الشيخ حسن المالكي في حوار ساخن جداً

هذا المجلس لطرح الدراسات والأبحاث.
أضف رد جديد
لــؤي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 3099
اشترك في: الخميس نوفمبر 17, 2005 4:22 pm
مكان: قلب المجالس

الشيخ حسن المالكي في حوار ساخن جداً

مشاركة بواسطة لــؤي »

حوار مع الشيخ حسن بن فرحان المالكي
حاوره النورس ( علي محمد سعيد ) صحفي بجريدة محلية

تقديم


لا أظن بداية الأمر أن الشيخ حسن المالكي ينطق عن الهوى .... لكنه حتما ليس من الذين يوحى لهم .. وحي يوحى .... ولعلك وأنت تحارب في مجتمع بلادي بعض البلادة .. تجد ذاتك قبلاً والمالكي كما بدا المعيدي .. فإن من الخير لك أن تسمع بالمالكي ولا تراه . ذلك قبلاً كما أبنت .. لكنك حتماً ثانية .. لا بد لك من أن تتوسد وسادتين آخراً .. ذلك حينما يشاء القدر أن يُريك المالكي ماثلاً ولم يبدو بشيء من السوأة تلك التي حفزك بها آخرون حين كنت ( قبلاً ) .. ولأنك الآن آخراً فلا بد لك ان تطمئن .. وتطمئن ... وتطمئن .. لأن في بلادك محارباً .. ليس بخاوٍ من كل عتاد المعارك ... ذلك بحد ذاته أولى الهموم .. حين بدت الثقافة والتثاقف والحوار والإختلاف ... والسؤال أيضاً .. ضرباً من ضروب الحرب لا يختلف البتة عن ذلك الذي وصف صولاته وقومه ذات يوم فقال ..( كأن مثار النقع فوق رؤسهم ) ... وحين تهمُّ لتحتفل ببواكير وعي بدت لك من ذات طاهرة ... تجد ذاتك فجأة بين مثار النقع ذاك الذي خيل لك لحظة وهمٍ ألا غبار .. ولا نقع .... حينها وأنت تبلع بعضاً .. مما اعتلاك ... واعتراك ...لا بد أن تبدو بحال أكثر توثباً ... لأنك حتماً ... تسير باتجاه انحدار ما ... نهايته لا بد لها من وثبة كي .. تتلذذ بعض السقوط وعبقرية .. الوثبة ....!!وهنا يصبح من الخير أن ترى المالكي قبل أن تسمع عنه.
لكن دعوني أعود إلى المالكي لأقول : لا اظن المالكي اليوم باسعد حظ من خصومه ..ذلك أن الذي يعيش في الحدث الجميل او الحدث المؤلم .. ليس كمن يرى جماليات وما هو فيها .. وبالضرورة لن يكون كذاك الذي اكتوى بألم .. وأصبح من هذا .. لا يحب أنه ممن يرى .. رغم أنه ليس عاشق .. ولا يتمنى الألم ... أظن بان الشيخ حسن بن فرحان المالكي .. قد عقد العزم على ألا ينثني لغير منهج البحث العلمي في كل قضاياه وإشكالياته مع الخصوم والتاريخ ... فهو بخصمين جذعهما ثابت .. وأصلهما في السماء ذلك ان الريح .. كل الرياح وإن لم تكن بالصرصر ... ما عبرت من حيث الجذع والأصل منذ زمن سحيق ... ولذا أظن المالكي قد قرر أن يرسل ريحاً .. ويصيرها صرصراً ... حين تظن الجذوع والأغصان ان من ثباتها أصالة وقوة ... وليس لأن لا ريح عبرت من قبل .... لكنني اراجع ذاتي ثانية ... خذوا هذا الحوار وأظنكم ستعدلوا في القراءة وستعدلوا في التحليل والإستقبال

س1:
ما الذي يغيض الآخرين في المالكي؟


ج: يختلف الغاضبون فبعضهم يظن أن المالكي ضال مضل ! ويريد له الهداية ولب المشكلة عند هؤلاء الأخوة أن حكمهم هذا – إن افترضنا حسن النية- جاء نتيجة لتعريف خاطئ للضلالة والهداية، فالضلالة عندهم ليست مرتبطة بالنصوص الشرعية (من كتاب الله وسنة رسوله) وإنما مرتبطة بـ(خصومات عقائدية) خاضها بعض السلف ضد بعض ، فإن كان موقفك منها موقف المؤيد المناصر لمن يقلونهم فأنت عندهم (مهتد) تستحق دخول الجنة، حتى لو لم تتثبت وحتى لو ظلمت مسلمين آخرين، وكذلك (الضلالة) لا يعرفونها من النصوص الشرعية وإنما مما قاله طرف من هؤلاء المتخاصمين من السلف، ولو رجع هؤلاء الأخوة إلى تحديد معنى (الهداية) و(الضلالة) من النصوص الشرعية فقط وليس من قول فلان وفلان لتفهموا موقف أخيهم على الأقل مع أن المطلوب منهم نصرة الحق وليس مجرد التفهم.
وبعض الغاضبين يغيضهم في المالكي أنه لم ينصاع للثقافة المذهبية التقليدية واتجه لمحاكمة المذهب للنصوص الشرعية وقواطع الإسلام وعدله، ورغم معرفتهم أن ما يقوله مدعم بالأدلة التي غفل عنها المتخاصمون نتيجة الخصومة والغضب إلا أنهم مندهشون لماذا لم يسبق أحد المالكي للتنبيه لهذا وهذه حجة المقلدين من سائر الطوائف الإسلامية.
ولا استبعد أن يكون بعضهم ينبع غيظهم من (نظرة إقليمية) محرمة شرعياً، وبعضهم يقف من المالكي موقف الخصم وهؤلاء قد طالبتهم بالمناظرة ولا زلت فلم أجد منهم استجابة رغم تقديمي تنازلات كبيرة في سبيل إتمام المناظرة.

س2: تنازلات ! مثل ماذا؟

ج: قبلت أن أناظر كلاً منهم في تخصصه الدقيق أو اهتمامه لأن بعضهم يشيع أنه موافق على المناظرة لولا أنه لا يعرف في التاريخ، وبعضهم قد يقول أنا موافق على المناظرة في التاريخ لا العقيدة وهكذا ... فوافقت على أن أناظر الأخ الدكتور سليمان العودة في الموضوعات التاريخية ومنها موضوع عبد الله بن سبأ (وهو موضوع رسالته للماجستير) وأناظر الشيخ عبد الله السعد في الموضوعات الحديثية (والرجل محدث مشهور)، في موضوع كتب العقائد، أو في وجود تكفير في الدعوة السلفية (الوهابية) وهكذا حتى لا يحتج بعضهم بأنه لا يعرف في التاريخ أو الحديث ودراسة الأسانيد أو لم يطلع على أخطاء كتب العقائد....وهكذا.
بل ليست هذه كل التنازلات، بل رضيت بأن يكون خصمي في الموضوع الفلاني حكماً في موضوع آخر! فأنا رضيت الخصوم حكاماً! وهذا منشور في الأنترنت ولم يتقدم أحد إلى الآن.

س3: ألا ترى أن هذا تهور منك؟ فهل تظن أنهم سينصفونك ماداموا خصومك؟

ج: أنا لست متهوراً أنا أعي ما أقول، أنا اشترطت شرطاً واحداً سيكشف المنصف منهم والظالم، وهو أن يجيبوا على كل أسئلتي في الموضوع المختلف فيه وأن يتم نشر الاسئلة مع الإجابات ، وهنا لا يهمني حكمهم بقدر ما يهمني أن يرى الناس الأسئلة والإجابات ثم سيبدو لهم من صاحب الحق ومن المبطل! ثم قد تكون عندهم مسألة المروءة المحمودة ويستحون من هذا الظلم ويعترفون بالحقائق.

س4: لكن في الأمر مخاطرة!

ج: أنا لا يهمني الإعلان عن انتصار فلان أو هزيمة فلان يهمني أن أهز الضمير من الداخل ونختبره على أرض الواقع، وأن أضرب مثلاً في كسر الشروط التي يبالغ فيها كل طرف، أنا أرجو أنه إن التقى الناس تفاهموا ووضحت الأفكار، فكثير مما يثيروه مبني على تقليد أو خلاف لفظي، أو ازدواجية مقيتة، فليس هناك تهمة يتهمونني بها إلا وقد ناقضوها وقاموا بمثلها لكن في اتجاه التعصب والتقليد.

س5: لم أفهم ؟ مثل ماذا؟

ج: مثل الطعن في بعض الصحابة والطعن في العلماء والتقليد...الخ.

س6: كيف وقعوا في مسألة الطعن في الصحابة؟

ج: تسميتهم الخارجين على عثمان سبئية ومنافقين مع أن فيهم صحابة رضوانيون، هو طعن أبلغ من الطعن في بعض الطلقاء بأنهم ظلمة بغاة، فإن تراجعوا عن اتهام هؤلاء بالسبئية فأنا الكاسب، وإن اتهموهم كان اتهامهم لهؤلاء فأنا الكاسب أيضاً، لأنه حجة لي لأنني لم أتهم إلا من هم أقل من هؤلاء قدراً من طلقاء وأعراب وسبقني صحابة وتابعون وعلماء إلى ما أقوله، لكنهم لا يعرفون ذلك.

س7: والطعن في العلماء كيف وقعوا فيه مع أنهم يتهمونك بالطعن في ابن تيمية؟

ج: ويثنون على من يكفر أبا حنيفة! فهل من يتهم ابن تيمية رحمه الله بالتأثر بالبيئة الشامية والوقوع في النصب أكثر طعناً مع الإعتراف بفضله وعلمه أم الذي يتهم أبا حنيفة بأنه كافر زنديق ؟

س8: الثاني بلاشك؟

ج: إذن فإن قالوا الأول هو أسوأ تبين ظلمهم للحقيقة ولي وأصبح خلافهم مع غيري وإن قالوا الثاني أسوأ استخرجت منهم اعترافاً بأن كتب العقائد فيها تكفير وأن السلفية فيهم غلاة ثم أستطيع أن أثبت لهم قضيتي في اتهام ابن تيمية بالتأثر بالبيئة الشامية مع عدم إهدار حقه من العلم والفضل، بل أنا ممن استفدت منه وأسال الله أن يؤجره على الفوائد التي أفادها المسلمين.

س9: إذن فكل المسائل التي يتهمونك بها قد وقعوا في أسوأ منها؟

ج: هم أو مصادرهم التي يدافعون عنها ويوصون بها ، وأنا لا أطلب التبرئة إنما أطلب أن يكون موقفنا مطردا لا ازدواجيا، أما أن نعتبر من ينقد ابن تيمية (طاعنا في العلماء) بينما من يكفر أباحنيفة (لا نجعله طاعنا في العلماء) فهذا تناقض صارخ إن رضوا به كان خلافهم مع غيري.

س10: أفهم من هذا أنك تطالبهم أن يدعوك وتدعهم؟

ج: لا ليس هذا بالضبط لكن لا نجعل الخطأ الصغير ضلالة والخطأ العظيم هداية! لابد أن يكون هناك حوار وردود وبحث وكل أمة تموت فيها الحركة النقدية يموت فيها الإبداع والبحث عن الحقيقة، ولكن نريد نقداً بعلم وإنصاف، فهذا هو الذي نطلبه ونشجعه ولو كان ضدنا لكننا في الوقت نفسه نطالب بالإنصاف وآداب الحوار، فلكل اجتهاده الذي يقتنع به لكن لا يحجر على الآخرين، وليحفظ بعضنا لبعض حق الإسلام والأخوة، وبدون هذه الأريحية سيبقى المسلمون في تظالم مستمر.

س11: وهل ترى ضرورة لهذا الكم الهائل من الحوار في هذه الأمور؟

ج: بما أنها تحدد مواقفنا من الآخرين، ولها سلطتها على القلوب والولاء والبراء فالحوار فيها ضروري، لكن بالشروط السابقة من إرادة الحقيقة والإطراد وترك الكيل بمكيالين.

س12: إذن هدفك من المناظرة ليس الإنتصار لأفكارك بقدر ما همك أن يتفهم الآخرون لتناقضهم في المواقف؟

ج: تستطيع أن تقول هذا، تستطيع أن تقول إن هذا هوالهدف الرئيس ولا يمنع من وجود هدف الإنتصار لما تراه من حق إلا إذا تبين لك خطؤك فالدين والمبدأ يوجب عليك التراجع، مع أن التراجع عند ضعفاء النفوس يعني النهاية، وهذا ما لا يكون منا إن شاء الله (ورحم الله من أهدى إلينا عيوبنا).

س13: بعضهم يشيع بأنهم قد ناصحوك فلم ترجع؟
ج:
أرجع عن ماذا؟ هل أرجع هكذا دون أن يقدم الطرف الآخر الدليل والبرهان المقنع؟ ينصحني بعضهم بترك دراسة التاريخ وآخرون بإهمال نصوص صحيحة وقسم ثالث بترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ فهل استجيب لهم؟ رجوع عن ماذا؟ لابد أن تكون الأخطاء والعيوب حقيقة أما النصيحة بلا برهان فالذي يقدمها بحاجة إلى نصيحة ألا ينصح فيما لا يعلم ، وفيما لا يعرف الحق فيه والباطل، فالناصح هنا يكون أولى أن يتذكر نفسه، أما قلب الفضائل إلى عيوب فهذا ثم المطالبة باستجابة الطرف الآخر فهذا ما لا يقبلوه هم، فأنا استطيع أن أقول إنني أنصحهم من اثني عشر عاماً بترك التعصب والغلو ولم يستجيبوا.

س14: هم يستأنسون بأنهم أكثرية وأنه لم يسبق لأحد غيرك بنصيحتهم؟

ج: هم أكثرية لأنهم تربوا على كتب تعلمهم اتهام الآخرين بلا بينة والتقليد في تكفير المسلمين وتبديعهم بلا حق، وإنما لأن بعض السلف خاصم وظلم فيلزمون أنفسهم باتباع هؤلاء في الحق والباطل، وهذه حجة الفرق الأخرى تماما، فهم لا يستجيبون للأقلية الناصحة ويحتجون بالكثرة والرأي السائد، وكل فرقة تتربى وتتعلم على الغلو والشك في الآخرين والحكم عليهم بالضلالة.

س15: يعني أنت تساوي بين جميع الفرق في الضلالة؟

ج: لا ليس هذا كلامي، لكن الموقف من التصحيح يكاد يكون واحداً للأسف، لأن الإنسان بطبعه يألف ما عليه أهل مذهبه لكثرة ترديده ومدارسته وأخذ حجة الآخر مبتورة من خصومهم والاستدلال بالعمومات وترك التفاصيل وترك تحرير محل النزاع ، مع الخشية من الإنعتاق من التقليد الضيق نحو الإنصاف لما يسببه من أذى وتعب وتلويث سمعة وكثرة اتهامات، فيبقى كل في طرف مقتصراً على المختصرات التقليدية والإتهامات التوكيدية.

س16:هل خرج الخلاف (خلافهم معك) إلى التعصب المذهبي أو إلى شكل آخر أكثر مرارة الآن؟

ج:الخلاف مع الآخرين متنوع كما أسلفت فبعضهم ينطلق من تعصب مذهبي مع أن مذهبي هو مذهبهم، لكنهم يتبعون الغلو في المذهب ظانين أنه الحق الذي لا ريب فيه، إضافة إلى أن من الفروق الكبيرة بيني وبينهم أنني لا أمانع بل أدعو لمحاكمة المذهب إلى الكتاب والسنة، وهم يمانعون تطبيقاً وإن آمنوا بذلك في النظرية.

س17:يعني أنك تتهمهم بالنفاق؟

ج: أنا لا أتهم أحداً بنفاق، وإنما بالتناقض والأزدواجية، فأنا أقول مثلاً: كتب العقائد التي أنقدها لم أنقد منها إلا المسائل المخالفة للكتاب والسنة وهم لا يعترفون بذلك ويحاولون أن يتأولوا التأويلات البعيدة التي تميت الحق في النفوس، مثلما تتأول كل فرقة لأخطائها وعندما يفعل الآخرون ذلك نقول: انظروا إلى تعصبهم؟ سبحان الله نقول هذا وكأننا غير متعصبين لأخطاء علمائنا!.

س18: والشيعة هل هم متعصبون أيضاً؟

ج: تماماً غلاة الشيعة وغلاة السلفية يدافعون عن الموبقات التي تحتوي عليها كتبهم وليست عندهم شجاعة في نقد هذا المخزون التراثي، ذلك النقد الذي يجعل المخزون تحت الشرع لا فوقه مع التفريق بين الظني والقطعي ومراتب هذا وهذا بقوانين علمية صارمة مطردة لا تتراخى مع أخطاء المذهب وتفرق بين المتماثلات، لقد آن لأمتنا أن تتعارف وتتحاور وتحدد الخطوط العريضة بعد كل هذه القرون الطويلة من القطيعة والتنازع.

س19: والإباضية؟

ج: لا أعرف لهم إلا كتاباً ً أو كتابين قرأت فيهما قديما ولا استطيع أن أحكم عليهم من أقوال خصومهم.

س20: هل يمكن أن تذكر أمثلة من التعصبات التي نقدتها على من تسميهم غلاة السلفية؟

ج: نعم، الأمثلة كثيرة جداً ومن تلك التعصبات المخالفة للكتاب والسنة توسعهم في التكفير حتى كفروا أبا حنيفة رحمه الله، والتشبيه حتى جعلوا الله يشبه الشاب الأمرد الجعد عليه حلة حمراء! وبالغوا في النصب حتى جعلوا معاوية مأجوراً على كل جريمة ارتكبها مثل لعنه الامام علي وقتله لأهل بدر ومتاجرته بالخمر.. الخ.

س21:هل هذا معقول؟ أظنك تبالغ، فأنا لم اسمع هذا من قبل؟ ثم إن قال بها بعضهم لماذا تعممها على الجميع؟

ج: لا أعمم أنا قلت الغلاة، وقد يقول بعض الغلاة بشيء دون شيء، مع تواطؤهم على الثناء على تلك المصادر ثناء عاما دون تنبيه على أن فيها من الأخطاء كذا وكذا، فلذلك خرج لنا جيل يشك في كل المخالفين لهم من المسلمين، بل من السنة، وأناأستطيع أن أنقل لك هذه التعصبات من بطون الكتب التي يوصون بها ويبالغون في الثناء عليها، ثم اعطني سلفياً نقد هذه الأخطاء في كتب العقائد أو غيرها مما نقدناه.

س22: هل أنت متأكد أنهم لم ينقدوا هذه الأمور؟

ج8: أنا عن نفسي لم أجد، وقد يكون بحثي ناقصاً لكن أعطني سلفياً معاصراً واحداً مثلاً، نقد أخطاء ابن تيمية أو كتاب السنة لعبد الله بن أحمد أو أقر أن معاوية آثم في الأخطاء التي سبق ذكرها، كلهم تقريباً يبررون تلك الأخطاء، وكلهم تقريباً يقولون معاوية اجتهد فهو مأجور على ارتكابه هذه المحرمات، وهذه مصيبة كما ذكرت لأن هذا يجعل الشخص الذي ندافع عنه ليس محاسباً بالشرع، وهذه استهانة بالأحكام الشرعية -وإن لم يكن بقصد - مع ما لهذا من أثر سلبي على موقف المسلم من الحكم العادل على الأمور، ويكون هذا مسوغاً للتلاعب والضبابية.

س23: لعل هذه الأمور عن معاوية لم تثبت عندهم؟

ج: أبداً هي ثابتة بالأسانيد الصحيحة والتواريخ المتواترة بل بعضها في الصحيحين.

س24 :مثل ماذا في الصحيحين؟

ج:مثل أمره بسب علي بن أبي طالب وبغيه وتعامله بالربا واستلحاقه زياداً وغير ذلك.

س25: أما زال المالكي يصرخ طالباً الحوار أو المجادلة أو المباهلة..؟ أم أنه قد قرأ خصومه قراءة أخرى وقرر التراجع؟ خصوصاً أن هناك من يقول أنك أنت الذي يرفض الحوار؟

ج: نعم لا زلت أطلب الحوار والمناظرة من مدة طويلة ولم يتقدم أحد من المخالفين لي إلى الآن.

س25: يشيعون أنك ترفض الحوار معهم؟ فهل أنت الذي ترفض الحوار؟

ج: أبداُ، ولكن لا أرى الحوار الانتهازي كالذي يدعوك لمجلس للحوار ثم يشيع الأكاذيب التي لم تحصل في ذلك المجلس، أو المناظرة التي لا يتيح فيها الحكم فرصة مماثلة لك لتقول رأيك دون بتر ولا تصرف أو انحياز سواء كانت المناظرة شفوية علنية أو مكتوبة.

س26: ماذا تشترط في مثل هذه الحوارات؟

ج: اشترط الأمور السابقة إضافة لطلب عدم انسحاب الخصم حتى ننتهي من القضايا المثارة قضية قضية أما أن نتحاور ثم عندما نضيق الخناق على الآخرين نتعرض لما يشبه الطرد فهذا غير مقبول.

س27: الخلاف الحالي بينك وبين خصومك... هل تراه سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً من سلاسل تشكلات حالة التخلف العربي الإسلامي الموسوم بالأمية؟ أم أن هذا الخلاف ضمن منظومة الإسلام القائم على هذا المبدأ الأصيل؟

ج: الخلاف بيني وبينهم لا أستطيع تصنيفه يختلف باختلاف الشخص وحسب ما وصله من أعمالي- على قلتها التي لا تتجاوز ثلاثة كتب ومذكرات ومقالات ولقاء واحد في قناة الجزيرة- وبعض الخلاف منهم للأسف لا ينبع إلا في التعصب المذهبي أو التعصب الإقليمي، ثم مراعاة آداب الحوار وأهداف الحوار ليس لها وجود عند كثير من الخصوم، وأنا لا أبريء نفسي من الظلم والخطأ لكنني أجزم أنه أخف بكثير من ظلمهم لي وكذبهم عليّ، إضافة إلى أنني أزعم أنني قدمت ما يدل على أنني أريد الحق مع التزام الحوار وأحترم الآخر ولا ابدؤه بسوء، نعم قد تصدر مني أشياء من باب ردة الفعل، ومن كان منصفا فليقارن وسيجد النتيجة وأنني لم اظلم القوم.

س28: يرى خصومك أنك تتوسع في طلب المباهلة؟ وهل كان السلف يكثر منها مثلما تكثرون من طلبها؟

ج: هذه من اللغة التي يفهمونها، وإلا فأنا معك أن ما ينكرونه عليّ غاية مافيه أن يكون خطأ يجوز فيه الإجتهاد، فعندما يطلب أحدهم مباهلتك لنجعل لعنة الله على الكاذبين وأنت واثق أن الحق معك فيها فلماذا لا توافق؟ خاصة وأن المباهلات خاصة بنفسي ولأنا أعرف نفسي، ثم السلف لم يجدوا من خصومهم الإصرار على الباطل والإتهام الذي يفعله خصومنا اليوم، ثم أنا لا أباهل إلا على أمر أنا متحقق من براءتي منه.

س29: مثل ماذا؟

ج: مثل الذي يتهمني بأنني رافضي أو علماني أو نصيري.. الخ.

س30: وهل اتهموك بهذه التهم؟

ج: بل وأكثر أحصيت الاتهامات التي اتهمت بها فزادت على الخمسين تهمة، لا تزيد عليها إلا اتهاماتهم لأبي حنيفة! والغريب أنها متناقضة لا يمكن الجمع بين اثنتين منها ! فهي ترد على بعضها ولا تهمني من قريب أو بعيد ولولا أن الشرع أوجب على الشخص الذب عن عرضه لما كتبت ما رأيته من بيانات مضادة ومدافعة.

س31: ترى ما السبب في هذه الكثرة المتناقضة؟

ج: لأن عندنا مخزون تراثي ضخم مليء بهذه المظالم والشتائم فإذا ظفروا بأحد طلبة العلم يخالفهم صبوا فيه ما قرأوه من ذلك التراث تشبهاً منهم بمن يعتقدون أنهم من السلف الصالح! الذين كانوا يكفرون اباحنيفة والكرابيسي وأمثالهم، وينسون أن هؤلاء السلف يجب أن يخضع أحكامهم للشريعة ويحاكمون بها فهم لم ينزلوا من السماء.

س32: خصومك يقولون لا يعقل أن تكون أنت وحدك على الحق وهم على الباطل؟

ج: لماذا لا يعقل؟ الكثرة ليست مقياساً للحق فقد عارض الأنبياء من أقوامهم الأكثرية وكذلك كل مصلح عبر التاريخ لا بد أن تكون الأكثرية في البداية ضده ثم ابن تيمية والشيخ محمد بن عبد الوهاب كانت الأكثرية ضدهم فلماذا لا يستدلون بالكثرة هنا؟ أيضاً عندما تقول لهم أن أكثر العالم الإسلامي أشاعرة وصوفية وشيعة يقولون الكثرة ليست مقياساً للحق! وهذه حجتي عليهم.

س33: يعني أنهم متناقضون في هذا الأمر؟

ج: التناقض أبرز سماتهم ليس في هذا الأمر فقط بل في كل الأمور التي خالفونا فيها بلا استثناء كالصحابة والتكفير والحكم على الأحاديث وتحكيم اقوال الرجال كالنصوص الشرعية... الخ.

س34: كيف تناقضهم في موضوع الصحابة؟

ج: هم يبالغون في تبرئة الطلقاء كمعاوية والحكم بن أبي العاص وقاتل عمار والوليد بن عقبة بينما يحكمون على الخارجين والمؤلبين على عثمان بالسبئية وفيهم بدريون ورضوانيون، ويحكمون على بعض رؤؤس الخوارج بالمروق وهؤلاء صحبوا قبل من يدافعون عنهم .

س35: هذا لم نسمع به من قبل؟

ج: ربما لأنكم لم تقرأوا التاريخ وإنما قرأتم ما لخصه هؤلاء وكتبوه وثبتوه في المختصرات العقدية وفي مقررات التعليم.

س36: مقررات التعليم لا تتهم الصحابة؟

ج: بل يتهمون الخارجين على عثمان بأنهم أتباع عبد الله بن سبأ وهذه تهمة كبيرة
وليس لابن سبأ أي دور في الفتنة....

س37: داخلته سائلاً.... :
إذن ومع هذه الإشكالية يستوي الكذب على شاعر جاهلي ... بالكذب على آخر في الحديث مثلاً ... أقصد أن هذا المفهوم مترسخ أو متواجد على الأقل ؟


ج: نعم الكذب موجود بكثرة في تراث الطوائف الإسلامية ومنهم أهل السنة للأسف، وهم لا يطبقون منهج أهل الجرح والتعديل تطبيقاً منصفاً مطرداً وإنما يأخذون منه ما شاؤوا ويتركون ما شاؤوا كما فعل الدكتور سليمان العودة في مسألة (عبد الله بن سبأ) فهو يضعف الواقدي وأبا مخنف بمنهج أهل الجرح والتعديل فإذا جاء لسيف بن عمر –وهو من أكذب من كتب في التاريخ- يخرجه من هذا المنهج زاعماً أن منهج أهل الجرح والتعديل إنما موضوعه في علم الحديث لا علم التاريخ!! فعل هذا لأنه يعرف إجماعهم تقريباً على كذب سيف بن عمر! ولو ذكر أقوالهم في سيف بن عمر كاملة وأخذ بها لعدل عن رسالة الماجستير التي استطاع أن يقيمها على (راوٍ كذاب) بتقدير ممتاز!!

س38: لم يصر المالكي على توسيع المعتقدين بمعتقده, وهل هذا السؤال ما يغضب خصومك؟

ج: أنا لا أصر إلا على توسيع ما أراه متفقاً مع قال الله ورسوله قواطع الإسلام وعدله ومنهجه في التثبت.

س39: وهذه دعواهم؟

ج: نعم ودعوى كل الإسلاميين فليس هناك بديل إلا الحوار والمناظرة ليحضر كل أدلته وبراهينه، وعندما يحدث هذا سيتم الاتفاق على أشياء، وترك أشياء للاجتهاد، وحصر الخلاف في أمور أخرى، تكون خاضعة للبحث، ثم بعد ذلك ليرى كل ما شاء إذا تم تفهم وجهة نظره.

س40: وهل تتفهم من يخالفونك عقدياً؟

ج: أولا ليس لي معتقد خاص أنا أدعوهم لقال الله وقال الرسول (ص) وعدم التعصب والاعتراف بالأخطاء وأنا أفتح بيتي للمختلفين معي جذرياً وأتحاور معهم فلا يخرجون إلا وقد تقاربت وجهات النظر وعرفوا أن الرجل طالب حق وإن بقي كل على بعض آرائه، ثم لا عيب في إصرار الباحث على ما يراه من حق، وهم أكثر إصراراً على التمسك بآراء شاذة مخالفة للنصوص الشرعية أفلا يحق لي الإصرار على ما أراه من حق؟

س41: وهل تظن أنهم يتهمون الآخرين بلا تثبت؟

ج: نعم وأجزم بهذا ، وأجزم بأنهم يعرفون أنهم مخالفون لقواطع العدالة التي أمر بها الإسلام.

س42: مهلاً أعطنا مثالاً واحداً لو سمحت؟

: أنا اسألك : هل يحق لنا أن نتهم الطرف الآخر بتهمة الحاكم؟
- كلا
ج: إذن فهم مثلا يحكمون معبد الجهني باقوال نسبها له خالد القسري الأمير الأموي المشهور بالظلم وباركنا فعل خالد هذا ومدحه ابن القيم في قصيدته النونية ولم نسمع من الجعد كلمة واحدة ولا صح لنا إسناد بصحة ما ادعاه فيه ذلك الأمير الظالم، فهل هذا من عدل الإسلام؟ هل من عدل الإسلام أن نأخذ تهمة المذبوح من فم الذابح؟ هل هذا ديننا الذي نريد عرضه على العالم؟ أليس من قواطع العدالة أن لا تحكم حتى تسمع من الطرفين؟ وكذا اتهام الجهم بن صفوان وغيلان الدمشقي وأغلب الذين نطلق عليهم رؤوس المبتدعة إنما فعلنا ذلك اتباعاً للظلم الأموي والعباسي، بجهل أو بعلم.

س43: يعني انك لا تتهم هؤلاء؟

ج: بناء على ماذا؟ على قول خالد القسري وهشام بن عبد الملك والحجاج وأبي جعفر المنصور؟

س44: نحن إذن مصابون في الصميم؟

ج: ابداً الصميم هو كتاب الله وسنة رسوله وأحكام الشريعة فهي واضحة محمية أما ماسوى ذلك فلسنا ملزمين أن نظلم بظلم الآخرين ثم يكون عذرنا يوم القيامة أن نقول (إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا)، فالمتهم يبقى بريئاً حتى تثبت إدانته ولم تثبت لي إدانة الجعد ولا الجهم اللذين نسبهما صباحاً ومساءً .

س45: بقاؤهم على آرائهم يدل على أنك لم تستطع إيصال حجتك إليهم؟

ج: هذا ليس صحيحاً، فالأنبياء أبلغ منا وأظهر حجة ومع ذلك لم يهتد لهم الكثير من أقوامهم وهذا ليس قصوراً منهم وإنما تعصب من أقوامهم أو اتباعاً من هؤلاء الأقوام للرأي السائد وقيادات الرأي.

س46: هل إعراضهم اتباعاً للرأي السائد؟

ج: أيضاً يختلف شخص عن آخر، فالموانع من قبول الحق له علاقة بالجهل والتأويل
وقيادات الرأي والعقل الجمعي، وربما لسوء الظن أو للحفاظ على مكاسب اجتماعية
ووجاهة وسمعة عند الأصحاب والعوام.

س47 : إذن نستطيع القول إن من خصومك .. من لم ليس خارجاً من سلطان بطنه كما يقول
ابن المقفع ؟


ج: هذا حق في الذي يعارض للمصلحة وللجاه والتمسك بالمكاسب الاجتماعية والوظيفية فالأخ سليمان العودة مثلاً لو قبل كلامي لسقطت رسالته (الماجستيرية) ولخسر كثيراً من الممادح والثناءات والامتيازات الوظيفية فهو الآن عميد كلية العلوم الاجتماعية بالقصيم! وهذه العمادة جاءت بفضل المؤرخ الكذاب سيف بن عمر وعلى جماجم أبي مخنف والواقدي واليعقوبي.

س48:هل ترى أن المحذرين من خطورة معتقدك ونتاج بحثك العلمي في قضايا الأمة على مستوى من
القدرات العلمية والدراية حتى يصدروا مثل تلك التحذيرات؟


ج: لا أرى المحذرين إلا أحد الأنواع السابقة، وقد يكون عند بعضهم إنصاف مع قلة علم بهذه الأمور، أو علم لكن بلا إنصاف فلا يطرد وينظر للأخطاء الصادرة من خارج المذهب بمنظار مكبر أما الأخطاء التي نحتضنها داخل تراثنا وكتبنا ومؤسساتنا العلمية فيلتمس له كل المبررات مع أنه لا يجهل أن هذا باطل.

س49: من أين بدأت قراءة الآخرين للمالكي تسلك الخطأ؟

ج: بدأت من سوء الظن فإذا أساء الطرف الآخر الظن فلن ير شيئاً ولو جئته بكل برهان، فلن يجدي معه شيئاً، أيضاً الثقة الكبيرة ببعض أهل العلم الموجودين –الذين لم يبحثوا هذه المسائل- من الأسباب الرئيسة في عدم قبول الحق، وهذا من اتباع قيادات الرأي والعقل الجمعي أيضاً، وبمثل هذه الأمور قل اتباع الأنبياء فضلاً عن غيرهم.

س50: حين قدمت كتابك في العقيدة للشيخ العودة كي يقدم له هل فاجأك حينما قلب ظهر
المجن؟ ولم اخترت العودة خصوصاً؟


ج: أي عودة تقصد؟

س51: الشيخ سلمان العودة وهل هناك غيره؟

ج: نعم، هناك الدكتور سليمان العودة صاحب (سيف بن عمر)، وكثيراً ما يخلط الناس بينهما، فالمشهور بالعلم والدعوة هو سلمان لا سليمان ، أما سليمان مؤرخ –أو هكذا زعموا-.

س52 : ما الذي يمنعك أنت من أن تزعم معهم بقدرة سليمان على الأستذة في التاريخ؟

ج: لأنه لا يكتب للتاريخ وإنما يكتب لآراء مسبقة بلغة وعظية وغلو في اتهام الآخرين
واستعداء الدولة على من خالفه وأثبت ضعفه في هذا الميدان.
س53: هل سليمان أخو سلمان؟

ج: لا هو آخر.

س54: ... أنا خلطت فمعذرة حيث تشابه ... عليّ أمر الأخوين الكريمين
فلنعد إلى السؤال؟


ج: لم يحصل هذا ولم أقدم كتاب قراءة العقائد للأخ الشيخ سلمان العودة ولا لغيره نعم طلبت ملحوظات من بعض الأخوة لكن ليس من بينهم الأخ سلمان0

س55: يقولون أنك تحاورت مع الشيخ سلمان العودة في هذا الموضوع؟

ج: هذا شيء آخر، نعم حصل لقاء بيني وبين الشيخ سلمان العودة بعد طباعة الكتاب، وكان موقفه إيجابيا إلى حد بعيد، وهذا لا يعني أننا لم نختلف في بعض الأمور.

س56: أين تكمن الإيجابية إذن؟

ج: الشيخ سلمان رجل دمث الأخلاق لا يسارع بالاتهامات ويؤمن بالاختلاف في وجهات النظر ولا يلغي الطرف الآخر لمجرد الاختلاف في مسألة أو أكثر بخلاف أولئك.

س57:هذه ميزاته فما عيوبه؟

ج: دعنا من العيوب فما من شخص إلا وفيه عيوب.

س58: لمصلحة العلم ، كيف تقييمك للشيخ سلمان العودة؟

ج: الشيخ سلمان وفقه الله على فضله وعلمه ودعوته إلا أنه يراعي الجماهير كثيرا، وهذا من أبرز أخطاء الشيخ سلمان والكمال عزيز، أيضاً الشيخ سلمان مقلد لابن تيمية ولذلك نأخذ عليه أنه يغلو في تبرئة بني أمية اتباعاً لا بن تيمية.

س59: لكن هذا لا يمثل الهم لأن الرجل قد يكون من بني أمية ومازال يحمل وهم أنا كنا
في سيادة !

مشكلة الافتخار بحسنات الظلمة القليلة وإغفال أثرهم السيء على الإسلام وأهله،
وعلى العقل والبحث والعدالة والعلم، مشكلة متجذرة تحتاج لشجاعة وعلم.

س60: يعني أن الشيخ سلمان العودة كسائر القوم؟

ج: لا، الشيخ سلمان لو يبحث بنفسه لأنصف في أكثر الأمور، جاءت عيوبه من تناوله
السطحي للمسائل بناءً على ما كتبه ابن تيمية وكفى.

س61: مع أن الشيخ سلمان مشهور عنه أنه صاحب حديث.

ج: نعم في الأحكام أما العقائد فمقلد لابن تيمية.

س62: هذا اتهام خطير؟

ج: أبداً، لا تضخموا الأمور، أنا قلت الكمال عزيز وهي ملحوظة من محب للشيخ سلمان مقدر لجهده وعلمه وخلقه وعدله ولا يضره ملحوظة أو أكثر، وهو بحاجة من إخوانه للنقد الهادف بدلاً من المظالم التي يتلقاها من هنا وهناك..

س63: وسفر الحوالي كيف تقييمك له؟

ج: الشيخ سفر الحوالي رجل داعية له جهوده بلا شك لكنه من الغلاة، مقلد لابن تيمية تقليداً أعمى،
يدور معه حيث دار، وليس له قدرة على البحث المتجرد وإنما يلخص آراء ابن تيمية وينشرها مع زيادة غلو في ذم الأشاعرة وتنظير للتكفير لكن أن يكون مستعداً لبحث الأمور بنفسه دون تقليد فهذا شيء آخر.

س64:
له كتاب عن (نهاية إسرائيل) فما رأيك فيه؟


ج: لم أقرأه ولا علم لي بهذه الأمور ولا أهتم بهذا لكنني أجزم أن زوال إسرائيل لا يأتي بالتنبؤات وإنما بقوة إيمان وقوة سلاح.

س65: حين نوازن بين ثقل خصوم المالكي الاجتماعي والسياسي ترجح كفتهم بشكل واضح جداً،
فهل استطعت أن تستميل بإقناع من يملكون ثقلاً وبعدا موازيا لثقل الخصوم؟ أم أن هذا
ليس في حساباتك؟


ج: لم أحاول أن أستميل أصحاب الثقل السياسي الاجتماعي، وإنما أحاول إيصال وجهة نظري
التي يشوهها الخصوم، ويريدون كيدي من الجهات الأقوى التي لا يجوز لها الدخول في
الاختلافات العلمية خاصة وأنها أحياناً تأخذ من أقوال طرف دون آخر.

س66: ولماذا لا تستميلهم للحق الذي تراه؟

ج: لأن هذه الاستمالة يعني التنازل عن نصف الحقيقة

س67:............. فقلت مندهشاً ....
نصف الحقيقة ؟؟؟؟؟ أي حقيقة تقصد ما تراه أنت ؟؟ ....... أم مالم تقله بعد ؟؟!


ج: أقصد الحقيقة التي يراها الباحث، فالباحث بشر يتأثر بالصداقات والاستمالات، وتدفعه المعرفة والصداقة لترك حقائق كثيرة. فأنا مثلاً كنت أعرف معظم هذه المعلومات التي طرحتها من قديم لكن كانت لي صداقات ببعض طلبة العلم الذين كانوا يطلبون مني التأجيل والتلطيف والتهذيب والحذف حتى تخرج الحقيقة أوصالاً مقطعة الأطراف، بين ركام من الاعتذارات الباردة والتأويلات البعيدة فلما انعزلت في سنتين استطعت أن أخرج هذه الأعمال ناصعة البياض لا أخشى فيها لومة خصم أو عتاب صديق.

س68: يعني أنك تفضل البحث بعيداً عن الناس؟

ج: نعم لأن هذا أصفى للعقل والقلب وأبعد عن الإحراج.

س69: وهل يترك الباحث ما يراه حقاً للمجاملة وخشية الإحراج؟

ج: نعم، فخشية الكثرة والرأي السائد من أكبر عوائق المعرفة، وأنا أعرف كثيراً
من الباحثين عندهم أفكار جميلة تصلح للأمة لكنهم يتركونها حبيسة الأدراج
والعقول لخمسة عشر من الأصدقاء والمعارف والزملاء!!
والعقل الجماهيري أو العقل الجمعي له أبلغ الأثر في تعطيل الحقائق فضلاً عن إعاقتها.

س70: ولماذا لا تستجيب لمن ينصحك بالتأجيل والتدرج في طرح أفكارك؟

ج: لأن هذا معناه أنني سأقطر الحق الذي أراه في خمسمائة سنة ولا أضمن
أن أعيش هذا العمر الطويل، الأمة بحاجة إلى أكبر قدر ممكن من الحقائق التي
لا تقبل التأجيل -والمسلمون أولى بهذه الحقائق والأبحاث والآراء- من مجموعة من الأصدقاء أو الشيوخ، ثم كم من باحث مات قبل أن ينشر الحق الذي يراه وهذا يخشى عليه من (كتمان العلم) وهو محرم أشد التحريم فمن كتم علماً ألجمه الله بلجام من نار، وكم من علوم كتمها باحثون حياءً أو إحراجاً أو حفاظاً على تزكية الآخرين، وأنت تعرف أهمية (المعلومة) في البناء الفلسفي المتين للأمة، لأن المستقبل آتٍ بما يجعلنا نندم على كتم كل معلومة .

س71: ولماذا تطرح الكلام وكأن أفكارك حقائق لا تقبل الجدل؟

ج: أبداً، لم أقل هذا قلت الحقائق التي يراها الباحث، ولا بأس أن يحدث حولها خلاف حاد،
فأنا أقبل من الآخر أن يرد على كلامي بما يراه من حقائق، وعليه أن يصبر إن أبديت ما أراه من حقائق أيضاً، وبغير هذا الخلاف (المشروع) وهذا الحوار المتواصل ستجمد المعرفة وتطغى العمومات الوعظية التي تميت الفهم الصحيح لهذا الدين وهذا التاريخ الذي به نعرف كثيراً من اسرار ضعفنا وتنازعنا ومع التنازع يأتي الفشل.

س72: يعني أنك لا تمانع من الرد عليك؟

ج: أبداً بل أرحب به لكن للأسف إلى الآن لم أجد ردوداً وإنما أجد شتائم وسباباً، وهذا يأتي نتيجة وإفرازاً لتلك الأخطاء والتي ننقدها في تراثنا وفي مواقف بعض سلفنا الذين لهم سطوتهم على الثقافة المحلية، فمقابلتهم حسن القول بسوء القول والاتهامات والإشاعات هي من أكبر أدلتي على أن الثقافة التي نظنها سليمة متلبسة بكثير من العيوب فلذلك تجد (الإناء ينضح بما فيه(.

س73: والحوار الشيعي معك هل فيه الأمراض السلفية من شتم واتهامات ظالمة؟

ج: الشيعة أكثر أدباً في الحوار وأطهر ألفاظاً لكن فيهم عيباً آخر وهو (المراوغة) فلا تكاد تمسك من الشيعي بشيء عندما تحاوره.

س74: وما أسبابها يا ترى؟

ج: لأن تراثهم مثقل بأخطاء ثقيلة الوزن وهم مهاجمون من الفرق الإسلامية ويقفون موقف الدفاع من قديم والمدينة التي تتعرض لهجوم متواصل على مر التاريخ لا بد أن تكون خبرتهم في (حفر الخنادق) وتقوية خطوط الدفاع خبرة قوية.

س75: هل كل الشيعة هكذا فأنا رأيت أنك تستثني المعتدلين؟

ج: نعم وكذلك السلفية ، فعندما أنقد السلفية أو الشيعة لا أقصد إلا الغلاة، وقد وجدت في معتدلي الفريقين من يقول الحق ويقصده ولا يتلبس بشيء من هذه العيوب، لكن يجمع السنة والشيعة (معتدلوهم وغلاتهم) الخوف من النقد الداخلي للطوائف والمصادر، وتعطيل النقد الذاتي للفرق الإسلامية وهذا يضعف سمعة الإسلام وحيويته.

س76: هل بدأ الإحباط يحاصر المالكي أم أنه شمر للتو؟

ج: أنا لم أحبط بالعكس البشائر تبشر كل يوم بتغير نحو الأفضل، ففي الناس من يريد
الحق ويحب العدل لكن قوة تشويه الخصوم كانت كبيرة أيضاً إضافة أن أكثر الناس لا
يبحثون هذه الأمور ولا يعرفون عنها إلا ما تعلموه في المدارس والجامعات وهي موجهة
أيضاً نحو الإنتصار لأحكام مسبقة، نعم قد يكون هناك إحباط من أصناف من الناس لكن تأتيك النصرة من حيث لم تخطط ولم تعرف، فتفاجأ بتوافق الأفكار مع أناس لم تكن تعرفهم.

س77: في داخل المملكة أم خارجها؟

ج: في الداخل والخارج.

س78: هذه المبشرات يمكن أن تذكر لنا نماذج منها؟

ج: مثل قبول بعضهم لمعظم ما طرحته من نقد لكتب العقائد وقبولهم لنقد ابن تيمية بالحق والاعتراف بأخطائه، فلم يعد عندهم المصدر الوحيد لمعرفة الشريعة، وقبول بعض الشيعة لفقد أخطاء كتبهم المعتبرة كالكافي وغيره.

س79: دعنا من الشيعة هل كان هناك من السنة من يعتبره ابن تيمية مصدراً وحيداً؟

ج: نعم لا زال هذا الصنف له وجوده وهؤلاء لا يعترف بهذه التسمية نظرياً لكنك عند
التطبيق لا تجد أحدا منهم.

س80: ولماذا هذا التركيز على ابن تيمية؟

ج: لأنه الذي شكل العقل السلفي المعاصر بحسنه وسوئه أو كان له الدور الأكبر في
تشكيله.

س81: وابن القيم؟

ج: هو مقلد لابن تيمية.

س82: هل أفهم أنك تلغي جهود ابن تيمية العلمية والإصلاحية؟

ج: أبداً، أنا أعرف للرجل علمه وفضله وأنا ممتن له فقد استفدت منه كثيراً وفي بحث لي عنه
(مشروع كتاب) ذكرت فصلاً في فضله وعلمه ونماذج من أقواله الرائعة التي لا يتبعها
الغلاة، لكني في الوقت نفسه أعرف أنه دخل في خصومات مذهبية مع الشيعة
والأشاعرة والصوفية أفقدته توازنه ووقع في كثير من الأخطاء العقدية والفقهية،
وأتباع ابن تيمية -من غلاة السلفية- لا زالوا يتعصبون لتلك الأخطاء، وإلا فليس هناك
عاقل منصف يلغي ابن تيمية ولا غير ابن تيمية، فلا يجوز أن نلغي ابن تيمية (الحنبلي)
ولا أبا الحسن (الأشعري) ولا عبد الجبار الهمداني (المعتزلي) ولا الهادي (الزيدي)
ولا ابن المطهر (الإمامي) ولا ابن حزم (الظاهري) ولا ابن عبد البر (المالكي) ولا
البيهقي (الشافعي)... ولا غيرهم فكل علماء المسلمين نستفيد من انتاجهم لكن لا
نقلدهم فيما أخطأوا فيه.

س83: هذا منهج معتدل فلماذا يخاصمونك من أجله؟

ج: أسألهم هم.

س84: ولو سألتهم ماذا سيقولون؟

ج: سيقولون أن هذا الاعتدال تمييع للحق وخلط لأهل الضلالة بأهل السنة؟!
مع أن من أوضح الضلالة الحكم على الآخرين قبل سماع حجتهم أو قراءة كتبهم، ومن الضلالة –إن قرأوا- عدم نشر حججهم كاملة، و من الضلالة إن نشروها كاملة ألا ينصفوها فيتم الرد عليها بإنشائيات وعمومات.

س85: كم بلغت التهم الموجهة ضدك؟ وكم هي حالات التكفير التي رميت بها حتى الآن؟

ج: أما التهم فنحو الخمسين تهمة وأما التكفير فلم يصدر إلى الآن إلا من بعض
المشاركين بأسماء مستعارة على الإنترنت

س86: من وجدك أولا البحث العلمي ومنهجيته أم معاوية؟

ج: لا هذا ولا هذا، التساؤل ومحاولة (الاطراد) ونبذ الازدواجية هي التي قادتني
لاكتشاف هذه الأمور، ثم جاء البحث العلمي ليدعم هذه الأمور ومن المسائل التي تعرضت
لها في البحث العلمي موقفنا المغالي من معاوية ولهذا الموقف المغالي أسباب تاريخية
وخصومات مذهبية.

س87: يقولون أن معاوية هو مؤسس السلفية لمناهضة علي بن أبي طالب فهل تراه نجح في ذلك؟

ج: لا أستبعد ولا أقر، لكن الأمر فيه تفصيل فالسلفية سلفيتان ، سلفية المنهج وهذه تبرأ من تأثير معاوية عليها وهي مع الإمام علي ضد معاوية وتحكم عليه بالبغي والظلم من النصوص الشرعية،
وسلفية أشخاص متمثلة في الغلاة فهذه يمكن أن يكون لمعاوية دور في زرع بذرتها، ومن
سماتها أنها لا تتثبت وتظلم من سواها وتغلو في معاوية وتنتقص علياً وأهل بدر وتعرض
عن النصوص الشرعية إلى أقوال تجمعها من هنا وهناك.

س88: يعني خصومك من الغلاة هم بذرة معاوية؟

ج: الخصوم ليس على درجة واحدة من التعصب بل بعضهم قد يكون منصفاً لكن وصلتهم الآراء مشوهة
أو مضخمة لكن معظم العقائد السلفية المغالية وجدت جذورها من عهد معاوية وبني أمية كالنصب والجبر والتكفير والقصص الذي يحمل الحشو والتشبيه..الخ

س89: حتى التكفير؟

ج: نعم، التكفير السياسي بدأ من عهد معاوية عندما كفر واليه زياد بن أبيه حجر بن عدي وأقر
بكفره علماء (السلفية السياسية) في العراق.

س90:وتكفير الخوارج ألم يكن سابقاً؟

ج:هذا تكفير ديني لا سياسي وأنا قلت (التكفير السياسي) وأقصد به النابع من السلطة
ومؤسساتها أو ذلك التكفير الذي تتحالف فيه السلطة الدينية الموالية للدولة والسلطة
السياسية.

س91: يقولون أن الكمال كان يحيط بمعاوية وعلي بوصفهما أنموذج لأمر الفتنة ومن هنا حرم
التالون من العلماء يحرمون الحديث فيها... هل هذا مقنع لصغارنا... فلم كانت الريبة وسفك
الدم إذن؟ الذي ما زلنا نتجرع بعضه إلى الآن... ثم ألا يقف مثل هذا التعليل في وجه
العقل والتشريع الإلهي؟

ج: أولا الفرق يا أخي كبير بين الإمام علي بن أبي طالب السابق إلى الإسلام المهاجري
البدري الرضواني الذي وردت في فضائله النصوص المتواترة ومعاوية بن أبي سفيان
الطليق من آخر الناس إسلاماً الذي كان محل شك واختلاف بين كثير من الصحابة والتابعين
فضلاً عما ورد في حقه من النصوص الشرعية وما صحَّ في حقه من الأحداث التاريخية
الثابتة، وتسبب في إدخال الأمة في فتن وتنازع في حياته وبعده إلى اليوم، فمن
الظلم لعلي أن نقارن به معاوية وهذا مما أصر عليه في الخطاب لأن جماعتنا (غلاة
السلفية) هربوا من الغلو في الإمام علي حتى وقعوا في الغلو في معاوية فالثناء على الظالم
كالغلو في العادل –مع فروق في نسبة الغلو والظلم من فريق لآخر..

س92: وهل قراءة معاوية مهم لهذه الدرجة؟

ج: معاوية وملكه نقطة تحول كبرى في التاريخ الإسلامي ، لا بد من إشباعها بحثاً وتمحيصاً وتحليلاً، فهذا الإشباع كفيل بكشف جذور الخلل الأولى، وهذا لا يتأتى إلا بقراءة كل التاريخ الإسلامي في القرون الثلاثة الأولى قراءة متأنية منصفة لا تظلم بريئاً فاضلاً ولا تبريء ظالماً هو أول خطوة في إصلاح الفكر الإسلامي وما لحق به من تشويهات، سلطتا القهر (الأموية والعباسية) كان لهما الأثر
الكبير على العقل المسلم والتراث وخلط الأولويات وتقديم الأمور الصغرى وإهمال الكبرى.

س93: الكبرى مثل ماذا؟

ج: مثل نبذ التنازع والاعتصام بحبل الله جميعا فلجأت الحكومتان إلى تفريق المسلمين
جماعات وطوائف لتتمكن من استخدامها ضد بعضها ونسيان قضية العدل والعلم والبحث الذي
لا نهوض للمسلمين ودينهم إلا به.

س94: والصغائر ما هي؟

ج: هي ما تركز عليه كتب العقائد ويتردد في خطابات كثير من الإسلاميين الذين لا
يرتبون أولوياتهم وينشغلون بالتفريق بين المسلمين لأدنى مخالفة أو اجتهاد.

س95: ألا تخشى أن تكون من أولئك؟

ج: أبداً أنا أرى التقارب بين المسلمين والتآخي والحوار والبناء والتعاون وهذا لا
يمنع من وجود الخلاف، فأنا أعقل أن أتعاون مع الخارجي والناصبي والشيعي والإباضي في
تحقيق مصالح الإسلام والمسلمين ، وأعرف للمسلم حق الإسلام ولو كان من ألد الأعداء
والخصوم، وهذا ما لا يؤمن به الغلاة من جميع الفرق الإسلامية.

س96: أنت تجعل معاوية هو لب مصائبنا؟

ج: ليس بهذا الشكل لكنه كان من الأسباب الكبرى في مصائبنا وراجع إن شئت كتاب
الخلافة والملك للمودودي لترى السنن التي سنها معاوية في الأمة من إبطال خلافة
راشدة وإبطال شورى وبيت مال وعدالة وقضاء ...الخ ويكفينا حديث البخاري (فساد أمتي
على أيدي أغيلمة سفهاء من قريش) وحديث (أول من يبدل سنتي رجل من بني أمية) و(الخلافة
ثلاثون عاما ثم تكون ملكاً عاضا)، وغيرها من النصوص.

س97: لكن ألا ترى أنك (نصوصي) كخصومك؟

ج: النصوص الصحيحة لا نستطيع إهمالها، لكن ما كل من يجهلها أو يرى ضعفها مكلف بها،
فأنا ألزم نفسي ما لا ألزم به الآخرين وأعقل وجود فلسفات واختلافات في مسألة الحديث
لكنني أخاطب الناس بما أؤمن به وما يؤمنون به.

س98: لكن معاوية أليس صحابياً؟

ج: نعم صحبة عامة لا شرعية ، ثم حرقوص بن زهير صحابي وقاتل عمار صحابي وعبد الله بن أبي صحابي
لكن هؤلاء لا تشملهم النصوص في مدح الصحابة فخرجوا بسوء السيرة من العموم، إضافة
إلى أن تلك الآيات والأحاديث في فضل الصحابة حدثت قبل إسلام معاوية أصلاً.

س99: لماذا تفترض في الملك الظلم مع أن عثمان بن عفان مع أنه خليفة صدرت منه بعض المظالم كانت سببا في الثورة عليه، وعمر بن عبد العزيز رغم كونه ملكاً كان عادلاً، ثم ألم يكن داوود ملكاً وسليمان؟

ج: الملك العادل لا اعتراض عليه ولا على شكل السلطة إنما الاعتراض على المضمون،
الاعتراض على الظلم وإضاعة حقوق الناس، وكما تفضلت فعمر بن عبد العزيز ملك عادل،
لكن اقتداء الدولتين الأموية والعباسية لم يكن به إنما كان بمعاوية، وكان لهذا اثر
على المسلمين وتراثهم ومواقفهم من النص والعقل والمبدأ، أما عثمان فكان محاطأ بحاشية من قرابته وولاته كان لهم تأثير عليه في اتخاذ بعض المواقف الخاطئة.

س100: إذن ما الموقف الشرعي الصحيح من معاوية؟

ج: من الصعب التوصل لتحديد موقف شرعي لكن أدنى ذلك ألا نجعله مأجوراً على المظالم
التي أحدثها، وأن يتم الإقتداء بالنصوص الشرعية، والنظرة المغالية له تدل على جهل
وضمير ميت وتأويل نصوص الإسلام لتبرير أخطائه أو أخطاء غيره.

س101: الذي نعرفه أن الصحابة كلهم عدول وعلمنا أنك تنفي هذا؟

ج: هذه قاعدة ليس عليها دليل شرعي فبعض الصحابة أتهم بالنفاق وبعضهم ارتد وبعضهم
ساءت سيرته وبعضهم وردت نصوص بذمهم..

س102: إذن هل ترى القاعدة باطلة؟

ج: إذا أردنا بالصحابة المهاجرين والأنصار ومن تبعهم بإحسان فالقاعدة صحيحة وإن
أردنا أن ندخل في هؤلاء من سبق ذكره من المنافقين والظلمة ومن ساءت سيرته فالقاعدة
تصبح باطلة.

س103: والذي قرأناه في المقررات وكتب العقائد هل يذهب هكذا باطلاً؟

ج: هذا أولى من أن تذهب النصوص الشرعية باطلا.

س104: لكن هذا قد تعارف عليه الناس؟

ج: كل الأمور المتعارف عليها تحت الشرع لا فوقه، ويجب أن نخضع ما تعرفنا عليه
للنصوص الشرعية .

س105: إذن فالكمال يحيط بعلي لا معاوية؟

ج: علي لا يقارن بمعاوية، بل عدله أظهر من عدل عثمان، والكمال نسبي، ولا ريب أن الإمام علي وأمثاله من الكبار من أفضل عدلاً وعلماً وسابقة وجهاداً لكن هذا لا يمنع من وقوع معصية أو خطأ أما معاوية فما الذي أدخله بين هؤلاء؟ لم يدخله بين هؤلاء إلا غلاة السلفية تأثراً بنقد الشيعة والمعتزلة له من باب ردة الفعل.

س106: لكن هؤلاء غلو في ذمه وكفروه؟
ج: أدلتهم في ذمه أقوى من أدلة المبرئين له المغالين فيه وغلونا الذين جعلوه من الفقهاء وأهل الفضل وكاتباً للوحي وخالاً للمؤمنين بل من المبشرين بالجنة؟ ومأجوراً على لعن أهل بدر وقتلهم والأثرة على الأنصار وإهانتهم والوصية ليزيد...الخ

س107: يعني هذه الأمور –من فضائله- غير صحيحة؟.

ج: نعم كلها باطلة ولم يصح في فضله حديث، مع صحة أحاديث في ذم الرجل، وهو رجل غلب عليه حب الدنيا وظلم الناس ولكن بدهاء كبير، فالرجل كان داهية بالإجماع، وبعضهم يتوقف فيه وبعضهم يعرف له حسنات لكن لا يجعلها ماحية لسيئاته وهؤلاء الخلاف معهم يسير، أما من جعله من الكاملين الراشدين فلا.

س108: هل أنت مستعد للمناظرة في معاوية؟

ج: نعم وسأثبت كل الإتهامات السابقة بالأسانيد الصحيحة والوقائع التاريخية ومنهج أهل الحديث ومن كان عند معارضة فليتقدم، علماً بأنني كنت في بداية أمري من المدافعين عنه جهلاً بما توفر عندي الآن من أدلة نصوصية وتاريخية.

س109: إذن فالمنع من الكلام فيما شجر بين علي ومعاوية لا تراه؟

ج: نعم، لكن أن يكون الكلام بالحق، فلا يساوى بين العادل والباغي.

س110:تقصد أن معاوية من الفئة الباغية؟

ج: هذا كلام الرسول (ص) وليس كلامي ولا بد أن أحترمه وأقول به.

س111: لكن أنت تعرف أن الأحاديث للناس فيها تصحيح وتضعيف..

ج: هذا الحديث متواتر وهو من أقوى ما روى أهل الحديث، أنا أقبل من علماني ألا يرى
الحديث لكن لا أقبل من سلفي يدعي التزام النص.

س112: وماذا تقول للعلماني لاثبات باطل معاوية؟

ج: العلماني يؤمن بالتاريخ والحقائق التاريخية واضحة ويمكن أن أقول له مثلاً :إن كل الكفار لا يقرون انفصال ولاية من ولايات الدولة، وأن كل الدول الكافرة والمسلمة على وجوب قتال المنفصل عن الحكومة المركزية.

س113: حتى لو كان مطالباً بحق يراه؟

ج: يطلب الحق من القضاء، والمحكمة هي محل المطالبات لا السيف، ثم معاوية ليس طالب
حق هو طالب سلطة وكفى.

س114: ما وجه الشبه بين قول الشاعر "وينشأ ناشيء الفتيان فينا *** على ما كان عوده
أبوه" وبين السنة والشيعة وما اقترب منهما أو بعد من الفرق وغيرها؟

ج: صحيح أن الشيعة والسنة كثير منهم غلاة مقلدون لا يقبلون تحكيم النصوص الشرعية فيما
تنازعوا فيه، لكن المعتدلين في السنة أكثر وأقول بالحق وأرجو ألا يكون هذا تعصبا
مني، لكنني أتحدث بما أدين الله به.

س115: لماذا تنفي أن يكون هذا تعصباً سنياً منك؟

ج: نحن لا نعرف فضل علي وعدله وفقهه وفضل أهل بيته إلا من كتب السنة وكذلك عرفنا
منها بغي معاوية وظلم بني أمية فماذا يريد الشيعة؟

س116: من خلال خلفيتك التاريخية التي اتسمت بالمنهج العلمي... بم تجيب طفلاً بريئاً
اختلطت عليه المفاهيم والرؤى في شخصيات الفتنة... عائشة وعلي ومعاوية والزبير
وووو.... الخ حتى بدا له أن أمر طهارة الأمس في تلك الشخصيات وغيرها لم تكن على
المحك؟ وللايضاح أقول ثمة تعارض صارخ بين التبشير بالجنة لكثير من شخصيات الفتنة...
وبين السلوك وفواجع أحداثها... مما يؤكد أن ثمة.. أثيم..!

ج: هذا أيضاً خلط بين المصيب والمخطيء بين العادل والظالم، بين من صدرت منه هفوة
ومن أصر على الظلم، بين صاحب السوابق الذي تعتبر قرينة على صلاح النية ومن ليس له
سابقة، وهذه الأمور مما سأحاول أن يدركها هذا الطفل، حتى لا تختلط عليه الأمور كما
اختلطت على غلاة السنة وغلاة الشيعة، وقبل هذا أرشده إلى قراءة السيرة النبوية ثم
معرفة من خلالها الصحابة الذين لهم أثر في نصرة الإسلام ومعرفة الذين حاربوا
الإسلام ثم أسلموا أخيراً عندما ضاقت عليهم الأرض بما رحبت.
فهناك فرق كبير وشاسع بين هؤلاء وهؤلاء، لا بد أن أعلم الطفل كيف يرتب الأمور حتى
لا يختلط عليه العدل والظلم، الصلاح والفساد، هذه معايير مهمة لم نعلمها للطفل
فخرجت لنا الأجيال كما ترى؟
ثم يجب التنبيه هنا أن طلحة والزبير وعائشة رضي الله عنهم يختلفون جذرياً عن معاوية
فلهم سوابق وحصلت منهم زلات من التحريض على عثمان ثم الخروج على علي وقد تاب الزبير
ورجع من المعركة فقتل، وتابت عائشة وتوبتها ثابتة بأسانيد صحيحة وتاب طلحة لكن
الإسناد في توبته ضعيف لكن لها قرائن، فالثلاثة رضي الله عنهم ثبتت توبتهم من خطئهم
ولا شك أنهم هم المخطئون سواء في التحريض على عثمان أو الخروج المسلح على علي.

س117: على عثمان نعم لكن هل تخطئهم في الخروج على علي؟

ج: الخروج أعظم خطأ من التأليب، وعلي المصيب لأنه الحاكم الشرعي ويجب عليه ضبط أمور الدولة الإسلامية إضافة لنصوص وردت في تخطئة هؤلاء.

س118: وهل يوافق خصومك على قولك هنا؟

ج: لا أنتظر موافقتهم، وهم لا يعرفون أن طلحة وعائشة كانا من المؤلبين على عثمان لأنهم لم يقرأوا الفتنة من أسانيدها الصحيحة وإنما مما كتبه لهم سيف بن عمر.

س119: أراك تكثر من النصوص وكأن النبي (ص( يعلم تلك الأمور؟

ج: نعم، النبي (ص) أخبرنا عن أمور كثيرة كالدجال وأحداث اليوم الآخر ومقتل عمار
وخطأ الزبير وخروج عائشة وتحول الخلافة إلى الملك وغير ذلك، وهذه النصوص تلزم
السلفي المحدث ولا تلزم من عنده اشكالات في تدوين السنة.

س120: يعني أن ذلك معذور؟

ج: من عنده اشكالات في تدوين السنة له منهج آخر، فيتم التحاور معه بالقرآن والعقل..

س121: والسنة؟

ج: المسلم الحق لا ينكر السنة لكن قد يحصل عنده شك في ثبوت تلك النصوص لأنه ينطلق من
فلسفة معينة.

س122: فهل يعذر في إهمال النصوص الشرعية؟

ج: قد يكون عنده جهل بثبوت تلك النصوص أو دلالتها وهذا يحصل حتى بين الإسلاميين، فلا بد من عرض المنهجية التدوينية عليه والتفريق له بين قطعي الثبوت وظني الثبوت، فيلزم من القطعي لا الظني لكن إذا آمن بحديث ثم رفضه فهذا خطير قد يؤدي للردة إلا إذا كان عنده شبهة في (إلزام النص) فينظر في شبهته ويعذر لتأويله.

س123: وإذا لم يؤمن بالأحاديث؟

ج: هذا لا يحكم عليه بشيء قبل البيان وإيصال الحجة فيتم التحاور معه وإثبات هذا له
علمياً والأحاديث تختلف فليست كلها في مستوى واحد.

س124: وهل سنفلح في إقناعه؟

ج: ليس بالضرورة فالبراهين في صحة متواتر الأحاديث وصحيحها ليس كالبراهين في إثبات
وجود الله وفي إثبات النبوات والمعاد، ومع ذلك لن تستطيع إقناع كل الملحدين ولا كل
منكري النبوات والدهريين، لا بد من تفهم الطرف الآخر وأن نحاول أن نوصل له الدليل
والبرهان من الطريق الذي يؤمن به، فالملحد يمكن أن تأتيه من الناحية العلمية ومن
العقل، والمعتزلي ومعه العلماني المعتدل يمكن أن تأتيه من القرآن الكريم والبراهين
العقلية، وأما السني فتأتيه من الأحاديث الثابتة ومن منهج إثباتها أو التي يؤمن
بثبوتها.

س125: وحديث التبشير بالجنة؟ ذكر وزير الأوقاف اليمني الأسبق أنك تنكر حديث تبشير العشرة
المبشرين بالجنة؟

ج: حديث التبشير بالجنة اختلف فيه أهل السنة فمنهم من يرى التبشير من باب الوعد
بشرط الاستمرار على الصلاح ومنهم من يقول بوجوب اتباع النص، ولذلك نجد بعض المبشرين
بالجنة يتمنى أن يكون شجرة تعضد وهذا يدل على أن فهمهم للحديث –لو صح- ليس كفهمنا
والله أعلم، وأنا لا أنكر الحديث وقد صححته في كتاب الرياض (نحو إنقاذ التاريخ الإسلامي)، لكن ليس الحديث من تلك الأحاديث المتفق على صحتها، ولا على دلالتها القطعية، والصحيح مراتب، وأما الأخ الوزير السابق في اليمن (عبد الوهاب الديلمي) فهو رجل بسيط فيه سذاجة الغلاة وقسوتهم، فهو ينكر وجودي أصلاً! ويظن أنني شخصية وهمية! لأنه لا يتوقع أن يصدر التصحيح وإنكار الغلو السلفي من وسط نجد! فالتصحيح عندهم في اليمن يأتي متأخراً مثلما وصلهم الغلو متأخراً، إضافة إلى أن احتكاكهم (الخصومي) مع الزيدية يجعلهم يفقدون توازنهم إذا شعروا برجل من وسط نجد يتكلم عن النصب والنواصب! ويرد أخطاء ابن تيمية .

س126: إذن فهل نص التبشير للعشرة وغيرهم بالجنة ثابت أم غير ثابت؟

ج: الحديث وإن كان قوي الإسناد لكن دلالته فيها كلام وليس في الصحيحين لكن هناك آيات تثبت البشارة بالجنة لعموم المهاجرين والأنصار وقد يخرج أفراد بأدلة خاصة.

س127: إذن فهل ثمة أثيم في الفتنة؟

ج: الخارج على الوالي العادل الذي جر خروجه إزهاق أرواح لا بد أن يلحقه إثم لكن هذا
الإثم يختلف حسب الشخص فهناك مجتهد طالب حق وهناك طالب سلطة بألفاظ شرعية فهذا أبلغ
إثماً.

س128: يعني الصحابي قد يأثم؟

ج: نعم، من بغى أو شرب الخمر أو زنا أو سرق يأثم ولو كان صحابياً، النظرة المغالية
في الصحابي نظرية لبعض غلاة السلفية وهي مخالفة للنصوص الشرعية والواقع التاريخي ومخالفة لمنهج المهاجرين والأنصار وهم خير من يمثل السلف الصالح.

س129: أليس للصحابة خصوصية؟

ج: في العرف العام نعم، أما النصوص الشرعية فلا، ليس هناك دليل في أن الصحابي إن
شرب الخمر لم يأثم وإن شربه تابعي أثم.

س130: هذا صحيح فكيف فات على خصومك؟

ج: لأنهم لا يرجعون للنصوص الشرعية وإنما يرجعون لإنشائيات بعض المتخاصمين من السلف
الذين أذهلتهم الخصومات عن النصوص الشرعية وإدراك طبيعة النفس البشرية مع الجهل
بالواقع التاريخي.
س131: أي الطريقين أقرب لصلاح الأمة واستعادة أمجادها... الاعتراف بهزيمتها عبر كل
القرون.. ومن ثم التأسيس من جديد لمنهجية واضحة من غير تعصب أو خلاف..؟ أم الفصل في
أمر الفتنة وبيان تفاصيلها ووثائقها المرتهنة.. والفصل بين صاحب الخطية والآخر؟!

ج: ماذا تريد بالاعتراف بهزيمتنا عبر القرون؟ لقد انتصر الإسلام في عهد النبي (ص(
وفي عهد الخلافة الراشدة باستثناء ثغرات في عهد الخلافة الراشدة وانتصر في عهد عمر
بن عبد العزيز، وفي عهد بعض السلاطين العادلين سواء من بني أيوب أو العثمانيين أو
العلويين في اليمن والديلم، لكن الهزيمة لا شك كان لها النصيب الأوفر من تاريخ هذه
الأمة.

س132: في ماذا؟

ج: أبلغ الهزائم هزيمة الضمير، هزيمة الإنصاف، هزيمة كلمة الحق، هزيمة المبدأ..

س133: يعني لا بد من الاعتراف بالهزيمة؟.

ج: على التفصيل السابق.

س134: هل هناك نصوص تدعم هذا؟

ج: نعم، هناك نصوص في وصف تغير الأمر وانتقال الأمور من العدل إلى الظلم والجبرية.

س135: والتفصيل في أمر الفتنة؟

ج: هذا لا ينافي الاعتراف بالهزيمة، الاعتراف ودراسة الفتنة وغيرها من أحداث
التاريخ أمر في غاية الأهمية.

س136: أين تكمن أهمية ذلك؟

ج: في إحياء الضمير وإحياء المبدأ لن تفلح أمة تعظم الطغاة وتذم العادلين، وتضع
الرجل في غير ما يستحق من خير أو شر من فضل أو مثلبة.

س137: يعني تصنيف كل الناس؟

ج: ليس شرطاً، ولا اسميه تصنيفاً، إنما وضع الأمور في مكانها اللائق بها شرعاً
وحقيقة، بحيث نرى الأمور بوضوح، لأنه على ضوء الرؤية الصحيحة للواقع التاريخي تستطيع أن تقرأ أسرار تشكلنا العلمي والعقلي والنفسي.

س138: لكن هذا صعب ويأخذ وقتاً؟

ج: هذا خير من التمادي في الخطأ ثم يمكن أن نبدأ من الهرم نزولاً، فنرتب المسائل ونفصل بين القطعي والظني في الاعتقادات والأحكام والمبادئ والأخلاق، فالتاريخ له سطوته على العقل والمبدأ
والضمير.

س139: قلت في إحدى لقاءتك الفضائية.. في مضمون كلامك – أن المؤرخين جميعهم حين كتبوا..
إنما كانوا تحت وطأة مذهبية أو عصبية شعوبية أو سياسية.... فمن لنا بغيرنا ليكتب
تاريخنا.. ما دام أننا لم ننجح إلى هذه اللحظة في منهجنا العلمي لكتابة التاريخ؟

ج:لم أقل هكذا بالضبط، ولكن اثر السلطة كان بليغاً وقد أثنيت على مؤرخين كتبوا للحقيقة أو حاولوا لكن الحكومات الظالمة لم تترك فرصة للتنظير السياسي والمالي في الإسلام ذلك التنظير المستمد من
النصوص الشرعي والمتفق مع مبادئ الإسلام وأحكامه، لكن في الوقت نفسه أسهم المؤرخون
المسلمون في كتابة أشياء كثيرة مفيدة، والمؤرخ المسلم بطبيعته متدين لا يرضى الظلم
لكنه قد يضطر للمجاملة وتهميش أشياء وإبراز أشياء كما هو الحاصل في المؤرخين
المعاصرين.

س140: هل نستطيع أن نأت بما لم يأت به الأوائل؟
ج: بالبحث والعلم والإنصاف ممكن لكننا للأسف لم نسهم في المحافظة على الحق الذي
كتبه علماء الإسلام من محدثين وفقهاء ومؤرخين بل أسهم كثير منا في التحريف والإخفاء
المستمر وقلب الحقائق، لكن من أراد الحق والعدل فسيجده فليبحث وليصبر.

س150: ما آخر كلامك عن مناهج التعليم الدينية؟

ج: هي نسخة مطورة من الغلو الحنبلي.

س151: هل هذا لب خلافك مع الشيخ صالح الفوزان؟

ج:هذا في الماضي خلافي معه أما الآن فالخلاف معه أوسع بكثير، في المناهج وابن تيمية وكتب العقائد
...الخ والمستقبل أت بمزيد من الخلاف.

س152: وسليمان العودة؟

ج: أيضا خصم غير منصف يرفض الحوار والمناظرة ويكتفي بالشتم من خلف الأسوار وعلى
المنابر!

س153: ماذا تعني بالشتم على المنابر؟

ج: هو دارس في التاريخ فأعطوه مسجداً ليخطب فيه فعلمت أنه يدعو علي في نهاية بعض الخطب! ولا ذنب لي إلا لأنني كشفت أن رسالته في الدكتوراه مبنية على راو كذاب! وطلبت مناظرته لإثبات ذلك.

س154: وهل أصبحت المنابر مكاناً لتصفية الخصومات؟

ج: نعم قد فعلها معاوية من قبل في حق الإمام علي !

س155: والشيخ حمود العقلاء ؟

ج: شيخ أحترمه وأحب فيه شجاعته في قول ما يراه حقاً تراشقنا بالفتاوى وكان هو البادئ.
س156: أراك مرتاحا من هذا؟

ج: لطرافتها فقط!

س157: لكنه كان قاسياً عليك أكثر من غيره؟

ج: هو بمنزلة الوالد وأكثر الذنب ليس ذنبه، إنما ذنب الخصوم الذين يحرضون ويكذبون ويبترون، أما هو فيستحق منا كل احترام وعندي نية في زيارته ولكن هذا كله لا يعني أنني اقر بظلمه لي لكنني أفرق بين التعامل والناحية العلمية.

س158: مما يشنع به خصومك أنهم يقولون إنك من أسرة زيدية؟

ج: يا ليت! لو كان الأمر كما يقولون لتعلمت مبكراً، أسرتي –سيدي الكريم- من
العوام لا يعرفون القراءة والكتابة ولا يعرفون زيد بن علي ولا الهادي ولا القاسم
الرسي ولا أحمد بن سليمان وربما لا يعرفون علي بن أبي طالب نفسه ، فإن كانوا يقصدون المنطقة (بني مالك) أنه شملها في الماضي المذهب الزيدي، فليست وحدها بل كل المخلاف السليماني وبعض عسير وبعض الحجاز كانوا زيدية لكن عن جهل وليس هناك من العلماء إلا القليل في تهامة
خاصة، بل منطقة نجد كانت زيدية لقرون.

س159: لكن هل كنت زيديا في الماضي؟

ج: أبدا أنا كنت خصماً غير منصف للزيدية، والآن أكثر تفهما للزيدية مني في الماضي، فقد كنت من مقاومي بعض المظاهر الزيدية في الماضي وقد ندمت على هذا.

س160: لماذا ؟

ج: لأن منكرات غلاة السلفية أعظم من منكرات الزيدية.

س161: ولماذا تتبرأ من الانتساب للزيدية مع أن الانتساب إليها افضل من غلاة السلفية؟

ج: أنا من معتدلي السنة ولست من غلاتهم، ولا يمنعني من الانتساب للزيدية إلا الواقع
الذي يؤكد أنني سني حر في قناعاتي ومصادري، ولا أنكر أن للزيدية فضلاً على المخلاف
السليماني كله ومن ذلك منطقتي بني مالك الجنوب.

س162: ما هي المظاهر الزيدية التي كنت تقاومها في بني مالك؟

ج:لم تكن في بني مالك فقط ، بل في كل المخلاف وأكثر الحجاز، وهي مظاهر عادية جدا اغلبها في الأحكام كالإرسال والقنوت في الفجر ووجوب صلاة العيد والأذان بحي على خير العمل، ثم علمت أن هذا كله من الفروع بل أكثر هذا مما اختلف فيه المذاهب الأربعة، لقد كنت ضيق أفق كغلاة السلفية اليوم.

س163: الأذان بحي على خير العمل أليس شعاراً للشيعة؟

ج: قد كان يؤذن به بعض الصحابة بأسانيد صحيحة، وارجع إن شئت لمصنف ابن أبي شيبة -
باب الأذان- ومعجم الطبراني وغيرها، فالأمر اسهل مما يفعله غلاة السلفية مما تراه
في كتب العقائد، فليس كل ما فعله الزيدية ولا كل ما فعله الشيعة باطلاً، هذه من
الأشياء التي أخذناها عن الغلاة بتعصب وجهل.

س164: هل للزيدية الآن وجود في المخلاف السليماني؟

ج: ولغلاة السلفية وجود هناك، رحم الله أيام الزيدية، لقد كانوا فيما نعلم عنهم أعقل وأعلم وأرحم
بالعامة وأكثر تواضعاً، ومع ذلك لا يخلو المخلاف والحجاز من وجود زيدية ولها عودة
قوية في الحجاز خاصة بعد فشل السلفية في تفهم المخالفين لها من السنة كالأشاعرة
ومعتدلي الصوفية والذي اعلمه أن الزيدية والأشاعرة على تفاهم كبير في الحجاز، لأن
الجميع يشعر بالاضطهاد من الغلاة أعني غلاة السلفية، أسأل الله أن يوفق السلفية
والأشاعرة والزيدية للاعتدال وترك الخصومات والاعتراف بحق الاختلاف وحق التعايش
وتكافؤ الفرص والتسامح المذهبي، فالجميع مسلمون.
س165: ماذا يختلف معتدلو السنة مثلك عن الزيدية؟

ج: الزيدية يؤمنون بالنص الخفي على الإمام علي، والوصية والعصمة والجزم بالتفضيل(تفضيل الإمام علي على كل الصحابة) وإهمال فضائل الخلفاء الثلاثة والقول بالعدل والتوحيد وسائر الأصول الخمسة
المعتزلية، بينما معتدلو السنة لا يؤمنون بهذا وإن تفهموا أن للقوم شبه من أدلة أقوى من شبه غلاة السلفية في النصب والتشبيه والغلو في معاوية وبني أمية..الخ.

س166: ولماذا هذه الحساسية الشديدة عند السلفية من كلمة )زيدي)‍؟

ج: ربما لأنه كان لها في الماضي ظل سياسي، وإلا فانتساب الزيدية لزيد بن علي وهو من كبار أهل
البيت علماً وفضلاً وشرفاً اشرف من انتساب سائر المذاهب الأربعة لأئمة ليسوا من أهل البيت، لكن المسألة عندي ليس مجرد انتساب وإنما قناعة بالمصادر والمنهج في البحث، فعندما أريد بحث حكم من الأحكام لا أرجع للروض النضير ولا البحر الزخار وإنما أرجع لبحث الموضوع في كتب السنة وقد يكون هذا الإقتصار خطأ مني لكنني اتبع قناعتي والإحاطة بمذهب الزيدية يحتاج لوقت طويل، وقد قابلت بعض الزيدية قبل عام في اليمن وهم يختلفون غلوا واعتدالا كحالنا ففيهم الغلاة والمعتدلون، والغلو في حب علي خير من الغلو في حب معاوية، وغلاتهم يتهمونني بالنصب، وأما معتدلوهم فلا يكادون يختلفون عن بعض علماء السنة كالنسائي وابن عبد البر والحاكم وغيرهم ممن أنصف أهل البيت، ولن أسمح لاتهام الغلاة لي بالزيدية لإنكار فضائل القوم من العلم والعدل والفضل والاهتمام بالإعمال العقلي والمنطقي، والدعوة للاجتهاد واحترام المجتهد، لكن بعض ضعفاء النفوس من أتباع السلفية بالمخلاف ينكرون هذه الفضائل من باب المزايدة، وكأنهم يبحثون عن براءة وتزكية من غلاة السلفية إذا ظلموا الزيدية، وأنا لست من هؤلاء المزايدين، ولا أطلب تزكية من الغلاة، لا من الزيدية ولا السلفية ولا الإمامية، ولي مع الجميع خصومات واختلافات، وأدعو المسلم أن ينطلق من آرائه وقناعاته لا من مزايداته ومظالمه، فهذا يخالف الواجب ديناً وضميراً ومروءة.

س167: هذا السؤال خاص جداً، وهو أنهم يقولون إنك اتبعت مذهب الزيدية لأن والدك من يوم
فارق الوالدة تعصبت لوالدتك الزيدية ضد والدك السلفي؟!

ج: -يضحك!- هذا سمعت به عند هؤلاء المجانين فالوالدة وفقها الله وحفظها لا زالت في عصمة
الوالد وليست مطلقة منه كما أشاعوا وكلاهما عاميان لا يقرءان ولا يكتبان، وخاصة الوالدة لا
تعرف المذاهب ولا أهل البيت أصلاً، أما الوالد حفظه الله فهو يعرف في الماضي بعض
علماء ودعاة الزيدية كسائر العوام بفيفاء وبني مالك بل والمخلاف السليماني بشكل عام
وهم يحترمون هؤلاء العلماء والدعاة ويعرفون لهم حقهم في الدعوة ويحبونهم وهذا أمر مشروع لا عيب فيه، ولكن هؤلاء الغلاة من خصومنا لا يدرون بماذا يردون على ما كتبناه، فيشيعون الإشاعات الغريبة.

س168: ما أطرف إشاعة ضدك؟

ج: من أطرف الإشاعات هذه التي ذكرتها، وهناك إشاعة أخرى أكثر طرافة وتطرفاً تزعم
–تلك الإشاعة- بأنني من المكارمة بنجران وأن عندي هناك مزرعة كبيرة وأن الناس يسجدون بين يدي ويقبلون مني الرجلين والكفين وأنني أوزع لهم صكوكاً لبعض الأرضيات في الجنة!
س: يبدو أنهم يمزحون في مثل هذه الإشاعات؟
ج: لكنها تسري في الناس حتى تصبح عن بعض الغلاة حقيقة، مثلما نحن اليوم نردد
الإشاعات الكاذبة عن الجهم بن صفوان وغيلان الدمشقي والجعد بن درهم وواصل بن عطاء
ونزعم أن بعضهم كان يحك آيات من المصحف ليضع خيراً منها!!..الخ.
س: لو اتصل بك أحد الناس واتهمك بالكفر أو انك توزع الأراضي في الجنة بما تجيبه؟
ج: أطلب منه البينة فإن لم يجدها أطلب منه أن يطلب مني اليمين، فالبينة على من ادعى
واليمين على من أنكر.

س169: وإن جاء بالبينة خصوصاً وأنك تعرف أن بعض الغلاة من السلفية يفتي بجواز الكذب
على الخصوم ؟!

ج: هنا سآتي له بالبينة المضادة، أو أطالب منهم المباهلة.

س170: هل هناك أشخاص أو كتب كان لها أثرها على المالكي؟

ج: كل ما قرأته وكل الأشخاص الذين صار لي معهم حوار أو تعلم أو خصومة كان لهم اثر
علي، إما بتدعيم معلومة أو اتخاذ موقف، أو تأثر بحق.

س171: من ابرز الأشخاص الذين كان لهم أثر إيجابي عليك؟

ج: الشيخ علي بوكر نسيب العقيلي والشيخ عبد الله السعد (وقد اصبح من الخصوم) والشيخ
أبو حزم عبد الرحمن الحكمي والشيخ محمد الحسن الموريتاني والشيخ عثمان حسن (محدث
عراقي) والشيخ ابن باز والشيخ ناصر العقل وغيرهم، ولا أنسى آخر كان له أثر في طريقة
طرحه لأسئلة المثيرة للبحث وهو الأخ الأستاذ جابر سلمان قاسم الفيفي.

س172: ومن الكتب؟
كتب الحديث بشكل عام فقد قرأتها كلها تقريباً وعرفت إنصاف أهل السنة منها، ومؤلفات
ابن الوزير والمقبلي والمودودي (في كتابه الخلافة والملك) وسيد قطب (في كتبه
العدالة الاجتماعية) والشيخ محمد العربي التباني في كتابه (تحذير العبقري( وغيرهم،
كما أن لبعض الكتب أثر مضاد كمنهاج السنة لابن تيمية وكتابات محب الدين الخطيب وكتب
العقائد المغالية فمن هذه الكتب عرفت كيف تؤثر الخصومات في بعض أهل السنة حتى يقعوا في كثير من الباطل.

س173: هل أصحابك في ازدياد أو نقص؟
ج: أنا لا أركز على كثرة الأصحاب لأنها تعيق وتسبب إحراجات، لكن يبدو لي أن بعض الأصحاب يذهب وبعضهم يأتي، وأنا أرى من خلال ما يصلني أن أصحابي- حسب تعبيرك- في ازدياد كبير رغم كل هذا التشويه والحصار، ويعجبهم مني-فيما ظهر لي- المنهج المنصف الذي اعرضه بغض النظر عن الإتفاق في المعلومات، وأنا أعدهم زملاء بل بعضهم في مرتبة الشيخ.

س174:البعض يخشى من منهجك ويقول ليس في صالحنا التغيير السريع؟

ج:الحق والعدل بهما نستمر ونبقى وليس الظلم ولا الجهل، فالحقيقة لا تضر صادقا ولا عادلا.

س175:ألا تزعجك كثرة الردود عليك؟

ج: أبداً لأن كل هذه الردود تدل على أن الأثر وصل وسيتم الإستفادة منها في حينها.

س176:كيف؟

ج:الذي يرد بباطل سيضر نفسه ومذهبه المغالي من حيث لا يشعر، لأنه لا يذمنا بشيء متوهم إلا وقد وقع فيه بعض من يدافع عنهم وهنا تأتي المقارنة.

س 177:يعني أن كل هذه الردود ليس فيها حق؟

ج: للأسف أنهم لا يهتدون للخطأ فأنا في الطبعة الثانية من كتاب العقائد استدركت كثيرا من الأخطاء لم ينتبهوا لها أو لا يعرفونها وكذلك في كتابي (نحو إنقاذ التاريخ الإسلامي) عثرت على أخطاء وهم لم يعثروا عليها لأنهم يركزون على تخطئة الصواب مما قلت أكثر من تركيزهم على البحث عن الخطأ الذي يستوجب العودة للمصادر والبحث.

س178: كم بلغ عدد الردود عليك؟

ج:لا اعرف بالضبط لكنها نحو خمسة كتب.

س: 179 ولماذا لم تنتشر؟

ج:هي لا تصلح للتصدير ولا للنشر عمومات مكررة وحتى الشتائم مكررة ومنقولة من كتب العقائد، لكن أن تجد بحثاً بالمعنى العلمي الذي يستفاد منه لا أذكر.

س180:لا تخشى من أن ينجح الخصوم في التكتل والتآمر عليك ، وكيف ترى قدرتهم على النجاح؟

ج: هم يتآمرون من زمن طويل وقد نجحوا في اشياء كثيرة من إيقاف عن الكتابة من وقت لآخر وتشويه سمعة وسجن وإعاقة دراسات عليا ومنع سفر من وقت لآخر واستخراج فتاوى وغير ذلك، والغلو العقدي يساعدهم في هذا لأنه قد بنى ارضية تسمح لهم بالدخول من كل باب ، والحمد لله على كل حال فما من شر يأتيك وتصبر عليه إلا عوضك الله خيراً مما كنت تخشى، وأنا على ثقة أن هذا من الإبتلاء ولولاه لشككنا في أنفسنا، لكنه زادنا يقينا بأن الظلم والكذب هو الأصل في الغلو، والتاريخ يكتب.

س181:ومع ذلك لا زلت ثابتا؟

ج:نحن نرى أنفسنا اصحاب حق ودعاة إصلاح وعدل، والمصلح نعرف أن طريقه لن تكون مفروشة بالورود؟ هذا هو الطريق الطبيعي لكل مصلح وإن شئت فأقرأ وتفقد أحوال المصلحين، ونحن بحمد الله لسنا ضد أحد ، وأنت قد رأيت في مشاركاتي وفي هذا اللقاء ما يدل على ذلك، لكن الاعتدال يزعج المغالين لأن هذا معناه فقدان أشياء كثيرة بنوها على هذا الغلو (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم.(

س182: من كل ماسبق شيخ حسن ماذا تقول لمن يقول :بان الإسلام لم ينجح في ترويض النفوس على الإيمان ولعل في حديثك ما يؤكد هذا ؟

ج : الإسلام لم يفشل ، ولا يحق لمسلم يؤمن بالإسلام ديناً أن يظن لحظة أن الإسلام فشل سياسياً أو حقوقياً أو اجتماعياً أو ثقافياً، المشكلة أن الإسلام تعرض لاستغلال من سلطات القهر والإستبداد من عهد معاوية خاصة إلى الدولتين الأموية والعباسية اللتين حصل فيهما التدوين واستقرت كثير من العقائد والأحكام التي حالت دون وصول الإسلام الصحيح إلى أكثر الناس وما بعدهما من الدول والأشخاص لايكاد يستطيع الخروج على ماتم تدوينه والانتصار له.
فوجدنا عند الناس إسلامات تختلف عن الإسلام الحقيقي الذي أصبحنا لا نجده إلا تحت ركام من النصوص الموضوعة والأثار غير الملزمة واختيارات الرجال والأحكام الغريبة والتفصيلات المملة، أصبح هناك إسلام شعبي وإسلام رسمي وإسلام دروشة وإسلام جزئيات وإسلام، ولم نعد نجد إسلام النص الصحيح والكليات والعدل والحقوق والمساواة والرحمة والبحث والعلم ونصرة المظلوم والتثبت والشهادة على النفس ....الخ.
الإسلام المتعارض مع ظلم الحكام في الدولتين تم تصفيته أوتشويهه وساعد على ذلك بعض أهل التدوين بجهل أو باضطرار أو قصور نظر، فدونوا الإسلام المسموح به! والتمسوا له التسويغ والتبرير من انتقاء وإظهار وإخفاء و شبه ادلة واستئناس بالسائد وخطأ تفسير للهزائم التي منيت بها الحركات التصحيحية فانتصر فيما يظهر للناس إسلام إقرار الظلم على إسلام العدل، إسلام التسلط على إسلام الرحمة، إسلام الجزئيات المتنافرة على إسلام الكليات، إسلام محاربة العقل على إسلام التفكر والتدبر...وهكذا.

س183: ما دليلك على أن التغير أو التغيير بدأ من عهد معاوية؟

ج: هناك أدلة شرعية وتاريخية تؤكد هذا ، أما النصوص فقد تم ذكر بعضها وتوسعت فيها في كتابي عن معاوية، وأما التاريخية فظاهر من أخذ أمر الأمة بالسيف وحصر الحكم الوراثي فيمن لا ترضاه الأمة والاستئثار ببيت المال وكتم حرية الرأي والتدخل في عدالة القضاء والقتل على الظن ...

س184: ألم يحدث مثل هذا أيام الخلافة الراشدة؟

ج: أبداً ، نعم كانت هناك اخطاء وقصور لكن لم يصل هذا للأمور السابقة، فقد كان في الناس في عهد أبي بكر من يسبه ولا يلحقه أذى وكان من الناس في عهد الإمام علي من يكفره ولا يلحقه أذى ولا يحرم من حقوقه ، وكلنا نتذكر كيف أن الخوارج لما كفروا الإمام علي في المسجد كيف ناداهم وذكرهم بحقوقهم (إن لكم علينا ألا نمنعكم مساجدنا ولا فيئنا ولا نبدؤكم بقتال) هم يقولون : أنت كافر يا علي، وهو يقول: هذا لا يحرمكم فيئكم ( من الأموال( ولا يمنعكم من المساجد ولا يجعلنا نحاربكم ، ولم يستثن من مخالفاتهم إلا عندما يسفكون الدماء وهذا من أوجب واجبات الحاكم أن يحافظ على النفوس، وهذه المثالية في الإعتراف بالإختلاف هي من أرقى ما وصلت إليه الحكومات في العالم، لكن لما أتى بنو أمية إلى الخلافة وأولهم معاوية رأينا كيف استأثروا بالحكم والمال وقتل المعارضين بأدنى تأويل، وإشغال الناس في الأحكام الشرعية الصغرى من قصة شعر وركعتين بعد العصر أو قبلها وقيام للقادم من عدمه وزهديات ومواعظ وقصص مع إهمال الأمور الكبرى من العدل والحريات العامة التي بها تم وأد الإبداع والبحث، وجاء بنو العباس على هذا المنوال، وكثر في عهد الدولتين محاسبة الناس على آرائهم فاخذوا يقتلون الناس ويسجنونهم على رأي أو اجتهاد في إنكار منكر أو غير ذلك، مع إلباسهم قتلهم للناس أو إيذاءهم لهم بلباس الدين ولم يعدموا من يسوغ لهم هذا من علماء السوء او الغفلة، وبهذا السوء وهذه الغفلة تغيرت معالم الدين وتعاليمه عند كثير من الناس لأن الحكام اعتمدوا من العلماء من يريدون وأهملوا من يريدون وأشغلوا أهل العلم بسفاسف الأمور حتى أن العلماء والفرق الإسلامية كفروا بعضهم بعضاً وكل فرقة أو عالم يرى في حكام السوء الحماية والمخرج من اضطهاد الآخر فتم التقرب للسلاطين وإهمال مالا يحبون ونشر ما يحبون فضاع الإسلام الحقيقي وسط هذا الركام المتلاطم.
والخلاصة أن العقل والعدل قد تم سحقهما من زمن بعيد بمباركة من القبلية وعلماء السوء أو الغفلة أو التقليد وكثرة العوام وتخدير الزهديات التي فهم منها الناس الإنشغال بالنفس وترك الإنسان مالا يعنيه! ومع كون ترك المسلم مالا يعنيه حق، لكن ليس هناك أمر من أمور الدين أو أمور الناس لا يعني المسلم، يدل على ذلك مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي قصروه في بعض أمور الدين، وكذلك أمره صلى الله عليه وسلم بنصر الأخ المسلم ظالماً أو مظلوما ، فإن كان ظالماً برده إلى الحق وإن كان مظلوما برد الحق إليه....الخ ما هناك من التعاليم والأوامر العظيمة التي ضاعت وسط التأويل الفاسد أو أهملت نتيجة التركيز على أمور دون أخرى أعظم منها..الخ.
وهذا الكلام قد يبدو عاماً لأن التفصيل فيه يطول جداً ولعلي أوصي بكتاب أشبع هذه الموضوعات بحثاً وهو كتاب (السلطة في الإسلام- قراءة في العقل السلفي الفقهي بين النص والتاريخ) للدكتور عبد الجواد ياسين-وهو قاض مصري سابق-، فقد أجاد في هذا الموضوع.

س185: في أول إصداراتكم (بيعة علي أبي طالب ) نجد اسم زوجتكم أم مالك الخالدي مشتركة معكم في التأليف، والبعض يشكك في قدرة أم مالك على التأليف فلو سمحت لنا بسؤال عن أم مالك ... ما مدى جديتها وتمكنها في هذا الجانب ؟
ج : أم مالك الخالدي مشاركة فعلية في هذا الكتاب بل لها معظم الكتاب ، ولها فضل كبير في إعانتي في البحث العلمي بتخريج بعض الأحاديث وجمع بعض المادة العلمية وطباعتها ... لكن سيبقى كلامي هذا غير محل للثقة عند البعض لذلك فأنا اقترح أن تسأل بعض الأخوات الأكاديميات ممن يعرفن قدرة أم مالك العلمية وسبق أن ألتقين معها وسبق لها أيضا أن ألقت بعض المحاضرات والمداخلات العلمية في مدينة الرياض وغيرها..
- وهنا كان لابدّ لنا -نحن الذين أجرينا اللقاء مع حسن المالكي- من البحث عن إجابات لسؤالنا فأجريت اتصالات هاتفية بعدد من الأكاديميات والباحثات اللاتي يعرفن أم مالك محاضرةً ومؤلفةً فوجدتهن جميعاً يعرفن أم مالك أو (فاطمة الخالدي) وهنّ : الدكتورة أمينة البيطار -الأستاذة لطيفة الهادي الحسيني- الأستاذة ناهد باشطح - الدكتورة عزيزة المانع - الدكتورة فاطمة الخريجي- الأستاذة وفاء القنيبط –
ولعل أهم ما يلفت النظر في هذه الشهادات هو تركيزهن على جانب التمكن عند أم مالك من الجانب الشرعي فهن يركزن بشكل كبير على قدرتها في هذا الجانب .. وهن كما يبدو من الأسماء أسماء معروفة ولديهن الإلمام الالمام الكامل بعلوم العربية كما سترون في إجاباتهن .
لكن بدا لي سؤال مع هذه الشهادات وهي كم تخرج جامعاتنا من المتخصصات المؤهلات أكاديمياً ولا نرى لهن بريق هذه المرأة الباحثة التي لا تحمل إلا شهادة الثالث المتوسط الإعدادي ... هل مناهجنا الجامعية بحاجة إلى غربلة من جديد ؟ أم أن الأمر يبدو بشكل آخر ؟

1.تقول الدك
رب إنى مغلوب فانتصر

الشريف العلوي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 424
اشترك في: الثلاثاء يوليو 20, 2004 7:35 pm

Re: الشيخ حسن المالكي في حوار ساخن جداً

مشاركة بواسطة الشريف العلوي »

عصي الدمع كتب:
رحم الله أيام الزيدية، لقد كانوا فيما نعلم عنهم أعقل وأعلم وأرحم بالعامة وأكثر تواضعاً، ومع ذلك
لا يخلو المخلاف والحجاز من وجود زيدية ولها عودة قوية في الحجاز خاصة بعد فشل السلفية في تفهم المخالفين لها من السنة كالأشاعرة ومعتدلي الصوفية والذي اعلمه أن الزيدية والأشاعرة على تفاهم كبير في الحجاز، لأن الجميع يشعر بالاضطهاد من الغلاة أعني غلاة السلفية


صدق

علي الحضرمي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 1036
اشترك في: الثلاثاء مايو 09, 2006 10:20 am

مشاركة بواسطة علي الحضرمي »

جميل جداً هذا الحوار المطول والهادف والذي يكشف أبعاد كثيرة ومتعددة في شخصية الباحث حسن بن فرحان المالكي ..
شكراً لكم أخي عصي الدمع
وتحية للجميع

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الدراسات والأبحاث“