الزيدية المفترى عليها

هذا المجلس لطرح الدراسات والأبحاث.
أضف رد جديد
شرف الدين المنصور
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 221
اشترك في: السبت ديسمبر 08, 2007 1:51 pm
مكان: صنعاء

الزيدية المفترى عليها

مشاركة بواسطة شرف الدين المنصور »

الزيدية المفترى عليها


بعض الكتاب مدفوعين بجهلهم أو تعصبهم المذهبي وما يعتقدونه من مصلحة سياسية حزبية ضيقة، ‏يسود صفحات الصحف والمواقع الإلكترونية ضد إتفاق الدوحة إنطلاقاً من موقفه العدائي من ‏الزيدية المذهب والإنسان، وفي سبيل ذلك تقدم الزيديةبصورة مشوهة بإستغلال جهل الكثير من ‏أبناء اليمن بها، وخلطهم بين الزيدية الفكر والتاريخ، من منظور أو موقع مناطقي مذهبي ‏
والكتاب الحزبيون المذهبيون المتعصبون لايعنينا مايصدر منهم إلا بقدر تكشف نواياهم وموقفهم ‏السلبي الرافض للحرية الفكرية وعجزهم عن تقبل فكر الإختلاف والتنوع، وزيف دعاواهم عن ‏قبولهم بالتعددية السياسية والديمقراطية، ‏
وحتى لايظل الجهل المطبق بالزيدية كاملاً نفتح الحوار حولها، بالبدْء باعطاء فكرة عامة عنها
أولاً : لما للقواعد الفقهية من أثر بالغ في رسم وتحديد منهج التفكير للمذاهب ننقل بعض قواعد ‏الزيدية
‏1 _ كل مجتهد مصيب(وهذه القاعدة لو تأملها من يعقل لوجدها كفيلة بحل مشكلة التعصب ‏المذهبي، بل إن إشاعتها ثورة فكرية بذاتها) ‏
‏2_ ما أمكن العلم به لايغني الظن فيه، وتعني هذه القاعدة أن الواجب التحقق مما يمكن الوصول ‏فيه إلى العلم به، ولايجوز العمل بالظن أو الركون إليه وإعتماده إلا عند تعذر الوصول إلى العلم، ‏ويمثل لذلك بأنه إذا مكن مشاهدة الكعبة لايجوز العمل بالظن عندالتوجه إليها في الصلاة، وإذا ‏أمكن معرفة بدء أول يوم صيام، لايجوز الإستغناء بالظن، إذا أمكن معرفة الدليل الشرعي ‏والوصول إليه، لايغني الإكتفاء بالظن، ‏
‏3_ التقليد جائز لغير مجتهد لا له (أي أن الاجتهاد واجب على القادر عليه ) ‏
‏4_ علم الإنسان أولى من علم غيره وظنه أولى من ظن غيره ‏
‏5_ فعل العامي الذي لايميز مذهبه، مذهبه مذهب من وافق ما لم يخرق الاجماع ‏
‏6_ في المسائل الظنية الفرعية يجب اعتقاد صحة فعل المخالف
فلا يشترط أن يكون الزيدي موافقاً للإمام زيد (ع) بل قد يجب عليه مخالفته إن ترجح لديه رأيٌ ‏خلاف رأي الإمام زيد (ع) (إن كان قادراً على الترجيح) ولو في مسألة جزئية واحدة (فعلمه) ‏مقدم على علم الإمام زيد (ع) وظنه مقدم على ظن الإمام زيد(ع) بل إن الجاهل الصرف أو ‏العامي إن فعل فعلاً تعبدياً ولم يخرق الإجماع فمذهبه مذهب من وافق (أي حكمه كالمجتهد)كما ‏تقول قواعد الزيدية التي استنبطت من النصوص القاطعة ومن أقوال وأحكام أئمة آل البيت ‏وذلك لأن الزيدية في الفروع (العبادات تحديدا) مذهب إجماع الأمة) فالأصل في العبادات ‏‏(وجوب العمل بالأحوط) عند تعارض الأدلة،والأحوط هو الذي لا خلاف على صحته عند ‏الأمة،أو الأقرب إلى الصحة عند الجميع،
‏5_ بل أكثر من هذا أن من أصول الزيدية،أصل به حل لكثير من الإشكالات المسببة للخلافات ‏‏( والسنة ما كان لها ذكر في القرآن ومعنى) كما يقول أحد أهم أقدم أئمتها القاسم بن ابراهيم بل ‏إنه يعتبر هذا الاصل رابع الخمسة أصول للدين الإسلامي وهي بالنص:- ((أولهن:-أن الله ‏سبحانة وتعالى إله واحد"ليس كمثله شيء"وهو خالق كل شيء يدرك الأبصار ولاتدركه الأبصار ‏وهو اللطيف الخبير.‏
والثاني من الأصول:أن الله سبحانه وتعالى عدل حكيم غير جائر لايكلف نفساً إلا وسعها ‏ولايعذبها إلا بذنبها،لم يمنع أحدا من طاعته بل أمر بها،ولم يدخل أحداً في معصيته بل نهاه عنها.‏
والثالث من الأصول: إن الله سبحانه صادق الوعد والوعيد يجزي بمثقال ذرة خيراً ويجزي بمثقال ‏ذرة شراً،من صُير إلى العذاب فهو أبداً خالد مخلد كخلود من صير إلى الثواب الذي لاينفد.‏
الرابع من الأصول:أن القرءان الكريم مفصل محكم وصراط مستقيم لاخلاف فيه ولااختلاف،وأن ‏سنة رسول الله ماكان لها ذكر في القرءان ومعنى.‏
والخامس من الأصول:أن التقلب بالأموال والتجارات والمكاسب في وقت ماتعطل فيه الأحكام ‏وتنتهب ماجعل الله للأرامل والأيتام والمكافيف والزمنى وسائر الضعفاء ليس من الحل والإطلاق ‏كمثله في وقت ولاة العدل والإحسان والقائمين بحدود الرحمن.‏
فلايسع أحد من المكلفين جهل هذه الأصول الخمسة بل تجب عليهم معرفتها.)‏


إن أهم مايميز الزيدية في القرون الأولى هو موقفها من قضتين أساسيتين حددهما الإمام القاسم في ‏الأصل الرابع والخامس.‏
القضية الأولى:-التأكيد على مرجعية القرآن الكريم وأعتباره حكماً فيما أختلفت الأمة حوله من ‏السنة المروية،عملاً بحديث العرض على القرآن (سيكذب علي كما كذب على الأنبياء من قبلي ‏فماجاءكم عني فأعرضوه على كتاب الله فما وافقه فأنه مني وأنا قلته وماخالفه فليس مني ولم ‏أقله) أو كما قال، وترتب على ذلك إلتزام الزيدية في عدم القبول بالأحاديث المعارضة للقطعي ‏فيما لايجوز فيه إلا العلم. والتأكيد على معيار نقد متن الخبر بصرف النظر عن سلسلة الرواة. ‏
‏ والفكر الزيدي بدون أدنى منازع هو الفكر الاسلامي الوحيد الذي جعل العقل مقدما على ‏النص عند التعارض والعقل هنا يقصد به حتى لايساء الفهم مسائل العقل اليقينية واعلان تقديم ‏العقل مع ظاهر النص سبق في إحترام العقل الانساني قل وجود نظيره في الفكر الديني، وهو مبني ‏على فرض غير مسلم بحصوله(تناقض النقل القطعي مع العقل القطعي) لأن النص القطعي الذي ‏هو من الله لا يمكن أن يناقض العقل الذي عرف الله به وعرفت الرسالة وعرف الرسول ولوجوده ‏كان التكليف ولهذا تميزت الزيدية التي يعارضها الدكتور عن كل المذاهب الاسلامية بترتيبها ‏لمصادر العلم وبحسب تعبير الإمام القاسم الرسي (ع) حجج الله على العباد بأولاً: (العقل و ‏الكتاب والرسول، بحجة العقل يعرف المعبود وبحجة الكتاب تتم معرفة التعبد، وجاءت حجة ‏الرسول بمعرفة العبادة، والعقل أصل الحجتين الأخيرتين لأنهما عرفا به ولم يعرف بهما ثم يأتي ‏الإجماع حجة رابعة مشتملة على جميع الحجج الثلاث وعائدة إليها)‏
، ‏

‏(ولكل حجة من هذه الحجج أصل وفرع، والفرع يرد إلى أصله :‏
أصل المعقول ماأجمع عليه العقلاء ولم يختلفوا فيه، أما الفرع فما أختلفوا فيه ولم يجمعوا عليه،)‏
‏ ‏
ويعلق الدكتور صبحي على ذلك بالقول(سبق العقل على الكتاب والرسول تمجيد للعقل لانظير ‏له يقول القاسم الرسي في وصف العقل في كتابه المكنون عن المحلى في الحدائق الوردية ج2ص2: ‏العقل آمن أمين وأفضل قرين فاستأمنه على أحوالك وجميع خلالك، وقد جعل الزيدية العقل ‏أساساً لمعرفة الأحكام الشرعية وفي كتاب الفصول اللؤلؤية في أصول الزيدية يحدد مصادر ‏التشريع بأنها مسائل العقل اليقينية أولا ثم الاجماع المعلوم الثابت ثانيا (ثم نصوص الكتاب والسنة ‏المعلومة في المرتبة الثالثة
‏)‏ ‏ ‏
‏ ثانياً المنهج النقدي التجديدي ‏
عن المنهج الفكري للزيدية وأهميته وضرورته يقول الدكتور محمد عمارة (وإننا إذا شئنا أن نزيل ‏من حياتنا الآثار الضارّة للتواكل والإتكالية والسلبية، بل والأنانية، وأن نشيع روح المسئولية لدى ‏إنساننا العربي المسلم المعاصر، فلا بد وأن ندعم قيم الحرية والمسئولية التي نقدمها له اليوم، بذلك ‏التراث الغني الذي قدمه أهل العد والتوحيد في ميدان حية الإنسان، ومسئوليته عن أعماله ‏ونتائجها، وكيف أنه حر مختار صانع لأعماله، بل خالق لها على سبيل الحقيقة لا المجاز، كما قرروا ‏ذلك منذ قرون وقرون.‏
وإننا إذا شئنا خلفية فكرية تؤصل قيم العدالة الاجتماعية والاقتصادية التي نستهدفها، فلا بد لنا ‏من التمييز بين تلك الصفحات من التراث التي فسر أصحابها أصول تشريعنا قرآناً وحديثاً، ذلك ‏التفسير المتقدم الذي يناصر الجمهور، ويحرص على إعطاء الحقوق المادية لأصحابها، ويقف ‏بالمرصاد للغاصبين والظالمين.‏
التمييز بين هذه الصفحات وبين صفحات الذين سكتوا عن الجور أو ناصروه، وإننا إذا شئنا أن ‏نغرس في عقولنا وقلوبنا وضمائرنا القيم الثورية والتي تدعو للخروج على الظلم والطغيان، ‏والإطاحة بالظلمة والطغاة فلا بد لنا من أن نشيع في حياتنا المعاصرة ذلك الجانب من تراثنا الذي ‏دعا مفكروه للثورة على الظلم، وامتشاق الحسام لتغيير الأوضاع الجائزة المفروضة على الناس ‏دون أن يشاء الله أو يريدها، لأن الله لا يأمر بالفحشاء ولا بالمنكر، ولأنه ليس بظلام للعبيد ، وفي ‏مقابل الآثار الفكرية التي تؤكد حرية الإنسان، واختياره وخلقه لأعماله ومصيره: هناك الذين ‏ينكرون كل ذلك.‏
وفي مقابل الأفكار التي خلفها لنا أهل العدل والتوحيد التي بلغت في ميدان تنزيه الخالق والمؤثر في ‏هذا الكون درجة من الخصوبة والنقاء تشهد لعقولهم بالمقدرة ولعقيدتهم بالسمو ولأرواحهم ‏ونفوسهم بالشفافية، نجد المجسمة والمشبهة الذين انحدروا إلى حضيض التشبيه والتجسيم
‏)‏

وأهم جوانب الزيدية التي نحسب أن الدكتور ناصر كمستضعف مضطهد مسحوق مظلوم من ‏الطغمة الحاكمة قد يجد فيها اذا ما شاء معرفتها وسيلة أو اداة للانتصاف من ظالميه ونعني بذلك ‏مبدأ الخروج على الظالم أكان هذا الظالم من ( من سلالة النبي أو من سلالة غيره وفي هذا يحدد ‏الإمام القاسم الرّسي صفة الإمام من أهل البيت (ع) بقوله:(وإنما صِفَةُ الإمام، الحَسَنُ في مَذهَبِه، ‏الزَّاهِدُ فِي‎ ‎الدّنيا، العَالِم فِي نَفسِه، بِالمؤمنِينَ رَؤوفٌ رَحِيم ، يَأخذُ عَلى يَدِ‎ ‎الظَّالِم، وَينصُرُ المَظلوم ‏، وَيُفَرِّجُ عَن الضّعِيف، وَيَكُونُ لِليَتِيم كَالأبِ الرّحِيم، ولَلأرمَلَة كَالزّوج العَطُوف، يُعَادِي القَريب ‏فِي ذَاتِ‎ ‎الله، ويُوالي البَعيد فِي ذَاتِ الله، لا يَبخَلُ بِشَيء مِمَّا عِندَه مِمَّا‎ ‎تَحتَاجُ إليهِ الأمّة، مَنَ أتَاهُ ‏مِن مُسْتَرشِدٍ أرْشَدَه ، ومَن أتَاهُ‎ ‎مٌتَعَلّمِاً عَلَّمَه ، يَدعُو النَّاسَ مُجتَهِداً إلى طَاعَةِ الله،‎ ‎ويُبَصِّرَهُم ‏عُيوبُ مَا فِيهِ غَيهم، ويُرَغِّبَهُم فِيمَا عِندَ الله، لا‎ ‎يَحتَجِبُ عَن مَن طَلَبَه، فَهُو مِن نَفسِه فِي تَعَبٍ مِن ‏شِدَّة الاجتهَاد ..، يُصَدِّقُ فِعْلُه قَولَه، يَغرِفُ مِنهُ‎ ‎الخاصُّ والعَام، لا يُنكِرُ فَضلَهُ مَن خَالَفَه، ولا ‏يَجحَدُ عِلمَه مَن‎ ‎خَالَطَه، كِتابُ الله شَاهِدٌ لَه ومُصَدِّقٌ لَه، وفِعلُه مٌصَدِّقٌ لِدَعْواه)‏


‏(ومن كان على غير ماشرحنا،من آل الرسول صلى الله عليه وعلى آله،فنكث عليهم،وأساء في ‏فعله إليهم،ومنعهم من حقهم الذي جعله الله لهم،واستأثر بفيئهم،وأظهر الفساد والمنكر في ‏ناديهم،وصير مالهم دولة بين عدوهم يتقوى به عليهم،ولم يقبضه منهم،ويقسمه على صغيرهم ‏وكبيرهم،وكانت همته كنز الأموال،والاصطناع لفسقة الرجال،ولم يزوج أعزابهم،ولم يقض ‏غراماتهم،ولم يكس الظهور العارية،ولم يشبع منهم البطون الجائعة،ولم ينف عنهم فقراً،ولم يصلح ‏لهم من شأنهم أمراً،فليس يجب على الأمة طاعته،ولاتجب عليهم موالاته،ولاتحل لهم ‏معاونته،ولاتجوز لهم نصرته،بل يحرم عليهم القيام معه ومكاتفته،ولايسعهم الإقرار بحكمه،بل ‏يكونوا شركاه إن رضوا بذلك من أفعاله ويكونوا عند الله مذمومين،ولعذابه مستوجبين،فنعوذ بالله ‏من الرضاء بقضاء الظالمين،ونعوذ به من الإعراض عن جهاد الفاسقين،الذين لايأمرون بالمعروف ‏ولاينهون عن المنكر،فإن من أعرض عن جهادهم فقد برئ من الله وبرئ الله منه،وبعد عن حزب ‏الرحمن،وصار من حزب الشيطان)‏
‏ ‏
‏(قال الإمام أحمد بن عيسى بن زيد: "ليس للإمام أن ينتقص الرعية حقها، ولا للرعية أن تنتقص ‏حق إمامها، فمن حق الرعية على إمامها: إقامة كتاب الله وسنة نبيه فيها، والعدل في أحكامها، ‏والتسوية بينها في قسمها، والأخذ لمظلومها من ظالمها، ولضعيفها من قويها، ولوضيعها من ‏شريفها، ولمحقها من مبطلها، والعناية بأمر صغيرها وكبيرها، ولينفذ لمعاشها في دنياها ومصلحتها ‏في دينها، وعمومها بالحنين عليها والرأفة والرحمة لها، كالأب الرؤوف الرحيم بولده المتعطف ‏عليهم بجهده، الكالي لهم بعينه ونفسه، يجنبهم المراتع الوبية، ويوردهم المناهل الروية العذبة، فإن ‏الله سبحانه حمد ذلك من أخلاق نبيه عليه السلام، فقال جل وعلا: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ ‏أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾(التوبة/128). ....فإن ‏خالف ذلك إلى غيره من التسلط بالجبرتة، والتكبر عليهم، فمنعهم حقهم، واستأثر عليهم بفيئهم، ‏فلا طاعة له عليهم في معصية خالقهم، وحرمت عليه إمامتهم وولايتهم، وحرمت عليهم طاعته ‏ومعاونته، وكان حق الله عليهم مجاهدته حتى يفيء إلى أمر الله أو يعتزل ولاية أمره، فإنه لا ولاية ‏لمن لم يحكم بما أنزل الله ‏"‏
وإذا بويع الإمام فإن مسؤولية الأمة مراقبته وتقويمه والخروج عليه عند أدنى انحراف أما بالثورة أو ‏بمجرد عزله إن أمكن ذلك بدونها ‏
ويروي الطبري أن الإمام المهدي النفس الزكية محمد بن عبد الله بن الحسن لمااستولى على ‏المدينة،خطب فيهم قائلاً:(أما بعد أيها الناس فإنه قد كان من أمر هذا الطاغية عدو الله أبي جعفر ‏المنصور مالم يخف عليكم من بنائه القبة الخضراء التي بناها تصغيراً للكعبة،وإنما أخذ الله فرعون ‏حين قال: أنا ربكم الأعلى،وإن أحق الناس بالقيام بهذا الدين أبناء المهاجرين والأنصار ‏الموالين،اللهم انهم أحلوا حرامك وحرموا حلالك وأمنوا من أخفت وأخافوا من أمنت ...أيها ‏الناس والله ماخرجت من بين أظهركم وأنتم عندي أهل قوة ولاشدة ولكني اخترتكم لنفسي،والله ‏ماجئت وفي الأرض مصر يعبد الله فيه الا وقد أخذ لي فيه البيعة)‏ ‏ وهذه الخطبة تلخص موقف ‏الزيدية من السلطة ومصدر الشرعية لها والغاية من وجودها،وكيفية التعامل معها عند ‏انحرافها،فالموقف من السلطة ومظالمها، هو المميز للزيدية عن أهل السنة والجماعة وليس شرط ‏النسب في الإمام كما يزعم من يناصبون الزيدية العداء
‏ أما عزل الإمام فقد ذكر فقهاء الزيدية أنه يُعزل عند ثلاثة أنواع من الأسباب هي: ‏
‏* اختلال شروط يزول معها التمكن من القيام بما نصب لأجله، كالجنون، وبطلان بعض حواسه ‏المحتاج إليها كالبصر والسمع، والمرض المقعد، فمتى صار كذلك خرج عن كونه إماماً ولا يحتاج ‏إلى من يخرجه.‏
‏* اختلال شروط لا يزول معها التمكن من القيام بمهامه، كالفسق، وهو نوعان: باطن، أو ظاهر، ‏إن كان باطناً لم ينحلّ به عقد الإمامة، لأن الحكم عليه مجرد ظن وتخمين. وإن كان ظاهراً، بطل ‏كونه إماماً. (ومجرد الكذبة أو أخذ درهم من بيت المال يعتبر فسقا ظاهرا موجبا للعزل إن لم يتب ‏‏)‏
‏* التقصير في أداء مهامه، كالملل والانشغال ولو بالعبادة وإصلاح شئونه الخاصة ‏. ويروى عن ‏الهادي(ع) قوله إذا تميز الحاكم على أفقر رعاياه في المأكل أو الملبس فقد وجب الخروج ‏عليه،وللإمام علي(ع) وهو قول مشهور:كيف أكون أميراً للمؤمنيين ولاأشاركهم شظف ‏العيش!!!)ويؤثر عنه قوله أن على الإمام أن يقدر عيشه بضعفة الناس حتى لا يتغيا الغني بغناه ولا ‏الفقير بفقره .‏
وينقل العلامة الشامي عن الإمام الهادي (ع)قوله: (من أعان ظالماً ولو بخط حرف أو برفع دواة ‏ووضعها، ولم يكن اضطرته على ذلك مخافة على نفسه، لقي الله يوم القيامة وهو معرض عنه ‏غضبان عليه، ومن غضب الله عليه فالنار مأواه والجحيم مثواه، أما أني لا أقول إن ذلك في أحد ‏دون أحد من الظالمين، بل أقول إنه لا يجوز معاونة ظالم ولا معاضدته ولا منفعته ولا خدمته، كائناً ‏من كان (من آل رسول الله أو من غيرهم)، كل ظالم ملعون، وكل معين لظالم ملعون، وفي ذلك ‏ما بلغنا عن سول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (من جبا درهماً لإمام جائر كبه الله في ‏النار على منخريه) وفي ذلك ما يقال (إن المعين للظالم كالمعين لفرعون على موسى
الخ....)‏


إن المذهب ليقرر أن على الإمام(أو من يقوم مقامه)_(إستفصال كل مسقطات الحد، فيجب عليه ‏أن يسأل عن عدالة الشهود وصحة عقولهم وأبصارهم ويسئل هل بين الشهود والمشهود عليه ‏عداوة، ثم يسأل عن المشهود عليه، هل حر أم عبد محصن أم غير محصن مكره أم غير مكره، وعن ‏الزمان والمكان فإن قصر الإمام في استفصال شيء مما تقدم نحو أن يشهد الشهود على رجل بالزنى ‏وهو محصن في الظاهر ورجمه الإمام ثم عُلم أنه كان مجنوناً[ضمن إن تعمد التقصير،{والخلاف} ‏هل يجب عليه القود أو الدية يظر فيه...وفي الهامش عليه الديه من ماله وأنعزل)‏
‏ يعزل الإمام أو الحاكم بل قد يقاد منه أن نفذ حكم قضائي في عهده وبعلمه وكان هنلك ‏شبهة مسقطة للحد أو القتل، مع التسليم بثبوت وقوع جريمة، بل أن المذهب تأكيداً منه على ‏حق الحياة وحماية العرض والحرية، يوجب على من أقترف جريمة الزنا أو أي جريمة توجب التعزير ‏أن يدفع عن نفسه بعدم تمكينه من تنفيذ الحكم عليه(لايجوز له أن التمكين من نفسه لإقامة ذلك ‏عليه ويجب عليه الهروب والتغلب إن أمكن لأن دفع الضرر واجب، ولكن لايجوز له مقاتلة الإمام ‏والحاكم في الدفع عن نفسه لأنهم محقون)‏ ‏ ‏
ثالثاً: بعض سمات المذهب الزيدي ‏
يلخص العلامة عبد الله بن عبد الوهاب المجاهد الشماحي المذهب الزيدي وهو من أعلم الناس به، ‏فقد عاشه حياة وفكراً بقوله: "إنه مذهب واقع وحقائق لا خيالات وأوهام، ولا تصورات شاطحة ‏وأحلام، ولا مذهب ألغاز ومعميات، ولا مذهب كرامات أولياء، ومعجزات وعصمة أئمة، ولا ‏مذهب واسطة بين العبد وربه إلا عمل العبد وإيمانه. إنه مذهب عبادات إلى جانب معاملات ‏بلغت قوانينها من الدقة الفقهية والتشريعية ما لم تبلغه أدق القوانين المعاصرة شمولاً وقبولاً للتطور ‏وتَقَبُّل كل جديد صالح، إنه مذهب دين ودنيا، وإيمان وعمل، وجد ونشاط، وعدل وإيثار، ‏وجهاد واجتهاد، فيه الإنسان مخير لا مسير، مذهب يدعو إلى التحرر الفكري وإلى التعمق في ‏العلوم النافعة ويحرم التقليد في العقائد والقواعد العلمية الدينية، ويوجب الاجتهاد على ضوء ‏القرآن والسنة في العبادات والمعاملات، ويدعو إلى القوة والتضحية، ويفرض الطاعة والنظام ‏والتعاون، كما يفرض الخروج على أئمة الجور والثورة على الظلم الاجتماعي والطغيان الفردي، ‏ولا يرضى لأتباعه بالمذلة والكسل، ولا بالخضوع والاستسلام لغير اللّه وما شرعه، مذهب‎ ‎يحترم ‏السلف في حدود أنهم من البشر عرضة للنقد بما فيهم الصحابة وأبناء فاطمة، فأفراد الفاطميين ‏كالصحابة فمنهم كغيرهم محسن وظالم لنفسه مبين".‏
وقد اتسم المذهب الزيدي نتيجة لربط الإمامة بالإجتهاد ووجوده في أكثر من مكان بسمات ‏لخصها الشيخ محمد أبوزهرة في:‏
‏1:-النمو
‏(للمذهب الزيدي ميزة هامة تتمثل بالنمو والإتساع،وعنها يقول الشيخ محمد أبو ‏زهرة:(تضافرت عدة أسباب فجعلت مذهب الإمام زيد مذهباً نامياً متسعاً يجد في رحابه كل ‏مذهب من مذاهب أهل الإسلام مستقراً،وتلك الأسباب تتلخص في أربعة أمور:‏
الأولى_فتح باب الاجتهاد فيه إذ لم يغلق فيه وقتاً من الأوقات ‏
ثانيها:-فتح باب الاختيار من المذاهب الأخرى،فقد صار هذا المذهب بهذا الاختيار حديقة غناء ‏تلتقي فيها أشكال الفقه الإسلامي المختلفة وأغراسه المتباينة،وجناه المختلف الألوان والطعوم،وإن ‏ذلك كان نتيجة لفتح باب الاجتهاد فيه،فقد اختاروا بجتهادهم من المذاهب الأخرى مايتفق مع ‏منطق المذهب أو أصوله،وأصوله متحدة أو على الأقل متقاربة مع جملة الأصول التي قررها فقهاء ‏المسلمين.‏
وثالثها:-وجود المذهب في عدة أماكن مختلفة متنائية الأطراف متباعدة،كل إقليم له بيئة تخالف ‏بيئة الإقليم الآخر،والمذهب كالماء الجاري يحمل من الأرض التي يمر بها خواصها،فيحمل من أهل ‏كل بلد عرفه وعادته وتقاليده وأفكاره.‏
ورابعها:-وجود أئمة مجتهدين مشهورين في كل عصر من العصور الأولى حتى القرن الثامن ‏الهجري،)‏ ‏.‏
‏2:-الإنتشار،والتسامح
وقد ترتب على فتح باب الإجتهاد وفتح باب الإختيار من المذاهب الأخرى وتنوع البيئة التي ‏وجد فيها المذهب ووجود أئمة متبوعين (أمران جليلان في تاريخ الفقه الزيدي:_‏
أولهما انتشار آراء الإمام زيد في البقاع الإسلامية كلها تقريباً،وهي آراء مشبعة بروح التسامح ‏والقبول لكل الآراء مادام لها ملتمس من هدي النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم أياً كان ‏طريقه.وإنا نجد في كل مذهب تعصباً من معتنقيه خصوصاً في القرنين الرابع والخامس،إلا المذهب ‏الزيدي فإنا نجد من معتنقيه قبولاً لكل مايكون له مستند من الشرع،وفي الوقت الذي كانت ‏المناظرات على أحدها في القرن الرابع والخامس الهجري في بلاد ماوراء النهر،بين المذهب الحنفي ‏والمذهب الشافعي نجد المذهب الزيدي في تلك البلاد وغيرها يسير هادئاً كالنمير العذب يأخذ ‏مجتهدوه خير ما في المذهبين إذا انقدح في نفوسهم سلامة منطقه.‏
وفي الوقت الذي نجد فيه الفتن في العراق تقع بسبب التعصب بين الشافعية والحنفية ترى المذهب ‏الزيدي هادئاً كالبحر الساجي يحمل في سفائنه خير مافي الكنوز الإسلامية من فقه.‏
ثانيهما اتساع أفاق المذهب،وكثرة الآراء فيه،ففي كل بلد من البلاد التي حل فيها كان له اجتهاد ‏تتناسب مع حاجات أهل البلد،ومتفق مع العرف فيها،وإنتاج أحكام لمايجد فيها من أحداث‎ ‎
‎(‎



‏3:-كثرة المجتهدين المتبوعين
كان لإشتراط الزيدية أن يكون الإمام مجتهداً أثراً كبيراً في وجود عدد كبير من المجتهدين،سواءً ‏من الأئمة أو من دعاة الزيدية لأن كل إمام يلتف حوله عدد من المجتهدين،ناهيكم عن التنافس ‏بين الأئمة وأتباعهم على اكتساب المعرفة المؤهلة لدرجة الإجتهاد.وقد كان للمذهب(أئمة ‏مجتهدون متبعون أيضاً بقدر يتناسب مع الإجتهاد الواجب لأهل كل إقليم..وقد إستمرت سلسلة ‏هؤلاء الأئمة المختارين للفتوى والإجتهاد لاتنقطع ولكل واحدمنهم أتباع يسلكون ‏سبيله،ويتبعون آراءه)‏

‏ وسيجد القارئ مصداق ماذكر أنفاً في أي كتاب فقهي، لأن فقه الزيدية فقه مقارن، الترجيح ‏فيه يتم من خلال مراعاة مصالح العباد وفق الموازنة بين الكليات الخمس( حفظ الحياة والحرية ‏والعقل والعرض والمال،)وهذا ماتكشف عنه هذه النصوص من فقه المذهب:‏
النص الأول في النفقات( ويجب على كل مؤسر نفقة كل معسر،بشرطين أحدهما أن يكون على ‏ملته،وهذا الشرط في غير الأبوين وأما هما فلايعتبر فيهما شرط إتحاد الملة، الشرط الثاني أن يكون ‏المؤسر يرثه أي يرث المعسر بالنسب فيجب عليه من النفقة على قدر إرثه،هذا مالم يسقطه وارث ‏آخر،فإن تعدد الوارث فحسب الأرث أي لزم كل واحد منهم من النفقة بقدر حصته من الأرث،
ويجب للمعسر على المؤسر من الأنفاق الإطعام والأدام والدواء وكسوته وسكناه وإخدامه للعجز ‏عن خدمة نفسه لصغر أو كبر أو مرض، وإذا عجل شيئاً من نفقة القريب لزم المنفق أن يعوض ‏ماضاع،...ولو مطل المؤسر المعسر ماوجب عليه حتى مضت مدته فإنه يسقط عنه الواجب الماضي ‏زمانه بالمطل،وكان المؤسر عاصياً ولو حكم بها حاكم،وللحاكم أن يأمر المعسر بأن يستقرض ‏للغائب(أي على المؤسر الغائب) مقدار قوته كل يوم وينفقه علة نفسه،وللحاكم أن ينفق على ‏المعسر من مال المؤسر الغائب إذا كانت غيبته يجوز معها الحكم بعد أن طلب كفيلاً بالضمان إن ‏تبين عدم ثبوت النفقة،
وحد المؤسر الذي تلزمه نفقة المعسر هو من يملك من المال الكفاية له وللأخص به من الغلة إلى ‏الغلة إن كانت له غلة أو إلى وقت الدخل إن كان له دخل من يوم أو شهر أو أسبوع وينفق من ‏الزايد على مايكفيه ولولم يكف القريب إلى الغلة فإن لم يكن له مال يكفيه إلى الغلة أو الدخل لم ‏يلزمه شيء سواءً كان كسوباً أم لا....وقال الشافعي أنه ينفق الفضلة علةى قوت اليوم،
وحد المعسر الذي تجب نفقته هو من لايملك قوت عشر ليال غير ما استثني له من الكسوة ‏والمنزل والأثاث والخادم وآلة الحرب من فرس أو غيره فإذا لم يملك قوت العشر لزم قريبه أن ‏ينفقه وقال زيد بن علي(ع) هو من لايملك النصاب،وإذا إدعى الإعسار ليأخذ النفقة من المؤسر ‏وأنكر المؤسر إعساره وجبت البينة عليه(على المعسر)‏
وأعلم أنه على السيد شبع رقه من أي طعام كان من ذرة أو شعير ويقيه الحر والبرد أو تخلية ‏القادر يتكسب لنفسه فإن تمرد السيد أجبره الحاكم على إحدهما،فإن لم يكن ثم حاكم أو كان ‏لايستطيع اجباره فللعبد ان يدفع الضرر عن نفسه بالإنضواء إلى حيث يمكنه المراجعة بالإنصاف ‏فإن أنصف وإلا تكسب على نفسه،وإن لايكون العبد قادراً على التكسب ولم ينفقه سيده ‏كلف إزالة ملكه بعتق أو بيع أو نحوه فإن تمرد السيد عن ذلك فالحاكم يببعه عليه،وللحاكم أن ‏يستدين له عنه أو ينفقه من بيت المال ديناً أو مواساة على مايراه،
ويجب سد رمق محترم الدم كالمسلم والذمي لاالحربي وكذا سائر الحيوانات التي لاتؤكل ولايجوز ‏قتلها،وما يؤكل يجب تذكيتها إذا خشي هلاكها،
وأما نفقة البهائم فيجب على مالكها أن يعلفها علفاً مشبعاً أو يبيعها أو يسيب في مرتع إذا كان ‏خصيباً،أما التسييب في المدن فلايكفي بل يجبر على انفاقها،وويلزمه حفظها إذا خشي عليها ‏السبع،ويجب على الشريك في العبد والبهيمة حصته وحصة شريكة الغائب والمتمرد وله الرجوع ‏إذا نوى،
وكذلك مؤن كل عين مملوكة لغيره وهي في يده بإذن الشرع كالعارية والمستأجرة والمرهونة ‏والوديعة إذا احتاجت إلى مؤنة حيث المالك غائباً أو متمرداً،وكذالك حكم الدار والبئر والنهر ‏المشترك)‏



وفي الخروج على الظالم الذي تمكن الديمقراطية منه الآن بطريقة سلمية آمنة بحجب الثقة والدعوة ‏لانتخابات مبكرة قطع للطريق على من استثمروا ويستثمرون الاسلام تحت مسميات عديدة ( ‏طاعة ولي الامر ، عدم شق عصا الطاعة ، الخروج على الجماعة ، الصبر على قضاء الله وقدره ) ‏‏. ونزعم أن موقف الظلمة واعوان الظلمة ومسوخ الظلمة ( المسخ هنا من يتماهى بظالمه أو ‏يتوحد به فيصبح بوقا له او مسخا لشخصه )‏
إن موقف هؤلاء من الزيدية هو موقف من العدل ومن احترام الإنسان من التغيير وليست ‏مواقفهم من الزيدية هي رفض لشرط النسب لانه لوكان الامر كذلك لمنعوا تدريس كتب السنة ‏التي تنص على شرط النسب كشرط صحة، ولو كانوا ينطلقون من رفض هذا الشرط لما فرضوا ‏قداسة كتب الحديث ومنهج اهل الحديث لأنها أولى بالمنع اذا كان هذا هو السبب، وعلى فرض ‏أن الدكتور يجهل نشير إلى ما يلي:- ‏
‏_ 1 _ ان من لا يقول بشرط النسب عند اهل السنة بجميع مذاهبهم خارج عن الاجماع (لأن ‏النص على مبدأ حصرها في قريش تواترت الاحاديث به ومن لا يؤمن بالمتواتر كافر) يقول الشيخ ‏الشوكاني في مقام رده على من يشكك في شرط النسب بأن ماجاءوا به في خلافهم،حجج ساقطة ‏وأدلة خارجة عن محل النزاع-لأنهم أطالوا من غير طائل(لأن هذه الإمامة قد ثبت عن رسول الله ‏صلى الله عليه وآله وسلم الإرشاد إليها والإشارة إلى منصبها كما في قوله""الأئمة من قريش""‏ ‏ ‏ويؤكد هذا المعنى أحد رموز التيار السلفي في اليمن الشيخ عقيل المقطري: ( لقد ذهب إلى ‏اشتراط القرشية في الحاكم أهل العلم ممن يعتد بخلافهم من أهل السنة والجماعة بل حكى ‏الأجماع،وقد استدل القائلون باشتراط القرشية على صحة ما ذهبوا إليه بالسنة الصحيحة ‏والصريحة وبالإجماع.
أما السنة فقد صحت عن النبي صلى الله عليه( آله )وسلم أحاديث كثيرة تفيد أن قريشا هم ولاة ‏هذا الأمر (أي الخلافة):-
‏1- فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (الناس تبع لقريش في ‏هذا الشأن مسلمهم تبع لمسلمهم ، وكافرهم تبع لكافرهم، تجدون من خير الناس أشد كراهية ‏لهذا الشأن حتى يقع فيه) وفي رواية أخرى عنه رضي الله عنه: (الناس تبع لقريش في هذا الأمر)‏ ‏ ‏
‏2- عن معاوية رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إن هذا ‏الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا كبه الله في النار على وجهه، ما أقاموا الدين)‏ ‏
‏3- عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا يزال ‏هذا الأمر في قريش ما بقي اثنان) وفي رواية (ما بقي منهم اثنان)‏ ‏
‏4- عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (الأئمة من قريش ولي ‏عليكم حق عظيم ولهم مثله ما فعلوا ثلاثا: إذا استرحموا فرحموا، وحكموا فعدلوا، وعاهدوا ‏فوفوا، فمن لم يفعل منهم فعليه لعنه الله والملائكة والناس أجمعين)‏ ‏
قال الحافظ بن حجر رحمه الله جمعت طرقه على نحو أربعين صحابيا ونص الحافظ (ابن حجر) على ‏تواتره كذلك الكتاني في (نظم المتناثر في الحديث المتواتر).
‏5- عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (يا ‏معشر قريش فإنكم ولاة هذا الأمر مالم تعصوا الله فإن عصيتموه بعث عليكم من يلحاكم كما ‏يلحا القضيب، لقضيب في يده)‏ ‏ ‏
‏6- عن جابر بن سمرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لا يزال الإسلام ‏عزيزا إلى اثنى عشر خليفة كلهم من قريش)‏ ‏
هذه بعض الأحاديث الواردة في هذا الشأن وتركت الكثير منها خشية الإطالة وهذه الأحاديث ‏نصوص صريحة تفيد اختصاص قريش بولاية أمر المسلمين أي الخلافة وقد عبر عنها النبي صلى الله ‏عليه وآله وسلم بلفظ الأمر والشأن بل إنه صرح بأن الأئمة من قريش وأن الدين لا يزال عزيزاً ‏حتى يلي أمر الناس اثنى عشر خلفية كلهم من قريش.
وهذا ما فهمه جماهير علماء المسلمين من سلف هذه الأمة ولم يشذ عنهم سوى من لا عبرة بخلافه ‏من أهل البدع كالخوارج والمعتزلة والروافض.
ويختم المقطري بقوله:(ثم نقول أخيرا على دعوى مخالفة هذه الأحاديث للمبادئ الإسلامية فيه ‏كمبدأ المساواة
نقول إن التفضيل لا يعني إقرار العصبية لأن الإمام ليس له في نظر الإسلام ميزة عما سواه فهو ‏مثلهم إلا أنه أكثرهم حملا واختصاص البعض بحكم شرعي لا يعني الخروج على المساواة وإقرار ‏مبدأ التعصب المذموم.. وقد خص الشارع قريشاً بأن الإمامة فيهم وخص بني هاشم بتحريم ‏الصدقة عليهم واستحقاقهم الخمس من الغنائم)‏ ‏.‏
و(النسب وهو أن يكون من قريش لورود النص فيه وانعقاد الإجماع عليه،ووفقاً لهذا الرأي يرى ‏الماوردي أنه لايجوز لمن لا يتوافر فيه ذلك أن يرشح نفسه للخلافة،فإن الخلافة ليست جائزة ‏لجميع المسلمين،لأنه لايجوز منازعة الأمر أهله)‏
‏ إلا أن (من غلب عليهم بالسيف حتى صار خليفة وسمي أمير المؤمنين لايحل لأحد يؤمن بالله ‏واليوم الآخر أن يبيت ولايراه إماماً عليه براً كان أو فاجراً فهو أمير المؤمنين)‏ ‏ على أن يكون ‏من قريش (أي ممن ينتسبون لفهر بن مالك) لأن شروط العدالة والعلم والفضل يمكن إسقاطها ‏بحسب كلام ابن الفراء الحنبلي استناداً إلى مارواه الإمام أحمد بن حنبل وإن ظلم أو جار (وإن ‏أخذ الحق وجلد الظهر) مالم يعلن الكفر البواح بمنعه المسلمين من إقامة الصلاة،
ويصبح القرشي إماماً أو خليفة بمجرد العقد له من أهل الإختيار،(وإعطاء البيعة للإمام الجديد أمر ‏نافذ وليس هناك حق في الإعتراض عليه،لأن البيعة تصبح ملزمة للجميع الشاهد والغائب ‏معاً،والتنازع على الإمامة لايقدح في المتنازعين لسببين اثنين،الأول إن طلب الإمامة ليس مكروهاً ‏في حد ذاته،والثاني ما أجمع عليه أهل الشورى الذين حددهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه قبل ‏وفاته،واختلف أهل العلم{من أهل السنة}في ثبوت إمامته وانعقاد ولايته بغير عقد ولا ‏اختيار،فذهب بعض فقهاء العراق إلى ثبوت ولايته وانعقاد إمامته وحمل الأمة على طاعته،وإن لم ‏يعقدها أهل الاختيار لأن مقصود الاختيار تمييز المُوَلَى وهذا قد تميز بصفته)‏
وللإمام في الفكر السني الحديث والمعاصر كما يعبر عن ذلك الإمام الشهيد حسن البناء مؤسس ‏ومرشد جماعة الأخوان المسلمين نفس مكانة الإمام المعصوم عند الشيعة الإمامية حيث ‏يقول(الإمام الذي هوواسطة العقد،ومجتمع الشمل،ومهوى الأفئدة،وظل الله في الأرض،والإخوان ‏يعتقدون أن الخلافة رمز الوحدة الإسلامية ومظهر الارتباط بين أمم الإسلام ،وأنه شعيرة إسلامية ‏يجب على المسلمين التفكير في أمرها والاهتمام بشأنها،فالخليفة مناط الكثير من الأحكام في دين ‏الله ولهذا قدم الصحابة رضوان الله عليهم النظر في شأنها على النظر في تجهيز النبي صلى الله عليه ‏وآله وسلم حتى فرغوا من تلك المهمة واطمأنوا إلى انجازها، والأحاديث التي وردت في وجوب ‏نصب الإمام وبيان احكام الإمامة وتفصيل مايتعلق بها لاتدع مجالاً للشك في أن واجب المسلمين ‏أن يهتموا بالتفكير في أمر خلافتهم منذ حورت عن مناهجها ثم ألغيت بتاتاً إلى الآن،والإخوان ‏يجعلون فكرة الخلافة والعمل لإعادتها في رأس مناهجهم)‏ ‏ ‏
‏_ هذه مجرد إشارات عن المنهج الفكري للزيدية مع الإشارة إلى أن السلالية أو القبلية ليست ‏خاصة بالزيدية إن أعتبر حصر الإمامة بالمعنى الديني الشرعي في منصب مخصمص سلالية لأنها ‏مشتركة بين أغلب الفرق والمذاهب ولم يسلم منها سوى الخوارج وأفراد من المعتزلة ،و الفرق ‏الوحيد أن الزيدية تجعلها في العالم العابد الورع التقي السخي الوسيم الكفء من آل البيت وغير ‏الزيدية كاهل السنة يحصرها في قبيلة قريش دون أن يشترط العلم أو التقوى والورع و الكفاءة ‏ولا استقامة فقط أن يكون قرشيا متغلبا وإن أخذ الحق وجلد الظهر.‏
‏ ونعتمد على ذكاء الدكتور والقاريء في فهم دلالة أصول وقواعد الزيدية التي استهلينا بها هذه ‏الخاطرة وإذا ما استبعدنا شرط النسب في الإمامة فإننا سنجد أن هذه المباديء والقواعد ‏ضرورية لحل أزمة الفكر الإسلامي المعاصر . واذا احتاج الدكتور إلى مزيد إيضاح فانصحه ‏بقراءة اي كتاب من الكتب التي كتبت عن الزيدية من غيرهم (كالزيدية) للأستاذ الدكتور أحمد ‏محمود صبحي و(الإمام زيد بن علي) للإمام لمحمد أبو زهرة، و(رسائل العدل والتوحيد ) لمحمد ‏عمارة
ومع أننا لا ننكر بأن الزيدية تعتقد أن الامام أو الامامة لايمكن أن تكون الا في العلوي الفاطمي ‏مع ذلك إلا أن علماء الزيدية يميزون بين الامامة العظمى( التي هي رئاسة عامة في الدين والدنيا) ‏وبين تولي السلطة فالدولة الحديثة بما هي عليه من مؤسسات وانتخابات نظام اجتماعي كنظام ‏القبيلة أو النقابة أو أي شكل من اشكال النظم الاجتماعية التي تبتدعها البشرية لتنظيم حياتها،.‏
ولذلك كان موقف علماء الزيدية هم الذين دعموا الوحدة عبر البيان المشهور ودعوا للاستفتاء ‏على الدستور وأصلوا للتعددية الحزبية السياسية والفكرية ودعوا المرأة إلى ممارسة حقها في ‏الترشح والانتخاب ابتداءا من انتخابات 93 وطالبوا بتوحيد السلم التعليمي وصبرواعلى ‏مصادرة مساجدهم وقتل ابنائهم وتدمير مزارعهم دون أن يكفروا من يرتكب هذه الجرائم بحقهم ‏ودون ان يستبيحوا دم أحد،
واعتصموا بحبل الله جميعاً

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الدراسات والأبحاث“