة سرعة انقطاعه مَن عرفه، وكيف يغفله عارف به، أو موقن بمعاده إلى ربه؟! مع ما يرى من مَرِّهِ وحثه، وقلة تعريجه ولبثه، فهو دائب الحث، غير ذي إبطاء ولا لبث، يقطع منه ساعاتِه الليالي والأيام، ويقطع أيامه ولياليه منه الشهور التَّوام، وكذلك جعل الله شهوره، تقطع بمرها سنينه ودهوره، فدهره قصير، وعمره يسير، لا يطرف أحد من أهله طرفا، إلا اقترب من فناء مدته زلفا، فأنفاسه ولحظاته تطويه، وساعاته وأوقاته تفنيه، يقظان كان أو نائما، ومقيما كان أو ظاعنا، تحثه جدا، وتدعوه بنداء، ساعات نهاره وليله، بل أنفاس عمره وتأجيله، فهو ظاعن سائر، وإن كان به غير شاعر، وكأن قد أفضت أسفاره، فيما يسير به ليله ونهاره، فورد محلة مثواه ومقامه، وفنيت مدة أجله وأيامه، فأقام فيه مخلدا، وبقي بعدُ سرمدا، في حبرة ونعيم، أو عذاب أليم، وقد قر في أيهما صار إليه قراره، وانقطعت فيه عنه ظنونه واغتراره، لا يزداد من أعماله في حسنة زكية، ولا يستعتب في حسنة ولا خطية، قد لزمته سعادته وشقاؤه، ودام في أيهما كان خلده وبقاؤه.

فوا عجبا لمن كان بهذا موقنا!! بل لمن ظنه وإن لم يوقن به ظنا!! كيف لعب ولها؟! وغفل فيها، ولقد اكتفى الله سبحانه _في ذلك لمن لم يوقن بنفسه، ولم يَدِن لله فيه بحقيقة دينه_ بالظن، فقال سبحانه: ﴿ أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ () لِيَوْمٍ عَظِيمٍ () يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [المطففين:4–6]، اكتفاءً لهم بالظن لو ظنوا من حقائق اليقين، وتذكيرا فيه لهم بما يمكن كونه يوم الدين.

وفيما كان به المؤمنون في دنياهم يوقنون، من لقاء ربهم ويظنون، ما يقول سبحانه: ﴿الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ [البقرة:46]، فذكر الله سبحانه ظنهم بلقائه، ومرجعهم إليه وإلى جزائه، فكان عملهم واجتهادهم في دينهم، على قدر حقيقة ظنونهم، فكيف يكون مثلهم من يدعي يقينهم وفضلهم، وهو غافل لاعب، وقائل كاذب، يقول مالا يفعل، ويقر بما لا يعمل.

وفي مقت الله سبحانه، لمن آمن ففكر فذكر اللهُ إيمانَه، وعِلْمَه بالإيمان لله وبالله وإيقانَه، ما يقول تبارك وتعالى اسمه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ () كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾ [الصف:2-3]، ويقول سبحانه لمن ادعا الصدق والوفاء، وإتيان ما يحب الله ويرضى: ﴿وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [التوبة:105].

يا أُخيَّ فلا تغفل عن الموت والبعث غفلة من يُرى من أشباه الحمير، فإن بغفلتهم عن الموت والبعث بَعُدوا كما رأيت من النجاة والفوز والحبور، فعموا عما كان ممكنا في حياتهم من الهدى والرشاد، وشقوا بعمايتهم في المرجع إلى الله والمعاد، فدام شقاؤهم وتبارهم، وأقام ندمهم وخسارهم، ثم بكوا فلم يُرحموا بالبكاء، ودعوا فلم يجابوا في الدعاء، ﴿وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ _و_ قَالَ _مالك:_ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ﴾ [الزخرف:77].

وفي ذلك ما يقول الله سبحانه: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ﴾ [السجدة:12]، وعند تلك وفيها، وعند ما صاروا إليها، قالوا: ﴿قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَالِّينَ () رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ﴾ [المؤمنون:106–107]، فما كان جوابهم عند قولهم وطلبهم، وعندما أُحل من سخط الله المخلد بهم، إلا أن قال: ﴿اخْسَؤُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ﴾ [المؤمنون:108].

يا أُخيَّ فاسمع ما تسمع سماع متبع، ولا تسمعه سماع مستمع، فرب مستمع غير سميع، وسامع مطيع، كما قال الله سبحانه: ﴿وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لاَ يَسْمَعُواْ _تأويل ذلك: لم يطعيوا ولم يعوا_ وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ﴾ [الأعراف:198]، وتأويل ذلك: لا يبصرون من الهدى ما تبصرون، وفيمن سمع بالسمع، ولم يسمع ولم يطع، ما يقول الله تبارك وتعالى في التنـزيل، للعصاة من بني إسرآئيل: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُواْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا﴾ [البقرة:93]، فنسأل الله أن يمن بالسماع النافع عليك وعلينا، فإنا من الصمم والحيرة والظلم في البحر الزاخر، واللج الغامر، فلا ينجو مِن غَمره إلا من نجاه الله، ولا يلجأ مِن غرقه إلا من أنجاه، والله المستعان، وعليه التكلان.

بسم الله الرحمن الرحيم

وبعد: فاعلم يا أُخيَّ، أنا وإياك في بحر من بحور العمى عميق، لا يصل معه أحد إلى هدى إلا أن يرشده الله ويهديه إلى ملجأ وثيق، فِكَرُ أهله سقيمة مدخولة، وعبرُ مَن فيه فعظيمة مجهولة، لا يعتبر بها منهم معتبر، ولا يفكر فيها منهم مفكر، فقلوبُ من يسمعها منهم ويراها، مقفلة والله المستعان على هداها، فهدانا الله ياأُخيَّ وهداك، بما أرانا الله منها وأراك، ونفعنا ونفعك، بما أسمعنا وأسمعك، فكم رأينا وسمعنا من عبر لا نحصيها ولو جهدنا كل جهد، وفي الاعتبار بأقلها أهدى الهدى وأرشد الرشد، فمنهم ما نرى بالعيان، ونسمعه في كل حين بالآذان، من موت وفناء، يذهب دائبا بالأحياء، تراه عيانا كل عين، وتسمع به في كل حين، وكم رأينا عيانا من جار ومعارف، وقرين محالٍّ مؤالف، قد دهاه من حمام الموت وفاته ما دهاه، واغتره ما كان فيه من حياة دنياه، ولحق بدار الموت والبلاء، وصار إلى محلة الموت والفناء، فمات بموته أمره وشأنه، ونسيه إذ مات أوداده وأخدانه، ولها عنه أهله، وهُجِر بعده محله، فلم ير منهم واقف عليه، ولم يلتفت منهم ملتفت إليه، وكم عاينت من أولئك؟! ورأيت من ذلك!!

بل كيف رأيت يا أُخيَّ رحمك الله من مختطف، بسقم مُمِضّ أو موت متلفٍ، قُطِعَ به دون مناه وآماله، وما أنعم الله عليه مِن نَظِرَتِه وإمهاله، فتلهف على ما فاته من طاعة ربه حين لا ينفع التلهف، وتأسف عندما لا يغني عنه ولو كثر التأسف، على ما فرط فيها من إمكان نجاته، وما خسره من أيام حياته، فذهب بندمه وحسرته، وآل بهما إلى معاده وآخرته، فبقي في الحسرة مخلدا، وفي الندامة مقيما أبدا، وكان عند تلك وفيها ومعها من مقاله، نحو ما ذكر الله عند مجيء الساعة من مقال أمثاله، إذ يقول سبحانه: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُواْ يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ () وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ﴾ [الأنعام:31-32]، وقال تعالى ذكره: ﴿حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ () لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ () فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ () فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ () وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ () تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ () أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ﴾ [المؤمنون:99–105]، فأنكصُ النكوص عن الآيات، تركُ ما أمر الله به من الحسنات، وارتكاب ما نهى الله عنه من السيئات.

يا أُخيَّ فحتى متى وإلى متى؟! دوام الغفلة والحيرة والعمى! ألسنا بربنا مؤمنين؟! وبيوم البعث موقنين؟! فمالنا يا سبحان الله من أمر الله معرضين؟! ولانتقام الله بالخلاف عليه في أمره متعرضين؟! من بعد الإيمان واليقين، والعلم بشرائع الدين.

فرحم الله من عباده عبدا، أيقن أن له إلى الله معادا، فجد وشمر في طلب نجاته، قبل نزول الموت ومفاجأته، فكم رأينا من مفاجأٍ مبغوت، بما لم يتوقعه من وفاة وموت، أُخذ في غمرته، وعلى حين غرته، فتبرأ منه قبيله وأحبآؤه، وأسلمه للموت أهله وأقرباؤه، فلم ينصره أهل ولا عشير، ولم يكن له منهم نصير، بكاه من بكاه منهم قليلا، ثم هجره وجفاه طويلا، فكأنَّ _لم يره قط_ حيا، ولم يكن له في حياته صفيا!

فأَبصِر يا أُخيَّ وبادِر، واعتبِر بما ترى وحاذِر، فرب مبصر لا يبصر، ومعتبر بما ترى لا يعتبر، يسترّ بالأشجان والأحزانِ، ويغر بالرجاء والأماني، وهو دائب في قطع عمره وأجله، مغتر بمناه ورجاه وأمله، لا يتنفس نَفَسا، ولا يطرف طَرْفا، إلا قطع به من أجله ناحية وطرَفا، لا يُغفل عنه وإن غفل، ولا يُؤخر لما رجاء وأمَّل، قد جد به المسير، واختدعه الأمل والتسويف والتأخير، فأمله خدعة وغرور، وأجله متعة وبور.

يا أُخيَّ فالعجل العجل، فقد ترى المسير إلى الموت والترحل، لا يقلع راحله وسائره، ولا يريع على أوائله أواخره، يُلحق المتأخرَ بالسائر الأول، والمقيمَ من أهله بالظاعن الراحل، لا يُخلِّف من العباد جميعا متخلفا، بل يختطف نفوسهم خطفا، يأخذ الصغير أَخْذَه للكبير، ويلحق بعضهم بعضا في الموت والمصير.

فنسأل الله أن يبارك لنا في حلوله وموافاته، وأن يجعلنا ممن أسعده في يوم مماته، ونستغفر الله خير الغافرين، ونضرع إليه في عصمتنا من هلكات الجائرين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم تسليما.

آخر تعديل بواسطة مواطن صالح في السبت سبتمبر 20, 2008 1:00 pm، تم التعديل مرتين في المجمل.
تم الغاء عرض الصورة التي استخدمتها في التوقيع كون المستضيف لها يحتوي على برمجيات ضارة، يرجى رفعها على موقع آمن .. رابط صورتك القديمة::
http://www.nabulsi.com/text/02akida/4ot ... age023.gif

مواطن صالح
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 1606
اشترك في: الجمعة يونيو 24, 2005 5:42 pm
مكان: صنعاء حده
اتصال:

مشاركة بواسطة مواطن صالح »

موعظة
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد الله حمدا دائما مقيما، وصلى الله على محمد وأهله وسلم تسليما، نستهدي الله للهدى، ونعوذ به من الضلالة والردى، فكم من ضال مغتر؟! ورَدٍ مدمر، قد غُر حياته بالأمل والمنى، وهو يرى في كل حين الموت والفناء، يتمنى من بقائه كثيرا، وقد رأى من أُخذ غريرا، مما لا يحصيه بعدٍّ، ولو جهد كل جهد، فكم رأى في غرته من مأخوذ! وميت بالعراء منبوذ!! يتخالس الطير لحمه تخالسا، وتتناهشه سباع الوحش تناهشا، وكم سمع به من ملقًى في بحر من البحور للموت؟ يأكل لحمه من ملقى من البحر ما قاربه من حوت، وكم رأى في الثراء من ملحود؟ متناثرة أوصاله وعظامه بالدود، وقد نسيه بعد الذكر أهلوه!! وقطعه بعد مودته مواصلوه، فأغفلوا ذكره فلا يذكرونه إلا قليلا، وكلهم فقد كان له أهلا وخليلا، فكأن لم يروه قط حيا في الأحياء معهم!! ولم ينالوا منه ومن كدِّه عليهم ما نفعهم!!

فيا ويل من سقط هذا عن ضمير قلبه! وأصر مقيما على الخطيئة بعد علمه به! كيف خسر دينه ودنياه؟! وآثر ضلالته في الحياة على هداه؟! فهلك هلاك الأبد وقد رأى في حياته منجاه، ودُل فيها على نجاته ورداه.

فنعوذ بالله لنا ولك من العماية عن الهدى، ونعتصم بالله لنا ولك من الهلكة والردى، فما يردى بعد هداية الله ويهلك بما حذَّره الله من المهالك، إلا كل شقي من الخلق هالك!! فنستجير بالله من الهلكة والشقاء، بعد منِّ الله علينا بالهداية والتقى!

فكم من مهدي لقصده ورشده؟! قد ضل بعد هدايته عن قصده!

وكم من مستمع ومبصر لا يسمع ولا يرى؟! كما قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لاَ يَسْمَعُواْ وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ﴾ [الأعراف:198]، وقال سبحانه: ﴿ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ﴾ [البقرة:18].

يا أُخيَّ فانظر فيما ذكرت واستمع، تسعد وتنجُ بإذن الله وتنتفع، ولا تك كالذين هلكوا وهم يرون، أولئك فهم المعترفون بالله المقرِّون، الذين رضوا من حياتهم بالتمني في المعاد لنجاتهم بما تمنوا غرورا مهلكا، فقالوا إذ اقترفوا كذبا وإفكا، وإن كانوا قد أقروا، لا كما فعل من نحن وأنت فيه من العذاب من كبائر العصيان، ثم ادَّعوا النجاة بعد الإقرار بالعذاب دعوى بغير ما حجة ولا برهان.

ولفي ذلك، وأولئك، وهم بنوا إسرآئيل عليه السلام، وذرية إبراهيم خليل الرحمن، ما يقول سبحانه: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوْتُواْ نَصِيباً مِّنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُم مُّعْرِضُونَ () ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ () فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ﴾ [آل عمران:23–25]، وقال سبحانه لهذه الأمة، فيما نزل من آياته المحكمة: ﴿لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً﴾ [النساء:123]، فكفى يا أُخيَّ بما يسمع السامعون من هذا ومثله بيانا وتبصيرا! نفعنا الله ونفعك بتبصيره، وما منَّ به علينا وعليك من تذكيره.

آخر تعديل بواسطة مواطن صالح في السبت سبتمبر 20, 2008 12:55 pm، تم التعديل مرة واحدة.
تم الغاء عرض الصورة التي استخدمتها في التوقيع كون المستضيف لها يحتوي على برمجيات ضارة، يرجى رفعها على موقع آمن .. رابط صورتك القديمة::
http://www.nabulsi.com/text/02akida/4ot ... age023.gif

مواطن صالح
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 1606
اشترك في: الجمعة يونيو 24, 2005 5:42 pm
مكان: صنعاء حده
اتصال:

مشاركة بواسطة مواطن صالح »

رسالة إلى بعض بني عمه عن الدنيا والزهد فيها
بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم.

متَّعك الله من نعمه وحوطِها، ومنعك من مذموم الأمور ومسخوطها، بما أمتع به أهل رحمته ونعمته، ومنع به من المكاره أهل توفيقه وعصمته، ومَنَّ عليك من تقوى الله وإيثارها، ورفض الدنيا واحتقارها، بما منَّ به على من آثره، وأجلَّ أمره فوقَّره، فإن ما أمر الله به من رفض الدنيا واستقصارها، دليل ممن فعله على إيثار الآخرة وإكبارها، وإنّ رفض الدنيا والإعراض عنها، دليل ممن فعله على الإقبال على الآخرة والاستكثار منها.

وكذلك التمسك ببعض الدنيا ومَقْتها، دليل ممن فعله على إكرام الآخرة ومحبتها، وعلى قدر يقين أولياء الله بما عظَّم من أمر الآخرة وأمورها، زهدوا في الدنيا فاستقلوا _جهدهم_ من متاع غرورها، فتبلغوا إلى الله بالعلق، واكتفوا من نعيمها باللعق، إكبارا لما وجدوه فيها إجلالا لله من السخط، ولما عليه العباد فيها من الإعراض عن أمر الله والفرط، ولما رأوا الباطل يسمو علوًّا، وحق الله فيها معطلا مجفوا، صحبوا أيام حياتهم بالحُرق والزفرات، وهجروا ما أحل الله لهم فيها من الطيبات، وأعرضوا من الدنيا عما أعطاهم، ولم يعطه من أهل الدنيا بتحليله له سواهم، ولم يجعله حلالا فيها إلا لمن اهتدى إلى الله فيه هداهم، وأيقن فيها بالله يقينهم، ودانه في إيثار الحق دينهم، فحقيق بذلك منهم لسخطهم فيها على من أسخط ذا الجلال والإكرام، أَوَلا تعلم _أغناك الله_ أن من أسخط لنفسه الآدميين لَيَشتغل عن كثير من المطعم والمشرب والكلام، لما هو فيه من الشغل بحُرَقه وأَسَفه وسَخَطه، حتى ربما ذهب سخطُ بعضهم في ذلك بعقله لفرطه، فكيف بمن سخط وغضب لرب الأرباب ومغاضِبِه؟ أليس ذلك أولى بالقليل في تنعمه ومطاعمه ومشاربه؟ بلى إنه لأولى بذلك، وأحق ممن كان كذلك، ولَذلك أزكى عند الله وأرضى، وأوجب في الفرض لو كان من الله فرضا، ولكنه سبحانه لرحمته بالمؤمنين وإحسانه إليهم، ورأفته بهم و تحننه عليهم، جعل ذلك لهم سبحانه تطوعا ونافلة، وفيما بينهم وبينه فضائل لهم كاملة، فقال جل ثناؤه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [المائدة:87]، وقال سبحانه لرسوله، صلى الله عليه وآله: ﴿ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [الأعراف:32]، فجعلها لهم في الدنيا وأخلصها لهم في الآخرة، ولم يجعل معهم فيها حظا للكفرة ولا للفجرة.

وقال سبحانه: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُواْ إِذَا مَا اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّأَحْسَنُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [المائدة:93]، فلم يجعلها الله سبحانه إلا لمن اتقى، وحرَّمها على من فجر وتعدَّى، ولم يكن من أهل الإيمان بالله والهدى، فاستقل أولياء الله منها، وأعرضوا لسخطهم لله عنها، كما جاء في أثر عن عثمان بن مظعون، فيما كان حرَّم على نفسه من الأطعمة واللحوم، جعلنا الله وإياك من أوليائه، وأسعدنا وأسعدك بطاعته في يوم لقائه .

ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، عليه توكلنا وهو رب العرش الكريم، وصلى الله على سيدنا محمد وآله الأكرمين
تم الغاء عرض الصورة التي استخدمتها في التوقيع كون المستضيف لها يحتوي على برمجيات ضارة، يرجى رفعها على موقع آمن .. رابط صورتك القديمة::
http://www.nabulsi.com/text/02akida/4ot ... age023.gif

ناصر محمد أحمد
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 146
اشترك في: الثلاثاء نوفمبر 13, 2007 4:40 pm

مشاركة بواسطة ناصر محمد أحمد »

سلمت يداك وبارك الله فيك علي هذا النقل المفيد

أضف رد جديد

العودة إلى ”المجلس الروحي“