ضوابط الموزانة بين المصالح والمفاسد في الدعوة والجهاد

هذا المجلس لطرح الدراسات والأبحاث.
أضف رد جديد
الامير الصنعاني
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 792
اشترك في: الاثنين مارس 27, 2006 11:55 pm

ضوابط الموزانة بين المصالح والمفاسد في الدعوة والجهاد

مشاركة بواسطة الامير الصنعاني »

ضوابط الموزانة بين المصالح والمفاسد في الدعوة والجهاد عند شيخ الإسلام ابن تيمية



بسم الله الرحمن الرحيم

يجتمع المخالفون لأهل التوحيد والجهاد اليوم - على اختلاف توجهاتهم ومذاهبهم - على أصل واحد، وهو رفض التحاكم والعمل بنصوص الكتاب والسنة، ثم يتفرقون في مسوغات هذا الرفض.

فمنهم من كان صريحاً - مع نفسه ومع غيره -؛ فأعلن رفضه لتلك النصوص وعدم تصديقه - أساساً - بكونها إلهية المصدر، واجبة الاتباع.

وكان منهم طوائف أخرى - وهي المعنية بهذا المقال -؛ أدعت إيمانها بتلك النصوص، وأقرت بكونها واجبة الاتباع، إلا انها عند الانتقال من مرحلة التنظير إلى مرحلة التطبيق؛ تلتقي بالفريق الأول في تعطليها وترك العمل بها.

وحجة هؤلاء؛ ان الشريعة الإسلامية "جاءت؛ بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها"، ومن ثم فإذا ما تعارض قول الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم، مع "المصلحة"، أو كان العمل بهما؛ مؤدياً إلى "مفسدة"، فالواجب تعطيلهما والعمل بما تمليه عليهم "المصلحة".

وهذه - كما أخبرنا القرآن الكريم - صفة من صفات المنافقين، قال سبحانه: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا * فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا} [النساء: 62 - 63].

يقول الأستاذ الشهيد سيد قطب رحمه الله معلقاً على حجتهم هذه: (... هي دائماً دعوى كل من يحيدون عن الاحتكام إلى منهج الله وشريعته؛ أنهم يريدون اتقاء الإشكالات والمتاعب والمصاعب التي تنشأ من الاحتكام إلى شريعة الله! ويريدون التوفيق بين العناصر المختلفة والاتجاهات المختلفة والعقائد المختلفة! إنها حجة الذين يزعمون الإيمان - وهم غير مؤمنين - وحجة المنافقين الملتوين، هي؛ هي، دائماً وفي كل حين).

والأمثلة من واقع تلك الطوائف كثيرة، بل يمكن القول؛ أنها تتعامل مع جميع النصوص الشرعية بهذه الصورة، إلا ما تعلق من تلك النصوص بـ "فقه العبادات"، على تفاوت بين تلك الطوائف، وقد نالت النصوص المتعلقة بتوحيد الإلوهية - بمعناه الشامل المتضمن لتوحيد الحاكمية ومقتضياته من الولاء والبراء وغير ذلك - والمتعلقة بالجهاد والسياسة الشرعية؛ القسط الأوفر من هذا التعطيل والنبذ... بل والاعتداء على العاملين بها.

وفي مجال استدلالهم على جواز تقديم "المصلحة" على النص الشرعي؛ يحتجون بأقوال لبعض أهل العلم في هذا الباب، من أشهرهم؛ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.

ويمكن إجمال ما يستدل به أولئك في كلمة واحدة جامعة عنه، يقول فيها: (... القاعدة العامة؛ فيما إذا تعارضت المصالح والمفاسد والحسنات والسيئات أو تزاحمت، فإنه يجب ترجيح الراجح منها، فيما إذا ازدحمت المصالح والمفاسد، وتعارضت المصالح والمفاسد، فإن الأمر والنهي - وإن كان متضمنا لتحصيل مصلحة ودفع مفسدة - فينظر في المعارض له، فإن كان الذي يفوت من المصالح أو يحصل من المفاسد أكثر؛ لم يكن مأمورا به، بل يكون محرما إذا كانت مفسدته أكثر من مصلحته) [المجموع: ج28/ص129].

إن القارئ لهذا "القاعدة" يجد أنها تؤصل للطريقة التي تتعامل بها تلك الطوائف مع النصوص الشرعية، بل لو قارناها مع كلام منظري الفريق الأول - اللا ديني - لوجدناها تحمل ذات النفس.

فأي فرق بينها وبين قول "فيلسوف التشريع العلماني" - جون جيرمي بونتام - مثلاً: (يجب أن يكون سير الديانة؛ موافقا لمقتضى المنفعة) [1]؟!

أو بينها وبين ما يُعرف في دين النصارى بـ "حق التّحلة"، الذي "يُبيح للكنيسة أن تخرج عن تعاليم الدين، وتتخلى عن الالتزام بها، متى اقتضت المصلحة ذلك" [2].

إذ أن ملخص ما يستدلون به من كلام ابن تيمية رحمه الله يقول؛ "ان للناس عمل ما يرونه أصلح لدنياهم وان خالفت أعمالهم نصوص الشرع"! وحينها فما فائدة الوحي الذي نؤمن - نحن المسلمون - أن جبريل عليه السلام نزل به على النبي صلى الله عليه وسلم؛ إذا كان الصواب تقديم "المصلحة" عليه؟! وما قيمة تعاليم الأنبياء التي بلغوها عن الله عز وجل إلى الجنس البشري؛ إذا كانت نجاة وفلاح الإنسان في اتباع مصالحه التي يستطيع معرفتها بعقله المجرد؟!

ولمَ أمرنا الله عز وجل باتباع النصوص الشرعية، كما في قوله: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ} [الأعراف: 3]، وحذر المعرضين عن اتباع نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63]، إذا كان الصواب هو العمل بما تمليه "المصلحة" لا النص إذا ما تعارضا؟!

ولم أخبرنا الله عز وجل أن المتبع لأوامره لا بد وأن يُبتلى ويتضرر في دنياه، كما في قوله: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ} [البقرة: 155]، وقال عن التاركين للعمل بما أمر الله خوفاً من هذا الضرر والابتلاء: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ}، إذا كان الصواب ترك العمل بالنص الشرعي عندما يكون العمل به سبباً في ضرر دنيوي؟!

يقول الشوكاني رحمه الله في تفسير هذه الآية: ({وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ}؛ أي في شأن الله ولأجله، كما يفعله أهل الكفر مع أهل الإيمان، وكما يفعله أهل المعاصي مع أهل الطاعات، من إيقاع الأذى عليهم لأجل الإيمان بالله والعمل بما أمر به، {جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ}؛ التي هي ما يوقعونه عليه من الأذى {كَعَذَابِ اللَّهِ}؛ أي جزع من أذاهم فلم يصبر عليه، وجعله في الشدة والعظم كعذاب الله، فأطاع الناس كما يطيع الله) [فتح القدير: ج5/ص430].

ألا يرى العاملون بمذهب تقديم المصلحة على النص؛ أنهم يسيرون في طريق طائفة "اللا دينيين" حذو القذة بالقذة - فالخلاف بين الطائفتين هو في "تبرير" تعطيل النصوص، لا في "هل يُعمل بها أو لا يُعمل"، إذ الفريقان متفقان على أصل واحد، وهو ترك العمل بما يتعارض مع مصالحهم من تلك النصوص! وان كانوا يختلفون في تحديد تلك المصالح - وأن مذهبهم هذا يؤدي إلى إبطال الأمر والنهي ونبذ الشرع - الذي يزعمون الإيمان به - تماماً؟!

ففتح مثل هذا الباب؛ يعني إلغاء دين الإسلام... وقبل ذلك هو؛ إلغاء لوجودهم - هم - وإلغاء لمسمياتهم ومناصبهم ومراكزهم التي يمارسون من خلالها "الأستاذية" على بقية المسلمين! فلماذا يحق لهم - هم، وهم وحدهم! - تقدير المصالح التي يدفعون بها في نحر النصوص الشرعية، فيعطلون منها ما شاءوا؟! ولا يحق لغيرهم - كائناً من كان - أن يقدر من المصالح ما يعطل به من النصوص الشرعية التي يلزمه العمل بها؟!... أليس الجميع قد حباهم الله بـ "عقول" تستطيع معرفة الصواب من الخطأ والمصلحة من المفسدة؟! أم انهم قد خُلقوا بأدمغة تختلف عن أدمغة غيرهم من بني الإنسان؟! وحبوا بإلهام وتأييد إلهي لم ينل غيرهم حظاً منه؟!

لمَ يحق لهم؛ تعطيل الأمر بجهاد المرتدين [3] - مثلاً - تحت دعوى "درء المفسدة" [4]، ولا يحق للتاجر؛ أن يمنع الزكاة، تحت ذات الذريعة - أي درء مفسدة نقصان ماله -؟! ولماذا يحق لهم؛ الدخول في موالاة الكفار والمرتدين تحت دعوى "ترجيح المصلحة"، ولا يحق للفقير التعامل بالربا؛ بحجة ترجيح مصلحة الغنى على مفسدة الفقر؟! أو لا يحق للمرأة الاختلاط بالرجال وهي متبرجة في مجال عملها؛ لمصلحة "زيادة الإنتاج"؟! وقل مثل ذلك في كل ما نهى الشرع عنه وكان لبعض الناس في فعله مصلحة دنيوية، أو أمر به وكان لبعضهم في فعله ضرر دنيوي... أليس كل تلك الأوامر والنواهي؛ الآمر بها والناهي عنها واحد؟!

حاشا شيخ الإسلام ابن تيمية أن يُظن به الموافقة على هذا العبث... فضلاً عن تأييده والتأصيل له!

وإذا كان الأمر كذلك... فكيف نفهم "قاعدته العامة" إذن؟!

الجواب؛ نفهمها بضمها إلى غيرها من أقواله في هذه المسألة... حتى نخرج بتصور كامل للمعنى الذي يقصده من قضية الموازنة بين المصالح والمفاسد، والقيود التي تحكم هذه الموازنة التي يدندن حولها في مؤلفاته.


* * *

وفيما يلي بعض النقول عنه، تحوي طرفاً من الضوابط والقواعد التي تُعين على فهم مقصوده...

1) ان المصالح والمفاسد المعتبرة تُعرف بالنص الشرعي، لا بالعقل المجرد ولا بالهوى:

قال رحمه الله: (ما اعتقده العقل مصلحة - وإن كان الشرع لم يرد به - فأحد الأمرين لازم له؛ إما أن الشرع دل عليه من حيث لم يعلم هذا الناظر، أو أنه ليس بمصلحة - وإن اعتقده مصلحة - لأن المصلحة هي المنفعة الحاصلة أو الغالبة، وكثيرا ما يتوهم الناس أن الشيء ينفع في الدين والدنيا ويكون فيه منفعة مرجوحة بالمضرة، كما قال تعالى في الخمر والميسر: {قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} [البقرة: 219]، وكثير مما ابتدعه الناس من العقائد والأعمال من بدع أهل الكلام وأهل التصوف وأهل الرأي وأهل الملك؛ حسبوه منفعة أو مصلحة نافعا وحقا وصوابا، ولم يكن كذلك، بل كثير من الخارجين عن الإسلام من اليهود والنصارى والمشركين والصابئين والمجوس، يحسب كثير منهم أن ما هم عليه من الاعتقادات والمعاملات والعبادات؛ مصلحة لهم في الدين والدنيا ومنفعة لهم، {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الكهف: 104]، وقد زُين لهم سوء عملهم فرأوه حسنا، فإذا كان الإنسان يرى حسنا ما هو سيئ؛ كان استحسانه أو استصلاحه قد يكون من هذا الباب) [المجموع: ج11/ص345].

وقال: (كل من فعل ما تريده نفسه، بغير علم يبين أنه مصلحة، فهو متبع هواه، والعلم بالذي هو مصلحة العبد عند الله في الآخرة؛ هو العلم الذي جاءت به الرسل) [المنهاج: ج5/ص331].

وقال: (اعتبار مقادير المصالح والمفاسد؛ هو بميزان الشريعة، فمتى قدر الإنسان على اتباع النصوص لم يعدل عنها، وإلا اجتهد برأيه لمعرفة الأشباه والنظائر، وقل إن تعوز النصوص من يكون خبيرا بها وبدلالتها على الأحكام) [المجموع: ج28/ص129].

وقال: (الاعتبار بالمنفعة الخالصة أو الراجحة، وهذا قد عرّفه الله عباده؛ برسله وكتبه) [المجموع: ج14/ص35].

2) ان ما أمر به الشارع هو الوسيلة إلى المصلحة المعتبرة، وما نهى عنه وسيلة إلى المفسدة المعتبرة:

قال رحمه الله: (الله لم يأمرنا إلا بما فيه صلاحنا، ولم ينهنا إلا عما فيه فسادنا) [المجموع: ج25/ص282].

وقال: (الله بعث الرسل بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، فكل ما أمر الله به ورسوله؛ فمصلحته راجحة على مفسدته، ومنفعته راجحة على المضرة، وإن كرهته النفوس) [المجموع: ج24/ص287].

وقال: (يكفي المؤمن أن يعلم؛ أن ما أمر الله به؛ فهو لمصلحة محضة أو غالبة، وما نهى الله عنه؛ فهو مفسدة محضة أو غالبة، وأن الله لا يأمر العباد بما أمرهم به لحاجته إليهم ولا نهاهم عما نهاهم بخلاً به عليهم، بل أمرهم بما فيه صلاحهم، ونهاهم عما فيه فسادهم) [المجموع: ج27/ص91].

وقال: (القول الجامع؛ أن الشريعة لا تهمل مصلحة قط، بل الله تعالى قد أكمل لنا الدين وأتم النعمة، فما من شيء يقرب إلى الجنة إلا وقد حدثنا به النبي صلى الله عليه وسلم، وتركنا على البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها بعده إلا هالك) [المجموع: ج11/ص344].

وقال: (ما نهى الله عنه ورسوله؛ باطل، ممتنع أن يكون مشتملا على منفعة خالصة أو راجحة) [المجموع: ج11/ص348].

وقال: (العمل إذا اشتمل على مصلحة ومفسدة؛ فإن الشارع حكيم، فإن غلبت مصلحته على مفسدته؛ شرعه، وإن غلبت مفسدته على مصلحته؛ لم يشرعه، بل نهى عنه) [المجموع: ج11/ص632].

وقال: (الطاعة والعبادة؛ هي مصلحة العبد التي فيها سعادته ونجاته) [المجموع: ج14/ص34].

وقال: (وهكذا كل ما يأمر الله به، لا بد أن تكون مصلحته راجحة على مفسدته) [المجموع: ج16/ص165].

وقال: (الشرك، والقول على الله بلا علم، والفواحش - ما ظهر منها وما بطن - والظلم؛ لا يكون فيها شيء من المصلحة) [المجموع: ج14/ص476].

وقال: (الشارع؛ أمر كل إنسان بما هو المصلحة له وللمسلمين) [المنهاج: ج4/ص542].

وقال: (الواجبات والمستحبات لا بد أن تكون المصلحة فيها راجحة على المفسدة، إذ بهذا بعثت الرسل ونزلت الكتب، والله لا يحب الفساد) [المجموع: ج28/ص126].

3) أن حصول بعض "المصالح" من فعل ما، لا يستلزم كونه جائزاً مباحاً [5]:

قال رحمه الله: (حصول الغرض ببعض الأمور؛ لا يستلزم إباحته، وإن كان الغرض مباحا، فإن ذلك الفعل قد يكون فيه مفسدة راجحة على مصلحته... وإلا فجميع المحرمات - من الشرك والخمر والميسر والفواحش والظلم - قد يحصل لصاحبه به منافع ومقاصد) [المجموع: ج1/ص264].

وقال: (قد يحصل بالكفر والفسوق والعصيان؛ بعض أغراض الإنسان، فلا يحل له ذلك) [المجموع: ج1/ص138].

وقال: (الأمور التي حرمها الله ورسوله - من الشرك والسحر والقتل والزنا وشهادة الزور وشرب الخمر وغير ذلك من المحرمات - قد يكون للنفس فيها حظ مما تعده منفعة أو دفع مضرة، ولولا ذلك ما أقدمت النفوس على المحرمات التي لا خير فيها بحال) [المجموع: ج27/ص90].

4) اعتقاد ان المفاسد المتوقعة نتيجة لتطبيق نصوص الشرع أكبر من المصالح الحاصلة، هو مذهب الجهمية:

قال رحمه الله: (مذهب جمهور المسلمين من السلف والخلف؛ أن ما أمر الله به لا بد أن تكون مصلحته راجحة، ومنفعته راجحة، وأما ما كانت مضرته راجحة؛ فإن الله لا يأمر به، وأما جهم ومن وافقه من الجبرية؛ فيقولون: إن الله قد يأمر بما ليس فيه منفعة ولا مصلحة البتة، بل يكون ضررا محضا إذا فعله المأمور به، وقد وافقهم على ذلك طائفة من متأخري أتباع الأئمة ممن سلك مسلك المتكلمين - أبي الحسن الأشعري وغيره - في مسائل القدر، فنصر مذهب جهم والجبرية) [المجموع: ج16/ص165].

5) معظم الأعمال - ومن ضمنها ما أمر به الشرع - لا تخلو من "مفسدة":

قال رحمه الله: (المصلحة المحضة؛ نادرة، فأكثر الحوادث فيها ما يسوء ويسر، فيشتمل الفعل؛ على ما ينفع ويُحب ويُراد ويُطلب، وعلى ما يضر ويُبغض ويُكره ويُدفع) [المجموع: ج19/ص298].

6) تجويز تحليل الحرام وتحريم الحلال، بناء على ما يراه المرء "مصلحة" أو "مفسدة"؛ هو دين النصارى:

قال رحمه الله: (تقول النصارى؛ من أن المسيح سوغ لعلمائهم أن يحرموا ما رأوا تحريمه مصلحة، ويحلوا ما رأوا تحليله مصلحة، وليس هذا دين المسلمين، ولا كان الصحابة يسوغون ذلك لأنفسهم، ومن اعتقد في الصحابة أنهم كانوا يستحلون ذلك، فإنه يستتاب كما يستتاب أمثاله) [المجموع: ج33/ص94].

7) المصالح المرجوة من القيام بفريضة الجهاد؛ راجحة على المفاسد المتوقعة منه:

قال رحمه الله: (الجهاد وإنفاق الأموال؛ قد تكون مضرة، لكن لما كانت مصلحته راجحة على مفسدته؛ أمر به الشارع) [المجموع: ج1/ص265].

وقال: (الجهاد؛ هو دفع فتنة الكفر، فيحصل فيها من المضرة ما هو دونها) [المجموع: ج20/ص52].

وقال: (الشريعة تأمر بالمصالح الخالصة والراجحة، كالإيمان والجهاد، فإن الإيمان مصلحة محضة، والجهاد - وإن كان فيه قتل النفوس - فمصلحته راجحة، وفتنة الكفر أعظم فسادا من القتل، كما قال تعالى: {وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ} [البقرة: 217] [المجموع: ج27/ص230].

وقال: (قال تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ... الآية} [البقرة: 216]، فأمر بالجهاد، وهو مكروه للنفوس، لكن مصلحته ومنفعته راجحة على ما يحصل للنفوس من ألمه، بمنزلة من يشرب الدواء الكريه لتحصل له العافية، فإن مصلحة حصول العافية له؛ راجحة على ألم شرب الدواء) [المجموع: ج24/ص279].

وقال: (الله سبحانه إنما حرم علينا الخبائث لما فيها من المضرة والفساد، وأمرنا بالأعمال الصالحة لما فيها من المنفعة والصلاح لنا، وقد لا تحصل هذه الأعمال إلا بمشقة - كالجهاد والحج والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وطلب العلم - فيحتمل تلك المشقة ويُثاب عليها، لما يعقبه من المنفعة) [المجموع: ج25/ص282].

8) الظن بأن الاستسلام للعدو الكافر فيه مصلحة راجحة؛ هو ظن المنافقين:

قال رحمه الله - وهو يقارن بين ما جرى لأهل الشام عند قدوم التتار سنة 699 هـ، وبين غزوة الأحزاب سنة 5 هـ، وحال المنافقين في الواقعتين -: (قال تعالى: {وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا} [الأحزاب: 13]، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد عسكر بالمسلمين عند سلع... فقالت طائفة منهم: "لا مقام لكم هنا لكثرة العدو، فارجعوا إلى المدينة"، وقيل: "لا مقام لكم على دين محمد فارجعوا إلى دين الشرك"، وقيل: "لا مقام لكم على القتال فارجعوا إلى الاستئمان والاستجارة بهم").

ثم قال: (وهكذا لما قدم هذا العدو كان من المنافقين من قال: "ما بقيت الدولة الإسلامية تقوم، فينبغي الدخول في دولة التتار"، وقال بعض الخاصة: "ما بقيت أرض الشام تُسكن، بل ننتقل عنها إما إلى الحجاز واليمن وإما إلى مصر"، وقال بعضهم: "بل المصلحة الاستسلام لهؤلاء، كما قد استسلم لهم أهل العراق، والدخول تحت حكمهم"، فهذه المقالات الثلاث قد قيلت في هذه النازلة، كما قيلت في تلك) [6] [المجموع: ج28/ص450].

9) يجب اتباع النص الشرعي، وإن غاب عن المسلم؛ وجه المصلحة منه:

قال رحمه الله: (الواجب على الخلق؛ اتباع الكتاب والسنة، وإن لم يدركوا ما في ذلك من المصلحة والمفسدة) [الاقتضاء: ص227].


* * *

بما تقدم نكون قد أوضحنا معنى "قاعدته العامة"، وانه لم يترك حبلها على غاربه، وإنما قرر ضوابط وقيود تخضع لها ويُعمل بها على وفقها [7]... وبالتالي؛ هو بريء مما ينسبه إليه المعطلون للأوامر، المنتهكون للمحرمات - حتى ولو بلغت تلك المحرمات درجة الكفر الأكبر المخرج من الملة - تحت دعوى تحصيل "المصالح" ودفع "المفاسد".

وفي الختام...

نُذكر المغرر بهم من أتباع المحتجين بهذه الشبهة الشيطانية، بقول الصحابي الجليل رافع بن خديج رضي الله عنه: (نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمر كان نافعاً لنا، وطواعية الله ورسوله أنفع لنا) [8].


والله أعلم وأحكم
وصلى الله وسلم على نبيه وآله وصحبه وسلم


بقلم؛ صادق الكرخي
6/11/1427 هـ

--------------------------------------------------------------------------------

[1] أصول الشرائع: ص307، عن مقال: "الشريعة والمصلحة بين شيخ الأزهر وجون جيرمي بونتام".

[2] معالم تاريخ الإنسانية: ج3/ص896، عن كتاب: "العلمانية، نشأتها وتطورها...".

[3] ولو قلنا "إلغاء" بدل "تعطيل" لما جانبنا الحقيقة، فليس الأمر عند هؤلاء؛ مجرد تعطيل أو تأخير للعمل بالنص الشرعي القاضي بالخروج على الحاكم إذا كفر، إلى أن يستكمل المسلمون الإعداد المعنوي والعسكري اللازم لازالته وتنصيب حاكم مسلم محله، كما قال ابن تيمية: (يجب الاستعداد للجهاد بإعداد القوة ورباط الخيل؛ في وقت سقوطه للعجز، فإن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب) [ج28/ص259]، بل هو رفض تام حتى لمجرد الحديث عن واقع ذلك الحاكم الطاغية وجرائمه... فضلاً عن الإعداد للخروج عليه! والأمر كما قال الشيخ أيمن الظواهري: (ليس بيننا كبير خلاف وبين من يدعو إلى عدم الصدام الآن لأن أسبابه لم تتوفر في بلد ما أو منطقة ما، وإذا وجد هذا الخلاف؛ فسينحصر في البحث عن الجدوى وأنسب الوسائل، وقد يكون مصيبا، وقد نكون مصيبين، أما من يحرم الجهاد ضد الحكام العملاء المرتدين، ويعترف بحاكمية الأغلبية ويعتبرها دينه الذي يدين به، ويدين بالانتماء الوطني ويُعليه فوق أخوة الإسلام، ويخضع لتقسيمات "سايكس بيكو"، ويتخلى عن إقامة الخلافة، ويبايع الخونة أعداء الأمة حكاما لبلاد الإسلام، ويتعاون مع الغزاة الصليبيين، ويلعن المجاهدين ويصفهم بالمجرمين، فهذا خلافنا معه ليس خلافا حول الوسائل، بل هو خلاف حول عقيدة الإسلام التي ينسلخ منها).

[4] وهم حتى في هذا - أي تعطيل الجهاد خوفاً من "المفسدة" - يتناقضون أشد التناقض، فهم - على سبيل المثال - يعارضون الجهاد في جزيرة العرب - التي تنطلق منها الجيوش الصليبية لتعيث فساداً في ديار المسلمين - لكونه مفسدة، أدت إلى تدمير مجمعات سكنية - عددها لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة! - قُتل فيها عدد من النصارى والمرتدين من الشرط، لكنهم يؤيدون الجهاد في العراق، حتى وإن كانت الأضرار المادية الناتجة عنه كارثية، وأرقام القتلى والمهجرين فلكية! - نعزف عن ذكرها لكونها في ازدياد طردي مع ارتفاع وتيرة العمليات العسكرية ضد المحتل الصليبي وأعوانه -
وهم يعارضون الهجوم على اليهود في "طابا" المصرية، لكونه مفسدة أضرت بقطاع "السياحة" وقطعت موارد العاملين في مجال "الدعارة" وبيع التحف! لكنهم يؤيدون هجوم الحزب الإيراني في لبنان على دولة يهود... حتى وإن كان عدد القتلى والجرحى من سكان لبنان قد تجاوز الـ 5 آلاف، وعدد المنازل المهدومة والمتضررة قد تجاوز 40 ألفاً، وبلغت الخسائر المادية ما قيمته 15 مليار دولار! هذا غير خسائر المسلمين داخل فلسطين المحتلة الذين أصابتهم صواريخ الحزب الإيراني، مقابل خسائر تكبدتها دولة يهود لا تصل نسبتها في بعض المجالات 1% من خسائر لبنان في نفس المجال!
ومثل ذلك في تأييدهم للجهاد في الشيشان وفي فلسطين وفي أفغانستان، رغم ان هذه الحروب أتت على اليابس واليابس - إذ لم يكن هناك ما هو أخضر -!
أما دعاة تعطيل الأمر النبوي بالخروج على الحاكم إذا كفر، بحجة "درء المفسدة"... ونخص بالذكر هنا؛ كهنة النظام السعودي، فنجدهم يحرضون مسلمي العراق أشد التحريض على الخروج على صدام حسين بعدما اختلف مع طواغيتهم، وضد "ولي الأمر"! الأفغاني الشيوعي المدعوم من الاتحاد السوفيتي - خصم أمريكا في حينه -... بل وضد كل من خالف طواغيتهم من "ولاة الأمر"! الآخرين - كالقذافي مثلاً - ضاربين بـ "المصلحة" المزعومة عرض الحائط!
أمام هذه الحقائق، نسأل؛ ما هي تلك "المصالح" و "المفاسد" التي تقوم عليها مواقف هذه الطوائف، والتي جعلوا الحكم الشرعي خاضعاً لها؟! لا شك انها ليست "مصلحة المسلمين العامة"، فإن ما ضربناه من أمثلة ينسف تلك الدعوى من جذورها.

[5] في هذا الضابط رد على الذين يرتكبون الموبقات، فإذا اُعترض عليهم، قالوا: ان مصلحة الدعوة تستوجب منهم ذلك! ويمكن عنونة هذا الضابط بـ "الغاية لا تبرر الوسيلة"!

[6] وقد أرسل رحمه الله في تلك النازلة إلى نائب قلعة دمشق يقول له: (لو لم يبق فيها إلا حجر واحد، فلا تسلمهم ذلك إن استطعت) [البداية والنهاية: ج14/ص10]، فأين هذا الموقف من مواقف أصحاب المصالح المزعومة، المنسحقين تحت أقدام العدو؟! ثم بعد ذلك يدعون اقتدائهم بابن تيمية في منهجه...

سارت مشرقة وسرت مغرباً شتان بين مشرق ومغرب


[7] وكذلك كل فقيه يستدل المخالفون بأقواله في هذه المسألة، لا بد وأن يكون عنده من القيود والضوابط، التي تجعل من احتجاجهم بأقواله في التنظير لعبثهم بالشريعة؛ افتراءً عليه، وتقويلا له ما لم يقل ولم يخطر على باله يوماً... اللهم إلا أن يكون زنديقاً يتزي بزي أهل العلم وهو يرى أن نصوص الشرع غير ملزمة!

[8] رواه الطبراني في "المعجم الكبير"، برقم: 4161.
العزة لله ولرسوله وللمؤمنين

حسن عزي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 102
اشترك في: الأربعاء يونيو 08, 2005 1:45 pm
مكان: العالم الإسلامي

مشاركة بواسطة حسن عزي »

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخي الأمير الصنعاني

هذا كلام طيب وجمع جيد وتطبيقه مفيد لا في الدعوة والجهاد فحسب بل في كل ما كان فيه موازنة بين المصالح والمفاسد. غير أني فهمت من جمعكم أن ابن تيمية رحمه الله وغفر له كأنه يرد تقييم المفاسد إلى النصوص بمعنى أن المحصلة النهائية هي الاتباع للنص أينما وجد بغض النظر عن المصالح والمفاسد وهذا ما يعتقد أن كل طوائف المسلمين عليه ولا يعلم خلاف ذلك إلا من العلمانيين واللادينيين وغير المسلمين بصفة مجملة. فإذا وجد النص فلا حاجة أساسا إلى الحديث والبحث عن المصالح والمفاسد إذ الشارع أعلم بذلك لورود النص بما قال وعليه فلا تظهر (لدى هذا الفقير) فائدة النظر في المصالح والمفاسد عند ورود النص غير فهم علل الحكم حتى يمكن أن نسحبها على تلك الأحكام التي لم يأت بها نص من الشارع. فهل لديك شيء من أقوال ابن تيمية في الموازنة بين المصالح والمفاسد فيما لم يرد به نص ؟ حيث اني أعتقد أن الموضوع الذي تفيد مناقشته هو هذا ( الاجتهاد في ما لم يرد به نص على ضوء المصالح والمفاسد) وهذا باب كبير في الواقع عند مجتهدي الحنابلة رحمهم الله تعالى ويلحقه باب سد الذرائع إذ يكاد يكون هو نصف الموضوع من ناحية المعنى إذ كل ما ظهرت مفسدته ولم يرد به نص فهو ذريعة إلى المفاسد وقد حرم الشرع ذلك فيمنع من هذا الباب على أن في باب الموازنة بين المصالح والمفاسد غير ما ذكرناه قطعا كما يظهر للمتمعن.

جزاك الله خيرا على طرح هذا الموضوع لأهميته وخصوصا حتى يمكن أن توضع ضوابط (أو تتضح) لمن يريد أن يستغله في أبواب غير باب الدعوة والجهاد بتقديم التحريم بشكل دائم ومتساهل فهذا اليوم من أبواب المفاسد التي جرتها الجرأة بالتحريم ادعاء من المحرم أن ذلك مما غلبت مفاسده على مصالحه أو من باب سد الذرائع حتى استخدم هذا الباب في أحكام الفقه وفروعه وفي العقيدة وأصولها فاختلطت كثير من المفاهيم واضطربت كثير من الضوابط التي تبنى عليها الأحكام.

أكرر شكركم

حسن عزي

عزام
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 70
اشترك في: الاثنين إبريل 17, 2006 9:26 am

مشاركة بواسطة عزام »

أخي الكريم / الأمير الصنعاني :

إضافةً إلى ما ذكه سيدي / حسن عزي

فإن دعوى الكاتب : اجتماع جميع من يخالفون من سمّاهم بـ ( أهل التوحيد والجهاد ) على رفض التحاكم إلى الكتاب والسنة والعمل بنصوصهما .. هذه دعوى عريضة وبنفس هذه النظرة للكاتب يمكن قلب الدعوى عليه .. وأنى له الخروج !!

ودعواه أن حجة الفريق الثثاني هي فقط قضية المصلحة والمفسدة هي أيضاً دعوى لا يُسلّم له فيها إلا في جزءٍ يسير ممن يوافقون هؤلاء على الأصول في الإيمان والكفر والتكفير والقتل .. وهم فعلاً من تنكّب هذا الطريق بعد أن كان رأساً فيه ، بحجة المصلحة والمفسدة فقط لا لشيءٍ آخر .

وهؤلاء هم من يمكن انطباق كلام الكاتب عليهم .


وأما الجمهور الكبير من أهل العلم - على اختلاف توجهاتهم ومذاهبهم - فهم يخالفون هذا التيار في الأصول ، ويمنعون أكثر مقدماتهم ، ويبينون بطلان آرائهم بناءً على بطلان المقدمات ..

كما أنهم يستطيعون إبطال كثيرٍ مما يتبناه هذا التيار من مخالفات حتى مع التسليم الجدلي بمقدماتهم وأصولهم .. لشذوذ كثيرٍ من التطبيقات من كلّ جهةٍ ، وخروجها عن كل القوانين الشرعية والعقلية عند جميع الاتجاهات ..

والله أعلم .

الامير الصنعاني
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 792
اشترك في: الاثنين مارس 27, 2006 11:55 pm

مشاركة بواسطة الامير الصنعاني »

الاستاذ حسن عزي
لا أظن ان جميع الطوائف على كلام شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله
بل كثير من الجماعات العاملة في الساحة في هذا العصر
وان استندت الى قاعدة شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله
إلا أنها قد اوقفت العمل بالكثير من أوامر الشرع والتي صرحت بها نصوص الشرع تحت غطاء كسب المصالح ودرء المفاسد
وخصوصا ما يتعلق بالجهاد

فمثلاً
قال الله تعالى
كتب عليكم القتال
نص واضح وصريح
والكثيرين عطلوا هذا النص استناداً إلى قاعدة المصالح والمفاسد
وزعموا ان الالتزام بأمر الله هذا (فرضية الجهاد) يجلب من المفاسد الشيء الكثير فعطلوا امر الله

ومن هؤلاء من يزعم ان شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله يؤيدهم في تعطيلهم هذا

والكاتب جزاه الله خير بين ان شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله بريء من هذا القول




وأما ما ليس فيه نص خاص
فالكاتب لم يتطرق اليه ولا أظن الكلام فيه مع المخالفين يفيد
لأنه اذا كانوا قد تركوا العمل بما فيه نص صريح فما بالك بما ليس فيه نص صريح

لكن استاذ حسن ان اردتم التبحر وافادتنا بما علمكم الله في هذه المسألة فجزاكم الله خير
وسأحاول ان اجد لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله كلاماً فيما لم يرد به نص من حيث الموازنة بين المصالح والمفاسد والحقه في هذا الموضوع

وجزاكم الله خير
============

الاستاذ عزام
1- الكاتب لم يقل ان حجة جلب المصالح ودرء المفاسد هي الحجة (الوحيدة) للفريق الثاني
ولكنها أحد أهم ومرتكزات حججهم وقد وفق الكاتب لدحضها تماما فجزاه الله خير

2- لا أدري استاذ عزام عن من تتكلم بالضبط عند قولك
أن الجمهور الكبير من أهل العلم يخالفون هذا التيار
فمن هم الجمهور ؟؟؟
ومن هو هذا التيار ؟
يبدوا انك تقسم الامة الى قسمين
قسم مع الجهاد وهم من تعني بهذا التيار
وقسم ضد الجهاد وهم من تعني بالجمهور الكبير من أهل العلم

وعلى العموم لا داعي لكل هذا
ببساطة
هنالك من ترك العمل بالكثير من نصوص الشرع بحجة جلب المصالح ودرء المفاسد
وهؤلاء سواء كانوا من الجمهور الكبير او الجمهور الصغير فهؤلاء مخطئون مخطئون مخطئون
ومن يزعم منهم ان شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله موافق لهم على خطئهم هذا فهو يفتري على شيخ الاسلام ابن تيمية

جزاك الله خير
والسلام ختام
العزة لله ولرسوله وللمؤمنين

خادم الحسنين
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 97
اشترك في: الاثنين يوليو 10, 2006 9:15 pm
مكان: مصر المحروسة

مشاركة بواسطة خادم الحسنين »

أخي الكريم الأمير الصنعاني....بارك الله فيك

أنا أتفق معك على كل مقالك...فعلا هناك من يدعي أنه على منهج السلف ثم لايتحاكم إلى كتاب الله بل ويمدح الحكام الذين لا يحكمون بشرع الله وهم ما يعرفون بالجامية و موقعهم معروف على شبكة سحاب (دمر الله موقعهم)

لكن لي تعليق بسيط



ليست مسألة الخلاف هي وجوب التحاكم إلى الشريعة بل التحاكم إلى غير الشرع كفر

لكن الخلاف هو تكفير كل الحكام بارك الله فيك


هناك فرقة من السلف غالت في التكفير......وهم الجهادية
وهناك فرقة غالت في مدح الحكام ...........وهم الجامية


وكلا الطرفين خطأ......وإن كانت الجهادية أصدق وأفضل من الجامية

لكن العلماء (وهم الوسط) ...يرون كفر من حكم بغير شرع الله إن أقيمت عليه الحجة وأزيلت عنه الشبه لأنه هناك المتأول والجاهل والمكره ومن يعملون في الحكومة على إختلاف مستوى تعليمهم

وهذه فتوى قيمة جدا للشيخ عبدالله بن الجبرين_حفظه الله تعالى_

ســـؤال: انتشرت في الآونة الأخيرة ( وبكثرة ) تكفير حكام المسلمين جميعاً بسبب ( كما يدعون ) تحاكمهم إلى قوانين الأمم المتحدة الملحدة وتعطيل الشريعة الإسلامية وموالاة الكفار؟ ما رأيك بتلك الدعوات؟ وما رأيك في يفتي بذلك ؟ وما حكمه ؟



الجواب: لاشك أن التكفير العام لا يجوز، فإن هذا التحاكم وإن كان كفرًا لكنه كفر جزئي، أو كفر عملي، أو كفر دون كفر، أو اعتقده رئيس الدولة ولم يعتقده المواطنون والوزراء والقضاة ونحوهم، فلا يجوز تعميم القول بالكفر، ولاشك أن التحاكم إلى القوانين الوضعية المأخوذة من الأمم الملحدة الكافرة أنه كفر، إذا ترتب على ذلك تعطيل الشريعة الإسلامية، والطعن في أحكامها، وموالاة الكفار، ومحبتهم، وتفضيلهم على المسلمين، ومقاطعة المؤمنين ومعاداتهم، ولكن هذه الخصال لا توجد والحمد لله في البلاد التي تحكم بالشرع، والتي تقيم الحدود، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وإنما تنطبق على بعض البلاد التي استولى عليها الكفار وغيروا دينها، وتنزلت على رغباتهم.



على هذا الرابط

http://www.d-sunnah.net/forum/showthread.php?t=21065
%روى أحمد بن عيسى في الأمالي:
قال أبو جعفر: سألت أبا عبدالله (ع) عن أفاعيل العباد مخلوقة؟! قال نعم مخلوقة، وقد سُئل الإمام علي فقال: هي من الله خلقا ومن العباد فعلاً ، لا تسأل أحداً بعدي، قال أبو عبدالله: إنما يعذب العباد على فعلهم لا على خلقه. "أهـ

حسن عزي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 102
اشترك في: الأربعاء يونيو 08, 2005 1:45 pm
مكان: العالم الإسلامي

مشاركة بواسطة حسن عزي »

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قال الأخ الفاضل الأمير الصنعاني:
لا أظن ان جميع الطوائف على كلام شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله
والجواب يا أخي على جملتكم هذه نعم ليس كل طوائف الإسلام على كلام ابن تيمية . لأنكم تعلمون يا أخي أن طوائف الإسلام وجدت قبل ابن تيمية بقرون كثيرة فمن الطبيعي أن يكون لها راي معين خلال تلك القرون تمشي عليه (منتظرة و مترقبة ظهوره رحمه الله تعالى) ثم بعدها منّ الله تعالى على الأمة بأن أظهر لها ابن تيمية وأظهر رأيه في هذه القضية بعد أن لم يكن هذا الرأي موجودا خلال ما فات وانقضى من عمر الأمة (بدون رأيه) ولكن الأمة ولله الحمد استطاعت أن تبحر وتعتمد على من كان موجودا من العلماء والفقهاء خلال قرون الانتظار والترقب هذه.
وإن كان المقصود بطوائف المسلمين من هم موجودون اليوم فهم لا يعدون أن يكونوا تبعا لأهل القرون الأولى وما يقولون به خرج أساسا من تلك القرون.



ثم تعقيبا على ما ذكره سيدي الفاضل الأستاذ عزام في مستهل حديثه أقول:
عندما كتبتُ ما كتبتُه أعلاه كنت أفترض أن الكاتب بقوله (أهل التوحيد والجهاد) يشمل كافة طوائف الإسلام ومذاهبه واتجاهاته إذ اني لا أعلم منهم أحدا ليس بموحد ومن كان غير موحد فهو مشرك فليس بمسلم ومن كان غير معتقد بالجهاد وفرضيته على الأمة على الخلاف في وقته وكيفيته وأحواله وأحكامه بينهم فهو منكر لما جاء النص به في القرآن ومتواتر السنة وهو إنكار ما علمه المسلمون ضروريا من الدين وهذا مؤداه الخروج عن الإسلام والعياذ بالله. فما كتبته مبنيا على هذا الافتراض. أما إن كان مقصود الكاتب بمعنى (أهل التوحيد والجهاد) الحصر في فئة معينة فالأمر غير ما ذكرته والكلام فيه مختلف. لا أختلف مع الأستاذ عزام فيما قاله بل الفقير معه في كل كلامه وإنما أحببت التنبيه إلى ما ذكرته حتى لا يُحْمَلَ كلامُ الفقير على فئة مخصوصة دون بقية الذين يوحدون الله ويجاهدون فيه حق جهاده.

وبخصوص تعليقكم أخي الأمير الصنعاني فإني استعرضت مرة أخرى ما جمعه الكاتب عن ابن تيمية رحمه الله تعالى وعفى عنه فما وجدت فيه غير رد المصالح والمفاسد مباشرة إلى النص والأمر (كما أفهمه) لا يؤدي إلى العودة إلى النص مرة أخرى بدون النظر في المصالح والمفاسد وأثرها على النص وهذا (كما أعلمه) ما يتفق عليه المسلمون كلهم فعندما نعود إلى النص (فلا اجتهاد في مورد النص) فما الفائدة من النظر إلى المصالح والمفاسد ؟

وقد ذكرتَ أن بعض الفئات يقول بجواز الخروج على النص بناء على رجحان المصلحة أو غلبة المفسدة (إذا صح أن نختصر كلامكم في هذه الجملة) وهذا ادعاء لم أطلع على من قال به غير من يعدهم المسلمون خارج إطار الإسلام من العلمانيين أو اللادينيين فلو أنك يا أخي تكرمت علينا بذكر أي من هذه الفئات التي تقول بذلك.

أحب أن أنقل هنا ما ذكرتموه يا أخي:
كتب عليكم القتال
نص واضح وصريح
والكثيرين عطلوا هذا النص استناداً إلى قاعدة المصالح والمفاسد
وزعموا ان الالتزام بأمر الله هذا (فرضية الجهاد) يجلب من المفاسد الشيء الكثير فعطلوا امر الله

ومن هؤلاء من يزعم ان شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله يؤيدهم في تعطيلهم هذا
وأقول: الذي يراه هذا العاجز يا أخي الفاضل أن القضية ليس فيها اجتناب للعمل بأمر القتال من الله تعالى بناء على أنه يجر كثيرا من المفاسد مما يبيح لهم تعطيل النص ولكن الذين لا يقاتلون الآن ربما كانوا مقاتلين بالأمس حين اكتملت عندهم شروط القتال المأمور به وأركانه وربما يقاتلون غدا حين تكتمل عندهم شروط القتال المأمور به وأركانه وعليه فربما هم يعتقدون جازمين بفرضية القتال ولكنهم لا يرون اكتمال شروطه وأركانه إذ أن القتال له شروط وأركان نص عليها القرآن الكريم وهي مفصلة منثورة في كتب الفقه عند كل فئة.
والذي أرمي إليه هنا أن الحوار مع هذه الفئات لا ينبغي أن يكون عن تصور كونهم يعطلون النص بناء على غلبة المفاسد من إعمال النص إذ أنهم لا يقولون بذلك وعليه فالتصور حائد عن الصواب (كما أراه). فعليه ، ينبغي أن يكون الحوار معهم في قضية شروط وأركان القتال المأمور به في الآية والمفصلة شروطه في الآيات الأخر وفي ما صح من سنة المصطفى عليه وعلى آله الصلاة والسلام.
وأضرب لك مثالا ، عند بعض المجتهدين ينبغي أن تكون هناك راية مرفوعة للجهاد ممن يقدر عليه وممن اكتملت عنده آلات الجهاد بمافيها العلم والفقه والورع والتقوى والحرص على دماء المسلمين والمعاهدين والقدرة المادية لتمويل الجهاد والظهور والغلبة وإرهاب العدو (لا استعداؤه وإطارة صوابه حتى يعود إلى أبرياء المسلمين وديارهم أقوى مما كان وعنده كل حجة وذريعة أمام الدنيا كلها في أن يستبيح من حمى المسلمين ما كان لا يجرؤ على الحديث فيه . فهذا في ما أراه غباء وليس جهاد وهذا استعراض ولفت انتباه وليس فيه جهاد وهذا فيما أراه لعب بدماء المسلمين وجرأة على نصوص الاحتياط في دماء المسلمين) فإن كان الاحتجاج بنص الأمر بالقتال يتعارض مع غلبة المفاسد فهذا لا يقول به مسلم فيما نظن ولكن إن كان نص الأمر بالقتال يتعارض مع نص قرآني آخر وهو قوله تعالى (من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً) فهذا أمر آخر. إن كان إعمال نص القتال معناه قتل المسلمين الأبرياء المنهي عنه في نص آخر فليس هذا قتالا بل ينبغي على المسلمين أن يضربوا على يد من يعبث بدمائهم بدون طائل وبدون تحقيق ما أمر الشرع بتحقيقه من إقامة الدين وشعائره والحفاظ على دماء المؤمنين وغير ذلك مما نص عليه الأصوليون فيما اسموه بـ(ـالكليات الخمس) واحتجوا لها بنصوص من القرآن والسنة . فكما ترى أخي الصنعاني فليس هنا مقابلة بين النص القرآني وغلبة المفاسد بل هي مقابلة بين النص القرآني ونص قرآني آخر بل إن تمعنت فقد يكون الأمر مقابلة بين نص قرآني ونص قرآني آخر قيد إطلاقه أو خصص عمومه أو فسر مجمله. فأنت معي (على ما أظن) في أن الأمر بالقتال في قوله تعالى (كتب عليكم القتال) نص مجمل يحتاج إلى مفسر للكيفية والتوقيت والشروط وغير ذلك مما يعتري النصوص المجملة العامة المطلقة وإلا فلو حملنا النص على إطلاقه لوجب على كل مخاطب بالنص أن يخرج من فوره للقتال تاركا الصلاة والحج وحماية الديار والأعراض وتحصيل العلوم الضرورية وغير ذلك من الفروض العينية والكفائية إعمالا للنص ولا يقول بهذا مؤمن لأن هناك نصوص أخرى فرضت علينا الصلاة وكثيرا من الواجبات والفروض الأخرى التي يجب علينا القيام بها فلزم أن نقابل النصوص ونوفق بينها ونرتب الأولويات (بناء على النصوص لا على تغليب المصالح ودرء المفاسد) . فليكن القتال واحدا من هذه الفروض لا الفرض الأوحد الذي لا نرى غيره فليس هذا ما أمرنا به.

ثم إن من يتعرض للكلام في باب الجهاد يحتج لذلك بنصوص كثيرة من القرآن والسنة ويذكر الآيات التي جاء فيها تحديد العدد من المسلمين الذين ينبغي أن يقابلوا قرناءهم من الحربيين ويحتجون بآية الإعداد (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم) وربما يتكلمون عن أن الجهاد مشروط بالقدرة على إرهاب العدو فمالم يتحصل (إرهاب العدو) بمعنى القدرة على كسره وإذلاله ودحره وثنيه عن تحقيق ما أعلنه أهدافا له (تماما كما فعل حزب الله في لبنان في معركته الأخيرة) فإن لم يحقق (إرهاب العدو على هذه الكيفية أو كيفية مماثلة) فسوف يقف هذا النص قيدا أو مخصصا أو مفسرا لنص الأمر بالقتال (كتب عليكم القتال) وعليه فليس هنا كلام عن مصالح ومفاسد ولكن الكلام عن (نص ونص).

لقد اخترتُ يا أخي الصنعاني أن أتحدث إليك عن هذه الخواطر في باب الجهاد وهي أمثلة لا تستوعب الباب بل ولا تعد مقدمة للحديث في باب الجهاد وإنما رميت إلى إن أبين لك (فهمي الكليل) لكيفية الحديث عن مقابلة النصوص ببعضها و عن أن هناك أسلوبا آخر للنظر في الأمور وفي النصوص وهو بعيد كل البعد عن إقحام المصالح والمفاسد في القضية حتى يظهرها الكاتب على أنها مقابلة النص الرباني بالاجتهاد البشري القاصر وهي في الحقيقة مقابلة النص بالنص والخروج بفهم شامل يراعي فيه الفقيه الذي رزقه الله تعالى الحكمة والعلم إعمال كافة النصوص وفهمها بما لا يوقعه في التعارض ولا يلجؤه إلى الخروج عن الفكر السليم إلى إقحام المصالح والمفاسد في أمر يبعد عنه النص بعد مابين المشرقين.

أخي الفاضل الأمير الصنعاني .. إن أردت رؤية أخرى تخرج من مشكاة المخلصين من علماء هذه الأمة وقد تضافرت على تحقيقها وتحريرها عقولهم وأفئدتهم على مدى 14 قرنا فالحديث عن الجهاد ينبغي أن يمر من خلال النظر إل كل النصوص (وأقول النصوص وليس المصالح والمفاسد) التي وردت في استدلالاتهم وشكلت رؤيتهم للكليات الخمس التي استدلوا عليها ولها (بالنصوص من القرآن والسنة وليس المصالح والمفاسد) وأذكرها هنا تذكيرا لنفسي ليقيني بأن مثلكم يعرفها:
أولا : حفظ الدين
ثانيا : حفظ النفس
ثالثا : حفظ العقل
رابعا : حفظ النسل
خامسا : حفظ المال
ولا أقول أن الكليات الخمس مقدمة على الجهاد ولكن أقول أن كلا من الكليات الخمس له علاقة ما بتشكيل أحكام الجهاد والجهاد نفسه له علاقة ما بتشكيل ترتيب الكليات الخمس ومدى علاقة كل منها به والذي ينظر في هذه الأمور هو المجتهد الذي تتوفر عنده آلة النظر بجانب أمور كثيرة أخرى أهمها عفته عن دماء المسلمين و اتصافه بما وصف الله به نبيه عليه وعلى آله الصلاة والسلام من (الرأفة والرحمة) والبعد عن الشبهات وغير ذلك مما نصوا عليه في بابه.

وبعد ذلك ..

فالحديث عن الجهاد اليوم يستوجب النظر في آلات الجهاد والمكنة من حيازتها وامتلاكها عن طريق القدرة على صنعها (وليس شرائها) من عدونا فكم هو مضحك أن نقاتل عدونا بسلاح نشتريه منه . نبهنا إلى ذلك سيد الخلق عليه وعلى آله الصلاة والسلام (بنص وليس بتغليب مصلحة) فيما روي عنه (ما أفلح قوم رموا بسهم أجنبي)(على الكلام فيه وفي سنده) ومن هنا فلا ألوم من يفهم الأمر بالقتال في الآية الكريمة (كتب عليكم القتال) بأنه أمر بقتال الكفار بسلاح لم يصنعه أجنبي بل صنعناه بأنفسنا فلصاحب هذا الفهم حق أن يفهم الآية على هذا الوجه.

والحديث عن الجهاد يستوجب النظر في قضية العدد فنصوص القرآن بهذا الخصوص واضحة في بيان العدد الذي ذكره القرآن كمعادلة بين المتقابلين للقتال من المؤمنين والحربيين. وقد قال بعض الفقهاء أنها استقرت آخر الأمر على أن لكل اثنين من الكفار واحد من المسلمين . فهل هذا العدد توقيفي ؟ اليوم الجندي (الواحد) الأمريكي أو الإسرائيلي الذي يقف خلف صاروخ يحمل رأسا نوويا بإمكانه أن يفني وهو قاعد في مكان ما تحت الأرض شعبا بأكمله يتكون من عدة ملايين فأين تقف الأعداد ومعادلاتها من هذا ؟ فكيف العمل أمام قوة أعدائنا القاهرة وتخلفنا الظاهر لكل عاقل ؟ بل قالوا ان بإمكان جندي أمريكي وروسي أن يتراشقا بالرؤوس النووية فيقوما بشطر الكرة الأرضية على طريقة ألعاب (الأتاري) ولم يغادر أحدهما موقعه. هذا و نحن اليوم حتى نصيب (علجاً) واحدا تكون ذخيرته عدد من الأبرياء المسلمين الذين يصطفون لشراء الخبز أو يتسوقون لأهلهم .

والحديث عن الجهاد ينبغي أن يفرق فيه بين المبادرة بالقتال وبين الصيال وأحكامه . وأحكام الصيال ينبغي ألا تخلط بأحكام التترس ولا يؤخذ من هنا ويرقع به ثغرة هناك فهذه دماء وهذا مصير أمة ينبغي أن يحرص المؤمن الذي يخاف الله تعال عليه أكثر من حرصه على القتل.

وهناك في المقابل أمثلة أخرى للمسلمين الذين استطاعوا أن يعتمدوا على أنفسهم بعد الله فبدأوا بتصنيع سلاحهم وذخيرتهم وأروا العالم كله كيف يقع توفيق الله تعالى على من يستحقه ليذل به الدولة التي احتلت أول مقدسات المسلمين وعاثت في أرضهم فسادا. أقول هذا على خلافي مع الإمامية في كثير من مبادئهم ولكنهم مسلمون موحدون من أهل القبلة وهم إخواننا في الدين ولهم ما لكل مسلم من حق وعليهم ما على كل مسلم من حق .

هذه أفكار أطرحها أمامك أخي الأمير الصنعاني وهي مما يعتمل في عقل وقلب هذا الفقير العاجز وإنما أطرحها هنا وأبين طرفا من فهمي لها مستجديا ممن فتح الله عليه بفهم صحيح مخلص أن يضع ما عنده أمام إخوانه لعل الله أن يكتب لنا جميعا الرشد والهداية إلى الحق.

رب اشرح صدورنا ويسر أمورنا وأرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه وألف بين قلوبنا واجعل بأسنا على من ظلمنا وعادانا فيك يارب العالمين ولا تمرغ في دماء المسلمين أيدينا واجعل الإخلاص لك وجهتنا وقصدنا وارزقنا قول الحق والعمل بالحق وتوفنا مسلمين. آمين.

حسن عزي

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الدراسات والأبحاث“