ابرك ولاده وأعضم مولود _ بقلم العلامه :محمد مفتاح

أحاديث، أدعية ، مواعظ .....
أضف رد جديد
مواطن صالح
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 1606
اشترك في: الجمعة يونيو 24, 2005 5:42 pm
مكان: صنعاء حده
اتصال:

ابرك ولاده وأعضم مولود _ بقلم العلامه :محمد مفتاح

مشاركة بواسطة مواطن صالح »

بسم الله الرحمن الرحيم
لم تشهْدِ البشريةُ في تأريخها الطويل، وحياتها المديدة ولادةً ولا مولوداً أبركَ ولا أنفعَ ولا أطيبَ ولا أنجبَ من ولادة خاتم أنبياء الله، وآخر رُسُله، لم تدرك آمنةُ بنتُ وهب -لحظتها- أنها كانت تلدُ أعظمَ عظماء البشرية، ولم يكن يدور في خلدها أن تأريخاً جديداً للبشرية ودورة حياة جديدة قد ولدت بولادته، لقد أحست بأنها كانت تحملُ نسمةً مباركةً، وتنجب مولوداً مميزاً، ولكنها لم تكن تعلم بأنه سيكونُ أعظمَ الناس شأناً عند الله، وأرفعَهم قدراً، وأعلاهم منزلةً، وأسماهم مكانةً، لقد كانت تغمُرُها السعادةُ بنجابته ووسامته ووضاءته وصباحة وجهه وبهاء طلعته وطيب رائحته، وزكاء نفسه فنذرت شبابَها له ومنحته كلَّ حُبها وحنانها ورقة قلبها وجميل رعايتها وبليغ عنايتها، وكان اللهُ لها معيناً وله راعياً آواهُ من يُتمه إلى جميل رعايته -سبحانـَه-، وأنقذه من الحيرة والضلال فآراه سبيلَ الحق طفلاً، وأرشده إلى مسلك الخير يافعاً، وحماه من ضلالات الجاهلية ومفاسدها شاباً وكهلاً، وسخـَّرَ له جداً صالحاً عوَّضه اللهُ به عن يُتم الأب وفـَقد الأم حتى قضى اللهُ فيه أمرَه، فسخر له عمَّه الأكرمَ أبا طالب وزوجته المباركة فاطمة بنت أسد التي وَجَدَ فيها الرسولُ خيرَ الأمهات بعد أمه فأعجبَ بها وبعظمة نفسها، وكريم أخلاقها فكافأها بأن سمى أحَبَّ بناته إليه وأكرمهن لديه باسمها، بل وأكرمها اللهُ مكافأةً لها على جميل صنيعها مع رسوله بأن زوَّجَ أحَبَّ أبنائها إليها بسيدة نساء العالمين حتى تكونَ أمَّ ذُرية رسول الله صلى الله عليه وآلـَه وسلم وحافظة نسله وحاملة ذكراه، لقد عرفته مكةُ جنيناً ثم مولوداً ثم رضيعاً ثم يافعاً ثم شاباً ثم كهلاً فلم تعرف أنجبَ منه، ولا أصدقَ قولاً، ولا أحسن خلقاً، ولا أرعى للأمانة، ولا أوفى للذمة فأجمعت على تسميته بـ»الصادق الأمين« حتى أوحى اللهُ إليه وحمّله الرسالةَ، وألزمه البلاغَ، فكان من شأنه وشأنهم ما سطره اللهُ في كتابه العزيز، ودوَّنته كتبُ التواريخ والسِّيَر حتى أظهر اللهُ تعالى دينـَه وأنجز وعدَه ونصر عبدَه وأعز جُندَه بعد سيرة حافلة بأخلد الأمجاد وأروع المآثر، وأعظم المواقف وأبهى وأنصع صفحات تأريخ البشرية طـُهراً ونقاءً ورَوْنقاً وصفاء.

اللهُ أعلمُ حيثُ يجعلُ رسالتـَه

> ما عَرَفَ رسولُ الله صلى الله عليه وآلـَه وسلم الحقدَ ولا النميمة ولا البُغضَ ولا الكراهية، كان يقابلُ مَن آذاه وشتمه وسفـّهه بطلاقة وجه وابتسامة مشرقة وصفاء نفس وكأنه أسدى إليه معروفاً قائلاً له: يا فلان.. أما آن لك أن تعلمَ أنه لا إله إلا الله.. أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، فكان من رحمته أن عامَلَ القساة الجُفاة باللين والرأفة حتى قال له رَبُّه: (فبما رحمة من الله لنتَ لهم ولو كنتَ فضاً غليظَ القلب لانفضوا من حولك)، وعاتبه ربُّه على شدة تألمه وتحسُّره من تعنت الكافرين من قومه فقال له سبحانـَه: (فلا تذهبْ نفسك عليهم حسرات)، وقال سبحانه: (فلعلك باخعٌ نفسَك على آثرهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفاً)، باخع -أي مهلك نفسك-، دفع السيئة بالتي هي أحسن كما أمره اللهُ تعالى فصار أشدُّ أعدائه من أشد محبيه، لا أبلغ منه في تواضُعه، ولا أسخى منه في عطائه، يأكُلُ مع العبيد والإماء والضعَفة، ويجلسُ للصغير والكبير، قال ذات مرة لرجل كان يرتجف من هيبته ويتلعثم في كلامه معه: »هوِّنْ عليك إنما أنا ابنُ امرأة كانت تأكُلُ القديدَ بمكةَ«، كان أرحمَ الناس بالناس، وأرأفَ الخلق بالخلق، مَرَّ ومعه طائفةٌ من أصحابه على ضبي حاقف -أي نائم- في ظل شجرة فنهى أصحابَه أن يروّعوه، ونهى الصيادين أن يأتوا الطيورَ في أوكارها، ولعن كلَّ مَن يتخذ ما فيه الروحُ غرضاً، ونهى عن المثلة في قتل العدو، وعن تعذيب الذبيحة، فقال: »إن اللهَ كتب الإحسان في كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة«، كره الغدر، وحذَّرَ منه، وقال: »يُنصَبُ لكل غادر لواءٌ يوم القيامة يُعرَفُ به«، أبطل مآثرَ الجاهلية من التفاخُر بالأحساب، والتباهي بالأنساب، والتكاثـُر بالأموال والأولاد، والعصبية بالباطل والأخذ بالثأر، وبدأ بنفسه وأهله، فقال: »كلُّ مآثر الجاهلية موضوعةٌ تحت قدمي هذه، وكلُّ دماء الجاهلية موضوعة، وأولُ دم أضعه دمَ ابن عمي ربيعة بن الحارث، وكل ربا الجاهلية موضوعٌ، وأولُ ربا أضعه ربا عمي العباس«، وقال: »لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعتُ يدَها...«.

يعجُزُ القلمُ عن سرد مناقبه التي لا تحصَى، ويعجُزُ اللسانُ عن البيان، فهو صلواتُ الله عليه وعلى آله كما قال عنه رَبُّهُ: (وإنك لعلى خلق عظيم)، اللهم يا مَن اخترتـَه واصطفيتـَه، وبالقرآن أكرمته، وبالحق أرسلته، وبالمؤمنين نصرته وأيدتـَه صَلِّ اللهم وسلمْ وباركْ وتحننْ وترحمْ عليه وعلى آل بيته في الأولين وفي الآخرين، وفي الملأ الأعلى إلى يوم الدين، وارفع لديك درجتـَه، وأكرم نـُزُلـَه، وأعلِ مقامَه، وشفعْهُ في أمته، وعرفه في أهل بيته، واجعلنا ممن تقبل فيهم شفاعته، واجمعْ بيننا وبينه في مُستقر رحمتك، وتحف كرامتك، إنك نِعْمَ المولى ونِعْمَ النصير..

العلامه / محمد مفتاح
تم الغاء عرض الصورة التي استخدمتها في التوقيع كون المستضيف لها يحتوي على برمجيات ضارة، يرجى رفعها على موقع آمن .. رابط صورتك القديمة::
http://www.nabulsi.com/text/02akida/4ot ... age023.gif

أضف رد جديد

العودة إلى ”المجلس الروحي“