من خطب الأمام الحسين (ع) في عاشوراء وبعض مما جرى
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 133
- اشترك في: الثلاثاء نوفمبر 28, 2006 7:42 pm
- مكان: هناك
- اتصال:
من خطب الأمام الحسين (ع) في عاشوراء وبعض مما جرى
خطبته عليه السلام صبيحة يوم عاشوراء
دعا الحسينُ عليه السلام براحلته فركبها ونادي بأعلي صوته بحيث يسمعه الجميع فقال :
أَيُّهَا النَّاسُ ! اسْمَعُوا قَوْلِي ، وَلاَ تَعْجَلُوا حَتَّي أَعِظَكُمْ بِمَا يَحِقُّ عَلَيَّ لَكُمْ ؛ وَحَتَّي أُعْذِرَ إلَيْكُمْ ! فَإنْأَعْطَيْتُمُونِي النِّصْفَ كُنْتُمْ بِذَلِكَ أَسْعَدَ ! وَإنْ لَمْتُعْطُونِي النِّصْفَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ فَأَجْمِعُوا رَأْيَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُو´ا إِلَيَّ وَلاَ تُنظِرُونِ ! إنَّ وَلِــِّيَ اللَهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَـ'بَ وَهُوَ يَتَوَلَّي الصَّـ'لِحِينَ .
ثُمَّ حمد الله وأثني عليه ، وذكر الله تعالي بما هو أهله ، وصلّي علي النبيّ وآله وعلي ملائكته وأنبيائه ، فلميُسمع متكلّم قطّ قبله و لا بعده أبلغ في منطق منه .
ثمّ قال : أمّا بعد ، فانسبوني فانظروا مَن أنا ، ثمّ ارجعوا إلي أنفسكم وعاتبوها فانظروا هل يصلح لكم قتلي وانتهاك حرمتي؟!
ألستُ ابن بنت نبيّكم وابن وصيّه وابن عمّه وأوّل المؤمنين المصدّق لرسول الله صلّي الله عليه وآله بما جاء به من عند ربّه ؟!
أو ليس حمزة سيّد الشهداء عمّي ؟ أو ليس جعفر الطيّار في الجنّة بجناحين عمّي ؟!
أولم يبلغكم ما قال رسول الله صلّي الله عليه وآله لي ولاخي : هَذَانِ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ؟
فإن صدّقتموني بما أقول ـ وهو الحقّ ـ واللهِ ماتعمّدتُ كذباً منذ علمتُ أنَّ اللَه يمقت عليه أهله ، وإنْكذّبتموني فإنّ فيكم من إنْ سألتُموه عن ذلك أخبركم . سَلوا جابر بن عبد الله الانصاريّ وأبا سعيد الخدريّ وسهل بن سعد الساعديّ وزيد بن أرقم وأنس ابن مالك ، يخبروكم أنّهم سمعوا هذه المقالة من رسولالله صلّي الله عليه وآله لي ولاخي . أما في هذا حاجزٌ لكم عن سفك دمي ؟!
فقال له شمر بن ذي الجوشن : هو يعبد اللهَ عليحَرْفٍ إنْ كان يدري ما تقول .
فقال له حبيب بن مظاهر : واللهِ إنّي لاراك تعبدُ اللهَ علي سبعين حرف ، وأنا أشهد أنّك صادق ما تدري مايقول ، قد طبع اللهُ علي قلبك . ثمّ قال لهم الحسين عليهالسلام : فإنْ كنتم في شكٍّ من هذا أفتشكّون أَنّي ابنبنت نبيّكم ؟ فواللهِ ما بينَ المشرقِ والمغربِ ابنُبنتِ نَبيٍّ غَيري ، فيكم ولا في غيركم . وَيْحَكُمْ أتطلبوني بقتيلٍ منكمْ قتلتُه ؟ أو مالٍ لكم استهلكتُه ؟ أو بقصاصِ جراحةٍ ؟
فأخذوا لا يكلّمونه ؛ فنادي : يا شبث بن ربعيّ ! ويا حجّار بن أبجر! ويا قيس بن الاشعث ! ويا يزيد بن الحارث ! ألم تكتبوا إليّ : أنْ قدْ أينعت الثمارُ واخضرَّ الجنابُ ، وإنّما تَقْدَمُ عَلي جُندٍ لَكَ مُجَنَّدَةٍ ؟!
فقال له قيسُ بن الاشعثِ : ما ندري ما تقول ؛ ولكن انْزِل علي حُكم بَني عمّكَ ، فَإنّهم لن يُرُوك إلاّ ما تحبّ .
فَقَالَ الْحُسَيْنُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : لاَ وَاللَهِ لاَ أُعْطِيكُمْ بِيَدِي إعْطَاءَ الذَّلِيلِ؛ وَلاَ أُقِرُّ لَكُمْ إقْرَارَ الْعَبِيدِ [1] ؛ ثُمَّ نَادَي: يَا عِبَادَ اللَهِ ! إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنتَرْجُمُونِ ؛ وَأَعُوذُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لاَيُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ.[2]
خطبة الإمام الغرّاء يوم عاشوراء
* وروي عن الامام (ع)الخطبة الغرّاء التالية خطبها يوم عاشوراء ، بهذا المضمون :
وَرَكِبَ أَصْحَابُ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ لَعَنَهُمُ اللَهُ ، فَبَعَثَ الْحُسَيْنُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بُرَيْرَ بْنَ خُضَيْرٍ فَوَعَظَهُمْ ؛ فَلَمْ يَسْتَمِعُوا وَذَكَّرَهُمْ فَلَمْ يَنْتَفِعُوا .
فَرَكِبَ الْحُسَيْنُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ نَاقَتَهُ ـ وَقِيلَ فَرَسَهُ ـ فَاسْتَنْصَتَهُمْ فَأَنْصَتُوا. فَحَمِدَاللَهَ ، وَأَثْنَي عَلَيْهِ ، وَذَكَرَهُ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ؛ وَصَلَّي عَلَي مُحَمَّدٍ وَعَلَي الْمَلاَئِكَةِ وَالاْنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ ؛ وَأَبْلَغَ فِي الْمَقَالِ ؛ ثُمَّ قَالَ:
تَبّاً لَكُمْ أَيَّتُهَا الْجَمَاعَةُ وَتَرَحاً حِينَ اسْتَصْرَخْتُمُونَا وَالِهِينَ ، فَأَصْرَخْنَاكُمْ مُوجِفِينَ ؛ سَلَلْتُمْ عَلَيْنَا سَيْفاً لَنَا فِي أَيْمَانِكُمْ ! وَحَشَشْتُمْ عَلَيْنَا نَاراً اقْتَدَحْنَاهَا عَلَيعَدُوِّنَا وَعَدُوِّكُمْ ! فَأَصْبَحْتُمْ ألْباً لاِعْدَائِكُمْ عَلَيأَوْلِيَائِكُمْ بِغَيْرِ عَدْلٍ أَفْشَوْهُ فِيكُمْ ، وَلاَ أَمَلٍ أَصْبَحَ لَكُمْ فِيهِمْ !
فَهَلاَّ ـ لَكُمُ الْوَيْلاَتُ ـ تَرَكْتُمُونَا ؛ وَالسَّيْفُ مَشِيمٌ ، وَالجَأْشُ طَامِنٌ ، وَالرَّأْيُ لَمَّا يُسْتَحْصَفْ ؟! وَلكِنْ أَسْرَعْتُمْ إلَيْهَا كَطَيْرَةِ الدَّبَي ! وَتَدَاعَيْتُمْ إلَيْهَا كَتَهَافُتِ الْفَرَاشِ !
فَسُحْقاً لَكُمْ يَا عَبِيدَ الاْمَّةِ ! وَشُذَّاذَ الاْحْزَابِ ! وَنَبَذَةَ الْكِتَابِ ! وَمُحَرِّفِي الْكَلِمِ ! وعُصْبَةَ الآثَامِ ! وَنَفَثَةَ الشَّيْطَانِ! وَمُطْفِئِي السُّنَنِ ! أَهَؤُلاَءِ تَعْضُدُونَ ؟! وَعَنَّا تَتَخَاذَلُونَ ؟!
أَجَلْ وَاللَهِ غَدْرٌ فِيكُمْ قَدِيمٌ ! وَشَجَتْ إلَيْهِ أُصُولُكُمْ ! وَتَأَزَّرَتْ عَلَيْهِ فُرُوعُكُمْ ! فَكُنْتُمْ أَخْبَثَ ثَمَرٍ شَجاً لِلنَّاظِرِ ! وَأُكْلَةً لِلْغَاصِبِ !
أَلاَ وَإنَّ الدَّعِيَّ ابْنَ الدَّعِيِّ [3] قَدْ رَكَزَ بَيْنَ اثْنَتَيْنِ : بَيْنَ السِّلَّةِ وَالذِّلَّةِ ؛ وَهَيْهَاتَ مِنَّا الذِّلَّةُ !
يَأْبَي اللَهُ ذَلِكَ لَنَا وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَحُجُورٌ طَابَتْ وَطَهُرَتْ ، وَأُنُوفٌ حَمِيَّةٌ ، وَنُفُوسٌ أَبِيَّةٌ ، مِنْ أَنْنُؤْثِرَ طَاعَةَ اللِئَـامِ عَلَي مَصَـارِعِ الْكِرَامِ .
أَلاَ وَإنِّي زَاحِفٌ بِهَذِهِ الاْسْرَةِ مَعَ قِلَّةِ الْعَدَدِ ، وَخَذْلَةِ النَّاصِرِ . ثُمَّ أَوصَلَ كَلاَمَهُ بِأَبْيَاتِ فَرْوَةَ بْنِ مُسَيْكٍ الْمُرَادِيِّ :
فَإنْ نَهْزِمْ فَهَزَّامُونَ قِدْماً وَإنْ نُغْلَبْ فَغَيْرُ مُغَلَّبِينَا [4]
وَمَا إنْ طِبُّنَا جُبْنٌ وَلَكِنْ مَنَايَانَا وَدَوْلَةُ آخَرِينَا [5]
إذَا مَا الْمَوْتُ رَفَّعَ عَنْ أُنَاسٍ كَلاَكِلَهُ أَنَاخَ بِآخَرِينَا
فَأَفْنَي ذَلِكُمْ سُرَوَاءَ قَوْمِي كَمَا أَفْنَي الْقُرُونَ الاْوَّلِينَا
فَلَوْ خَلَدَ الْمُلُوكُ إذاً خَلَدْنَا وَلَوْ بَقِيَ الْكِرَامُ إذاً بَقِينَا
فَقُلْ لِلشَّامِتِينَ بِنَا أَفِيقُوا سَيَلْقَي الشَّامِتُونَ كَمَا لَقِينَا
ثُمَّ أَيْمُ اللَهِ لاَ تَلْبَثُونَ بَعْدَهَا إلاَّ كَرَيْثِمَا يُرْكَبُ الْفَرَسُ ، حَتَّي تَدُورَ بِكُمْ دَوْرَ الرَّحَي ! وَ تَقْلَقَ بِكُمْ قَلَقَ الْمِحْوَرِ ! عَهْدٌ عَهِدَهُ إِلَيَّ أَبِي عَنْ جَدِّي ؛ فَأَجْمِعُو´ا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَآءَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُو´ا إِلَيَّ وَلاَ تُنظِرُونِ !
إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَي اللَهِ رَبِّي وَ رَبِّكُم مَا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ ءَاخِذُ بِنَاصِيَتِهَآ إِنَّ رَبِّي عَلَي' صِرَطٍ مُسْتَقِيمٍ .
اللَهُمَّ احْبِسْ عَنْهُمْ قَطْرَ السَّمَاءِ ؛ وَابْعَـثْ عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِني يُوسُفَ ؛ وَسلِّطْ عَلَيْهِمْ غُلاَمَ ثَقِيفٍ ! فَيَسُومَهُمْ كَـأْساً مُصَبَّرَةً ؛ فإنَّهُمْ كَذَّبُونَا وَخَذَلُونَا وَأَنْتَ رَبُّنَا ! عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإلَيْكَ أَنَبْنَا وَإلَيْكَ الْمَصِيرُ ! [6]
أشعاره الرجزيّة يوم عاشوراء
* وجاء في كتاب «كشف الغمّة» عن كتاب «الفتوح» أنـّه عليه السلام لمّا أحاطت به جموع ابن زياد وقتلوا من قتلوا من أصحابه ومنعوهم الماء كان له عليهالسلام ولدٌ صغير فجاءه سهمٌ منهم فقتله ، فزمّله الحسين عليه السلام وحفر له بسيفه وصلّي عليه ودفنه ، (ووقف أمام جيش الاعداء وَحمل عليهم مرتجزاً) :
غَدَرَ [7] الْقَوْمُ وَ قِدْماً رَغِبُوا عَنْ ثَوابِ اللَهِ رَبِّ الثَّقَلَيْن
قَتَلُوا قِدْماً [8] عَلِيّاً وَابْنَهُ حَسَنَ الْخَيْرِ كَرِيمَ الطَّرَفَيْن
حَسَداً مِنْهُمْ وَ قَالُوا أَجْمِعُوا نُقْبِلِ الآنَ جَمِيعاً بِالْحُسَيْن
يَا لَقَوْمٍ لاِنَاسٍ رُذَّلٍ جَمَعُوا الْجَمْعَ لاِهْلِ الْحَرَمَيْن [9]
ثُمَّ سَارُوا وَ تَوَاصَوْا كُلُّهُمْ لاِجْتِيَاحِي لِلرِّضَا بِالْمُلْحِدَيْن [10]
لَمْ يَخَافُوا اللَهَ فِي سَفْكِ دَمِي لِعُبَيْدِ اللَهِ نَسْلِ الْفَاجِرَيْن
وَابْنُ سَعْدٍ قَدْ رَمَانِي عَنْوَةً بِجُنُودٍ كَوُكُوفِ الْهَاطِلَيْن
لاَ لِشَيْءٍ كَانَ مِنِّي قَبْلَ ذَا غَيْرِ فَخْرِي بِضِيَاءِ الْفَرْقَدَيْن
بِعَلِيٍّ خَيْرِ مَنْ بَعْدَ النَّبِيّ وَالنَّبِيِّ الْقُرَشِيِّ الْوَالِدَيْن
خَيْرَةُ اللَهِ مِنَ الْخَلْقِ أَبِي ثُمَّ أُمِّي فَأَنَا ابْنُ الْخَيْرَتَيْن
فِضَّةٌ قَدْ صُفِيَتْ مِنْ ذَهَبٍ فَأَنَا الْفِضَّةُ وَابْنُ الذَّهَبَيْن
مَنْ لَهُ جَدٌّ كَجَدِّي فِي الْوَرَي أَوْ كَشَيْخِي فَأَنَا ابْنُ الْقَمَرَيْن
فَاطِمُ الزَّهْرَاءِ أُمِّي وَ أَبِي قَاصِمُ الْكُفْرِ بِبَدْرٍ وَ حُنَيْن
وَ لَهُ فِي يَوْمِ أُحْدٍ وَقْعَةٌ شَفَتِ الغِلَّ بِفَضِّ الْعَسْكَرَيْن
ثُمَّ بِالاْحْزَابِ وَالْفَتْحِ مَعاً كَانَ فِيهَا حَتْفُ أَهْلِ الْقِبْلَتَيْن
فِي سَبِيلِ اللَهِ مَاذَا صَنَعَتْ أُمَّةُ السَّوْءِ مَعاً بِالْعِتْرَتَيْن
عِتْرَةِ الْبَرِّ النَّبِيِّ الْمُصْطَفَي وَ عَلِيِّ الْوَرْدِ [11] بَيْنَ الْجَحْفَلَيْن [12]
* قال عبد الله بن عَمّار بن يَغوث : ما رأيتُ مكثوراً قَطّ قد قُتلَ ولده وأهلُ بيته وصحبُهُ أربط جَأشاً منهُ ولاأمْضي جناناً ولا أجرأ مقدماً ، ولقد كانت الرجال تنكشف بين يديه إذا شدّ فيها ، ولم يثبتْ له أحد . [13]
فصاح عُمر بن سَعد بالجمع : هذا ابنُ الانْزَعِ البطين [14] ، هذا ابنُ قتّالِ العرب ، احملوا عليه من كلّ جانب! فأتته أربعةُ آلاف نبلة [15] ، وحال الرجال بينه وبين رحله ، فصاح بهم سيّد الشهداء عليه السلام :
نداؤه عليه السلام في أتباع آل أبي سفيان
يَا شِيعَةَ آلِ أَبِي سُفْيَانَ ! إنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ دِينٌ ، وَكُنْتُمْ لاَ تَخَافُونَ الْمَعَادَ ، فَكُونُوا أَحْرَاراً فِيدُنْيَاكُمْ ! وَارْجِعُوا إلَي أَحْسَابِكُمْ إنْ كُنْتُمْ عُرْباً كَمَا تَزْعُمُونَ !
فناداه شمر : ما تقولُ يا ابنَ فاطمة !
قال : أنا الذي أقاتلكم والنِّساءُ ليس عليهنّ جُناح فامنعوا عُتاتكم عن التعرّض لحرمي ما دمتُ حيّاً .
قَالَ اقْصُدُونِي بِنَفْسِي وَاتْرُكُوا حَرَمِي قَدْ حَانَ حِينِي وَقَدْ لاَحَتْ لَوَائِحُهُ
فقال شمر : لك ذلك !
وقصده القوم ، واشتدّ القتال وقد اشتدّ به العطش . [16]
ثمّ إنّه عليه السلام رجع إلي الخيمة وودّع عياله ثانياً ، فحملوا عليه يرمونه بالسهام ، فحمل عليهم كالليث الغضبان ، ورجع إلي مركزه يُكثر من قول :
لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إلاَّ بِاللَهِ ! [17]
* ورماه أبو الحُتوف الجُعْفي بسهم في جبهته ، فنزعه وسالت الدماء علي وجهه فقال :
دعاؤه عليه السلام علي أهل الكوفة و مخاطبته لهم
اللَهُمَّ إنَّكَ تَرَي مَا أَنَا فِيهِ مِنْ عِبَادِكَ هَؤُلاَءِ الْعُصَاةِ ! اللَهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَداً ! وَاقْتُلْهُمْ بَدَداً ! وَلاَ تَذَرْ عَلَي وَجْهِ الاْرْضِ مِنْهُمْ أَحَداً ! وَلاَ تَغْفِرْ لَهُمْ أَبَداً !
و صاح بصوت عالٍ :
يَا أُمَّةَ السَّوْءِ بِئْسَمَا خَلَّفْتُمْ مُحَمَّداً فِي عِتْرَتِهِ ! أَمَا إنَّكُمْ لاَ تَقْتُلُونَ رَجُلاً بَعْدِي فَتَهَابُونَ قَتْلَهُ ! بَلْ يَهُونُ عَلَيْكُمْ ذَلِكَ عِنْدَ قَتْلِكُمْ إيَّايَ ! وَأَيْمُ اللَهِ إنِّي لاَرْجُو أَنْيُكْرِمَنِيَ اللَهُ بِالشَّهَادَةِ ، ثُمَّ يَنْتَقِمَ لِي مِنْكُمْ مِنْ حَيْثُ لاَتَشْعُرُونَ !
فقال الحُصَيْن : وبماذا ينتقم لك منّا يا ابن فاطمة ؟
قال (عليه السلام) : يُلقي بأسَكم بينكم ويسفك دماءَكُم ثُمّ يصبّ عليكم العذابَ صَبّاً . [18]
كيفيّة استشهاده عليه السلام
ولمّا ضعف عن القتال وقف يستريح ، فرماه رجلٌ بحجر علي جبهته، فسال الدم علي وجهه ، فأخذ الثوب ليمسح الدم عن عينيه (فـ) رماه آخر بسهمٍ مُحدَّد له ثلاث شعب وقع علي قلبه ؛ فقال :
بِسْمِ اللَهِ وَ بِاللَهِ وَ عَلَي مِلَّةِ رَسُولِ اللَهِ . وَرَفَعَ رَأْسَهُ إلَي السَّمَاءِ وَقَالَ : إلَهِي إنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقْتُلُونَ رَجُلاً لَيْسَ عَلي وَجْهِ الاْرْضِ ابْنُ نَبِيٍّ غَيْرُهُ !
ثمّ أخرج السهم من قفاه وانبعث الدم كالميزاب [19] ؛ فوضع يده تحت الجرح فلمّا امتلات رمي به نحو السماء وقال : هَوَّنَ عَلَيَّ ما نَزَلَ بي أنَّهُ بِعَيْنِ اللَهِ. فلم يسقط منذلك الدمِ قطرةٌ إلي الارضِ ! ثُمّ وَضَعها ثانياً فلمّا امتلات لطّخ به رأسَه ووجهَه ولحيته وقال : هكذا أكونُ حتّي أَلقي اللهَ وَجدِّي رَسُولَ اللهِ[20]
* وأعياه نزفُ الدمِ ؛ فجلسَ علي الارض ينوءُ برقبته ، فانتهي إليه في هذا الحالِ مالكُ بنُ النسر ، فشتمه ثُمَّ ضربه بالسَّيفِ علي رأسه ، وكان عليه بُرْنُسٌ فامتلاَ البرنس دماً ، فألقي البرنسَ واعتمَّ علي القَلَنسُوَةِ [21] . وروي البعض أنّه استدعي بخرقةٍ فشَدَّ بها رأسَهُ .
وضربه زُرعة بن شَريك علي كتفه اليُسري [22] ، ورماه الحُصين [23] في حلقه ، وضربه آخرُ علي عاتِقه، وطعنه سِنان بن أنس في ترقوته ثُمّ في بواني صدرهِ ثُمّ رماه بسهم في نَحْره [24] ، وطعَنَه صالح بن وهب فيجنبه. [25]
قال هلال بن نافع : كنتُ واقفاً نحوَ الحسينِ وهو يجودُ بنفسه ، فواللهِ ما رأيتُ قتيلاً قطّ مُضمَّخاً بدمه أحسنَ منه وجهاً ولا أنور ! ولقد شغلني نورُ وجهه عنالفكرة في قتله ! [26]
ولمّا اشتدّ به الحالُ رفعَ طرفَهُ إلي السماء وتضرَّع إلي ساحة الربِّ ذي الجلال قائلاً : صَبْراً عَلَي قَضَائِكَ يَارَبِّ ، لاَ إلَهَ سِوَاكَ ، يَا غِيَاثَ الْمُسْتَغِيثِينَ ! [27]
وأقبل فرسُه يدور حوله ويمرّغ ناصيتَه بدمه ويشمّه ويصهَل صهيلاً عالياً ، [28] ورُوي عن الإمام أبيجعفر محمّد الباقر عليه السلام أنّه كان يقول :
الظَّلِيمَةَ الظَّلِيمَةَ مِنْ أُمَّةٍ قَتَلَتِ ابْنَ بِنْتِ نَبِيِّهَا . [29]
وتوجّه نحو المخيّم .
ونادت أمّ كلثوم :
وَا مُحَمَّدَاهْ ، وَا أَبَتَاهْ ، وَا عَلِيَّاهْ ، وَا جَعْفَرَاهْ ، وَاحَمْزَتَاهْ ! هَذَا حُسَيْنٌ بِالعَرَاءِ صَرِيعٌ بِكَرْبَلاءَ . [30]
ونادت زينب :
وَا أَخَاهْ ، وَا سَيِّدَاهْ ، وَا أَهْلَ بَيْتَاهْ ، لَيْتَ السَّمَاءَ أَطْبَقَتْ عَلَي الاْرْضِ ؛ وَلَيْتَ الْجِبَالَ تَدَكْدَكَتْ عَلَيالسَّهْلِ . [31]
وانتهت نحو الحسين وقد دنا منه عمر بن سعد فيجماعة من أصحابه ، والحُسين يجود بنفسه ! فصاحت : أَيْ عُمَرُ! أَيُقْتَلُ أَبُو عَبْدِ اللَهِ وَأَنْتَ تَنْظُرُ إلَيْهِ؟!
فصرفَ بوجهه عنها ودموعُه تسيلُ علي لحيته . [32]
فصاحت : وَيْحَكُمْ أَمَا فِيكُمْ مُسْلِمٌ ؟!
فلم يجبها أحد ! [33] ثمّ صاح عمر بن سعد بالناس : انزلوا إليه وأريحوه! فبدر إليه شمر فرفسه برجله وجلس علي صدره ، وقبض علي شيبته المقدّسة ، وضربه بالسيف اثنتي عشرة ضربة ، [34] واحتزّ رأسه المقدّس !!
وداعا مجالسنا المباركه.....!
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 1606
- اشترك في: الجمعة يونيو 24, 2005 5:42 pm
- مكان: صنعاء حده
- اتصال:
تم الغاء عرض الصورة التي استخدمتها في التوقيع كون المستضيف لها يحتوي على برمجيات ضارة، يرجى رفعها على موقع آمن .. رابط صورتك القديمة::
http://www.nabulsi.com/text/02akida/4ot ... age023.gif
http://www.nabulsi.com/text/02akida/4ot ... age023.gif