قصة أسرة المعاناة _ مثال لأسر كثيرة في بلادنا التعيسة

مواضيع عامة حول الحياة الإجتماعية في نطاق الأسرة وخارجها
أضف رد جديد
لن نذل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 862
اشترك في: السبت مايو 28, 2005 9:16 pm

قصة أسرة المعاناة _ مثال لأسر كثيرة في بلادنا التعيسة

مشاركة بواسطة لن نذل »

وأنا أمتع نظري بتتابع وصول موجه وبمرآها ألّا نهائي و أغرس أناملي وأداعب رمله الذهبي الناعم وأحاول أن أملأ كل خلية في رئتي بهوائه النظيف، واترك نسماته تداعب شعري وجسدي مع أشعة شمسه الدافئة
اشعر بالخدر لحظتها بكل كياني خدر لذيذ يعبر عن رضا جسمي وروحي وقمة استمتاعه بتلك اللحظات وبتلك الطبيعة الأخاذة وقلبي يخفق في سعادة ويسبح خالق هذا الجمال.
استلقي وأنا مغمض عيني والابتسامة تلوح على شفتي وفجأة وبدون مقدمات أسمع صرخة استغاثة انه صوت أنثوي نعم فتحت عيني وبحثت عن مصدر الصوت فإذا هي فتاة في ريعان شبابها يضربها رجل عجوز بهمجية ووحشية ،، فجريت مسرعاً لأمسك يد العجوز وأنهره ،، فرد بأنها ابنته وهو يؤدبها فلا أتدخل ....
لكني أخذته جانباً وتلك الفتاة تبكي بهستيريا وترتمي منهارة تستغيث...
ثارة حميتي فصرخت بوجهه أليس في قلبك رحمة ؟ ألا تخاف الله لماذا تضربها ؟ وأمام الناس ؟ قال: أنها لا تطيعه فيما يأمرها وصار يصيح بكلمات غير مفهومة وهو يتركني... أعتقد هارباً من الإجابة.
التفت إلى الفتاة وأعطيتها ماء لتشرب فبعد ماهدأت قلت لها لماذا كان يضربك ؟
بصوت رقيق كأنه يخرج من فم طائر جريح قالت : لم اعد احتمل أتمنى أن أموت يارب خذني خذني ... وجرت باكية ..
صراحة كان هذا الموقف كفيلاً بأن يقضي على أي ملامح سعادة يمكن أن اقضيها هناك.
رجعت إلى مكاني حائر الفكر مرتبك حزين لا ادري حقيقة ما حصل ... إلى أن أتاني طفل يطلب صدقة.. طلبت منه الجلوس بجانبي لعله لديه ما يجب عن تساؤلاتي .. لكن بدا من عينيه الصغيرتين رعب كبير وقلق ، فاندهشت لذلك فأعطيته شيء من المال لعله يهدأ لكنه أخذه وهرب .....
في اليوم التالي ذهبت لذلك المكان ولم اعد أرى ما يمتعني فيه وقد صار ذلك الحادث يصيدر على كل مشاعري
رأيت ذلك الولد فذهبت إليه وسألته لماذا خفت مني بالأمس ؟ لم يكن يريد الإجابة لكنني أصريّت ووعدته بأن أعطيه مكافئه .. قال : به رجال بيجو يطلبوا مني حاجات .... وطأطأ رأسه وسكت . وأنا سكت .
قلت له أنت كأخي الصغير فلا تخف مني خذ هذه واشتري لي ولك عصير ،،، فعندما عاد وقد اطمأن قلت له أنا رأيتك أمس تراقب تلك الفتاة التي ... قاطعني قائلاً : هذه أختي . فاجأني حقاً قلت وهل ذلك العجوز والدك فأومأ رأسه بالإيجاب ، سكت لبرهة فإذا به يحدثني عن حالتهم الصعبة وأن والدهم يرغمهم على التسول و انه يضربهم دائماً و و و حكا لي ما يشيب له الرجل الصلب فكيف بالطفل الصغير . وكان ما شدني أكثر لكلامه وأثار دهشتي وألمي كان خوفه من السياح الأجانب وطلباتهم الغريبة وكيف أن والده يعاقبه بشدة عند إعراضه او هربه من السائح المشبوه ، وعدم الأخذ منه المال ... سألته لماذا لا تشرح لوالدك بأنهم يطلبون منك تلك الأشياء ،، فبدأ يبكي وهو يقول : والله والله أن اقله لكن بيقلي المهم تجيب فلوس . حتى اختي ااا . وسكت قلت له ماذا مابها اختك ؟ فضل ساكت سألته مرة أخرى فكان رده مالم أتوقعه أبدا قال أن والدها يجعلها تذهب لتتسول من السياح ويغصبها على التدلل عليهم ووووما يعف لساني عن ذكره ... قلت وهي لماذا لا ترفض وهذا حرام وتقول لأبوها انه حرام ،،، فقال هو يقول انه ليس حرام وان الذي تعجبه لا يفعل معها حرام بل يتزوجها على سنة الله ورسوله هكذا يقول.......
قلت سنة الله ورسوله؟ وكيف هذا وهي تأتي لأكثر من سائح على حسب قولك..
قال ماهوه اصلاً يتزوجها وبعدين يطلقها وتروح تتزوج ثاني وهكذا..
خطر في ذهني مباشرة عنوان عن مقال في بعض الجرائد يحتوي على عبارة : الزواج السياحي ..
أها الآن فهمت ماذا يعنون به .... عمل الحرام باسم الإسلام كذباً وزورا
فجأة سمعت صوتها من خلفنا وهي تصيح في أخيها لماذا يتكلم عنها... فطلبت منها أن تهدأ وأن قصتها ألمتني فعلاً وأن هذا لا يجوز في حقها وفي حق إخوتها ...
جلست على الأرض وراحت تذرف الدموع وهي تحاول أن تكتم صوت بكاءها أنا إلى هنا نفذت قدرتي على الاحتمال فتسللت دمعة حارة على وجهي وأنا أسألها مالذي يجبركم على هذا العمل ؟ فتنهدت كأنها تريد أن تخرج كل ذلك الألم والقهر الذي يحتل أعماقها ...
وقالت كنا من قبل مستورين نملك منزل قريب من هنا وكان لنا كشك هنا وأيضاً بوفيه كبيرة...
فجأة هدموا الكشك بحجة إصلاح الشاطئ وطردنا المؤجر لدكان البوفيه لأنه يريد أن يفتح مطعماً وأكثر من هذا كان بيتنا يطل على الشاطئ فاستولى عليه أحد الضباط بحجة انه منزلاً في منطقة أمنية....
فصرنا فجأة في الشارع من دون أي تعويض صرنا بلا مأوى وأبي وإخوتي بلا عمل ولا مصدر رزق ...
توفت أمنا بسكتة بعد الحادث وأبي أخذنا إلى خرابة نسكن فيها ...
فمن ذلك اليوم وهو يجبرنا على التسول ويجبرني على ما قال لك أخي....وراحت مرة أخرى تبكي بحرقة ،، وفجأة صرخ فيها أبوها فنهضت مسرعة مفزوعة إليه .. وتركتني وأنا أشعر كأنني أعيش كابوس مرعب ربما سأستيقظ بعد قليل بعد قليل انقضت ساعة وأنا على حالي فأدركت انه الواقع المظلم فحملت نفسي وذهبت إلى البيت فكرت كثيراً بكيت كثيراً دعوت الله كثيرا ليفك محنة تلك الأسرة التي كانت ضحية ظلم كبير من كل من حولهم ..
في اليوم التالي قررت أن أساعدهم بقدر استطاعتي وان اكلم الأب مباشرة ،،، وصلت إلى هناك فلم أجد احد منهم سألت لم يرد علي احد ..
وهكذا في اليوم التالي والذي يليه والذي يليه ...
اختفوا لم اعلم مصيرهم
هكذا بكل بساطه اختفت أسرة المعاناة تاركة في حياتي الم كبير بجانب ما قد رأيت من الآم شعب الصمود والصمت
وقد رأيت تشاركوني بمعرفة ما مريت به في هذه التجربة لعلكم تجدوهم او تجدوا من يشابههم ( وهم ربما كثير) وتساعدوهم لعل ذلك يهدأ بعض من ألم ضميري لعدم تدخلي السريع ...
لعل ذلك يصل إلى الظلمة ويعرفوا ما ذا فعلوا وإلى أي مرتبة وصلوا.... لواء وحش غير آدمي مع شهادة تقدير من الشيطان...

سلام...
سأجعل قلبي قدساً، تغسله عبراتي، تطهره حرارة آهاتي، تحييه مناجاة ألآمي، سامحتك قبل أن تؤذيني، وأحبك بعد تعذيبي..

جويـدا
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 406
اشترك في: الثلاثاء إبريل 12, 2005 9:56 pm

مشاركة بواسطة جويـدا »

الأخ الفاضل/ لن نذل
إذا كانت تلك قصة حقيقية، فيعجز لساني عن التعبير بما شعرت به عند قراءتي لها.
أما إذا كانت تلك قصة من وحي خيالك، فقد كانت بالفعل قصة رائعة ومؤثرة، وبمجرد قراءتي للسطر الأول لم يسعني إلا أن أكملها حتى السطر الأخير.
أعلم أن هناك الآف القصص المشابهة والواقعة في مجتمعاتنا، وربما يعاني منها الكثير ممن يقطنون بجوارنا، ولا أقدر إلا أن أطلب من الله أن يغفر لنا تغافلنا وجهلنا بما يدور حولنا.
خير ما يقال في مثل هذا المقام:
ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا، ربنا ولا تحملنا مالا طاقة لنا به، واعفُ عنا واغفر لنا وارحمنا، أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين...
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
صورة

ابن المطهر
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 1041
اشترك في: السبت مارس 19, 2005 9:03 pm

مشاركة بواسطة ابن المطهر »

( كاد الفقر أن يكون كفرا )
عندما نصل إلى مرحلة الفناء على المنهج القويم ، أعتقد أنا قد وصلنا إلى خير عظيم .
صورة

Nader
مشرفين مجالس آل محمد (ع)
مشاركات: 1060
اشترك في: السبت إبريل 09, 2005 6:22 pm

مشاركة بواسطة Nader »

لا أظنها من نسيج خيال، ولا أستغرب حدوث مثيلات هذه القصص، وأشكر الأخ على السياق الجميل الذي أضاف دراما مؤثرة.
لي بعض تعديلات:
وقد صار ذلك الحادث يصيدر على كل مشاعري
يسيطر وليست يصيدر (يبدو أنك صنعاني :o )
لكنني أصريّت ووعدته بأن أعطيه مكافئه ..
الصحيح مكافأة..
تحياتي..
صورة

محمد الغيل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2745
اشترك في: الأحد إبريل 18, 2004 3:47 am
اتصال:

مشاركة بواسطة محمد الغيل »

وهم ربما كثير


سيدي الكريم بدون "ربما" ولقد رأيت أنا بنفسي مثل هذه الاسر المظلومة خصوصا تلك الاسر التي تقطن في المناطق الساحلية

إنه الظلم وبالفعل ما كتبتَ يوقض الضمائر الحية والتى توصفة هذه الايام بصفة الندرة والقلة !!

دمت لنا وشكرا
صورة
يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون
صورة

أضف رد جديد

العودة إلى ”المجلس الإجتماعي العام“