الإخلاص .. الفضيلة النادرة

أحاديث، أدعية ، مواعظ .....
أضف رد جديد
ياسر الوزير
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 404
اشترك في: الجمعة مارس 19, 2004 11:48 pm
مكان: النهرين

الإخلاص .. الفضيلة النادرة

مشاركة بواسطة ياسر الوزير »

قليلون هم أولئك الذين يخلصون قلوبهم لله عز وجل ،،
معدودون وقليلون وما أقلهم ، وكيف لا وإخلاص القلب لله تعالى لم يكن أمراً هيناً ، فحتى من يدعي أنه يسير على درب الإخلاص قد يكون واهماً ، إذ الأمر يحتاج إلى بذل مجهود داخلي كبير .
أن تعمل الأعمال التي يوحي ظاهرها بالتقوى والإيمان فهذا أمر ليس بالعسير أن تؤدي الكثير من القربات فهذا أمر كذلك ليس بالمستصعب ، لكن ما يعتمل داخل القلب أثناء أداء هذه الأعمال وحتى في غير وقت أدائها هو الأمر الصعب ، وهو الأساس الجوهري لقيمة كل عمل وكذا لاستمراره مهما كانت الأحوال ، فقد يبذل الإنسان العديد من الأعمال التي ظاهرها القربة في الوقت الذي يطلبها من أجل غرض نفسي أو حتى جسدي وإن كانت أغراض النفس أدق وأخطر ، وهكذا يطلب الإنسان ما يرضي نفسيته وما يشبع رغبته بما يُطلب به الله سبحانه وتعالى ورضاه .
فأين مكمن الخلل ؟ وما هي الأمور التي توصل الإنسان إلى هذه الحالة ؟
إنها في اعتقادي مزيج من أمور متعددة لكني سأسلط الضوء هنا وباختصار على أمرين اثنين ، هما أساس إخلاص النية الحقيقي للخالق سبحانه ، أولهما ضعف المعرفة بالله جل وعلا ، إذ لو عرف العبد هذا الإله القادر .. الحي القيوم .. الخالق البارئ المنعم المتفضل حق معرفته لعرف أنه لا يصح أن يقرن في حبه أحد أو يشاركه في القلب أحد ، ذلك أن الله هو أهل الحب والشوق كله ، حتى إذا ما أراد عبد أن يحب فعليه أن يحب لله ، وإذا ما أراد أن يرغب فينبغي أن يرغب لله ، كيف لا ووجود والإنسان وحياته وسمعه وبصره وفؤاده وكل ما يمتلك من نعمه جل وعلا ، وكيف لا والكمال كل الكمال إنما يكون لله سبحانه وتعالى ، فهو المستحق لأن يوجه رغبته ومحبته إليه .
هذا الأمر الأول ، أما الآخر فهو ما يتعلق بدواخل الإنسان نفسه ، فإن حياة الإنسان تعترضها العديد من المتغيرات التي منها الانجذاب للأشخاص أو للمراكز أو لغير ذلك من القضايا المعنوية أو المادية ، كل إنسان أياً كان منهجه وتوجهه وأهدافه تعتري حياته مثل هذه الأمور ، لكن المريد لله لا يلقي العنان لنفسه بل يقيد أي انشداد لغير الله سبحانه وتعالى حتى لا تتأثر علاقته بربه مهما كانت نفسه راغبةً فيه ، لأنه يعي تماماً أن ما تريده النفس شئ وما ينبغي أن يكون شئ آخر ، وأن حياته وأعماله وتوجهه لا بد وأن يكون في الاتجاه الثاني ؛ كيف ينبغي أن يكون ، هذا وتهذيب النفس هنا ذو مراتب ودرجات أرقاها منع النفس كل ما تشتهيه حتى وإن لم يكن به بأس بل وطلب ما تستكره ، ومن عاد إلى أمير المؤمنين عليه السلام وأسلوبه في تربية النفس عرف هذا جيداً ، كيف لا وهو الذي يأكل الخبز اليابس معللاً ذلك بأمور ... يخشع له القلب وتذل له النفس .. ولألحق بأصحابي .
القضية هي أنا لا يصح أن نجري وراء ما تريده نفوسنا إن كنا حقاً نريد الله تعالى ،
القضية أن النفس هذه لا بد وأن تتعلم .. لا بد وأن تتربى .. لا بد وأن تقمع وتقهر ،
القضية أن صور الأعمال الظاهرية مهما كانت مبهرة للناظرين لا تكفي المريد في السير إلى الباري تعالى طالما لم يكن في انقطاع إليه ، والانقطاع ليس قضية صورية بل هو نفسيات داخلية أكثر منها أعمال ظاهرية .
وعلى من يبحث عن إشباع رغبة آنية يحدث نفسه عندها أنه يخدم دين الله باعتبار صورتها الخارجية أن يفكر فيما لو ألزمه الشرع إلزاماً بالتنازل عن تلك الأمور التي يطلبها وينشغل بها ويوجه رغبته إليها كيف سيكون موقفه حينذاك ، وكيف سيكون انشداده لعمل ما يمليه عليه الشرع ، وهل ستكون مسارعته في أداء ما ألزم – إن أداه – كمسارعته في حال ما لو كان قد هذب نفسه مبكراً !!
أمر في غاية الأهمية ، أمر يبحث عن الانقطاع إلى الله سبحانه وتعالى ، الانقطاع في حال العمل وأداء الواجب والاحتكاك بالناس والمجتمع ، ذلك الانقطاع الذي لهجت به ألسن أولياء الله طالبةً لأكمله قائلة : ( إلهي هب لي كمال الانقطاع إليك ) .
عسى مشربٌ يصفو فتروى ظميةٌ *** أطال صداها المنهل المتكدرُ

الحوراء
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 760
اشترك في: الأربعاء يوليو 20, 2005 4:29 pm

مشاركة بواسطة الحوراء »

بسم الله الرحمن الرحيم

حقيقة في هذا الموضوع الذي كتبتموه سيدي منافع جمة وأنا متأكدة يقينا أن من يصغي إلى هذه الكلمات بقلبه ويردع أي شك بداخله فإنه وبدون شك سيعلم إلى أي درجة هذا الكلام صحيح،،، ويجدر بنا جميعاً أن نجرب تربية النفس من الداخل ونبتعد عن أي شيء ولو حسي له علاقة بالدنيا وأي أمر فيها عندما يكون مرادنا الله ولا شيء سواه...

والسلام عليكم ورحمة الله
وبارك الله فيكم سيدي وشككككرا جزيلا وباذن الله في ميزان حسناتكم

تحياتي
اللهم ارحم موتانا و موتى المؤمنين والمؤمنات...و كتب الله أجر الصابرين و المجاهدين ،،
صورة
صورة

أضف رد جديد

العودة إلى ”المجلس الروحي“