الانسان المغرور

أحاديث، أدعية ، مواعظ .....
أضف رد جديد
الهاشمي 38
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 46
اشترك في: الجمعة سبتمبر 14, 2007 12:28 am
مكان: مدينة سام بن نوح

الانسان المغرور

مشاركة بواسطة الهاشمي 38 »

السلام عليكم


لكل إنسان مغرور أو بهِ شيء من الغرور إياه والغرور لأن عاقبته سيئه

ولمعرفة عاقبة الغرور إقرأو هذا التحذير


مقتبس من كتاب سياسة النفس للإمام القاسم بن إبراهيم الرسي عليهم السلام


الانسان المغرور

فيا ويل المغرور من نفسه، المخطئ لسبيل حظه، من أي يوميه يُشغل؟! بل من أي حاليه يغفل؟! أيوم رجوعه إن عُمِّر إلى أرذل عمره؟! وحاله حين يصير عَيال عِياله وأسير منـزله وداره، أم عن يوم وروده داراً لم يتخذ بها منـزلاً؟! ولم يُقدِّم إليها من صالحٍ عملاً، أم لأي يوميه يفرغ أَلِيَوم حَبرةٍ، يتبعها عَبرةٌ؟! وفرحة، يعقبها ترحة، وزخرفٍ يعود حطاماً، وفخر يحول بواراً، أم ليوم شغل لما فرغ منه؟! وتفرغ لما أُمر بالاعراض عنه، واحتقارٍ لما نعي إليه فراقه، وَحِرصٍ على لزوم ما هو مُفارقه، كأنه لا يستحيي مِن حمدِه لمذموم، وركونه من الدنيا إلى ما لا يدوم، واستبطائه لغير دار خلوده، وتكذيبه بفعله لما يزعم من محموده.


فيا عجباً كل العجب كيف ركن إلى ما ذمَّ مختبره؟! وكيف استفرغه الفرح بجمع ما هو شاخص عنه؟! وكيف تعَقَّبه الأسف على فوات ما لا يدوم له؟! وكيف يثق بما ينفد على ما يبقى؟! وكيف يُغفِلُ _بما هو فيه من النصب لمواتاة دنياه_ ما يلقى؟! مع علمه ويقينه بأنه لا يبلغ منها غايةً إلا دعته إلى غاياتٍ، فمتى إن لم يَرْفض الدنيا يستريح من حاجة فيها تدعو إلى حاجات؟! ومتى يقضي شغلاً إذا هو فرغ منه فقضاه؟! عرض له أكبر منه فطلبه وابتغاه.


ففكروا رحمكم الله وانظروا، تعلموا إن شاء الله وتبصروا، أنه ليس لكم من سراء دنياكم، وإن طالت صحبتها إياكم، إلا كطرف العيون، فهي للجاهل المغبون، من ذي دناءة أو لوم، أو فاجر عميٍّ ملعون، قد صارت الدنيا كلها له، فليس يأخذ أحدٌ منها إلا فضله، فقدرته _وإن لَؤُمَ ودنا، و كان فاجراً معلناً، على كثير من كرائم النساء، ونفيس المراكب والكساء_ قدرة الأبرار، وأبناء الأحرار.


والدنيا أعانكم الله فيما خلا، وإذ كانت تضرب لفساد أهلها مثلاً، وإنما كان يمسخ أهلها وأنسها، فمسخت الدنيا اليوم نفسها، فلم نترك _والله المستعان_ مِن ذكرنا لها زينة ولا بهجة، وعادت الدنيا كلها غرقاً ولجة، فأمورها اليوم كلها عجائب، وكل أهلها في مكالبتها فمغتر دائب.


وقد بلغني أن عيسى بن مريم صلى الله عليه، كان يقول لمن يحضره ولحوارييه: (بحق أقول لكم أنه لا يصلح حبُّ ربِّين، وما جعل الله لرجل في جوفه من قلبين، لا يصلح حب الله وحب الدنيا في قلب، كما لا تصلح العبادة إلا لربٍ)، وكان يقول صلى الله عليه: <بحق أقول لكم: إن حب الدنيا رأس كل خطيئة، وكذلك فحب الله _ولا قوة إلا بالله_ فعاصم لأهله من كل سيئة.


أفيرجو من آثر الدنيا على الله أن يكون مع ذلك لله ولياً، هيهات هيهات أطال من آثر الدنيا، عنانَ عمله الغيُ والهوى، فجمحت به نوازغ الغي المردي، وعتت به مطايا الهوى المضل المغوي، حتى أحلته دار الندامة ولاتَ حين مندم، ثم أسلمته من الحيرة إلى شر مَسلَم، فما ينكشف عنه قناع غرةٍ، ولا يتيقظ من نومِ سكرةٍ، رانت على قلبه بوادر أعمال السيئة، وفِتنُ دهرِه المضلة المعمية، فقاده أهل الدنيا، وأعنق به قائد الهوى، ومنَّتْه نفسه بالاغترار طولَ البقاء، وأسرعت الغفلة في أيامه بالفناء، وكذبته نفسه في أي حين وأوان، وفي أي حالٍ -رحمكم الله- ومكان، حين لا رجعة ينالها، ولا إقالة يُقالها، وعند معاينته الأهوال، وما لم يخطر له ببال، مِن هتكِ ستور السوءآت، وهو في حالِ أحوج الحاجات، إلى ما كان تركه فقراً وبلاء، وغيره هو الخفض والغناء: ﴿يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ﴾ [غافر:18]، ﴿يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ () يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ﴾ [النور:24 ـ 25]، يومٌ خافَتْه رجال فمدحهم الله وزكّاهم، وأحسن على مخافتهم له ثوابهم وجزاهم، فقال سبحانه فيهم، وفي حسن ثنائه _بمخافتهم له_ عليهم: ﴿رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ () لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [النور:37 – 38]، ويقول سبحانه: ﴿يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً قُلِ انتَظِرُواْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ﴾ [الأنعام:158]، ويقول سبحانه: ﴿يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ () إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ () وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ () وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ﴾ [الشعراء:88ـ91]، ﴿يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [المطففين:6]، ﴿إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغاً لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ﴾ [الأنبياء:106].


فرحم الله امرأً، أحسن لنفسه نظراً، فرفع عن الوناء ذيله، واغتنم من الله سبحانه تمهيله، فحسر عن ذراع، وشمر بإجماع، وانتبه عن وسن غفلة الغافلين وإن لم يشعروا، وتيقظ من نوم جهل الجاهلين وإن لم يسهروا، فعلم أن من رحمة الله بنا، وحسن معونته لنا على أنفسنا، أن جعلنا نسقم ونتغير ونبتلى، بمثل ما يُرى من تغيُّرِ أحوال الدنيا، في فناء ليلها ونهارها، وما يُغتذى به في برها وبحارها، من كل مأكولٍ، أو لباس نسج معمول، أو غير ذلك من ألوان فتونها، وما سخر الله من ضروب ماء عيونها، فنبهنا بذلك كله، وبما أرانا من تغيره وتَبدُّله، من قصر مدة آجالنا، وعلى أنه لا بقاء ولا دوام لنا، ولو جعلنا ندوم أبداً أو نبقى، لما جعل بين الدنيا والآخرة فرقاً، ولكان مَنْ عتا الخليقَ ببقائه بادعاء أخبث الدعوى، ولما امتنع من العاتين ممتنع من سهوٍ ولا هوى .


قال الأمام الأعظم زيد بن علي عليه السلام ( من أحب الحيـــــــاه عاش ذليلاً ).

أضف رد جديد

العودة إلى ”المجلس الروحي“