رحلة في خبايا النفس

أحاديث، أدعية ، مواعظ .....
أضف رد جديد
بنت الهدى2
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 108
اشترك في: الاثنين مارس 21, 2005 8:11 pm

رحلة في خبايا النفس

مشاركة بواسطة بنت الهدى2 »

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين محمد بن عبد الله وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وصحابته المنتجبين والسائرين على نهجه إلى يوم الدين
أحببت أن تكون لي مشاركة في هذا المجلس فلم أجد أفضل من هذا الكتيب الصغير الذي وجدته مخبئاً بين مجموعة كتب متنوعة ولكنه لشدة صغر حجمه لا يكاد يرى وفوجئت بأنه للشهيد المؤيدي فقرأته وتعجبت أنه لم يطبع مع مجموعة كتبه فالبرغم من صغر حجمه إلاَّ أنه يحتوي على معاني عظيمة سأكتبها لكم على مراحل وكما هي موجودة في كتابه أرجو أن ننتفع جميعاً بما ورد فيه.
الإنسان وعلاقاته الخارجية
إننا عندما نضع هذا العنوان بين أيدينا نقصد به هنا علاقة الإنسان بالمحيط الخارجي والكوني، وما وراء هذا الوجود المحدود ومن خلال نظرة سريعة لما حولنا نستخلص النتائج التالية:-
1. الإنسان يتعرض للفناء، وتحله الأعراض إذا فهو مخلوق.
2. من خلال النظرة إلى الإنسان يتضح ضرورة وجود خالق لهذا الإنسان.
3. إذا كررنا النظر تمكنا أن نتعرف على عنوان ثالث غير الإنسان، وغير الخالق وهي بقية المخلوقات على هذا الكون.

علاقة الإنسان مع من حوله
هنا يمكن أن يكون مدار حديثنا، ومحط رحالنا، فتحديد نوعية العلاقة هو تحديد نوعية المصير المنتظر.
العلاقة مع الله:-
علاقة عبادة وامتثال وعبودية مطلقة فلا رأي للإنسان مع رأي الخالق قال تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلّ ضَلاَلاً مّبِيناً) [سورة: الأحزاب - الأية: 36]
العلاقة مع من حولنا من الكائنات:-
علاقة الإنسان بالمخلوقات المحيطة به علاقة ((تسخيرية)) ولكن في دوائر منتظمة ..ترفض كل عبث أو فوضوية..فكل ما في الكون مسخر لتهيأت أسباب الراحة والقدرة على مواصلة العيش، والتناسل على هذه الأرض، ولكن أي تعامل غير مسئول أو تجاوز للنواميس الكونية قد يصنع كارثة كونية.
الطريق إلى الخالق:-
إن طريقنا نحو الله هي العبادة وهي الطريقة المثلى التي اختارها الله للتعامل معه قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنّ وَالإِنسَ إِلاّ لِيَعْبُدُونِ) [سورة: الذاريات - الأية: 56] ولذلك كانت الكتب تنزل لتحدد طبيعة هذه العلاقة وطقوسها بما يتناسب مع المرحلة التي تمر بها البشرية، ولأهمية هذه العلاقة التي بالمحافظة على وجودها يصبح كل ما في العالم جميلاً ورائعاً ونجعلها مدار موضوعنا

بنت الهدى2
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 108
اشترك في: الاثنين مارس 21, 2005 8:11 pm

مشاركة بواسطة بنت الهدى2 »

عبـــــادة الله
إن العبادة ليست مسألة راجعة إلى مسائل العقل الاستنتاج فليس من حق أي إنسان أن يبتكر طقوس عبادية جديدة وحديثة، إذ أن العبادة مسألة توقيفية، أي أننا نحتاج فيه إلى نصوص إلهية ترسم لنا نوعية هذه العبادة التي تمثل العلاقة لكي نسير فيها إلى رحاب الرضاء والرحمة الإلهية.
إن الناظر من هذا المنظار قد يرى المجال ضيقاً، فقد يفهم أن العبادة إنما هي طقوس وحركات محدودة تؤدى في أوقات محدودة، ولكنه عندما يقف على ضفاف بحرها سيرى عالم آخر فيه من الاتساع ما يمثل سعة الرحمة الإلهية قال تعالى: (الّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبّحُونَ بِحَمْدِ رَبّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلّذِينَ آمَنُواْ رَبّنَا وَسِعْتَ كُـلّ شَيْءٍ رّحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلّذِينَ تَابُواْ وَاتّبَعُواْ سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ) [سورة: غافر - الأية: 7] فهي تتجاوز الحدود إلى أن تشمل كل مكان على وجه البسيطة، أما حدودها الزمنية فكل زمان صالح لتأدية هذه العبادة فليست محدودة بالأزمنة ولا بالأمكنة..
بل إن تحصيل هذه العلاقة يكون معروض عليك في كل زمان ومكان بلا استثناء فما هي هذه العبادة.
تعريف العبادة: ( هي كل فعل أو قول أو نية أو ترك..المقصود بها وجه الله تعالى) ومن خلال هذا التعريف البسيط، يمكن لكل فرد منا أن يعيش في محاريب العبادة في كل زمان ومكان فكل لحظات العمر يمكن أن تكون عبادة وكل بقاع الأرض يمكن أن تكون مساجد ومحاريب.
وهنا نقف لحظات مع تاجر من تجار هذه العلاقة وهو يوجه الخطاب إلى أتباعه، وهو الإمام يحيى بن الحسين (ع) (( اتقوا الله في سركم وعلانيتكم .. وعاملوا الله تعالى إذا فعلتم شيئاً فاجعلوه لله خالصاً، وإن أصلحتم سلاحكم فتكون نيتكم أنها لله، وإن علفتم دابة فقدموا النية في ذلك أنها لله، وإن مشى أحد منكم في جهة من الجهات فقدموا النية في ذلك، فإنما أنتم في جميع ما فعلتم من جميع الأمور في صلاح الإسلام) إذن فالعبادة سلعة يمكن استثمارها في جميع الميادين وفي معظم الممارسات التي يمكن أن تكون في حياة الكثير منا عادة وسلوكاً.
النية تحيل العادة إلى عبادة:-
مدار أفعال العباد هي النية بمجرد استحضارها تحدث المعجزات فتحيل تلك الجهود المبذولة إلى طقوس عبادية من الطراز الأول بل يصبح فاعلها تاجر ..يوم لا تجارة وغني يوم يفقد الناس كل شيء ينال رضاء الرحمن ويسارع إلى الجنان وتحميه أعماله من شر النيران.
موائد عبادية معروضة:-
هذه الموائد معروضة في كل مكان، ولكن يجب أن نعلم أيها يمكن أن يتناسب مع طبيعة المرحلة التي نعيشها، فهل يمكن أن أترك عملي الذي يدر علي قوتي وأستر به حالي لأبقى في جامع أو محراب لأناجي ربي، ولا شأن لي بما يدور من حولي ؟ بهذا سأموت جوعاً !! ليس هذا هو الحل بل يجب أن أبحث عن مائدة عبادية أخرى تتناسب مع وضعي وهي لا شك قد تكون موجودة حتى في عملك الذي تمارسه في تلك الدقائق.ولذلك أدعوك للتعرف على أنواع العبادة
.

إمرأه عابره
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 1
اشترك في: الثلاثاء إبريل 18, 2006 6:11 pm

شكرا أختي بنت الهدى 2

مشاركة بواسطة إمرأه عابره »

السلام عليكم

أختي الموضوع رائع أتمنى أن تتميه حتى تكمل الفائده ... وسوف أكون من المتابعات إن شا الله

والله ولي التوفيق

بنت الهدى2
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 108
اشترك في: الاثنين مارس 21, 2005 8:11 pm

مشاركة بواسطة بنت الهدى2 »


أنواع العبادة:-
a) عبادة ذاتية : تسبح القلوب المؤمنة في بارئها..ويتنفس المؤمن من شذا هواها في ظلم الليالي وفي أعماق الفيافي وفي سجون الظالمين، لا يستطيع أن يمنعه عنها كل من في هذا الكون لأنها عبادة يمكن أن تمارس في جميع الأوقات دون حاجة إلى معين أو ناصر من البشر بل ما دامت القلوب معلقة بحب بارئها وموجدها فيمكن لهذه العبادة أن تنطلق ول كان المرء في أعماق الأرض..مثل الذكر..الصلاة..الصيام.
b) عبادة من خلال الإخوان: وهي التي تحتاج إلى وجود البشر لكي تؤدي هذه العبادة، كا لإحسان المادي إلى الجار والصدقات الحسية، وكذا الإحسان إلى المخلوقات في هذا الكون لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ((في كل كبد رطبة أجر))
العبادة والصراع بين عوامل الإصلاح والإفساد:-
بما أن هذه العلاقة هي الرابطة التي ببقائها وسموها تسمو الروح الإنسانية ويعيش الإنسان سعيداً في الدنيا والآخرة فهي معرضة لهجمات من عوامل الإفساد لضربها حتى يضمن الشيطان سقوط الإنسان في شراكه.
وعوامل الإصلاح والإفساد قد تكون داخلية أو خارجية، ولخطورة هذه العلاقة ندرس عوامل التأثير الداخلي وهي أشد خطورة من عوامل التأثير الخارجي..ولذا نقف مع شخصية الإنسان ومكوناته وأثرها على هذه العلاقة.
مكونات الإنسان وأثرها على عبادة الرحمن:-
إن كلا منا لو نظر إلى نفسه وكيانه لما وجد أمامه إلاَّ نفساً متأرجحة إلى الشر جموحة وعن الخير منوعة فتارة أمارة وأخرى لوامة أو جسداً كان بالأمس القريب صغيراً وغداً يرتحل مع الأيام والليالي فينقلب من قوة إلى ضعف قال تعالى: (وَمَن نّعَمّرْهُ نُنَكّـسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلاَ يَعْقِلُونَ) [سورة: يس - الأية: 68] قال تعالى: (اللّهُ الّذِي خَلَقَكُمْ مّن ضَعْفٍ ثُمّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوّةٍ ثُمّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ) [سورة: الروم - الأية: 54] أو روحاً باسرار الغيب قد أحيط وهو اليوم فينا ساكن وغداً عنا مودع قال تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرّوحِ قُلِ الرّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبّي وَمَآ أُوتِيتُم مّن الْعِلْمِ إِلاّ قَلِيلاً) [سورة: الإسراء - الأية: 85] أو عقلاً موهوباً جعله الله محط التكليف فخصه من بين جميع مكونات الإنسان بالخطاب وعلق على كماله ونقصه الجزاء والحساب فملاْ القرآن..أفلا يعقلون..أفلا يتفكرون..أفلا ينظرون فهو في الإنسان كالداعي إلى الفضيلة والمقبح للرذيلة
.

بنت الهدى2
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 108
اشترك في: الاثنين مارس 21, 2005 8:11 pm

مشاركة بواسطة بنت الهدى2 »

أثر كل عنصر من مكونات الإنسان على علاقته بالله:-

النفس: هي عبارة عن مكمن للغرائز التي يصعب وصفها بالخير والشر حتى تتفاعل مع العوامل الخارجية، وتبرز في أقوال وأفعال فنحدد نوعيتها..هذه النفس تختلف من شخص إلى أخر، ليس في التكوين والخلق الأول، بل في مدى التهذيب والتزكية التي أخضعت لها هذه النفس.
كما هو الطفل...يولد على وهو مهيأ ليكون تقياً أو مجرماً بحسب نوعية التربية التي تمرر عليه لحديث (( فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه)) قال تعالى: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوّاهَا[7] فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا) [سورة: الشمس8 ] هذا هو الدور القسري الإلهي..ثم تنتقل الآية لتوضح الدور البشري في تزكية النفس.. قال تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكّاهَا [9] وَقَدْ خَابَ مَن دَسّاهَا) [سورة: الشمس - 10] ولذلك تتحدد نوعية هذه النفس.
فعندما تبلغ أسمى درجات التهذيب والتزكية تسمى (( بالمطمئنة)) وعندما تمر بتهذيب وتزكية أقل تسمى (( لوامة)) أما عندما تلامس الرذيلة وتتمرغ في مستنقعها الضحل فتسمى (( أمارة )) لأنها بلغت درجة قيادية في تسخير الإنسان بجميع طاقاته لخدمة الهوى.
النفس المطمئنة:-
هناك في أعماق رجال الإيمان والتقوى تقطن هذه النفس في أعماق رجال ونساء عظماء انتقلوا بأنفسهم عبر مراحل متعددة، خرجوا من ذل معصية الله إلى عز طاعته..إلى فسيح ممتد لا رجاء فيه ولا خوف إلاَّ للواحد القهار.
وصفهم الله في مشاهد حسية لا يدرك بعد معانيها وسموا مراتبها سواهم قال تعالى: (اللّهُ نَزّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مّتَشَابِهاً مّثَانِيَ تَقْشَعِرّ مِنْهُ جُلُودُ الّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبّهُمْ ثُمّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىَ ذِكْرِ اللّهِ ذَلِكَ هُدَى اللّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَآءُ وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) [سورة: الزمر - الأية: 23] هم كغيرهم من البشر بدأوا من الصفر..ولكنهم انطلقوا .. فكلما علوا إلى مرتبة تاقت أنفسهم إلى التي تليها، وكلما رأوا شيئاً يشدهم للمرتبة الأدنى خلصوا منه أنفسهم، فسمت بهم هممهم فمن عليهم بهداية الألطاف التي جعلتهم إلى الخير أقرب منهم إلى الشر قال تعالى: (وَالّذِينَ اهْتَدَوْاْ زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقُوَاهُمْ) [سورة: محمد - الأية: 17] فبعد أن عرفوا نور الإيمان..أعدوا أنفسهم لاستقباله وأخلوا قلوبهم مما سواه بدأوا صراعاً مريراً من أجل ترسيخ الفضيلة، وتقليص الرذيلة، فشرح الله صدروهم للإسلام ثم بذلوا جهدهم حتى شمل هذا النور جميع الجوانب في حياتهم..فلامس خطاب الرحمن جوارحهم فاقشعر لهيبته فلما سكنت قلوبهم الطاهرة فاضت بالاطمئنان فسكنت القلوب وفاضت العيون لتعبر عن شوقهم، وجدت الأعضاء في الإعداد لمتاع الرحلة الأخرى، فلا تراهم إلاَّ في محاريب المناجاة عاكفين وفي طاعة الله مبادرين قد تعلقت نفوسهم بالفضيلة حتى احتقرت الرذيلة فخاطبهم الرحمن بقوله تعالى: (يَأَيّتُهَا النّفْسُ الْمُطْمَئِنّةُ) [سورة: الفجر - الأية: 27] ويقول عنهم أمير المؤمنين عليه السلام(( قد أحيا عقله وأمات نفسه، حتى دق جليلة، ولطف غليظة، وبرق لا مع كثير البرق فأبان له الطريق وسلك به السبيل وتدافعته الأبواب إلى باب السلامة ودار الإقامة وانبثقت رجلاه بطمأنينة بدنه في قرار الأمان والراحة بما استعمل قلبه وأرضى ربه)).

يحيى الفقيه
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 53
اشترك في: السبت يناير 14, 2006 9:36 pm

أشكرك أختي

مشاركة بواسطة يحيى الفقيه »

أشكرك أختي على هذا المجهود الطيب..
أسأل الله ان يكتب ذلك في ميزان حسناتك ..
ولك من الله ألاجر والثواب..
والسلام.
اللهم اجمع امة الإسلام ووحد كلمتها على ما يرضيك

بنت الهدى2
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 108
اشترك في: الاثنين مارس 21, 2005 8:11 pm

مشاركة بواسطة بنت الهدى2 »

رحلة الوصول إلى النفس المطمئنة:-
كيف يصفها من لم يسلك مسالكها ولم يجهد بدنه في طلبها ولكن إليك ومضات أظنها تقودك نحوها، وتشرف بك على ضفاف معينها..فإذا بلغت فلا تنس أن كاتب هذه الأسطر..يطلب منك دعوة قد تزيل عن بصيرته حجبها وعماها .
أيها الطالب لهذا المقام لعل السفر بعيد والطريق شاق محفوف بالشهوات ولذلك أعد له عزيمة لا تنثني، فاسمع القرآن يدلك على الطريق قال تعالى: (وَأَمّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبّهِ وَنَهَى النّفْسَ عَنِ الْهَوَىَ) [سورة: النازعات - الأية: 40] .
أول مراتب الوصول هو(الخوف والخشية):-
ولذلك تسمع الرب الرحيم يخاطب الحبيب قال تعالى: (فَذَكّرْ إِن نّفَعَتِ الذّكْرَىَ [9] سَيَذّكّرُ مَن يَخْشَىَ) [سورة: الأعلى - الأية: 10] فلا بد من أن تشعر بالخوف والخشية حتى تسعى إلى الأمان فالهارب لا يكشف عن ساقه ويجد في مشيه إلاّ إذا أيقن بحلول الخطر، ولذلك لا بد من تكرار آيات الوعيد وترديدها، وتصورها وأن يسبح الفكر مع معانيها حتى يكاد يراها ويسمع حسيسها ولا أرى لمثل ذلك الشعور وقتاً إلاَّ إذا أظلم الليل ونامت العيون وخليت الأجواء من كل مزعج أو مؤنس فذاك حين تدرك فيه الغايات وتتفاعل معه الجوانح والجوارح فينطلق اللسان ويترجم القلب وتتمثل المعاني قال تعالى: (إِنّ نَاشِئَةَ اللّيْلِ هِيَ أَشَدّ وَطْأً وَأَقْوَمُ قِيلاً) [سورة: المزمل - الأية: 6] يقول الإمام زيد عليه السلام (( اعلم علمك الله الخير أن من أراد أن يجعل لنفسه منزلة التائبين فيجب أن يملاء قلبه خوفاً وخشية لأن التوبة لا تكاد تتم فإن تمت لم تصفُ ولم تدم ما لم تصحبها الخوف والخشية))
المرتبة الثانية نحو الوصول:-
العيش من أجل الله وبمعنى آخر نكران الذات وهي حقيقة التوحيد، التحرر من حب الذات وعبادة الهوى وحب الدنيا..التحرر من السعي إلى المراتب والمناصب الدنيوية حتى كانت بين يديك أقبلت عليها وأنت لها مبغض كاره إن اضطررت إليه أو فرض عليك الواجب الديني القيام بها.
هذه رتبة لا تنال بأموال الدنيا بل احتقار كل زخارف الدنيا وإنزالها منزلة أمانة حملها ثقيل بلاك بها صديق وأنت في سفر شاق صعب المسالك، فلا هي لك فتأمل منفعتها ولا هان عليك صاحبها فترمي بها فتحملها كارهاً لها وذلك لا ينال إلاَّ بإنفاق ما تحب من متاعها وأن تسلك بالنفس من الموارد ما تكرهها.
المرتبة الثالثة..
درجات الخوف من المعصية حتى تفزع لذكرها وترتعد فرائصك عند القرب منها تفر منها فرارك من النار المحرقة وتتحاشها تحاشي الثعبان السام، ترى معاصي الماضي فتصغر معها كل طاعة فعلتها يتمثل لك جرمك كقرين لا يفارق ذاكرتك كلما رأيته أسرعت في الفرار إلى حسن الطاعة(( يا أبا ذر إن المؤمن يرى المعصية كأنها صخرة تكاد أن تقع عليه وإن الكافر ليرى المعصية كأنها ذبابة تمر على أنفه)) .


المرتبة الرابعة..
إنزال النوافل منزلة الفرائض فيصير التفريط في الطاعات من النوافل مما تستثقله ويخطر على بالك مراراً وتلومك نفسك عليه مراراً.
المرتبة الخامسة..
أن لا تخاف في الله لومة لائم ولا ظلم طاغية ولا عصيان ملك فتصدع بالحق ول وقف العالم في وجهك بأسره لما استوحشت من الوحدة في طريق الحق.
ترى الحق أنيساً وإن هجرك الأصحاب وتفرق عنك الإخوان ونصب لك العداء جبابرة الأرض.
تركـت الخلــق طــراً في هــواك
و أيتمــت العيـــال لكــي أراك
فتأنس إلى ذكر الله وتلوذ ببابه وتستوحش من أهل المعاصي وتأنس إلى أهل الطاعات قال تعالى: (رِجَالٌ لاّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَإِقَامِ الصّلاَةِ وَإِيتَآءِ الزّكَـاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأبْصَارُ) [سورة: النور - الأية: 37] يقول صاحب النفس المطمئنة أمير المؤمنين علي عليه السلام عندما يقف عند هذه الآية(( إن الله سبحانه وتعالى جعل الذكر جلاء للقلوب، تسمع به بعد الوقرة، وتبصر به بعد الغشوة، وتنقاد به بعد المعاندة، وما برح الله عزت ألاؤه في البرهة بعد البرهة وفي أزمنة الفترات .. عباد ناجاهم في فكرهم وكلمهم في ذات عقولهم فاستصبحوا بنور يقظة في الأسماع والأبصار والأفئدة يذكرون بأيام الله ويخوفون مقامه بمنزلة الأدلة في الفلوات من أخذ القصد حمدوا إليه طريقه وبشروه بالنجاة ومن أخذ يميناً أو شمالاً ذموا إليه طريقه وحذروه الهلكة وكانوا كذلك مصابيح تلك الظلمات وأدلة الشبهات)) نهج البلاغة- 462
.

بنت الهدى2
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 108
اشترك في: الاثنين مارس 21, 2005 8:11 pm

مشاركة بواسطة بنت الهدى2 »

أعلى مقامات الإيمان:-
بلوغ النفس درجة المطمئنة، يعني أن الفرد قد بلغ أسمى وأعلى مدارج الإيمان، والإيمان..لا يبلغ درجة الكمال إلاَّ بالإتيان بجميع الأوصاف المحصورة تحت ((إنما)) والتي أوردت في أماكن متفرقة من الكتاب الكريم لتعرض للفرد ميزاناً من خلاله يعرف نفسه ومقامه ودرجة إيمانه.
وهنا نضع الخطوط العريضة لذلك الميزان:
قال تعالى: (إِنّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الّذِينَ إِذَا ذُكّرُواْ بِهَا خَرّواْ سُجّداً وَسَبّحُواْ بِحَمْدِ رَبّهِمْ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ[15] تَتَجَافَىَ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) [سورة: السجدة - الأية: 16] في ظل هذه الآية تلمس تلك الموازين التي نحتاج عند العرض عليها إنساناً صادقاً مع نفسه، فلا يكفي أن تسهر الليالي، وأن تكثر السجود والركوع والقيام بل لا بد أن يكون ذلك ناتج عن الخوف والخشية والطمع في المغفرة ولكي يزداد الأمر وضوحاً والميزان جلاءً نعرض بعض آيات أخرى لتلمس ذلك الميزان المشترك بين كل الآيات.
قال تعالى: (وَعِبَادُ الرّحْمَـَنِ الّذِينَ يَمْشُونَ عَلَىَ الأرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً) [سورة: الفرقان - الأية: 63]
قال تعالى: (وَالّذِينَ يِبِيتُونَ لِرَبّهِمْ سُجّداً وَقِيَاماً) [سورة: الفرقان - الأية: 64] قال تعالى: (وَالّذِينَ يِبِيتُونَ لِرَبّهِمْ سُجّداً وَقِيَاماً) [سورة: الفرقان - الأية: 64] قال تعالى: (وَالّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزّورَ وَإِذَا مَرّواْ بِاللّغْوِ مَرّوا كِراماً [17] وَالّذِينَ إِذَا ذُكّرُواْ بِآيَاتِ رَبّهِمْ لَمْ يَخِرّواْ عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً [73]وَالّذِينَ إِذَا ذُكّرُواْ بِآيَاتِ رَبّهِمْ لَمْ يَخِرّواْ عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً [73] قال تعالى: (وَالّذِينَ يَقُولُونَ رَبّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرّيّاتِنَا قُرّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتّقِينَ إِمَاماً) [سورة: الفرقان - الأية: 74] ثم نقف عند مقطع قرآني آخر يستعرض فيه القرآن شريط الإيمان وعلاماته لكي نزن أنفسنا وأعمالنا بذلك الميزان قال تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ[1] الّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ [ 2] وَالّذِينَ هُمْ عَنِ اللّغْوِ مّعْرِضُونَ [ 3] وَالّذِينَ هُمْ لِلزّكَـاةِ فَاعِلُونَ [4]وَالّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ [5] ِلاّ عَلَىَ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ [6] فَمَنِ ابْتَغَىَ وَرَآءَ ذَلِكَ فَأُوْلَـَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ [7] وَالّذِينَ هُمْ لأمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ [8]وَالّذِينَ هُمْ عَلَىَ صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ) [سورة: المؤمنون - الأية: 9] نكتفي بهذا القدر من صفات المؤمنين لنتوقف عندها ونستخلص منها ميزاناً نعرض عليه أنفسنا لنعرف مراتب الإيمان المتمكن في قلوبنا.
أولاً: تفاعل الجوارح والجوانح مع آيات الله:-
وهي أسمى ما يصل إليه العارفون فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تتفاعل جوانحه مع خطاب الرحمن فيسمع لصدره أزيز كأزيز المرجل، وعلى عليه السلام يتخاطب مع الله ويرتل آياته فتتخشب جوارحه لشدة تأثره، والحسين بن علي عليه السلام يصفر لونه، وزين العابدين عليه السلام يغمى عليه ويخر مغشياً عليه وزيد بن علي عليه السلام عند تلاوته للقرآن يخشون عليه الهلكة لشدة تأثره.

ثانياً:مرتبة نكران الذات:-
هوان النفس واستشعار الذلة والتنكر لكل مقامات الأنا فلا تعالي ولا تكبر ولا مراء ولا جدل فكلها موارد تصب في بحر الأنا ولذلك فهم يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما، هم يعون أن كلمات الاحتقار التي يرمون بها والاستهزاء لا يحط من درجاتهم شيئاً، فهم مشغولون يتلك المراتب الأخروية عن المراتب الدنيوية قال تعالى: (إِنّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الّذِينَ إِذَا ذُكّرُواْ بِهَا خَرّواْ سُجّداً وَسَبّحُواْ بِحَمْدِ رَبّهِمْ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ) [سورة: السجدة - الأية: 15] ولذلك تراهم يبحثون عن أبواب رضاء الله فيسرعون إلى طرقها غير مبالين بما يمكن أن ينظر إليهم الناس ويصفونهم به.
مشاهد من سير الأولياء:-
كان الإمام المؤيد بالله (ع) يحمل السمك من السوق إلى داره وكانت شيعته يتشبثون به،ويتبركون بحمله فلا يمكن أحداً من حمله ويقول أنا أحمله قسراً للهوى وتركاً للكبر.
ثالثاً:مرتبة تزكية النفس:-
إقحام النفس في الطاعات وتذليلها بكثرة السجود وقمعها بكثرة الإنفاق فهم لا يرعون للجبين حرمة إلاَّ مادام مطأطئاً للرحمن متمرغاً بالتراب ساجداً لله وهم لا يرون للمال قيمة إلاَّ في الإنفاق يتلذذون بالعطاء حتى تنسيهم تلك اللذة لذة أهل الدنيا في الأخذ والجمع.
رابعاً: الورع والاستقامة مع الشعور بالمسئولية:-
تراهم قد شغلتهم أنفسهم كلما رأوا للناس سقطة نظروا في أعماقهم قبل أن ينظروا إلى أخطاء غيرهم، يتأملون ويتفحصون هل فيهم شيء مما يرونه في غيرهم فإن رأوا ذلك بادروا نحو أنفسهم لإصلاحها ثم سعوا لإصلاح من سواهم ويساورهم شك في أنهم من أكثر الماس جرماً وأقلهم عبادة، فتراهم يعيشون بين الخوف من الغد الآتي والرجاء للرب الباقي كلما ازدادوا لأنفسهم اتهاماً وهم مع ذلك يفكرون فيما يصلح الله به أهلهم وأمتهم..لا يرون لهم نجاة إلاَّ باستنقاذ غيرهم
.

بنت الهدى2
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 108
اشترك في: الاثنين مارس 21, 2005 8:11 pm

مشاركة بواسطة بنت الهدى2 »

النفس اللوامة:-
صراع مرير، ونزاع لا ينتهي صعود وهبوط يعيشه أصحاب هذه النفس فلا هي سمت فبلغت درجة الاطمئنان فتجد لذة اللقاء ويعيش صاحبها مقام الأولياء ولا هي انحدرت إلى درجات الأمارة.
فيعمى فيها عتاب الضمير وتتعتم فيها البصيرة فيها البصيرة فهي في تأرجح دائم لا يكاد يخلوا وقت ولا عمل من الصراع قبل كل خير أو شر تتنازع عليها قوى الخير وقوى الشر.
مراتب النفس اللوامة:-
إن لهذه النفس مراتب يدركها الراحلون إلى رياض النفس المطمئنة، فهي قد تكون في أرقى مراتبها، كلما اقتربت من النفس المطمئنة فهي تسمى لوامة لأنها تلوم صاحبها على التقصير في فعل الطاعات، ولكنها تسموا بصاحبها عن تقحم أبواب المعصية، وأدنى مراتبها أن تكون أقرب شيء إلى مستنقعات الأمارة بالسوء، وهنا تخف لفتات الضمير ويقل تأنيبه فهي تلوم صاحبها على فعل المعصية مع فعله للطاعة، وهذه النفس تكون على حافة الانزلاق، وهنا يمكن أن ننقل صورة للنزاع الدائر في الأعماق لنعرف مواقع ضعفنا في معركة الأعماق ..
التيارات الخارجية..عوامل الخير..عوامل الشر وذلك في المحيط الخارجي..الصدق..الأجواء..الأقارب..الشيطان..كل هؤلاء يمكن أن يزينوا لك عملاً ما.
النفس يتحرك فيها الجانب ألغرائزي بطرفية، نحو الخير ونحو الشر وبقدر قوة الجذب الخارجي لأحد الجانبين يكون تجاوب الغرائز.
عملية العرض:-
تبدأ المرحلة الانتقالية من محيط النظرة النفسية ألتي تخضع لجانب ملائمة الطبع أو منافرة الطبع الحيواني إلى مرتبة الاستحسان أو القبح العقلي..أي ما ترتب عليه مدح أو ذم العقلاء والشرائع والقوانين العقلية.
ويبدأ العقل بإعطاء المشورة إلى النفس بعد الفحص العقلي مثلاً: على السرقة..المال الحرام..لا يجوز تملكه بهذه الصورة للأسباب التالية:تحريم الشرع، خوف الفضيحة، الدناءة، بعد تلقي النفس هذه المشورة وهذا التحليل، تظهر مراتب التزكية والمعاصي القديمة والأعمال الخيرة.. قال تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكّاهَا [9] وَقَدْ خَابَ مَن دَسّاهَا) [سورة: الشمس - الأية: 10] قال تعالى: ( إِنّمَا اسْتَزَلّهُمُ الشّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ) [سورة: آل عمران - الأية: 155] وتظهر في هذه اللحظات أعلى مراتب النفس اللوامة وأدناها فقد يبدأ اللوم على مجرد الدخول في التفكير، وفي أدنى مراتب النفس اللوامة تراها تتجاوز حدود التفكير في المعصية إلى إخضاع العقل لوضع الخطط لتنفيذ المعصية وهذا معنى قول أمير المؤمنين ((كمن عقل أسير تحت هوى أمير)) وهذه مرحلة حجب الضمير وانعكاس الأدوار فيخرج العقل من دور القيادة إلى دور التبعية وهي أول مراحل النفس الأمارة.
محلات اليقظة:-
هي الفرق بين النفس الأمارة وأدنى مراتب النفس اللوامة وهي استيقاظ الضمير بين اللحظة والأخرى ومرور الفرد بمراحل الندم والتوبة وكثيراً ما يحدث ذلك عند مرور الفرد بمراحل خطره من عمره قد يتعرض فيها للموت
.

بنت الهدى2
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 108
اشترك في: الاثنين مارس 21, 2005 8:11 pm

مشاركة بواسطة بنت الهدى2 »

النفس الأمارة:-
من هنا ينطلق الفاسد وتنقلب الموازين..هنا تحجب البصائر حجباً كلياً، ويرى المنكر معروفاً والمعروف منكراً.
النفس الأمارة..بلوغ هذه الدرجة من الانفلات يعني أن المكابرة ومرض الأنا قد تمكن من النفس التي حجبها عن التفكير والنظر وترتيب الحقائق للوصول إلى نتيجة صحيحة.
فمكن مرض الكبر من قلبها، ولذلك بلغت درجة الإصرار والاستمرارية التي مع كل خطوة منها ينادي الضمير بالتوقف ومع كل خطة جديدة يستمر فيها الفرد لتنفيذ الجريمة يحجب دور الضمير ويخفت ندائه.. حتى تسود البصيرة وتتفحم وتتوقف عن العمل.
مراحل الوصول إلى النفس الأمارة بالسوء:-
ونعيش لحظات مع مراحل السقوط في أوحال النفس الأمارة وكيف عاشتها امرأة العزيز..
1. إضمار الوقوع: وهو الحادث ببدء النظر والرؤية والوسواس.
2. وغلقت الأبواب: مرحلة الخروج من التفكير إلى التنفيذ.
3. وراودته التي هو في بيتها: مرحلة استخدام الإغراء.
4. الخروج من دور الإغراء إلى دور الإجبار-أي الاستعداد للدخول في جريمة ثانية- لكي تحقق الجريمة الأولى قال تعالى: (وَلَقَدْ هَمّتْ بِهِ )
5. تجاوز صدمة مرحلة الفضيحة قال تعالى: (وَاسُتَبَقَا الْبَابَ وَقَدّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَآءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوَءًا إِلاّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [سورة: يوسف - الأية: 25]
6. تصدير الجريمة وإقناع الغير قال تعالى: (فَلَمّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنّ مُتّكَئاً وَآتَتْ كُلّ وَاحِدَةٍ مّنْهُنّ سِكّيناً وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنّ فَلَمّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطّعْنَ أَيْدِيَهُنّ وَقُلْنَ حَاشَ للّهِ مَا هَـَذَا بَشَراً إِنْ هَـَذَآ إِلاّ مَلَكٌ كَرِيمٌ) [سورة: يوسف - الأية: 31] بعد الإحساس بوحشة الانفراد ، وهنا تتعتم البصيرة ويذهب النور وينشغل العقل عن التمييز بين الحق والباطل بتزيين الباطل بلباس الحق ليقبله الاتباع.
7. انقلاب الرذيلة على فضيلة، وبلوغ درجة المباهاة والمفاخرة بالرذيلة ... قال تعالى: (قَالَتْ فَذَلِكُنّ الّذِي لُمْتُنّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتّهُ عَن نّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ وَلَئِن لّمْ يَفْعَلْ مَآ آمُرُهُ لَيُسْجَنَنّ وَلَيَكُوناً مّن الصّاغِرِينَ) [سورة: يوسف - الأية: 32]
مشهد آخر مقابل للمشهد الأول يرتقي إلى درجة النفس المطمئنة:_
فيوسف عليه السلام كان يرسم مشهد آخر.ز
1. مقاومة الإغراء بتحكيم دور العقل قال تعالى: (وَرَاوَدَتْهُ الّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نّفْسِهِ وَغَلّقَتِ الأبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنّهُ رَبّيَ أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنّهُ لاَ يُفْلِحُ الظّالِمُونَ) [سورة: يوسف - الأية: 23] وهنا تبرز أشد الإغراءات الدنيوية..الجمال..وتهيئة المكان..وأمن الفضيحة..ووجود المعاذير، فهي سيدة المكان والموقف..كان يوسف عليه السلام في أشد موقف وقد بلغ الأمر ذروته ومع ذلك لم يسقط إلى هذه اللحظات، وبطبيعة النفس البشرية العزفة عن المعصية، فإن ذلك لا يمنع من تحرك الشهوة قال تعالى: (وَلَقَدْ هَمّتْ بِهِ وَهَمّ بِها ) ولكن درجات التزكية التي مرت بها نفس نبي الله رحلت به وغلبت هواه..فلما بلغ هذه المرتبة..بدأ الدعم الإلهي بالتدخل لكي تتمكن القوة البشرية من مواجهة إغراء المعصية..مبدأ (وَالّذِينَ اهْتَدَوْاْ زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقُوَاهُمْ) [سورة: محمد - الأية: 17] (لَوْلآ أَن رّأَى بُرْهَانَ رَبّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السّوَءَ وَالْفَحْشَآءَ إِنّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) [سورة: يوسف - الأية: 24]
2. مرحلة الهروب.. قال تعالى: (وَاسُتَبَقَا الْبَابَ ) [سورة: يوسف - الأية: 25] البحث عن الخلاص
3. استخدام القوة..( وَقَدّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ)
4. تفضيل العيش في أسوء الأحوال الدنيوية من أجل أن يبقى نور الفضيلة مشرقاً في القلوب قال تعالى: (قَالَ رَبّ السّجْنُ أَحَبّ إِلَيّ مِمّا يَدْعُونَنِيَ إِلَيْهِ وَإِلاّ تَصْرِفْ عَنّي كَيْدَهُنّ أَصْبُ إِلَيْهِنّ وَأَكُن مّنَ الْجَاهِلِينَ) [سورة: يوسف - الأية: 33] وهذه هي درجة النفس المطمئنة
.

الزيدي ومحب أهل البيت(ع )
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 46
اشترك في: الاثنين إبريل 24, 2006 11:02 am
مكان: في ارض الله الواسعه

مشاركة بواسطة الزيدي ومحب أهل البيت(ع ) »

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


وصلى الله على نبينا وحبيبنى الامي محمد واله الطيبين الطاهرين

الله يكتب الاجر لنا ولك اختي المجتهده والله يكتبها في ميزان حسناتك

ارجوا التدقيق في الآية وهذا لتغير القراه فيها

ِلاّ عَلَىَ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ [6]

إ ِلاّ عَلَىَ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ [6]


وَالّذِينَ هُمْ لِلزّكَـاةِ فَاعِلُونَ [4]
وَالّذِينَ هُمْ للزكوة فَاعِلُونَ [4]

وارجو المراجعه فقط للتغير القراه بالاية واذا كان فيه اختلاف بالتشكيل ولم تتغير قرائة الكلمه بسبب اختلاف التنوين والتشكيل والله وأعلم وانا لست بمفتى ويمكنك توضيح لي اذا كنت مخطى فيها بالفهم والمعرفه ؟



التيارات الخارجية..عوامل الخير..عوامل الشر وذلك في المحيط الخارجي..الصدق..الأجواء..الأقارب..الشيطان..كل هؤلاء يمكن أن يزينوا لك عملاً ما.

نقطه هامه جداً بس فيه شي استغرب منه هل من الشيطان يكون خير

بما ان من الصديق والاجواء والأقارب ربما ان يكون فيه ماهو خير وشر
بس الشيطان ماذا يكون منه اترك الاجابه على من يضح لي وانا اريد فقط المعرفه هل ربما ان يكون من الشيطان خير وبما اني قلت في نفسي لو قلت ان الشيطان كان ان يوسوس لي بفعل معصيه وتعوذت بالله من الشيطان والحمد لله اعتصمت بالله فربما انها خيررر هذه وكان سببها الشيطان ولكنها مني انا ما نفذت ماوسوس لي الشيطان ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ))


واذا امكن من احد من الاخوان هل بتوضيح




ما شاء الله عليك اختي مجهود وان شاء الله يجزيك ربي على مجهودك

وفي الأنتظار القادم بأمر الله

بنت الهدى2
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 108
اشترك في: الاثنين مارس 21, 2005 8:11 pm

مشاركة بواسطة بنت الهدى2 »

وهذه درجة النفس المطمئة أن ينتقل من العيش الرغيد والحياة المنعمة إلى عناء السجون بل إن السجن اصبح محبباً إليه إذا كان هو طريق النجاة من مخالطة المعصية والوقوع في الرذيلة، وهذه المشاهد ألتي نرى الإنحدار والسمو لا يكاد يخلوا منها عصر ففرعون انحدر إلى مستنقع الرذيلة حتى بلغ درجة عمى البصيرة..ومنتهى التكبر بأن قال ( قال أنا ربكم ألأعلى) وهشام بن عبد الملك .. ينحدر حتى بلغ درجة الاستنكاف من اتق الله.

مكمن الخطر في النفس البشرية:-
لقد تحدثنا فيما سبق أنه يمكن للشخص أن يجعل من جميع أوقاته ولحظات عمره وقتاً للعبادة ، ولكن هذه النفس التي تحملها..يمكن أن تمثل إداة الهدم في علاقة الإنسان بربه.
قد يكون الإنسان ممن يبذل جهده في جميع الحسنات والتعرض للأجر والثواب فيصير لك من الأجر الشيء العظيم.
ولكنك في لحظة ضعف أمام تلك الأهواء والشهوات التي تعرض لك ويزينها الشيطان عن طريق النفس التي بإهمالها تصير أداة للهدم يستخدمها ألد أعدائك وتجد كل تلك الجهود التي بذلتها تذهب ادراج الرياح وكأنها لم تكن، فما أشد تلك الحسرة فأين سهر الليالي؟ وجهد السنوات الطويلة؟ أين تذهب تلك الأموال الطائلة التي أنفقتها؟ هناك التحسر لايعيد شيئاً ..فبعد السقوط في مستنقع الرذيلة لا ينفع العتاب في استعادة ما نسفته الرذيلة من الأجر.
فهناك وبعد السقوط في أوحال الرذيلة لا فائدة من التذكر ولكن هنا يجب أن نتذكر أسباب ذلك قبل الوقوع فيه..
أيها العزيز، إن مجرد لظات قد لا تتجاوز بضع دقائق ..يمكن أن تتخذ فيها قرار تنتقل من خلاله إلى مراتب الشهداء والصديقين أو تنحدر بنفس السرعة لتعانق فرعون وهامان في الدرك الأسفل من النار..فمن كانت هذه حاله فيجب أن يكون يقظاً في جميع الأحوال يقول سيد الأوصياء(( إذا كان الشيطان هو عدوك فلماذا الغفلة)) يجب أن تمر في مخيلتك على الدوام .. تلك الحظات التي تغرر فيها الروح مودعة للجسد..
فأي شيء يمكن أن تفكر فيه عند تلك اللحظة الحرجة .. لاشك أنك ستفكر في ماذا قدمت من الأعمال الصالحة؟..التي لا ينفعك هناك أن تفكر فيها فقد ارتحلت عن ميادين العمل وأصبحت في ساحات الجزاء..فلماذا لا تجعله محط تفكيك ومحيط اهتمامك في كل لحظات العمر؟


بنت الهدى2
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 108
اشترك في: الاثنين مارس 21, 2005 8:11 pm

مشاركة بواسطة بنت الهدى2 »

أحسن الله إليكم أخي الزيدي على ملاحظتكم وأسعدني كثيراً إهتمامكم بالموضوع بالنسبة للآيات القرآنية أنا أنسخها من قرص مرن وحقيقة لم اتأمل لكتابة الآيات وهذا تقصير مني وبالنسبة للشيطان وخيره فملاحظتكم في محلها ومناقشتها مهمة جداً ولكني ذكرت أني أنقل ما كتبه الشهيد المؤيدي رحمه الله ولا نعلم هل كانت له وجة نظر في هذا الموضوع ولكننا سنحاول بتعاون الجميع أن نوضح ما يلتبس علينا.
جزاكم الله خيراً على ملاحظاتكم واتمنى دوام الملاحظة والمتابعة

بنت الهدى2
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 108
اشترك في: الاثنين مارس 21, 2005 8:11 pm

مشاركة بواسطة بنت الهدى2 »

لماذا يسقط قوم وينجوا قوم آخرون ؟! عند مواجهة الإغراء:- ..
أحداق ومشاهد ورجال ينطلقون من الحضيض ليتربعوا على اسمى القمم، وآخرون ينحدرون من القمم ليتمرغوا بالوحل فالمواقف المصيرية..تكشف اللثام عن نوعية النفوس المحمولة بين الأجساد المستورة بحجاب الحكمة الإلهية، وعن درجات التزكية فيأبى الله إلاَّ أن يظهر أولياءه ويفضح أعدائه المتسترين بلباس أهل الطاعة ..
فهذا (الحر بن يزيد الرياحي) تشرق شمس يوم عاشوراء ..وهو قائد مرموق يتوسط معسكر عمر بن سعد..بل يمثل الشخصية الثانية في معسكر يقدر بعشرات الألوف الجناة والسلطان والمال يكتنفونه، فلما تيقن الحر بن يزيد أن القوم لا شك مقبلين على تنفيذ الجريمة وهناك..وفي تلك السويعات القليلة..وقف الحر يعيش معركته الفاصلة ..فالأهواء والمال والسلطان وحب الدنيا في كفة ..والعقل والحجة والبرهان ودار الآخرة في كفة...فينتفض الجسد وترتعد الفرائص،ويكثر الشهيق والزفير وتبلغ المعركة ذروتها..وتنكسر قيود الشهوات والأهواء على عتبات الحجج العقلية .زومقدار الأعمال الصالحة وينطلق الحر إلى الحسين بن علي بعد أن حقق انتصاره الأول على نفسه ..ليقاتل بين يدية.. ولم تمض لحظات على بداية المعركة حتى استأذن في القتال.. ليرى الانتصار المعنوي في نفسه..واقعاً يتطبق في ساحات الوغى .. ومن هذا نفهم معنى كلام أمير المؤمنين(معركتكم الأولى مع أنفسكم فإن انتصرتم عليها..فأنتم على غيرها أقدر) وسقط شهيداً في سبيل إعلاء كلمة الحق..فضمن بذلك الخلود في الجنان..وملاقات سيد الأنام..والذكر الحسن على مدى الزمان..فكم من هي اللحظات التي جعلت مثل هذا الشخص ينتقل من بحور الخزي والعار والدرك الأسفل من النار..إلى أعلى مراتب الجنان؟ بل ما هو السر في هذا التوفيق الذي ناله الحر بن يزيد؟ ولماذا سقط عمر بن سعد بن أبي وقاص؟ وهو القرشي المعروف وقد أعطي مهلة من الوقت للتفكير وتخيير النفس وقد عرف الحق، وطريق الجنة والنار وبقي يوماً وليلة يخير نفسه حتى قال شعراً:
والله ما أدري وإني لواقف
أفكر في أمري على خطرين
أأترك ملك الري والري منيتي
أم أرجع مأثوماً بقتل حسين
وفي قتله النار التي ليس دونها
حجاب وملك الري قرة عيني

مكمن الخطر:-
الحقيقة أن السر يرجع إلى أعوام طويلة سبقت تلك اللحظة الحاسمة، يرجع إلى مقدار الجهود المبذولة في تركية النفس وتهذيبها، واقتلاع حب الدنيا من أعماقها..فبقد الثبات والإخلاص تكون النتيجة عند الامتحان..فما تلك اللحظات إلاَّ كمرآة ينعكس عليها الماضي المستور لذلك الشخص..فلا تعجب إن سمعت أن فلاناً ممن كان يتظاهر بالإيمان والصلاح ..قد سقط في الرذيلة..فإن الأعمال لا تقبل حتى تكون خالصة لوجه الله..
فهناك شائبة كانت تفسد تلك الأعمال..سترها زماناً ثم تمادى صاحبها ففضحه الله بها..فليخادع الإنسان من شاء أن يخادع وليتظاهر بما شاء..
ولكن لنجعل من قول الله تعالى( ولقد خلقنا الإنسان* ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد)
وقوله تعالى( إن إلينا إيابهم * ثم إن علينا حسابه )
وقوله تعالى( يومئذٍ تعرضون لا تخفى منكم خافية)
لوحات نكتبها بخط عريض على صفحات الذاكرة لنرسم من خلالها واقعنا وكيف يجب أن نعيشه ونرى خلالها الغد المحتوم وكيف يجب أن نعرض فيه.

*******
وصلى الله وسلم على سيد الأولين والآخرين محمد بن عبد الله وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين


الزيدي ومحب أهل البيت(ع )
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 46
اشترك في: الاثنين إبريل 24, 2006 11:02 am
مكان: في ارض الله الواسعه

مشاركة بواسطة الزيدي ومحب أهل البيت(ع ) »

((معركتكم الأولى مع أنفسكم فإن انتصرتم عليها..فأنتم على غيرها أقدر))


(( إذا كان الشيطان هو عدوك فلماذا الغفلة))


الله أكبر الله أكبر

كلام اعجز والله العظيم بالرد لو بجزء من ما في خاطري ولكن السكوت افضل والعمل بما قراءة احسن


احسن الله اليك اختي المجتهده بنت الهدى وكتب الله لك الاجر ان شاء الله بقدر كل حرف اضعاف مضاعفه والله يتقبل ويستجب مني

وفي انتظار القادم


ولا تنسونا من الدعاء



احسن الله لنا ولكم

احترامي وتقديري

أضف رد جديد

العودة إلى ”المجلس الروحي“