حكم المرتد في الإسلام .. رؤية أخرى ؟!

هذا المجلس لطرح الدراسات والأبحاث.
أضف رد جديد
الزيدي اليماني
مشرف مجلس الأدب
مشاركات: 404
اشترك في: السبت ديسمبر 23, 2006 3:46 pm
مكان: أمام الكمبيوتر !

حكم المرتد في الإسلام .. رؤية أخرى ؟!

مشاركة بواسطة الزيدي اليماني »

حكم المرتد في الإسلام
محمد عابد الجابري



أثارت تصريحات مفتي مصر، التي أدلى بها مؤخراً لوسائل إعلام أمريكية حول حكم المرتد في الإسلام، جدلا بين علماء الأزهر وغيرهم من المهتمين بالشأن الديني في العالم العربي خصوصا والعالم الإسلامي عموماً، وكنا قد أبدينا رأينا في الموضوع منذ عقد ونصف من السنين، وكلما أثيرت القضية ورجعنا إلى ذلك الموقف وجدناه يمثل الرأي الصحيح كما عبرنا عنه أول مرة .
لقد عالجنا المسألة على مستويين، مستوى العام ومستوى الخاص، والتمييز بين هذين المستويين ضروري لتجنب الخلط واللبس والجدل العقيم .
أما المستوى العام فيتعلق بموضوع الدعوة المحمدية من حرية الاعتقاد ، وهو موقف واضح تبينه الآيات التالية : قال تعالى مخاطباً رسوله الكريم : " ولو شاء ربك لآمن من في الأرض جميعا، أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين " يونس 99 ، وقال تعالى : "فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظا، إن عليك إلا البلاغ " الشورى 48 ، وقال تعالى : " فذكر إنما أنت مذكر، لست عليهم بمسيطر إلا من تولي وكفر فيعذبه الله العذاب الأكبر ، إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم " الغاشية 22-26 ، وقال تعالى : " وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر " الكهف 29 ، وقال تعالى : "إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا " الإنسان3 ، وقال تعالى : " لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي " البقرة 256 .
وواضح أن هذه الآيات تقرر حرية الإنسان في الاعتقاد، فهو حر في أن يعتنق الإسلام ، لكنه إذا أعرض فليس من حق الرسول أن يجبره على ذلك .
سيقول كثير من الفقهاء إن هذه الآيات " نسخت بآية السيف " وفي نظرنا أن مفهوم النسخ ومفهوم "آية السيف " مفهومان لا وجود لها في القرآن . أما "النسخ" فقد ورد لفظه ، وقد بينا في سلسلة مقالات ، على صفحات هذه الجريدة ، أن المقصود " بالمنسوخ " فيما وصف في القرآن بهذا الموصف ، أو بما في معناه، وهو إما الشرائع الماضية، وقد نسخت بمجيء خاتم الأنبياء والمرسلين محمد عليه السلام ، وإما " الآيات " المعجزات التي خص الله بها بعض أنبيائه ورسله ، والتي تختلف من نبي إلى نبي (عصا موسى، آيات عيسى) الخ ، أما ما يسمى بـ " آية السيف " فقد سبق أن بينا ، منذ مدة وفي هذا المكان ، أنه ليست هناك "آية السيف " بل آيات تبيح أو – تدعوا – إلى قتال مشركي مكة الذين كان المسلمون دخلوا معهم في حرب، مضطرين تحت تهديد التصفية بالقتل بعد أن طردوا من ديارهم، ومن بينهم الرسول نفسه عليه الصلاة والسلام، فالحرب التي خاضها المسلمون بقيادة النبي عليه السلام كانت دفاعا عن النفس لا غير، والجدير بالذكر أنه كانت خالية من روح الانتقام تماما . فالمعروف أن النبي عليه السلام قبََل " صلح الحديبية " حينما اعترضته قريش ومنعته من الدخول إلى مكة لأداء العمرة ، ومن المعروف كذلك أن فتح مكة لم يكن بقتال بل بمفاوضات مهد لها قرار النبي عليه السلام الزواج بأم حبيبه بنت أبي سفيان زعيم مشركي قريش آنذاك، ثم قادها فيما بعد عمه العباس فكانت النهاية الدخول إلى مكة بدون قتال ، فقد أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أن ينادي المنادي " من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، ومن أغلق بابه فهو آمن ، ومن دخل المسجد فهو آمن " .
هذا عن حرية الاعتقاد على المستوى العام ، أعني اعتناق الإسلام إبتداءً ، أما مسألة " المرتد " ، وهو الذي يعتنق الإسلام ثم يرتد عنه إلى اعتقاد آخر ، فهي مسألة تقع على مستوى الخاص ، إذا نظر إليها من زاوية "حرية اعتقاد الإسلام " وهذا الخاص فيه مستويان " الخاص " و " خاص الخاص " ، أما على المستوى الخاص فالمرجع فيه جملة آيات هي قوله تعالى : " من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم " النحل 106 ، وقوله تعالى: "ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون " البقرة 127 ، وقوله : " إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم " آل عمران 77 ، وقوله تعالى:" كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات والله لا يهدي القوم الظالمين ، أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين خالدين فيها لا يُخفف عنهم العذاب ولا هم يُنظرون " آل عمران 87-86 ، ويقول الله تعالى :"ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا " النساء 115 ، وقوله تعالى :"إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا " النساء 137 ، في جميع هذه الآيات نجد أن حكم المترد ، كما يتحدد في سياقها ، هو لعنة الله ، غضب الله ، جهنم ... وليس القتل، وأكثر من ذلك فباب التوبة مفتوح أمامه .
هذا في القرآن ، أما في الفقه، فحكم المرتد هو القتل كما هو معروف ، ويستند الفقهاء في ذلك إلى حديث نبوي يقول : " من بدل دينه فاقتلوه " فكيف نفسر هذا الاختلاف ؟
لنستبعد الشك في صحة الحديث المذكور، فقتال المرتدين زمن الخلافة أبي بكر واقعة تاريخية لا شك فيها، ولكن لابد من التمييز بين المرتد الذي يغير دينه كشخص ليست له أية دوافع أخرى غير اقتناعه الشخصي الديني وحكمه كما ورد في الآيات السابقة ، عقاب أخروي لا غير ، أما المرتد بدافع خارجي ، خارج مجال الاعتقاد المحض ، فشيء آخر ، وهذا ما عنيناه بــ " خاص الخاص " في هذه المسألة ، ذلك أن المرتدين الذي حاربهم أبو بكر بوصفة رئيسا للدولة لم يكونوا مجرد أشخاص غيروا عقيدتهم ، ولا شي بعد ذلك ، بل كانوا أناسا أعنوا التمرد على الدولة، فامتنعوا عن دفع الزكاة بدعوى أنها كانت التزاما منهم للرسول عليه الصلاة والسلام وحده دون غيره ، بل لقد ذهبوا إلى أبعد من ذلك ، إذ نظموا أنفاسهم للانقضاض عليها " فالمرتد" بهذا المعنى هو من خرج على الدولة إسلامية كانت أو غير إسلامية ، " محاربا " أو متآمرا أو جاسوساً للعدو ... الخ
وإذن فحكم الفقه الإسلامي على " المرتد " بهذا المعنى ليس حكما ضد حرية الاعتقاد، بل ضد خيانة الأمة والوطن والدولة ، وضد التواطؤ مع العدو أو التحول إلى لص أو عدو محارب ، من هنا نفهم كيف يربط الفقهاء بين حكم المحارب وهو من يخرج على الدولة والمتجمع ويشهر السلاح ويقطع الطريق ، وبين "المرتد " ذلك أن "المرتد" في الخطاب الفقهي الإسلامي هو صنف من المحاربين (قطاع الطرق ) وحمه يختلف من فقيه إلى آخر حسب ما يكون المرتد محاربا بالفعل أو لا ، فالمرتد المحارب يقتل باتفاق الفقهاء، أما قبل أن يحارب فاختلفوا هل يستتاب أولا ، أم يقتل من دون استتابة، كل ذلك يدل دلالة واضحة على أن فقهاء الإسلام كانوا يفكرون في المرتد لا من زاوية أنه شخص يمارس حرية الاعتقاد ، بل من زاوية أنه شخص خان المجتمع وخرج ضده نوعا من الخروج .
وما نريد أن نخلص إليه من كل ما سبق هو أن الوضع القانوني لــ " المرتد " لا يتحدد في الإسلام بمرجعية الحرية ، حرية الاعتقاد ، بل يتحدد بمرجعية ما نسميه اليوم بـ الخيانة للوطن بإشهار الحرب على المجتمع والدولة ، وبالمثل فإن الذين يتحدثون اليوم على " حقوق الإنسان " وفي مقدمتها حرية الاعتقاد لا يدخلون في هذه الحرية ، حرية الخيانة للوطن والمجتمع والدين ، ولا حرية قطع الطريق وسلب الناس ما يملكون ، ولا حرية التواطؤ مع العدو ، وإذن فالحرية شيء ، والردة شيء آخر .
ويبقى مطلوبا من الاجتهاد الفقهي المعاصر النظر في ما إذا كان المسلم الذي يعتنق دينا آخرا اعتناقا فرديا لا يمس من قريب أو بعيد بالمجتمع ولا بالدولة ، يدخل في دائرة " المرتد " الذي يستباح دمه ، أعتقد أن من يقول بذلك لا يستطيع أن يدلي بأي نص ديني يرد به على من يعارضه ، إلا أن الآيات التي أوردناها سابقا والتي تتوعد المرتدين الوعيد الأكبر ، ولكن دون التنصيص على عقابه في الدنيا أي عقاب .

منقول عن موقع يمني حر

الزيدي اليماني
مشرف مجلس الأدب
مشاركات: 404
اشترك في: السبت ديسمبر 23, 2006 3:46 pm
مكان: أمام الكمبيوتر !

مشاركة بواسطة الزيدي اليماني »

نقلت الموضوع لأنه يمثل وجهة نظر أخرى
أملاً في نقاش حول ما جاء في رأي هذا الدكتور

فمارأيكم ؟
تحياتي
هل تعلم أن :
( الزيدية : هي الإمتداد الطبيعي للمنهج الإسلامي القرآني الأصيل وأن بلاد الزيدية : هي البلاد الوحيدة في العالم التي لا يوجد فيها مساجد خاصة بالشيعة وأخرى خاصة بالسنة ....)

الغمام1
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 14
اشترك في: السبت مارس 10, 2007 9:41 pm

مشاركة بواسطة الغمام1 »



اخي الكريم

الزيدي اليماني

هلا اوضحتم لنا من هو

الكاتب هذا المقال

محمد عابد الجابري

وهل هو يمني أم غير يمني

وماخلفيته

أعتقد أن ذلك مهم لفهم مقاله



محمد عسلان
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 99
اشترك في: الأربعاء يناير 04, 2006 12:01 pm

مشاركة بواسطة محمد عسلان »

كاتب ومفكر مغربي معاصر ، أستاذالفلسفة والفكر العربي الإسلامي في كلية الآداب بجامعة محمد الخامس بالرباط .

ومن مؤلفاته نقد العقل السياسي العربي و نقد العقل الأخلاقي العربي وغيرهما كما أنه حقق و أشرف على طباعة عدة كتب فلسفية ككتب أبي الوليد أحمد بن رشد رحمه الله و غيره .
تعـودت مـس الضر حـتى ألفته
و اسلمني حـسن العزاء إلى الصبر
و صـيرني يأسـي من الناس واثقا
بحسن صنيع الله من حيث لا ادري

إن الكلمة التي كنا نخشى قولها في الخفاء ستقال يوماً في العلن
و كل ما آمنا به في الخلوات سيعلن يوماً على رؤس الأشهاد

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الدراسات والأبحاث“