كوب ماء ...(بحث تفكري)

هذا المجلس لطرح الدراسات والأبحاث.
أضف رد جديد
أحمد يحيى
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 1079
اشترك في: الثلاثاء يوليو 24, 2007 1:09 am

كوب ماء ...(بحث تفكري)

مشاركة بواسطة أحمد يحيى »

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله ومن والاه...

إخواني الكرام رأيت أن أنقل لكم هذه التأملات القرآنية التي أعجبتني كثيراً ونبهتني لآيات وحكم ربانية كنت أمر عليها مرور الكرام قبل أن أقرأ هذا المبحث التفكري الجميل بعنوان "كوب ماء" والذي كتبته إحدى الأخوات(المبتدئات) من طالبات العلم الشريف بمركز الزهراء(ع) العلمي بمسجد النهرين....

فأحسن الله إليها وبارك فيها هي وأساتذتها ووفقهم لكل خير
وجعلني وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه
آمين اللهم آمين

فإلى البحث .......
" أعيش وحبكم فرضي ونفلي .... وأحشر وهو في عنقي قلادة"

أحمد يحيى
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 1079
اشترك في: الثلاثاء يوليو 24, 2007 1:09 am

مشاركة بواسطة أحمد يحيى »

كوب ماء

ومن هنا .. كانت البداية

إهـداء
إلى :
المتفكرين في آلاء الله
إلى العطشى لماء الحياة
إلى الهائمين حباً في جنب الله
أهدي هذا الجهد المتواضع
... أسأل الله أن ينفعني وإياكم

المقدمة:-
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليماً كثيراً …
أمّـــــا بــــــعـــــــــد
عندما طُلب منا أن نكتب عن الماء.. لم أدرِ من أين أبدأ.. احترت.. وزادت حيرتي عندما قيل لي "ولكن كوني مع الله".

بدأت أتفكر في خلق الماء.. وأي ماء يُقصد ؟!
الماء الذي نشربه ؟! أم الماء الذي خُلقنا منه ؟!
وعندما شرعتُ في الكتابة توقفتُ حتى أسطر قليلة.. لا لقلَّة المعلومات بل لتفكُّري في معنى "كوني مع الله"..
تساءلت ما المقصود؟! وكيف أكون مع الله وأنا أكتب ؟!
وأنا مع من إذاً.. ألستُ مع الله؟!
وهكذا دارت الأسئلة في رأسي لأنني وفي خلال سني دراستي
لم يواجهني أمر بهذا المعنى "كن مع الله".

أخذت كوب ماء لأشرب وأتأمل.. رفعتُ الكأس إلى فمي لأتذوق الماء.. أخذتُ رشفة.. ثم رشفة.. ثم أخرى.. دون جدوى. فرأيت أن آخذ رشفة وأقلبها في فمي لعلي أُحسُّ بطعم الماء.. توالت المرات.. وأعجبتني الفكرة... وهكذا حتى امتلأت معدتي بالماء ولكني لم أُحس بالارتواء.. حاولت أن أشبِّه طعم الماء بشيء ما..
والغريب الذي توصلت إليه أنه طعم يمتاز لوحده لا يشبه شيئاً ولا شيء يشبهه، وهذا بحد ذاته نِعْمة جَلَل من نعم الله التي لا تحصى، وإذا حاولنا إحصاء نِعَم الماء في القرآن لرأينا العجب العجاب.
حقيقةًً ولأول مرة أتنبَّه إلى أن الماء يمتاز بكل هذه الحقائق المذكورة في القرآن الكريم خاصة أنه يجمع بين الشيء وضده وهذا من عظيم نعم الله علينا.
وقد اعتمدت في بحثي هذا على المرجع الأصل وهو القرآن الكريم مع التفسير.



المــاء في حياتنــا
إن المتأمل في المادة التي يتكون منها الماء يجدُ أن ذرَّتين من الأكسجين اتحاداً مع ذرَّة هيدروجين يُكون الماء الذي به حياة المخلوقات، فالكائنات تعيش على الماء وتتنفس الأكسجين الموجود في الهواء.
والناظر يجد أنه لاغنىً للمخلوقات عن الماء والهواء، إلا أن العلم الحديث اكتشف أن هناك نوعاً من البكتيريا تستطيع العيش بدون هواء وتسمى "بكتيريا لا هوائية" ولكنها أبداً لا تستطيع العيش بدون الماء, فسبحان من أخبرنا قبل أن يثبت العلم ذلك بـ 14 قرن (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ ) -سورة الأنبياء (30)-
أي أن كل شيء قابل للحياة، وصدق الله حين قال:
( يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ ) -سورة الروم ( 19)- ..
فقد أخرج الماء من بطن الحجر ( وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء ) -البقرة (74)-.
الماء.. ذلك السائل العجيب الذي يُخيل للرائي أن لا طعم له ولا لون أو رائحة. ولكن بقليل من التأمل نجد اللون أبيض شفافاً، والطعم أطيب من الثمر من على الشجر، والرائحة أزكى من مسك وعنبر. وإذا أردنا الدليل نجد هذه التعابير عند من ذهب به العطش ألف مذهب.


خــواص المــاء
هناك خاصية يمتاز بها الماء ولا يكون ذلك إلا للماء.. وهي أنه يتحدُ مع أي شيء يضاف إليه، فمثلاً إذا أضفنا ملعقة عسل إلى كوب ماء وشربنا فكأننا شربنا كوب عسل كامل ويستفيد منه الجسم تمام الاستفادة.
* * لقد أعطى الله سبحانه وتعالى أربع خواص للماء في آية واحدة لنصرة المؤمنين في غزوة بدر، وليس ذلك إلا للمؤمنين .

( إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ ) .-الأنفال (11)-

في هذه الآية حقيقة علمية وهي أن الماء يُنعش النفس، والاستحمام بالماء يزيل الإكتئاب ويبعث في النفس التفاؤل،
لذا يقرر علماء النفس أن المكتئب لا يحب الاستحمام حيث أن الماء يُطهر الروح والجسد ويُذهب الوساوس الشيطانية بدليل أن الغضبان يؤمر بشرب ماء أو الاغتسال كي تنتهي حالة الغضب والفوران التي تصيبه وتنطفئ النار التي بداخله.

* * وتارةً يعطي القرآن الماء صفة عنيفة ( وسُقُوا مَاء حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ) -محمد (15)-.
* * وتارة يصف الماء بالعذوبة ( وَأَسْقَيْنَاكُم مَّاء فُرَاتًا ) -المرسلات (27)- والفرات هو العذب الطيب الذي لا ملوحة فيه .
* * وكما جاء الماء من السماء نعمة (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ ) -الشورى (28)- جاء أيضاً نقمة على قوم نوح عليه السلام (مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا) -نوح ( 25)-.
* * إن من الصعوبة بمكان أن يجتمع عُسران ، وفي الأثر "لا يغلب عسرٌ يُسرين".. هذا في حق من خشي واتقى ، أما في حق من تكبَّر وطغى كان حقيقاً على الله أن يريه ما لا يرى من فوقه وتحته ، وهذا إن دلَّ على شيء فيدلُّ على أن الله هو المنتقم الجبار حيث استجاب لدعوة نوح عليه السلام حين قال : (رَّبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا) -نوح (26)- كيف لا وقد لبث يدعوهم ألف سنة إلا خمسين عاماً وما آمن معه إلا قليل (فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاء بِمَاء مُّنْهَمِرٍ*وَفَجَّرْنَا الأرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاء عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ) -القمر (11-12)- فالسماء تمطر والعيون تنفجر والتقى الماء على إهلاك قوم نوح حتى ابن نوح عليه السلام لم ينجُ من الماء واستهان بقدرة الله . .
( قَال َسَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ ) -هود (43)-.

وقـفــة . . .
البعض يخاف من نزول الأمطار خشية السيل .. والمقيمين في المناطق الساحلية يترقبون حركة المد والجزر خشية الغرق ! ! لِمَ الخوف والترقب من خروج الماء من موضعه الطبيعي ؟! فالذي أخرج الماء من الحجر وأخرج الماء من التنُّور -كما في قصة نوح (حتى إذا جاء أمرُنا وفار التنُّور) -هود (40)- قادرٌ في طرفة عين أن يُخرج الماء من أي مكان شاء، ولا يأمنُ مكر الله إلا القومُ الكافرون.
* * ومثلما كان الماء غضبٌ على ابن نبي كان رحمة لنبي وابن نبي( فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ وَأَجْمَعُواْ أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ ) -يوسف (16)- إنه يوسف عليه السلام كان الماء يداً حانية عليه.. عندما ألقى به إخوته في ظلمة البئر، ومن ظُلمة الجُبّ وقعره أنقذ الله يوسف عليه السلام من بطش إخوته ليُشرى بثمن بخس وهذه سُنة الله في كونه ولكن أكثر الناس لا يعلمون ما الله صانعٌ بيوسف وما يؤول إليه حاله. . تمضي السنون ويشاء الحَكمُ العدل أن يجعل الجزاء من جنس العمل.. فكما ألقوه في الماء حقداً وظلماً.. جعل السقاية - ما يُشرب فيها- في رحْل أخيه ليأخذه حقاً وصدقاً ، وكما فَجعوا أباهم في يوسف فُجِعوا في فقد أخيهم من بين أظهُرهم بعد أن كتبوا المواثيق ( قَالَ كَبِيرهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُواْ أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُم مَّوْثِقًا مِّنَ اللّهِ وَمِن قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ ) -يوسف (80)-.
* * ولما كان الماءُ يداً حانية على يوسف.. كان سجناً لنبي الله يونس عليه السلام في بطن الحوت( فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ) -الصافات (142)-، تخيل الحالة التي يصلها أحدهم عندما يغلق عليه باب داخله باب.. إلا أن الله تدارك يونس برحمته (لَوْلا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاء وَهُوَ مَذْمُومٌ )-القلم (49)-

قصة الماء مع موسى عليه السلام
ونلاحظ أن الماء لعب دوراً كبيراً في حياة نبي الله موسى عليه السلام منذ الولادة عندما أمر الله أُم موسى أن تلقيه في اليم (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) -القصص (7)- فجمع في آية واحدة بين أمرين ونهيين وبشارتين.

أما الثانية:عند توجهه تلقاء مَدْين ( وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِير ٌفَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ)-القصص (23-24)-
فبسبب السقيا.. جاءته إحداهما تمشي على استحياء.. وبدأت مرحلة جديدة في حياة كليم الله موسى عليه السلام وقصة زواجه من ابنة نبي الله شعيب عليه السلام .

الثالثة:
عندما طلعت الشمس لأول مرة على قاع البحر( فَلَمَّا تَرَاء الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُون* قَالَ كَلا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ *فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ)-الشعراء (61-63)- قالها موسى بثباتٍ ويقين بالمعية
(إنَّ معيَ) لم يأتِ هذا اليقين فجأة أو جرّاء هول الموقف.. إنما تدرجت هذه المعية منذ الولادة. فالبحر الذي رآه موسى من أمامه ما هو إلا تلك الأم الرؤوم التي احتضنته وهو وليد وألقت به بتقدير من الله إلى حيث يكون فرعون.
فالماء هنا هو الماء هناك ، وعناية الله تلحظه
فكما نجّى موسى ومن معه ، أغرق فرعون وجنوده .

الرابعة:
كان الماء ملتقى موسى والخضر عليهما السلام ( وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ ) -الكهف (60)- وهو ملتقى بحر فارس والروم .. كان الماء نقطة التقاء.. لتبدأ مرحلة تعليم من لدن الله.

وقفــــة ...
إن المتتبع لتسلسل أحداث القرآن الكريم لكل قوم عوقبوا بالماء - خاصة بني إسرائيل- سواء على شكل طوفان أو غرق أو تحول الماء إلى دم .. يجد أن هذه آية قوية رادعة تهزُّ القلوب هزَّا.. لكن أنَّى هذا عند من تبلدت أحاسيسهم !

محطـات مائيـة

جاء الماءُ محطة اختبار في ثلاثة مواضع من القرآن الكريم .
الأولى:
(فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ ) -البقرة (249)- فإذا هم قدروا على تحمل العطش كانوا أقدر على تحمل مشقة القتال.
الثانية:
لبني إسرائيل ( َوسئلهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ )-الأعراف (163)- وكعادتهم فشلوا في الامتحان فجاء الرد سريعاً (كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِين) -البقرة (65)-.
الثالثة:
لقوم صالح مع الناقة ( وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاء قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُّحْتَضَرٌ) -القمر (28)-ولما فشلوا في الامتحان ( أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ) -القمر (31)-.

تســاؤل ...

عندما نقف عند محطات كهذه ونواجه امتحاناً في حياتنا يا ترى هل سنثبت..؟؟

علَّمـتني هاجـر

إن المتصفح لكتاب الله الكريم يجد أن كل موضعٍ ذُكر فيه الماء قد سبقه سبب ، ومباشرة الأسباب لا ينافي التوكل .. ومن أعظم الأسباب التي أُخذت في هذه الدنيا وهي باقية إلى ما شاء الله هو ما فعلته هاجر عندما كانت تذهب وتجيء بين الصفا والمروة ساعيةً دون كلل.. علَّها تجد ما يروي ظمأ وليدها (اسماعيل عليه السلام) فسمعت صوتاً من تحت وليدها فظلّت تُبعد التراب وتحفر حتى رأت ماء فخشيت أن يضيع فأخذت تُجّمِعْ حوله التراب .
* * قيل في إحدى الروايات أن هاجر لو لم تتخذ حفرة لفاضت زمزم عيوناً.. ولكن الله أراد أن يكون نبعاً لا ينفد معينه إلى ما شاء الله .

رؤيـــــة...

إن نبع العبرة التي تعلمناه أكثر من نبع الماء الذي شربناه.. ذاك اسماعيل عليه السلام.. لم يتزعزع يقين اسماعيل - رغم حداثة سنه- بأن الخير كل الخير قادم بقدوم الذبح والذي قال :
( يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ)-الصافات (102)-
أتدرون لماذا ؟ لأن أمه هاجر علمته الاستسلام لله رب العالمين منذ الصغر حيث امتثلت لأمر الله (صابرة محتسبة) حين تركها إبراهيم بوادٍ غير ذي زرع.. وقالت كلمتها الشهيرة :
" ءآلله أمركَ بهذا.. إذاًَ فلن يُضيعنا "
تلك الكلمة اليقينية.. فقد عرفت من البداية أن الله هو الحكمُ العدل وعرفت لا إله إلا الله بحقائقها ومعانيها.. ودلالاتها.. ومع هذا فقد أخذت بالأسباب.. وإكراماً من الله لها فنحن إلى يومنا هذا نسعى بين الصفا والمروة سبع مرات كما فعلت هاجر لنتذكرها دائماً.. فقد سعت باحثة عن حياة الماء لوليدها.. ونحن نسعى للبحث عن ماء الحياة فلا نجلس مكتوفي الأيدي منتظرين الفرج أو قدوم معجزة , وإذا رأى الله مِنّا ذلك وقد أخلصنا النية لله . . فلن يُضيعنا .



دعـــوة للتأمــل

* * دعانا القرآن الكريم للتفكر في خلق الماء (فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ * أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاء صَبًّا * ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقًّا * فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا ) -عبس (24-27)-فبحصول الأمطار تتشقق الأرض ليخرج النبات.. فقدم صبَّ الماء على إخراج النبات ، وفي آية أخرى قدَّم إخراج الماء على النبات (وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا * أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءهَا وَمَرْعَاهَا) -النازعات (30-31)-.
* * *
(فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ ) -الطارق (5-6)-.

* * *(أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ )-الأنبياء (30)- .
[إن السماوات والأرض كانتا ذات رتق فجعلهما الله ذات فتق أي كانتا متلاصقتين وكذلك الأرض ففتقهما وفرج بينهما ففتقهما بالمطر والنبات بعد أن كانت مصمتة (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) أي خلقنا كل شيء حي من نطفة كقوله (وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِن مَّاء ) -النور (45)- أراد به الماء في الحقيقة ، و قيل: جعلنا الماء حياة كل ذي روح ونماء كل نامي] .

* * *
(وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ ) -الفرقان (53)-
ومَرج أي خلط الشديد العذوبة والشديد الملوحة.. فمن الذي جمع وخلط بينهما متلاصقين وهو بقدرته يفصل بينهما ويمنعهما التمازج وهذا من عظيم اقتداره ؟! -تفسير الأعقم للعلامة الآنسي-
وليس هو الزئبق يمنع امتزاجه إنما هو ماء من جنس ماء.
هل بعد هذه الآيات البينة في الدلالة يبقى شك في اليقين ؟!

وقفـــــــة...
قال تعالى( أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّاء مَّهِينٍ ) -المرســلات (20)-.
فسبحان من شرَّف هذه النطفة ليجعل الإنسان( فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ )-المرســلات (20)- .




الاستشفــاء بالمــاء

* نشرت جمعية مكافحة الأمراض اليابانية أن أكثر من عشرين مرضاً عالجه الماء عن طريق الشرب بطريقة معينة في وقت محدد ولفترة محدودة. وقد سبق القرآن في ذكر الاستشفاء بالماء حين أمر الله أيوب عليه السلام
( ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ) -ص (42)-.
فالماء بارد هنا.. وحار في موضع آخر. إنها المياه الكبريتية ذات النبع الحار شفاء لأمراض البرد والمفاصل والأمراض الجلدية.. فمن الذي أمدَّه بهذه الخاصية.. خاصية الشفاء.. الحرارة.. والبرودة؟ ؟ إنه الله ولا حي سـواه

* أيضاً ماء زمزم عالج أمراضاً كثيرة ومستعصية كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " ماء زمزم لما شُرب له " المهم أن نشرب بيقين والقصص في هذا كثير .



بشائـــر مائيـــة

(1) بشارة في الدنيا
الماء.. الماء في السماء.. في البحار.. والأنهار.
لا أتخيل نفسي أن أعيش في مكان يندر وجود المياه فيه.. لذا يجب علينا الحفاظ على حياة الماء، فلا نسرف في استخدامه ولو كنا على نهرٍ جارٍ.. لكن إذا شح الماء فإننا سنبدأ في الذبول.. وتذبل الأشجار والتربة.. وإذا تحقق هذا المعنى فقد فتحنا للشيطان باباً كبيراً ليدخل منه لأن قوانا ستضعف لعدم وجود ما ينعش الحياة .
والمؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف.. لكن رحمة الله أوسع وأشمل فقد شرع لنا صلاة الاستسقاء وكما فعل نبي الله موسى عليه السلام ( وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا )-الأعراف (160)-.
(2) بشارة في الآخرة
قد وعد الله المؤمنين بجناتٍ تجري من تحتها الأنهار في أكثر من 36 موضعاً في القرآن الكريم، مما يدلل على أنها نعمة كبيرة من الله وفضل.
اللهمَّ اجعلنا ممن يقال لهم ( كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)-المرسلات (43)- .


التجارب الطبية ومعجزات العلاج بالماء
تستخدم المياه لعلاج الأمراض المزمنة والقديمة والجديدة .
أصدرت جمعية مكافحة الأمراض اليابانية أن الماء قد عالج الآتي :
1: الصداع – ارتفاع ضغط الدم – التهاب المفاصل .
2: السعال – الدرن – السل – الصرع – البدانة .
3: التهاب المعدة – الإمساك – السكر .
4: جميع الأمراض المرتبطة بالعيون .
5: جميع الأمراض المرتبطة بالأنف والأذن والحنجرة .
طريقـة العـلاج :-
1: القيام من النوم مبكراً، ثم تناول (4) أكواب من الماء (160) مل لكل كوب .
2: عدم تناول أي سوائل أو أي شيء (جامد) خلال فترة 45 دقيقة .
3: عدم تناول أي مأكولات خلال فترة ساعتين بعد تناول الوجبات .
فترة العلاج:-
أثبتت التجارب أن فترة العلاج لكل مرض كانت كالآتي :-
1: ارتفاع ضغط الدم 30 يوماً
2: أمراض المعدة 10 أيام
3: السكر 30 يوماً
4: الإمساك 10 أيام
5: السرطان 6 أشهر
6: الدرن 3 أشهر
7: الذين يعانون من التهاب المفاصل يمكنهم مداومة هذا العلاج لمدة أسبوع بشرب الكمية المقررة 3 مرات في اليوم ثم مرة واحدة .
ملاحظة:- لا توجد أي آثار جانبية لهذا العلاج وإنما فقط كثرة البول،
والله هو الشافي......

الخاتمـة

الناظر في صفحات القرآن الكريم يجد الماء معنا خطوة ..خطوة..في البر.. والبحر.. والجو، في الدنيا والآخرة ، إلا في موضع واحد حرم الله وجود الماء فيه وهي (النار) ، إلا أن يتصف الماء بصفة النار(لا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلا شَرَابًا إِلا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا )-النبأ (24-25)-.
( وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَاء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ )-الأعراف (50)-.
ومن عظيم فضل الله علينا ورحمته أن جعل لنا (حوض الكوثر) نشرب منه يوم القيامة .
اللهمَّ اسقِنَا شربة هنيئة من يد نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم لا نظمأ بعدها أبدا ً.
وما هذا إلا غيض من فيض والمتتبع خط سير القرآن يرى ذلك.

( ربَّنا ما خلقتَ هذا باطلاً سُبحانكَ فَقِنَا عذابَ النار)-آل عمران (191)-.

والحمدلله من قبل ومن بعد
" أعيش وحبكم فرضي ونفلي .... وأحشر وهو في عنقي قلادة"

أبودنيا
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 786
اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 02, 2007 5:45 am
مكان: al-majalis

مشاركة بواسطة أبودنيا »

وعليكم السلام
أحسن الله إليك سيدي الكريم للنقل الموفق الجميل
وبارك الله في الطالبة وأساتذتها

بحث ممتع وخواطر إيمانية عذبة
قرأت منه الكثير .. وسأكمله


وفقك الله
الروافض: هم اللذين رفضوا نصرة أهل البيت عليهم السلام تحت أي مبرر.

مواطن صالح
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 1606
اشترك في: الجمعة يونيو 24, 2005 5:42 pm
مكان: صنعاء حده
اتصال:

مشاركة بواسطة مواطن صالح »

سبحان الله العظيم .. وجعلنا من الماء كل شى حى.. كل شى الروح والقلب والجسم

شكرا احسن الله اليكم والى االاخت الباحثه .
تم الغاء عرض الصورة التي استخدمتها في التوقيع كون المستضيف لها يحتوي على برمجيات ضارة، يرجى رفعها على موقع آمن .. رابط صورتك القديمة::
http://www.nabulsi.com/text/02akida/4ot ... age023.gif

أحمد يحيى
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 1079
اشترك في: الثلاثاء يوليو 24, 2007 1:09 am

مشاركة بواسطة أحمد يحيى »

أخواي
عبدالله أبو دنيا
&
مواطن صالح

آمين
وإياكم
ونفعنا بذلك
وأشكر تفضلكما بالمرور الطيب

خالص مودتي
" أعيش وحبكم فرضي ونفلي .... وأحشر وهو في عنقي قلادة"

لــؤي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 3099
اشترك في: الخميس نوفمبر 17, 2005 4:22 pm
مكان: قلب المجالس

مشاركة بواسطة لــؤي »

بالفعل بحث شيق وممتع وقد قراءته من قبل ،،

أحسن الله إليكم سيدي الكريم
رب إنى مغلوب فانتصر

عاشقة ال البيت
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 53
اشترك في: الأحد يناير 20, 2008 4:57 am

مشاركة بواسطة عاشقة ال البيت »

ماشاء الله بحث متكامل فيه امور استفدت منها جزاها الله خير وخزاك اخي خير لنقله
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ..}

سعي الآخرة
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 188
اشترك في: الثلاثاء إبريل 29, 2008 8:51 pm

طرفة " كوب ماء "

مشاركة بواسطة سعي الآخرة »

السلا م عليكم و رحمة الله

يروى أن ملكا كان كثير الجور على رعيته فأراد القوم الحد من فعله فأرسلوا اليه رجلا حكيما.
كان الملك في بعض الوقت يخرج الى البرية و يخيم فيها ، فقصده الحكيم في خيمته. فلما حظر بين يديه و بعد التعارف أراد الملك اختبار الذي يزعم أنه حكيم فأشار له بأن يدلو بما لديه.
فكان السؤال من الحكيم للملك " بكم تشري كوبا من الماء ؟ "
فهم الملك بعد و عمق الأمر فأجاب " بملكي كله "
فاستحسن الحكيم ثم أردف " بكم تخرج من بطنك كوبا من الماء ؟ "
فكان نفس الجواب و كان الملك قد بدأ يشعر بحجم المأزق.
قال الحكيم " خرجت من ملكك مرتين في كوب ماء ، أفلا ترفق قليلا برعيتك ؟ "

السلام عليكم و رحمة الله

أحمد يحيى
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 1079
اشترك في: الثلاثاء يوليو 24, 2007 1:09 am

مشاركة بواسطة أحمد يحيى »

الإخوة الكرام
عصي الدمع & عاشقة آل البيت & سعي الآخرة


شاكر مروركم الكريم جميعاً ، وفائدتك أخي سعي الآخرة كما تعودنا دائماً،

وعذراً على التأخر والتقصير في الرد،


وأسال الله الكريم أن يكتب لنا الرحمة والمغفرة والعتق من النار في هذا الشهر الكريم،

وخواتيم مباركة مرضية مقبولة الأعمال إن شاء عز وجل،

مودتي الخالصة لكم، وعذراً مرة أخرى
" أعيش وحبكم فرضي ونفلي .... وأحشر وهو في عنقي قلادة"

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الدراسات والأبحاث“