من يتعرض لمقام اباء مولانا الرسول اينك من : (لا تسبوا تبعاً

هذا المجلس لطرح الدراسات والأبحاث.
أضف رد جديد
الشريف العربي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 310
اشترك في: الخميس إبريل 21, 2005 12:54 pm
مكان: جزر القمر
اتصال:

من يتعرض لمقام اباء مولانا الرسول اينك من : (لا تسبوا تبعاً

مشاركة بواسطة الشريف العربي »

من يتعرض لمقام اباء مولانا الرسول اينك من : (لا تسبوا تبعاً فإنه قد أسلم)


صحيفة الوطن
عبدالرحمن الأنصاري
العماليق والآطام بين النفي والإثبات
عبدالرحمن الطيب الأنصاري*
ذكر المؤرخون أن يثرب سميت بهذا الاسم نسبة إلى يثرب بن قانية بن مهلائيل بن أرم بن عبيل بن عوض بن إرم بن سام بن نوح، لأنه كان أول من نزلها فعرفت باسمه، ومنهم من قال: بل إن يثرب أحد أبناء عبيل أو إنه ابنه الأكبر، واستمر عبيل وذريته يقيمون في يثرب حتى أخرجهم العماليق منها وحلوا محلهم، وتنسب الروايات نفسها العماليق إلى عملاق بن أرفخشد بن سام بن نوح، وأن من سكن يثرب منهم: بنو هف أوهفان، وبنو مطرويل، وكان ملكهم في سائر الحجاز الأرقم بن أبي الأرقم. وهي أقوال وروايات لا تستند إلى سند علمي صحيح.
إن القول بوجود العماليق يتكرر في أكثر من مكان بالجزيرة العربية فمرة يؤكد المرخون القدامى أنهم كانوا في اليمامة ومرة في يثرب (المدينة المنورة)، ومرات عدة في غيرهما، ويبقى قولهم هذا لا تدعمه أسانيد تاريخية ولا أدلة أثرية، وبالرغم من ذلك فإنهم قد استخدموا أدوات البحث والتدوين المتاحة في عصرهم، لذا تبدو الأسباب التي تدفع المؤرخين المعاصرين للسير خلفهم بدون دراسة أو تمحيص لروايتهم ضعيفة وغير مبررة. ذلك لأن كثيرًا منهم لم يطبقوا المنهج التاريخي المعتمد بين المؤرخين المعروفين بل إن بعض هؤلاء الذين يدعون أنهم عالمون بتاريخ المدينة المنورة غير قادرين على تطبيقه.
ثم تتوالى روايات المؤرخين المحدثين نقلاً عن القدامى عن نزول اليهود يثرب وأسباب ذلك، وتبدأ من إرسال موسى عليه السلام جيشاً إلى يثرب تمكن من هزيمة العماليق وقتلهم جميعاً والفتك بهم سوى طفل جميل ساقوه معهم إلى موسى عليه السلام... إلخ. فعادوا وسكنوا بدلاً من العماليق، ومن الروايات ما يرجع الوجود اليهودي إلى عهد داود عليه السلام الذي أرسل ـ وفقاً للروايات – جيشاً إلى يثرب التي كان ينزل بها آنذاك قوم يقال لهم "صعل"، "وفالج" فتمكن جيش داود من هزيمتهم وقتلهم جميعاً وبذلك نزل اليهود يثرب واستقروا بها.
واللافت للنظر أن الإخباريين العرب قد اعتمدوا في رواياتهم هذه على التوراة والقصص الواردة فيها والأساطير التي يسمر عليها الناس، ومن المعروف أن التوراة قد سجلت أثناء السبي البابلي (586 - 539 ق.م) ولكنها تتحدث عن قصص وأحداث تعود إلى القرن العاشر قبل الميلاد، وبذلك فإن تلك القصص والأحداث قد سجلت بعد وقوعها بقرون عدة، والغريب أن التوراة لم تذكر أن موسى عليه السلام قد أسس مملكة، أو أنه أرسل جيشاً إلى أي مكان، وطبقاً للتوراة والقرآن فإن موسى عليه السلام لم يدخل الأرض المقدسة، فكيف له إرسال جيش إلى الجزيرة العربية أو غيرها وهو منذ خروجه من مصر وحتى وفاته لم يستقر في مكان محدد.
أما الرواية التي تذكر أن داود عليه السلام (1000 - 960 ق.م) غزا يثرب بنفسه أو أنه أرسل إليها جيشاً فلا تعدو أن تكون تحريفاً للأحداث التي وردت في التوراة وتحدثت عن الثورات التي قامت ضد داود وأكبرها كان بقيادة ابنه ابيشالوم (أبو سالم) فتم تحريفها بما يجعل اليهود يتجهون إلى يثرب بقيادة داود لمطاردة الثائرين ضده.
ومن الروايات التي تحاول تبرير وجود اليهود في يثرب رواية تذكر أن مجيء اليهود إليها كان بعد سقوط السامرة عاصمة مملكة إسرائيل في أيدي الآشوريين سنة 722 ق.م في عهد الملك الآشوري سرجون الثاني (722 – 705 ق.م)، وأنه أمر بترحيل النبلاء والأغنياء من اليهود إلى يثرب وغيرها من مدن الحجاز، رواية أخرى تربط وصول اليهود إلى يثرب بعد السبي البابلي الذي حدث في زمن الملك البابلي نبوخذ نصر (586 - 587 ق.م)، ولكن سفر الملوك الثاني يذكر أن اليهود توجهوا آنذاك إلى مصر وليس إلى الجزيرة العربية، فقد جاء في السفر المذكور (فقام جميع الشعب من الصغير إلى الكبير ورؤساء الجيوش وجاؤوا إلى مصر لأنهم خافوا من الكلدانيين) (سفر الملوك الثاني 25: 26).
فإذا كان اليهود قد فروا إلى مصر هرباً من بطش الملك البابلي نبوخذ نصر فلابد أن خوفهم من هذا الملك وخلفائه يمنعهم من التفكير في الهجرة إلى مدن شمال الجزيرة العربية التي لم تكن بعيدة عن سيطرة ملوك بابل حتى إن معظمها دخل تحت سيطرة آخر ملوك بابل وهو الملك نابونيد (555 – 539 ق.م) ومن ضمن تلك المدن يثرب، وقد حدث ذلك بعد أن اتخذ الملك نابونيد تيماء عاصمة له – وهي من المدن التي تفترض الروايات أن اليهود انتقلوا إليها – خلال السنوات العشر الأخيرة من حكمة (550 - 540 ق.م).
وبذلك فإننا لا نفترض أي وجود يهودي أو هجرات يهودية تمت إلى يثرب أو أي جزء في شمال الجزيرة العربية منذ عهد الملك البابلي نبوخذ نصر الأول وحتى سقوط مملكة بابل على أيدي الفرس سنة 539 ق.م، أما بعد سقوط مملكة بابل وتحالف اليهود مع الفرس (قورش) وهم يتجهون لغزو مصر فلم يعد هناك سبب يضطر اليهود للهجرة إلى الجزيرة العربية طالما أنهم في معية ملك في قوة قورش.
وإذا كان بعض المؤرخين القدامى قد نقلوا هذه الروايات وفقا لمعطيات عصرهم فإن منهم من شكك فيها في عصره، ومنهم السهيلي الذي رفض الروايات التي تحدثت عن وصول موسى عليه السلام أو جيشه إلى يثرب، لكن فريقا من المؤرخين المعاصرين لا يزال يغلق بصره وبصيرته عن كل ذلك ويؤكد وجود العماليق دون سند تاريخي أو دليل أثري.
ثم تمضي روايات المؤرخين القدامى لتسرد نزول الأوس والخزرج إلى المدينة وأسباب هجرتهم إليها، وأنها كانت خالية من العرب تماماً قبل نزول الأوس والخزرج وخالصة لليهود.
وتأتي قصة نزول الأوس والخزرج إلى يثرب (المدينة المنورة) من خلال قصة (الفيطون، أو الفطيون، أو الفطيوان)، وإذ تتحدث القصة عن ملك يهودي يدعى الفيطون وأنه كان جباراً غاشماً فاسقاً فاجراً، وكانت المرأة من اليهود والأوس والخزرج تدخل عليه قبل زفافها إلى زوجها فيفضها قبل زوجها. فلم يقبل ذلك أحد العرب وهو مالك بن العجلان الذي قتل الفيطون وفر إلى الشام واستنجد بالملك أبي جبلة الذي جاء المدينة على رأس جيش فتك باليهود ومن ذلك الحين صارت الغلبة للأوس والخرزج.
وقصة الفيطون رواها الإخباريون العرب عند حديثهم عن طسم وجد يس باليمامة، ومؤادها أن عمليق ملك طسم أمر بألا تزوج امرأة من جد يس قبل أن تهدى إليه قبل زوجها، واستمر هذا الحال حتى قام الأسود بن عباد بقتل عمليق، ولم يكتف المؤرخون القدامى بذلك بل كرروا القصة نفسها مرة ثالثة، وهذه المرة جعلوا بطلها عبداً حبشياً أطلقوا عليه اسم عتودة ودارت فصول القصة في اليمن.
إن قصتي الفطيون والعماليق ليستا حقيقيتين لهما أصل إذ لا تعدوان كونهما محض خيال من وضع السمار من اليهود لإبراز قوتهم في يثرب تناقله المؤرخون جيلاً إثر جيل دون الاعتماد على أية مصادر مما يجعلنا نعتمد في كتابة تاريخ الجزيرة العربية عامة، والمدينة خاصة على الأدلة الأثرية في المكان الأول.
ومن الأدلة الأثرية التي تدحض مثل هذه الروايات ما روى عن زيارة الملك (تبان أسعد أبوكرب، أو تبع أسعد) ليثرب (المدينة المنورة)، وهو الملك الحميري أب كرب أسعد (380 - 440م) ، وتتخلص الرواية في أنه زار المدينة وترك بها أحد أبنائه فقتله أهلها فعاد عازماً غزوها فجاءه حبران من بني قريظة وحدثاه عن وجوب العزوف عن ذلك لأن المدينة سوف تشهد هجرة نبي من قريش وتكون داره، فعاد عن غزوها وصحب معه الحبران واتبع دينهما.
وبالعودة إلى الأدلة الأثرية نجد أن النقوش العربية (الحميرية) التي تعود إلى عهد الملك أب كرب أسعد لا تشير إلى تهوده، بل إن عهده شهد انقطاع ذكر المعبودات الوثنية، وبدأت النقوش تشير إلى معبود وصف في بعضها بـ"الرحمن"، ويرى علماء النقوش والمؤرخين الثقات أن صفات هذا المعبود الواردة في النقوش لا صلة لها باليهودية أو المسيحية بل هي أقرب إلى الحنفية دين إبراهيم عليه السلام الذي ظل معروفاً في الجزيرة العربية حتى ظهور الإسلام.
ويبدو أن إصرار بعض المؤرخين القدامى والمعاصرين على تهود الملك الحميري أب كرب أسعد "تبع" بعد زيارته للمدينة يظل رأياً ضعيفاً ومتهافتاً أمام ما أكدته النقوش العربية (الحميرية) التي ترجع إلى عصره، وأمام الروايات المؤكدة التي تتحدث عن إيمان تبع بالتوحيد، فقد روى الإمام أحمد عن حديث سهل بن سعيد مرفوعاً (لا تسبوا تبعاً فإنه قد أسلم)، وذكر السهيلي في الروض الأُنف إيمان تبع بالرسول صلى الله عليه وسلم وروى عن وهب بن منبه قال (نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن سب أسعد وهو تبع، قال وهب: وكان على دين إبراهيم).
أما الآطام فهي مبان كبيرة تتكون من عدة طوابق، وكان أكثرها في الحرة الشرقية، والعوالي، وقباء، والقليل منها في الحرة الغربية والجرف، ولا يعني ذلك أن المدينة قبل الهجرة لم تعرف إلا هذا النوع من المباني، فقد كان فيها المنازل البسيطة والأكواخ، وربما يرجع السبب وراء انتشار الآطام لأن المدينة لم تعرف الأسوار فقد شكلت طبيعتها الجغرافية حولها سوراً يوفر لها الحماية من أي عدوان، وكانت الحدائق والحقول التي تحف بها بمثابة السور الثاني، بينما شكلت الآطام خط الدفاع الثالث والأخير للسكان إذ إنها آخر ما يلجؤون إليه، وكانت أغلب قبائل المدينة تملك آطاماً خاصة بها.
وقد أشار القرآن الكريم إلى هذا التخطيط العمراني للمدينة في سورتي الأحزاب والحشر )وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقا( (سورة الأحزاب الآية : 26) )هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ( (سورة الحشر الآية: 2)، وفي قوله تعالي: )لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلا فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ( (سورة الحشر الآية : 14)، والصياصي جمع صيصة، وهي الحصن وجاء في لسان العرب (الصياصي الحصون، وكل شيء امتنع به وتحصن به فهو صيصة). ولعل استعمال القرآن الكريم "للصياصي والحصون" دلالة على أن هذه المباني مغايرة لما اتفق سكان يثرب على تسميته بالأطم والآطام والأطوم.
ويعد أطم "مُعرض"، وهو لبني ساعدة بن كعب آخر ما شيد في المدينة فقد كانوا لم ينتهوا بعد من بنائه عندما هاجر إليها الرسول صلى الله عليه وسلم فاستأذنوه في إتمامه فأذن لهم، ونستشف من هذا الإذن أنه صلى الله عليه وسلم قد نهى عن بناء الآطام، وعلى القائل بغير ذلك أن يقدم أدلته التاريخية والأثرية أو الأحاديث الصحيحة التي تؤيد رأيه.
فإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن هدم الآطام القائمة فإنه نهى عن بناء المزيد منها، وإلا فما دلالة أن يستأذن بنو الحارثة الرسول صلى الله عليه وسلم في استكمال ما بدؤوه قبل الهجرة؟ فقد روي عن محمد بن طلحة عن عثمان بن عبدالرحمن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى الأنصار أن يهدموا آطامهم وقال "إنها زينة المدينة". وروى عبدالله بن عمر عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال "لا تهدموا الآطام فإنها زينة المدينة" (رواه الألباني في السلسلة الضعفية وقال: حديث منكر).
لقد ابتعد الرسول صلى الله عليه وسلم عن منازل السكان وآطامهم في الجنوب ولم يزاحم المناطق الأخرى شمالاً وغرباً وإنما اختار وسط المدينة وبنى مسجده فأصبحت "المدينة النبوية الجديدة" على نسق المسجد الحرام بمكة بحيث يتوسط المسجد النبوي هذه المدينة، وقسم الأراضي البيضاء المحيطة بالمسجد بين المهاجرين وغيرهم بحيث لا يزيد ارتفاع ما يبنونه عن ارتفاع المسجد النبوي الشريف.
* أستاذ آثار الجزيرة العربية وتاريخها
قال عليه السلام: وَمَنِ اسْتَبَدَّ بِرَأْيِهِ هَلَكَ، وَمَنْ شَاوَرَ الرِّجَالَ شَارَكَهَا فِي عُقُولِهَا.
سلامي للجميع الرسي الهاشمي

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الدراسات والأبحاث“