نقاش هادئ لمقوله (الله في السماء )

هذا المجلس لطرح الدراسات والأبحاث.
ابو قنديل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 148
اشترك في: الخميس فبراير 23, 2006 7:39 pm
مكان: المنزل

نقاش هادئ لمقوله (الله في السماء )

مشاركة بواسطة ابو قنديل »

نقاش هادئ لمقولة (الله فى السماء)
:roll: الموضوع منقول

--------------------------------------------------------------------------------

الكاتب: هانى على الرضا
بسم الله الرحمن الرحيم
توطئة







الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام الأتمَّان الأكملان على المبعوث رحمة للعالمين ، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .



هذه كلمات ليس فيها جديد يضاف على المسألة المقتولة بحثا ، ولكنها محاولة لتقريب الفهم وتيسير العبارة ، وإعادة الشرح لعقيدة أهل السنة والجماعة في هذا الشأن ، وهي في أغلبه نقول أو تقييدات لبعض ما سمعته من مشايخي من فوائد وإشارات وإحالات .


إني أعتقد أن منشأ الكثير من الخلاف والاحتراب حول هذه العبارة ، هو عدم فهم لعبارات علماء أهل السنة ومنطلقاتهن في تنزيه الله سبحانه ، فهذه الكلمات هنا هي فقط محاولة لإعادة تقديم عقيدة أهل السنة فيهذه المسألة ، في عبارات أرجو أن تكون سهلة بينة للجميع تناسب العصر، ويفهمها غيرالمتخصص، وهي موجهة أصلا لعامة الناس ممن أكلتهم فتنة التجسيم في هذا الزمان ،والقصد أولا وأخيرا لم شمل المسلمين والنصح في الدين ، وليس مقصدي الجدل والمراءوالله على ما أقول شهيد .




مدخل وتأسيس






إن المعنى الحرفي لـ ( الله في السماء ) يعني أن الله في الحقيقة موجود في أحد مخلوقاته لأن السماء مخلوقة.


ولايجوز أبدا في الإسلام اعتقاد أن الله يكمن، أو يقيم، أو يحل في شيء من مخلوقاته . يعتقد النصارى أن الله حل في عيسى عليه السلام، أو كما يعتقد الهندوس والبوذيين، أن الآلهة تتجسد وتتقمص أجساد أشخاص بعينهم ،ومن اعتقد أن الله ( في السماء ) حقيقة فقد ماثل قولُه قولَ النصارى والهندوس بلا شك.


الله عند المسلمين الموحدين له حق توحيده واحد أحد ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.


يجب علينا كمسلمين أن نعتقد أن الله هو (الغني) الذي لا يحتاج إلى ما سواه من خلقه وكل ما سواه من خلقه محتاج له قائم بمنه وكرمه.



يقول الله بأوضح بيان في سورة العنكبوت
((إن الله لغني عن العالمين))
ويذكر الله صفة ( الغِنَى ) هذه عن نفسه في حوالي سبعة عشر موضعا من القرآن.
إن ( غِنَى ) الله هو نقطة رئيسة في العقيدة الإسلامية ومحور مهم يقوم عليه كل إيمان المسلمين .
إنه بسبب هذا ( الغِنَى ) لا يمكن أبدا عند المسلمين أن يكون الله هو عيسى عليه السلام، أو يكون أي شخص، أو شيء آخر ذا جسد وبدن، أو شكل وكيف :
لأن الأبدان والأجساد والأجسام والأشكال وذوات الكيف، كلها تحتاج إلى الحيز ( المكان)الذي تحتله، ولا يمكن أن تتواجد بدونه ،والزمان الذي تتحرك وتحيا فيه وخلاله، ولا يعقل وجودها دونه .
فالحيز والبعد الزمني كلاهما لازمين ذاتيين لوجودنا ولوجود أي جسم.


إذاً، كل ذا جسد أو جسم أو بدن أو كيف لا يمكن أن يتواجد دون توفر هذين البعدين الذين هما في نفسيهما مخلوقان من خلق الله ،فإذاً كل ذا جسم وكيف ( هيئة ) يفتقر وجوده لوجود الزمان والمكان.
أما الله (الغَنِيُّ ) عند المسلمين، فلا يجوز أن يفتقر أو يحتاج إلى ما سواه، وهو الذي وَصَفَ نفسه بالغِنَى المطلق في الكتاب الكريم
الله تعالى يقوم بذاته ولا يحتاج لما سواه وكل ما سواه محتاج له، لهذا السبب عينِه يستحيل أن يكون لله تعالى جسم أو كيف أو مكان أو زمان.


هذه هي " عقيدة القرآن " ، وهي العقيدة التي صرح بها القرآن الكريم في أكثر من موضع ، وهي العقيدة التي أبقاها السادة العلماء من السلف والخلف في ذهنهم خلال قراءتهم وفهمهم لآيات قرآنية أخرى أو أحاديث نبوية، فلم يفهموا تلك الآيات والأحاديث بعيدا عن هذه العقيدة القرآنية المحورية بل فهموا كل تلك الآيات والأحاديث في ضوء هذه العقيدة المهمة التي تفرق المسلمين الموحدين عن غيرهم من عبدة الأوثان والكفرة المجسِّمين من يهود ونصارى .


يرفع المسلمون أيديهم إلى السماء عند دعاء الله لأن السماء هي(قبلة)الدعاء وليس لأن الله – سبحانه – يحتل تلك الجهة المعينة تماماً،مثلما أن الكعبة هي قبلة الصلاة التي يتوجه إليها المسلمون في صلاتهم


ولا أحدَ من المسلمين البتة، يعتقد أن الله في جهة الكعبة أو داخلها، بل كما إن الله خلال حكمته قد جعل القبلة علامةً، وآيةً،ورمزَ وحدة للمسلمين بكافة طوائفهم وفرقهم ، فهو سبحانه قد جعل السماء علامةً، وآيةً،ورمزاً، وإشارةَ رفعته ومجده وعزه، ولا تناهيه، ولا محدوديته ،سبحانه وتعالى


فكلما يأتي ذِكرُ السماء، يتذكر المسلمون رفعةَ الله وعزَّه ومجدَه ولا تناهيه، كما أنه كلما ذُكِرَت الكعبة، شعر المسلمون وتذكروا وحدتهم وتوحد مصيرهم وأصلهم وأمتهم
وهذا المعنى الدال على رفعة الله وعلوه وعزته، هو الذي يتملك قلب كل مؤمن موحِّد حالَ رفعه يديه إلى السماء، ودعاءه رب السماء والأرض سبحانه وتعالى .


لقد اقتضت حكمة الله البالغة أن تضمن هذه المعاني في السنة النبوية، لترفع من قلوب الناس الذين كانوا أول من سمعها، ولِتُوَجِّهَهُم ليلحظوا ويعرفوا مجد الله وعلوه ورفعته ولا تناهيه من خلال أعظم وأكبر آية إلهية محسوسة لهم : السماء المرئية التي رفعها الله فوقهم .


العديد من أولئك الذين سمعوا هذه المعاني أول مرة من فم النبي صلى الله عليه وسلم، وبالأخص عندما كانوا حديثي عهد بكفر وفارقوا لتوهم الجاهلية ،كانوا مرتبطين بشدة ومنجذبين إلى الواقع المادي المحسوس ولم يكن لديهم أدنى تصور عن وجود غير مادي أو محسوس كما تشهد بذلك أوثانهم التي كانت تماثيلَ وصوراً منصوبةً على الأرض أمامهم، ذات جسم وجسد وجهة تتحيز فيها ويرونها أمامهم.


وبالطبع،كانت لغة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم لإيصال معاني رفعةِ الله ومجدِه وعزِّه وعلوِّه وسموِّه ولا تناهيه إلى هؤلاء القوم الماديين حتى النخاع، كانت ولا بد أن تكون بمصطلحات وألفاظ ،يسهل عليهم إدراكها وفهمها
ومن هنا كان استخدام مجاز السماء أمامهم ليقود عقولهم إلى إدراك لا تناهي الله ولا محدوديته وسموه وعلوه
فاستُخدمت السماء كرمز يشير إلى كل هذه المعاني الغائبة عن عقول هؤلاء الوثنيين ،فكانت الإشارة إلى ما يعلمون لا تناهيه، ويرون ويحسون سموَّه وعلوَّه أمام أعينهم ( السماء ) ليسهل عليه إدراك سموِّ وعلوِّ ورفعةِ ولا تناهي ما لا يرون ولايحسون ولا يعلمون ( الله عز وجل) وكل ذلك بالطبع مع قيام الفارق العظيم ، وقيام معنى(ليس كمثله شيء) شاهداً على القلوب فلا يقاسالله بسمائه سبحانه وتعالى .


يقول الإمام القرطبي – مفسر القرآن الشهير والعالم الرباني القدير من القرن السابع – في تفسيره ( الجامع لأحكام القرآن ) في تفسير قول الله تعالى((أأمنتم من في السماء)):


(والأخبار في هذا الباب كثيرة صحيحة منتشرة، مشيرة إلى العلو،لا يدفعها إلا ملحد أو جاهل معاند ، والمراد بها توقيره وتنزيهه عن السفل والتحت ، ووصفه بالعلو والعظمة لابالأماكن والجهات والحدود لأنها صفات الأجسام) . انتهى


وقـال الشاطبي في (الموافقات) 4/154- تحت مسألة مالا بد من معرفته لمن أراد علم القرآن- :
(ومن ذلك معرفة عادات العرب في أقوالها وأفعالها ومجاري أحوالها حالة التنزيل ، وإن لم يكن ثم سبب خاص لابد لمن أراد الخوض في علوم القرآن منه ، وإلا وقع في الشُبه والإشكالات التي يتعذرالخروج منها إلا بهذه المعرفة – ...... ثم ذكر أمثلةً على ذلك ومنها قوله، والثالث:
قوله تعالى (يخافون ربهم من فوقهم) (أأمنتم من في السماء) وأشباه ذلك ، إنماجرى على معتادهم في اتخاذ الآلهة في الأرض، وإن كانوا مقرِّين بإلهية الواحد الحق ، فجاءت الآيات بتعيين الفوق وتخصيصه تنبيهاً على نفي ماادَّعوه في الأرض ، فلا يكون فيه دليل على إثبات جهة البتة. ) انتهى من الموافقات




ولكن .... الجارية تقول : الله في السماء !!!





حديث الجارية :


أورد الإما م مسلم في صحيحه عن معاوية بن الحكم قال :
(قلت: يا رسول الله ، إني حديث عهد بجاهلية. وقد جاء الله بالإسلام. وإن منا رجالا يأتون الكهان. قال "فلا تأتهم" قال: ومنا رجال يتطيرون. قال "ذاك شيء يجدونه فيصدورهم. فلا يصدَّنَّهم (قال ابن المصباح: فلا يصدَّنَّكم)
قال قلت: ومنا رجال يخطُّون. قال "كان نبي من الأنبياء يخط. فمن وافق خطه فذاك"
قال: وكانت لي جاريةٌ ترعى غنماً ليقِبَل أحد والجوانية. فاطَّلعتُ ذات يوم فإذا الذيب قد ذهب بشاة من غنمها.
وأنا رجل منبني آدم. آسف كما يأسفون. لكني صككتها صكة. فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعظم ذلك علي. قلت: يا رسول الله ، أفلا أعتقها؟
قال "ائتني بها" فأتيته بها. فقال لها : "أين الله؟" قالت: في السماء. قال: "من أنا؟" قالت: أنت رسول الله. قال: "أعتقها. فإنها مؤمنة.) صحيح مسلم


ويعلق الإمام النووي على الحديث في شرحه على مسلم قائلا :


(هذا الحديث من أحاديث الصِّفات، وفيها مذهبان تقدَّم ذكرهما مرَّات في كتاب الإيمان:
أحدهما:
الإيمان به من غير خوض في ((( معناه )))، مع اعتقاد أنَّ الله ليس كمثله شيء،وتنزيهه عن سمات المخلوقات.
والثَّاني:
(((تأويله ))) بما يليق به.



فمن قال بهذا – أي التأويل - قال: كان المراد امتحانها هل هي موحِّدة تقرُّ بأنَّ الخالق المدبِّر الفعَّال هو الله وحده، وهو الَّذي إذا دعاه الدَّاعي استقبل السَّماء،كما إذاصلَّى المصلِّي استقبل الكعبة،وليس ذلك لأنَّه منحصر في السَّماء، كما أنَّه ليس منحصراً في جهة الكعبة، بل ذلك لأنَّ السَّماء قبلة الدَّاعين، كما أنَّ الكعبة قبلة المصلِّين.


أو هي من عبدة الأوثان العابدين للأوثان الَّتي بين أيديهم، فلمَّا قالت: في السَّماء علم أنَّها موحِّدة وليست عابدة للأوثان. ) انتهى من شرح النووي على مسلم


جدير بالملاحظة هنا أن الإمام النووي لا يذكر فهم هذا الحديث حرفيا على ظاهره - كما يفعل الحشوية المجسمة كالوهابية عندما يقولون هو في السماء، تُفهم على ظاهر معناها الذي هو الجهة - كأحد أراء العلماء أو مواقفهما لمعتبرة أبدا !!


وقد يتصور البعض أن موقف النووي هذا نابع من كون هذاالحديث من أحاديث الآحاد التي لا يستدل بها في العقائد لكونها ظنية الثبوت ظنية الدلالة، ولكن الأمر أبعد من ذلك وأعمق بكثير !!
فنوع هذه الأحاديث تقبل كأدلة في العقيدة لدى أهل السنة والجماعة إن توفرشرط مهم وهو كون العقيدة المذكورة فيها سالمة من المعارضة .
وهذا الشرط غير موجود هنا في حديث الجارية هذا لعدة أسباب:
أولا :
القصة المروية في الحديث وألفاظها ومضمونها قد وصلت إلينا فيعدة صور وألفاظ أخرى صحيحة ثابتة تختلف كثيرا عن نسخة وصورة ( أين الله؟ .. الله في السماء.)


أحد هذه الصور المغايرة مروي في صحيح ابن حبان بسند حسن وفيه يسأل النبي صلى الله عليه وسلم الجارية :
(من ربك ؟) ،فترد قائلة : الله ، ثم يسألها : (من أنا ؟) ،فتقول : أنت رسول الله ، فيقول عندها الرسول صلى الله عليه وسلم : أعتقها فإنها مؤمنة.
(الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان ، مؤسسة الرسالة 1988)


وفي نسخة أخرى من الحديث مروية في مسند عبد الرزاق بسند صحيح ، يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم الجاريةإن كانت تشهد أن لا إله إلا الله ،فتقول نعم ، فيسألها إن كانت تشهد أنه هو رسول الله ،فترد بنعم ،فيسألها إن كانت تؤمن بالبعث بعد الموت ، فترد بنعم فيأمرالرسول صلى الله عليه وسلم سيدها أن يعتقها .
( المصنف – المجلد 9 صفحة 175 طبعةالمجلس العلمي 1970)



وهذه هي قواعد الإيمان الثلاثة المذكورة في القرآن في أكثر من موضع: الإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر ويناسب أن يُسأل عنها من يراد أن يتحقق من إيمانه !



وفي نسخة أخرى نجد الجارية بَكْماء لاتستطيع الكلام،ولكنها فقط تشير إلى السماء في الجواب .



ويعلق الحافظ أمير المؤمنين في الحديث ابن حجر العسقلاني أن هنالك تناقض عظيم في ألفاظ الحديث في نسخه المختلفة ( تخليص الحبير – المجلد الثاني طـ الكليات الأزهرية 1979)


وعندما يكون لحديث ماهذا العدد من الصور والنسخ المتضاربة فإن هنالك احتمالاً قوياً أن يكون هذا الحديث قد رواه بعض الرواة في بعض طبقات السندب المعني لا باللفظ !!



والمعنى هنا هوما فهمه ذلك الراوي من الحديث لا حقيقة ما حدث فعلا وبالتالي فإن(فهم) شخص ما،لا يصلح لتبنى عليه عقيدة في الله تعالى .


ثانيا :
هذا الاعتبار السابق مهم جدا لموضوع البحث، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قدبين بوضوح تام أركان العقيدة الإسلامية وقوائم الإيمان في الإسلام، وذلك في الحديث الذي رواه مسلم في كتاب الإيمان من صحيحه عندما أجاب على أسئلة جبريل عليه السلام قائلا :
(الإيمان : أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر و تؤمن بالقدرخيره وشره)
ولم يذكرالرسول صلى الله عليه وسلم أي شيء عن كون الله في السماء كركن من أركان الإيمان يعرف بها إيمان المرء من عدمه !!


لو كانت ( الله في السماء ) نقطة حاسمة وامتحان فاصل لإيمان المسلم من عدمه - كما تشير إلى ذلك نسخة - أين الله - من هذا الحديث - لكان لزاماً وواجباً حتمياً على النبي صلى الله عليه وسلم أن يذكر هذه النقطة في جوابه لسؤال جبريل عن ما هو الإيمان ؟!!!


ثالثا :
لو فهم شخص ما حديث الجارية حرفيا على ظاهرهواعتقد أن ( الله في السماء ) حقيقة ، فإن ذلك يتناقض مع أحاديث أخرى صحيحة، لها هي الأخرى الحق في أن تفهم حرفياً على ظاهرها كما فهم حديث الجارية على ظاهره، ولا تؤول ولا تصرف عن الظاهر ، ومن أمثلة هذه النصوص :


1 - مثلاً الله ( قريب) منا حال سجودنا :


عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ، فأكثروا الدعاء) صحيح مسلم – كتاب الصلاة – باب ما يقال في الركوع والسجود.
بينما لو كان الله حرفياً (في السماء ) لكان أقرب إلينا حال وقوفنا !!


2 - الله سبحانه (أمامنا) حال قيامنا وصلاتنا :


عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا كان أحدكم في صلاته فلا يبصق((أمامه)) فإن ((ربه أمامه))وليبصقعن يساره أو تحت قدمه فإن - قال سريج لم يجد - مبصقاً ففي ثوبه أو نعله.)
مسند الإمام أحمد بن حنبل – المجلد الثالث – مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه .
فهل الله فوقنا في السماء أم هو أمامنا أو هو قريب منا !!؟؟؟


3 - الله((معنا)) حال ذكرنا له :


عن أبي هريرة رضي الله عنهعن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يقول الله تعالى :
(أنا((مع))عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه)
رواه أحمد في مسنده وابن ماجه والحاكم في المستدرك وصححه الحاكم والسيوطي كذلك في الجامع الصغير .


فأين الله بالضبط ؟؟


في السماء أم معنا - على الفهم الحرفي لـ ( مع ) - أم أمامنا أمقريب منا !!!؟؟


4 - الله ليس ( في السماء):


وأخيرا .. في حديث المعراج يمر النبي صلى الله عليه وسلم بكل السماوات السبع ويقص علينا ما شاهد في كل سماء ومن التقى وهو بصحبة جبريل عليه السلام ،ولكنه لا يأتي على ذكر التقائه بالله سبحانه وتعالى في أي من تلك السماوات السبع .
فلو كان الله تعالى ( في السماء ) حقيقة لأخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أنه التقى رب العزة في السماء كذا وكذا !!!


والآن ..


عندما يقرأ المسلم كل هذه الأحاديث وغيرها الكثير الكثير ويفهمها كلها حرفيا على ظاهرها - كما تقول وتريد طائفة المجسمةالحشوية - فإنه يصيبه الارتباك ولا شك ويتبادر إلى ذهنه وجود التناقض بين نصوص الدين الحنيف ،والحقيقة أن ما من تناقض ولكن التناقض يكمن في عقله الضعيف فقط !!


فإذاً، الفهم الحرفي الظاهر ييؤدي بالمسلم إلى الحيرة والتناقض،فلا يستطيع تحديد مكان ربه بالضبط - تعالى سبحانه عن المكان - ولا يمكنه الجمع بين كل هذه النصوص البتة إن فهمت كلها ظاهريا وحرفيا دون اللجوء إلى التأويل في بعضها على الأقل، ومن فهم هذه النصوص وغيرها ظاهريا فإنه سيتصور إله اًيتحرك هنا وهناك، مرة قرب العبد، ومرة معه، ومرة فوقه ومرة أمامه وووووووووو ، ومثل هذا الإله المتوهم هو قطعاً ليس الله سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون ، وفساد هذا الاعتقاد بيّن لا يحتاج إلى كثير كلام .


رابعا :
الفهم الحرفي لكون الله في السماء يتناقض مع أصلين من أصول العقيدة الإسلامية أصَّلَهما القرآن الكريم :


الأول:
هو كون صفات الله مخالفة لصفات الحوادث ( المخلوقات)فلا تماثل شيئا من خلق الله البتة لقول الله تعالى في سورة الشورى : (ليس كمثله شيء.)


فلو كان الله حرفياً في السماء، لكان هنالك عدد لا يحصى من الحوادث مماثلة له في كونها في السماء لها ارتفاع ومكان وجهة وتحيز وهلم جرا كالطائرة والملائكة والشمس والقمر والكواكب،وبما أن الله ليس كمثله شيء فهو قطعاً ليس بجسم متحيز،لأن ماسواه أجسام متحيزة، وهو ليس كمثله شيء فليس جسماً قطعاً وتحقيقاً ،وكلما تبادر إلى ذهنك كونه الله فالله خلافه!!


الله يقول : (تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجاً وقمراً منيرا)


فهاهي البروج والشمس والقمرفي السماء بنص الآية ، فلو كان الله أيضاً في السماء لماثلها ولكننا نعلم أنليس كمثله شيء، فنتج انتفاء كونه في السماء على ظاهر اللفظ كما هوالحال مع البروج ووجب تفويض المعنى أو تأويله.


الثانى:
الأصل الثاني الذي تخالفه هذه العقيدة التجسيمية هوصفة ( غِنَى ) الله وعدم احتياجه البتة لشيء من خلقه سبحانه ، وهوأصل مبثوث في عدد من آي القرآن الكريم ، لذا وبموجب اعتقاد غِنَى الله المطلق، فإنه يستحيل كون الله جسماً أو كينونةً جسمية، لأن الأجسام تحتاج المكان والزمان لتتواجد فيهما، والله لا يحتاج البتة إلى زمان أو مكان، بل هو سبحانه قبل أن يكون زمان ومكان، والزمان والمكان خلقٌ منخلقه (الله خالق كل شيء.)


خامسا :
الفهم الحرفي الظاهري لمقولة الله ((في))السماء ، يعني ويفيد أن السماء تحيط بالله سبحانه وتعالى من كل الجهات بحيث يكون سبحانه أصغر منها لتحويه، وهو بالطبع تصور متهافت يرفضه حتى الأطفال الذين لم يبلغوا السعي .


وصرف معنى مقولة الله((في))السماء إلى((على السماء)) كما يفعل المجسمة عندما يغلبون في المناظرات ، هونوع من التأويل الذي يفر منه هؤلاء الظاهرية ليقعوا فيه ولا بد !!


فإن (( في )) غير (( على )) وجعل أحدهما بمعنى الآخر هو تأويل وإن ادَّعوا أنه ليس تأويلا .
لكل هذه الأسباب ولأسباب أخرى يطول ذكرها ، رأى السادة العلماء ضرورةً ولزوما لفهم المجازي الرمزي لهذا الحديث ولغيره من النصوص الحاوية لمثل هذه التعابير والاستعارات الموهمة للتشبيه والتجسيم، بحيث يتوافق المعنى مع استعمالات اللغة العربية دون أن يعارض الثوابت القرآنية أو الحديثية الدالة على تنزيه الخالق سبحانه وتعالى .



أأمنتم من ( في السماء)




لنأخذ مثلا على ذلك قول الله سبحانه وتعالى : (أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور)
ولننظر كيف فهمه وفسره أئمة أهل السنة والجماعة،ومدى توافق فهم المجسمة الحشوية كالوهابية مع فهمهم أو اختلافه عنه وبناء عليه نستطيع أن نحكم من هم أهل السنة :




القرطبي





( قال المحققون: أمنتم من فوق السماء؛ كقول: { فسيحوا في الأرض } أي فوقها لابالمماسة والتحيز لكن بالقهر والتدبير. وقيل: معناه أمنتم من على السماء ؛كقوله تعالى: { ولأصلبنكم في جذوع النخل } أي عليها. ومعناه أنه مديرها ومالكها؛ كما يقال: فلان على العراق والحجاز؛أي وإليها وأميرها.) انتهى .
الجامع لأحكام القرآن .



الشربيني الخطيب





يذكر أن هنالك عدة وجوه تأويل لقول الله ( من في السماء ) ، منها أنها تعني : الذي في السماء سلطانه وسيادته، لأن السماء هي حيث تقطن الملائكة وتسكن وهناك عرشه أعظم المخلوقات وكرسيه واللوح المحفوظ الذي منه تتنزل أحكامه وقضاءه وكتبه وأوامره ونواهيه .
ويذكر كذلك تأويلا آخر وهو أن ( من في السماء) حذف منها إضافة وتقديرها :
أأمنتم من خالق الذي في السماء، ويقصد الملائكة الذين يقطنون السماء لأنهم هم المأمورون بإيقاع الرحمة الإلهية ( إرادته سبحانه الخير ) أو الغضب والانتقام الإلهي ( إرادته سبحانه الشر) .
(راجع السراج المنير طـ دار المعارف بيروت المجلد الرابع)




فخر الدين الرازي





يذكر أن ( من في السماء ) تعني الملك الموكل بايقاع العذاب والعقاب – جبريل عليه السلام - ،وقوله ( يخسف بكم الأرض ) يعني بأمر الله وإذنه .
(تفسير الفحر الرازي ط دارالفكر بيروت 1985)




أبو حيان النحوي





يذكرأن سياق هذه الكلمات قد يكون وفق معتقدات المخاطبين بهذا الوعيد ( المشركين ) لأنهم كانوا مجسمة يجسمون الله ويتصورنه جسما كما يجسمون بقية آلهتم في شكل أوثان وأصنام وتماثيل ، فخاطبهم وفق معتقدهم لاموافقة لهم وإقرارا بل تنبيها على خطله وزيفه ، وعلى هذا يكون المعنى :
أأمنتم ممن تزعمون وتعتقدون كونه في السماء؟ بينما هو أعلى وأرفع من سائر المكان والزمان .
(تفسير النهر المدد من البحر المحيط ط دار الجنان ومؤسسة الكتب الثقافية 1987 بيروت)





القاضي عياض





ينقل الإمام النووي في شرحه على صحيح مسلم في شرح حديث الجارية بعد أن بَيَّن موقف السلف من أحاديث الصفات - وهو الموقف الذي أوردته أعلاه – كلامَ القاضي عياض في ذلك :
قال القاضي عياض :
لاخلاف بين المسلمين قاطبة فقيههم ومحدِّثهم ومتكلِّمهم ونظَّارهم ومقلِّدهم أنَّ الظَّواهر الواردة بذكر الله في السَّماء كقوله تعالى: (أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض) ونحوه ليست على ظاهرها بل متأوّلة عند جميعهم، فمن قال بإثبات جهة فوق، من غيرتحديد ولا تكييف من المحدِّثين والفقهاء والمتكلِّمين تأوَّل في السَّماء أي : على السَّماء.


ومن قال من دهماء النظَّار والمتكلِّمين وأصحاب التَّنزيه بنفي الحدِّ واستحالة الجهة في حقِّه سبحانه، تأوَّلوها تأويلات بحسب مقتضاها، وذكر نحو ما سبق - أي ما سبق للنووي إيراده من مواقف العلماء من أحاديث الصفات-قال: أي القاضي عياض
(ويا ليت شعري! ما الَّذي جمع أهل السُّنَّة والحقُّ كلّهم على وجوب الإمساك عن الفكر في الذَّات ، كما أمروا وسكتوا لحيرة العقل، واتَّفقوا على تحريم التَّكييف والتَّشكيل، وأنَّ ذلك من وقوفهم وإمساكهم غير شاكٍّ في الوجود والموجود،وغير قادح في التَّوحيد بل هو حقيقته، ثمَّ تسامح بعضهم بإثبات الجهة خاشياً من مثل هذا التَّسامح ،وهل بين التَّكييف وإثبات الجهات فرق؟.
لكن إطلاق ما أطلقه الشَّرع من أنَّه القاهر فوق عباده، وأنَّه استوى على العرش مع التَّمسُّك بالآية الجامعة للتَّنزيه الكلِّي، الَّذي لا يصحُّ في المعقول غيره، وهوقوله تعالى:
(ليس كمثله شيء ) عصمة لمن وفَّقه اللَّه، وهذا كلام القاضي -رحمه اللَّه. )
انتهى من شرح النووي على مسلم




هل يكفر من يقول أن الله في السماء حقيقةالآن ؟؟






نأتي الآن لمثال أخير .. الحديث المروي في صحيح مسلم:
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلةإلى السماء الدنيا ، حين يبقى ثلث الليل الآخر. فيقول:
من يدعوني فأستجيب له! ومن يسألني فأعطيه! ومن يستغفرني فأغفر له! .)


صحيح مسلم – الجزء الأول – كتاب صلاة المسافرين وقصرها – باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل والإجابة فيه .


لو تأملنا هذا الحديث للحظة ،لفهمنا أنه لا يتعلق ولا يقصد بيان عقيدة وليس موضوعه عن العقيدة ،ولكنه يقصد تأسيس نقطة عملية تعبدية ،وهي أنه يفترض بنا فعل شيء ما في الثلث الأخير من الليل : أن نقوم ونصلي وندعوالله!!


لهذا السبب عندما عَنْوَن الإمام النووي صحيح مسلم ،وبَوَّبه تبويبه وتقسيمه الموجود عليه حالياً ،عَنْوَن لهذا الحديث بـ :
(باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل والإجابة فيه)
ولم يترجم له بـ ( باب نزول الله ) مثلا ..


أما في ما يتعلق بمعنى ( ينزل ) الواردة في الحديث فإن الإمام النووي يعلق قائلا :


(هذا الحديث من أحاديث الصِّفات وفيه مذهبان مشهوران للعلماء سبق إيضاحهما في كتاب الإيمان ومختصرهما أنَّ:
أحدهما:
وهو مذهب جمهور السَّلف وبعض المتكلِّمين:
أنَّه يؤمن بأنَّها حقُّ عَلَى ما يليق باللَّه، وأنَّ ظاهرها المتعارف في حقِّنا غير مراد، ولايتكلَّم في تأويلها، مع اعتقاد تنزيه الله عن صفات المخلوق وعن الانتقال والحركات وسائر سمات الخلق.


والثَّاني:


مذهب أكثر المتكلِّمين وجماعات من السَّلف، وهو محكيٌّ هنا عن مالك بن أنس والأوزاعيِّ:



أنَّها تتأوَّل عَلَى ما يليق بها بحسب مواطنها، فعَلَى هذا تأوَّلوا هذا الحديث تأويلين:



أحدهما:


تأويل مالك بن أنس وغيره معناه: تنزل رحمته وأمره وملائكته، كما يقال: فعل السُّلطان كذا إذا فعله أتباعه بأمره.


والثَّاني:
أنَّه عَلَى الاستعارة، ومعناه: الإقبال عَلَى الدَّاعين بالإجابة واللُّطف، واللَّه أعلم.
( انتهى من شرح الإمام النووي على مسلم)


ويلاحظ العلامة علي قاري في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ) : أن الإمام مالك والإمام الأوزاعي والذين هما من السلف قد تأول كلاهما (ينزل ) تأويلا مفصلا دقيقا ،وكذلك فعل الإمام جعفر الصادق
بل إن جمهور السلف والخلف قالوا بأن كل من يؤمن بأن الله يوجد في جهة حسية هو كافر كما نص على ذلك العراقي بكل وضوح قائلاً أن هذا هو موقف أبو حنيفة ومالك والشافعي والأشعري والبلقيني.
(مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح – ط بيروت طار إحياء التراث المجلد الثاني صفحة 137)
ويجدر بنا هنا أن ننبه أن العراقي قد وصل رتبة حافظ ،(شخص قد حفظ أكثر من مائة ألف حديث عن ظهر قلب ) ، بينما الملا علي قاري هومحدث له أعمال مرجعية في الأحاديث الموضوعة، ما يعني أن كلاهما كان له المؤهلات والمقومات الكافية للتأكد من سند أي موقف يروي انه، ولهذا السبب فإن روايتهما لموقف العلماء من القائل بالجهة الحسية وتكفيرهم له لها وزنها واعتبارها ووجاهتها .


ولكن لعله من المناسب اليوم أن نقول أن المسلم الذي يعتقد أن الله موجود في السماء، أو في أعلى ليس كافرا، وذلك لأن شبهة نشر بدعة التجسيم من قبل البعض بأموال البترودولار بهذا الشكل المكثف الذي يقلب الليل نهاراً والنهار ليلا، تجد له عذر الجهل وعموم البلوى.


وقد كانت بدعة التجسيم هذه محصورة فيما مضى في بضعة أسماء تعد على اليد من مجسمة الحنابلة الذين تم فضحهم ودفعهم مرة تلو الأخرى من بقية فضلاء الحنابلة المتقدمين أنفسهم من أمثال ابن الجوزي الذي خاطب رفقائه الحنابلة في كتابه النفيس القيم،دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه قائلا :


(وقد أخذوا - أي بعض الحنابلة - بالظاهر في الأسماء والصفات .. ولم يلتفتوا إلى النصوص الصارفة عن الظواهر إلى المعاني الواجبة لله تعالى، ولا إلى إلغاء ما توجبه الظواهر من سمات الحَدَث، ولم يَقْنَعُوا بأن قالوا : ( صفة فعل ) حتى قالوا: (صفة ذات)، ثم لما أثبتوا أنها صفات، قالوا : لا نحملها على توجيه اللغة، مثل ( يد ) على معنى نعمة وقدرة ، ولا ( مجيء وإتيان ) على معنى بِرٍّ ولطف ، ولا ( ساق ) على شدة ، بل قالوا : نحملها على ظواهرها المتعارفة
والظاهر هو المعهود من نعوت الآدميين .. ثم يتحرجون من التشبيه ، ويَأْنَفُون من إضافته إليهم، ويقولون : ( نحن أهل السنة) !! ، وكلامهم صريح في التشبيه، وقد تبعهم خلق من العوام ، وقد نصحت التابع والمتبوع ، فقلت لهم : يا أصحابنا ، أنتم أصحاب نقل واتِّباع ، وإمامكم الأكبر أحمدبن حنبل رحمه الله يقول وهو تحت السياط : كيف أقول ما لم يُقَل ؟،
فإياكم أن تبتدعوا في مذهبه ما ليس منه ، ثم قلتم في الأحاديث :
(تُحْمَل على ظاهرها ) !! ، وظاهر القدم، الجارحة، فإنه لما قيل في عيسى عليه الصلاة والسلام : ( روح الله ) ، اعتقدت النصارى لعنهم الله تعالى أن لله سبحانه وتعالى صفةً هي روح وَلَجَت في مريم !! ، ومن قال : (استوى بذاته المقدسة ) فقد أجراه سبحانه مجرى الحِسِّيَّات !! ، وينبغي أن لا يُهْمَل ما ثبت به الأصل ، وهو العقل ، فإنا به عرفنا الله تعالى ، وحكمنا له بالقِدَم ، فلو أنكم قلتم : (نقرأ الأحاديث ونسكت ) ، لما أنكر أحد عليكم ، وإنما حَمْلُكُم إياها على الظاهر قبيح
فلا تُدخلوا في مذهب هذا الرجل الصالح السلفي ما ليس منه ، ولقد كسيتم هذا المذهب شيناً قبيحاً حتى صار لا يُقال حنبلي إلا مجسم ، ثم زينتم مذهبكم أيضا بالعصبية ليزيد بن معاوية ، ولقد علمتم أن صاحب المذهب أجاز لعنته،
وقد كان أبو محمد التميمي يقول في بعض أئمتكم : لقد شان المذهب شيناً لا يُغسل إلى يوم القيامة.
انتهى كلام الإمام ابن الجوزي منتقدا مجسمة الحنابلة في كتابه النفيس ( دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه ) المكتبة التوفيقية 1976 .


ويبدو من استقراء التاريخ أن هذه العقائد الفاسدة المجسِّمة تمكنت من البقاء حية لبضعة قرون في نواحي خراسان وأفغانستان وبعض المواضع الأخرى من الشرق .. وقد لاحظ الإمام العلامة الكوثري قدس الله سره أن ابن تيمية الحنبلي قد وقع على تفاصيل هذه العقائد الفاسدة من بعض المخطوطات عن النحل والفرق عندما تدفقت مكتبات العلماء على دمشق مع القوافل الهاربة من غزو المغول والتتار الهمج القادمين من الشرق ..
وقد قرأ ابن تيمية رحمه الله هذه المخطوطات دون معونة أستاذ أو شيخ متوقد الذهن ثاقب الفكر ،ونتيجة لذلك غاب عنه فساد ما في هذه المخطوطات، وآمن واعتقد بما فهمه منها وتطور به الأمر إلى أن أصبح داعية لهذه العقائد ومنافحا عنها في كتبه وأعماله .
( راجع السيف الصقيل في الرد على ابن زفيل.)


وقدحوكم وسجن بسبب هذه العقائد الفاسدة عدة مراتقبل موته وقدن قل الإمام النويري وكذلك ابن حجر العسقلاني في الدرر الكامنة عنه أنه تاب عن هذه العقائد الفاسدة وعاد إلى اعتقاد أهل السنة والجماعة بعد محاكمته واستتابته من قبل علماء زمانه وشهد على نفسه أنه يعود أشعريا رحمه الله وغفر له خطأه إن صدقت توبته.


وقد صنفت مصنفات منقبل علماء من أمثال أبو حيان النحوي(ت 745 هـ )
وتقي الدين السبكي(ت 756)
وبدر الدين ابن جماعة(ت 733 )
والأمير الصنعاني صاحب سبل السلام ( ت 1182)
وتقي الدين الحسني صاحب كفاية الأخيار ( ت 829)
وابن حجر الهيثمي(ت 974 هـ )
في الرد على عقيدة ابن تيمية ..


وقد بقيت عقيدته مرفوضة من قبل جمهور المسلمين، وكل أهل السنة والجماعة لمدةأربعة قرون أخرى، حتى ظهرت حركة محمد بن عبد الوهاب في القرن الثامن عشر الميلادي، وكما هو معلوم فقد اتَّبعت هذه الحركة ابن تيمية في نقاط من العقيدة واتخذت منه مرجعيتها وسلفها .
ولكن هذه العقائد لم تلقَ انتشارا ويتفاقم أمرها إلا بعد وصول الطباعة إلى العالم العربي وطباعة كتب ابن تيمية .
ويذكر البعض أن تاجراً غنياً من وجهاء جدة دفع تكاليف طباعة كتاب منهاج السنة وعدة كتب أخرى لابن تيمية في العقيدة في مصر في نهايات القرن التاسع عشر الميلادي ،وبعثت من جديد هذه العقائد الفاسدة تحت اسم السلفية .


ومن ذلك الحين حملت هذه الكتب والعقائد إلى كل الأنحاء مدفوعة بفيضان من التمويل الغزير المتدفق من دولة أو اثنتان من دول الخليج الغنية ..
ونتيجة لهذه الجهود امتلأت المساجد في أنحاء العالم كله بكتب ومطويات وكتيبات تشرح هذه العقائد الفاسدة وتنشرها
وأيضا امتلأت المساجد بشباب غِر يدفعون بهذه العقائد وينسبونها جهلاً إلى السلف الصالح من التابعين وتابعيهم وأئمة المسلمين الأوائل ، بمعونة سند ابن تيمية المشكوك فيه أصلا، أو فيكثير من الأحيان دون أي سند
ومن هنا تبرز لنا أهمية عدم تكفير عامة المسلمين إن قالوا بهذه العقائد الفاسدة، لأن مثل هذا النوع من الدعم المادي الضخم، يشتري النفوذ والإعلام والدعاية التي تقلب الحقائق وتلبسها على الناس البسطاء، والذين هم في أغلبهم لا يملكون القدرة أو الوقت على البحث والتنقيب والتعلم بأنفسهم ..


لذا من المناسب، بل من الضروري عذر الناس بالجهل هنا إلى أن يُعَلَّموا أن الرب في الإسلام هو بشكل لا محدود أعظم وأعلى وفوق أن يكون رجلا ضخما أو شابا أمردا كما يصفه البعض
كما أنه سبحانه أعظم من أن يكون محدودا بمكان وزمان اللذان هما في النهاية خلق من خلقه سبحانه وتعالى .




الخلاصة






فإذاً، نخلص إلى أن أهل السنة والجماعة يأخذون النصوص على ظاهرها، ويفهمونها حرفياً إلا إن كان هنالك سببٌ مصاحبٌ ، وقرينةٌ صارفةٌ تمنعهم من فهم تلك النصوص على ظاهرها .
وفي حالة ( نزول ) الله أو كونه ( في السماء ) هنالك ما لا يحصى من الأسباب والقرائن الصارفة لهذه النصوص عن ظاهرها


فأولاً :


الفهم الحرفي لهذه النصوص، يجعل من المستحيل الجمع بينها وبين الكثير من النصوص الصحيحة الأخرى،والتي ينبغي أن تفهم هي أيضاً على ظاهرها كما فهمت تلك على ظاهرها فهنالك نصوص تتحدث عن كون الله (( مع )) العبد عند ذكره لله
((أقرب إليه من حبل الوريد))
((أمامه )) حال صلاته
((أقرب )) إليه حال سجوده
((في السماء))عندما سأل رسول الله الجارية
((معكم أينما كنتم))
ووووووووو
هذه النصوص، إن جمعت وفهمت كلها حرفيا على ظاهرها، فإنها غير واضحة ومتناقضة تماما
ولاينتفي هذا التناقض إلا بفهمها مجازيا ورمزيا، وبتأويلها على مقتضى لغة العرب كما فعل علماء أهل السنة والجماعة منذ السلف إلى الخلف .


وثانيا :


فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قد فصَّل كل العقائد التي يجب على المسلم الإيمان بها في جوابه على سؤال جبريل عليه السلام، ولم يأت على ذكر كَوْنِ الله في السماء أو في أي مكان آخر .


وثالثا :


فإن كوَْنَ الله ( في السماء ) كما الطيور والسحاب والطائرات والكواكب والملائكة والأنبياء والجنان وووووو على المعنى الظاهر لـ ( في السماء)،تنافي بشكل قاطع عقيدة القرآن القائلة بـ (( ليس كمثله شيء ))
كما أنها تنافي عقيدة ( غِنَى ) الله المذكورة في عدة مواضع من القرآن، لأن ما احتاج إلى خلق من حلقه(السماء ) ليكون فيه أو يستوي عليه حقيقة ( العرش ) فهو قطعا ليس الله الموصوف بالغنى التام في محكم التنزيل وإنما وثن يعبده الجاهلون .


والله وحده الغني ،وأنتم الفقراء ، وهو ولي التوفيق وعليه التكلان


اللهم اهدنا لما اختلفوا فيه،وأنر بصائرنا وعقولنا، وَنَقِّ سرائرنا ونفوسنا بجاه الواسطة العظمى سيدنا محمد النبي الأمي . آمين


انتهى


هانى على الرضا
لا اله الا الله - محمد رسول الله
اللهم صلي علي محمد وعلي ال محمد كما صليت علي ابراهيم وعلي ال ابراهيم في العالمين انك حميد مجيد

خادم الحسنين
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 97
اشترك في: الاثنين يوليو 10, 2006 9:15 pm
مكان: مصر المحروسة

مشاركة بواسطة خادم الحسنين »

أخي الكريم أبو قنديل

يا أخي لا تشوه فطرتك السليمة بهذا الكلام الذي يتنافى مع القرآن والسنة

يقول تعالى

((أءمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور))

قال تعالى

((تعرج الملائكة والروح إليه)) ...وتعرج يعني (تصعد)

وقد ثبت قول ابن عباس لعائشة (لقد أنزل الله براءتك من فوق سبع سماوات)

يقول الأإمام القرطبي :

المفسر القرطبي الأشعري :

((وقد كان السلف الأول رضي الله عنهم لا يقولون بنفي الجهة ولا ينطقون بذلك، بل نطقوا هم والكافة بإثباتها لله تعالى كما نطق كتابه وأخبرت رسله ولم يُنكر أحد من السلف الصالح أنه استوى على عرشه حقيقة . وخص العرش بذلك لأنه أعظم مخلوقاته ، وإنما جهلوا كيفية الاستواء فإنه لا تعلم حقيقته قال مالك رحمه الله: الاستواء معلوم –يعني في اللغة- والكيف مجهول ، والسؤال عنه بدعه. وكذا قالت أم سلمة رضي الله عنها وهذا القدر كاف ))


قال الحافظ ابن عبد البر المالكي في التمهيد بعد ذكر حديث النزول:

وفيه دليل على أن الله عز وجل في السماء على عرشه من فوق سبع سموات كما قالت الجماعـــــــــــــة وهو من حجتهم على المعتزلة والجهمية في قولهم إن الله عز وجل في كل مكان وليس على العرش" .إنتهى


قال الحافظ ابن خزيمة الشافعي

((قال: من لم يقر بأن الله فوق سمواته وأنه على عرشه بائن من خلقه وجب أن يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه ثم القي على مزبلة لئلا يتأذى بنتن ريحه أهل القبلة ولا أهل الذمة
انظر درء التعارض 6/ 264
قال عنه الذهبي في السير: 14/ 365


-------------

مع العلم بأن الله لا يحويه مكان ، ولكننا نثبت صفة العلو كما جاءت دون تشبيه

والله الهادي إلى سواء السبيل

.
%روى أحمد بن عيسى في الأمالي:
قال أبو جعفر: سألت أبا عبدالله (ع) عن أفاعيل العباد مخلوقة؟! قال نعم مخلوقة، وقد سُئل الإمام علي فقال: هي من الله خلقا ومن العباد فعلاً ، لا تسأل أحداً بعدي، قال أبو عبدالله: إنما يعذب العباد على فعلهم لا على خلقه. "أهـ

خادم الحسنين
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 97
اشترك في: الاثنين يوليو 10, 2006 9:15 pm
مكان: مصر المحروسة

مشاركة بواسطة خادم الحسنين »

مكرر
%روى أحمد بن عيسى في الأمالي:
قال أبو جعفر: سألت أبا عبدالله (ع) عن أفاعيل العباد مخلوقة؟! قال نعم مخلوقة، وقد سُئل الإمام علي فقال: هي من الله خلقا ومن العباد فعلاً ، لا تسأل أحداً بعدي، قال أبو عبدالله: إنما يعذب العباد على فعلهم لا على خلقه. "أهـ

لــؤي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 3099
اشترك في: الخميس نوفمبر 17, 2005 4:22 pm
مكان: قلب المجالس

مشاركة بواسطة لــؤي »

كتاب العرش والكرسي .. ( مجموع الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين((ع)) )


معنى العرش والكرسي والوجه والكتاب والصراط والميزان...
قال يحي بن الحسين صلوات الله عليه:

والكرسي، والعرش، والقبضة، والبطش، والإتيان، والمجيء، والكتاب، والصراط، والميزان، والكشف عن ساق، واليدان، والقبض، والبسط، والوجه، والحجاب أمثالٌ كلها، لا يضاف شيء منها إلى صفات البشر، فمن أضاف شيئاً منها إلى صفات الخلق فقد كفر، وإنما هذه الصفات من أمثال القرآن وهو قوله: ﴿وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إلا الْعَالِمُونَ﴾[العنكبوت: 43]، وقد ذكر الله الأمثال في كثير من القرآن.

فنقول: إن المعنى في العرش والكرسي والوجه سواء، ليس بينهما فرق، والمعنى فيها واحد، فنقول: إن معنى الوجه في الله هو الله، ومعنى الكرسي في الله هوالله، ومعنى العرش في الله هو الله، لا شك في ذلك عندنا ولا ارتياب فيه.

ونقول: إن معنى قول الله سبحانه: ﴿أَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ﴾[البقرة: 115]، كمعنى قوله: ﴿وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ ﴾[البقرة: 255]، ومعنى قوله عند ذكر الوجه: ﴿إِنَّ اللّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾[البقرة: 115]، كمعنى قوله عند ذكره الكرسي: ﴿وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾[البقرة: 255]، وكمعنى قوله: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾[طه: 5]. وإنما هذه الثلاثة أصناف كلها تشريف لله عز وجل: فالوجه الذي ذكره الله يستدل به على بهائه وحسن عظمته؛ والكرسي يستدل به على ملكه، ومعنى يستدل به على ملكه أنه يستدل به عليه لأنه الملك نفسه، وليس شيء مما خلق يزيد في ملكه؛ وكذلك الوجه يستدل به عليه؛ وكذلك العرش يستدل به عليه؛ لأنها أمثال قدمها الله تحكي من حسن الله وبهائه، أعني حسنه في ذاته، وبهاءه في ذاته، وليس ذلك الحسن والبهاء الذي هو لله عز وجل على شيء من صفات حُسْنِ الخَلْقِ وبهائهم.

ولا نصف الله عز وجل بشيء من صفات البشر، بل نقول: إن معناه ذلك كله؛ إذ يعود كل صنف إلى أصله، أنه هو الله عز وجل لا غيره، وليس نقول: إن ثم عرشاً مخلوقاً، ولا كرسياً مخلوقاً، ولا وجهاً مخلوقاً، وليس من هذه الثلاثة الأمثال العرش والكرسي والوجه يوجد أبداً بصفة من الصفات، ولا بحلية من الحلات، إنما المعنى في هذا كله الله الذي لا إله غيره وحده لا شريك له.

فإن قال قائل أو سألنا سائل، فقال: ما معنى العرش الذي ذكره الله في كتابه؟

قلنا له: اسم يدل على الله في ارتفاعه وعلوه فوق خلقه من أهل سماواته وأرضه.

فإن قال لنا: ما الكرسي الذي ذكره الله في كتابه؟

قلنا له: اسم يحكى عن صفات الله في ذاته.

فإن قال: وكيف صفات الله في ذاته؟

قلنا له: إن الكرسي يدل على الله، وهو اسم من أسماء ملك الله، وليس ثَمَّ شيء سوى الله. ومعنى ﴿وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ ﴾[البقرة: 255] أنه هو وسع السموات والأرض بكرسيه، ومعنى وسع السموات والأرض بكرسيه، أي وسع السموات والأرض بعلوه واقتهاره، ألاَ تسمع إلى قوله: ﴿وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا﴾[البقرة: 255]، يريد سبحانه أن السموات والأرض لا يحفظانه، يخبر أنهما لا يمسكانه، وكيف يمسكانه أو يحفظانه عز وجل، وهو يخبر أنه خارج منهما، محيط بأقطارهما؟ واصل من ورائهما ووراء ورائهما إلى ما لا يصل إليه غيره عز وجل. وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأبي ذر رحمة الله عليه: ((يا أبا ذر ما السماوات والأرض في الكرسي إلا كحلقة ملقاة في الأرض.)) يقول صلى الله عليه وآله وسلم: ما السموات والأرض بأقطارهما في ورائهما مما هو أوسع منهما من حد أقطارهما إلى ما لا منتهى له، إلا كالحلقة الملقاه في الأرض. فأخبر صلى الله عليه وآله وسلم بعظمهما وجسمهما أنهما داخلتان في الكرسي كدخول الحلقة في الأرض فما لعسى موضع الحلقة من الأرض؟ أليس كأنما وراء الحلقة من أقطار الأرض إلى تخومها وجبالها وأشجارها وأنهارها وما فوقها وتحتها أوسع وأعظم وأرحب مما وسعت الحلقة منها، وكانت الحلقة أصغر شيء منها، وكان القليل الحقير الصغير اليسير ما قد وسعه الله، وأحاط به، وهو يخبر سبحانه أنه هو الذي وسعهما، وأحاط بهما، حتى صارتا بعظمهما وكبرهما في إحاطة علمه كالحلقة الملقاه في الأرض.

ومعنى قولي: في إحاطة علمه أي في إحاطته بنفسه؛ لأنه لا علم له غيره، فالله عز وجل قد أحاط بالسماوات والأرض كإحاطة الأرض بالحلقة الملقاة في جوفها، وهاهنا والله تاهت العقول، وضلت الأحلام، وانقطعت الفكر في الله عز وجل.

وفي كتاب الله تصديق هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قول الله عز وجل: ﴿وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ ﴾[البقرة: 255]، يخبر أنه هو الذي وسع السموات والأرض، وأنهما لم تسعاه، ولم تحوياه، ولم تمسكاه، ولم تحفظاه، بل كان هو عز وجل المحيط بهما، والواسع لهما، والممسك لهما، والحافظ لهما، وذلك قوله عز وجل: ﴿إن اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَن تَزُولا وَلَئِن زَالَتَا إن أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ انه كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا﴾[فاطر: 41]، يخبر عز وجل أنه يمسك السماء بعظمها في الهواء، ويمسك السموات السبع أيضاً، وكل سماء منهن أعظم وأوسع مما دونها، وكذلك الأرضون السبع، كل أرض أوسع مما فوقها، لأن السماء العليا مشتملة على السماء السفلى، وكذلك الأرضون والسموات السبع معلقات في الهواء، لا يرفدهن شيء، ولا يمسكهن إلا الله عز وجل، وكذلك الأرضون فكل ذلك في الهواء لا يمسكه إلا الله عز وجل، وليس من وراء هذا شيء يمسك الله هو أصغر وأحقر وأضعف، والله أوسع منه وأعظم.

والدليل على أن الله أوسع من السموات والأرض قوله: ﴿وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ ﴾[البقرة: 255]، فأخبر أن السموات والأرض داخلتان في كرسيه، يريد سبحانه أنهما داخلتان في قبضته، وأنهما أصغر صغير وأحقر حقير عنده؛ إذ كان الممسك لهما في الهواء، ولولا إمساك الله لهما لسقطت السموات والأرض، وما إمساك الله للسماء في مستقرها بعظمها وجسمها ورحبها، إلا كإمساك الطير في جو السماء لا فرق بينهما عند الله عز وجل إلا بزيادة الخلق وسعة السماء، والسماء والطير في ضعفهما وصغرهما ودناتهما سواء سواء وكلاهما فقد صار إلى الهواء، وقد قال الله سبحانه فيهما: ﴿وَيُمْسِكُ السَّمَاء أَن تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ إلا بِإِذْنِهِ﴾[الحج: 65]، وقال في الطير: ﴿أَلَمْ يَرَوْاْ إلى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاء مَا يُمْسِكُهُنَّ إلا اللّهُ﴾[النحل: 79]، فصير الطير بضعفه وصغره كالسماء بعظمها وجسمها، لا يمسكهما غيره.
رب إنى مغلوب فانتصر

لــؤي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 3099
اشترك في: الخميس نوفمبر 17, 2005 4:22 pm
مكان: قلب المجالس

مشاركة بواسطة لــؤي »

الرد على من قال: إن لله عز وجل عرشاً في السماء محيطاً به

فمن قال: إن لله عز وجل عرشاً في السماء محيطاً به فقد زعم أن العرش أوسع منه وأعظم، وأقوى وأجسم، فزعم أن العرش هو المحيط بالأشياء ليس الله، وأن العرش هو الواسع ليس الله، وأن العرش هو القوي ليس الله. ويزعم في زعمه أن الله أصغر من العرش، إذ كان في زعمه في جوف العرش، وكان العرش مشتملاً عليه محيطاً به، فصير العرش ربه. وزعم أن العرش هو الواسع العليم؛ إذ زعم أنه أوسع من الله العزيز الحكيم، وأخرج الله عز وجل من قوله: ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾[النور: 35] - يريد أن بحياته حييتا، وبقدرته استقامتا، ولولا هو لزالتا وامحتا وهلكتا، وهلك ما عليهما، لولا إحياؤه لهما - وقد قال الله عز وجل: ﴿هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾[الحديد:3].

فنقول لهؤلاء الملحدين في الله سبحانه: أخبرونا عن العرش أهو الظاهر على الله، أم الله الظاهر عليه؟

فإن قالوا: إن العرش هو الظاهر على الله.

قلنا لهم: فلقد أكذبكم الله في كتابه بقوله هو: ﴿الظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ﴾، فأخبر عز وجل أنه هو الظاهر، وأنتم تقولون: إن العرش هو الظاهر، فقد كذبتم على الله في قولكم، وقلتم بخلاف قوله عز وجل، وقد ضللتم ضلالا بعيداً بكذبكم على الله، وافترائكم عليه.

وإن قالوا: بل الله هو الظاهر على جميع الأشياء، لم يقدر أحد أن يدفع هذه الحجة عنهم.

قلنا لهم: قد قلتم بالحق، ورجعتم إلى الصدق، فإذا كان هو الظاهر على جميع الأشياء كان ظاهراً على كل عرش وغيره، والله من وراء ذلك العرش محيط، كما قال الله عز وجل: ﴿وَاللَّهُ مِن وَرَائِهِم مُّحِيطٌ﴾[البروج: 20]، فالله عز وجل من وراء كل عرشٍ وغيره محيطٌ، وظاهر على كل شيء.
رب إنى مغلوب فانتصر

لــؤي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 3099
اشترك في: الخميس نوفمبر 17, 2005 4:22 pm
مكان: قلب المجالس

مشاركة بواسطة لــؤي »

معنى قوله تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾طه:5 وقوله تعالى: ﴿وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء﴾هود:7
فإن قال قائل: فإذا قلتم: إن العرش هو الله؛ فما معنى قوله: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾[طه: 5]، وقوله: ﴿وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء﴾[هود: 7].

قلنا له: إنما قلنا: إن العرش هو الله إذ كان العرش اسماً يدل على الله؛ لأن العرش من صفات الملك، وليس هو عرش مخلوق، إنما هو اسم من أسماء الملك يدل على ملك الله. ومعنى يدل على ملك الله أنه يدل على الله، إذ هو الملك بنفسه، فكان في المعنى عندنا سواء أن يقول القائل: لا ملك إلا ملك الله، أو يقول: لا عرش إلا عرش الله؛ فلذلك قلنا: إن العرش متصل بالله، كاتصال الكف بساعدها، لأنه في غاية المعنى أن العرش علو الله على جميع الأشياء بنفسه.

وإنما مثل الله علوه على جميع الأشياء وإحاطته بها كعلو الملك على سريره إذا استوى عليه، واستعلى فوقه في المثل لا غيره، وليس في الشبه والصفة إلا في المثل، والعرش الذي ذكره الله عز وجل هو مثل ضربه الله في استوائه على ملكه، وإنما تفسير هذا المثل الذي ضربه الله لعباده في العرش والكرسي أن الملك من ملوك الدنيا إذا قعد على كرسيه وعلى سريره استعلى فوقه، والعرش فهو السرير، فمثل الله عرشه وكرسيه بهذا العرش وهذا الكرسي، فكان كرسي الملك من الملوك كرسياً ضعيفاً صغيراً، والذي استوى فوقه أضعف منه وأحقر منه، وكذلك العرش أيضاً فهو في الضعف والصغر كمثل الكرسي وسواء الكرسي والعرش، كلاهما مقعد للملك يقعد عليه، ويستوي فوقه.

وكرسي الله عز وجل فقد وسع السموات والأرض حتى صار من عظم سعته السماء والأرض في كرسيه كالحلقة الملقاة في الأرض، وصار الكرسي محيطاً بهما كإحاطة الأرض بتلك الحلقة، فكانت السموات والأرض لصغرهما وضيقهما في سعة الكرسي عليهما كضيق الحلقة، وصغرهما في سعة الأرض عليها، وكان الكرسي مشتملاً على السموات والأرض كما اشتملت هذه الأرض على هذه الحلقة، والواسع لهما بعظمهما كما وسعت الأرض هذه الحلقة الله الذي لا إله إلا هو، وسع الأشياء كلها، حتى أحاط بها وملأها وغمرها.

وليس ثم كرسي غير الله، إنما هو مثل مثله الله لعباده؛ ليستدل به على عظمته واتساعه على جميع الأشياء وإحاطته بها.
رب إنى مغلوب فانتصر

لــؤي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 3099
اشترك في: الخميس نوفمبر 17, 2005 4:22 pm
مكان: قلب المجالس

مشاركة بواسطة لــؤي »

الدليل على أن الله عزوجل يذكر الكرسي والعرش معرفة عباده بسعة ملكه


ومن الدليل على أن الله عز وجل أراد بذكر الكرسي والعرش أن يعرف عباده عظم سعته وإحاطته بالأشياء قوله عز وجل: ﴿لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾[الطلاق: 12]، وقوله: ﴿وَاللَّهُ مِن وَرَائِهِم مُّحِيطٌ﴾[البروج: 20]، وكثير في كتاب الله مما يدل على أن الله محيط بالأشياء، وهذا الكرسي مما يدل على إحاطة الله بجميع الأشياء واتساعه عليها، وتفسير العرش أيضاً كتفسير الكرسي سواء سواء فهذا معنى قولنا: إن العرش هو الله، وإن الوجه هو الله، وإن الكرسي هو الله.
رب إنى مغلوب فانتصر

لــؤي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 3099
اشترك في: الخميس نوفمبر 17, 2005 4:22 pm
مكان: قلب المجالس

مشاركة بواسطة لــؤي »

معنى قوله تعالى: ﴿رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾التوبة:129 و﴿رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ﴾المؤمنون:116
فإن قال قائل: ألستم تقولون: هو الله؟

قلنا له: نعم.

فإن قال: فما معنى قوله: ﴿رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾[التوبة: 129]؟ وقوله: ﴿رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ﴾[المؤمنون: 116]؟

قلنا له: معنى ذلك عندنا كمعنى قوله سبحانه: ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾[الصافات: 180]، وهو العزيز بنفسه. وكذلك قلنا: إن العرش هو الملك، وهو الملك بنفسه. ومعنى رب الملك ورب العزة أي مالك الملك ومالك العزة، يريد صاحب الملك وصاحب العزة، ومالك الشيء ورب الشيء سواء في المعنى؛ فلذلك جعلنا العرش متصلاً بالله؛ لأنه ملك الله، وملك الله متصل به؛ ولذلك لم يكن بين الملك وبين الله فرق؛ لأنه لو جاز لنا أن نفرق بين الله وبين ملكه لقلنا: إن الله خلق الملك في زمن الملك في ذاته، وملك الله عز وجل فلا يقاس بملك العباد؛ لأن العباد إنما صاروا ملوكاً بما ملكوا، والله فهو الملك بنفسه، ولا يزيد بشيء مما خلق في ملكه.
رب إنى مغلوب فانتصر

لــؤي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 3099
اشترك في: الخميس نوفمبر 17, 2005 4:22 pm
مكان: قلب المجالس

مشاركة بواسطة لــؤي »

معنى قول الله تعالى: ﴿وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء﴾هود:7
فإن قال قائل: فما معنى قوله: ﴿وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء﴾[هود: 7]؟

قلنا له: إن إحاطته بجميع الأشياء هي العرش العالي فوق جميع الأشياء، وذلك العرش العالي فوق جميع الأشياء فهو الله العالي على جميع الأشياء، فالله عز وجل هو المحيط بجميع الأشياء بعرشه يريد أنه المحيط بجميع الأشياء بملكه، أي أنه علا فوق جميع الأشياء بنفسه، ليس ثم عرش ولا ملك غيره. ومعنى قوله: ﴿وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء﴾[هود: 7]، يريد: أنه كان المحيط بالماء من قبل خلقه للأرض والسماء، فذلك العرش المحيط بالماء، لم يتغير عن حاله، ولم يزل هو المحيط بالماء، والمحيط من بعد الماء بالأرض والسماء، فذلك العرش إنما هو مقام الله.

ولايجوز لنا أن نقول هو مجلس الله، ولكنا نقول هو مقام الله تعالى، وليس كمقام الانتصاب إنما ذلك كمال الله بنفسه، فهو الجليل الكامل بنفسه، العظيم الجبار، ذو الشرف والبهاء والسناء العظيم، فهذا معنى قول الله عز وجل: ﴿وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء﴾[هود: 7]، يخبر أنها لم تكن أرض ولا سماء سوى الماء. ونحن نقول: إنه قد كان عرش الله ولا ماء، ونقول: إن عرش الله لم يزل، وإن أسماء الله لم تزل، وإن صفات الله ومدائحه كلها لم تزل؛ لأن الله يقول في كتابه: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾[طه: 5]، ولا يجوز لنا أن نقول: إنه لم يكن مستوياً على عرش ثم استوى، إذا لقلنا بخلاف قوله عز وجل، بل نقول: إن الله لم يزل ذا عرش عظيم، يريد بذلك العرش العظيم الله العظيم.

وقلنا له: ليس ثم عرش لله عز وجل، وإنما ذكر العرش فعرفنا به الملك، ولم يصفه بصفة معلومة معروفة، وأما قوله في يوم القيامة: ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ﴾[النازعات: 40]، فكذلك المقام هو ذلك العرش، وذلك العرش هو الله العلي، لا شيء استعلى، إنما هو العلي بنفسه. تم والحمد لله حق حمده وصلواته على سيدنا محمد وآله.

فرغ من زبر هذا الكتاب الجليل ضحوة يوم الإثنين المبارك شهر رجب الأصب سـنة 1335هـ فلله الحمد كثيراً بكرة وأصيلاً.

بقلم أسير ذنبه ورهين كسبه الفقير إلى الله الغني أحمد بن عبدالله بن أحمد بن علي مشحم غفر الله لهم وللمؤمنين آمين.

تم الكتاب والحمد لله المنعم الوهاب
رب إنى مغلوب فانتصر

خادم الحسنين
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 97
اشترك في: الاثنين يوليو 10, 2006 9:15 pm
مكان: مصر المحروسة

مشاركة بواسطة خادم الحسنين »

وهذا الذي نقله الأخ الكريم عصي الدمع ، هو فكر الجهمية ، ويستحيل نسبته للإمام الهادي بأي حال من الأحوال ،
أين أسانيد هذا الكتاب الذي نقلته عن الهادي ؟؟

وإن ثبت عنه_ولن يثبت _ فقد أخطأ

وهذا قول الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه في الإستواء (كما في كتب الشيعة)

أخرج الصدوق في توحيده في حديث احتجاج الصادق على الثنوية والزناقة بإسناده في حديث الزنديق الذي أتى أبا عبدالله (ع) - قال : سأله عن قوله: { الرحمن على العرش استوى }
قال أبو عبدالله الصادق (ع): بذلك وصف نفسه ، وكذلك هو مستو على العرش بائن من خلقه من غير أن يكون العرش حاملاً له ، و لا أن يكون العرش حاوياً له ، ولا أن العرش محتاز له ، ولكنّا نقول: هوحامل العرش ، وممسك العرش ، ونقول من ذلك ما قال: { وسع كرسيه السموات والأرض } فثبتنا من العرش والكرسي ما ثبته ، ونفينا أن يكون العرش أو الكرسي حاوياً له وأن يكون عزوجل إلى مكان أو إلى شيئ مما خلق بل خلقه محتاجون إليه
قال السائل : فما الفرق بين أن ترفعوا أيديكم إلى السماء وبين أن تخفضوها نحو الأرض ؟ قال أبو عبدالله(ع): ذلك في علمه وإحاطته وقدرته سواء ، ولكنه عز وجل أمر أولياءه وعباده برفع أيديهم إلى السماء نحو العرش لأنه جعله معدن الرزق فثبتنا ما ثبته القرآن والأخبار عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حين قال: ارفعوا أيديكم إلى الله عزوجل وهذا يجمع عليه فرق الأمة كله . قال السائل : فتقول: أنه ينزل إلى السماء الدنيا؟ قال أبوعبدالله (ع): نقول : ذلك لأن الرويات قد صحت به والأخبار )) إنتهى


أرأيت الآن مذهب إمام أهل البيت في زمانه ؟؟؟؟

أخي الكريم عصي الدمع ، نحن عندما نقول إن الله مستو على عرشه فوق سبع سماوات ، لا يعني أن العرش يحوي الله _حاشا لله_ ، لأ، الله مستو على عرشه دون أن يحويه

بل إن الله مستغن عن العرش ومن حوله ، فالعرش محمول بلطف الله عز وجل ،


وسؤال صغير، لكل من يعارض القرآن والسنة
ماذا يعني حادثة الإسراء والمعراج ومرور النبي صلى الله عليه وسلم من السماء الدنيا إلى السماء السابعة ، وقول جبريل ، أنت يا محمد إذا اقتربت اخترقت ، وأنا إذا اقتربت احترقت؟؟؟


عودوا إلى فطرتكم يا عباد الله
%روى أحمد بن عيسى في الأمالي:
قال أبو جعفر: سألت أبا عبدالله (ع) عن أفاعيل العباد مخلوقة؟! قال نعم مخلوقة، وقد سُئل الإمام علي فقال: هي من الله خلقا ومن العباد فعلاً ، لا تسأل أحداً بعدي، قال أبو عبدالله: إنما يعذب العباد على فعلهم لا على خلقه. "أهـ

محمد عسلان
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 99
اشترك في: الأربعاء يناير 04, 2006 12:01 pm

مشاركة بواسطة محمد عسلان »

لم يخرج كلام الصادق عليه السلام عن ما ذكره إمامنا الهادي صلوات ربي عليه فالكرسي و العرش يدل على سعة علم الله و إحاطته بجميع الوجود فتأمل .

فأحسن الله إليك أخي عصي الدمع على ذكر كلام الهادي سلام الله عليه .

الأخ الكريم خادم الحسنين الرسالة المذكورة معروفة عند الزيدية مشهورة و أسانيدها موجودة راجع كتاب الجامعة المهمة للسيد المولى المرحوم / مجد الدين المؤيدي تغشاه الله برحمته و جعلنا من اتباعه و كذا كتاب لوامع الأنوار تجد اسانيد جميع كتب ورسائل الهادي صلوات ربي عليه .
تعـودت مـس الضر حـتى ألفته
و اسلمني حـسن العزاء إلى الصبر
و صـيرني يأسـي من الناس واثقا
بحسن صنيع الله من حيث لا ادري

إن الكلمة التي كنا نخشى قولها في الخفاء ستقال يوماً في العلن
و كل ما آمنا به في الخلوات سيعلن يوماً على رؤس الأشهاد

لــؤي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 3099
اشترك في: الخميس نوفمبر 17, 2005 4:22 pm
مكان: قلب المجالس

مشاركة بواسطة لــؤي »

أحسن الله إليكم سيدي الكريم محمد ..
رب إنى مغلوب فانتصر

خادم الحسنين
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 97
اشترك في: الاثنين يوليو 10, 2006 9:15 pm
مكان: مصر المحروسة

مشاركة بواسطة خادم الحسنين »

يقول الإمام الهادي في الكلام المنسوب إليه : ((فنقول: إن المعنى في العرش والكرسي والوجه سواء، ليس بينهما فرق، والمعنى فيها واحد، فنقول: إن معنى الوجه في الله هو الله، ومعنى الكرسي في الله هوالله، ومعنى العرش في الله هو الله، لا شك في ذلك عندنا ولا ارتياب فيه)).

ويقول أيضا : ((إن العرش هو الله إذ كان العرش اسماً يدل على الله؛ لأن العرش من صفات الملك، وليس هو عرش مخلوق، إنما هو اسم من أسماء الملك يدل على ملك الله. ومعنى يدل على ملك الله أنه يدل على الله، إذ هو الملك بنفسه، فكان في المعنى عندنا سواء))


ويقول أيضا : ((فإن قال قائل أو سألنا سائل، فقال: ما معنى العرش الذي ذكره الله في كتابه؟
قلنا له: اسم يدل على الله في ارتفاعه وعلوه فوق خلقه من أهل سماواته وأرضه. ))


لاحظ هنا أن العرش هو الله ، يعني الإمام الهادي ينفي العرش _حاشاه_

وهذا هو مذهب المعتزلة والجهمية ، أنهم لا يؤمنون بأن الله مستو على عرشه

أما الإمام الصادق فيقول : ((وكذلك هو مستو على العرش بائن من خلقه من غير أن يكون العرش حاملاً له ، و لا أن يكون العرش حاوياً له ، ولا أن العرش محتاز له ، ولكنّا نقول: هوحامل العرش ، وممسك العرش ))

فهذا دليل على أن العرش غير الله ، فالعرش مخلوق ، لا كما في الكلام المنسوب للإمام الهادي أن العرش هو الله


هل عرفتم الآن الفرق بين القولين ،
%روى أحمد بن عيسى في الأمالي:
قال أبو جعفر: سألت أبا عبدالله (ع) عن أفاعيل العباد مخلوقة؟! قال نعم مخلوقة، وقد سُئل الإمام علي فقال: هي من الله خلقا ومن العباد فعلاً ، لا تسأل أحداً بعدي، قال أبو عبدالله: إنما يعذب العباد على فعلهم لا على خلقه. "أهـ

ابو قنديل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 148
اشترك في: الخميس فبراير 23, 2006 7:39 pm
مكان: المنزل

مشاركة بواسطة ابو قنديل »

صراحه لم اكن اتوقع ان تكون هناك ردود علي هذا الموضوع
فالمنتدي شبه ميت
وقد فؤجئت ب 12 رد
وساعمل علي نقل احدي الرسائل تتعلق بهذا الامر لعدد من علماء الاشراف
وساضع رابطها وذلك للاطلاع فقط
لا اله الا الله - محمد رسول الله
اللهم صلي علي محمد وعلي ال محمد كما صليت علي ابراهيم وعلي ال ابراهيم في العالمين انك حميد مجيد

ابو قنديل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 148
اشترك في: الخميس فبراير 23, 2006 7:39 pm
مكان: المنزل

المقالات الطرابلسية في تنزيه الله عن المكان والجهة والكيفية

مشاركة بواسطة ابو قنديل »

http://www.alashraf-leb.org/docs/Akida/ ... ripoli.htm



الصفحة الرئيسية

المقالات الطرابلسية في تنزيه الله عن المكان والجهة والكيفية



الشيخ الشريف حسين الجسر الحسيني رحمه الله في كتابه الحصون الحميدية

الشيخ الشريف مسند طرابلس أبو المحاسن محمدّ بن خليل القاوقجـي الحسني

الشيخ الشريف العالم العامل الولي الكبيرحسين الجسر

الشيخ الشريف عبد القادر الأدهمي الحسيني الطرابلسي

الشيخ الشريف عبد المجيد المغربي الطرابلسي

الشيخ الشريف العالم عبد الفتاح الزعبي القادري الحسني نقيب الشادة الأشراف في طرابلس

الشيخ الشريف محمّد بن إبراهيم الحسيني

الشيخ الشريف رامز بن محمود الملك الحسني الطرابلسي


--------------------------------------------------------------------------------

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد أشرف المرسلين، أمّا بعد: فقد اعتنى العلماء من السلف والخلف بهذا العلم تدريساً وتحفيظاً وتفهيماً وأوْلوه اهتماماً كبيراً وألّفوا فيه المؤلّفات والرسائل وعقدوا لذلك المجالس وناظروا أهل البدع وكشفوا فساد معتقداتهم وردّوا شبههم وتمويهاتهم.

واقتداء بهؤلاء الأعلام درج علماء طرابلس الشام على تعليم أبناء مدينتهم العقيدة الحقّة وتأليف الرسائل في إرشادهم إليها وردّ تمويهات المنحرفين حفظاً لعقائد شبّان هذه الأمة من الوقوع في الزيغ والضلال.

ومن أكثر ما اعتنوا به جزاهم الله خيراً مسئلة تنـزيه الله عن المكان والجهة، لأنها أصلٌ عظيم من أصول الدين وهي عقيدة كل المسلمين، فقد اتفق المسلمون عامة سلفهم وخلفهم على أن الله تعالى لا يحلّ في مكان أو جهة ولا يحويه مكان أو جهة ولا يسكن السماء، ولا يسكن العرش، لأنّ الله تعالى موجود قبل العرش وقبل السماء وقبل المكان والجهة، ويستحيل على الله التغيّر من حال إلى حال ومن صفة إلى صفة أخرى، فهو تبارك وتعالى كان موجوداً في الأزل بلا مكان ولا جهة، وبعد أن خلق المكان والجهة لا يزال موجوداً بلا مكان ولا جهة.

وقد منّ الله علينا فجمعنا في هذا الكتيّب مختارات من أقوال هؤلاء العلماء في تنـزيه الله عن المكان والجهة، لتطمئن بها القلوب ويظهر لكلّ طالب هدى أنّ هذه المدينة العريقة بعلمائها وأصالتها كانت ولا تزال على عقيدة رسول الله صلى الله عليه وسلم، عقيدة مئات الملايين من المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.

وليظهر أنّ ما خالف هذه العقيدة فهو شاذّ عن عقيدة علماء الحقّ وأئمّة الهدى والله المستعان وهو الهادي إلى الإيمان, فنقول:

1 ـ قال الشيخ الشريف حسين الجسر الحسيني رحمه الله في كتابه الحصون الحميدية:

إعلم أنّ علم التوحيد هو علم يُبحث فيه عن إثبات العقائد الدينية بالأدلة اليقينية وثمرته هي معرفة صفات الله تعالى ورسله بالبراهين القطعية والفوز بالسعادة الأبدية، وهو أصل العلوم الدينية وأفضلها، وقد جاءت به جميع الرسل عليهم الصلاة والسلام من لدن سيّدنا ءادم إلى سيّدنا محمد عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام.

ولمّا كان الشيخ أبو منصور الماتريدي والشيخ أبو الحسن الأشعري أشهر من دوّن كتب هذا العلم وأقام الأدلة والبراهين على ردّ ما قاله المخالفون شاع أنّهما الواضعان له. ويفترض تعلّمه على كلّ مكلف من ذكر وأنثى ولو بأدلّة إجمالية". ا.هـ.

2 ـ الشيخ الشريف مسند طرابلس أبو المحاسن محمدّ بن خليل القاوقجـي الحسني (توفي سنة 1305هـ)

كان رحمه الله تعالى مسند بلاد الشام في وقته وعلى أسانيده المدار في غالب بلاد الشام ومصر والحجاز.

نشأ يتيماً في كنف أخواله من ءال الحامدي ومن ثمّ سافر إلى مصر وتابع تحصيله العلمي في أزهرها، وأمضى أكثر من سبع وعشرين سنة يقرأ الفنون ويتلقّى العلوم على جماعة من العلماء المشهورين في مصر وغيرها.

وبعد أن أتمّ التحصيل عاد إلى بلده طرابلس وعكف على التدريس في مساجدها وبخصوص في مسجد الطحّام، إلى جانب الاشتغال بالتأليف.

أولى عنايته لتعليم أبناء مدينته العقيدة الحقّة التي توارثها العلماء عن سلفهم الصالح فوضع عدة رسائل في بيان عقيدة أهل السنّة والجماعة في الله وصفاته ورسله الكرام، منها (كفاية الصبيان فيما يجب من عقائد الإيمان)، و(الاعتماد في الاعتقاد)، و(سفينة النجاة في معرفة الله)، و(بغية الطالبين فيما يجب من أحكام الدين).

وقد ضمّن كتبه تنـزيه الله عن المكان والجهة والجسمية فقال رحمه الله في كتابه (الاعتماد في الاعتقاد) ص/5 ما نصّه :

"فإذا قال لك أين الله؟ فقل: مع كلّ أحد بعلمه: – أي لا بذاته -، وفوق كلّ أحد بقدرته، منـزّه عن الجهة والجسمية، فلا يقال: له يمين ولا شمال ولا خلف ولا أمامٌ ولا فوق العرش ولا تحته ولا عن يمينه ولا عن شماله، ولا داخل في العالم ولا خارج عنه ولا يقال: لا يعلم مكانه إلا هو.

فإذا قال لك: ما دليلك على ذلك؟ فقل: لأنّه لو كان له جهة أو هو في جهة لكان متحيّزاً وكلّ متحيّز حادث، والحدوث عليه محالٌ. ا.هـ

وقال في كتابه: (سفينة النجاة في معرفة الله وأحكام الصلاة) ص/7 ما نصّه :

"نعتقـد بـأنّ ذاته تعالى لا يشبه الذوات ولا صفاته تشبه الصفات ولا أفعاله تشبه الأفعال، ويستحيل عليه المماثلة للحوادث بأن يكـون ذاته كالذوات يأخذ مقداراً من الفراغ، أو يتّصف بالأعراض كالبياض، أو يكون في جهة كالفوق والتحت واليمين والشمال والخلف والأمام، أو يكون جهةً كالأعلى والأسفل، أو يحلّ بمكان أو يُقيّد بزمان، أو يتصف بالصغر أو بالكِبَر أو التوسّط، أو النور –أي الضوء- أو الظلمة". ا.هـ.

وقال في كتابه (بغية الطالبين فيما يجب من أحكام الدين) ص/12 ما نصّه :

"وأما تنزّهه تعالى عن الجهة فللزوم الحد في ذاته فالجهات كلّها من توابع الأجسام وإضافاتها، فلو كان تعالى في جهةٍ، أو له تعالى جهةٌ لكان مشابهاً للحوادث وهو باطل. وأمّا رفع الأيدي عند الدعاء فلأنّ السماء منـزل البركات وقِبلة الدعوات، والله فوق كل موجود بالقهر والإستيلاء، وهو القاهر فوق عباده وهو اللطيف الخبير.

وأما تنزهه عن المكان فلأن المكان مخلوق ولازمٌ للتحديد، فالمكان ما استقر عليه الجسم لا فيه، والحيّز ما ملأ الجسم، فالمكان والحيّز أمران نسبيّان من لواحق الأجسام وتوابعها، والله تعالى كان ولا زمان ولا مكان وهو الآن على ما عليه كان، خلق المتمكّن والمكان، وأنشأ الخلق والزمان" اهـ.

وفي ص/35 قال ما نصه :

"فيُرى سبحانه وتعالى لا في مكان ولا جهة من مقابلة أو اتصال شعاع أو ثبوت مسافة بين الرائي وبين الله تعالى". ا.هـ.

وفي كتـابــه (البدر المنير على حزب الشاذلي الكبير) ص/21 يقول ما نصّه:

"{الرحمن على العرش استوى } استواءً يليق به، بدون وصف التمكّـن والاستقـرار، فإنّـه تعالـى كان ولا مكان ولا عرش ولا زمان فإذاً خالق الخلق لا يحتاج إلى مكان)" اهـ.

وفي ص/101 قال ما نصّه :

"وقربه تعالى ليس قرب مسافة ولا مساحة، لأنّه يتعالى عن الحدود والأقطار والنهاية". اهـ.

3 ـ الشيخ الشريف العالم العامل الولي الكبيرحسين الجسر (توفي سنة 1327هـ):

هو والد الشيخ محمد الجسر الذي تولّى رئاسة مجلس النواب اللبناني وجدّ الشيخ نديم الجسر الذي تولى منصب الإفتاء في طرابلس، ولد في طرابلس وتلقى فيها علومه الأولية عن عدة شيوخ أبرزهم الشيخ أحمد عبد الجليل والشيخ عبد القادر الرافعي والشيخ عبد الرزاق الرافعي.

سافر إلى مصر وجاور بالأزهر الشريف مدة خمس سنوات انكب خلالها على تحصيل العلم، ثم عاد إلى بلده طرابلس وتولى التدريس في الجامع المنصوري الكبير وفي جامع طينال.

وعليه تخرّج نخبة من علماء طرابلس أمثال الشيخ كامل الميقاتي أمين الفتوى، والشيخ عبد المجيد المغربي أمين فتوى طرابلس، والشيخ وهيب البارودي والشيخ عبد الكريم عويضة.

له عدة تآليف من أهمها (الرسالة الحميدية في حقية الشريعة المحمدية) ردّ فيها افتراءات المستشرقين على الشريعة الإسلامية.

ظهرت عنايته بإرشاد أبناء مدينته إلى علم التوحيد في قصيدته التي وضعها لتعليم الأطفال محاسن الأخلاق وحث فيها على تعلم علم العقيدة الحقة واعتبره من أوائل ما يُلقّن للأطفال فقال في رسالته (هديّة الألباب في جواهر الآداب)ص/2 ما نصه:

"فـأول الكمـال لـلأولاد معرفـة المـولى العظيـم الهادي

وصحـة الإيمـان والإقـرار بكـل مـا صـح عـن المختـار

ثـمّ أداء واجـب العبـادة فإنهـا عـلامـة السعـادة" اهـ

ولما انتشرت بعض الأفكار الهدامة والعقائد الزائغة سارع الشيخ حسين إلى وضع كتاب في بيان عقيدة أهل السنة والجماعة وردّ تلك الشبه حفاظاً على عقيدة أبناء المسلمين من الزيغ والضلال وأسماه (الحصون الحميدية للدفاع عن العقيدة الإسلامية).

ذكر في مقدمته أنه نشأت شُبه لم تكن معهودة في غابر الأعوام وصار كل عاقل يخشى على إيمان الضعفاء من غوائل هذه الشُبه الجديدة وعلى عقائد شبان الأمة الزيغ والوقوع في الضلالات، فتجدد الاحتياج إلى استئناف الردود السديدة وتأليف كتب في حفظ الإيمان مفيدة.

وقد نبه في كتابه هذا على تنـزيه الله عن المكان والجهة فقال رحمه الله في ص/19 ما نصه:

"يجب لله تعالى المخالفة للحوادث ويستحيل عليه المماثلة للحوادث بأن يكون تعالى مشابهاً لهذه الموجودات الحادثة في خاصة من خواصها... وذلك كالجوهرية والجسمية والعرضية والتحيّز والتركيب والتجزؤ والتولد عن الغير وولادة الغير والاتصال والانفصال والانتقال من حيّز إلى حيّز". اهـ.

ويقول في ص/20 ما نصّه :

"يجب لله تعالى قيامه بنفسه ويستحيل عليه قيامه بغيره، بمعنى احتياجه إلى مكان يقوم فيه أو محلّ يحلُّ فيه، أو مخصّص يخصصّه، أو موجِد يوجده.

والدليل على ذلك أنّه قد ثبت في دليل المخالفة للحوادث أنّه تعالى ليس جوهراً ولا جسماً فلا يحتاج إلى مكان يقوم فيه، لأن الاحتياج إلى المكان من خواصّ الجواهر والأجسام. وثبت هناك انه تعالى ليس عرضاً فلا يحتاج إلى محل يحلّ فيه ويقوم به كما تحتاج الأعراض كالألوان والطعوم". ا.هـ.

ويقول في ص/40 ما نصه:

"فاستواؤه تعالى على العرش هو صفة من صفاته تعالى اللائقة به ليس كاستواء الحادث المستلزم للجسميّة والجهة" . ا.هـ.

4 ـ الشيخ الشريف عبد القادر الأدهمي الحسيني الطرابلسي (توفي سنة 1328 هـ):

ولد بطرابلس وتلقى فيها علومه على الشيخ أبي المحاسن القاوقجي والشيخ محمود نشابة والشيخ عبد الرزّاق الرافعي.

رحل إلى المدينة المنورة وأقام فيها مجاوراً، ثمّ توجَّهت إليه من قبل السلطان عبد الحميد وظيفة الخدمة في الحجرة الشريفة.

وضع عدّة رسائل في أنواع من العلوم منها رسالة (وسيلة النجاة والإسعاد في معرفة ما يجب من التوحيد والاعتقاد).

قال في مقدمتها: "هذه رسالة وجيزة غزيرة الفضائل فيما يجب اعتقاده في التوحيد على كل مكلف من العبيد".

وفي ص/4 يقول ما نصّه : "وهو تعالى لا ابتداء لوجوده ولا انتهاء له، ولا يشبه شيئاً من الحوادث، ولا يشبهه شئ منها، ولا يحتاج إلى مكان ومحل، ولا يغيره زمان، ولا ثانـي له في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، قائمٌ بنفسه، مستغن عن جميع خلقه، قادر مريد يفعل ما يشاء، أبدع خلق العوالم وسائر الأشياء، ويعلم الواجبات والمستحيلات والجائزات، ويرى كلّ شيء ويسمعه، لا يشغله شأن عن شأن". ا.هـ

5 ـ الشيخ الشريف عبد المجيد المغربي الطرابلسي (توفي سنة 1352 هـ)

ينتمي إلى عائلة تسلسل منها القضاة والمفتون والعلماء الأعلام تلقى علومه من نخبة من علماء طرابلس كالشيخ أبي المحاسن القاوقجي والشيخ حسين الجسر وغيرهما. اشتغل بالتدريس في مدارس طرابلس و في الجامع المنصوري الكبير.

تولى منصب أمين الفتوى في طرابلس، حتى أقيل في عهد الانتداب الفرنسي بسبب مواقفه السياسية و الوطنية. شغله أمر إصلاح عقائد أبناء المسلمين وتطهيرها من شُبَه الملحدين.

قال في كتابه (المنهاج في المعراج) وقد نشر حديثـًا تحت عنوان (رسالة علمية في الإسراء والمعراج) ص/26:

"وكم ذا وجدتني وأنا في ذاك الجمع يرجف قلبي رجفانـًا مزعجاً حين يستمع المستمعون من تالي القصّة قوله حكاية لقول موسى عليه السلام في مسئلة تخفيف أعداد الصلوات ارجع إلى ربّك فاسأله التخفيف فيرجع ثم يعود إلى موسى بالحط خمسًا فخمسًا من ذاك العدد، مما قد يوهم المكان و الجهة في حقه، سبحانه و تعالى عن ذلك علوًا كبيرًا". ا.هـ

لذلك وضع عدّة تآليف في بيان عقيدة أهل السنة والجماعة منها:

* علم العقائد وضعه بتكليف رسمي من المشيخة الإسلامية في اسطنبول.

* حُسنُ البيان في واجبات الإنسان كتبه بأمر من السلطان عبد الحميد.

* اللآلئ الثمان في شرح رسالة شيخه أبي المحاسن القاوقجي التي سمّاها كفاية الصبيان فيما يجب من عقائد الإيمان.

* نيل الأمانـي على هداية الدجانـي في علم التوحيد.

* شرح الرسالة السنوسية في العقائد.

قال في رسالته(المنهاج في المعراج) ص/24 ما نصّه:

"ولا فرق بين جوف حوت يونس وطور موسى ومستمى محمد عليهم السلام بالنسبة إليه تعالى، حيث لا يحويه مكان ولا تحصره جهـة، لا فـوق ولا تحت، كان الله تعالى في الأزل ولـم يكن شيء من الكائنات والأمكنة والجهات على الإطلاق" ا.هـ.

وقال في كتابه (الكوكب الشرقي في ردّ نظرية لابلاس ورفقائه) ص/55 ما نصّه:

"قام البرهان القاطع على أنّ الله تعالى واجب الوجود فهو القديم بذاته وصفاته، وعلى أنّ كل ما سواه حادث وُجد بعد العدم، فكان الله ولم يكن شيء غيره". ا.هـ.

ثم قال ص/57 ما نصّه :

"وليُعلم ههنا أنّ الله تعالى صانع الكائنات ومُحدثها يجب عقلاً أن لا يكون مماثلاً لشيء منها من كل وجه، ولا شيء من هذه الكائنات إلا ويحصره المكان وتحدّه الجهة، وكل مكان محدود، وكلّ محدود ومحصور حادث، والله عزّ وجلّ قديم فلا يجوز عقلاً أن يكون في مكان أو تحده جهة. فهذه المنطقة الواسعة العظيمة المبتدأة بالعرش إلى السماء الدنيا كون من الأكوان المخلوقة، ومكان من الأمكنة الحادثة مَقرٌّ لمخلوق لا لخالقٍ موجِدِها، وقد كان في الأزل ولم يكن شيء منها". اهـ.

6 ـ الشيخ الشريف العالم عبد الفتاح الزعبي القادري الحسني نقيب الشادة الأشراف في طرابلس (توفي سنة 1354هـ)

من أكابر مشايخ السادة الزعبية في طرابلس تولى الخطابة والإمامة والتدريس في الجامع المنصوري الكبير ثم عُيّن نقيباً للسادة الأشراف، ومن بعده تولّى خطابة الجامع المنصوري ولده الشيخ علي ثم حفيده الشيخ معتصم بالله الزعبي.

جُمعت خطَبهُ التي كان يُلقيها من على منبر المسجد المنصوري وغيره في كتاب سميَّ (المواعظ الحميدية في الخطب الجُمعية).

يقول في ص/ 84 ما نصّه :

"الحمد لله المقدّس في ذاته عن المدارك العقلية، المنـزه في صفاته عن النقائص البشرية". ا.هـ.

وفي ص/85 يقول: "وتفكروا في ءالائه ولا تتفكّروا في ذاته العلي، واعلموا أن خطرات الأفكار في ذلك وهمية، وكيف يحيط العقل بمن تقّدس عن الكمية والكيفية والأينية، فنـزّهوا ربّكم وقدّسوه عن الخواطر الفكرية". ا. هـ.

وفي ص/86 يقول :

"كلّ ذلك يدل على وجود صانع منـزّه عن الكيفية والمثلية، ومقدّس عن خطرات الأوهام ومزاعم الحلولية". ا.هـ

وفي ص/96 تحدّث عن معراج النبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء الذي ليس المقصود به وصول الرسول صلى الله عليه وسلم إلى مكان ينتهي وجود الله تعالى إليه، ويكفر من اعتقد ذلك، إنما القصد من المعراج هو تشريف الرسول باطلاعه على عجائب في العالم العلوي، وتعظيم مكانته ورؤيته للذات المقدّس بفؤاده من غير أن يكون الذات في مكان فقال : "مع شهودٍ منـزّهٍ عن الكيفية وقربٍ مقدّس عن المكان والأينية، إذ الحقّ لم يفتقر إلى شيء فيتخذَ له تعالى محلاً، ولكن دعاه الحقّ تعالى إلى ذلك المكان ليريَه من آياته عجائب بدائع الإمكان" . ا.هـ

7 ـ الشيخ الشريف محمّد بن إبراهيم الحسيني (توفّي سنة 1362 هـ)

تلقى علومه الأولية في بعض مدارس طرابلس ثم سافر إلى الأزهر وأتمّ دراسته هناك ثمّ عاد إلى طرابلس واشتغل بالتدريس وتولّى وظيفة ختم البخاري في جامع طينال.

تلقى علومه من مفتي طرابلس الشيخ عبد الغني الرافعي والشيخ محمود منقارة والشيخ حسين الجسر.

ومن أشهر تلامذته الشيخ بشير بن عبد الغني جوهرة والشيخ سعيد طنبوزة الحسيني والشيخ جميل عدرة.

وضع عدة تآليف منها تفسيره للقرءان الكريم وقد طُبع منه الجزء الأول، يقول في تفسيره هذا ص/62 ما نصّه:

"سبحانه ما أعظم سلطانه، لا تلاحظه العيون بأنظارها، ولا تطالعه العقول بأفكارها". ا.هـ.

وفي ص/101 يقول في تفسير قوله تعالى: {وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرةً فأخذتكم الصاعقةُ وأنتم تنظرون} مـا نصّه:

"ظنّوا أنه سبحانه وتعالى مما يشبه الأجسام ويتعلق به الرؤيا تعلقَها بها –أي الأجسام- على طريق المقابلة في الجهات والأحياز ولا ريب في استحالته، وإنما الممكن في شأنه تعالى الرؤية المنـزَّهة عن الكيفيات بالكلية وذلك للمؤمنين في الآخرة". ا.هـ.

وفي ص/227 يقول : "قال عليه الصلاة والسلام:" ءاية الكرسي سيّدة ءاي القرءان "، لما ترى من انطوائها على أمّهات المسائل الإلهية المتعلّقة بالذات العلي والصفات الجليّة فإنّها ناطقة بأنّه تعالى واجب لذاته موجدٌ لغيره، لما أنّ القيّوم القائم بذاته المقيم لغيره منـزّه عن التحيز والحلول، مبرأ عن التغيّر والفتور، لا مناسبة بينه وبين الأشباح ولا يعتريه ما يعتري النفوس والأرواح، متعال عمّا تناله الأوهام عظيم لا تحدق به الأفهام". ا.هـ.

8 ـ الشيخ الشريف رامز بن محمود الملك الحسني الطرابلسي (توفّي سنة 1408 هـ):

اشتغل بالعلم وتحصيله حتى كان يُعدّ في وقته من أعلم علماء طرابلس وكان من أبرز مشايخه الشيخ محي الدين الخطيب والشيخ وهيب البارودي والشيخ عبد المجيد المغربي والشيخ محمود نشابة والشيخ عبد الكريم عويضة.

انتسب إلى كلية أصول الدين بالأزهر ثم عاد إلى طرابلس مدرّساً في بعض مساجدها وجامعها الكبير.

تحول إلى أمانة فتوى طرابلس ومن ثم إلى إفتاء طرابلس بعد وفاة الشيخ نديم الجسر.

له عدة رسائل في الوقف ومصطلح الحديث، وتفسير الجزء التاسع من القرءان الكريم.

في أيامه قام البعض بنشر عقائد فاسدة كنحو القول بفناء النار وعدم تكفير سابّ الله أو الرسول صلى الله عليه وسلم وإطلاق بعض العبارات التي فيها نسبة التشبيه لله تعالى. فقام بعض الغيّورين من أبناء طرابلس بعمل رسائل يردّ فيها هذه التحريفات وينصر عقيدة أهل السنّة والجماعة في أن النـار باقيـة لا تفـنى ولا يفنى أهلها كما ورد في القرءان الكريم، والتنبيه على أنّ سابّ الله أو الرسول صلى الله عليه وسلم كافر ولو كان في حال الغضب، وذكر عقيدة السلف والخلف في تنـزيه الله عن المشابهة للخلق.

وقدمت هذه الرسائل إلى الشيخ رامز الملك الذي كان مفتياً في ذلك الوقت لتوزّع كمنشورات، فعمل على نشرها بين أبناء مدينته وهي تحمل توقيعه وموافقته ومنها إمساكية صدرت في شهر رمضان سنة 1403 هـ وهذا نصها:

"إنّ تنـزيه الله تعالى عن مشابهة المخلوقين أفضل عمل يقوم به العبد وقد اعتنى به العلماء سلفاً وخلفاً رحمهم الله.

وقد جاء في ذلك عن الإمام علي كرّم الله وجهه أنه قال : كان الله ولا مكان وهو الآن على ما عليه كان. أي أنه تعالى موجود بلا مكان لأنه هو خالق المكان فلا يحتاج إليه.

قال الإمام أحمد الرفاعي الكبير رضي الله عنه: غاية المعرفة بالله الإيقان بوجوده تعالى بلا كيف ولا مكان.

وقال الإمام علي أيضًا : إن الله خلق العرش إظهاراً لقدرته ولم يتخذه مكاناً لذاته.

أي أن الله خلق العرش الذي هو أكبر المخلوقات حجماً وهو سقف الجنة، وهو غنيّ عنه فلا يحتاج إليه ولا إلى السماء التي هي مسكن للملائكة.

فلذلك لا يجوز تفسير ءاية { الرحمن على العرش استوى } بمعنى الجلوس، بل كما قال أبو حنيفة والغزالي وغيرهما، الله مستوٍ علىالعرش استواءً منـزّهاً عن المماسة والاستقرار والتمكن والحلول والانتقال لا يحمله العرش، بل العرش وحملَتُه محمولون بلطف قدرته تعالى.

فائدة مهمة: يجب على من شبّه الله بخلقه أن يقلع عن هذا الكفر وينطق بالشهادتين وهما: أشهد أن لا إلـه إلا الله وأشهد أنّ محمّداً رسول الله بنيّة الدخول في الإسلام، كالذي يسبُّ الله أو نبياً أو ملَكاً من الملائكة أو يستهزئ بهم، أو يعتقد فناء جهنم، وذلك كفر بإجماع الأئمة". ا.
لا اله الا الله - محمد رسول الله
اللهم صلي علي محمد وعلي ال محمد كما صليت علي ابراهيم وعلي ال ابراهيم في العالمين انك حميد مجيد

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الدراسات والأبحاث“