[الصفح الجميل]

أحاديث، أدعية ، مواعظ .....
أضف رد جديد
محمد الغيل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2745
اشترك في: الأحد إبريل 18, 2004 3:47 am
اتصال:

[الصفح الجميل]

مشاركة بواسطة محمد الغيل »

[الصفح الجميل]

ومن اعتذر إليه، من أساء في المقال والفعال عليه، فأَسرَعَ في القبول، والعطف عليه بالجميل، فقد أبدى جَهْل متناوله بصفحه، وخسرانه بزيادته، وركاكته بركانته، وطيشه بحلمه، وسخافته بتكرُّمه، وجوره بعدله، واستطارتهبعقله، وعجلته، بمهلته، وبآء المعتذر إليه، بسوء الصنيع لديه، وأفاده خير الفوائد، وألبسه عند من كان به جاهلا ثوب المحامد، وأعلن من نبله ما كان مستترا عن الغائب والشاهد، وأظهر إعزازه وتطوُّله، بما كان من تذلُّلِه له، وجثوِّه بين يديه، متنصلا إليه، ملحا في مسألته، كالعبد المعترف بزلته، يبذل له من نفسه الصبر، ويعطيه التوبة إلى آخر الدهر.

فياويح معتذر أسلكته في مضايق الذل عجلته !! وألبسته ثوب الخضوع والاستكانة هفوته، وأعلنت لصاحبه عليه يداً، أكسبته حمدا ما كان الأبد أبدا، ولَرُبَّ مغتبطٍ بمنال شريف الثناء، لولا ما لا يأمنه من قلة الاغتفار للأذى، لَرَغِب إلى الله فيه في كل صباح ومساء، لِِتَعظُمَ باحتماله عند الناس حظوتُه، وتكبر عندهم منزلتُه، ومن نزغت به النزغات فيما بينه، وبين صنوٍ له، كان بمودته ضنينا، وله على ملمات دهره معينا، فعزم على مقاطعته، وباينه مباينة أهل عداوته، وحاول به الغدر والمكر ليقطع من أسبابهأسبابَه، وفجع به أحبابه، ثم لم يدفع غضبه بالرضى، وصدوده بالوفاء، ونزغة الشيطان بالحياء، ويرجع إلى ما هو به أولى، من محض الصفاء، وخالص الإخاء، ويميز ما مُنِي به من الأمور المؤلمات، وما كان قد أضحك به سنه وأطال به سروره في الليالي الخاليات، فإذا أوضح له التمييزُ تطاولَ الحسنات على السيئات، فأداسها بقدمه، ولم يصفح عن صنوه وعن جُرمه، فليس من أهل الحِكَم، ولا السامين إلى مراتب الهمم، وعما قليل سَيَئُول إلى الندم، إذا تحاماه الإخوان، وطرقَه الزمان، بما ليس له عليه أعوان .

وإن سلَّ من قلبه السخائم، وجرى في ميدان المكارم، ولم يأت أمرا يكره أن يؤتى إليه مثله، سكن غليله، وصفت له عيشته، وطالت سلوته، وكثرت راحته، ورسخت في القلوب محبته، ونقيت من صدره ضغينته، وأشرقت بالفضل صفحته، وعادت له من صنوه مودته، وتأكدت في رقبته منته. ولعله إن طال تمعزه، أن يكثر عما يروم به عجزه، فيريه الغيظ والحَرَد، ويغلغله الحزن والكمد.

تم نصف كتاب المكنون والحمدلله رب العالمين.

ألا وإن أحمد الناس مذاهب، وأكملهم ضرائب، وأحسنهم فعلا، وأرسخهم في اللب أصلا، من تجافى عن هفوات إخوانه، ووادع أيام زمانه، وصاحب بالمسالمة خدينه، وبالمناصفة قرينه، ورضي من دهره بالموجود في غيره، وساير الناس كلا على ما طبع عليه في عصره، فإن أعظم النوائب، وأقبح النواكب، أن يسكن قلبَك البغضةُ لمن كنت له وامقًا، وتقل ثقتك بمن كنت به واثقا، وتستوحش ممن كان لك نصيحا، وكنت إليه حين تحزبك الأمور مستريحا.

واعلم يا بني: أن الحقد والحسد والغضب إذا اعتلجت في قلبٍ أوقدته، وأعمدتهوأقلقته، فربما تهيَّجَ من ذلك الداء المستكن فاستوحش له البدن، وأظهر من غوامض الأوجاع ما بطن، فتغيرت لذلك الطبيعة، واستُدعِيت القطيعة.

فالواجب على الأريب العاقل، أن يسلو فيما نزل به سلوَّ الذاهل، وأن يتسبب لدفع ما ألظَّ به من محاورة الأوداد، بالملاينة وترك البعاد، وإخماد ما يتشبب بالأحقاد، ويتطلف للمسالمة والراحة، وما فيه عائدة المصلحة، حتى يعود إلى ما تعوَّدَ من السرور في قديم العهد، ويُبعِد عنه خواطر البال أشد البعد، ويَدفع عنه طَول الحمية، وبُعد أهل الجاهلية، فإن الضمائر المذمومة أشر ذخيرة، ادَّخرها أهل المكرمة والبصيرة، وليس تنجع المواعظ إلا في ذوي العقول، وأهل الرأي الأصيل.

يا بني: فأما ذوو الأذهان المستلَبة، الممنوعون حسن النظر في العاقبة، فغير سآدِّين ببصيرة ولا فكرة، في أمر دنيا ولا آخرة.

فصاحبِ الناسَ بحسن المعاشرة، وألبس كُلاًّ بالمساترة، ولا تَثِقَنَّ بكل أحد فتعجز، وكن هينا لينا كثير التحرز.
-----------------------------
مجموع كتب ورسائل
الإمام القاسم بن إبراهيم
الرسي
عليه السلام
169-246 هـ
صورة
يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون
صورة

مواطن صالح
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 1606
اشترك في: الجمعة يونيو 24, 2005 5:42 pm
مكان: صنعاء حده
اتصال:

مشاركة بواسطة مواطن صالح »

بسم الله الرحمن الرحيم
صورة
صدق الله العظيم
تم الغاء عرض الصورة التي استخدمتها في التوقيع كون المستضيف لها يحتوي على برمجيات ضارة، يرجى رفعها على موقع آمن .. رابط صورتك القديمة::
http://www.nabulsi.com/text/02akida/4ot ... age023.gif

أضف رد جديد

العودة إلى ”المجلس الروحي“