قضية فدك و الامام زيد عليه السلام.

هذا المجلس لطرح الدراسات والأبحاث.
الامير الصنعاني
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 792
اشترك في: الاثنين مارس 27, 2006 11:55 pm

مشاركة بواسطة الامير الصنعاني »

الاستاد الفاضل ياسر
الصراحة يا طيب من وجهة نظري
ان استادي الاخ محمد الغيل مدري ما بيوقع به بعض الاحيان ويرد رد ظاهره انه لا يريد سماع رأي الاخر وجواب الاخر بل ظاهرها السخرية والاستهزاء
هكدا بدى لي من رده القديم
بس انا اتوقع ان الاستاد محمد الغيل ما بيقصدها
بس رده الاخير متزن في رأيي

وكثير من مشاركات الاستاد محمد الغيل قيمة ومتزنة بل معظمها هكدا الا ما ندر (وجهة نظري)
مدري او هده النادر انه بيخزن ويجي يشارك في المنتدى :D

ان شاء الله انه من زمرة اللي ما بيخزنوش
وان كان بيخزن
فما يسبرش الحوار مع مخزن بعد التخزينة
لا اقصد السخرية
بس كما تعلم من حال اكثر المخزنين بعد التخزينة ما ينفعش واحد يحاكيهم بيكتموا كتامة مخيفة


تحياتي
العزة لله ولرسوله وللمؤمنين

محمد الغيل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2745
اشترك في: الأحد إبريل 18, 2004 3:47 am
اتصال:

مشاركة بواسطة محمد الغيل »

السلام عليكم

خادم الحسنين كتب :
نحن نريد أن نناقش الزيدية وليس الجارودية


إن كان محمد الغيل جاروديا وليس زيديا كما تزعم فلما حررت كل هذا الدر عليه :)

هل هذا حديث أم حكمة أم من نسج خيالك..لإن كانت حديث فعلى عيني ورأسي وإن كان حكمة فصاحب الحكمة خاطئ لأن الحي يخشى عليه الفتنة.. أما لو كانت من نسج خيالك فأنت أولى بها


تقليد الحي أولى من تقليد الميت ليست من نسيج خيالي بل هي قاعدة تذكر في فن فن اصول الفقه وقد تبناها الكثير من فقهاء وعلماء الامة
والفتنة والاختبار والابتلاء يا اخي امور منوطة بالمكلفين واشد الناس ابتلاء هم الانبياء ثم الامثل ارجو ان تفهمني .
هذا الكلام غير سليم


يبدوا اني الى الآن لم اقدر على افهمك ما اريد
طيب اخي الكريم
سوف اتوجه اليك بسؤال بسيط

هل احاط الحسن البصري بما قاله أو كتبه الشيخ تقي الدين بن تيمية ؟؟

هل احاط الشيخ تقي الدين بن تيمية بما قاله أوكتبه الشيخ القرضاوي؟؟

الجواب ان الحسن البصري لم يعرف ما قاله أوما كتبه الشيخ تقي الدين بن تيمية بسبب أنه مات قبله أمام الشيخ تقي الدين بن تيمية فقد احاط بما قاله الحسن البصري وسفيان الثوري والامام زيد .... لكن الشيخ تقي الدين بن تيمية لم يعرف ما كتبه الشيخ القرضاوي ولم يطلع عليه بسبب أنه مات قبل ان يولد الشيخ القرضاوي الذي احاط وادرك كل ما كتبه الحسن البصري أو سفيان الثوري أو الامام زيد أو الامام جعفر أو تقي الدين ابو زهرة أو الامام محمد عبده ..

هذا ما قصدته اخي في الله حادم الحسنين
فالعكس هو الصحيح يا محمد الغيل أن سلف آل البيت مثل علي الحسن والحسين وزيد وجعفر أكثر علما وورعا ممن يدعون النسبة إلى آل البيت من المعاصرين


تمام حاضر احسن الله اليكم و شكرا لك على هذا التمسك بهم :)
وإسمح لي أن أصارحك : أنك عندي أضل من الروافض الإمامية..زذلك لأن الإمامية إنما يطعنون في أبي بكر وعمر رضي الله عنهما جهلا و ظنا منهم أن سلف آل البيت كانوا يوافقونهم


جزاك الله خيرا :)
أما أنت يا محمد أفندي تعرف الحقيقة وتحيد عنها عن قصد وعن عمد!!!

فأنت الآن أصبحت ناصبيا
افندي وناصبي وكاتم للحق ومتعمد طيب وما ذا بعد :)
نقله شيخكم محمد يحيي عزان...ورديت أنت عليه بنفس الرد
معلومة بسيطة الاخ العلامة محمد عزان ليس شيخا لي وياريت تقتبس لنا كلامه اخي
تعني أن الصحابة رضي الله عنهم قد وضعوها كذبا إقتداء بأبي بكر الصديق؟؟!!!
لا لااعني ذلك البته بل ما عنيته انهم سمعو ا الخبر من فم ابي بكر ثم تناقلوه عنه " حديث معنعن " بمعى أن الصحابي ينقل الخبر عن غيره من اخوانه الصحابة ولك ان ترجع الى روايات ابو هريرة فقد روى الكثير من الاخبار التى وقعت في السنة الثالثة مع انه لم يسلم الا في السنة السابعة

وانا طلبت منك ان تثبت لي تاريخيا ان عمر أةو غيره من الصحابة قد قالوا حديث " نحن معاشر الانبياء" واحتجو به على غيرهم قبل ان يقول به ابو بكر والى الآن لم تأتي برواية معمدة تثبت ذلك لذا لا ارى بدا من التعليق على باقي ما كتبته اخي فالمعذرة :)
أقول :

أفلا تسندون؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟


:D اقول لك افلا تبحثون ؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
بل روى سيدنا عمر بن عبد العزيز رحمه الله عكس ذلك:

عن عمر بن عبدالعزيز: (إن فاطمة سألت الرسول ص أن يجعل لها فدكاً فأبى)

انظر: سنن أبي داود: (كتاب الخراج والإمارة، باب في صفايا رسول الله r) 3/378، ح2972
سألت الرسول أم سألت ابو بكر ؟؟؟ :D

ما هذا التدليس والتلبيس على أم المؤمنين!!!!

أم المؤمنين قد رضيت بدفن سيدنا الحسن ولكن بعض الجهلة قال لماذا لم يدفن عثمان ويدفن الحسن؟؟؟؟ فسيدنا الحسن رفض حينما علم أنها ستقوم فتنة بذلك

وإليك دليل موافقتها رضوان الله عليها:


أورد ابن الأثير في خبر وفاة الحسن بن عليّ رضي الله عنهما أن (( الحسن استأذن عائشة أي في دفن أخيه فأذنت له ))(55)، وفي الاستيعاب (( فلما مات الحسن أتى الحسين عائشة فطلب ذلك إليها فقالت: نعم وكرامة ))(56)! وفي البداية (( أن الحسن بعث يستأذن عائشة في ذلك فأذنت له ))


أما عن أنها رفضت ..فهي من تخاريف الروافض
:D :D

طيب اخي اذا زرت البقيع فسلم على الامام الحسن بن علي فقبره هناك :)


نعم أخي الكريم..فأنت غير محتاج إلى الأدلة لأن الله قد طبع على قلبك
من اخبرك بهذا جبريل عليه السلام ؟؟

نعم قد طبع الله في قلبي شيئا الله اعلم به ربما ستعرفه يوما اخي :)
ثم هل أزواج رسول الله ص قد أنكروا على ابو بكر أم صدقوه أذعنوا للحق؟؟!!!
اخبط راسي في الحيط يعني :) لا وانت الصادق اذعنوا :D

واذا كن اذعن فلما طالبنه بالميراث من اساسه ؟؟ واين حديث نحن معاشر الانبياء ؟؟ ولما لم يبلغهن به رسول الله قبل موته حتى اخبرهن به ابوبكر ؟؟
قولها صراحة: أنت ليست لديك حجة لذلك تمسكت بهذا الهذيان الذي لن يقدم ولن يؤخر
ولما لا يقدم ولا يؤخر ؟؟؟ ولما تسمي ما اطرح عليك من افكار هذيان ؟؟؟ على العموم شكرا لك على هذا الانصاف :|
ثم ...الآن أصبحت تبجل أزواج رسول الله ص؟؟؟ ...ألم تتهم أم المؤمنين منذ قليل برفض دفن سيدنا الحسن؟!!!
انا لم اتهم احدا وغاية ما في كلامي ان ام المؤمنين عائشة كانت ترى ان الحجرة ميرثا لها لذا رفضت ان يقبر الامام الحسن فيها وقد قلت لك عند ما تزور البقيع ستجد ان قبر الامام الحسن فيه لا في الروضة أو في حجرة رسول الله

وهذا يا اخي موجود في كتب التاريخ لا من نسيج افكاري فقط ابحث عن الحق بصدق وتجرد زنية صافية لله وستجده موفقا ..!!

اما عن بقية المشاركة فقد اوضحت لك سابقا ما ارمي اليه
وانا اكتفي بهذا

سامحني اخي في الله خادم الحسنين ان ظهر مني ما قد اساء اليك فهو غير مقصود

والشكر موصول للاخ ياسر على نصيحته لي وان كان الامر يتعلق بقضية النحت الخطي المذكورة في بعض كتب اللغة :D
احسن الله اليكم سيدي الغالي ياسر ودمت لنا ابد الدهر :king: ..!!
صورة
يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون
صورة

محمد الغيل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2745
اشترك في: الأحد إبريل 18, 2004 3:47 am
اتصال:

مشاركة بواسطة محمد الغيل »

صحيح القات بخلي الواحد مركز اكثر ومايجملش احد يعني بخليه صريح قوي ومركز قوي ومصحصح مثله مثل الشاهي الثقيل بتاع الصعيدة :D :wink:
صورة
يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون
صورة

محمد الغيل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2745
اشترك في: الأحد إبريل 18, 2004 3:47 am
اتصال:

مشاركة بواسطة محمد الغيل »

العلماء ورثة الأنبياء فإن الأنبياء لم يخلفوا دينارا ولا درهما, إنما تركوا العلم ميراثا بين العلماء.
العلماء

العلم


العلماء


اخيرا

باب فضل العلماء (ص 383)


حاليا لا تعليق
الى لقاء ........!!
صورة
يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون
صورة

لــؤي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 3099
اشترك في: الخميس نوفمبر 17, 2005 4:22 pm
مكان: قلب المجالس

مشاركة بواسطة لــؤي »

الله أعلى وأجل ...





( من صحيح البخاري ) :



فاطمة الزهراء عليها السلام تموت غاضبة وتدفن سراً

http://hadith.al-islam.com/Display/Disp ... 0&Rec=4874

http://hadith.al-islam.com/Display/Disp ... 0&Rec=6184






فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني .. من البخاري أيضا :

http://hadith.al-islam.com/Display/Disp ... 0&Rec=5663



صحيح مُسلم يروي أن فاطمةعليها السلام سيدة نساء المؤمنين وسيدة نساء هذه الامّة:

http://hadith.al-islam.com/Display/Disp ... 1&Rec=5758


الدر المنثور للسيوطي .. عن ابن عباس قال: لما نزلت ( وآت ذي القربة حقه) يقول: أقطع رسول الله فاطمة فدكا :
http://www.al-eman.com/Islamlib/viewchp ... CID=307&SW



البخاري يقول ان عمر قسّم خيبر على زوجات رسول الله... فكيف ترث الزوجة ولاترث البنت ؟:

http://hadith.al-islam.com/Display/Disp ... 0&Rec=3661



إقرأ النص في هذه الصفحة حديث ابوبكر وهو يصدق أي شخص عادي وبدون طلب شهود, صحيح مسلم :

http://hadith.al-islam.com/Display/Disp ... 1&Rec=5499


الألباني - كتب تخريج الحديث النبوي الشريف - رقم الحديث : ( 199 )

نوع الحديث : صـحـيـح

- نص الحديث : فاطمة بضعة مني يقبضني ما يقبضها، ويبسطني ما يبسطها ، وإن الأنساب يوم القيامة تنقطع غير نسبي وسببي وصهري ، صحيح وأخرجه البخاري مختصرا بلفظ : فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني .



http://arabic.islamicweb.com/Books/albani.asp?id=12744



صحيح البخاري - المناقب - مناقب قرابة رسول الله ( ص ) ومنقبة - رقم الحديث : ( 3437 )


‏- حدثنا ‏ ‏أبو الوليد ‏ ‏حدثنا ‏ ‏إبن عيينة ‏ ‏عن ‏ ‏عمرو بن دينار ‏ ‏عن ‏ ‏إبن أبي مليكة ‏ ‏عن ‏ ‏المسور بن مخرمة ‏ أن رسول الله ‏ (ص) ‏ ‏قال : ‏‏فاطمة ‏ ‏بضعة مني فمن أغضبها أغضبني. ‏



http://hadith.al-islam.com/Display/Disp ... 3437&doc=0




صحيح البخاري - مناقب فاطمة ( ع ) - المناقب - رقم الحديث : ( 3483 )

‏- حدثنا ‏ ‏أبو الوليد ‏ ‏حدثنا ‏ ‏إبن عيينة ‏ ‏عن ‏ ‏عمرو بن دينار ‏ ‏عن ‏ ‏إبن أبي مليكة ‏ ‏عن ‏ ‏المسور بن مخرمة ‏ ‏( ر ) ‏أن رسول الله ‏ (ص) ‏ ‏قال : ‏فاطمة ‏ ‏بضعة مني فمن أغضبها أغضبني . ‏



http://hadith.al-islam.com/Display/Disp ... 3483&doc=0



صحيح مسلم - فضائل الصحابة - فضائل فاطمة بنت النبي ( ع ) - رقم الحديث : ( 4482 )



‏- حدثنا ‏ ‏أحمد بن عبد الله بن يونس ‏ ‏وقتيبة بن سعيد ‏ ‏كلاهما ‏ ‏عن ‏ ‏الليث بن سعد ‏ ‏قال ‏ ‏إبن يونس ‏ ‏حدثنا ‏ ‏ليث ‏ ‏حدثنا ‏ ‏عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة القرشي التيمي ‏ ‏أن ‏ ‏المسور بن مخرمة ‏ ‏حدثه أنه سمع رسول الله ‏ (ص) ‏ ‏على المنبر وهو يقول ‏ ‏إن ‏ ‏بني هشام بن المغيرة ‏ ‏استأذنوني أن ينكحوا ‏ ‏ابنتهم ‏ ‏علي بن أبي طالب ‏ ‏فلا آذن لهم ثم لا آذن لهم ثم لا آذن لهم إلا أن يحب ‏ ‏إبن أبي طالب ‏ ‏أن يطلق ابنتي وينكح ‏ ‏ابنتهم ‏ ‏فإنما ابنتي ‏ ‏بضعة ‏ ‏مني ‏ ‏يريبني ‏ ‏ما رابها ‏ ‏ويؤذيني ما آذاها . ‏



http://hadith.al-islam.com/Display/Disp ... 4482&doc=1




صحيح مسلم - فضائل الصحابة - فضائل فاطمة بنت النبي ( ع ) - رقم الحديث : ( 4483 )


- حدثني ‏ ‏أبو معمر إسمعيل بن إبراهيم الهذلي ‏ ‏حدثنا ‏ ‏سفيان ‏ ‏عن ‏ ‏عمرو ‏ ‏عن ‏ ‏إبن أبي مليكة ‏ ‏عن ‏ ‏المسور بن مخرمة ‏ ‏قال ‏ قال رسول الله ‏ (ص) ‏ ‏إنما ‏ ‏فاطمة ‏ ‏بضعة ‏ ‏مني يؤذيني ما آذاها .


http://hadith.al-islam.com/Display/Disp ... 4483&doc=1
رب إنى مغلوب فانتصر

زيدي للابد
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 90
اشترك في: الاثنين فبراير 27, 2006 5:17 pm

مشاركة بواسطة زيدي للابد »

:D :D
صور ، تقارير ، مقالات عن جرائم صعدة
www.alyamen.net

البدر الشهيد
مشرفين مجالس آل محمد (ع)
مشاركات: 58
اشترك في: السبت يوليو 10, 2004 10:11 pm
مكان: بوخارست

مشاركة بواسطة البدر الشهيد »

أحسنت اخ عصي الدمع توقيت موفق :ok2:

الشريف العلوي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 424
اشترك في: الثلاثاء يوليو 20, 2004 7:35 pm

مشاركة بواسطة الشريف العلوي »

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,

جزاك الله خيراً أخي السيد محمد على حسن الظن .. وكما كان المأمول منكم آل محمد في الرفق بالمسلمين ولين الجناح لهم .. (طابت مرابعها فطاب ثمارها).

محمد الغيل كتب:الحمد لله وحدة ولا شيء قبله ولا بعده
اقول
كما يبدو بالفعل أني قد اكثرتُ من التخاطب معك في هذا المنتدى اخي في الله الشريف العلوي
والعقل والمنطق يقول : اذا عرف السبب بطل العجب ولعل السبب اخي الكريم اني كنت اعتمد في ذلك على امرين اثنين:-
الأول : كرم اخلاقك , وسعة صدرك , فقد سمعتُ عنك الكثير وأنك انسان يحترم كل من يدخل معه في نقاش أو حوار وإن اختلف معه في جوهرالموضوع أو في خارجه.

الثاني : سعةُ علمك وكثرةُ اطلاعك واحتكاك بجميع الفرق الاسلامية وتبنيك لمبدأ التقارب بين المذاهب كما ظهر لي انا محمد الغيل ولست معنيا برأي غيري فيك في هذا الجانب !

والآن
اعلم اخي الشريف بارك الله فيك أني لم اكن يوما مستهزاء ولا مستهترا بما تطرحه من افكار على العكس من ذلك تماما انا متابع جيد لكل ما يكتب هنا أو بالاحرى اتابع كل ما استفيد منه ولن اخجل ان قلتُ لك اني احيانا قد اجد الفائدة في بعض ما تطرح من افكار جريئة وربما صادقة وصريحة ..!!
ولكي ابقا هادئا ملتزما للصمت ومتابعا للحوارات فقط ولا اظن ان هذه رغبتك وما تحرص عليه حاليا .
اصدقني الحديث يا اخي الشريف بالله عليك
من منّا الزيدي هنا ؟؟ ومن منَّا السلفي ؟؟
من هو الجارودي الرافضي ؟؟
وكيف يكون الجارودي جارويدا وفي عين الوقت رافضي أو حتى ناصبي ؟؟
اتعرف يا شريف لقد كان لنا هنا اخ في الله يصر كل الاصرار أن الامام زيد كان معتزليا وينسب الى تلك المدرسة الفكرية الشامخة لكن تلك الدعوى التى اطلقها الاخ لم تكن حقيقية أو لم تصب كبد الحقيقة فالامام زيد كما نعرف جميعا تتنازعه كثير من المدارس الفكرية والفرق وقد قيل عن ثورته "إنها ثورة الفقهاء"
لكنّا ولله الحمد نحن معاشر الزيدية وغيرنا من المنصفين المفكرين العقلاء نعرف جيدا من هو الامام زيد وكيف ننتسب اليه وما هي القواسم المشتركه بيننا وبين غيرنا ..!
من الجميل ان تراجع اخي الشريف بحثا هنا في مجلس الدراسات والابحاث تحت عنوان "الشبهات الوردية" اتمنى عليك ان تظر فيه لتعرف أن الامام زيد لم يكن ينتمي الى مدرسة الاعتزال ولا الى غيرها من المدارس الفكرة ..!

أنت الآن تدعي ان الامام زيد كان من اتباع المدرسة التى تنتمي اليها أنت وتنازعنا فيه وقد ذيلت كل مشاركاتك بتوقيع طويل عريض ينص أن الخلا ف بينكم وبين المدرسة الزيدية خلاف لفظي ليس الا ..!!
الا تدرك الآن يا اخي انك تنتمي الى مدرسة قائمة بذاتها والامام زيد ينتمي الى مدرسة اخرى قائمة بذلتها وان كان الخلاف بينكم خلافا لفظيا ؟؟

الإمام زيد بن علي أخي الكريم .. إمام عظيم وهو مدرسة لجميع المسلمين سنة وزيدية ومعتزلة .. كلهم يشرف بالانتساب إليه .. ولا يمكنك اختزال هذا الإمام الجليل في ثلاثين مسألة .. أو احتكاره في مدرسة معينة .. فإن الإمام زيد شعلة لكل مسلم .. وثورة على كل ظالم .. فأينما وجدت شعلة أو ثورة فثمَّ زيد .
كما أن الزيدية من أروع الحركات الإسلامية .. وقد أثبتت أنها هي الأَولى بالبقاء والإحياء .. وأنها الامتداد الطبيعي لجهاد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .. وما كان المسلمين في شدة حاجة إليها كيومنا هذا .. وقد كتبتُ وحشدتُ في فضائلها ومزاياها الصحيحة التي لا تُنازع ما لم يطرقه ولا حتى حام حوله بعض من ذكرناهم من الغلاة آنفاً ..
لكن من جهل مزايا هذه الحركة وقواعدها العظيمة كـ (كل مجتهد مصيب) .. (تحريم التقليد في أصول الدين) .. (ما يصح في الاجتهاد يصح فيه التقليد ولا عكس) .. (تعظيم الآل والصحابة ومجتهدي المذاهب الأخرى) (لا يمنع الاعتقاد من التتلمذ والأخذ والرواية) .. إلى غير ذلك , وأراد مساواتها بغيرها من الفرق الضيقة .. فإن يكون قد ظلم نفسه, وشوه مذهبه, وخاب في حكمه, وافترى على زيد وثورته وعقيدته ..

والكلام مُسهب في هذا ولعل فرص أُخرى تتاح للحديث عن ذلك ..



لماذا ارجع الامام علي عندما تولى الخلافة بعد مقتل الخليفة عثمان فدكا الى اصحابها ؟؟
ولما ارجع الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز فدكا الى اهلها بعد ان انتزعها منهم بنو امية ؟؟
جزاكم الله كل خير اخي الشريف والسلام عليكم .
اخوكم /
اثبت ذلك .
وإذا لم تستطع ولن تستطيع . فأرد عليك السؤال ذاته: لماذا سار الإمام علي على نهج الخلفاء قبله في شأن فدك ولم يردها إليه وإلى أولاد فاطمة؟
أيضاً سيدنا الحسن بن علي لماذا استمر على نهج أبيه والخلفاء من قبله ولم يرد فدكاً ؟؟

أما الإمام عمر بن عبد العزيز فقد أجابك عليه أخوك الأستاذ خادم الحسنين .



واعلم اخي الشريف
أن قضية فدك التى طرحت هنا ليست من مسائل اصول الدين حتى تتمكن أنت من تقييم محمد الغيل أو غيره من الاخوان وتلصق بهم مصطلح "جارودية" - بل هي فرع من فروع مسائل اصول الدين إن صح التعبير لكل ناظر منّا فيها نظره ولك باحث منّا فيها اجتهاده..!!
لكنكم أنتم اخي الشريف وغيركم من اهل السنة والجماعة ومن نحل نحلتكم تتحسسون كثيرا من ذكر هذه القضية التاريخية كونها تحمل في طياتها عنصرين هامين :-
الأول : بعدها السياسي والاقتصادي.
الثاني :الجم الغفير من موروياتكم التاريخية المتناقضة او لنقل مرويات اهل السنة والتى لو بحثتم فيها جيدا ودققتم النظر فيها ستجدون انها صورت صحابة رسول الله على انهما مدرستين -" سنة وشيعة " - مختلفتين تماما أو حزبين سياسيين متعارضين لكل حزب اهداف وافكار تخصه ..!!

قضية فدك ليست من الأمور الاجتهادية .. وأنتم قد جعلتوها من أصول الاعتقاد بالدعوة إلى الغضب إلى الشيخين رضي الله عنهما وزيري النبي ص والمقطوع بدخولهما الجنة .

والآن دعني أسألك كما سألتني :
أسالك الآن عقلاً وديناً :
1- هل ذمتك تتسع لحمل هذه الدعوة ؟ فتقوى على مخاصمة الصديق ومن بعده يوم القيامة والندامة ؟ وماذا لو كان حكمه عادلاً كما قال الإمام زيد ؟

2- ثم إذا كانت اجتهادية لكل ناظر فيها نظره كما تقول.. فكيف يجوز لك الغضب على الصديق والفاروق وذي النورين وتجريمهم باجتهادهم؟ مع أنهم سمعوا الحديث من النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأنت تجتهد بعدهم بألف وأربعمائة سنة؟
أليس ذلك تناقضاً رهيباً ؟

3- من وافق أبا بكر الصديق رضي الله عنه والخلفاء من بعده في الحكم .. كالإمام زيد بن علي وغيره من أئمة أهل البيت وغيرهم .
فهل تدعو إلى الغضب عليه أيضاً وتتجرم لسيدتنا فاطمة منه ؟؟



يا سيدي الحبيب المسألة هي أهواء وتقليد .. وليست نظرة شرعية .. ولا يستطيع الداعي إلى الحقد أن يبنيها على أساس علمي وشرعي إطلاقاً . فنحن إذن بحاجة في الحقيقة إلى تقوى وموعظة أكثر من حاجتنا إلى التنظير الشرعي ..
وأنا أعتقد جازماً أنك رائد لنا وأنك ستفتح لإخوانك الطريق بتضليلك هذا الرأي التالف الخطير الذي يخالف الفطرة السوية بالدعوة إلى حمل الحقد على خير القرون.


وفقك الله ,,

الشريف العلوي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 424
اشترك في: الثلاثاء يوليو 20, 2004 7:35 pm

مشاركة بواسطة الشريف العلوي »

نشوان الحميري كتب:الأخوان الشريف العلوي وخادم الحسنين,

أشهد أنكما في هذا الموضوع أقوى حجة وأوسع صدرا... كتب الله أجركما ووفقكما وأعانكما على من لا يريد أن يفهم.

ويمكن أن أضيف إلى ما كتبتما ما رواه ابو خالد الواسطي في مسند الإمام زيد:

حدثني زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي عليهم السلام قال:

العلماء ورثة الأنبياء فإن الأنبياء لم يخلفوا دينارا ولا درهما, إنما تركوا العلم ميراثا بين العلماء.

باب فضل العلماء (ص 383) حسب النسخة التي معي.

وأشهد اني سمعت بنفسي الوالد مجد الدين المؤيدي يقول ان مسند الإمام زيد أصح كتب أهل البيت.

تحياتي للجميع

جزاك الله خيراً .. على هذه الفائدة .

وأستأذنك في أن أفتح معك غداً إن شاء الله مقابلة حول مسألة (التقريب بين المذاهب الإسلامية) فهو موضوع يهمني, وقد قرأتُ لك بعض التعاليق النافعة في هذه المسألة تحوي وراءها نظرة محررة للموضوع . فأريد أن أستفيد والإخوة من نظرتك .
واعذرني على التطفل أخي نشوان لكني أبحث عن الفائدة.

وفقك الله ونفعنا بك ,,

نشوان الحميري
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 625
اشترك في: الأربعاء أكتوبر 06, 2004 10:39 pm
اتصال:

مشاركة بواسطة نشوان الحميري »

الشريف العلوي كتب:
نشوان الحميري كتب:الأخوان الشريف العلوي وخادم الحسنين,

أشهد أنكما في هذا الموضوع أقوى حجة وأوسع صدرا... كتب الله أجركما ووفقكما وأعانكما على من لا يريد أن يفهم.

ويمكن أن أضيف إلى ما كتبتما ما رواه ابو خالد الواسطي في مسند الإمام زيد:

حدثني زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي عليهم السلام قال:

العلماء ورثة الأنبياء فإن الأنبياء لم يخلفوا دينارا ولا درهما, إنما تركوا العلم ميراثا بين العلماء.

باب فضل العلماء (ص 383) حسب النسخة التي معي.

وأشهد اني سمعت بنفسي الوالد مجد الدين المؤيدي يقول ان مسند الإمام زيد أصح كتب أهل البيت.

تحياتي للجميع

جزاك الله خيراً .. على هذه الفائدة .

وأستأذنك في أن أفتح معك غداً إن شاء الله مقابلة حول مسألة (التقريب بين المذاهب الإسلامية) فهو موضوع يهمني, وقد قرأتُ لك بعض التعاليق النافعة في هذه المسألة تحوي وراءها نظرة محررة للموضوع . فأريد أن أستفيد والإخوة من نظرتك .
واعذرني على التطفل أخي نشوان لكني أبحث عن الفائدة.

وفقك الله ونفعنا بك ,,
أخي العزيز, أنا أستفيد من مشاركاتك كثيرا بغض النظر ان اتفقنا أو اختلفنا.... وأؤمن إيمانا قاطعا أن لكل إنسان الحرية الكاملة في اختيار معتقده وأن أي إكراه على أي معتقد لايورث قناعة وإنما نفاقا.
قد ننطلق أنا وأنت من منطلق واحد أنه لا يجوز تجريم شخص مهما كان إلا بعد استحالة تبريئه.. فما بالك إذا كان هذا الشخص من تلاميذ خير معلم صلوات الله وسلامه عليه.
أخي العزيز, الأمر لا يحتاج إلى استئذان فمسألة التقريب بين المذاهب أمر يهمني أنا ايضا. فإذا كنت في موقع من سيساهم إيجابا في ذلك فأرجو أن أكون عند حسن الظن. وأنا اعدك أن أكون صادقا معك كل الصدق وأني لن أخجل من لا أعلم إذا كنت لا أعلم.

وفقك الله ونفعنا بك وبكل الإخوة الموجودين هنا.

وللجميع تحياتي
{رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ }{وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ }{وَاجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ }الشعراء83-85
صورة

عزام
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 70
اشترك في: الاثنين إبريل 17, 2006 9:26 am

مشاركة بواسطة عزام »

الأخ الكريم / الشريف العلوي ..


والأخ الكريم / نشوان الحميري ..

طرقتما موضوعاً يهمّ كل مخلصٍ وصادقٍ مع أمته ودينه ألا وهو موضوع التقارب ،

أتمنى لكما التوفيق والنجاح ..

وسأبقى منتظراً ببالغ الشوق لما تطرحانه في هذا الموضوع ..

وفقكما الله وسددكما .

الكاظم
مشرف مجلس الدراسات والأبحاث
مشاركات: 565
اشترك في: الأربعاء مارس 24, 2004 5:48 pm

مشاركة بواسطة الكاظم »

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمّ صلّ على محمد وآل محمد ............

إخوتي أعضاء مجالس آل محمد .......... بعد طول غياب ، وبلهفة وشوق أجدّد العهد بكم في هذه الروضة المحمديّة ، والحقّ أنّا قد اشتغَلنا (وما زلِنا) بالفانيَة ، وغذاء الرّوح هُو هُنا وفي نظائر هذا المكان على أرض الواقع ، أوعلى الشبكة العنكبوتية .

ثمّ إنّه لفتَ انتباهَنا موضوع الأخ (بو كريطة الحسني) هذا ، حول فدك ورأي الإمام زيد بن علي (ع) في هذه المسألة ، ورأينا إيرادات وإصدارات الإخوة الأعضاء التي من خلالها جَهدوا في إثبات مايؤمنون به في المَسألة ، والجَميع مُحترمَةٌ آراؤهُم وتوجّهاتهم ، فاختلاف الآراء يجب أن لا يُفسدَ للودّ قضيّة ، ولَو وَعى سواد أهل القبلَة هذه العبارة لكانوا وكُنا معهُم على خيرٍ بإذن الله تعالى .

أُقدّم ضمن إطار (الموضوع المُناقش حَول فدك) ، بَحثاً مُتواضعاً ، كتبَهُ الفقير قبل أشهُر ، وهُو يُناقشُ أبعاد قضيّة فدك داخل البيت الفاطمي ، بمعنى يُناقش وُجهَة نظر أهل البيت (ع) في المسألَة ، فهُو خطابٌ مٌوجّهٌ إلى خصوص الأصحاب أكثرَ منه إلى عموم النّاس .
صورة
الوالد العلامة الحجّة عبدالرحمن بن حسين شايم المؤيدي
صورة

الكاظم
مشرف مجلس الدراسات والأبحاث
مشاركات: 565
اشترك في: الأربعاء مارس 24, 2004 5:48 pm

مشاركة بواسطة الكاظم »

بسم الله الرحمن الرحيم

فَدَكْ عِنْدَ أهْل البَيت (ع)

إعدَاد : الكَاظِم الزَّيدي

الحمد لله رَبّ العالمين، الذي منَّ عَلينا بِرَسُوله الكَرِيم وَنَبِيّه العَظِيم، لِيُزَّكِّيَنَا، وَيُخْرِجَنَا مِنَ الظّلُمَاتِ إلى النّور ، وَإلى الطّريقِ المُستَقِيم، وَأنْعَمَ عَلينَا بِأهْل بَيتِ نَبيّه المطَهَّرِين ، الذينَ قَرَنَهُم بِكِتَابِهِ المُبِين، وَاخْتَارَهُم مِنْ بَينِ بَريَّتِه أجْمَعِين ، لِيُواصِلوا نَهْجَ نَبيّهِ الأمِين فِي الدّعـوَةِ إلى الهُدى والدِّين، وَلِيَحْرُسُوا دِينَهُ مِنْ تَحْرِيفِ الغَالِين، وَانتحَالِ المُبطِلِين، وَتَأويلِ الجَاهِلِين، وَصَلواتُ الله، وَبَرَكَاتُه على محمَّـد وآله الطَّاهِرِين.

وبعد :

فإنّ قَضِيّة فَدك التّاريخية قد أُثيرَ حَولَها مِن الجَدل الشّيعي والسّني ، مَا لَو نطَقَت عنهُ المحابَر لصاحَت واشتكَت ، إذ لَو سألنَا المُتأخرين عن نِزاع المُتقدّمين في هذه المسألةَ لَسَردوا وأطالُوا في السّرد ، ولَو سألنَا مُتأخري المُتأخّرين عن نِزاع المُتأخّرين في هذه المَسألة لأطالوا في السّرد ، ثمّ نَحنُ لو نَحكي حالَ مُتأخّري المُتأخّرين ومَا قالوهُ ونَقلوهُ ، وجَادَلوا به في هَذِه المسألَة لوجَدنا أقوالاً كثيرَة ، ثمّ بعدَ هذا كلّه لا اقتناعَ ولا تَسليم!! ، فأينَ تَكمُنُ المُشكلَة ؟! ومَاهُو الحَل ؟! ، فالحقُّ أنّ الحقَّ في هذا الجِدال الطّويل العَريض ليسَ إلاّ واحِد ، إمّا لأبي بكر ، وإمّا لفاطِمَة ، وسُوء الفَهْمِ عند استقراء النّصوص في هذه الحادِثَة لا شكّ أنّه سَببٌ رئيس في تَصعيد حجم مُشكِلة عَدم الاقتنَاع ، والتّسليم للحقّ ، وأهمّ مِن سُوء الفَهم ، هُو التّعصّب لآراء الرّجال ومواقِفهِم ، وهذا فَداءٌ عُضال ليسَ له مِن دَواءٍ ، إلاّ استحضَار الإنصَاف والاعتدال في النّظر والبحث والنّقد والتّرجيح ، ومنهُ فإنّه لا عَيب في إطالَة الجِدال بُغيَة الوصولِ إلى الحقيقَة ، وإنّما السَفَهُ كُلُّ السَّفَهِ أن نُجادِلَ لأجلِ الجَدَل ، لا لأجْلِ الوُصولِ إلى وَجه الصّواب الحاسِمِ في المَسألَة ، وهذا فإن حَصلَ وكان ، فإنّ النتيجَة عدم اقتناعٍ ولا وُصول إلى الحقيقَة ولو بعد آلاف آلاف القرون ، نعم ! ونحنُ فَيعلمُ الله تعالى أنْ لا غَرضَ لَنا بِكتابَتِنا هذه ، غَيرَ النّزولِ عِندَ حُكمِ الله تعالى ، وحُكمِ رَسولِه (ص) ، بلا إفراطٍ ولا تَفريط في القَول ، نَستعرضُ تاريخَ فَدكٍ في عهد رسول الله (ص) باختصار ، ثمّ نُناقِشُ كيفيّة انتقالَ فدَك إلى مِلكِ فاطمة (ع) ، هَل بالإرث أم بالهِبَة ، ونَذكُر أدلّةَ هذا مِن مَصادر الطّرفَين (الزّيدية ، والسنّة) ، ثمّ نُناقشُ آليّة وكيفيّة النّزاع الذي حَصل بين أبي بكر وفاطمة (ع) ، ونَذكُر في هذا ثلاث كيفيّات مَشهورة مَع مُناقَشَتِها ، ثمّ بَعد الوقوفِ على كَيفيّة تَملُّكِ فاطمة لفدك ، وكيفيّة النّزاع الذي بينها وبين أبي بكر ، نُذكرُ رأيَ أهل البيت (ع) في المُحِقِّ مِنَ المُبطِلِ في هذا المٍَسألَة، و الإجماع فَنستنتِجُهُ مِن أقَوالهِم (ع) ، ولَسنَا حَريصين هُنا على إبداء رأي أهل البيت (ع) نَقضاً لِقاعِدَة عدم التّقليد والتأثّر بآراء الرّجال في مَسائل البَحث والتّفتيش ، بَل على العَكس مِن ذلِكَ تَمَامَا فإنّ مَعرِفَة رأي أهل البيت (ع) في هذه المَسألَة مُهمُّ بَل وحَاسِمٌ لُو تُؤمِّل في أصُولِه جيّداً ، فَرأيهُم حَاسِمٌ لأنّ الله والرّسول (ص) قَرنوهُم بالكِتاب ، فَالحقُّ مَعَ ما أجمعَ عليه سادات بَني الحَسن والحُسين ، ورأيهُم حَاسِمٌ لأنَّ الدّائَرةَ على أمّهِم البَتول صلوات الله عَليهَا وعَليهِم ، ولَيسُوا بالمُتَّهَمِينَ فِي دينهِمِ وصِدقِهِم ، نعم ! ثمّ تَنَاوَلَنا أبرَزُ ما قَد يُطعَنُ ويَعترَضُ على الزّيديّة به في مَذهبِهِم في هذه المَسألَة ، وَناقَشناهُ بِما نسألُ الله تعالى أن يَكونَ حقّهُ أكثُرُ مِن باطلِه ، وصحيحهُ أكثرُ مِن سَقيمِه ، فإن يَكُن الحقُّ هُوَ فلله الحمدُ والمِنّة ، وإن يكُن غير ذلِك فإنّ الله غَفورُ رَحيم ، إذ قَد احتطتُ لِنفسي بعدم التّساهُلِ المُفرِط الذي يَظلِمُ البَتول الزّهراء (ع) ، ولا التّشدّد المُفرط الذي يَظلمُ أبا بكر صاحب الرّسول (ص) ، وكلّ هَذا اقتداءً منّي بسادتي وأهل بَيت نبيّي صلوات الله عليه وعليهِم إلى يوم الدّين ، على أنّهُ جَديرٌ بالذّكر أن أذكُرَ هُنا أنّ هذا البَحث مُوجّهٌ لخصوص الأصحَاب أكثرَ منه إلى عُمومِ النّاس ، ولن تَخلوَ أن تَطالَ الفائدةَ منهُ الجميعَ بإذن الله تعالى ، نعم ! وهذا فأوانُ الابتداء وعلى الله التُّكلان ، ومنهُ العِياذُ مِنَ الخُذلان :

فدك في عهد الرسول (ص) :

فدك عبارة عن تسع أراضي زراعية تقع حول المدينة المنورة ، هالَ أهلها ما أوقعَ الرّسول (ص) بأهل خيبر ، في السنّة السابعة للهجرة ، وذلكَ لمّا عاندوا ، فأرسلوا إلى رسول الله (ص) ، مُسلِّمينَ فدَك بما فيها ، فدخَلتَ فدك في حمَِى الإسلام ، بدون حربٍ ، ولا إيجاف خيل ، ولم يتعنَّى المُسلمون فِي الدّخول إليها ، فكانَت بهذا من نصيب رسول الله (ص) ، خصّهُ الله بها من دون المُسلمين ، فكانَت في يدِه ، ولا يختلفُ جمهورُ المسلمين فيما أوردناهُ سابقاً . نعم ! فكان رسول الله (ص) إمام المُسلمين يتصرّف في فدك كيف شاء ، أولاًّ : لأنّها مِلكُه دون المُسلمين ، بإجماع الأمّة. وثانياً : لأنّه إمام المُسلمين ، وهيَ تحتَ تصرّفه، وفي هذا يقول الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين (ع) ، مُتكلّماً عن أنواع الأراضِي التي في يد الإمام : (( وَأرضٌ صَالَح عَليها أهلُها وهُم فِي منعَة فَلا يُؤخَذُ مِنهُم ، إلاّ مَا صُولِحُوا عَليه، مِثلُ أهل نَجرَان وغَيرِهِم مِنَ البَلاد ، فَهَذهِ أيضاً لَبَيتِ مَالِ المسلمِين ، وأرضٌ أُجلِيَ عَنهَا أهلُها ، وخَلّوهَا مِن قَبلِ أنْ يُوجَفَ عَليهِم بِخَيلٍ أو رِكاب ، أو يُقَاتِلوا ، مثل فَدَك ، فَمَا كَانَ مِنَ الأرضِينَ عَلى هَذَا فَإمَامُ المسلمِين أولَى بِهَا يَصرِفُهَا حَيثُ شَاء ورَأى))[1] ، وهوُ حقّ منه (ع) ، فالرّسول إمام المسلمين وفدكٌ في يده لهذا السّبب ، وهيَ في يده أيضاً لسبب تملّكِه لهَا دون المُسلمين ، ففرقٌ مثلاً بين أراضي أهل نجران التي صالحوا رسول الله (ص) عليها ، فَأرْجَعها رسول الله (ص) لبيت المال ، وصَرَفَها كإمامٍ غير مالك ، فهذه الخراجات والغلاّت النجرانية بعد رسول الله (ص) ، تكون من حقّ بيت مال المُسلمين ، والإمام الشّرعي هو المُتصرّف فيها ، وفرقٌ بين أراضي أهل نجران و بين فدك ، فأراضي أهل نجران يتصرفّ فيها الرّسول (ص) بغير ملكيّة منه لها ، بعكس فدك فإنّه (ص) يتصرفّ فيها وهو المالكُ لها ، فلو أنّه (ص) صرفَهَا في غير بيت مال المُسلمين ما أُوخِذَ على ذلك ، لأنّها في حقّه وفي مِلكه ، بعكس أراضي أهل نجران فإنّ صَرْفَهَا في بيت مال المسلمين واجب ، فافهم ذلك ، لأنّه أصلٌ خطير ، يترتّب على فَهمِه إيرَادَاتٌ وإصدراتٌ كثيرة ، فرسولُ الله (ص) ما كان يصرفُ من فدك على المسلمين إلاّ تكرّماً وتفضّلاً ، لا حتماً وإيجاباً وفرضاً من الله عليه ، كأراضي أهل نجران مثلاً ، وقد روى أبو داود وغيره ما يُثبت أنّ الرسول (ص) كان يتصرّف بفدك تصرف المالك المُستقلّ ، المُنفق على البعض دون البعض ، كيفما شاء ، وأنّه يخصّ بها جماعةً دونَ جماعةً حسبَ اختياره ، فروى أبو داود في السنن أنّ عمر بن عبدالعزيز جمعَ بني مروان وقال لهم : ((إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ، كانَتَ له فَدَكُ فَكَانَ يُنْفِقُ منها وَيَعُودُ منها على صَغِيرِ بَنِي هَاشِمٍ وَيُزَوِّجُ منها أَيِّمَهُمْ))[2] .

فدك مِلكٌ للرسول (ص) ، نِحلةٌ لفاطمة الزهراء (ع) :

نعم! فإن أنتَ رحمكَ الله عَلِمتَ هذا ، وأيقنتَهُ ، فَهلمّ الحديث عمّا يُقوّي عقيدتك حول كلامنا السّابق ، من أنّ رسول الله (ص) هُو المالكُ الوحيد لقرى فدك دونَ المُسلمين ، وذلكَ لأنّه ثبتَ بما لا يَجعلُ للشكّ مَدخلاً ، أنّ رسول الله (ص) أنحلَ (وهبَ) فاطمة (ع) أرضَ فدك ، من طُرقٍ مُتعدّدة ، فلو كانَت للمسلمين جميعاً ، ما كان لرسول الله (ص) الحق أن يُنحِلَ ابنتَهُ أرضاً ليسَت لَه ، وسننقلُ هُنا إجماع جمهورٍ من أهل العلم على هذا الإنحال ، الذي قد يَعتقد البَعض القَليل الكَثير!! ، أنّها دَعوى فارغَة ، عاريَة عن الصحّة ، والله المُستعان .

[ أولاً : روايات الإنحال من غير طريق الزيدية ]

1- قال جلال الدين السيوطي في الدر المنثور : (( وأخْرَجَ البزّار ، وأبو يَعلى ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، قال : ((لمّا نَزَلَت هَذِهِ الآيَة : ((وآتِ ذَا القُربَى حَقّه)) ، دَعَا رَسول الله فَاطِمَة، فَأعطَاهَا فَدَكَ ))[3] .

2- روى الهندي في كنز العمال بسند صحيح (قال : إلاّ الواقدي) : (( .. فقَال أبو بَكر : أبوكِ والله خَيرٌ منّي وأنْتِ خَيرٌ مِنْ بَنَاتي . وَقد قال رسول الله : (لا نُوَرِّثُ مَا تَركنَاهُ صَدَقَة)) ، يَعني هَذِهِ الأموال القَائمَة ، فَتَعْلَمِينَ أنَّ أبَاكِ أعطَاكِهَا ، فوالله لئن قُلتِ نَعم لأقْبَلَنَّ قَولَكِ ، ولأصَدِّقَنَّكِ . قَالتَ : جَاءتنِي أمّ أيمَن ، فَأخْبَرتنِي أنّهُ أعطَانِي فَدَك . قَال عمر : فَسَمِعْتِهِ يَقولُ هِيَ لَكِ ، فَإذَا قُلْتِ قَدْ سَمِعتُهُ فَهِيَ لَكِ فَأنَا أُصَدِّقُكِ ، فَأقْبَلُ قَوْلَكِ . قَالت : قَد أخْبَرتُكَ بِما عِندِي))[4].

قلت : يهمّنا هُنا قول الزهراء (ص) أنّ رسول الله (ص) أعطَاهَا فدك ، أو إخْبَارُ أم أيمن أنّ رسول الله (ص) أعطى فدك لفاطمة (ع) ، وإلاّ فَمَضمون الرّواية فيه غرابَة.

3- قال الواحدي في أسباب النزول : ((أَخرج الطبراني وغيره عن أبي سعيد الخدري قال: لما أُنزلت: ((وَآتِ ذَا القُرْبَى حَقَّه)) دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة فأَعطاها فدك))[5] .

4- روى عمر ابن شبّة في كتابه أخبار المدينة : ((.. حدثني النميري بن حسان ، قَال : قُلتُ لِزيد بن علي رَحمَة الله عليه ، وأنَا أُرِيدُ أنْ أُهَجِّنَ أمْرَ أبي بَكْر ، إنَّ أبَا بَكر رضي الله عنه انْتَزَعَ مِنْ فَاطِمَة رَضي الله عنها فَدَك . فَقَال : إنَّ أبَا بَكر رضي الله عنه كَانَ رَجُلا رَحيمَاً ، وَكَانَ يَكرَهُ أنْ يُغَيِّر شَيئاً تَرَكَهُ رَسُول الله ، فَأتَتهُ فَاطِمَة رَضي الله عنها فَقَالَت : إنَّ رَسُول الله أعطَانِي فَدَك ، فَقَال لَهَا: هَلْ لَكِ عَلى هَذا بَيِّنَة ؟!. فَجَاءَت بِعَليِّ رضي الله عنه فَشَهِدَ لَهَا ، ثُمَّ جَاءَت بأمِّ أيمَن ، فَقَالَتْ : أليسَ تَشْهَدُ أنِّي مِن أهلِ الجنّة ؟! ، قَال : بَلى . قَال أبو أحمَد يَعني أنّهَا قَالت ذَاك لأبي بَكر وعمَر رضي الله عنهما . قَالَتْ : فَأشْهَدُ أنَّ النّبيّ أعطَاهَا فَدَك . فَقَال أبو بكر رضي الله عنه : فَبِرَجُلٍ وامْرَأةٍ تَسْتَحِقِّينَهَا، أو تَسْتَحِقِّينَ بِهَا القَضيّة . قَال زيد بن علي : وَأيمُ الله لَوْ رَجَعَ الأمْرُ إليَّ لَقَضَيتُ فِيها بِقَضَاء أبي بَكْرٍ رَضِي الله عنه))[6] .

قلت : يهمّنا هُنا أمر الإنحال ، من الرسول (ص) ، لفاطمة الزاهراء (ع) ، وإثبات زيد علي (ع) له ، وستأتي مُناقشة هذه الرواية عن زيد بن علي (ع) ، وما يترتّب عليها ، قريباً .

5- روى أبو بكر أحمد بن عبدالعزيز الجوهري في كتابه السقيفة وفدك : (( ... حدثنا البحتري بن حسان، قَال: قلت لزيد بن علي (عليه السلام)، ... [وأتى بنفس رواية ابن شبّة السّابقة ، بإثبات الإنحال من الرسول لفاطمة (ع)]))[7].

6- ومنه ما ذكره اليَعقوبي في تاريخه ، فَقال ما نصه : (( وَرَفَعَ جَماعةٌ مِن وَلَدِ الحسن والحسين ، إلى المأمون يَذكُرونَ أنّ فَدك كَانَ وَهَبَهَاَ (تأمّل) رَسول الله لِفَاطِمَة وأنّهَا سَألَت أبَا بَكر دَفْعها إليها بَعد وفاة رسول الله ، فَسَألَهَا أنْ تُحضِرَ عَلى مَا ادّعَت شُهوداً ، فَأحْضَرَتَ علياً والحسَن والحسين وأم أيمن ، فَأحضَر المأمون الفقهاء ، فَسَألَهُم عن [ مَا] رَوَوا أنّ فَاطمَة قَد كَانَت قَالت هَذَا ، وَشَهِدَ لها هَؤلاء ، وأنّ أبا بكر لم يُجِز شَهَادَتَهُم ، فَقَال لهم المأمون : مَا تقولون في أم أيمن ؟ قَالوا : امرأةٌ شَهِدَ لها رسول الله بالجنة ، فتكلم المأمون بهذا بكلام كثير ونصهم إلى أن قالوا إن عليا والحسن والحسين لم يشهدوا إلا بحق فلمّا أجمَعُوا عَلى هَذا ردّها على ولَد فَاطِمَة وَكَتبَ بِذلك ، وسُلِّمَت إلى محمد بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، ومحمّد بن عبد الله بن الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب))[8] .

[ ثانياً : روايات الإنحال من طريق الزيدية ]

وهُنا ننقل روايات سادات أهل البيت (ع) ، وشيعتهم الكرام ، في أمر إنحال وإعطَاء رسول الله (ص) ، فَدك لفاطِمَة الزهراء (ع) ، فمنها :

1- قال الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) في النهج : ((بَلَى! كَانَتْ في أَيْدِينَا فَدَكٌ مِنْ كلِّ مَا أَظَلَّتْهُ السَّماءُ، فَشَحَّتْ عَلَيْهَا نُفُوسُ قَوْمٍ، وَسَخَتْ عَنْهَا نُفُوسُ قُوْمٍ آخَرِينَ، وَنِعْمَ الْحَكَمُ اللهُ . وَمَا أَصْنَعُ بِفَدَك وَغَيْرِ فَدَك، وَالنَّفْسُ مَظَانُّهَا فِي غَدٍ جَدَثٌ))[9].

تعليق : هُنا تأمّل كيفَ جعلَ أمير المؤمنين (ع) ، فدك في أيديهِم ، وما كان في يد فاطمة (ع) ، فهو في يد علي (ع) ، وفي يد وَلَدِها ، وتأمّل أيضاً أنّ سياق هذا الكلام ، كان واقعاً ضمن كتابٍ يُزهِّدُ فيه أمير المؤمنين (ع) عثمان بن حُنيف الأنصاري في أمر الدنيا ، فَيَذكُر الإمام (ع) مُستطرداً حالَهُ ، وزُهدَهُ عَن فَدك ، التي كانت بأيديهِم ، وأنّهم ما تركوها إلاّ سَخاءً منهم ، عندما شحّت النفوس عليها ، فافهَم ذلك ، فهذا أصلٌ قوي يُمسَك به . نعم ! قال الإمام يحيى بن حمزة (ع) ، في الديباج الوضيء شارحاً لكلام الإمام السّابق : (( "قَد كَانَت فِي أيدِينا فدك مِن كُلّ مَا أظَلَّته السماء" : فَدك : قَريةٌ قريبة مٍِن المدينة نَحَلَهَا (تأمّل) رَسول الله فاطمة ، وأعَطَاهَا إيّاها، وكَانَت ممّا لَمْ يُوجَف عَليه بِخيلٍ ولا بِركاب، فَكَانَ رَسول الله يَأخُذ مِنها لخاصّة نَفسِه مَا يَحتَاجُه، ثمّ أعطَاهَا بَعدَ ذَلك فَاطِمَة ... ، "فشحَّت عليها نفوس قوم" : يُشيرُ إلى مَا كَان مِن تَيمٍ وعَدي وبَني أمية، وإنّمَا عَدى شحَّت بعَلى ؛ لأنّ الشح فِي معنَى الحِرص، فَإنّ فَاطمة عليها السّلام أخبَرَتْ بِأنّ أبَاهَا نَحَلَهَا إياها (تأمّل) ، فَمَنَعَهَا أبو بَكر ذَلك، وكَانَ هَذا مِنْ أقوَى مَا يُذكَر فِي مَطاعِنِ خِلافَتِه ، مَعَ مَا كَان مِن حديث الميراث ، وغَيرُ ذلك مِن المطَاعن، فإنّهَا لما ادَّعتها قَال لها أبو بكر : أثْبِتِي بِرَجُلَينِ أو بِرَجُلٍ وامرأتين، فَقد قيل: إنّها جَاءت بِأمير المؤمنين فأبَى ذلك، ولعلّه [أي أبو بكر] كَانَ يَذهبُ إلى بُطلان الحُكْم بِالشَّاهِد واليَمِين للمدَّعِي، وفَاطمَة تَذهَبُ إلى جَواز ذلك . "وسَخَتَ عَنهَا نفوس آخرين" : يُشيرُ إلى نَفسِه وفَاطمة والحسَن والحسين، وإنما عدَّاه بعن؛ لأنّ السّخاوة متضمّنة لانقِطَاع الرّغبة عن الشيء المسخوّ بِه، فَلِهَذا عدَّاه بعن؛ لأنّهُم لمّا رَأوا مِن كَثرَة المطَالبَة فِيها أهمَلُوهَا وتَرَكُوهَا. "ونِعمَ الحكم الله" : بَين الخلائق، أو فِيمَا ندَّعي مِن فَدَك وغَيرِهَا))[10] ، اهـ بحروفه ، ويقول ابن أبي الحديد المعتزلي في الشرح : ((سَامَحَت و أغْضَت ، ولَيسَ يَعني هَاهُنا بالسّخَاء إلا هَذا ، لا السّخَاء الحقيقي ، لأنّه (ع) و أهله لَمْ يَسْمَحُوا بِفَدَك إلاّ غَصباً وَقَسراً))[11] .

2- روى أبو العَبّاس الحسني (ع) في المصَابيح ، بإسنادِه ، عن زَيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهِم السلام ، قال : (( جَاءت فَاطِمَة بنت رَسُول الله إلى أبي بَكر ، فَقَالَت: إنَّ رَسول الله أعطَانِي (تأمّل) فَدكاً فِي حَياتِه ... إلخ )) [12] .

تعليق : الغرض هُنا هُو الإشارة لثباتيّة النّحلة من الرسول (ص) للزهراء (ع) ، وسنأتي على الخبرِ كَامِلاً ، عند مُناقشَة روايات كيفية مُطالبة الزهراء (ع) بِفَدَك .

3- روى أبو العَباس الحسني (ع) في المصَابيح ، بإسناده ، عن جَعفَر بن محمّد، عن أبيه: (( أن فدكاً تِسعُ قَريَاتٍ مُتَّصِلات ، حَدُّ منها مِمّا يَلي وادي القرى ، غَلَّتها في كل سنة ثلاثمائة ألف دينار، لَم تُضرب بِخيلٍ ولا رِكاب ، أعطَاها (تأمّل) النبي صلى الله عليه وآله وسلم فَاطِمَة -عليها السلام- قبل أن يُقبَضَ بَأربَعِ سِنين ، وَكَانَت فِي يَدِهَا تَحتَمِلُ غَلاّتها، وعَبدٌ يُسمَّى جُنَيرا وَكِيلُهَا ... إلخ ))[13] .

4- روى أبو العباس الحسني (ع) فِي المصَابيح ، بإسناده ، عن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي عليهمَا السلام : (( أنّه –أبو بكر- أخْرَجَ وَكيلَ فَاطِمَة مِنْ فَدَك، وَطَلَبَهَا بِالبَيِّنة بَعدَ شَهْرٍ مِن مَوتِ النّبي صلى الله عليه وآله وسلم فَلمَّا وَرَدَ وَكِيلُ فَاطِمَة عَليها السّلام ، وقالَ: أخْرَجَنِي صَاحِبُ أبي بَكر، سَارَت فَاطِمَة عليها السّلام وَمَعَهَا أمّ أيمَن وَنِسوَةٌ مِن قَومِهَا إلى أبي بَكر، فَقَالَتْ : فَدَكٌ بِيَدِي أعطَانِيهَا (تأمّل) رَسُول الله وَتعَرَّضَ صَاحِبُكَ لِوَكِيلِي .. إلخ)) [14] .

5- روى حافظ الزيدية محمد بن سليمَان الكوفي رحمه الله فِي المنَاقِب ، بِإسنَاده ، عن أبي مَريمٍ الأنصَاري وأبَان بن تَغلب ، عن جَعفَر بن محمّد (ع) ، قَال : لمّا نزلت هذه الآية : ((وآتِ ذَا القُربى حَقّه)) ، قَال : دَعَا رَسُول الله صلى الله عليه وآله وسلم فَاطِمَة فَأعطَاهَا (تأمّل) فَدَك . قال أبَان بن تغلب : قُلتُ لِجَعفَر بن محمّد : مَنْ رسول الله أعْطَاهَا ؟!. قَال (ع) : بَلِ الله أعطَاهَا))[15] .

6- أجابَ الإمام نجم آل الرسول القاسم الرسي الحسني (ع) ، على مَسألة ابنه محمَّد رضوان الله عليه ، عَن تُراثِ الرّسول (ص) ، فَتضمّن جَوابُه (ع) ، مَا نصّه: ((وذُكِرَ أنّ رَسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أعطَى فَاطِمَة صَلوات الله عليهَا فَدَكاً )). وَفِي مَوضعٍ آخر ، يُجيبُ عن مسألة ابنه ، فيقول : ((ادّعَت فَاطِمَة أنّ رَسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وَهَبَ فَدَكَاً لهَا فِي حَياتِه، وشَهِدَ لهَا بِهِ مُؤمِنَان ، عليٌّ وأمّ أيمَن.)) [16] .

7- قَالَ صاحب المستطاب يحيى بن الحسين : ((ومنهُم عَلي بن العبّاس الأزرق الأسدي الكوفي ، راوي حديث أبي سعيد لما نَزلت ((وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ)) ، دَعا النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فَاطِمَة فَأعطَاهَا فَدَكاً . وقَد رَواه أئمّتنا عليهم السلام))[17] .

8- قال الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة (ع) ، في الشافي : ((كَان مِن أمرِ فَاطمَة ـ عليهَا السّلام ـ السُّلالَة المَرضيّة، والنّسمَة الزّكيّة، والجُمَانة البَحريّة، واليَاقوتة المُضيئَة، مَاكَان مِن النّزاع فِي الإرث، وَبعد ذَلِك فِي أمْر النِّحلَةِ لِفَدَك وَغيره ، مَاشَاعَ فِي النّاس ذِكرُه ، وَعَظُمَ عَلى بَعضِهِم أمْرُه)) [18] .

9- قال الفقيه العالم حُميد بن أحمد المحلّي : ((وَعندَ العِترة عليهم السلام ، أنَّ فَدَكاً كان فِي يَدها بِطريقَة النِّحلَة مِن رَسول الله -صَلَّى الله عَلَيْه وآله وَسَلَّمَ-))[19] .

10- وَيَنقلُ العلامة الزحيف فِي كتابه مآثر الأبرار ، قول أبي القاسم البُستي الزّيدي : ((قال البُستي : والذي نَقُول في ذلك : إنّ فَدَك وَخَيبر كَانَا لَهَا –لفاطمة- ، ومعلوم أنها ادَّعَت وَنَاظَرَت أبَا بَكر، وأهلُ البَيتِ أجْمعُوا على ذَلِكَ عَنها، ..))[20] .

نعم ! ومن هذا كله ، أخي في الله ، عرَفنا وعرَفت ، واطّلعنا واطّلعت ، على أنّ أمر النّحلَة ثابت عن رسول الله (ص) ، وكان ما سبقَ من كلام الإمام علي بن أبي طالب (ع) ، وزيد بن الحسن بن علي ، وجعفر الصادق ، وعبدالله المحض ، وزيد بن علي في رواية العامة عنه ، دليلٌ على إجماع أهل البيت (ع) على أنّ فدك كانت لفاطمة (ع) ، نحلةً وهبةً من رسول الله (ص) ، فإن عرفتَ هذا ، بقي الكلام على كيفَ انتُزِعَت فدك من فاطمة (ع) ، وكيف ادّعت فاطمة على مُنتزعيها ، و أقصى ما يترتّب على ذلك تخطئةً وتصويباً في الأحكام ، ومن هذا كلّه ، سنقفُ بإذن الله تعالى على إجماع أهل البيت (ع) في مسألة النزاع ، ومَن المُخطئُ ومَن المُصيب .

فدك في عهد أبي بكر ، وكيفيّة النزاع حولها :

أنحلَ رسول الله (ص) فدك لفاطمة ، وهُنا انتقلَت فدك من مِلكِ رسول الله (ص) إلى مِلك فاطمة (ع) ، فأرسَلَت وكيلاً لها عَليها يُدعَى جُنيرَا ( ولا دقّةَ في زمن الإرسال لهذا الوكيل ، أفي عهدِ الرّسول أم بعدَ موتِه ، ولكنّ الأكيد أنّه كان لها وكيلاً على الأرض) ، ولَم تَمنَع عليها السلام رسول الله (ص) من التصرّف في غلاّت هذه الأرض بعد تملّكها ، ودليلُ هذا هُوَ ظنّ بعض الصّحابة بعد موت رسول الله (ص) أنّ هذه الأرض مازالت مِلكاً لرسول الله (ص) ، لمّا رأوهُ يتصرّفُ فيها تصرُّفَ المالِك إلى أن توفي، نعم ! ماتَ الرّسول (ص) وانتقلَت الخِلافَة ظُلماً لأبي بَكر ، وبعدَ شهرٍ من الزّمان ( وقيل نصفُ الشّهر ) ، استنكرَ أبو بكر وجودَ عاملٍ لفاطمة (ع) في أرضِ فَدك ، جَهلاً منه بامتلاكِها إيّاهَا ، فأرسَل عامِلَهُ مُخْرِجاً وَكيلَهَا جُنيرا مِن فدَك ، أخبرَ جُنيرا سيّدتهُ فَاطمَة الزهراء (ع) بفعل أبي بَكرٍ مَعَه . نعم ! ومن هُنا اختلفَت الروايات في إبراز ما دارَ بين فاطمة (ع) وبين أبي بَكر بن أبي قُحافَة ، ونحنُ هُنا ذاكرون ما وقعَ تحتَ أيدينا منها ، ومُتكّلمين على أقصى ما يترتّبُ عليها ، وقد أخذنا على عاتقنا أن ننُصف المُخالِفَ من أنفُسِنا :

الرّواية الأولى في كيفية المُنازَعة :

أن فاطمة طالبت أبا بكر بِفَدك على أساس أنّهَا هِبَةٌ لَهَا مِنْ رَسُول الله ، فَطَالَبَهَا أبا بكر بِالبيِّنَة، فَشَهِدَ لَهَا عَليٌّ وأمّ أيمن ، فَاعتبَر أبو بَكر نِصَابَ الشَّهَادَةِ نَاقِصَاً، وَقَال: يَابنَة الصّفوة ائتيني بِرَجُلٍ مَع الرّجل ، أو بِامْرأةٍ مَع المَرأة؛ لأنَّ الله تعالى يَقول : ((وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ)) ، فَلم تَجِدْ.

مَا يَتَرَتَّبُ عَلى هَذِه الرّواية :

لنا : أبو بَكر على ضوء الرّواية ، مُسلِّمٌ بالهِبَة ، وامتلاكِ فَاطمَة لِفَدك ، مَتى أحْضَرَت الشّهود ، وعليه فإنّ هذه الرواية تُسْقِطُ غَيرَهَا مِنَ الرِّوَايَات التي طَالَبَتْ فِيهَا فَاطِمَة بِفَدَك على أنّها إرث، واحتُجَّ عليها بأنّ الرسول (ص) ، قال : ((نَحنُ مَعَاشِرَ الأنبياء لا نُورِّث ، مَا تَركنَاهُ صَدَقَة)) .

علينا : أبو بكر لَم يَطلُب من فاطمة ، إلاّ شرعاً ، فَنِصَابُ الشّهادة نَاقِص ، فإمّا رَجُلان ، أو رجلٌ وامرأتان ، وفَاطمة لم تُحضِر إلاّ رجل وامرأة ، فَحُكمُ أبي بكر صَحِيحٌ بِظَاهِر الشّرع ، عِندمَا منعَ فاطمَة فدكاً ، وهُوَ بذلك مُجْتهدٌ على ضوء الشّرع ، وهُو مَأجُور .

لنا : أنّ أبا بكر ليسَ بالرّجل الجَاهِل ، بِحَال الشّهود ، ولا بِمَداخِلِ الشَّريعَة وَمَخَارِجها ، فالاجتهادُ الذي يُؤجرَ عليه العَالمُ ، حَتماً لا يجرّ غضبَ الله والرّسول ، وَقَد ثبتَ قَطعاً وإجمَاعاً ، أنّ غضبَ فاطمة هُوَ غضبُ الله والرّسول ، وَقَد ثَبت قطعاً وإجماعاً : أنّ فاطمة سيّدةُ نِساءَ العَالمين ، فَكان على أبي بكر أن يتحرّى في اجتهادَه عِندَ مَعْرِفَتِهِ لِمنزلَة فَاطِمَة (ع) ، ثمّ كانَ عليه أن يتحرّى أكْثَرَ وَأكْثَر عِندمَا تُحضرُ سلام الله عليها ، رجلٌ يدورُ الحقّ معه أينما دار ، مُنزّهٌ عن الزّور والبَاطل ، وعندما تُحضرُ سلام الله عليها ، امرأةٌ شهدَ لها رسول الله (ص) بالنّجَاة والجنّة . نَعَم ! أضِف إلى ذلك أنّ شهادَة الرّجل الثّقة الثّبت العَادِل الوَاحِد تُؤخَذُ فِي الشّرع ، ولا أُخالُنا نَجهلُ حالَ ذي الشّهادَتين ، خُزيمة بن ثابت رضوان الله عليه ، مَعَ رسول الله (ص) ، وذلكَ عندمَا اشترَى رسول الله (ص) فَرَساً من أَعْرَابي ، ثمّ أنكرَ الأعْرَابي أنّهُ باعَها من رسول الله (ص) ، وطلبَ الأعرابي من الرّسول (ص) شُهوداً ، وتجمّع المُسلمون يَنعونَ على الأعرابي ، بأن وَيحَكَ أمِن رسول الله (ص) تطلب الشّهود ، فَشَهِدَ للرّسُول (ص) خُزيمَة بن ثَابت ، فجعلَ رسول الله (ص) شهادة خُزيمة بن ثابت شهادَة رَجُلَين اثنَين ، ولذلك سُمّيَ ذو الشّهادتين ، أضِف إلى ذلكَ أنّهُ قد أُثِرَ لنا عن فقيه الآل أحمد بن عيسى بن زيد بن علي (ع) ، وهُوَ الرّجل ، أنّه سُئلَ عن رَجُلٍ تَجُوز شهادتهُ وحدَه ، فقال (ع) : (( لا ، إلاّ علياً ، والحسَن ، والحُسين . فَقِيل : وَكيفَ ذَلِك ؟!. قَال: لأنّهُم مُعصُومُون))[21] ، أضِف إلى ذلك ، أنّ رسول الله قد قَبِلَ شَهَادَة الرّجل الوَاحد فِي هِلالِ شَهْرِ رَمَضَان[22] ، وقَال مَالِك بن أنس : ((لا تَجُوزُ شَهادَة الرّجل الواحد مع يمين الطالب إلاّ فِي الأمْوال))[23] ، وفَدك مِن الأمْوال ، وروى ابن مَاجة أنّ النبي (ص) أَجَازَ شَهَادَةَ الرَّجُلِ وَيَمِينَ الطَّالِبِ[24]، وذكرَ عبدالرّزاق في مصنّفه: ((أنّ شُريحاً أجَازَ شَهادَة امرأتين!! فِي عِتق))[25] ، وقَال القُرطبي في الاستذكار : (( وقال ابن القاسم من أقام شَاهِدَين على الغَريم ، وأقامَ آخرُ عليه شاهداً ويَميناً ، فَهُمَا سَواء في أسوة الغُرَمَاء . قَال أبو عمر قَد كَان جَمَاعَةٌ مِن جلّة العُلَمَاء يُفتونَ ويَقْضُونَ بِاليَمينِ مَعَ الشّاهِد اتّبَاعَاً للسنّةِ (تأمّل) فِي ذَلك ، .. ، قَال حَمّاد ، وَحدّثني عبد المجيد بن وهب ، قَال : شَهدتُ يحيى بن يعمر قَضَى بذلك ))[26] . أقول : هَذَا كُلّه مِن غَير طَريق عُلمَاء أهل البيت (ع) ، فَأمّا مِن طَريقِنا ، فَنقول : قَال الإمَام القَاسم الرسي (ع) : ((مَا رَأيتُ أهْلَ البَيت يختلفون فِي اليَمين مَعَ الشّاهد-يعني في جَواز ذلك- )) ، وقال الحافظ محمد بن منصور رحمه الله : ((بَلَغَنا عَن عَليّ صلّى الله عليه ، أنّهُ قَضَى بِشَاهِدٍ وَيَمينٍ في الحُقوق)) ، وكَانَ الإمام الباقر محمّد بن علي (ع) يَحلِفُ بالله إنّ عليّاً (ع) قضَى بِشاهدٍ وَيمينٍ بالكُوفَة –يَعني فِي الأموال - . وَروى الشّريف العَلوي عن جَعفَر الصّادق عن آبائه عن الرّسول (ص) ، أنّه كَان يَقضِي بِاليَمِين مَعَ الشّاهِد فِي الحُقوق[27] . نَعم! ومن هذا كلّه ، نقول أنّ أبَا بكر على ضوء الرواية السّابقة ، مُجتهدٌ مُخطئٌ غير مأجور ، فَحُكمُه أدّى إلى غضب الله والرّسول ، ونزعِ حقٍّ ثابت مِنْ أيْدِي أصْحَابه ، معَ أنّه كانَ بإمكانه أن يحكمُ بالشّاهِدِ واليَمين فِي الحقوق ، اقتداءً برسول الله (ص) ، وتخلّصاً مِنْ إغضَاب سيّدة نساء العَالمين ، وليس ابن أبي قحافة عندنَا ولا عندَ أصحابهِ بالرّجل الجَاِهِل بِهذِه الأحْكام ، ولا بِالجَاهل بِطُرُق الاجتهاد الفَردِي الخَاصّ بالخَليفة أو القَاضي ، حسب التّرجيح .

لنا : أنّ مِنْ مَداخِل الشّريعة ومَخَارِجِها ، أنّ القاضي يَحكُمُ بعلمه فِي المسألَة كَمَا عِندَ الشّافِعي وَغيرِه مِنَ الفُقَهَاء ، وكَمَا هُوَ المشهور عِندَ أهل البيت (ع) ، ذكرَ هذا محمد منصور رحمه الله تعالى ، عن أحمَد بن عيسى بن زيد (ع) ، وأقرّه أئمة الزيدية وفقهائهم ، فقال محمد بن منصور فِي الجامع : ((جَائزٌ للحَاكِم أن يَحكُمَ بِعلمِه فِي جَميعِ مَا ظَهَرَ عَليه مِنْ حُقوقِ النّاس فِيمَا بَينَهُم، مِثلُ الدّمَاء والقصَاص، والقَذف، والنّكاح والطّلاق، والعِتَاق والدّيْنِ والأموَال وأشبَاه ذَلك، سَواءً كَانَ استُشْهِدَ عَليه أو لَمْ يُستَشْهَد، وسَواءً كَانَ قَدْ عَلِمَهُ قَبلَ أنْ يَسْتقضِي أو بَعدَ مَا استقضَى، وسَواء عَلِمَهُ فِي مَجلِس القَضَاء أو فِي غَيرِه، قَال بِذلكَ أحمد بن عيسى بن زيد -عليه السلام- وغيرُه مِن أهلِه، وقَال بهِ أيضاً حسن بن صالح، وأبو يُوسُف، وحسن بن زياد))[28] ، فإن تقرّرَ هذا ، فإنّ أقل التحرّي في مسألَة مُطالبَة الزهراء (ع) ، وشهادَة علي وأمْ أيمن ، هُوَ أن يَرقَى هذا كلّه بالمسألَة إلى درجَة العِلْم بِالنّسبَة إلى أبي بكر ، بأنّ الحقّ لفاطمة (ع) بِشَهَادة هؤلاء الأفَاضِل ، وأنّه لو حُكِمَ لها مَع نَقص نِصَاب الشّهادَة ، فإنّ هَذا سيكونُ حُكماً بالصَّواب ، وأنّ مَنع النّاس حقوقها، الذي هُو ردٌّ لشهادَة هؤلاء الأفاضل ، أقلّه أن يكونَ فيه نظَر !! ، وأكثرُهُ أن يكونَ فيه ظُلمٌ .

لنا : أبو بكر حكمَ لغير فاطمة الزهراء (ع) ، بغير طَلبٍ للشهود ، فَضْلاً عَن إتمام نِصَاب الشّهادَة مِن عدَمه ، فَقَد روى البخاري في صَحيحه ، والبيهقي في السّنن الكبرى : ((عن جَابِرِ بن عبد اللَّهِ قَال : لَمَّا مَاتَ النبي ، جاء أَبَا بَكْرٍ مَالٌ من قِبَلِ الْعَلَاءِ بن الْحَضْرَمِيِّ ، فقال أبو بَكْرٍ : مَنْ كَانَ لَهُ على النبي دَيْنٌ ، أو كَانت لَهُ قِبَلَهُ عِدَةٌ ، فَلْيَأْتِنَا ، قَال جَابِرٌ : فَقلتُ وَعَدَنِي رسول اللَّهِ أَنْ يُعْطِيَنِي هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا فَبَسَطَ يَدَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، قَال جَابِرٌ : فَعَدَّ في يَدِي خَمْسُمَائة ثُمَّ خَمْسُمَائة ثُمَّ خَمْسُمَائَة ))[29] ، ومنهُ : فإنّ الجلاءُ في تخطئة أبي بكر في حكمهِ بمنع فاطمة صلوات الله عليها فدكاً ، يزدادُ في الجلوّ والوضوح ، ولكن الآذَان قَد تصدأ ، والأبصَار قَد تعمى ، والعِياذُ بالله تَعَالَى .

الرّواية الثانية في كيفية المُنازَعة :

أنّ فاطمة طَالبَت بميراثها في فدك، فَذَكَرَ لها أبو بَكر أنه سَمِعَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، يَقول : (( نَحنُ مَعَاشِر الأنبياء لا نُورِّث مَا تَرَكنَاهُ صَدَقَة، إنّمَا يَأكُل آل محمّد مِن هَذا المال)) .

مَا يَتَرتّب على هَذِه الرّواية :

لنا : هذه الرّواية لا تصلُح فِي فدك ، فقد ثبتَ أنّ فدكَ نِحلَة ، ومنهُ فإنّ الأليق أن تكونَ في صدقات الرّسول (ص) عُموماً ، كَصَدقاته في المدينة وَخيبر ، وأمّا فَدَك فَليسَت بميراث لِفَاطِمَة (ع) بَل هِيَ مِلكٌ لَهَا ، إلاّ أن تكونَ فاطمة (ع) ، رَجَعَت وطالبَت بها ، بصفَة الإرْث ، عِندَمَا يئسَت مِن الحصُول عليها عَن طَريقِ الهِبَة ، وأنَا أسْتَبعدُ هَذا ، وقَد استبعدَهُ قَبلِي إمامنا أبو العباس أحمد بن إيراهيم الحسني (ع) ، عندما روى بإسناده عن عائشة أم المؤمنين : (( أنّ فَاطمة والعبّاس أتيَا أبَا بَكر يَلتَمِسَان مِيرَاثهُمَا مِنَ النّبي صلّى الله عليه وآله وسلم ، وهُمَا حِينئذٍ يَطلُبَان أرضَهُ مِن فدَك وَسَهمَهُ مِن خَيبر، فَقَالَ لَهُمَا أبو بكر: سَمِعتُ رَسول الله يقول: ((إناَّ معاشر الأنبياء لانُورِّث ماتركناه صَدَقَةَ)). فَهَجَرَته فَاطِمَة عَليها السلام ، ولَم تُكلّمهُ حتّى مَاتَت، ودَفََنَهَا عليّ عليه السلام لَيلاً ولَم يُؤذَن بِهَا أبَابكر)) ، قال الإمام الحسني (ع) بَعدَ هذه الرواية ، ((قُلتُ: والذي طَلبَاه مِيرَاثاً ، سَهمُه مِن خَيبَر، فَأمّا فَدَك فَقَد كَانَ لِفَاطِمَة فِي حَياةِ النّبي صلّى الله عليه وآله وسلم ، كمَا قَدّمنا . وهُوَ وَجهُ الحَدِيث))[30] اهـ كلامه (ع) . قُلتُ : وهُوَ اللائق لمُعارضَة هذا ، بروايات النّحلَة الثابتَة، فاحتماليَة مُطَالَبتها مَع العباس بالإرث يحتملُ أن يكونَ في الصّدقات التي كانت لرسول الله (ص) دُونَ فَدك ، فَيكون العَبَّاس وفَاطمة مُشتركان فِي قَضيّة طَلب المِيراث في صدقات خيبر والمَدينة ، وتكون فَاطمَة مُنفردَة بِطَلب فَدك على أنّها هِبَةُ الرّسول (ص) لَهَا ، تحتَ مِلكِهَا.

لنا : معَ ما سبَق ، من إثبات أنّ فدك كانت هبة ، فإنّ تعامل أبا بكر معها على أنّها إرثٌ لرسول الله (ص) ، يَرجِعُ حُكمها إلى الإمام ، أمرٌ خاطئ ، فالهبَةُ تمنَعُ دُخُولَهَا فيما رواهُ عن رسول الله (ص) ، من عدم توريث الأنبياء ، وهذا كلّه على افتراض مُطالبَة فاطمة بفدك وبصدقات خيبر والمدينة ، فتكون قد طالبَت بِهبَةٍِ ومِيراث ، فتعامَلَ معها أبو بكر جميعاً على أنّها مِيراث ، فاعتذر بخبر عدم التوريث ، وهذا خاطئ .

لنا : هَذِه الرّواية (عدم التوريث) وَرَديفتها التي رُويَ فيها أنّ فاطمة (ع) لمّا قُبِض رسول الله (ص) ، قَالت لأبي بكر : (( أنت وَرِثْتَ رسول الله أم أهله؟ قال: لا، بل أهله. قالت: فَأينَ سَهم رسول الله ؟ ، قال : إنّي سمعتُ رسول الله (ص) يقول: (( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أطْعَمَ نَبِيًّا طُعْمَةً ثُمَّ قَبَضَهُ جَعَلَهُ لِلَّذِي يَقُومُ مِنْ بَعْدِهِ )) ، فَرأيتُ أنْ أردّهُ عَلى المسلمين، فقالت: فأنت وما سمعت من رسول الله أعلم )) . مُتعارِضَة بِتسليم عمُر بن الخطاب ، الذي يُعتبر إمام المسلمين في زمانه (عندَ المُخالِف) ، بِتسليمِه أسهُم وصدقات رسول الله (ص) للغَير ، وذلك أنّه قد ثبتَ تسليم عمر صدقات المدينة لعلي (ع) وللعباس بن عبدالمطلب رضوان الله عليه ، وجَعَل التّصرُّفَ لهمَا فِيهَا ، فَروى البُخَاري فِي الصحيح قول عمر ، لعلي والعباس : ((ثُمَّ جِئْتُمَانِي وَكَلِمَتُكُمَا وَاحِدَةٌ وَأَمْرُكُمَا جَمِيعٌ جِئْتَنِي تَسْأَلُنِي نَصِيبَكَ من ابن أَخِيكَ وَأَتَانِي هذا يَسْأَلُنِي نَصِيبَ امْرَأَتِهِ من أَبِيهَا ، فَقلتُ : إن شِئْتُمَا دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا بِذَلِكَ فَتَلْتَمِسَانِ مِنِّي قَضَاءً غير ذلك فَوَاللَّهِ الذي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ لَا أَقْضِي فيها قَضَاءً غير ذلك حتى تَقُومَ السَّاعَةُ فَإِنْ عَجَزْتُمَا فَادْفَعَاهَا إلي فَأَنَا أَكْفِيكُمَاهَا))[31] ، وجاء في حديث مسلم : ((فَأَمَّا صَدَقَتُهُ بِالْمَدِينَةِ فَدَفَعَهَا عُمَرُ إلى عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ فَغَلَبَهُ عليها عَلِيٌّ ))[32] ، فأبو بكر يَنفِي تَسليمَ فَاطِمَة فَدكاً وَغَيرها مِن الصّدقَات بحجّة أنّ الأمر فِيهَا ليسَ إلاّ للإمام القَائم مَقام الرسول (ص) ، وعمر يَنفي ويُعارض ذلك ، ويُسلّم صدقات الرسول (ص) إلى قَرابته ، العبّاس وعلي (ع) ، وكلّ هذا لو تُؤمِّل يَفتُّ في عضُد حديث عَدم التّوريث ، فَأبو بكر لا يُورّث قَرابة الرّسول ، وعُمر يُورِّثُهم ، والمُصحّحون لحكم أبي بَكر يَحتجّونَ باتباع أبي بكر لنصّ الرسول الذي سَمِعَهُ منه ، فكيفَ هذا؟! .

لنا : جَهلُ فاطمة (ع) بأنّها لَن ترثَ مِن رسول الله (ص) ، ومَعرفَةُ عائشَة بهذا ، أمرٌ لا يُصدّقه العَقل ، فالمعلوم أنّ الابنَ يعلمُ مِن حَال وَالدِه مثل هذا الأمر بالضّرورَة ، فَإن كانَ هذا كَذا ، فمُطالبَةُ فاطمة (ع) بإرثها مِن أبي بكر لا يجب أن يُمرِّرَهُ الحاذق بسهولة ، فكيفَ إذا تعدّى الأمر وصارَ العبّاس عمّ الرّسول (ص) يُطالبُ بإرثهِ أيضاً !! ، فكيفَ إذا صارَ علي (ع) ، الأذن الواعية ، والنّفس المحمديّة ، يُطالبُ عمراً بإرث زوجته!! ، فكيفَ إذا تعدّى هذا كلّه ، إلى جهل جميع نساء النبي (ص) بخبر عدم التوريث إلاّ عائشَة ، وذلك لما رواه البخاري في الصحيح : ((أَنَّ أَزْوَاجَ النبي حين توفى رسول اللَّه أَرَدْنَ أَنْ يَبْعَثْنَ عُثْمَانَ إلى أبي بَكْرٍ يَسْأَلْنَهُ مِيرَاثَهُنَّ ، فقالت عَائِشَةُ : أَلَيْسَ قال رسول اللَّهِ لَا نُورَثُ ما تَرَكْنَا صَدَقَةٌ))[33] ، كلّ هذا يخلقُ عَلامَات استفهَام حَول قضيّة عَدم التّوريث ، بَل يَخلقُ عَلامَات استفهَام حَول هَذِه الرّواية وَطَريقِها وَصِحَّةِ وُقُوعِهَا عَلى أرْضِ الوَاقِع ، لأنّا مَا زِلنَا نتأوّل لأبي بكر أفضل التأويلات ، فنقول لعلّه فَهِمَهُ عَلى غَير مُرادِ رَسُول الله (ص) .

لنا : سِلاح رسول الله (ص) بنصّ الإمام القَاسِم الرسي (ع) ، انتقلَ إلى علي (ع) ، بعد وَفاة الرّسول (ص) .

الرّواية الثالثة في كيفية المُنازَعة :

أنّ فاطمة طَالبَت بحقها مِنْ فَدك ، فَقَالت لأبي بَكر : فَدَكٌ بِيَدي أعطَانِيهَا رَسُول الله ، وَتَعَرَّضَ صَاحِبُكَ لِوَكِيلِي. فَقَال: يَا بنتَ محمَّد أنتِ عِندَنَا مُصَدَّقةٌ ، إلاّ أنَّ عَليكِ البَيِّنَة. فَقَالَت: يَشْهَدُ لِي عَليّ بن أبي طالب، وأمّ أيمن . فَقَال: هَاتِي ، فَشَهِد أمير المؤمنين وأمّ أيمَن، فَكَتَب لَهَا صَحيفَةً وَخَتَمَهَا فَأخَذَتْهَا ، فَاطِمَة عَليها السّلام فَاسْتَقْبَلَهَا عُمَر، فَقَال: يَا بنتَ محمّد هَلمّ الصّحيفة، وَنَظَر فِيهَا ، وَتَفَل فِيها ، وَمَزَّقَهَا ، وَقَال : إنَّ رَسول الله قال: ((إنَّا مَعَاشِرَ الأنبياء لا نُوَرِّث مَا تَركنَا فَهُو للمُسْلمِين)).

ما يترتب على هذه الرّواية :

لنا : هُنا تَعَامَل أبو بكر مع فدك على أنّها هبَة ، لا إرث ، وقَبِلَ شهادَة الشّهود رغم نقص النصاب ، فأعطى فاطمة (ع) كِتابَ مِلكيةٍ لفدك ، فَاستقبلَها عمر ، فتهوّر واستعجلَ الحُكم ، فَتعاملَ مَعَ فَدك على أنّها إرثٌ لا هبَة ، واحتجّ بخبر الرسول (ص) ، فَخَالفَ على أبي بَكرٍ في حُكمِه ، فَذهبَت فاطمة (ع) ، بَاكيَة حزينة ، وهُنا كانَ الأجدرُ بأبي بكر أن يردّ على عمر فِعلَتهُ هذه ، خصوصاً بَعد سَبرهِ لِدعوى فاطمة ، وشَهادة شُهودِها ، وأن يَرُدّ كِتابَ فَدك لفَاطِمَة ، وَلكنّ هَذا لم يَحصلُ ، فكانَ هذا خطأ أبي بكر ، لأنّه الحَاكم ، وردّ المظالم عليه واجب .

لنا : يظهرُ من روايات أهل البيت (ع) ، وبالإجماع ، أنّ سببَ عدم ردّ فدك لفاطمة (ع) ، هُوَ سببٌ غيرُ دَعوى عَدم التّوريث ، الوَارِدَة فِي الرّواية الثّانية السّابقَة ، فَالرّوايَة الأولى التي احتجّ فيها أبو بكر بعدم اكتمال النّصاب في الشهادة ، مأثورَة عن الإمام زيد بن علي (ع) من طريق العامّة ، وعن الإمام القاسم الرسي (ع) ، بإجمال ، وعن الإمام الهادي إلى الحق (ع) ، وعن الإمام يحيى بن حمزة (ع) . والرّواية الثالثة التي اعترضَ فيها عمر طريق فاطمة ومنعها من فدك لأجله ، مأثورَة عن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ع) ، وعبدالله المحض بن الحسن بن الحسن (ع) ، على أنّنا نستطيعُ أن نجمع بين هاتين الروايتين (الأولى والثّالثة) ، بما لا يُستبعَد ، بأن تكونَ فَاطِمَة (ع) طالبَت أبا بكر بفدك على أنّها هبَة ، فاستشهدَها، فجاءت بعلي وأم أيمن ، فَوثقَ بشهَادَتِهِمَا ، فَأعطَاها كِتاب فدك ، فَاعتَرَضَها عمُر فمحا كتابها ، واحتجّ بخبر عدم التوريث! ، فعادَت فاطمة (ع) إلى أبي بكر بعد مدّة، وطالبته بفدك مرّةً أُخرى ، فَاستشهدَها ، وطلبَ منها هذه المرّة ، اكتمالَ النّصاب ، هذا وقد ذكرَ تَرَدُّدَ فَاطمة (ع) على أبي بكر أكثر من مرّة ، ومُطالبتها فدكاً منه ، الإمام يحيى بن حمزة (ع) فقال (ع) : ((لأنّهُم لمّا رَأوا –علي وفاطمة والحسن والحسين- مِن كَثرَة المطَالبَة فِيها أهمَلُوهَا وتَرَكُوهَا ))[34] ، ومِنهُ فإنّ رأي أهل البيت (ع) في آلية وكيفيّة النّزاع هُوَ الاحتجاجُ بنقص نِصاب الشّهادَة ، فالرّواية الأولى والثّالثَة هِيَ القَويّة ، وقَد تُستهجَنُ الرّواية الثالثَة ، بسبب استبعادِ وعدم تصوّر أن يَفعل عُمر مَع كتاب فاطمة مَا فَعل ، وهذا ليسَ دليلاً لِردّ الخبَر ، وسابِقاً نَعتَ عمر رَسول الله (ص) بالهَجْر ، فكانَت رزيّة الخميس ، وعُمرٌ فَمعلومٌ مِن حالِه الفظاظَة وشَدَّة الطّباع ، حتّى أنّ بعض المُسلمين هَرعَ إلى أبي بَكر يَنعى عليه استخلافَهُ للفظّ الغليظ (يعني عُمر بن الخطّاب) ، وهذا فثابتٌ وليسَ هذا مَقامُ البَسطِ فيه ، وعلى المُهتمّ مُراجَعة سِيرَة عمر في كثيرٍ مِن المَواقِف في عهد الرّسول (ص) ، وبعدَ عهده (ص) ، ولَو لَم ينزل فيه وفي أبي بكر قول الله تعالى : ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ)) ، لاستبعدَ واستبشَعَ بَعضُنا هذا مِن فِعل عَمر ، والله المُستعَان .

نعم ! فهذه أخي الكريم ، ثلاثٌ طرق ، لكيفيّة النّزاع بين فاطمة وأبي بكر حول فدك ، ومنها فإنّه لن يخفى عليكَ استنتاجَ ما كانَ يذهبُ إليه مُتقدّمي أهل البيت (ع) ، في آلية وكيفية النزاع حول فدك ، ولن تخرجَ منها إلاّ مُكْمِلاً الإجمَاع الفَاطِميّ الذي سُقناهُ سَابقاً حولَ إثبات إنحال الرّسول (ص) فَدَكاً لِفَاطمة ، وامتلاكِها لها في عهد الرّسول (ص) ، والإجماع الفاطمي قريباً قد انعقدَ حول آلية النّزاع وكيفيّته بين الزهراء وابن أبي قحافة ، فيبقيَ علينا الكلامُ على حُكم أبي بكر في فَدك عند أهل البيت (ع) ، وما هُوَ إجماعُ مُتقدّميهم ومُتأخّريهم حول صحّة حكمه من عدمه .

إجماع أهل البيت (ع) على مظلوميّة الزّهراء ... ( حُكم أبي بكر في فدك ) ... :

الكلام على هذا المَوضِع ، عندي هُو الفيصَل في القضيّة كلّها ، فإنّه متى ثبتَ عمّن إجماعهم حجّة الحجّج حكمٌ ما ، فإنّ الأمر سيختلفُ كثيراً ، والمنظر المشوّش سيتضِح، نعم ! كُلنا يعلمُ أنّ المَظلومُ لابدّ لهُ من ظَالِمٍ ظَلمَه ، وبينَ المظلومِ والظّالم لا بدّ من حادثةٍ تُحقّق ذَلك ، هذا كلامُ العَقل ، فإن كانَ هذا كذا ، فإنّا ذاكرون أقوالَ أئمّة أهل البيت الزيدية من المُتقدّمين والمتأخرّين فِي حادثَة فدك ، فَنقول :

1- قال الإمام أمير المؤمنين عَلي بن أبي طالب (ع) (ت40هـ) ، مُصرّحاً بموتِ البتول الزهراء مظلومةً مَهضومَة ( والهَضم مَعنَاه الظّلم ) ، ومُخاطباً للرسول (ص) :

((وَسَتُنَبِّئُكَ ابْنَتُكَ بِتَضَافُرِ أُمَّتِكَ عَلَى هَضْمِهَا ، فَأَحْفِهَا السُّؤَالَ، وَاسْتَخْبِرْهَا الْحَالَ))[35].

تعليق : تأمّل إلحاقَ أمير المؤمنين (ع) ، صفَة المظلوميّة بفاطمة الزهراء (ع) ، وانظُر هل تتحقّقُ في الشخص صفَة المظلوميّة إن كانَ مُخطئاً ، فلَو كانَت الزّهراءُ مُدّعيَةً فدكاً بغير وجهِ حقّ ثمّ غَضِبَت وماتَتْ ، فهَل لأميرِ المؤمنين وهُو غيرُ المُحابي في الله أن يُسمّيها مظلومةً مهضومَة ؟! ، سلّمنَا ، أنّ أبا بكر حكمَ بالحقّ ولم يُرضِ فاطمَة وماتتَ على هذا، فهَل لأمير المؤمنين أن يصِفَ فاطمَة بالمَظلومَة ؟! ، فإذا عرفتَ هذا أخي الباحث ، فاعلَم أنّ أمّ أبيهَا ماتَت مظلومةً مقهورَةً على حقّ أعطاها الله إيّاه ، وأنّ حكم أبي بكر في حقّها ليسَ صحيحاً ، فالحُكم الصّحيح لا يكون ظُلماً أبداً ، وهذا أصلٌ قوي عن أمير المؤمنين (ع) لا يُتغافلُ عنه .

2- قرّر الإمام باقر علوم الأنبياء محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) (ت118هـ) ، شاعرَ أهل البيت الكميت بن زيد رحمه الله تعالى ، عندما أنشَأ مُعاتباً الشيّخين معَ المُسامَحَة والتغاضي :

أهْوَى عَليّاً أميرَ المؤمـنين ولا ****** ألومُ يوماً أبا بكرٍ ولا عُمرا
ولا أقُولُ وإنْ لَم يُعطيَا فدكاً******* بنتُ النّبيّ ولا مِيراثُهُ كَفَرا[36]

تعليق : تأمّل أبيات الكُميت ، تجدهُ يأتي بالحقّ المفروض في الشطر الأول من البيت الأول والثاني ، من ولايَة أمير المؤمنين (ع) وفضلهِ على المشائخ ، وبشاعَة عدم إعطاء فاطمَة حقّها من فدك ، ثمّ يأتي في الشطر الثاني من البيت الأول والثاني بالمُسامَحة والتغاضي وعدم الإفحاش في القول مع هذا التعدّي منهُم ، فلا يلومُ ( واللومُ هُنا لعلّه بمعنى التّكفير ، أي ولا أكَفّرُ ) أبو بكر وعمر تقدّمهما على مَن هُو أفضلُ وأحقّ منهُما ، ولا يُكفّر أبا بكر ولا عمر لمنعِهِما فاطمة صلوات الله عليها حقّاً كانَت حَقِيقَةً به ، ولو تأمّل الحاذق في أبيات الكميت حول الولاية وفدك تجدها أبياتاً غير راضيَة بفعل أبي بكر فيها ، فأمّا في الولاية فظاهر ، وأمّا في فدك فإنّ ربطَهُ بين تكفير الشيخين وبين عدم إعطاءهما فدك ، دليلٌ على فُحش عدم الإعطاء هذا ، وخطأه ، وأنّ الصواب كان في عكسه ، وهذا هُو قول الزيدية المرضيّة ، التخطئةُ في الحُكم دونَ التكفير .

3- قال الإمام صاحب الديلم يحيى بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ع) (ت180هـ) ، مُخاطباً مّن شَهِدَ عليه زوراً بالعبودية لهارون العبّاسي :

((فَخلَّف [ الرسول (ص) ] بين أظهركم ذرّيَّته فأخرتموهم وقدمتم غيرهم، ووليتم أمورَكم سواهم ، ثمّ لَم نَلبَث إلا يَسيراً حتى جُعِلَ مَالُ وَلَدِه حوزاً، وَظُلِمَت ابنتُه فَدُفِنَت لَيلاً، .. إلخ))[37] .

تعليق : تأمّل تصريح الإمام يحيى بن عبدالله (ع) ، تجدهُ يعني بالمال الذي جُعِلَ حُوزاً ، مال بني فاطمة من فدك ، وتأمّل إشارته صلوات الله عليه إلى تحققّ وقوع الظُلم في حقّ أمه فاطمة الزهراء (ع) ، تجدهُ بهذا ينقضُ حُكمَ أبي بكر ، وتأمّل كلامه (ع) ثالثةً تجده يُثبتُ موت البتول غاضبة غير راضية على أبي بكر وعمر ، وهذا قولٌ مُشابهٌ لقول أمير المؤمنين السابق .

4- قال الإمام القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن المثنى (ع) (ت246هـ) ، مُصرّحاً أيضاً بموتِ البتول الزّهراء غاضبَةً على أبي بكرٍ وعُمَر :

(( كَانَتْ لَنَا جَدّةٌ صِدّيقَة ، مَاتَتَ وهِيَ غَاضِبَةٌ عَليهِمَا، ونَحنُ غَاضِبونَ لِغَضَبِهَا ))[38] . وفي ذلك يقول أمير مكة عُلَيّ بن عيسى بن حمزة بن وهاس بن أبي الطيب داود بن عبد الرحمن بن عبدالله بن داود بن موسى بن عبدالله بن موسى بن عبدالله بن سليمان بن عبدالله بن الإمام موسى بن عبدالله المحض بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ت 503هـ) .

أتَمُوتُ البَتولُ غَضبَى ونَرضَى***** مَا كَذا يَفعَلُ البَنون الكِرام


تعليق : تأمّل القاسم بن إبراهيم صلوات الله عليه ، بصيغَة كلامه السّابق ، تجدهُ يمتدحُ جدّتهُ فاطمة (ع) ، ويذمّ الشّيخان ، فتجدهُ في هذا يُتابعُ كلام والدهِ أمير المؤمنين ، وابن عمّيه الباقر وصاحب الديلم في إثباتِ موتها على الحقّ ، وأنّ ما غَضِبَت لأجلِه ليسَ باطلاً بل حقّاً ثابتاً ، يُقوي هذا كُلّه أنّ الإمام (ع) ، قرّرَ أن يغضبَ لغضبها ، فلو كان غَضبُها على باطلٍ عندَه (ع) ، ما كانَ غَضِبَ لغضبِها . [ فائدة ] ويبدو أنّ هذه العبارَة التي قالها الإمام القاسم الرسي (ع) ، كانت مُتدوالَة بين سادات أهل البيت (ع) ، فيُلقونَها نصّاً ، ويُنشئها شاعرُهُم شعراً ، فذكر ابن أبي الحديد في الشرح ما نصّه : (( .. حَدّثني دَاود بن المبارك قالَ : أتَينَا عبدالله بن موسى بن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب (ع) ، و نَحنُ رَاجِعونَ مِن الحج فِي جَمَاعَة ، فَسَألنَاهُ عَن مَسَائل ، و كُنتُ أحَد مَنْ سَألَه ، فَسَألتُهُ عَن أبي بَكر و عُمَر ؟ فَقَال أُجِيبُك بِمَا أجَابَ بِهِ جدّي عبد الله بن الحسن فَإنّه سُئِلَ عَنهُمَا ، فَقال : كَانَتْ أمّنَا صِدّيقَةٌ ابنَة نبيٍّ مُرسَل ، وَمَاتَتْ وهِيَ غَضْبَى عَلى قَوم ، فَنحنُ غضَابٌ لِغَضَبِهَا ))[39] . قلت : وعبدالله بن موسى هذا هُو زاهد أهل البيت (ع) ، و من وجوه الزيدية في زمانه ، وأحدُ المُبايعين للإمام القاسم الرسي (ع) بالإمامَة .

5- قال الإمام أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) (158-240هـ) ، مُثبتاً كَمال نِصاب الشّهادَة التي فيها أيٌّ مِن عَليٍ أو الحسن أو الحسين ، حتى ولَو كانَ الشّاهِدُ منهم واحِداً ، وأبو بكر احتجّ بِعدَم اكتمال نِصاب الشّهادَة ، فطلبَ رَجُلاً إلى جانب علي (ع) ، فقال أحمد بن عيسى (ع) :

بعدَ ((أنّه سُئلَ عن رَجُلٍ تَجُوز شهادتهُ وحدَه ، فقال (ع) : (( لا ، إلاّ علياً ، والحسَن ، والحُسين . فَقِيل : وَكيفَ ذَلِك ؟!. قَال: لأنّهُم مَعصُومُون))[40] .

6- قال الإمام المرتضى محمد بن يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن المثنى (ع) (ت310هـ) ، مُثبتاً أصوليّة خطأ حكم أبي بكر في آلية قضاءه في فدك من وجهة نظر أهل البيت (ع) :

((وسألتَ عن رجلٍ ادّعى على رجلٍ حقّاً ، وأقام عليه شَاهِداً عدلاً ، وأنكرَ المُدعّى عليه، فَقُلتَ : فإن كانَ ، ما يجبُ في ذلك ؟!.

قال محمد بن يحيى (ع) : إذا كان المُدّعي عدلاً ، والشاهدُ عدلاً ، حَكمتُ بالشاهد واليمِين مَعَ ذَلك ، وَبذلكَ حكمَ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صَلوات الله عليه ، وكَان السّلف [يعني مِن أهلِ البَيت ] يتَبعونَهُ رضوان الله عليهم ، أقاموا اليمين مقام شاهِد ، ألا ترى أنّ الخصم لو استحلفَ المُدّعى عليه وجعل اليمين تصديقاً ، أليس كان يُحكم له بحقه ؟! ))[41] .

7- قال الإمام الهادي بن إبراهيم بن علي بن المرتضى الوزير الرّسي الحسني (ع) (ت822هـ ) ، مُنشأً ، مُصرّحاً بعقيدة سلفِه من سادات أهل البيت (ع) في هذه المسألة ، من الأخذ لِفَدَك بالقَهرِ والقوّة .

إلى الحَاكِمِ الدّيَانِ يَمْضُونَ عَن يـدٍ ******* ومَوْعِدُهُم للحُكمِ فِي مَوقِفِ الحشرِ
ولست أرى التصويب رأياً ولا أرى ******* مِنَ السّبّ رَأيَاً إنّ ذَاكَ مِنَ الْهُجْرِ
ولَكِن أدِيـنُ الله فِيهِـم بِأنّهُـم ******** أفَاضِلُ قَدْ زَلّوا وَرَبُّكَ ذُو غُفـْرِ
وأنْقمُ تَــأخِيرَ الوَصيّ وقَبضهُمْ ********* عَلى فَدَكٍ قَبْضَاً بِنَوعٍ مِنَ القَهْرِ[42]

تعليق : وهنا تأمّل كيف نسب الهادي بن إبراهيم الوزير صفَة القهر إلى القَبضِ من الشّيخين ، تجدهُ مُطابق الفحَوى لما جاء عن سلفه صلوات الله عليه وعليهِم ، ويجدرُ بنا هُنا أن نُنبّه أتباعَ أهل البَيت من الشيعة الزيديّة على الإقتداء بأرباب سفينة نوح المُنجيَة لَنا مِنَ الهَلاك ، فإنّهم وإن عابوا أموراً على المشائخ بدءاً بالخلافَة ومروراً بفدك ، فإنّ سادات أهل البيت لم يُقابِلوا هذا الجفاء والخطأ منهم بالسّب واللعن والشّتم ، وإن كانوا يتوجّعون من هذا ، ولكن بدونِ سبّ أو تكفير ، ولسنَا نُنبّه على هذا إلاّ لتأكّدنا من أنّ البعض قد تأخذُه العاطفَة والغيرَة على مولاته الزهراء الطاهرة ، فيسبّ ويشتمُ ظالميها ، على غيرِ اقتداء منه بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) وذريّته سادات بني الحسن والحسين ، فإنّه لَم يُؤثَر عنهُم تكفيرٌ للمشائخ ، وليكُن قولُنا كما قالَ أمير المؤمنين المنصور بالله عبدالله بن حمزة (ع) : (( لَنَا أئمّةٌ نَرْجِعُ إليهِم فِي أمُورِ دِينِنِا، ونُقْدِمُ حَيثُ أقْدَمُوا، ونُحْجِمُ حَيثُ أحْجَمُوا، وهُم: عَليٌّ وَوَلَدَاه عَليهِم أفْضَلُ السلام والحادِثُ عَليهِم وغَضَبُنا فِيهِم، ولَم نَعْلَم أحَداً مِنهُم سَبَّ أحَداً مِنَ الصّحَابَة ولا لَعَنَهُ ولا شَتَمَه، لا فِي مُدّة حَيَاتِهِم، ولا بَعد وفَاتِهِم ))[43] .

8- الإمام أبو هَاشم النّفس الزكيّة الحسَن بن عبد الرحمن بن يحيى بن عبدالله بن الحسين بن القاسِم الرسي بن إبراهيم (ع) ( ت433هـ ) ، يُصرّح بغصيبَة (تأمّل) الزهراء صلوات الله عليها فدكاً ، ولفظة الغصيبة دلالةٌ على عدم صحّة حكم أبي بكر في القضيّة عندَهُ (ع) ، فَيُشيرُ موافقاً سلَفَهُ من أهل البيت صلوات الله عليه وعليهم ، فيقول (ع) ضمنَ دعوةٍ جامعَة له (ع) :

(( فَذَا أمِيرُ المؤمنين صَلواتُ الله عَليه أُزِيحَ عَن مَنزِلَتِهِ الشّريفَة المَنيفَة، وغُصِبَتْ فَاطِمَةٌ عَليهَا السّلام ابنَة رَسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فَدَكَاً، وسُمَّ الحَسَنُ عَليه السلام سِرّاً، وقُتِلَ الحسين جَهراً ))[44] .

9- الإمام المؤيد بالله يحيى بن حمزة بن علي الحسيني (ع) (ت749هـ) ، يُشيرُ إلى وصيّة الزهراء صلوات الله عليها لزوجها وابن عمّها علي بن أبي طالب (ع) ، بأن تُدفنَ ليلاً وسرّاً حتى لا يَحضُرَها أبو بكر وعمر ، فيقول (ع) في ذلك :

((لأنّهَا أوّلُ مَنْ مَاتَ بَعد الرّسول مِن أهلِه ، وَرُوِي أنَّ الرَّسول قَال لَهَا: ((أنْتِ أوّل مَنْ يَلحَقُ بِي مِن أهل بَيتِي فَسُرَّت بِذلِك، ، وَقد كَان فِي دَفْنِهَا مَا كَانَ مِنَ الإسْرار والدَّفن لَيلاً ))[45] .

تعليق : تأمل أخي الباحث ، أنّ في هذا الإقرار من الإمام يحيى بن حمزة (ع) بالدّفن سرّاً ، دليلٌ على غضب الزهراء صلوات الله عليها عند موتِهَا ، وهو قول الفقيه حميد عن أهل البيت (ع) ، فإنّه قال : ((وَعَلى الجُملَة فَالحال ظَاهر عِندَ العِترَة أنّ فَاطِمَة مَاتَت وهِيَ غَاضِبَة مِن ذَلك))[46] ، أضِف إلى تصريح المؤيد بالله يحيى بن حمزة بالدّفن ليلاً ، قوله (ع) فيما قد نقلناه عنه سابقاً من الديباج الوضيء : ((وكَانَ هَذا –أمر فدك- مِنْ أقوَى مَا يُذكَر فِي مَطاعِنِ خِلافَتِه ، مَعَ مَا كَان مِن حديث الميراث ، وغَيرُ ذلك مِن المطَاعن)) ، فالإمام (ع) يُعِدّ منعَ أبي بكر فاطمة فدكًا ، مِنَ المطَاعِن ، بل من أقوَى!! المطاعِن على خلافته .

10- الإمام الحجّة مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيّدي الرّسي الحسني حفظه الله وأسعدَه ، إمام الزيدية وعالمها في هذا الزّمان ، اجتهدَ في كتابه لوامع الأنوار لتوضيحِ جوانب مسألَة مظلوميّة فدك وبطلان صحّة حكم أبي بكر فيها ، ومن ذلك قوله (ع) مُستطرداً : ((وانّ المعصُومِين، ومَنْ قَولُهم حُجّة رَدّوا حُكمَه [حُكم أبي بكر في فَدك]، وَلَم يُصَدِّقُوا قَولَه ، وَلَو لَم يَكُن إلاَّ غَضَبُ المُطَهَّرة ، التي يَغضَب الله ـ تَعَالى ـ لِغَضَبِها، بِإجمَاع جِميع الأمّة))[47] .

نعم ! وبهذا أخي الباحث ، فإنّ الصورة بإذن الله أصبحَت جليّة ، واضحة المعالم ، ففدك نِِحلةُ رسول الله لفاطمَة ، طالبت بها ، ورُدَّ طلبها بحجّة عدم اكتمال نصاب الشهادة ، معَ أنّ الأمر حقوقيّ بَحت ، جرَت السنّة من الرسول (ص) بأنّ للقاضي أن يكتفي بشاهد ويمين طالب الحق فيه ، وقد توفّرَ هذا ، وقَضَى أهل البيت (ع) ، وعلى رَأسِهِِم الإمام علي (ع) ببشاعة هذا الأمر ، وعدم عدلِه ، وصفّه في مصافّ الظلم ، ومنهُ فحُكم أبي بكر في فدك غيرُ صحيح .
صورة
الوالد العلامة الحجّة عبدالرحمن بن حسين شايم المؤيدي
صورة

الكاظم
مشرف مجلس الدراسات والأبحاث
مشاركات: 565
اشترك في: الأربعاء مارس 24, 2004 5:48 pm

مشاركة بواسطة الكاظم »

أقوال علمَاء الزيدية وغيرهِم في مظلوميّة الزّهراء و حُكم أبي بكر في فدك :

1- قال أبو الحسين أحمد بن موسى الطبري الزيدي رحمه الله تعالى في مجالسه ، ضمن كَلامٍ ناظرَ به رجل من أهل صنعاء : ((..ثمّ أنتَ تَعلمُ أنّ الأمّة مُجمِعَة عَلى قَول النّبي صلى اللّه عليه : ((إنّ اللّه يَغضَبُ لِغَضَبِ فَاطمَة)) ، وأنّهَا مَاتت وهِيَ غَضبَى عَلى أبي بكر ، وعلى مَن عَاونَهُ عَلى قَطع مِيرَاثها مِن أبيهَا وانْتزاع فَدك مِن يَدهَا، لَيس أحدٌ يَشكّ فِي ذَلك مِن أمّة محمّد صلى اللّه عليه ..))[48] .

تعليق : تأمّل رَحِمَك الله ، كيفَ فصلَ أبي الحسين رضوان الله عليه ، بين الميراث وبين فدك ، وتأمّل كيف جعلَ فدك من ممتلكات فاطمة صلوات الله عليها .

2- قال الفقيه العالِم حُمَيد بن أحمد المحلّي : ((والخبر [غَضب الله لِغَضبِ فَاطمة ، وَرِضَاه لِرضَاهَا] يُفيدُ عِصمَةَ فَاطِمَة عَليها السّلام ، ... ، وهَذا يقتضى أنّهُ تعَالى لَم يَرضَ بِمَا فَعَله أبو بكر وعمَر في فَدَك وَالعَوالي ، لأنّهَا لَم تَرضَ بِذلِك ، وأن يكون الله تعالى غاضباً ، لأنَّ المعلوم قَطعاً أنّها غَضِبت لِذَلكَ ، وَهذا مَا لا يُشَكُّ بِه عندَ مَنْ عَرَفَ الآثَار ، وَنَقَّبَ عَنِ الأخبَار ، فَإنَّ المَشهُور أنّهَا ادَّعَت فَدكاً نِحلَةً مِنَ النّبي -صَلَّى الله عَلَيْه وآله وَسَلَّمَ- ، وَادَّعَت أيضَاً مِيرَاثَها مِنهُ -صَلَّى الله عَلَيْه وآله وَسَلَّمَ- ، وَلَم تُجَب إلى وَاحِد مِنَ الأمْرَين))[49] .

3- ويذكر ابن أبي الحديد في الشرح ، مُنافرَة وقعَت بين رجل من ولد طلحة بن عبيدالله وبين رجل من أبناء علي بن أبي طالب (ع) ، وهُو إسماعيل بن جعفر الصادق عليهما السلام ، فَسَاقَ ابن أبي الحديد ، ما نصّه : (( كَانَ القَاسِم بن محمّد بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله التيمِي ، يُلَقّبُ أبَا بَعرَة ، وَلِيَ شُرطَةَ الكوفَة لعيسَى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس ، كَلّمَ إسماعيل بن جعفر بن محمد الصادق (ع) بِكَلامٍ خَرَجَا فِيه إلى المُنَافَرَة، فَقَالَ القَاسم بن محمد : لَمْ يَزَل فَضْلُنَا وَ إحْسَانُنَا سَابغاً عَليكُم يَا بَني هَاشِم ، وعَلى بَني عبد مَناف كَافّة . فَقال إسماعيل : أيّ فَضْلٍ و إحسانٍ أسْدَيتُمُوهُ إلى بَني عبد مَنَاف ، أغْضَبَ أبوكَ جَدّي بِقَوله : لَيمُوتَنّ محمّد و لَنَجُولَنَّ بَين خَلاخِيلِ نِسَائه ، كَمَا جَال بَينَ خَلاخِيل نِسَائنَا ، فَأنزَلَ الله تَعالى مُرَاغمَةً لأبيك ((وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللّهِ وَ لا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً)) ، و مَنَعَ ابنُ عمّكَ (يعني أبو بكر) أمّي حَقّهَا (تأمّل) مِن فَدَك ، و غَيرها مِن مِيرَاث أبيها ، و أجْلَبَ أبوكَ على عثمانٍ و حَصَرَهُ حتّى قُتِل ، و نَكَثَ بَيعَة عَلي ، و شَامَ السّيفَ فِي وَجهِه ، و أفْسَدَ قُلوبَ المسلمِينَ عَليه، فَإنْ كَانَ لِبَني عَبد مَناف قَومٌ غَيرُ هؤلاء أسْدَيتُم إليهِم إحساناً فَعَرِّفنِي مَنْ هُمْ جُعِلتُ فِدَاك!!. ))[50] .

تعليق : تأمّل رَحِمَك الله ، كيف أنّ إسماعيل بن جعفر الصادق (ع) ، فصلَ بين فدك وبين غيرها من المواريث المحمّدية ، يدلّك هذا على صحّة الإيهاب والتملكّ من فاطمة (ع) لأرض فدك ، وتأمّل أيضاً كيف عدّ إسماعيل (ع) فِعل أبي بكر مع فاطمة ، ومنعه إياها فدكاً ، من أبرز عيوبه ، فستجد التخطئةَ منه (ع) لفعل وحكم أبي بكر واضحاً ، وتأمّل أيضاً إدخالَهُ واستبشاعَهُ منعَ أبي بكر ميراثَ فاطمة من الرّسول (ص) ، تجد في هذا تجويزاً لِتَوريثِ الأنبيَاء صلوات الله وسلامه عليهم .

اعتراضات قد تَرِد على صحّة حكم أبي بكر في فدك :

ولكي تتضّح الصورة أكثر وأكثر ، فإنّا ذاكرونَ بعض شُبه قد يُتعَلَّقُ بها بخصوص ما نحنُ فيه من أمر فدَك ، فمنها :

[ الاعتراض الأوّل ]

ووجهُهُ هُوَ الاحتجاج بقول الإمام زيد بن علي (ع) : ((وَأيمُ الله لَو رَجَعَ الأمرُ إليّ لَقَضَيتُ فيهَا بِقَضَاء أبي بَكر)) ، و فيه اعلَم رَحِمَك الله ، أنّه متى أُسقِِطَ هذا الأصل ، فإنّ تصحيح الإمام أحمد بن يحيى المرتضى لحكم فدك ، وما أُثرَ (والله العالم!) عن يحيى بن حمزة (ع) ، وعن عز الدين بن الحسن ، سَيسقطُ ضِِمنَاً ، لأنّهم اعتمَدوا في الغالب الكثير على هذه الرواية عن زيد بن علي ، والتي ليسَ لها أصل عند مُحدّثي أهل البيت (ع) ، ولا عندَ شيعتهم رضوان الله عليهِم ، بل هيَ مرويةٌ عن طريق العامّة ، وإضافةً إلى ذلك فهيَ مُنافيةُ لمقام ومنزلة إمامنا زيد بن علي (ع) في العِلم ، وسنتكلّم على هذا من سبعة أوجه ، مُعتمدين على المتن الذي رواه ابن شبّة – والذي أوردناه سابقاً- ، لأنّا لم نقِف على الرواية كاملة عن زيد بن علي (ع) إلاّ من طريقه ، وقَد رواها البيهقي في السنن الكبري[51] ، و ابن عساكر في تاريخ دمشق[52] ، رَووهَا مَبتورة ، مُكتفينَ بإقرار الإمام زيد بالحُكمِ بحكم أبي بكر ، فنقول مُتّكلين على الله :

الوجه الأوّل : أن تعلمَ أنّ هذه الرّواية ليسَت من طريق الزيدية ، وأنّ الإجماع الفاطمي عندنَا متى ما ثبتَ عن أئمّة وعلماء آل الرسول (ص) ، أصبحَ عندنَا هُوَ المُحْكَم ، وغيرُه يُعرَضُ عليه ، فإذا عُلِِمَ هذا ، فإنّا قَد وقفنَا على إجماع أهل البيت (ع) ، وعلى رأسهِم أمير المؤمنين (ع) في مظلوميّة فدك ، وإثبات ظُلم تيمٍ وعدي لها ، و عليه فإنّ الرواية عن زيد بن علي (ع) في تصحيح حكم أبي بكر ، تقضي بأنّ فاطمَة غضبَت على لاشيء ، و تقضي بأنّ الإمام علي (ع) قذفَ واتّهمَ أبي بكر وعمر بظلم فاطمة هكذا بدونُ برهانٍ ولا دليلٍ مُنير ، وتقضي بجهل باقر علوم الأنبياء عندما أقرّ الكميت في شعره ولم يُبيّن لهُ خطأهُ فيه ، وتَقضِي بظُلم يحيى بن عبدالله عندما نسبَ الظلم تلميحاً إلى من أغضب فاطمة (ع) ، وأمَاتها على ذلك ، وتقضي بغضب نجم آل الرسول القاسم الرسي (ع) لجدّته الزهراء (ع) ، على لا شيء يُذكَر !! ، وتقضي ببُطلان أقوال جميع أئمّة الزيدية ( وهُم بقيّة الآل ، ونجوم السماء ) القائلين بقول علي والباقر وصاحب الديلم والقاسم صلوات الله عليهِم ، وهذا قولٌ عظيم ، عَظمتُهُ في بُطلان أصلِه عن زيد بن علي (ع) ، و أقلّ حاله وأكثره ألاّ يُعملَ به لمُخالفته الإجماع الفاطمي المعصوم .

الوجه الثاني : أن تعلمَ أنّ في هذا الخبر تشكيك في مدى علم إمامنا زيد بن علي (ع) ، بمعاملات أهل البيت (ع) ، أحكاماً وقضاءً وسِِيراً ، وذلكَ أنّه قد ثبتَ عن جُملةٍ من أهل العلم ، سنّةً وزيدية – كما ذكرنا سابقا - ، أنّ للقاضي أن يَحكُمَ بالشاهد الواحد مع اليمين في الحقوق ، وذكرنا أنّ أهل البيت (ع) أجمعوا على صحّة هذا ، وقد حكمَ به أمير المؤمنين ، وقَبلَه رسول الله (ص) ، حتّى قال الإمام القاسم الرسي (ع) : ((مَا رَأيتُ أهل البيت يختلفون فِي اليَمين مَعَ الشّاهد-يعني في جواز ذلك- )) ، فَأخْذُ الإمام زيد بن علي (ع) على ضوء رواية العامّة عنه ، بالشّاهدين يَحمِلُ في طيّاته جَهلاً بالقول الأوّل الذي هُو قول أهل البيت ، أو توهيناً له ، وهُو ما يُنزّهُ عنه صلوات الله عليه ، كيفَ لا والإمام زيد بن علي (ع) هُو القائل : ((وعَليكَ بِعَلِيّ بن أبي طالب صلوات اللّه عليه وسلامه ، فَإنّهُ كَانَ باب حِكمة رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ، وَكانَ وَصيُّة في أمّته ، وخَليفَته على شَريعَتِه ، فَإذَا ثَبَتَ عَنهُ شَيءٌ فَاشْدُدْ يَدَكَ بِه ، فَإنّكَ لَنْ تَضِلَّ مَا اتّبَعْتَ عَليّاً صَلوات اللّه عليه وسلامه))[53] ، والحُكم بالشّاهد واليمين ثابتٌ عن أمير المؤمنين (ع) بلا شك .

الوجه الثالث : أن تعلمَ أنّ هذا التصحيح من زيد بن علي (ع) لحكم أبي بكر ، تصحيحٌ بطريقَةِ قَضَاءه في المسألَة ، وهُو تجهيلٌ آخَر وإنزالٌ من قدر الإمام زيد بن علي (ع) وأعلميّته بطُرق القَضاء الصّحيح ، فإنّا لو تأمّلنا الطريقَة التي تحاكمَ بها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) ، والنّصراني ، عند شُريح القاضي ، سنجدُ الفرق واضحاً بينها وبين الطريقة التي حُوكمَت بها فاطمة (ع) ، ففي المُحاكمة الأولى : نجدُ أنّ أمير المؤمنين ادّعَى على نصراني بأنّ الدّرع الذي معهُ هوَ دِرعُه ، فأنكرَ النّصراني ، فتحاكمَ أمير المؤمنين والنّصراني عند طرفٍ ثالث وهو القاضي شُريح ، فَعِندَ ذلكَ طلبَ القاضي من المُدَّعِي الذي هو أمير المؤمنين البيّنَة على أنّ الدّرعَ درعه وليسَ درع النّصراني . وهُنا تأمّل : أنّ الحكَم طرفٌ ثالث مُحايد ، خارجُ عن أن يكونَ المُدّعِي ، أو المُدّعَى عَليه ، وتأمّل أنّ القاضي شُريح طَلبَ المُدَّعِي علي (ع) بالبيّنَة ، ولَم يَطلُبها ممّن الدّرعُ في يَدِه نعني النّصراني المُدّعَى عليه ، فإن عرفتَ هذا ، فهلمّ المُقارنَة معَ المُحاكمة الثانية: فنجدُ فيها أن أبا بكر انتزعَ فدك من فاطمة (ع) ، وادّعى عليها أنّ فدك لرسول الله (ص) ، فأظهرَت فاطمة المُدّعى عليها (ع) أنّ المِلك مِلكها ، وأنّ فدك بيدها من زمن الرّسول (ص) ، فأنكرَ ذلكَ أبو بكر ، ومَنَعَها غلاّت فدك ، وهُنا عملَ أبو بكر بدور الحاكم والقاضي ، ولم يلجأ إلى طرفٍ ثالثٍ مُحايَد فكانَ هذا فرقاً بين مُحاكمة علي وأبو بكر ، ثمّ طلبَ أبو بكر البيّنَة على مَن الملكُ في يدها ، ولم يطلب شُريح البيّنَة من النّصراني الذي كان الملكُ في يده ، بل طلبَها من علي (ع) ، وهذا وجه ظاهرٌ في عوار الحكم البكري ، فلو أنّ أبا بكر حكّمَ طرفاً ثالثاً ، فجاءتَ فاطمة (ع) ، وقالت: فدكٌ أرضي ، أنحلنيها رسول الله (ص) قبل أن يموت، وعاملكُ انتزعها منّي، فقال أبو بكر : ليسَ هذا كذاك ، فإنّ القاضي حتماً سيطلبُ البيّنَة من أبي بكر ، لا من فاطمة صلوات الله عليها ، لأنّه المُنتزِع لمالِها من يدِها ، فهو إذاً المُدَّعِي في الحقيقة والبيّنة عليه لا على فاطمة ، وهذا كلّه فننُزّه إمامنا أبا الحسين زيد بن علي (ع) عن جهله .

الوجه الرابع : أن تعلمَ أنّ عِصمَة الزهراء صلوات الله عليها ، قد ثبتَت عن الإمام زيد بن علي (ع) ، بروايتنا ، ورواية العامّة ، وأنّ فِعلهَا هذا صلوات الله عليها، وغضبها على أمرٍ شرعيّ صحيح ، بل وموتها على ذلك ، بل وشهادَة علي (ع) وهو المعصوم أيضاً ، على تحقّق صفة المظلوميّة عليها ، وظُلم مَن هُم عند زيد بن علي (في رواية العامة) عادلون حاكمون بالصّحيح ، يُعدّ قدحاً في العِصمة لهُما –علي وفاطمة- عليهما السلام ، وقد روى الحافظ محمد بن سليمان الكوفي رحمة الله عليه ، عن الباقر وزيد بن علي (ع) ، أنّه قال –واللفظ للباقر- : ((المعصُومُون منّا خمَسة : رَسول الله وعلي وفاطمَة والحسن والحسين صلوات الله عليهم أجمعين ))[54] ، وروى الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق ، عن زيد بن علي (ع) ، أنّه قال : ((المعصومون منا خمسة النبي (ص) وعلي وفاطمة والحسن والحسين ))[55] ، ويزدادُ الأمر خطراً هُنا ، عندَ مَن يرونَ أنّ فدك إرثٌ لا هبَة ، وأنّها داخلةٌ في احتجاج أبي بكر بعدم التوريث ، مع العلم أنّ الإمام زيد بن علي (ع) في رواية العامّة لم يتطرّق لهذا النوع من الرواية ( أعني احتجاجها بالإرث ، ورَدِّ أبي بكر بخبر عدم التوريث ) ، بل احتجّت (ع) بالهبَة ، وردّ أبو بكر بعدم اكتمال النّصاب ، فإنّ البعض من الأغمار أو الحُذّاق قد يخلطوا هذا بذاك ، فيحتجّوا بتصحيح زيد حكم أبي بكر ، عند مُناقشتهم لقضيّة توريث الأنبياء من عدمه ، وهذا وهمٌ فاحش . نعم ! كلّ هذا يقضي ببطلان صدور مثل هذا التصحيح عن زيد بن علي (ع) ، لمُخالفته للعصمَة التي رواها هُوَ بنفسه، أضِف إلى ذلك أنّ الإمام علي (ع) بمجرّد إثباته مظلوميّة الزهراء ، فإنّه يُسقِطُ ضمناً صحّة حُكم أبي بكر في المسألَة ، ويُسقطُ قول زيد بن علي (في رواية العامة) بصحّة الحُكم ، ويَحكُمُ على زيد بن علي بتجهيل أمير المؤمنين وفاطمة الزهراء وباقي أهل البيت (ع) وتخطئتهِم ، وهذا ما نُنزّه عنهُ أبو الحسين زيد بن علي صلوات الله عليه .


الوجه الخامس : أن تعلمَ أنّ هذا مُعارَضٌ بما جاء في لوامع الأنوار ، عن زيد بن علي (ع) ، وذلكَ أن سائلاً سألَهُ عن أمر فاطمة صلوات الله عليها ، فأجابَهُ الإمام زيد (ع) مُنشئاً :

غَداة تُنادِي يَا بَتا مَا تمزّقت ****** ثِيابُكَ حَتّى أزْمَع القَومُ بِالغَدْرِ
وحَتّى ارتُكبنَا بِالمذلّة والأذَى ****** ولَيس لأحرارٍ على الذلّ مِن صَبرِ

فأجابَه الرّجل قائلاً :

أنتَ الأميرُ وأنتَ غيرُ مُداهنٍ ****** ظَفِرَت يَدَاكَ بِذروَة الجنّاتِ
وعَلوْتَ يابن المصطفَى وَوصيّه ****** فِي الفَضْل والدّرَجَات والغرفاتِ[56]


فهذا ، كلّه أخي القارئ ، يُوهنُ هذه الرواية عن سيدنا زيد بن علي (ع) ، وليسَ عليها يُبنى قرارٌ كهذا ، وليسَ لأجلِه نتجاهل روايات وإقرارات علويّة فاطميّة بعدم صحّة الحكم ، وثبات المظلوميّة في حق الزهراء (ع) ، لأنّه إن كان ذلك كذا ، فما نحنُ إلاّ باحثين عن روائح الأعذار للتملّص من واقع الحال ، فنحنُ نستطيع أن نقول ظلمَ المشائخ ، وليسوا كُفّاراً ، ولم تَثبُت براءة أمير المؤمنين ولا أولاده منهم ، ونحنُ بقولهم قائلون .

الوجه السادس : أن تعلمَ أنّ في سند هذه الرّواية فضيل بن مرزوق وهُو مُختلفٌ فيه عند أهل الحديث ، وقد ضعّفَهُ ابن معين[57] ، وليسَ هُو بالضّعيف عندنا ، إلاّ أنّه قد يُحتجّ على أصحاب رجال الجرح والتعديل بشروطِ أصحابهِم ، التي يَردّوا بها الرّوايات ، وأمّا على شرطنا فإنّها محكومةٌ بكتاب الله وصحيح سنّة رسول الله (ص) ، وإجماع أهل البيت (ع)، وقد ثبتَ إجماعُ أهل البيت (ع) ، على بُطلان حكم أبي بكر في فدك .

الوجه السابع : أن تعلمَ أنّ من مالَ من الزيدية إلى أنّ طريقَة مُطالبَة الزهراء (ع) بفدك كانَ عن طريق الإرث دونَ الهبَة ، وصحّحَ حكم أبي بكر لمكان النّص الذي سَمِعَهُ من الرّسول (ص) حول عدم التوريث ، واحتجّ بتصحيح الإمام زيد بن علي (ع) بحكم أبي بكر ، وجعلَ هذا شاهداً لما ذهبَ إليه ، ومَن كانَ هذا حالُه فقد وَهِمَ وهماً فاحشاً ، إذ أنّ الإمام زيد لم يكن مؤمناً في رواية التصحيح لحكم أبي بكر ، بالإرث ، بل كان يقول بالهبَة ، ولم يُصحّح الحُكم بسبب حديث عدم التوريث بل أخذاً بظاهر الشرع الواسع ، من عدم اكتمال نصاب الشّهادَة ، وهُنا قد خلطَ البعض القليل من الأصحاب والله المستعان .

[ الاعتراض الثاني ]

أنّ فاطمة صلوات الله عليها ، ما نازعَت أبا بكر فدك ، وإنّما سَألتهُ بقصد الاستخبار والاستعلام .

والجواب : أنّ هذا كلامٌ ليسَ عليه دليل ، و التّاريخ يردّه ، ولو لم يكفِ في ردّه إلاّ ثبوت موت فاطمة صلوات الله عليها غاضبَة واجدَة على أبي بكر ، فإنّ هذا لا يختلفُ فيه وعليه علماء الزيدية ، وهُو ثابتٌ من طُرق العامّة برواية البخاري وغيره ، وناهيكَ أنّ من يحتجّ بهذا فإنّه يعتمدُ على رواية أنّ فاطمة طالبَت بفدك على أنّها ميراث ، وفدك ليسَت ميراث بل هي نحلةٌ وملكٌ لفاطمة (ع) ، فكونها تستخبرُ عن أمرٍ هي تعلمُ أنّهُ لها ، نحلةً من والدها ، ثمّ تُقرُّ وتسكت أمرٌ بعيد جداً ، أضِف إلى ذلك : أنّ مُجرّد إثبات لفظَة (المُطالبَة) من فاطمة (ع) سواء بالإرث أم بالهبة ، فإنّها تنفي الاستخبار تماماً ، وعندي : أنّ عاطفَة الموقف تغلبُ على مَن يُريدُ تصحيح هذا الاعتراض ، وليسَ هُو بالاعتراض الذي يصمدُ عند تقارع الحجج ، فافهَم ذلك .

[ الاعتراض الثالث ]

أنّ الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين (ع) ، قال في الأحكام ، عند ذكر الأراضي التي في يد إمام المُسلمين : (( وَأرضٌ صَالَح عَليها أهلُها وهُم فِي منعَة فَلا يُؤخَذُ مِنهُم ، إلاّ مَا صُولِحُوا عَليه، مِثلُ أهل نَجرَان وغَيرِهِم مِنَ البَلاد ، فَهَذهِ أيضاً لَبَيتِ مَالِ المسلمِين ، وأرضٌ أُجلِيَ عَنهَا أهلُها ، وخَلّوهَا مِن قَبلِ أنْ يُوجَفَ عَليهِم بِخَيلٍ أو رِكاب ، أو يُقَاتِلوا ، مثل فَدَك ، فَمَا كَانَ مِنَ الأرضِينَ عَلى هَذَا فَإمَامُ المسلمِين أولَى بِهَا يَصرِفُهَا حَيثُ شَاء ورَأى))[58] . وهذا تصريحٌ بأنّ فدك للإمام القائم ، يصرفها حيثُ شاء .

والجواب : أنّ الإمام الهادي (ع) ، كانَ يتكلّم بعموم عن الأراضي التي تقعُ في أيدي المُسلمين ، وكيفَ الحالُ فيها ، فذكرَ الأراضي التي تقعُ تحت أيديهم بدون قتال ولا إيجاف خيل ، مثل فدك ، فإنّها تكون للإمام يصرفها حيثُ شاء ورأى، فالهادي (ع) ، يُريدُ إيصالَ معلومةٍ بضربِ مثال ، فذكرَ الأراضي المُتَصالَح عليها، وذكرَ عليها مثالاً أرض نجران ، ثمّ ذكر الأراضي التي لم تُوجِف الخيل عليها ، وذكرَ مثالاً عليها فدك ، فكانَ كلامهُ هذا فِقهاً في كيفيّة تعامل المسلمين مع الأراضي الفُلانيّة التي ستقعُ تحتَ أيديهم ، وأنّ ما وقعَ تحت أيدي المُسلمين من أرض اليمن (مثلاً) بدون إيجاف الخيل ، فإنّه لإمام المُسلمين يصرفهُ كيفَ شاء ورأى ، وما وقعَ تحت أيدي المُسلمين من أرض الهند (مثلاً) بدون إيجاف الخيل ، فإنّه لإمام المسلمين يصرفهُ كيف شاء ، فالإمام الهادي (ع) كانَ بكلامه السّابق يضربُ مثالاً للأراضي التي لم تُوجِف عليها الخيول كفدَك ، وفِعلاً فإنّ فدك كانت لرسول الله (ص) خاصّة وهُو إمام المُسلمين في زمانه ، فلمّا كانَت لهُ دونَ المُسلمين بعكس أراضي أهل نجران التي شاركَهُ فيها المسلمين ، فإنّه كانَ يصرفُ منها على نفسهِ وقرابته وخاصّة أصحابه ، تَفَضّلاً منهُ ، لا وجوباً عليه كأراضي أهل نجران ، فإنّ صرفه (ص) على المُسلمين منها واجبٌ عليه ، نعم ! فلمّا كانت فدك للرسول خاصّة ، أنحلَها لابنته فاطمة بأمر الله تعالى ، وقد تقدّم وجه الرواية في قوله تعالى : ((وآتِ ذَا القُربَى حَقّه)) ، وهذا أصلٌ مهم ، لو تُؤمِّلَ جيّداً ، لأنّ فدَك فعلاً كانت بيد إمام المُسلمين الذي هُوَ رسول الله (ص) ، وكانَ المالكُ لها وحدَه ، وتصرّفها فيه تصرّف صاحب اليد ، فأنحلَها عند ذلك لفاطمة (ع) .

ووَجهٌ آخَر : إن قيل : ولكنّ المؤيّد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (ع) ، صرّحَ بما يُخالفُ كلامكم السّابق ، فإنّه قال ، في شرح التجريد :

(( وَالأصلُ فِي هَذا مَا صحّ بالأخبار المتَوَاتِرَة أنّ فَدَك لمّا أُجلِيَ عَنهَا أهلُهَا مِن غَير أن يُوجَفَ عَليهم بِخَيل ولا رِكَاب، صَارَت لِرسول اللّه صلّى الله عليه وآله وسلم، قَال اللّه تعالى : ((وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكْابٍ)) ، فبيَّن أنّ مَا أفَاء اللّه عَلى رَسوله هَذهِ صِفَتُه، فَإذَا ثَبَتَ أنّ ذَلك لِرَسُول اللّه صلى الله عليه وآله وسلّم، ثَبَتَ أنّهُ يَجبُ أنْ يَكونَ بَعدَه للإمَام، إذ هُوَ القَائم مَقَامَه فِي أمور المسلمين، وسَدّ ثلمهم، وتحمّلِ أعبَاء مَا يعرض لهم )) .

قلنا : ليسَ كلامُ إمامنا المؤيد بالله صلوات الله عليه ، ينقضُ كلامنا السّابق ، فَكلامُه (ع) يشملُ الأراضي التي لم يُوجَف عليها بالخيل والرّكاب ، التي بقيت ولم يتصرّف فيها رسول الله (ص) ، وأمّا فدك فقد خرجت من يد إمام المُسلمين (بعد الرسول (ص)) بإيهاب الرّسول لابنته فاطمة (ع) ، فما كانَت من الأراضي بتلكَ الصّفة ، ولم يثبت إيهاب رسول الله (ص) لها ، فهي للإمام الشّرعي القائم .

أضِف إلى ذلك أنّنا نستطيع أن نأخُذَ بظاهر ما فَهِمناهُ أخي المعترض من كلام المؤيد بالله ، ونُرجِعَهُ إلى أصول المؤيدّ بالله ، فلو كانَ المؤيد بالله (ع) يُريدُ أن فدك ترجعُ إلى إمام المُسلمين ، فهُوَ يقصدُ أنّها ترجعُ للإمام الشّرعي ، وليسَ إمامٌ شرعي في ذلك الزّمان إلاّ علي بن أبي طالب (ع) ، دونَ أبي بكر ، والإمام علي وأولادُه مُلاّكُ فَدَك ، فاليدُ يدهُم ، يصرفُوها حيثُ شاءوا ، ولو رجعتَ إلى سيرة الإمام علي بن أبي طالب (ع) في فدك لمّا تولّى الخلافَة ، ستجدُ أنّ موقفَهُ في التصرّف في فدك أصحّ من موقف المشائخ ، لأنّه الإمام ، والمُلكُ مُلكُه ، فلهُ الخيار في كيفيّة صرف غلاّت فدك ، يتقوّى بها في حربه، أو يصرفها على نفسه وولده ، أو يفعلُ بها ما يشاء ، فله الحريّة في ذلك ، ولكنّ أُناساً قارنوا بين كيفية تعامل أبي بكر وعمر مع فدك عندما جعلوها للمسلمين ، وبين تصرّف علي (ع) ، عندما جعلَ نصيباً منها للمسلمين مع ما يتقوّى به في حروبه ، فقالوا : أنّ علي (ع) استكملَ مسيرة أبي بكر وعمر في كيفية تعاملهِ في فدك ، بل ورَووا في ذلك أخباراً ، تُفيدُ أنّه يستحي أن ينقضُ فعلاً ، فعلَه أبو بكر وعُمر ، وهذا لا يصح ، فكون الإمام علي (ع) صرفَ جُزءاً من غلاّت فدك على المسلمين وعلى عتاد الحرب ، لا يعني أنّه يَرى أنّ المُسلمينَ مُلاكٌ للأرض معه ، ومع أولاده ، فليسَ هذا منه (ع) إلاّ تفضّلاً ، لا واجباً ، فافهم ذلك[59] ، إذ كيفَ يعتبرُ الإمام علي (ع) فاطمة الزهراء مظلومَةً مهضومَة ، ويدفنُها على هذا ليلاً ، ثمّ لا يَرى ملكيّتها الخاصّة دون المُسلمين فيما طالبَت به أبا بكر؟! ، فإن علمتَ هذا فاعلم أيضاً أنّ لنا أن نتأوّل كلام المؤيد بالله (ع) عندما أشار إلى أنّ فدَك تكون في يد إمام المُسلمين ، يصرفها كيفَ شاء ، إلى أنّه يعني الإمام العلوي الفاطمي بعموم، فيكونُ الإمام مُمثّلاً لبقيّة بني فاطمة ، ويصرفها عليهِم بالعدل ، أو يصرفها فيما يرى أنّ مصالح الإسلام تقتضيه بعد الرّضا واستطابَة النّفوس ، لأنّ الإمام الفاطمي ليسَ وحدَهُ المالك ، بل يُشاركه في هذا بقية بني فاطمة صلوات الله عليها وعلى صالحي ذريتها، ولو تأمّلتَ السيرَة ، لوجدَت أنّ بعض خلفاء بني أميّة وبني العبّاس ، قد أعادوا فدك إلى أشخاصٍ من بني الحسن والحسين ، على أنْ يَقسِمُوهَا بين ولد فاطمة (ع) ، لا أنّها لهؤلاء الأشخاص دون إخوتهم وبني عمومتهم ، فهذا عمر بن عبدالعزيز رحمه الله يردّ فدكاً على بني فاطمة (ع) ، وأشار الشرفي في تفسيره أنّه ردّها على الباقر (ع) ، فأخَذها يزيد بن عبدالملك من بني فاطمة ، وأعادَها أبو السّفاح العبّاسي إلى شيخ آل الرسول في زمانه عبدالله المحض (ع) ، و عاد وانتزعها أبو جعفرٍ المنصور ، ثمّ ردّها المأمون -كما أشرنا سابقاً- إلى محمد بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، ومحمد بن عبد الله بن الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، و جعلَ إليهما قسمتُها بين أهلهم . فإن علمتَ هذا مِن بعدَ علمِك واستيقانك ما سبقَ وذكرناه، فأيقِن أنّ هؤلاء السّادَة الذين أخذوا فدكاً ، ليسوا بأصحاب الذِّمم السّيئة ، التي تجعلُهم يأكلوا مالاً لا يعرفونَ أنّه في الأصلِ لهُم ، ومن حقّهِم ، أُخِذَ منهُم ، وهُوَ اليوم بعطيّة الخلفاء الأمويين والعباسيين يَعودُ عليهِم ، فأينَ أنتَ رحمَكَ الله من يحيى بن عبدالله بن الحسن بن الحسن صلوات الله عليهم ، عندما عرضَ عليه هارون العباسي الأمان مع بذل الأموال الطائلة له ، والضّياع المُتراميَة ، فأجابَه (ع) : (( أمّا بَعد فَقد فَهمْتُ مَا عَرَضْتَ عليّ مِنَ الأمَان على أن تَبذُلَ لِي أمْوالَ المسلمين، وتُقطِعَنِي ضِياعَهم التي جَعَلها الله لهم دُوني ودُونَك، ولَم يَجعَل لنَا فِيهَا نَقيراً ولا فَتيلا، فَاستَعظَمتُ الاستمَاع لهُ فَضلاً عَن الرّكون إليه، واسْتَوحْشتُ منهُ تَنـزهاً عَن قَبولِه. فَاحبِس أيّها الإنسَان عنّي مَالَك وإقِطَاعَك وقَضَائِكَ حَوائجِي، .. إلخ ))[60] ، فكيفَ رحمكَ الله تظنّ أن يأخُذَ سادات بني الحسن والحسين باقرهُم ، ومحضهُم ، وأفاضل عُلماءهم ، أموالَ المُسلمين التي ليسَت لهُم لوحدهِم حسب كلام المُخالِف ، بل لِماذا يخصّ هؤلاء الأمويين والعبّاسيين بني فاطمة بهذه الأرض (فدك) دونَ غيرها ، ويصرفُوها لهُم دونَ النّاس ؟! ، فإن أجبتَ على أسئلتي أعلاه ، فأتْمِمْهَا بالصلاة على محمد وعلى آل محمّد ، واعلَم أنّ ما تعلّقتَ به من كلام المؤيد بالله (ع) يحتملُ الكثير غيرَ ما ذهبتَ إليه ، أقلّه أن نقول أنّ الإمام في كلامه هو الإمام الفاطمي ، والصلاة والسلام على فاطمة ، وأبي فاطمة ، وزوج فاطمة ، وصالحي ذريّة فاطمة ، صلاةً تُرضيكَ يالله ، وصلاةً تُرضيهِم ، وصلاةً تَرضَى بها علينا .

[ الاعتراض الرابع ]

أنّ السّفاح العبّاسي أفحمَ!! عبدالله المحض (ع) ، عندما جاءَه المحض ، فقال له: (( نَاشَدتُكَ الله إلاّ أوفَيتَنَا حَقّ أمّنا. فَأجَابَ السّفاح عليه بمنَاشَدَتِه الله: هَل صَارَ الأمْرُ إلى عَلي بَعدَ عثمَان. قَالَ: نَعم. قَال: فمَا صَنَع؟ فَسَكَتَ عبدالله، والسّفاح يُكرّر المناشدة له )) ، فدل على انقطاع حجته إذ لو رده علي عليه السلام لأجاب بذلك .

والجواب : أنّا لا ندري أمِنْ أوّل الخبر نَعجَب ، أمْ مِنْ آخِرِه ، أمِنْ إثبات عبدالله المحض (ع) أنّ فدكاً هيَ حقّ أمّه دونَ المُسلمين ، وأنّها ليسَت من حقّ الإمام غير الشّرّعي (الفاطمي) ، وهذا ما يُريد المُخالفُ أن يُثبتَ عكسَه ، أمْ مِنْ إثبات الهبَة بالأحقيّة الفاطمية ، أمْ مِنْ تجهيلِ سيدنا المحض (ع) ، وهُوَ شيخ آل رسول الله في زمانه، شيخ الفاطمية ، وأبو الأئمّة ، وأستاذُ الفُقهاء ، أوَمَا استطَاع المحض (ع) أن يردّ قائلاً : بأنّ الملكَ مِلكُ عليّ وولدَيه ، ولهُ الحقّ في صرفِها حيثُ يشاء ، أيَقبضُها بِرِضَى ولَده ويَضعُهَا في بيت مَالِ المُسلمِين ، أو يَستَعينُ بِهَا على حَربِه ، أو حتّى يُتلفُها!! ، فهو حرٌ في تصرفه بها مع أولاده ، وليسَ ذلكَ لكَ يا أبا العباس اليوم ، فَفَدَكُ مِلك أمّنا ، وحقّها من أبيها ، ونحنُ اليوم أحقّ بها منك ، ومن أبي بكر وعمر وعثمان سابقاً ، فمَا أخرَجَها من أيدينا إلاّ حُكم أبي بكر ، فلو أنّهُ زادَ في التحرّي لحكمَ بها لنا ، وهيَ لنَا ، فأنا أعزمُ عليك وألحّ في المُناشَدَة ، إلاّ أرجعتَ لنا حقّ أمّنا المُغتَصَب .

نعم ! ، أضِف إلى ذلك أنّ هذه الرّواية مُعارضَة بما ذكرَهُ ابن أبي الحديد في الشرح[61] ، من أنّ أبا العباس السّفاح ردّ فدكَ على عبدالله المحض (ع) !! .

[ خاتمَة ]

وبهذا الاعتراض ، نختم بحثنا حول فدك ، سائلين الله مُوافقة الصواب ، والابتعاد عن الخطأ ، وفيه نقول ختاما : أنّهُ قد ثبتَ ( وأقلّ الثبوت وأعظَمُه ) من طريق أهل البيت (ع) ، أنّ أبا بكر أخطأ الصواب ، وإجماع أهل البيت (ع) فحجّةُ الحجَج ، قال الإمام زيد بن علي (ع) : ((فَاختِلافنا لَكم رَحمَة، فَإذَا نَحنُ أجْمَعنا على أمرٍ لَم يَكُن للنّاس أن يَعْدوه)) ، قال الإمام الحسن بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي (ع) : ((وَإذَا رُوِيَ عَن النّبي صلى الله عليه وآله وسلّم خَبَرٌ ، فَرَوَاهُ عُلَمَاءُ آل رَسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على غَيرِ مَا رَوَتهُ الأمّةُ عَن النّبي صلى الله عليه وآله وسلم كَانَت الحُجَّةُ فِيمَا رَوَاهُ آل رَسول الله، وَأثْبَتُوهُ عَن النّبي صلى الله عليه وآله وسلم، وَكَذَلِكَ الرِّوَايَةُ عَن أمِيرِ المؤمنِين، إذَا رَوَتِ الأمَّةُ عَنهُ خِلافَ مَا رَوَى خِيَارُ آل رَسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كَانَتِ الحُجَّةُ وَصِحَّةُ النَّقْل مَا رَوَاه عُلمَاء آل رسول الله عَن أمِير المؤمنِين ، فَإذَا اخْتَلَفَت الأمَّةُ بَعدَ أمير المؤمنين في الأحْكَام ، فِي الحَلال والحَرام والسُّنَن ، كَانَ مَا صَحَّ عَنْ عُلَمَاء آل رَسُول الله أَوْجَب أنْ يُؤخَذَ بِه ، وَتَرْكُ مَا سِوَاه ، وَبِذَلِكَ أُمِرُوا أنْ يَتَمَسَّكُوا بِهِم عِندَ الاخْتِلاف وَالتَّفَرُّق)) . نعم ! وليسَ لنا أن نلعنَ ولا نسبّ ولا نشتم أبا بكر لإغضابه أمّ أبيها!! ، فلنا في الفاطميين الحسنيين الحسينين خير أسوة ، وكفى بهم أسوةٌ وقدوة . نذكرُ هذا لئلاً يكونُ بحثُنا هذا مُتسلّقاً لمِنَ يُكفّر المشائخ ، ونحن إلى الله من هذا براء ، فَما الغَرضُ من هذا البحث كُلّه إلاّ تصحيح بعض المَفَاهيم ، لا التعصّب وإطالَة المِراء ، فواقعُ أمّتِنا يَطلُبُ منّا أن نُغضي عن مِثل هذه المواضيع ، ونحنُ فكان رأيُنا الإغضاء ، وما بدَّل هذا الرّأي إلاّ الضّرورة ، والله فيعلمُ ذلك منّا ، هذا وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين .

السبت 1/5/1427هـ

==============================

[1] الأحكام : 1/177 .
[2] سنن أبي داود :3/143 ، سنن البيهقي الكبرى : 6/301 .
[3] الدر المنثور : 5/273 .
[4] كنز العمال : 249 .
[5] أسباب النزول : 374 .
[6] أخبار المدينة : 1/124 .
[7] السقيفة وفدك : 110 .
[8] تاريخ اليعقوبي 2/469.
[9] نهج البلاغة : ك45 .
[10] الديباج الوضيء : 5/2444.
[11] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي : 16/208
[12] المصابيح لأبي العباس الحسني : 263.
[13] المصابيح لأبي العباس الحسني : 265 .
[14] المصابيح لأبي العباس الحسني : 265 .
[15] مناقب أمير المؤمنين ، لمحمد بن سليمان الكوفي ، ج2/ص202/ح674.
[16] مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم الرسي (ع) ، مسائل القاسم (ع) : 2/613 .
[17] المستطاب ليحيى بن الحسن : مخطوط .
[18] نقله عنه الإمام الحجة مجدالدين المؤيدي في كتابه لوامع الأنوار :1/619 .
[19] محاسن الأزهار :287 .
[20] مآثر الأبرار في تفصيل مجملات جواهر الأخبار ، لمحمد بن علي الزحيف : 1/237 .
[21] جامع علوم آل محمد ، للشريف أبي عبدالله محمد بن علي الحسني العلوي ، ج6.
[22] سنن النسائي الكبرى : 2/68 .
[23] المدونة الكبرى : 16/417.
[24] سنن ابن ماجه : 2/793.
[25] مصنف عبد الرزاق : 8/331.
[26] الاستذكار : 7/112.
[27] راجع جميع ما سبق ، في ج 5 من جامع آل محمد للشريف العلوي .
[28] جامع علوم آل محمد : ج5 .
[29] صحيح البخاري : 2/953 ، سنن البيهقي : 4/109 .
[30] المصابيح : 266 .
[31] صحيح البخاري : 6/2475 .
[32] صحيح مسلم : 3/1381 .
[33] صحيح البخاري : 6/2476 .
[34] الديباج الوضيء : 5/2447 .
[35] نهج البلاغة : خ202.
[36] الصحابة عند الزيدية ، وحكاه القاضي جعفر بن أحمد بن عبدالسلام في خلاصة الفوائد .
[37] أخبار فخ ويحيى بن عبدالله: 89.
[38] مآثر الأبرار في تفصيل مجملات الأخبار: 1/241.
[39] شرح نهج البلاغة ، لابن أبي الحديد : 6/49.
[40] جامع علوم آل محمد ، للشريف العلوي ، ج6
[41] مجموع كتب ورسائل الإمام المرتضى محمد بن يحيى (ع) : 1/186.
[42] منظومَة الخلاصَة في التوحيد والعدل ، وهي 171 بيت.
[43] المجموع المنصوري ، الجزء الثاني ، القسم الثاني :379 .
[44] التحف شرح الزلف ، تحت سيرة الإمام أبو هاشم الحسن بن عبدالرحمن.
[45] الديباج الوضيء ، 4/1672.
[46] مآثر الأبرار في تفصيل مجملات الأخبار :1/240.
[47] لوامع الأنوار :2/95 .
[48] مجالس أبي الحسين الطبري :79.
[49] محاسن الأزهار: 285.
[50] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي : 9/323.
[51] سنن البيهقي الكبرى : 6/302.
[52] تاريخ مدينة دمشق : 19/463.
[53] مجموع كتب ورسائل الإمام زيد بن علي (ع) : الرّسالة المدنيّة : 316
[54] مناقب الإمام علي بن أبي طالب : ج2/ص162/639، وانظر ج2/ص153/628.
[55] تاريخ مدينة دمشق : 19/464.
[56] لوامع الأنوار :2/95.
[57] المجروحين 2/209.
[58] الأحكام : 1/177 .
[59] إضافةً إلى ذلكَ فإنّا نقول : بعدَ أن اعتبرَ أمير المؤمنين (ع) فدكاً من المال الذي بأيديهِم ، وأنّ فاطمة ماتَت مَظلومة مهضومةً عليه ، فإنّه لاشكّ أن يكونَ بتصرّفه في غلاّت هذه الأرضي قد استرضَى ابنيه الحسن والحسين في التصرّف بنصيبهما من إرث أمّهما ، ويدلُ على ذلك قياس الحَال باسترضاء أمير المؤمنين لأصحاب الخمس ، ابنيه وبقيّة بني هاشم ، حتّى يتقوّى به في حروبه ، روى الإمام الصادق جَعفر بن محمد (ع) ، عن أبيه الباقر محمد بن علي ، أنّه قال : ((إنَّ الحَسَن ، والحُسين ، وعبدالله بن عباس، وعبدالله بن جعفر ، سَألُوا عَلياً حَقّهُم مِنَ الخُمس ، فَقال (ع) : هُوَ لَكُم ، (تأمّل) ، ((فَإن شِئتُم أعْطَيتكُمُوه ، وإنْ شِئتُم أنْ تَتْرُكوه أتَقَوّى بِه عَلى حَرب مُعَاوِيَة فَعَلْتُم ، فَتَرَكُوه)) [روى هذا الشريف العلوي في جامع علوم آل محمد] ،
[60] أخبار فخ ويحيى بن عبدالله : 75 .
[61] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : 16/216.
صورة
الوالد العلامة الحجّة عبدالرحمن بن حسين شايم المؤيدي
صورة

الكاظم
مشرف مجلس الدراسات والأبحاث
مشاركات: 565
اشترك في: الأربعاء مارس 24, 2004 5:48 pm

مشاركة بواسطة الكاظم »

خُلاصَة رأي أهل البيت (ع) في فدَك :

***فدك نِحلةٌ (هِبَة) لا إرث ، قال بهذا :

1- الإمام علي بن أبي طالب (ت40هـ) ، تلميحاً رائحة التصريح منه تفوح.
2- الإمام زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ت بعد 100هـ) ، تصريحاً .
3- الإمام زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ت122هـ) ، تصريحاً.
4- الإمام عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ت145هـ) ، تصريحاً.
5- الإمام جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ت148هـ) ، تصريحاً .
6- الإمام القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ت246هـ) ، تصريحاً .
7- الإمام أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن إبراهيم بن محمد بن سليمان بن داود بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ت353هـ) ، تصريحاً .
8- الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة الحسني العلوي (ت614هـ) .
9- الإمام يحيى بن حمزة الحسيني العلوي (ت749هـ) ، تصريحاً .
10-وغيرهم .

*** آلية النزاع عند أهل البيت (ع) بين أبي بكر وفاطمة حول فدك سببه نقص نصاب الشهادة ، لا أنّ الأنبياء لا يُورّثون ، قال بهذا :

1- الإمام زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ت بعد 100هـ) ، تصريحاً .
2- الإمام زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ت122هـ) ، تصريحاً.
3- الإمام عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ت145هـ) ، تصريحاً.
4- الإمام القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ت246هـ) ، تصريحاً .
5- الإمام يحيى بن حمزة الحسيني العلوي (ت749هـ) ، تصريحاً .
6- وغيرهم .

***تخطئة أهل البيت (ع) لحكم أبي بكر في فدك ، قال بالتخطئة منهم :

1- الإمام علي بن أبي طالب (ت40هـ) ، تصريحاً .
2- الإمام محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ت118هـ) ، تلميحاً.
3- الإمام زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ت122هـ) ، تلميحاً .
4- الإمام عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ت145هـ) ، تصريحاً.
5- الإمام إسماعيل بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب .
6- الإمام يحيى بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ت180هـ)، تصريحاً .
7- الإمام أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ت240هـ) ، استنباطاً .
8-الإمام القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ت246هـ) ، تصريحاً .
9- الإمام عبدالله بن موسى بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ت247هـ) ، تصريحاً.
10- الإمام محمد بن يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ت246هـ) ، استنباطاً .
11- الإمام (أمير مكّة) عُلَيّ بن عيسى بن حمزة بن وهاس الحسني العلوي (ت503هـ) ، تصريحاً .
12-الإمام أبو هاشم النفس الزكية الحسَن بن عبد الرحمن بن يحيى بن عبدالله بن الحسين بن القاسِم الرسي الحسني العلوي (ت433هـ) ، تصريحاً .
13- الإمام الهادي بن إبراهيم الوزير الحسني العلوي (ت822هـ) ، تصريحاً.
14-الإمام مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي الحسني العلوي (أطال الله بقاه) ، تصريحاً .
15- وغيرهم .

وصلى الله وسلم على محمدوآله الطيبين الطاهرين .
صورة
الوالد العلامة الحجّة عبدالرحمن بن حسين شايم المؤيدي
صورة

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الدراسات والأبحاث“