هل هناك أزمة رجولة ؟؟

مواضيع عامة حول الحياة الإجتماعية في نطاق الأسرة وخارجها
أضف رد جديد
لــؤي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 3099
اشترك في: الخميس نوفمبر 17, 2005 4:22 pm
مكان: قلب المجالس

هل هناك أزمة رجولة ؟؟

مشاركة بواسطة لــؤي »

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين



ليس كل الذكور رجالاً، ولا كل المسلمين رجالاً، ولا كل أصحاب العضلات المفتولة، أو الشوارب المبرومة، أو اللحى المسدولة، أو العمائم الملفوفة، أو النياشين البراقة، أو الألقاب الرنانة رجالاً.

وبالرغم من كثرة المسلمين في هذا الزمان واقتراب أعدادهم من المليار ونصف، إلا أنني أجزم أن أكبر أزمة تعانيها الأمة الآن - بعد أزمة الإيمان - هي أزمة رجولة وقلة رجال.

والمتأمل في القرآن الكريم يكتشف أن الرجولة وصف لم يمنحه الحق تبارك وتعالى إلى كل الذكور، ولم يخص به إلا نوعًا معينًا من المؤمنين، لقد منحه لمن صدق منهم العهد معه، فلم يغير ولم يبدل، ولم يهادن، ولم يداهن، ولم ينافق، ولم يتنازل عن دينه ومبادئه، وقدم روحه شهيدًا في سبيل الله، أو عاش حياته في سبيله مستعدًا ومنتظرًا أن يبيعها له في كل وقت، نفهم هذا من قول الله عز وجل: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً} [الأحزاب:23]، فقد بين سبحانه صفات الرجولة بعد أن أكد أنه من المؤمنين رجال وليس كل المؤمنين رجالاً.



والرجولة وقوف في وجه الباطل، وصدع بكلمة الحق، ودعوة مخلصة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، واستعلاء على الكافرين، وشدة على المنحرفين وأصحاب الأهواء، وابتعاد عن نفاق وتملق ومداهنة السلاطين وأصحاب النفوذ، ومواجهة للظلم والظالمين مهما عظم سلطانهم، ومهما كلف تحديهم، واستعداد للتضحية بالغالي والنفيس والجهد والمال والمنصب والنفس من أجل نصرة الحق وإزالة المنكر وتغييره.

يفهم هذا من موقف مؤمن آل فرعون الذي كان يكتم إيمانه، لكنه لم يستطع السكوت عندما علم بعزم فرعون على قتل نبي الله موسى - عليه السلام -،وقرر الوقوف في وجه الظلم، ومناصرة الحق، ولم يخش على حياته التي توقع أن يدفعها ثمنًا لموقفه، ولم يخش على منصبه الكبير عند فرعون، فنهاه عن قتل موسى - عليه السلام - وحاول إقناعه بأن ذلك ليس من الحكمة والمصلحة، ولم يكتف بذلك، بل توجه إلى موسى وأخبره بما يخطط له فرعون وزبانيته، ونصحه بالخروج من مصر، وقد استحق هذا المؤمن وصف الله له بالرجولة فقال سبحانه: {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ} [غافر: 28], وأكد على وصفه بالرجولة في موضع آخر فقال تعالى: {وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ} [القصص: 20]. كما يفهم من موقف الرجل الصالح حبيب النجار الذي سمع أن قومه قد كذبوا المرسلين، وهموا بقتلهم جميعًا، فلم يسكت عن هذا المنكر والظلم الذي سيقع على المرسلين، وقرر نصرتهم، فجاء مسرعًا من أقصى المدينة، ودعاهم إلى الحق، ونهاهم عن المنكر، وقد فعل هذا وهو يعلم أن موقفه سيكلفه حياته، فحقق صفة الرجولة، واستحقها من الله تعالى، إذ قال سبحانه: {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ وَمَا لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ



أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلا يُنْقِذُونِ إِنِّي إِذاً لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ} [يس: 20-25]. ودفع هذا المؤمن الرجل ثمن موقفه كما توقع، فقتلوه، فتقبله الله شهيدًا، ورضي عنه، ورفعه مباشرة إلى الجنة: {قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ} [يس: 26, 27]، وقد استحق بسبب رجولته وغضبته لله أن يغضب الله له وينتقم من أعدائه ويدمرهم: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنْزِلِينَ إِنْ كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ} [يـس: 28, 29].


والرجولة ثبات على الحق، ومحافظة على العبودية لله، وصمود أمام مغريات الدنيا وشهواتها، وكل ما يشغل الناس العاديين ويلهيهم عن ذكر الله تعالى وطاعته والتقرب إليه، يفهم هذا من وصفه سبحانه وتعالى لهذا النوع من المؤمنين بالرجولة في قوله عز وجل: {رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ} [النور:37].

والرجولة قوامة على النساء، ومن لا يملك هذه القوامة، ويرضى بأن تكون المرأة قوامة عليه حاكمة له، ويدعها تنحرف وتتبرج، وتفعل ما تمليه عليها أهواؤها، فهو لا يستحق وصف الرجولة، وإنما وصف الذكورة فقط، لأن الحق جل وعلا أكد أن الذي يملك القوامة هم أصحاب الرجولة حيث قال: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ ...} [النساء: 34].


والرجولة تحريض على الجهاد، وتشجيع على مواجهة الباطل، وابتعاد عن التثبيط والتعويق للصف المؤمن - ولو بالكلمة - يفهم هذا من قصة موسى عليه السلام عندما بعث نفرًا من قومه لاستطلاع أحوال الجبابرة قبل خوض القتال معهم، فرجعوا يروون لبني إسرائيل ما رأوه من قوتهم، فأخافوهم، بينما كتم اثنان منهم أخبار قوة الجبابرة، ولم يخبرا إلا موسى - عليه السلام -، وأخذا يشجعان قومهما على الجهاد في سبيل الله، وقد استحق هذان المؤمنان على موقفهما هذا صفة الرجولة من الله تعالى الذي قال: {قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ} [المائدة: من الآية23].

وعند التأمل في واقع المسلمين اليوم على ضوء مفهوم الرجولة في القرآن الكريم يتبين لنا أن الأمة تعاني فعلاً من أزمة رجولة؛ فسكوت أغلب حكام المسلمين عن مقدساتهم التي تدنس، ودمائهم التي تنزف، وكرامتهم التي تمتهن، وأعراضهم التي تنتهك، وأرضهم التي تحتل، وثرواتهم التي تسرق، ناتج عن انعدام الرجولة أو ضعفها عند هؤلاء- فضلاً عن ضعف الإيمان -, فالرجل الحقيقي لا يستطيع أن يلتزم الصمت وهو يرى المسلمين في العراق وباقي بلاد المسلمين تمزقهم طائرات المحتل ، ولا يطيب له عيش وهو يشاهد ما يفعله أعداء الأمة بحرائر المسلمين وعلمائهم داخل السجون، خصوصًا إذا كان في موضع المسئولية، ويملك الدبابات والطائرات والجيوش الجرارة. لقد كان عرب الجاهلية أفضل حالاً من كثير من حكامنا وقادة جيوشنا اليوم، فقد كانوا رجالاً بالرغم من كفرهم، فتجدهم يموتون دفاعًا عن أعراضهم وكرامتهم وشرفهم وأموالهم، وقديمًا قال

أحد شعرائهم زهير بن أبي سلمى:

ومن لا يذد عن حوضه بسلاحه يهدم ومن لا يظلم الناس يظلم

وقال عنترة بن شداد:

لا تسقــني ماء الحيــاة بــذلة بل فاسقني بالعز كأس الحنظل

لقد شجع النبي - صلى الله عليهواله وسلم - المسلمين أن يكونوا رجالاً يقفون في وجه الحكام الظالمين، وعد من يقف في وجههم فيقتلونه رجلاً وسيدًا للشهداء، حيث قال: 'سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله'. [أخرجه الحاكم في المستدرك وصححه]، كما شخص عليه الصلاة والسلام حال أمتنا اليوم في حديثه الذي يقول فيه: 'يوشك الأمم أن تداعى عليكم من كل أفق، كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ، قال: بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور أعدائكم المهابة منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن، فقال قائل: يا رسول الله وما الوهن؟ قال حب الدنيا وكراهية الموت'. [رواه أحمد:22450], وفي رواية أخرى: 'وكراهية القتال'.


وأخيرًا أجد لزامًا على كل مسلم في هذه الأمة أن يسأل نفسه عددًا من الأسئلة:

هل صدقت ما عاهدت الله عليه ولم أغير ولم أبدل؟

هل أتمنى الشهادة في سبيل الله بصدق وأسعى إليها؟

هل أملك الجرأة على قول الحق مهما كانت النتائج؟

هل أتحرك لإزالة المنكر وتغييره مهما كلفني ذلك من جهد وثمن؟

هل أبذل ما في وسعي لتغيير حال الأمة السيئ؟

هل أصمد وأثبت أمام شهوات الدنيا ومغرياتها وأظل أحافظ على عبادتي وعلاقتي بالله؟

هل أغار على عرضي ومحارمي ومن أعول وأمنعهم من التبرج والانحراف؟

هل أرفض النفاق والمداهنة والتقرب من السلاطين وأصحاب النفوذ على حساب ديني ومبادئي؟

هل أنحاز إلى أهل الحق الذين يجاهدون أعداء الأمة؟

فإن كانت إجاباته: 'نعم', فليحمد الله، وليعلم أنه رجل في الزمان الذي قل فيه الرجال، أما إن كانت إجاباته: 'لا', فليراجع نفسه، وليعد حساباته، ليكون رجلاً وليس مجرد ذكر، فما أحوج أمتنا اليوم إلى المؤمنين الرجال .




بسم الله الرحمن الرحيم


وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ

اللهم ثبّت أقدام المجاهدين وسدد رميهم واستر عوراتهم

وانتقم لهم من الكفار والمنافقين ومن عاونهم وأيدهم إنك قوي عزيز
رب إنى مغلوب فانتصر

متصفح
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 59
اشترك في: السبت فبراير 11, 2006 11:23 pm

مشاركة بواسطة متصفح »

عزيزي عصي الدمع
تحية طيبة وبعد
قد تكون الإجابات كلها بنعم لمعظم الناس لأن الحقيقة نسبية.!
بمعنى أنك ترى في وتفعل ما أنت مقتنع به بأنه من أجل الله
وقد يكون غيرك يفعل ويرى شيئاً آخر فيه ما يخالف توجهك ولكن نيته لأجل الله.

بالفعل أهم شيء أن يكون الإنسان صادقاً مع نفسه لأن الدين دين الفطرة، ونحن الآن في زمن المعاصي والفتن. وتشويش المعلومات في أعلى المستويات. وفي النقيض مصادر الحقيقة زادت هذه الأيام وإلى لما استطعنا كتابة هذه السطور الحرة!
والسلام
اللهم أنصر من نصرك وأخذل من خذلك

سيف الإسلام
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 154
اشترك في: الأربعاء مارس 01, 2006 9:07 pm
اتصال:

مشاركة بواسطة سيف الإسلام »

الى الحماسي عصي الدمع ليس هناك أزمة رجولة بقدر ماهي أزمة معرفة وحكمة ثم أن المسالة في الاسلام ليست ابيض أو اسود بل هي الوسطية التي تضع المفاهيم في موضعها الصحيح والطبيعي..فتجعل الشجاعة وسطا بين الجبن والتهور مثلما تضع الكرم بين البخل والاسراف وهكذا أخي العزيز يمكن ان تورد الابل
إلهي ماذا فقد من وجدك !! وماذا وجد من فقدك..!

لــؤي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 3099
اشترك في: الخميس نوفمبر 17, 2005 4:22 pm
مكان: قلب المجالس

مشاركة بواسطة لــؤي »

يصلون للغايات لو كانت على بعض المحال
ويحققون مفاخرا كانت خيالا في خيال
همم لهم تعلو إذا ما رامها نجم الشمال
أفكارهم خطط تقود الكل نحو الاعتدال
لا يشتهون الدون أو أحوال أشباه الرجال
بل يشتهون الخوض في حرب المزاولة السجال
يتعشقون الموت في أوساط ساحات القتال
ويرون أن الحر عبد إن توجه للضلال
من لي بفرد منهم ثقة ومحمود الخصال
من لي به ياقوم إن هموم وجداني ثقال
سيطول بحثي إن سؤلي نادر صعب المنال
فمن الذي تحوي معا أوصافه هذة الخصال

لكن عذري أن في الدنيا قليل من رجال
رب إنى مغلوب فانتصر

أمة الله
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 149
اشترك في: الخميس نوفمبر 24, 2005 5:24 pm

مشاركة بواسطة أمة الله »

عصي الدمع كتب:يصلون للغايات لو كانت على بعض المحال
ويحققون مفاخرا كانت خيالا في خيال
همم لهم تعلو إذا ما رامها نجم الشمال
أفكارهم خطط تقود الكل نحو الاعتدال
لا يشتهون الدون أو أحوال أشباه الرجال
بل يشتهون الخوض في حرب المزاولة السجال
يتعشقون الموت في أوساط ساحات القتال
ويرون أن الحر عبد إن توجه للضلال
من لي بفرد منهم ثقة ومحمود الخصال
من لي به ياقوم إن هموم وجداني ثقال
سيطول بحثي إن سؤلي نادر صعب المنال
فمن الذي تحوي معا أوصافه هذة الخصال

لكن عذري أن في الدنيا قليل من رجال
والله جميلةٌ جداً جداً جدددددددداً :D :D :D

أطمنك أخي....ما زال في الدنيا رجــــــــال أفاضل يحملون الدين والرجولة بين جنوبهم...يدورون مع الحق والحق يدور معهم...
صلى الله عليهم

تحياتي
حب علي وبنيه الطهر أهل الرشدِ **
فرضٌ على كل الورى من والدٍ وولد**
لو أبغضتهم مهجتي أخرجتها من جسدي**
فرضٌ من الله ومن يهدي الاله يهتدي**

أضف رد جديد

العودة إلى ”المجلس الإجتماعي العام“