أسئلة حول خلق الأفعال - طلب آراء وملاحظات

هذا المجلس لطرح الدراسات والأبحاث.
عبدالله حميدالدين
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 163
اشترك في: الخميس ديسمبر 11, 2003 10:56 am

أسئلة حول خلق الأفعال - طلب آراء وملاحظات

مشاركة بواسطة عبدالله حميدالدين »

الأخوة والأخوات الكرام

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعمل على بحثين حول موضوعي الشفاعة وخلق الأفعال.
الغرض منهما مجرد إثارة مجموعة من الأسئلة وليس استيفاء ما حولهما. أي يجب أن لا يتعدى البحثان 15-20 صفحة مقاس أ4.
وقد وضعت المسودة الأولى من كلي البحثين هنا أملاً في جمع الملاحظات والأفكار منكم، شاكراً ومقدراً أي مساهمة في تحسين البحثين أو تطويرهما.




بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلوات الله على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين

أسئلة حول خلق الأفعال
(مسودة)

موضوع الجبر والاختيار من أخطر وأهم المواضيع العقائدية وذلك للأثر العظيم الذي فيه على علمنا بالله من جهة وعلى سلوكنا اليومي من جهة أخرى.
إذ الجهة الأولى تتعلق بتنـزيهه جل وعلا عن العبث والكذب والظلم؛ وأيضاً على ثقتنا بالله تعالى والمعاملة معه. والجهة الثانية تتعلق بمسؤوليتنا نحو أنفسنا ونحو غيرنا.
وقد تأسس الموضوع على أمر واحد هو تحديد العلاقة بين الله جل جلاله وبين أفعال العباد:
فهل للإنسان أفعالاً يحدثها بقدرته التي خلقها الله تعالى له؟ أم أن الله تعالى هو الذي يخلق جميع أفعاله؟
فإذا قلنا بأن الإنسان مُحدث أفعاله فهل يُلجئه الله إلى شئ منها؟!
وإذا قلنا بأن الإنسان هو الذي يُحدث جميع أفعاله وأن الله تعالى لا يُلجئه إلى أي شيء منها فكيف نوفق بين ذلك وبين آيات ظاهرها إضافة الهدى والضلال والاغواء والتزيين إلى الله جل وعلا.
وإذا قلنا بأن الله تعالى هو الذي يُحدث أفعال العباد فكيف نثبت حكمة الله وعدله؟ وكيف نقرر دلالة المعجزة على صدق صاحبها؟
وكيف نفهم ذم الله تعالى لأفعال هو محدثها؟ وذمه تعالى لعبادٍ هو ملجئهم؟

هذا ما سأحاوله في هذه الورقات:

بداهة العقل وضرورة الشرع تدل على أن الله تعالى خلى بين العبد ونفسه.
أما بداهة العقل فتقضي أن الإنسان هو مُحدث أفعاله. وكل من قال إن الله تعالى هو مُحدث أفعال العباد كان مضطراً إلى أن يثبت أن ما نشعر به ضرورة، ونعلمه بداهة مجرد أوهام لا صحة لها. بل وصرح بعض منهم أننا نشعر بالاختيار ولكنه وهم.
أما ضرورة الشرع فمن وجهين:
ثبوت الرسالة
وقبول مبدأ الشريعة:
فالله تعالى إنما أرسل رسلاً مبلغين ومنذرين، ولم يخاطبنا فرداً فرداً. ولما كان الأمر كذلك فقد أعطى الله لكل نبي علامة تدل على نبوته. هذه العلامة إنما دلت على نبووته من حيثيتين: العلامة مما لا يمكن فعله من بشر، وإنما هي فعل يختص به الله تعالى. وكون الله تعالى لا يفعل هذه الأفعال على أيدي الكذابين والمحتالين لأنه عدل حكيم. والقول بأن الله تعالى خلق أفعال العباد يناقض العدل والحكمة.
ثم إن مبدأ وجود خطاب من الله تعالى إلى العباد لا يستقيم لو قلنا بأن الله خلق أفعالنا. فكيف يخلق الله أفعالنا ومع ذلك يرسل من ينصح ويذكر وينذر ويبشر؟ يعمل كل ذلك لمن؟ الله خلق الأفعال التي يأتي الرسل لينكروها أو ليشجعوها! وكيف يأمر الله تعالى من لا فعل له؟ وكيف ينهى من لا فعل له؟ وكيف يمدح من لا فعل له؟ وكيف يذك من لا فعل له؟ إن مقتضى خلق الأفعال يؤول في نهاية الأمر إلى هذا مهما حاولنا أن نلف حول الموضوع أو ندور.

ولكن ذلك فقد أتى من قال بأن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى. وهم على رأيين أساسيين:
من قال بأن الله خالق أفعال واختيارات العباد.
من قال بأن الله تعالى خالق أفعال العباد دون اختياراتهم.

الرأي الأول يكاد يكون رأي جميع الأشعرية وتيار من الإباضية والسلفية، والثاني يكاد يكون لجميع الماتريدية.
وفي المقابل ذهب أعلام أهل البيت والمعتزلة، والإمامية المتأخرة إلى خلاف ذلك.

والمتتبع لرأي أهل السنة على العموم يجد أن الاتفاق بينهم على ان الله خالق أفعال العباد، وأن العبد مختار ليصح تكليفه؛ ولكنهم يختلفون في طريقة الجمع بين الاختيار وبين خلق الله للأفعال. والنصوص على ذلك متعددة منها:

قال في المواقف:
145-146 في ان افعال العباد الاختيارية واقعة بقدرة الله وحدها وليس لقدرتهم تاثير فيها بل الله سبحانه اجرى عادته بان يوجد في العبد قدرة واختيارا فاذا لم يكن هناك مانع اوجد فيه فعله المقدور مقارنا لهما فيكون فعل العبد مخلوقا لله ابداعا واحداثا ومكسوبا للعبد؛ والمراد بكسبه اياه مقارنته لقدرته وارادته من غير ان هناك منه تاثير أو مدخل في وجوده سوى كونه محلا له وهذا مذهب الشيخ أبي الحسن الأشعري...
185 لنا على ان الحسن والقبح ليسا عقليين وجهان الأول أن العبد مجبور في افعاله واذا كان كذلك لم يحكم العقل فيها بحسن ولا قبح لأن ما ليس فعلا اختياريا لا يتصف بهذه الصفات اتفاقا...
154 المدح والثواب باعتبار المحلية لا باعتبار الفاعلية...

قال في الجوهرة:
238 و[للعبد] فعل اختياري وهو فعل الله ايضا لكن باعتبار الايجاد وينسب الى العبد باعتبار الكسب وهو تعلق قدرة العبد وارادته بالفعل، فمن عظيم قدرته تعالى ايجاد الفعل عند قدرة العبد لا بقدرته وارادته...فمقارنة قدرة العبد وارادته لايجاد الله هو المسمى بالكسب...
240 قالوا لو كانت هذه الأفعال مخلوقة لله كما تقولون لكان تعذيب الله ظلما.
قلنا التعذيب بالنظر الى الجزء الاختياري وهو الكسب.
قالوا ومن خلق الكسب نقول لهم هو الله ولا يسأل عما يفعل.
241 غير أن العبيد لهم في الأفعال الاختيارية ميل وتوجه ويسمى كسبا وعليه مدار التكليف.

قال السعد في شرح عقائد النسفي:
101-102 فان قيل لا معنى لكون العبد فاعلا بالاختيار الا كونه موجدا لأفعاله بالقصد والارادة وقد سبق ان الله تعالى مستقل بخلق الافعال وايجادها ومعلوم ان المقدور الواحد لا يدخل تحت قدرتين مستقلتين...قلنا لا كلام في قوة هذا الكلام ومتانته إلا أنه لما ثبت بالبرهان ان الخالق هو الله تعالى وبالضرورة أن لقدرة العبد وارادته مدخلا في بعض الأفعال كحركة البطش دون البعض كحركة الارتعاش احتجنا في التفصي عن هذا المضيق الى القول بان الله تعالى خالق كل شئ والعبد كاسب. وتحقيقه ان صرف العبد قدرته وارادته الى الفعل كسب وايجاد الله تعالى الفعل عقيب ذلك خلق...
15 قال السعد: كسب العبد أمر نسبي يقوم به ويعده محلا لأن يخلق الله سبحانه فيه فعلا يناسبه تلك النسبة، وليس هذا الكسب من الله إذ لكونه عدمياً غير موجود لم ينسب الى خلقه وايجاده ولاتصاف العبد به صار له مدخل في محلية خلق الله وقابلية ذلك الخلق فيه وبيان القابلية ان يكون شرط الخلق والتاثير لا جزءا منه...(نقلا من الاستبصار)
15 قال السعد: الفعل وان كان مخلوقا بقدرة الله تعالى لكنه اجرى عادته بان لا يخلق الا اذا صرف العبد قدرته التابعة لارادته اليه فكان الصرف متوقفا عليه وهو فعل العبد وليس بمخلوق لله لأنه أمر اعتباري والأمور الاعتبارية لا يمكن وجودها في الخارج والقدرة انما تتعلق بالممكن الموجود... (نقلا من الاستبصار)
16 معنى الكسب ان يكون الفعل بقدرة محدثة فمن وقع منه الفعل بقدرة قديمة فهو فاعل خالق ومن وقع منه بقدرة محدثة فهو مكتسب. (نقلا من الاستبصار)
ثم قال في موضع آخر:
103 فكيف كان كسب القبيح سفهاً موجباً لاستحقاق الذم والعقاب بخلاف خلقه؟
قلنا لأنه قد ثبت أن الخالق الحكيم لا يخلق شيئاً إلا وله عاقبة حميدة، وإن لم نطلع عليها، فجزمنا بأن ما نستقبحه من الأفعال قد يكون له حكم ومصالح كما في خلق الاجسام الخبيثة الضارة المؤلمة؛ بخلاف الكسب فإنه قد يفعل الحسن وقد يفعل القبيح فجعلنا كسبه للقبيح مع ورود النهي عنه قبيحاً سفهاً موجباً لاستحقاق الذم والعقاب!!!(انظر الهامش على التعليق!!)

أما أئمة أهل البيت فكلامهم حاصله :
هو أن الله تعالى خلق العبد وخلق له قدرة يصح عنها الفعل، وجعل له المشيئة في ما يفعل، وبيَّن له الطاعة وبين له المعصية؛ فمن هيّج مشيئته في الطاعة هاجت، ومن هيج مشيئته في المعصية هاجت، وأنه تعالى يؤيد عباده المؤمنين ولا يؤيد الفاسقين ما داموا فاسقين...

والذي يلاحظه المرء على الجبرية الجديدة أنها تقر بمجموعة من الأمور:
أولا : لا يصح التكليف إلا بوجود أفعال اختيارية للعبد.
ثانياً: يقرون بأن هناك فرق بين أفعالنا الاختيارية وأفعالنا الاضطرارية.
ثالثاً: يقرون بأن هذا الفرق هو المصحح للتكليف. ولكنها جميعاً تشترك في أنها مخلوقة لله تعالى.
وقد ذهب بعضهم إلى التصريح بحقيقة ما يلزم منه هذا الرأي وهو أنه لا يقبح من الله تعالى قبيح وبالتالي يصح منه أن يكلف مع الجبر المحض.

ولأنه يصعب مناقشة البديهيات، فما سيتم طرحه هنا إنما هو مجموعة من الإشكالات التي تبين أن الرأي هذا يتناقض مع نفسه.
أولاً: هل يصح أن يعذب الله كل من هو أسود؟! أو كل من هو طويل فوق الـ 180 سم؟! أو كل من هو قصير دون الـ 150 سم؟! أو كل من هو غير قرشي؟! أو كل من ولد في القارة الأروبية؟!
وهل يصح أن يعذب الله من ارتعش من شدة البرد؟! أو من سال لعابه عند رؤية الطعام؟! أو من خفق قلبه من الخوف؟!
فإذا كان الجواب نعم! فسينتقل الكلام إلى هذا الأمر. ومن يقبل أن يقول هذا عن الله تعالى فلا يمكن أن يناقش حول صحة الجبر أو عدمه.
وإذا كان الجواب لا! فما الفرق بين تلك الأمثلة وبين أن يخلق الله فعلاً ثم يعذب عليه؟ هل الفرق هو الشعور أننا مختارون؟

ثم لنسأل أسئلة أخرى:
لماذا لم يصح التكليف بالفعل الاضطراري؟ ولماذا صح بالاختياري؟ ما الفرق بينهما الذي صحح التكليف بالأخير ومنعه على الأول؟

بعد هذا لننظر في مجموعة من الاشكالات:
وهل يصح أن يعذب الله من لا ذنب له؟!
وهل يصح أن يأمر الله عبداً على طاعة ثم لا يريدها منه بل يخلق فيه خلافها؟!
وهل يصح أن ينهى الله عبداً عن معصية ثم يريدها منه ويخلقها فيه؟!
وهل يصح أن يخلق الله ما لا يرضى؟!
وهل يصح أن يخلق ما لا يحب؟!
وهل بعث الله تعالى الانبياء والرسل ليغيروا خلق الله ويقاوموا ارادة الله تعالى؟!
وإذا كان الله الذي خلق أفعال فرعون الضالة، فلماذا أرسل الله موسى إليه لعله يتذكر أو يخشى؟!
وإذا كان الله خالق كيد الشيطان فما معنى وصفه بالضعف؟! هل المعنى أنه تعالى خلق للشيطان كيداً ضعيفاً؟!
وإذا كان الله هو الذي خلق في ابليس الامتناع والاباء عن السجود لآدم؛ فما معنى قوله تعالى { ما منعك أن تسجد }؟
وإذا كان الله تعالى منع الناس أن يؤمنوا فما معنى قوله تعالى { وما منع الناس أن يؤمنوا }؟!
وقال تعالى {أن الله بريء من المشركين ورسوله}: فما هو الذي تبرأ الله منه؟ من خلقهم أم من رزقهم أم من إحيائهم وإماتتهم أم من بعثهم وحسابهم أم من أفعالهم؟ وما هو الذي تبرأ منه النبي صلى الله عليه وعلى آله؟
وقال تعالى { اذ يبيتون ما لا يرضى من القول }4108 : دليل على انه تعالى غير خالق لها فكيف يفعل الله ما لا يرضى.
وإذا كان الله خلق أفعال العباد فما معنى وصفه تعالى لخلقه بأنه إدا؟! وبأنه شططاً؟! وبأنه منكر؟! وبأنه فاحشةً؟!
وما معنى قوله تعالى لا يسأل عما يفعل وهم يسألون؟! فمن المسؤول ومن الفاعل؟!
وعلى أصل من قال إن كلام الله صفة من صفاته القديمة نسأل: هل صفات الله تتضاد بحيث تتوجه صفة الكلام إلى أمر ما وتتوجه صفة الإرادة لترجيح خلافه؟!
ثم أليس الإرادة هي التي ترجح لله الفعل؟! فمن الذي رجح النهي عن المعصية؟! أليست هي الإرادة؟! ومن الذي رجح خلق المعصية؟! أليست هي الإرادة؟! فإذا كان يصح أحد هذه : فهل يصح أن يكذب الله تعالى علينا؟! وهل يصح أنه تعالى أخبرنا عن الأمم الماضية وليس لها وجود؟! وأنه وعدنا دخول الجنة ولا جنة؟! وأنه هددنا بالنار ولا نار؟!

وأريد أن أقول هنا، إنه توجد حقائق كثيرة لا تفسير لها، ولكنها تنقسم إلى نوعين:
1. حقائق لا تنسب الظلم إلى الله تعالى ولكن وجه الحكمة خافٍ علينا.
2. حقائق تنسب الظلم أو القبح إلى الله تعالى ونحاول أن نصححها بدعوى أن وجه الحكمة خافٍ علينا.
وهنا أتكلم عن الكليات وليس عن الجزئيات.

ولنتأمل معاً:
ما أثر هذا القول على مبدأ التكليف؟
وما أثر هذا القول على إيماننا بحكمة الله تعالى؟ كيف سيكون إيماننا بإله نجوز عليه العبث (خطاب من لا فعل له) أو الظلم (معاقبة من لا فعل له) أو المغالطة (يوحي لنا أننا مختارون في حين أننا غير ذلك)؟
ما أثر هذا القول على عقولنا؟ (نغالط أنفسنا فنقبل ما هو مخالف لكل بديهة فينا)

بعد ذلك تلك الإشكالات سأتناول الآيات التي استدل بها لإثبات أن أفعالنا مخلوقة. وقبل ذكرها أشير إلى أمر ندركه جميعاً في تعاملنا مع أي خطاب: وهو إننا ندرك مجازية الخطاب لما نقارنه بالواقع. قنحن نعلم أن قول أحدنا تحدثت مع البحر مجاز. إما الحديث مجاز وإما البحر مجاز. لأننا نعلم أن البحر لا يتحدث إليه. وهكذا لغة القرآن الكريم، نحن نعلم المجاز فيها لما نجد أن الحقيقة لا تستقيم. وبالتالي فإننا لما عرفنا أنه لا يستقيم ببداهة العقل ولا بضرورة الشرع أن الله خلق أفعالنا عرفنا أن أي آية تدل على هذا إنما هي مجاز. وطبعاً لا يشترط علينا أن نفهم دائماً وجه المجاز، ولكن يمكن أن نعلم دائماً بوجود المجاز.
بعد هذا لننظر إلى الآيات وبالله تعالى التوفيق:

{ أتعبدون ما تنحتون والله خلقكم وما تعملون }37-95؛
المعنى والله خلقكم والحجارة التي تعملونها فتعبدونها. وإلا انقلبت الحجة على إبراهيم عليه السلام؛ فإبراهيم على حسب الرأي الثاني يقول لهم: كيف تكفرون وتعبدون هذه الأصنام كيف والحال أن الله خلقكم وخلق الكفر فيكم؟!
فكيف يكون لوما وكيف تستقيم حجة والله تعالى يقول { لئلا يكون للناس على الله حجة }
ونحوه قوله تعالى {والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون (20) أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون (21)}

ثم لنتأمل:
أولاً: ظاهر السياق يفيد أنه قوله تعالى { أتعبدون ما تنحتون } تبكيت لهم. وأن قوله تعالى { والله خلقكم وما تعملون } علة لهذا التبكيت.
ثانياً: لا يجوز أن يبكتهم بعلة على عبادتهم الأصنام إلا وللعلة تعلق بالتبكيت وتأثير فيه.
ثالثاً: إذا كان الأمر كذلك فلا بد من كون المعنى: أتعبدون هذه المعبودات والله خلقكم وخلقها.
رابعاً: لا بد من حمل معنى قوله تعالى { وما تعملون } على أن المراد به الصنم ليصح أن يكون علة للتبيكت.
فكان المعنى كيف تعبدون الأصنام المعمولة من الخشب والله تعالى خلقكم وخلق ذلك معكم.

ولو كان المعنى بـ{ ما تعملون } كان المعنى : أتعبدون ما تنحتون والله خلقكم وخلق في أيدكم الحركة! أو : أتعبدون معبوداتكم والله خلقكم وخلق فيكم الحركة! فأين الاتصال بين الكلامين وكيف يحمل كلام الحكيم المنظم على هذا؟
ثم لا بد من كون { ما تعملون } متعلقاً بما تقدم، فيقتضي تقدير محذوف. فإما يكون المعنى:
والله خلقكم وما تعملون فيه النحت.
والله خلقكم وما تعملونه من النحت فيه.
ولو حمل على الكلام الثاني لكانت الجملة لغوا لا علاقة لها بالسياق.

أيضاً لو قيل المعنى والله خلقكم وخلق عملكم؛ لكان المعنى من الآية:
أتعبدون ما تنحتون والله خلقكم وخلق عبادتكم وأعمالكم!
فأين التبكيت في هذا المعنى!
بل سيكون المعنى الحقيقي للآية:
أخلق فيكم عبادة ما خلق فيكم نحته، والله خلقكم وخلق عبادتكم وسائر أعمالكم!

فكيف يلومهم على عبادة الأصنام من جهة أنه خلق غيرها؟ ولو كان كذلك لأمكنهم أن يبطلوا حجة إبراهيم عليه السلام.

فمقام الاحتجاج وسياق الآية ينفي نفياً قاطعاً صحة حمل المعنى على ما أراده القوم. ولا يصح أن يحمل كلام الحكيم جل وعلا إلا على أحسن وأبلغ الوجوه.

ثم ما يُقال في هذه الآيات على القول بأن المراد بأن المعنى والله خلقكم وخلق ما تعملون:
1. وبدا لهم سيئات ما عملوا: وبدا لهم سيئات ما خلق الله فيهم.
2. ليجزي الذين أساؤا بما عملوا: ليجزي الذين أساؤا بما خلق الله فيهم.
3. أنتم بريئون مما أعمل وأنا برئ مما تعملون: أنتم بريئون مما خلق الله وأنا برئ مما خلق الله.
4. ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا: ولا نخلق فيكم من عمل إلا كنا عليكم شهودا.
5. ولتسألن كما كنتم تعملون: ولتسألن كما خلق الله فيكم.
6. أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علما أما ذا كنتم تعملون: أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علما أما ذا خلقت فيكم.
7. وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون: وذوقوا عذاب الخلد بما خلق الله فيكم.
8. ولا تجزون إلا ما كنتم تعلمون: ولا تجزون إلا ما خلق الله فيكم.
9. قل لا تسألون عما أجرمنا ولا نسئل عما تعملون: قل لا تسألون عما خلق الله فينا ولا نسأل عما خلق الله فيكم.
10. هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعلمون : هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنخ ما خلقنا فيكم.
11. لا تعتذروا اليوم إنما تجزون ما كنتم تعملون: لا تعتذروا اليوم إنما تجزون ما خلقنا فيكم.
12. إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة : إنما التوبة على الله للذين يخلق الله فيهم السوء بجهالة.
13. لبئس ما كانوا يعملون : لبئس ما خلق الله فيهم.
14. وكثير منهم ساء ما كانوا يعملون : وكثير منهم ساء ما خلق الله فيهم.
15. وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون : وزين لهم الشيطان ما خلق الله فيهم.
16. ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون : ولو أشركوا لحبط عنهم ما خلق الله فيهم.
17. فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون : فوقع الحق وبطل ما خلق الله فيهم.
18. إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون : إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما خلق الله فيهم.
19. ومن قبل كانوا يعملون السيئات : ومن قبل كان يخلق الله فيهم السيئات.
20. رب نجني وأهلي مما يعملون : رب نجني وأهلي مما خلقت فيهم.
21. أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا : أم حسب الذين خلقنا فيهم السيئات أن يسبقونا.
22. ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون : ولنجزينهم أسوأ الذي خلق الله فيهم.

وهذه للتمثيل وإلا فلو فُسر كتاب الله على مقتضى كلام من يقول بخلق الأفعال.

ولا يصح حمل الآية على خلق القدرة الموجبة على العمل لوجوه:
الأول: هذا المعنى ـ وإن كان صحيحاً في نفسه ـ لا ينسجم مع سياق الاحتجاج والتبكيت المراد.
الثاني: أن الظاهر الحمل على الأصنام، ولا محذور من هذا الحمل ولا يتعارض مع أي آية؛ بل لا يتعارض هذا الحمل حتى مع القول بخلق أفعال العباد. فأين الصارف الموجب للحمل على المجاز!
الثالث: هذا المجاز بعيد أن يحمل عليه لأن القوم المخاطبين ليسوا من علماء الكلام!


أما قوله تعالى { قل الله خالق كل شيء }13-16.
أولاً ليس للآية عموم ليتم الاحتجاج بها فقد قال الله تعالى:
{ وأوتيت من كل شيء }27-23؛ ومثله { يجبى اليه ثمرات كل شيء }. وقال تعالى { تدمر كل شيء بامر ربها }46-25؛ ثم قال { فأصبحوا لا يرى الا مساكنهم }46-25. وقال تعالى { انطق كل شيء }41-21. {تبيانا لكل شيء} مع أنه تبيان للأمور التي تتعلق بالتكليف دون غيرها. ونحوه قوله { ما فرطنا في الكتاب من شيء }.
فهنا "كل شئ " لا تفيد العموم؛ فمن أين أخذ العموم؟
ثانياً: ثم إن "كل شئ " تحمل حسب سياقها؛ وما وردت فيه الآية يجب أن يحملها على أنه تعالى خالق كل شئ مما يستحق به أحد العبادة؛ وذلك خلق الأجسام والنعم التي يعلم الناس أنهم لم يخلقوها.
ومثله قوله تعالى:
يا أيها الناس اذكروا نعمة الله عليكم هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا إله إلا هو فأنى تؤفكون (3).
فصرحت الآية عن متعلق الخالقية التي بها يستحق الإله أن يعبد وهو خلق الرزق.
وأصرح منه قوله تعالى:
وقوله تعالى أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون (17) وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم (18) والله يعلم ما تسرون وما تعلنون (19) والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون (20) أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون (21)
فدلت على أن الله تعالى أنكر عليهم عبادتهم من لا يخلق لهم رزقاً ولا يملك لهم نفعاً، ووصفتهم بأنهم أموات غير أحياء. وهل يصح أن يقال إن الآية ألمحت إلى أنه يصح من الحي الخلق.
وأصرح منه قوله تعالى:
خلق السماوات بغير عمد ترونها وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وبث فيها من كل دابة وأنزلنا من السماء ماء فأنبتنا فيها من كل زوج كريم (10) هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه بل الظالمون في ضلال مبين (11)
نعم هذا خلق الله ولم يقل أنه خلق أعمالهم.
ثالثاً: ثم نسأل هل أراد الله أن يقرر للكفار وللمؤمنين أنه تعالى هو وحده خالق ما بسببه يستحق أحد أن يعبد، ليحتج عليهم لوجوب عبادته؟ أم أنه تعالى أعطاهم العذر الرائق الذي به يبررون أعمالهم؟
فالله حسب ذلك الرأي يحتج عليهم ويلومهم فيقول: "لماذا تكفرون وتعبدون من دون الله والله تعالى خالق كفركم؟!لماذا؟"
وهل يستحق أحد العبادة لأنه يخلق فعله؟ وهل يُعبد ما يُعبد لأنه فاعل؟
رابعاً: هل أراد الله تعالى أن يقول لهم: "إني ألوكم على عبادة غيري، مع أنني خلقت هذه العبادة لكم، وأريد بذلك أن أقرر لكم أني مع كوني لم أشأ منكم الشرك كما تزعمون إلا أنني خلقته فيكم".
ثم إن قوله تعالى { أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شيء }13-16
قد دلت دلالة صريحة على متعلق الخلق الذي وجهه الله؟
وهو خلقٌ كخلق الله تعالى أوجب اشتباهاً على الناس فعبدوا أولئك الخالقين المزعومين.
ونعود هل يحتج الله تعالى على خلقه بهذه الآيات أم يعلمهم الاحتجاج عليه؟
فلا يصح حمل الآية على أنه تعالى خلق أفعالهم ، كما لا يصح حملها على أنه خالق قدرتهم وذلك للسياق، والاحتجاج، وعلم الكفار.

ثم قد قال تعالى { الذي احسن كل شيء خلقه }
فهل المعاصي حسنة! أم هي فواحش وسيئات ومكروهات؟

وقال تعالى {وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب صنع الله الذي أتقن كل شيء إنه خبير بما تفعلون }
فهل أفعال الإنسان كلها متقنة أم أن فيها المتقن وغير المتقن؟ وهل المعاصي من المتقنات؟

وقال تعالى { الذي خلق سبع سماوات طباقا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور }
فما هو التفاوت الذي نفاه الله تعالى في هذه الآية؛ أهو التفاوت في الخلقة؟ أم أنها في نفي العيب والنقص في خلق الله تعالى؟
فهل أفعال العباد منفي عنها هذا التفاوت؟

ثم قد قال الله تعالى { تخلقون إفكاً} وقال{ أحسن الخالقين}وقال تعالى { إذ تخلق من الطين كهيئة الطير } وقال تعالى { أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين }
أفلا تثبت هذه الآيات وجود خالقين غير الله تعالى؟ وما الصارف لها عن ظواهرها؟

وختماً لهذا أكرر أن كل بل كل آية فيها أدنى ذم لأي فعل من الأفعال دلالة على أنه تعالى لم يخلقها. وكل آية فيها نهي عن محذور دليل على أنه تعالى لم يخلقها ولم يردها ؛ فكيف ينهى عما لا يريد.

وقد تعددت التسويغات للجمع بين هذا وبين الاختيار. وأشهرها الكسب والذي كان عليه جمهور الأشاعرة. ولكن الكسب من الأمور التي لم يتفق الأشاعرة أنفسهم على ماهيته. وهو أمر لا دليل عليه من العقل ولا من القرآن. وهو أمر يؤول إلى الجبر كما سبق وأن ظهر من نصوص بعض أعلامهم.
والحمد لله رب العالمين.

الامير الصنعاني
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 792
اشترك في: الاثنين مارس 27, 2006 11:55 pm

مشاركة بواسطة الامير الصنعاني »

بسم الله الرحمن الرحيم
الاخ عبد الله حميد الدين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اسمح لي ببعض الملاحظات على ما تفضلت به

1- استفتحت بحثك بالكلام عن اهمية ومدى تاثير الخلاف في مسئلة الجبر والاختيار
فشخصياً لم اجد في كلامك توضيح صريح ومباشر لذكر سبب وقوع الخلاف واصله
وكان من الاولى في رأيي الشخصي أن تتطرق إلى الكلام بشكل واضح ومباشر عن سبب نشوء هذا الخلاف بين المسلمين

وما اراه شخصياً حسب اطلاعي المتواضع ان الخلاف اساسه الاصلي هو الكلام في القدر
والحديث عن القدر اظهر اشكالية فهم عدل الله وهذا قاد الى الكلام عن افعال العباد هل هي مخلوقة ام لا


2- من خلال ملاحظتي رقم واحد
اقول لك اخي الكريم
شخصياً لا استطيع ان تصور انك تستطيع الحديث عن مسئلة خلق افعال العباد دون التطرق الى مسئلة القدر والعدل
فلذلك انصحك حتى يكون بحثك اكثر وضوحا ان تلتزم الترتيب التالي
أ- ذكر مسئلة القدر وذكر مذاهب المسلمين فيها
ب- نتج عن الخلاف في القدر الزامات في مسئة العدل فكل فرقة الزمت خصمها بناتج عن قولهم في القدر
ج- بحسب اعتقاد كل فرقة في مسئلة عدل الله تكونت اشكالات يتعلق كل منها بالاخر
فمثلاً
المعتزلة لهم مفهومهم الخاص لمعنى عدل الله فتحقيقا لمذهبهم قالوا بنفي خلق افعال العباد
والجهمية لهم مفهومهم الخاص لمعنى عدل الله فتحقيقا لمذهبهم قالوا بالجبر
وهكذا

ومن باب الفائدة انقل لك كلاماً في هذه النقطة لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله

=======
اتفق المسلمون وسائر أهل الملل على أن الله تعالى عدل قائم بالقسط لا يظلم شيئا بل هو منزه عن الظلم
ثم لما خاضوا في القدر تنازعوا في معنى كونه عدلا في الظلم الذي هو منزه عنه

فقالت طائفة
الظلم ليس بممكن الوجود بل كل ممكن إذا قدر وجوده منه فإنه عدل والظلم هو الممتنع مثل الجمع بين الضدين وكون الشيء موجودا معدوما
فإن الظلم إما التصرف في ملك الغير وكل ما سواه ملكه وإما مخالفة الآمر الذي تجب طاعته وليس فوق الله تعالى آمر تجب عليه طاعته
وهؤلاء يقولون مهما تصور وجوده وقدر وجوده فهو عدل
....
وهذا قول المجبرة مثل جهم ومن اتبعه وهو قول الأشعري وأمثاله من أهل الكلام وقول من وافقهم من الفقهاء وأهل الحديث والصوفية
...
...
والقول الثاني أنه عدل لا يظلم لأنه لم يرد وجود شيء من الذنوب لا الكفر ولا الفسوق ولا العصيان بل العباد فعلوا ذلك بغير مشيئته كما فعلوه عاصين لأمره وهو لم يخلق شيئا من أفعال العباد لا خيرا ولا شرا بل هم أحدثوا أفعالهم فلما أحدثوا معاصيهم استحقوا العقوبة عليها فعاقبهم بأفعالهم لم يظلمهم
هذا قول القدرية من المعتزلة وغيرهم وهؤلاء عندهم لا يتم تنزيهه عن الظلم إن لم يجعل غير خالق لشيء من أفعال العباد بل ولا قادر على ذلك وإن لم يجعل غير شاء لجميع الكائنات بل يشاء ما لا يكون ويكون ما لا يشاء إذ المشيئة عندهم بمعنى الأمر
========


3- اخي الكريم صاحب الموضوع
شخصياً اراك لم تنصف في ذكر اقوال جميع الفرق في هذه المسئلة فقول السلفية عندك مهمش غير واضح
ولشيخ الاسلام ابن تيمية كلام جميل في شرح وتوضيح هذا القول
قال ابن تيمية تكملة لكلام ابن تيمية السابق

========
والقول الثالث أن الظلم وضع الشيء في غير موضعه والعدل وضع كل شيء في موضعه وهو سبحانه حكم عدل يضع الأشياء مواضعها ولا
يضع شيئا إلا في موضعه الذي يناسبه وتقتضيه الحكمة والعدل ولا يفرق بين متماثلين ولا يسوي بين مختلفين ولا يعاقب إلا من يتسحق العقوبة فيضعها موضعها لما في ذلك من الحكمة والعدل
وأما أهل البر والتقوى فلا يعاقبهم ألبتة
...
....
....
وهذا الأصل وهو عدل الرب يتعلق بجميع أنواع العلم والدين فإن جميع أفعال الرب ومخلوقاته داخلة في ذلك وكذلك أقواله وشرائعه كتبه المنزلة وما يدخل في ذلك من مسائل المبدأ والمعاد ومسائل النبوات وآياتهم والنواب والعقاب ومسائل التعديل والتجوير وغير ذلك وهذه الأمور مما خاض فيه جميع الأمم كما قد بسط في مواضع

وأهل الملل كلهم يقرون بعدله لأن الكتب الإلهية نطقت بعدله وأنه قائم بالقسط وأنه لا يظلم الناس مثقال ذرة لكن كثير من الناس في نفسه ضغن من ذلك وقد يقوله بلسانه ويعرض به في نظمه ونثره وهؤلاء أكثر رما يكونون في المجبرة الذين لا يجعلون العدل قسيما لظلم ممكن لا يفعله بل يقولون الظلم ممتنع ويجوزون تعذيب الأطفال وغير الأطفال بلا ذنب أصلا وأن يخلق خلقا يعذبهم بالنار أبدا لا لحكمة أصلا ويرى أحدهم أنه خلق فيه الذنوب وعذب بالنار لا لحكمة ولا لرعاية عدل فتفيض نفوسهم إذا وقعت منهم الذنوب وأصيبوا بعقوباتها بأقوال يكونون فيها خصماء الله تعالى وقد وقع من هذا قطعة في كلام طائفة من الشيوخ وأهل الكلام ليس هذا موضع حكاية أعيانهم و
ما ذكرناه من الأقوال الثلاثة نضبط أصول الناس فيه ونبين أن القول الثالث هو الصواب وبه يتبين أن كل ما يفعله الرب فهو عدل وأنه لا يضع الأشياء في غير رموضعها فلا يظلم مثقال ذرة ولا يجزى أحدا إلا بذنبه ولا يخاف أحد ظلما ولا هضما لا يهضم من حسناته ولا يظلم فيزاد عليه في سيئاته لا من سيئات غيره ولا من غيرها بل من يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره وأنه لا تزر وازرة وزر أخرى وأن ليس للإنسان إلا ما سعى أي لا يملك ذلك ولا يستحقه وإن كان قد يحصل له نفع بفضل الله ورحمته وبدعاء غيره وعمله فذاك قد عرف أن الله يرحم كثيرا من الناس من غير جهة عمله لكنه ليس له إلا ما سعى ...
...
...
والصواب القول الثالث وهو أن الظلم وضع الأشياء في غير مواضعها وكذلك ذكره أبو بكر بن الأنباري وغيره من أهل اللغة وذكروا على ذلك عدة شواهد كما قد بسط في غير هذا الموضع
وحينئذ فليس في الوجود ظلم من الله سبحانه بل قد وضع كل شيء موضعه مع قدرته على أن يفعل خلاف ذلك فهو سبحانه يفعل باختياره ومشيئته ويستحق الحمد والثناء على أن يعدل ولا يظلم خلاف قول المجبرة الذين يقولون لا يقدر على الظلم وقد وافقهم بعض المعتزلة كالنظام لكن الظلم عنده غير الظلم عندهم فأولئك يقولون الظلم هو الممتنع لذاته وهذا يقول هو ممكن لكن لا يقدر عليه والقدرية النفاة يقولون ليس في الوجود ظلم من الله لأنه عندهم لم يخلق شيئا من أفعال العباد ولا يقدر على ذلك فما نزهوه عن الظلم إلا بسلبه القدرة وخلق كل شيء كما أن أولئك ما أثبتوا قدرته وخلقه كل شيء حتى قالوا إنه لا ينزه أن يفعل ما يمكن كتعذيب البراء بلا ذنب فأولئك أثبتوا له حمدا بلا ملك وهؤلاء أثبتوا له ملكا بلا حمد

وأهل السنة أثبتوا ما أثبته لنفسه له الملك والحمد فهو على كل شيء قدير وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن وهو خالق كل شيء وهو عادل في كل ما خلقه واضع للأشياء مواضعها وهو قادر على أن يظلم لكنه سبحانه منزه عن ذلك لا يفعله لأنه السلام القدوس المستحق للتنزيه عن السوء وهو سبحانه سبوح قدوس يسبح له ما في السماوات والأرض وسبحان الله كلمة كما قال ميمون بن مهران هي كلمة يعظم بها الرب ويحاشى بها من السوء ....
....
فهو سبحانه منزه عن فعل القبائح لا يفعل السوء ولا السيئات مع أنه سبحانه خالق كل شيء أفعال العباد وغيرها والعبد إذا فعل القبيح المنهي عنه كان قد فعل سوءا وظلما وقبيحا وشرا والرب قد جعله فاعلا لذلك وذلك منه سبحانه عدل وحكمة صواب ووضع للأشياء مواضعها فخلقه سبحانه لما فيه نقص أو عيب للحكمة التي خلقه لها هو محمود عليه وهو منه عدل وحكمة وصواب وإن كان في المخلوق عيبا ومثل هذا مفعول في الفاعلين المخلوقين فإن الصانع إذا أخذ الخشبة المعوجة والحجر الردى واللبنة الناقصة فوضعها في موضع يليق بها ويناسبها كان ذلك منه عدلا واستقامة وصوابا وهو محمود وإن كان في تلك عوج وعيب هي به مذمومه مذمومة ومن أخذ الخبائث فجعلها في المحل الذي يليق بها كان ذلك حكمة وعدلا وإنما السفه والظلم أن يضعها في غير موضعها ومن وضع العمامة على الرأس والنعلين في الرجلين فقد وضع كل شيء موضعه ولم يظلم النعلين إذ هذا محلهما المناسب لهما فهو سبحانه لا يضع شيئا إلا موضعه فلا يكون إلا عدلا ولا يفعل إلا خيرا فلا يكون إلا محسنا جوادا رحيما




لي عودة اخي الباحث
ارجوا ان ملاحظاتي فيه فائدة لك
الف تحية والسلام ختام
العزة لله ولرسوله وللمؤمنين

محمد33333
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 292
اشترك في: الخميس أكتوبر 06, 2005 11:59 am

مشاركة بواسطة محمد33333 »

و كم من عائب قولا سليما و آفته من الفهم السقيم

أولا :

قال حميد الدين :

ثم قد قال تعالى { الذي احسن كل شيء خلقه }
فهل المعاصي حسنة! أم هي فواحش وسيئات ومكروهات؟
و اتبع ذلك مجموعة من الآيات

والجواب :

الآلام أمور قبيحة

و عندك أن الله خلقها

فيلزم أن الله لم يحسن كل شيء خلقه

فإن أجبت أنها حسنة باعتبار آخر

أجبناك بنفس الجواب في المعاصي

و هكذا تنهار حجتك

المنهار أصلا

محمد33333
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 292
اشترك في: الخميس أكتوبر 06, 2005 11:59 am

مشاركة بواسطة محمد33333 »

ثانيا

قلت عن الآية الكريمة التي تكررت مرات و مرات في القرآن

خالق كل شيء



اسمع

افعال العباد أشياء

و كل أول صيغ العموم

فهل من نص أوضح من هذا على أن الله خالق كل شيء

و قولك

ليس إلا انكارا لوجود العموم في اللغة

و إذا أنت التزمته

فالتزمه في أصولكم الفاسدة من من الوعيد

-------

محمد33333
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 292
اشترك في: الخميس أكتوبر 06, 2005 11:59 am

مشاركة بواسطة محمد33333 »

ثالثا:

الآية الكريمة

{ أتعبدون ما تنحتون والله خلقكم وما تعملون }


اسمع

ما إمام أن تكون موصولة

أو مصدرية


لو كانت مصدرية

فمعناها

خلق عملكم و هو المطلوب


لو كانت موصولة

فمعناها

خلق معمولكم

و هو أيضا المطلوب


لأن القائل أن الله خالق أفعال العباد

لا يقصد أنه خالق النسبة الاعتبارية من ايجاد و عمل و و و

بل قصده أن خالق ما تنتجه هذه النسبة التي يعتبرها العقل


فيلزم أن هذا الآية نص صريح جدا في أن الله خالق أفعال العباد

محمد33333
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 292
اشترك في: الخميس أكتوبر 06, 2005 11:59 am

مشاركة بواسطة محمد33333 »

رابعا

يا سيد حميد الدين

عندما تريد أن تتحدث عن موضوع فلسفي

فلا تحشر نفسك في زاوية التراث فقط

و انظر إلى الحاضر

فهل مثلا

حضرتك قرأت دافيد هيوم أو الوضعية المنطقية

---------------

على كل


ذات يوم

خرج شخص اسمه بافلوف بفكرة

و هو أنه جاء بكلاب

و وضع جهازا في فمها لقياس لعابها

فوجد أنه يرتفع إذا قدم لها طعاما

و لا يرتفع إذا قرع جرسا


ثم
صار

يقرع الجرس و يقدم بعدها الطعام

فإذا بلعاب الكلاب صار يزيد مع قرع الجرس


حتى أن قرع الجرس صار كافيا لافراز لعاب الكلب بنفس الدرجة التي يؤثر فيها الطعام


النتيجة

أن الكلاب

نتيجة للتقارن بين الطعام و الجرس

صارت تظن أن الجرب لازم أو علة للطعام


-------------------
-------------------
-------------------


×××××××××××××××××××××

×××××××××××××




فهم

وجدوا في عقولهم أفكارا

و ارادات

ثم وجدوا في أجسادهم حركات و انفعالات موافقة لهذه الارادات و مقارنه لها في الزمان

فظنوا كما ظنت كلاب بافلوف

أن الارادات التي في العقول هي أسباب الحركات و الانفعالات


و إن بعض الظن إثم


------------------
------------------
------------------


إذا علمت هذا

فنقول

إن كل ما تقدموه من أدلة على أن العبد خالق فعله

هو نزول إلى مستوى تفكير تلك الكلاب التي تظن التقارن علية و سببية


لكننا نجلكم عن ذلك

و نقول

إن كل ما نراه هو تداعي الأفكار

و التقارن بينها

لكن هذا لا يبرر السببية


فنقول وقتها إن معنى الكسب واضح و صريح و صحيح



ارادة الفعل توجد في عقل الإنسان

فيخلق الله عندها هذ الفعل

و ارادة الفعل الاصلية هي بنفس الشيء

عندما توجد ارادتها فإنها تخلق

و هكذا

و هذا أمر يصحح التكليف تماما

فهو يثبت مدخلية للانسان في فعله

و هو مقارنة ارادته الحادثة لخلق الله لما اراده


سواء فهمته

أو لم تفهمه

يا سيد حميد الدين

فهو أمر صحيح

و لا يسعك انكاره


×××××××××××××

××××××××

×××××××

××××××××


-------------------
-------------------
--------------------
--------------------


فائدة


كثيرون من أهل السنة يثبتون أن الله خالق فعل العبد

في نفس الوقت الذي يكون فيه العبد فاعلا و سببا لفعله

و و معنى خالقية الله له هو أنه سبب سببه

و هؤلاء جماعة كبيرة

منهم ابن حزم و جمهور أهل الحديث و ابن تيمية قديما

و الإمام الأكبر الشيخ محمد عبده حديثا


×××××××××

كيف تنكر هؤلاء

؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

محمد33333
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 292
اشترك في: الخميس أكتوبر 06, 2005 11:59 am

مشاركة بواسطة محمد33333 »

قلت
ولأنه يصعب مناقشة البديهيات، فما سيتم طرحه هنا إنما هو مجموعة من الإشكالات التي تبين أن الرأي هذا يتناقض مع نفسه.
البديهيات

هي نفس طريقة التفكير ××××××××××××××
أولاً: هل يصح أن يعذب الله كل من هو أسود؟! أو كل من هو طويل فوق الـ 180 سم؟! أو كل من هو قصير دون الـ 150 سم؟! أو كل من هو غير قرشي؟! أو كل من ولد في القارة الأروبية؟!
وهل يصح أن يعذب الله من ارتعش من شدة البرد؟! أو من سال لعابه عند رؤية الطعام؟! أو من خفق قلبه من الخوف؟!
فإذا كان الجواب نعم! فسينتقل الكلام إلى هذا الأمر. ومن يقبل أن يقول هذا عن الله تعالى فلا يمكن أن يناقش حول صحة الجبر أو عدمه.
وإذا كان الجواب لا! فما الفرق بين تلك الأمثلة وبين أن يخلق الله فعلاً ثم يعذب عليه؟ هل الفرق هو الشعور أننا مختارون؟

الفرق هو أننا كاسبون للثانية و لسنا كذلك للأولى

و قد وضحت لك معنى الكسب

×××××××××××

فكم من عائب قولا سليما و آفته من الفهم السقيم

عبدالله حميدالدين
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 163
اشترك في: الخميس ديسمبر 11, 2003 10:56 am

مشاركة بواسطة عبدالله حميدالدين »

أخي الأمير الصنعاني شكراً على مداخلتك، أنا انشغلت اليومين الماضيين لذا لم أتمكن بعد من الكتابة.
أخي محمد، شكراً على انتقاداتك. ولم أكتب شيئاً للسبب نفسه.

المتوكل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2274
اشترك في: الاثنين يناير 05, 2004 10:46 pm
مكان: صنعاء
اتصال:

مشاركة بواسطة المتوكل »

المشترك / محمد33333


دعك من البلطجه والسوقية ، وحاور بأدب وإحترام وأسلوب مهذب
صورة
صورة

محمد الغيل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2745
اشترك في: الأحد إبريل 18, 2004 3:47 am
اتصال:

مشاركة بواسطة محمد الغيل »

الحسن المتوكل كتب:المشترك / محمد33333


دعك من البلطجه والسوقية ، وحاور بأدب وإحترام وأسلوب مهذب


لا حول ولا قوة الابالله
صورة
يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون
صورة

عبدالله حميدالدين
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 163
اشترك في: الخميس ديسمبر 11, 2003 10:56 am

مشاركة بواسطة عبدالله حميدالدين »

أخي الصنعاني: بخصوص التوضيح الصريح والمباشر لسبب وقوع الخلاف: لم أذكره لأن الغرض بحث المسألة كما هي. وهي بشكلها الحالي مفصولة ومعزولة عن أسباب نشوؤها وتطورها.

والقدر كلمة واصطلاحاً تطورت، فالكلمة لها معان متعددة في العربية وفي الاستعمال القرآني، وما كان هذا شأنه لا يتصور أنه تحول إلى مصطلح علمي بغير مرورها على محطات متعددة.
وبالتالي يمكن القول أن القضية إنما بدأت من حيثية محددة وهي هل العباد يتصرفون في أمورهم أم لا؟ هل ما يقع عليهم من بعضهم البعض حتم من الله؟
لذلك فلا أرى البدء من القدر لأنه سيكون بدءا بمصطلح متاخر، وأيضاً مصطلح متطور ومتغير.

ثم إن المطلوب بحث المسألة كما استقرت آخر الأمر، والحال أن المسألة اليوم دائرة على خلق أفعال العباد.

بخصوص كلام ابن تيمية: أنا ركزت على كلام الأشاعرة والماتريدية لأن الجهود التي بذلت فيه كانت أكبر بكثير مما بذل في رأي ابن تيمية في الموضوع. هذا من ناحية. من ناحية أخرى فإن ابن تيمية لم يقدم جديداً في المسألة. كلما عمله أنه مدح رأي العدلية في العدل، وذم رأي الأشاعرة في الجبر، ولكنه بعد هذا وذاك كرر الأصل المشهور: إن الله خلق أفعال العباد، وهو مع هذا عدل.
وانظر في الكلام الذي نقلته:
يقول إن الله ((ولا يجزى أحدا إلا بذنبه)) ويقول إن الله ((لا يفعل السوء ولا السيئات مع أنه سبحانه خالق كل شيء أفعال العباد وغيرها)) ثم يقول: ((والعبد إذا فعل القبيح المنهي عنه كان قد فعل سوءا وظلما وقبيحا وشرا والرب قد جعله فاعلا لذلك وذلك منه سبحانه عدل وحكمة صواب ووضع للأشياء مواضعها))
والرب قد جعله فاعلاً لذلك... أي إن الله هو الذي جعل العبد يعصي، ومع هذا فإن هذا عدل وحكمة وصواب.
وأما تعريفه الظلم بأنه وضع الشيء في غير موضعه فليس أغرب من تعريف الأشاعرة للظلم بأنه تصرف في ملك الغير.
فالتعريف الأشعري سوغ أن يخلق الله المعصية في العبد ثم يعذبه عليها باعتبار أن العبد مملوك لله تعالى وبالتالي فإنه لا يتصور أن يكون الله ظالماً لما يملكه.
أما تعريف ابن تيمية فهو يريد أن يقرر نفس التقرير الأشعري، أي يريد أن يقرر بأنه عدل من الله أن يخلق المعصية في العبد ثم يعذبه عليها، ولكن الفرق أن ابن تيمية اعتبر أن هذا من باب وضع الشيء في موضعه. وطبعاً يبقى علينا أن نعرف كيف أن تعذيب الله لمن خُلقت فيه المعصية هو من باب وضع الشيء في موضعه. وإذا كان الأمر كذلك، فهل يمكن أن نطبق تعريف الظلم التيمي على علاقاتنا الاجتماعية؟
شكراً على ملاحظاتك، وأنا مقدر لها، والمعذرة على تأخير الجواب، فقد أردت أن أقرأ ما كتبته بتمعن.


الأخ محمد 33333
كان لديه مجموعة من الملاحظات هنا وفي موقعين آخرين.
بخصوص القبيح والسيء والفاحش: أنا تكلمت عن المعاصي وقلت إنها سيئات ومكروهات. ومصطلح سيئات ومكروهات غير مصطلح قبيح.
والفعل القبيح هو الفعل الذي يقع على وجه الظلم أو الكذب أو العبث. فالآلام ونحوها لا تكون ظلماً إلا إذا خلت من الاستحقاق أو خلت من العوض.

بخصوص كون كل من ألفاظ الوعيد: أنا ذكرت مجموعة من الآيات ولكنه لم يناقشها. وكون كل من ألفاظ العموم لا يعني أنها من ألفاظ العموم المطلق في كل وقت وفي كل سياق.

ثم يقول: حول الآية الكريمة { أتعبدون ما تنحتون والله خلقكم وما تعملون }: نسبة الخلق إلى الأصنام مجازية، والنسبة هي للأحجار التي منها الأصنام.


الكسب من المسائل التي تعددت تعريفاتها.
أنت قلت : ((ارادة الفعل توجد في عقل الإنسان))
من خلق الإرادة في عقل الإنسان؟
وأين مدخلية الإنسان في فعله؟ مجرد ((مقارنة ارادته الحادثة لخلق الله لما اراده))؟ ومرة اخرى من محدث تلك الإرادة؟
ثم كيف يصح عندك التكليف؟

الامير الصنعاني
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 792
اشترك في: الاثنين مارس 27, 2006 11:55 pm

مشاركة بواسطة الامير الصنعاني »

بسم الله الرحمن الرحيم
الاخ الباحث هدانا الله واياك إلى الحق وثبتنا عليه

1- اخي الكريم البحث بحثك وانت السيد فيه والقرار لك فاقتراحي لك ان تربط المسئلة بأصلها كنت اراه انسب وافضل
خصوصاً وان اهل السنة والجماعة او فلنقل شيخ الاسلام ابن تيمية يررجع الى اصل المسئلة ليكو هذا أحد حججه وادلته في تصويب ما هو عليه وتخطئة ما ذهبت اليه الفرق الاخرى

2- ما يسئوني اخي الكريم منك ومن كثير من اخوتنا المعتزلة او الزيدية على وجه الخصوص انهم يتعمدون تجاهل مذهب السلفية بل ويجعلون مذهب السلفية هو هو بذاته مذهب الاشاعرة او المجبرة او او (مع ان الفكر السلفي وابن تيمية على وجه الخصوص يصرح بصريح العبارات التبرئ من مذهب الاشاعرة في هذه النقطة وفي نقاط اخرى)
ومن باب الانصاف في بحثك اخي الكريم اقترح عليك
ان تعطي لنفسك الفرصة في مناقشة كلام ابن تيمية وادخاله في بحثك ولا تستبق النتائج فتزعم ان منهج ابن تيمية ليس فيه جديد وذلك للسبب التالي
كلام شيخ الاسلام ابن تيمية له وزنه من باب وجود من يتبناه اليوم
فاذا ما ادخلت كلامه في بحثك وناقشت كلامه ووصلت في اخر بحثك الى نتيجة أن ابن تيمية لم يأتي بجديد وأن ما قاله ابن تيمية يلزم منه الجبر فبالتالي يكون لبحثك الاثر الطيب على من كان يرى رأي ابن تيمية فيترك كلامه ويتبع ما توصلت اليه في بحثك
ومن ناحية اخرى (وهذا ما اراه انا) انك قد تكون مخطئ في فهم كلام ابن تيمية وفيه سؤ فهم
فلعلك لو التفت لكلام ابن تيمية واعطيته من الوقت ما يستحق لعل هذا يقودك الى تصويب كلام ابن تيمية



3- اخي الكريم
لاحظ اخي الكريم ان الاخ محمد 33333 دخل هنا يناقشك في معتقدك نفسه ويبين لك خطأه
بينما انا دخلت ملبياً لطلبك مشيراً عليك بالاقتراحات التي اراها انها تساعدك في بحثك
لكن اخي الحبيب
الزمتني بشيء من النقاش معك حينما وجدتك تسيء فهم كلام شيخ الاسلام ابن تيمية
فاسمح لي اخي الحبيب بالتوضيح

1- قولك
بخصوص كلام ابن تيمية: أنا ركزت على كلام الأشاعرة والماتريدية لأن الجهود التي بذلت فيه كانت أكبر بكثير مما بذل في رأي ابن تيمية في الموضوع
اسمح لي ان اقول لك اخطئت اخي الحبيب
فهنالك جهود كبيرة توازي جهود الاشاعرة بل قد تكون اكثر بذلها اصحاب الفكر السلفي في اثبات رأيهم
لكن لعلك تقصد بالجهود الاستناد بشكل اكثر إلى المنطق وتقديم العقل على النص في اثبات المذاهب
وانت تعلم اخي الكريم ان المنهج السلفي يقوم على نبذ ما يسمى بعلم الكلام ويرفض تقديم عقل الانسان المحدود على النصوص في اثبات ما يتعلق بذات الله وصفاته

2- قولك
من ناحية أخرى فإن ابن تيمية لم يقدم جديداً في المسألة. كلما عمله أنه مدح رأي العدلية في العدل، وذم رأي الأشاعرة في الجبر، ولكنه بعد هذا وذاك كرر الأصل المشهور: إن الله خلق أفعال العباد، وهو مع هذا عدل.
هذا يؤكد لي اخي الكريم انك واقع في سوء فهم كبير لكلام شيخ الاسلام ابن تيمية
نعم ابن تيمية يرى أن الله خلق افعال العباد
لكن لا تستهين بكلام ابن تيمية وتجعله فقط مجرد مدح للعدلية وذم للاشاعرة فهذا ظلم منك يا طيب
فيا ليت اخي الحبيب تفتح قلبك وعقلك لفهم واستيعاب كلام ابن تيمية فاعد النظر في كلام ابن تيمية
وانا يا طيب لم انقل لك كل كلام ابن تيمية انما نقلت لك مقتطفات بسيطة وظننت بأنك سترجع إلى كلام ابن تيمية كامل حيث وأني لم ادخل لنقاشك اصلاً انما لوضع الملاحظات
فهذا رابط فيه كلام ابن تيمية كامل الذي ان اقتبست منه تلك الجزئيات

http://arabic.islamicweb.com/books/taimiya.asp?book=990

3- قولك
وأما تعريفه الظلم بأنه وضع الشيء في غير موضعه فليس أغرب من تعريف الأشاعرة للظلم بأنه تصرف في ملك الغير.
اخي الكريم
ما وجه الغرابة في تعريف ابن تيمية وما وجه الغرابة في تعريف الاشاعرة للظلم ؟
اخي الكريم
تعريف الاشاعرة صحيح ولكنه غير دقيق فهو تعريف جزئي للظلم
بينما تعريف ابن تيمية تعريف اشمل واكمل

هل يمكن أن يكون هنالك عدل مع وضع الشيء في غير محله ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

وسؤال يطرح نفسه
ما هو التعريف السليم للظلم في نظرك ؟


4- أما قولك
وإذا كان الأمر كذلك، فهل يمكن أن نطبق تعريف الظلم التيمي على علاقاتنا الاجتماعية؟
فالاجابة وبكل بساطة نعمممممم
فمثلاً
علي عبد الله صالح عندما سجن العالمين الزيدين الذين افرج عنهما بالامس القريب ظالم كونه وضعهما في غير موضعهما الذي يستحقانه
وهكذا تستطيع ان تطبق تعريف شيخ الاسلام ابن تيمية للظلم في كل حالات وحوادث الظلم الحاصلة بين الناس

فحاول اخي ان تركز في هذه النقطة تركيز اشد فهذا قد يساعدك في بحثك ان شاء الله


اخيراً
خذ راحتك اخي الحبيب
تحياتي لك
والسلام ختام
العزة لله ولرسوله وللمؤمنين

عبدالله حميدالدين
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 163
اشترك في: الخميس ديسمبر 11, 2003 10:56 am

مشاركة بواسطة عبدالله حميدالدين »

أخي العزيز

أولاً أعتذر عن الاقتضاب في العبارات والتي قد توحي بنبرة حادة، في حين أن الأمر بخلاف ذلك، وما الأمر إلا للاختصار فقط.
وأنت فعلاً دخلت لتثري البحث بما لديك من أفكار، وأنا شاكر لها ومقدر، ونقاشي لك يساعدني في استخراج المزيد من الآراء والملاحظات. فلك الفضل.

بخصوص ملاحظاتك:

أنا متفق معك بأن ربط المسألة بأصلها أنسب، ولكن أرى أن أصلها هو خلق الأفعال، وليس القدر.
وأما منهج ابن تيمية أو غيره من العلماء في الاستدلال على المسألة فهو من باب ترتيب الحجة، ولكن هذا يختلف عن أصل القضية. وأسلوبه هو أسلوب الجميع، يذكرون القضايا بشكل مجمل ثم يضعون آراءهم وكأنهم هم الحالة الوسطى، وهذا طبيعي ولا عيب فيه ما دام الشخص لا يقصد المغالطة.
علماً بأن ابن تيمية مشهور بالمغالطات وبارع فيها، ولو اتسع صدرك لقراءة ما أخذ عليه في التجسيم، والجبر، والنصب، وغير ذلك من القضايا لوجدت عجباً.

بخصوص مذهب السلفية: هو لا يكاد يعدو مذهب أحمد بن حنبل ومن وافقه في القضايا العقائدية، وابن تيمية كان أول من برع في بيان مذهبهم ومناقشة الأشاعرة في ذلك.
وأنا أعلم أن بينهم اختلاف كبير، ولكن كما سبق وأن قلت لك، إن أصل المسألة في الجبر/القدر هو خلق الأفعال، وفي هذا الباب فإنه يتفق تماماً مع غيره، والخلاف بينه وبين الأشاعرة في هذا لا يتجاوز حجم الخلاف بين الأشاعرة أنفسهم في تفسير الكسب، أو الخلاف بين الأشاعرة ة وبين الماتريدية في هذا الموضوع.
أخي الكريم ما دامت أفعال العباد مخلوقة لله تعالى، فإن الخلاف بين الجميع انحصر في تفسيرهم للتوافق بين خلق أفعال العباد وبين صحة التكليف، وبين ذلك وبين العدل الإلهي.
وأظن يا أخي أن الأشاعرة كانوا أصدق مع أنفسهم من ابن تيمية لما التزموا الأمور التي شنعها عليهم. لأنهم أدركوا أنه لا مناص من تلك القضايا ولا فرار. فقرروا مواجهتها بالاقرار بها بدلا من الفرار منها. ابن تيمية شنعها عليهم، وقلل من قدر عقولهم بسبب القول بها، ولكنه التزم الأصل المؤدي لها.

والقول بأن ابن تيمية لم يقدم جديداً يعني أنه لم يتجاوز:
1. أصل المسالة وهي خلق الأفعال،
2. لم يتجاوز أصل المشكلة وهي تفسير صحة التكليف والقيام بالقسط على ضوء خلق المعصية في العبج ثم التعذيب عليها
أما أنه قدم تفسيراً جديداً يصحح التكليف، فهذا يضعه في خانة من قدم تفسيرات جديدة عبر قرون أربعة سبقته، وقرون تلته.

وصحيح أن كلام ابن تيمية له وزن، ولكن أنا أناقش فكرة، ولا أناقش أشخاصاً، وابن تيمية لم يتميز في القضيتين المذكورتين آنفاً.
في كل الأحول؛ من باب شمول البحث يحسن ذكر اسمه بين الأسماء التي حاولت أن تنوع في التفسير. في هذا معك حق، وسأقوم بهذا. فشكراً لك.

أما أن فيه حق، فدونه خرط القتاد... وكيف يصح أن يخلق الله فعلي ثم يعذبني عليه؟ بأي عقل وأي منطق، وأي قيمة أخلاقية؟ وكيف يخلق الله فيني فعلاً ثم يأمرني بضده؟ وكيف يخلق فيني فعلاً ثم يذمني عليه؟


بخصوص الجهود التي بذلت في فهم رأي ابن تيمية:
أخي الكريم المسألة إحصائية وبالتالي فالحكم فيها بعلم لا يكون إلا بحصر ما كتب من العناوين. ولكن لو اعتبرت التالي:
1. فكر ابن تيمية لم ينل اهتماماً حقيقياً إلا في المائة سنة الأخيرة، في حين أن فكر الأشاعرة بذلت فيه جهود لاكثر من ألف سنة.
2. قبل المائة سنة السابقة لم يكن للسلفية ذكر إلا على نطاق محدود.
مرة أخرى المسألة إحصائية، وهي في الحقيقة ليست بذي أهمية، لأن الحق حق بحجته لا بعدد أتباعه أو حجم مؤلفاته.

أما أن المذهب السلفي يقوم على ذم علم الكلام فهو من المغالطات التي اشتهر بها السلفية. فكل مبدأ للسلفية يعتمد على "علم كلام" الفرق أنه علم كلام غير مؤصل، وغير مخدوم بشكل مستقل. ولكن لا توجد مسألة إلا ويعتمدون فيها على العقل قبل النص. وهذا ليس إلا لأنه يستحيل غير هذا. وقد أنزلت مقالة مستقلة حول مسألة خلق القرآن وكيف أن السلفية ـ من خلال مثال واحد ـ اعتمدت على قواعد لا أصل لها في القرآن لتأسيس عقيدتها.

ويا أخي أنا لم أسيء فهم كلام ابن تيمية، ولكن "جئت من الآخر" كما يقال .

وابن تيمية لم يمدح العدلية، وإنما مدح بعض أفكارهم حول تعريف القبح والظلم ووافقهم فيها، ولكنها موافقة ظاهرية ما دام أنه التزم بالأصل.

أما تعريف الظلم بأنه وضع الشيء غير موضعه: هو غريب لأنه اعتبر أن خلق المعصية في العبد الموجبة للتعذيب الأبدي والذم، هو وضع الشيء في موضعه. وأن خلق المعصية في العبد ثم النهي عنها هو من وضع الشيء في موضعه.
وغرابة التعريف الأشعري ليس في حد ذاته، وإنما في تطبيقه على العلاقة بين الله وبين العباد.
فأن أقول إن وضع الشيء في غير موضعه ظلم. وأن أقول إن التصرف ملك الغير ظلم... فهذا صحيح. ولكن أن أتي وأن أقول: إن خلق معاصي العباد من إله نهى عنى، وأوعد عليها، وسيعذب عليها، ليس من وضع الشيء في غير موضعه، وبالتالي فإنه عدل... هذا الغريب.
وأن أقول: إن خلق معاصي العباد من إله نهى عنى، وأوعد عليها، وسيعذب عليها، ليس من التصرف في ملك الغير وبالتالي فإنه عدل... هذا الغريب.
وتعريف الظلم الصحيح من نظري: إلحاق الضرر بالغير من دون استحقاق ومن دون عوض.
وقل لي أنت يا سيدي الحبيب:
هل إلحاق الضرر بالغير من دون استحقاق ومن دون عوض... هل هذا ظلم أم لا؟
ثم قل لي: بما استحق الكافر العذاب؟ بما خلق الله فيه؟ أنت ستقول لي بما فعل، ولكن السؤال من خلق فعله؟ وبالتالي هو يستحق العذب بما خلق الله تعالى فيه!

وأما تطبيق التعريف على العلاقات الاجتماعية:
تعريف الأشاعرة يفيد هنا أكثر لأن لا أحد يملك أحداً، وبالتالي تعريفهم يساعد على تقييد تصرفات العباد.
وأما التعريف التيمي فيفتح الباب لتحديد "وضع الشيء في موضعه" فيأتي ظالم أو ظلمة ويعتبرون أن تعذيبهم وقتلهم، ووووو هو من باب وضع الشيء في موضعه. ومهما ناقشتهم بأنه ليس كذلك، سيأتون ويردون عليك بأنه كذلك... وما دام الله تعالى سيعذب أبد الآبدين وفق هذه القاعدة فليس عليهم من حرج بأن يلحقوا أضراراً مؤقتة وفقها.

وبخصوص علي صالح، هو يرى أن ذاك موضعهما، وبالتالي فإنه في نفسه معذور، لأنه "ولي الأمر" ومن موقع الولاية التي مُنح فإنه رأى ذلك.

الامير الصنعاني
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 792
اشترك في: الاثنين مارس 27, 2006 11:55 pm

مشاركة بواسطة الامير الصنعاني »

بسم الله الرحمن الرحيم
الاخ الباحث
امور مهمة جدا لا بد من تنبيهك عليها
1- اصل المسئلة
كونك اخي لم تقتنع ان اصل الخلاف هو مسئلة القدر فهذا شيء لن يؤثر كثيرا في نقاشي معك وان شاء الله لن يؤثر في نتائج بحثك
=====
2-منهج ابن تيمية في ترتيب المسئلة
شيخ الاسلام ابن تيمية لم يتحدث عن القدر مع انه يُفهم من كلامه ان اصل اصل الخلاف هو القدر
لكن شيخ الاسلام ابن تيمية تحدث عن مسئلة العدل (نفي الظلم عن الله) وهذا هو الاساس المباشر او الاول لمسئلة خلق افعال العباد

انت بالذات كزيدي لا يحق لك الاعتراض على منهج شيخ الاسلام ابن تيمية في ترتيب المسئلة

فكلام ابن تيمية هذا يتوافق توافق تام مع ترتيب الزيدية للمسئلة فكتب العقيدة الزيدية تتحدث عن مسئلة خلق افعال العباد تحت باب العدل

فبغض النظر عن القدر

المهم لا اعتراض في ان مسئلة خلق افعال العباد داخلة تحت مسئلة عدل الله
وانت تعرف ان الزيدية لا تقول بخلق افعال العباد بزعم ان هذا القول يقتضي نسبة الظلم الى الله
فاذا ما اثبتنا ان الله هو خالق افعال العباد وبنفس الوقت الله عدل تكون حجة الزيدية قد انهدمت

3-ابن تيمية والمغالطات
اخي الكريم لشيخ الاسلام ابن تيمية بعض الاخطاء لعل اشهرها قوله بفناء النار فابن تيمية ليس بنبي وليس بمعصوم
لكن شيخ الاسلام ابن تيمية ليس بالمغالط وليس مشهورا بالمغالطات كما تزعم
والكثير من الامور نسبت اليه زورا وكذبا
وبعض الامور اسيء فهم كلامه وليس هنا معرض الكلام عن هذه الامور وان شاء الله انا ساخصص مواضيع خاصة نتناقش فيها عن هذه المسائل

4- ابن تيمية والاشاعرة في مسئلة خلق افعال العباد:

زعمت اخي الكريم ان قول ابن تيمية في هذا الباب يمكن ادراجه ضمن قول الاشاعرة وهذا ظلم كبير اتمنى ان تتراجع عنه
وسبب وقوعك في هذا الظلم
انك حصرت نظرتك في جزئية خلق افعال العباد وعلى هذا حكمت ان المسلمين فرقتين
فرقة تقول بخلق افعال العباد واعطيت الاشاعرة الراية في هذا القول
وفرقة تقول بان العباد خالقين افعالهم واعطيت الزيدية الراية في هذا القول
والصواب يا طيب ان توسع نظرتك قليلا وتقسم الناس على اساس مسئلة عدل الله (وانت ملزم بهذا كون مسئلة خلق افعال العباد تحت جزئية العدل)
فستجد ان المسلمين ثلاثة اصناف
1- الاشاعرة والمجبرة الذين زعموا ان الله عادل لامتناع وجود الظلم في حق الله
وعرفوا الظلم على انه التصرف في ملك الغير ومخالفة الامر الذي يجب طاعته
فقالوا
بما ان الله مالك كل شيء ولا يوجد أمر يحب عليه اتباعه فاذاً الله مستحيل ان يكون ظالم
فكونه خلق افعال العباد فهذا لا يعتبر عندهم ظلم لان العباد من ملك الله والله يتصرف في ملكه كيف ما شاء

والاشاعرة خالفوا المجبرة في مسئلة الجبر
فالمجبرة لا يتحرجون من ان يصرحوا ان الانسان مجبر على افعاله حتى انهم يحتجون بهذه المسئلة ليبرروا لانفسهم ارتكاب المعاصي والذنوب والعياذ بالله

أما الاشاعرة فحاولوا الهروب من القول بالجبر باختلاق استنتاجات عقلية ظنوها حقائق قطعية
وانت اخي الباحث قد تطرقت لذكرها فانت ادرى

2- الزيدية والمعتزلة الذين قالوا ان الظلم هو الحاق الضرر بالغير من دون استحقاق ومن دون عوض فبالتالي الله لم يخلق افعال العباد لانه لو خلقها فيهم ثم عذبهم عليها فقد الحق بالعباد الضرر من دون استحقاق ومن دون عوض

3- السلفية الذين قالوا ان الظلم هو وضع الشيء في غير موضعه والله سبحانه وتعالى عدل وضع كل شيء في موضعه فخلق افعال الكفر والمعاصي في مستحقيها من العباد وخلق افعال الهدى والطاعة في مستحقيها من العباد


فهذا يا طيب هو التقسيم الصحيح والعادل للفرق الثلاث في هذه المسئلة

============

5- النقاش بين الفرق في مسئلة عدل الله
اولا:- رد قول الاشاعرة
الفكر السلفي يرد قول الاشاعرة بالاستدلالات التالية
1- يا اشاعرة انتم اخطئتم في فهم معنى الظلم فحصرتموه في جزئية بسيطة وهي التصرف في ملك الغير ومخالفة الامر الذي يجب طاعته
ومما لا شك فيه ان الله ليس بظالم في الجزئية هذه فهو لا يتصرف في ملك غيره فكل شيء ملك الله ولا يوجد أمر يجب على الله طاعته حتى يخالفه
لكن يا اشعرية الظلم له صور اخرى انتم لم تنفوها عن الله وسنتطرق لبيانها لاحقا وهنا نسايركم فنقول لكم لو ان تعريفكم سليم للظلم
فالظلم مستحيل الحدوث في حق الله فيلزمكم القول ايضا ان العدل مستحيل في حق الله
فطالما لا يوجد ظلم فلا يوجد عدل
فيا اشعرية ما فائدة وصف الله بالعدل طالما انه مستحيل حدوث الظم فيلزمكم يا اشعرية القول بان الايات والاحاديث التي تنفي الظلم عن الله وتصفه بالعدل كلها هذيان لا معنى لها

2- يا اشاعرة اخطئتم في فهم معنى الظلم وللظلم صور اخرى غير ما ذكرتم
منها الحاق الضرر بالمملوك دون استحقاق
فهل تنكرون يا اشعرية ان الحاق الضرر بالمملوك دون استحقاق من المملوك ظلم
ان قلتم لا ننكر فقد انهدم مذهبكم كله في هذه المسئلة فانتم زعمتم سابقا ان الظلم هو التصرف في ملك الغير وبنيتم مذهبكم على هذا الباطل وما بني على باطل فهو باطل وان قلتم ننكر خالفتم البديهيات المسلم بها عند الجميع

3- يا اشعرية قولكم هذا يبرر للمجبرة قولهم بالجبر
فالظلم عندكم محصور في جزئية التصرف في ملك الغير ومخالفة الامر الذي يجب طاعته
فيلزمكم يا اشاعرة من هذا القول بان الله اذا اجبر الخلق على فعل الكفر ثم عذبهم عليه بالاخرة فهذا ليس بظلم من الله
وبقولكم ان الجبر ليس بظلم هونتم هذا القول عند بعض الناس فاعتقدوا الجبر واستساغته عقولهم
والحق ان اعتقاد الجبر خطا شنيع وفضيع في حق الله عز وجل حقيقته نسبة الظلم الى الله فكيف يعذب الله العباد بشيء جبرهم عليه
ومقتضاه ايضا نزع الحكمة في حق الله فالله ليس بحكيم

4- حجتكم يا اشاعرة في الرد على المجبرة ليست قوية
بل بنيتم حجتكم باختلاق تبريرات بدعية
فاضطررتم الى القول بنظرية الكسب وما شابهها
ولعلكم استطعتم الهروب من القول بالجبر لكنكم عجزتم ايما عجز في دحض شبه وحجج المجبرة فما استند اليه المجبرة اقوى واصح مما استندتم اليه

ثانيا:- رد قول الزيدية
1- يا زيدية انتم اخطئتم في فهم معنى الظلم وحصرتم الظلم في جزئية بسيطة وهي الحاق الضرر في العباد من دون استحقاق ومن دون عوض
وتعريفكم هذا افضل من تعريف الاشاعرة كون هذا التعريف يجيز امكانية وجود الظلم فيكون لعدل الله معنى
لكن يا زيدية هنالك صور اخرى للظلم غير ما ذكرتم وساضرب لكم مثالا
شخصان قاما بنفس العمل بنفس الدقة وبنفس الكفاءة فقام مالك العمل بمكافئة الشخصين فاعطى الاول 1000 ريال واعطى الثاني 3000 ريال
فهنا احس الشخص الاول بالظلم كيف يكافئ باقل من صاحبه مع انه قام بنفس عمل صاحبه بنفس الدقة وبنفس الكفاءة
اليس هذا ظلم
فان قلتم هذا ظلم فقد اقريتم بان تعريفكم للظلم جزئي وناقص والزمناكم بالاقرار بتعريف السلفية للظلم
فتعريف السلفية للظلم تعريف شامل وكامل يشمل تعريفكم ويشمل تعريف الاشاعرة ويشمل الصور الاخرى
وان قلتم هذا ليس بظلم كنتم من المكابرين الرادين للبديهيات واقتضى كلامكم وصف الله بالظلم في الصور التي لم تدخلوها في معنى الظلم

2- يا زيدية الجزئية التي تمسكتم بها في تعريف الظلم كافية في الرد على المجبرة
فنحن نقف معكم صفا واحدا ضد المجبرة
ونحن نحاجج المجبرة بنفس الحجج التي انتم تحاججوهم بها
فنقول للمجبرة
الجبر هو ظلم لان من الظلم ان تلحق الضرر بالمملوك بغير استحقاق وبغير عوض
فويحكم كيف تصفون الله بالظلم والايات في نفي الظلم عن الله كثيييييييييييييييييييييييييييييييرة جدا

3- يا زيدية لكنكم غلوتم في اتهام الناس بالجبر فاتهمتم الاشاعرة بالقول بالجبر رغم انهم فروا من الجبر باختلاقهم تبرير الكسب وتبريرات اخرى
فكان المفروض يا زيدية ان تنهجوا نهجنا في الرد على الاشاعرة في هذه المسئلة ومن الظلم اتهام الاشاعرة بانهم مجبرة
بل انكم يا زيدية غلوتم غلوا شديدا حتى اتهمتمونا نحن اصحاب الفكر السلفي باننا مجبرة والعياذ بالله
فالله المستعان على ما تصفون وهذا كله لسوء فهمكم لكلامنا ولعل من اسباب سؤ فهمكم لكلامنا السموم والابغاض المزروعة في قلوبكم تجاه الفكر السلفي والتي زرعها الروافض الكذابين فصدتقم اكاذيب الرافضة التي قالوها فينا فالله المستعان على ما تصفون

وهنا يا زيدية سابين لكم ان الفكر السلفي لا يقول بالجبر ولا يلزمه الجبر لا من بعيد ولا من قريب وانتم الذين اسئتم الفهم
قلتم لنا يا زيدية
كيف يصح ان يخلق الله فعلي ثم يعذبني عليه بأي عقل وبأي منطق وبأي قيمة اخلاقية وكيف يخلق الله فيني فعلا ثم يامرني بضده وكيف يخلق فيني فعلا ثم يذمني عليه

والجواب
اولاَ:- خلق الشيء في شخص لا يلزم منه جبر هذا الشخص على هذا الشيء
بكلمات اسهل الخلق لا يلزم منه الجبر
وواضح من كلامكم انكم جعلتم الخلق كلمة مرادفة للجبر
فسؤالكم
كيف يصح ان يخلق الله فعلي ثم يعذبني عليه؟ ليس منطقي ولا مبرر لاستغرابكم
لكن السؤال الصحيح هو
كيف يصح ان يجبرني الله على فعلي ثم يعذبني عليه؟ هذا السؤال منطقي والاستغراب في محله
ولتوضيح هذا الامر تعالوا معي نفكر في هذا المثال البسيط
عملية الانجاب
مما لا خلاف عليه بين المسلمين ان الله هو خالق ادم عليه السلام وخالق زوجه حواء عليها السلام
واسئلكم الان ايها الزيدية

عملية الانجاب مكونة من افعال يقوم بها الرجل والمرأة وينتج عنها خلق الجنين
فالسؤال هو
من الذي خلق الجنين ؟
ان استخدمنا منطقكم ايها الزيدية فنقول ان الانسان هو خالق افعاله ومن افعاله الانجاب فالانسان خالق الانجاب
فالانسان خالق طفله وهذا معلوم بطلانه عقلاً وشرعاً
وان رجعتم للصواب ووافقتمونا في ان الله هو خالق الجنين
فنسئلكم
هل كان الأب والأم مجبرين على الإنجاب ؟
فالجواب السليم لا لم يكونا مجبرين
فنقول لكم يا زيدية
ها انتم وافقتمونا وجمعتم بين نسبة الخلق لله ونفي الجبر عن البشر

وهذا المثال اكثر وضوحا في مسئلة ما يسمى باطفال الانابيب
من هو خالق اطفال الانابيب ؟

ففي هذا ايضاح ان الخلق لا يتلازم مع الجبر


====
ثانياً:- السؤال كيف يخلق الله فيني فعلا ثم يامرني بضده؟
هذا السؤال يا زيدية غير منطقي ولا معنى له في الحقيقة
فالله لم يخلق في أحد شيء ثم أمر هذا الشخص بضد ما خلقه فيه
والاشكال هو في الترتيب
فجعلتم خلق الله للفعل اولاً ثم يتلوه أمر الله بضد الفعل
والترتيب الصحيح
أن الله أمر بضد الفعل اولاً
فأمر أن لا نزني ولا نسرق ولا نظلم ولا ولا الخ
ثم هناك من خالف أمر الله فسرق وزنى وظلم

====
ثالثاً:- السؤال كيف يخلق فيني فعلا ثم يذمني عليه
نفس الاشكال السابق
الترتيب غلط
الله ذم المعاصي قبل ان يفعلها العاصي

وفي حالة ان شخص ما ارتكب معصية وهو لا يعلم ان الله ذمها ونهى عنها
ففي هذه الحالة يكون هذا الشخص معذور ولا يعذبه الله

وكما قلت لك اخي الباحث الاصل ان الخلاف في مسئلة القدر
وهاذين السؤالين الاخيرين لعل المقصود منهما
كيف يعذبنا الله على شيء قد كتبه الله علينا وقضاه؟
وقد الفت كتب كثيرة في الرد على من احتج بالقدر لارتكاب المعاصي أو البقاء على الكفر


==========

اما قولك اخي الباحث
[qoute]
وأما التعريف التيمي فيفتح الباب لتحديد "وضع الشيء في موضعه" فيأتي ظالم أو ظلمة ويعتبرون أن تعذيبهم وقتلهم، ووووو هو من باب وضع الشيء في موضعه. ومهما ناقشتهم بأنه ليس كذلك، سيأتون ويردون عليك بأنه كذلك
[/qoute]

فكلام غير منطقي
والجواب عليه
التعريف التيمي او تعريفك او اي تعريف للظلم
بغض النظر عن تعريف الظلم الظالم غالباً لا يقر بأنه ظالم
ونفس الشيء ينطبق على تعريفك للظلم
فيأتي ظالم او ظلمة ويقولون من الحقنا بهم الضرر هم يستحقون وهكذا


ملاحظة اخيرة
حاولت ان اجعل كلامي سهل بقدر الامكان حتى يستوعبه المبتدئين ومن ليس عندهم فكرة عن الموضوع

تحياتي
العزة لله ولرسوله وللمؤمنين

عبدالله حميدالدين
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 163
اشترك في: الخميس ديسمبر 11, 2003 10:56 am

مشاركة بواسطة عبدالله حميدالدين »

أخي الكريم الصنعاني

بخصوص أصل المسألة: هو لن يؤثر في النقاش كما لن يؤثر في نتائج البحث لأنهما كما سبق وأن ذكرت يؤولان إلى بعض، وسيظهر هذا الأمر فيما سيأتي.
ولا بد من ملاحظة أن هذه المسألة معقدة غاية التعقيد، وبالتالي فإن التكرار فيها، وعدم الوضح في المقاصد، وغير ذلك مما يجعل التقدم فيها بطيئاً طبيعي ومتوقع.

بخصوص العدل، كل المسلمين اتفقوا على أنه تعالى عدل.
أما موضع المسألة فلا يغير الأمر كثيراً، لأن ذلك يعتمد على اعتبارات علمية أو منهجية أو جدلية أو غير ذلك. مثال ذلك: مسألة خلق القرآن: فهي قد تطرح في أبواب العدل، باعتبار أن مسائل العدل تتناول أفعال الله تعالى عموماً، أو قد تبحث ضمن مسائل التوحيد باعتبار أن التوحيد تبحث مسائل صفات الله تعالى. والاختلاف هنا أو هناك يعتمد على نحو الاعتبارات التي ذكرتها.

أنت قلت : ((وانت تعرف ان الزيدية لا تقول بخلق افعال العباد بزعم ان هذا القول يقتضي نسبة الظلم الى الله))
هذا صحيح إلى حد ما. ولكن الأمر أكثر من هذا قليلاً. فالمسألة تتعلق أيضاً بنفي العبث عن الله تعالى، حيث إن القول بخلق أفعال العباد يؤدي إلى مشكلات من نحو: تعذيب من لا فعل له، وهذا ظلم، ولكن يؤدي أيضاً إلى القول بأن الله تعالى يأمر بما يخلق خلافه، أو ينهى عما يخلقه من الأفعال. وهذا الأخير ينسب إلى الله تعالى العبثية.

وقلت أيضاً : ((اذا ما اثبتنا ان الله هو خالق افعال العباد وبنفس الوقت الله عدل تكون حجة الزيدية قد انهدمت.))
صحيح. وهذا ما حاوله الأشاعرة والماتريدية والسلفية وغيرهم. ومحاولاتهم اعتمدت على امرين:
1. إعادة تعريف العدل والحكمة بما يتوافق مع خلق الأفعال. والمشكلة التي واجهت الجميع هنا هي أن كل التعاريف تلك لا تتوافق مع المعنى الفطري المقبول للعدل.
2. الفصل بين خلق الفعل في العبد، وبين فعل العبد للفعل. فيكون الفعل مخلوقاً في العبد، وفي الوقت نفسه يكون العبد فاعلاً. طبعاً هذا الفصل كان له أشكال متعددة، الكسب كان أحدها.
عموماً، الأمران سيتضحان فيما سيأتي أو في مراحل أخرى من الحوار.

بخصوص أخطاء ابن تيمية فهي أكثر من مجرد القول بفناء أهل النار. ابن تيمية كان مجسماً صريحاً، ومجبراً، ومرجئاً، وناصبياً، وهذه كلها أمور ثبتت من نصوصه المشهورة والمتكررة والواضحة. ويمكن بحث المسألة في موضوع آخر، أو الأفضل إحالتك إلى كتاب من الكتب التي تناولت هذا الأمر.

بخصوص ابن تيمية والأشاعرة: ابن تيمية له رأي متميز، ولكنه في النهاية ينصب نحو حل المعضلة التي صاغها من قبله الأشاعرة. ولا ننس أخي الكريم أن ابن تيمية جاء بعدما تطورت المسألة، وهذا لا يعيبه، ولا أدري لم التحسس من هذا.

في كل الأحوال فالمسألة منهجية فقط، وتعتمد على كيفية تقسيم المسائل. وكوني كما قلت أنت ((وسبب وقوعك في هذا الظلم انك حصرت نظرتك في جزئية خلق افعال العباد وعلى هذا حكمت ان المسلمين فرقتين))
وقولك صحيح.

وأما ما تقترحه أخي الكريم من تقسيم المسألة باعتبار العدل فهو غير صحيح لسببين:
1. لا يوجد من يقول بأن الله تعالى غير عادل.
2. الاختلاف في تعريفات العدل كانت بسبب القول بخلق الأفعال. يعني حصل اختلاف في أن الله يخلق "أو يقدر" أفعالنا أو لا... وعلى ضوء هذا الاختلاف نشأ اختلاف آخر حول تعريف العدل.
في كل الأحوال فالمسالة منهجية ولا تغير من جوهر الأمر كثيراً.

ويا أخي كل من يقول بأن الله خلق أفعال العباد هو من المجبرة، سواء أنكر أم لا، لأن الجبر ما هو إلا القول بأن العباد غير مختارين في أفعالهم، وأنهم ملجئون إلى ما يعملونه. والقول بخلق أفعال العباد يؤول إلى هذا.
وأما أن بعض الجبرية (الأشاعرة، الماتريدية، السلفية) تنفي عن نفسها الجبر، فلا يغير إلا شكل المسألة.
ولو تأملت لما وجدت فرقاً بين الأشاعرة وبين السلفية. فقد اتفقوا على أن الله خلق أفعال العباد. واختلفوا في الجمع بين هذا وبين العدل.
ومرة أخرى أخي الكريم تقول إن الله (( خلق افعال الكفر والمعاصي في مستحقيها من العباد وخلق افعال الهدى والطاعة في مستحقيها من العباد)) والسؤال بما استحقوها؟ هل استحقوها بأفعالهم؟ إذا قلت لا، فهذا الظلم بعينه. وإذا قلت نعم، فالسؤال: من خلق أفعالهم؟

ثم يا سيدي الكريم، مرة أخرى، لاحظ وتأمل: الأشاعرة والسلفية متفقة في ما يفعله الله للعباد 100%.... والاختلاف بينهما فقط في تسويغ هذا الأمر... يعني هي متفقة على الواقع ولكن مختلفة في وصف ذلك الواقع.

وإذا قال أحدنا ((اعتقاد الجبر خطا شنيع وفضيع في حق الله عز وجل حقيقته نسبة الظلم الى الله فكيف يعذب الله العباد بشيء جبرهم عليه))
فما هو الجبر الذي شاع؟ وهل كان غير القول بخلق أفعال العباد؟

بخصوص تعريف الزيدية للظلم، وأنه لا يشمل معاني اخرى من الظلم:
ربما الأمر صحيح، ولن أقف كثيراً هنا لأن المسألة ستؤول إلى جدال في الاصطلاحات، والأصل أن لدينا قبائح منها ما هو عبث ومنها ما هو ظلم، والبعض قد يعتبر أن بينهما تقاطع.
بخصوص المسألة التي ذكرتها: العدالة لا تقتضي المساواة. العدالة أن يأخذ كل ذي حق حقه. فلو قام شخصان بنفس العمل، وقام المالك بإعطاء كل منهما ما يستحقه 100%، فهنا قد تحقق العدل. وأما أن يزيد لأحدهما لسبب ما من الأسباب فهذا حقه، والتفضل لا ينافي العدل. التفضل ينافي المساواة. وشعور أحدنا بالغبن بسبب الفضل الذي ناله الغير سببه يعود إلى ضعفنا وغلبة الحسد على مشاعرنا.

ثم يا سيدي حتى لو أقررت بأن هذا من الظلم، وبأن تعريفنا للظلم ناقص، فإنه لا يغير من أصل المسألة شيئاً. لأنه في النهاية مهما أتى السلفية من تعريفات، فهي في النهاية تنهار أمام حقيقة أن الله خلق أفعال العباد.

ونحن وأنتم لا نقف صفاً واحداً أمام المجبرة، وما هو واقع هو أننا أمام جبرية لها أوجه متعددة. الأشعرية أحد تلك الأوجه، والسلفية وجه آخر.

وأما قولكم للجبرية ((الجبر هو ظلم)) فهو نفس ما نقوله لكم. الجبر = خلق فعل العبد فيه. طبعاً الجبر يكون ظلماً إذا كان هناك تكليف وحساب وعقاب، وأما بغير ذلك فالجبر ليس ظلماً.

قلت أخي الكريم ((غلوتم في اتهام الناس بالجبر فاتهمتم الاشاعرة بالقول بالجبر رغم انهم فروا من الجبر باختلاقهم تبرير الكسب وتبريرات اخرى))
اسأل أي مسيحي وقل له هل تؤمن بالتوحيد أم بتعدد الآلهة. فسيجيبك بأنه موحد. ولكن الله تعالى ـ ونحن بالتالي ـ وصفهم بالمشركين، ونسب إليهم القول بتعدد الآلهة، وذلك لأن قولهم شيء وواقع عقيدتهم شيء آخر. وهذا ليس من باب التشبيه بالنصارى ـ وحاشا ـ وإنما من باب التأكيد على أهمية الواقع وليس القول. شخص يقول الله يخلق أفعالي ومع ذلك أنا غير مجبور. هذا تناقض.

ونحن لم نسيء فهم كلامكم أو كلام الأشاعرة. ولكننا نميز بين ما تدعونه لنفسكم وبين ما تقولونه. ولأنكم والأشاعرة فررتم من الجبر الصريح، ولأنكم أنكرتم لوازم خلق الأفعال فإن الزيدية والمعتزلة اعتبرت أنكم أصحاب شبهة.

ويا سيدي نحن لا نحتاج الروافض لنعرف السلفية. فالفكر السلفي أصله فكر بعض أهل الحديث، وهو معروف بالتجسيم والجبر والإرجاء والنصب وغير ذلك منذ القرن الثاني والثالث.

نقلت عنا الزيدية قولنا ((كيف يصح ان يخلق الله فعلي ثم يعذبني عليه بأي عقل وبأي منطق وبأي قيمة اخلاقية وكيف يخلق الله فيني فعلا ثم يامرني بضده وكيف يخلق فيني فعلا ثم يذمني عليه))
ثم قلت أخي الكريم ((خلق الشيء في شخص لا يلزم منه جبر هذا الشخص على هذا الشيء)) ولكنك لم توضح هذا. يا سيدي أنا ليس لدي فعل. كيف لا أكون مجبراً وخالق أفعالي هو الله؟ أرجوك وضح هذا...؟!
وعندما ((بكلمات اسهل الخلق لا يلزم منه الجبر)) كأنك تقول بكلمات أسهل 2+2=5 حتى لو ظننا أنها تساوي أربعة؟

وأما المثال المذكور: فأولاً الإنجاب ليس من أفعال الإنسان. فعل الإنسان هو المعاشرة بين الزوجين، وأما ما وراء ذلك فهو يعود إلى سنن الله تعالى التي وضعها.

ثم قلت أخي الكريم ((والاشكال هو في الترتيب فجعلتم خلق الله للفعل اولاً ثم يتلوه أمر الله بضد الفعل))
والسؤال لم يكن ناظراً إلى الترتيب وإنما إلى الجمع بين الأمرين. أياً كان الأمر يبقى السؤال: كيف يأمر الله تعالى بفعل ثم يخلق ضده؟ يعني انت تقول : ((أن الله أمر بضد الفعل اولاً)) ثم إن الله يخلق الفعل الذي نهى عنه.
وقلت ((فأمر أن لا نزني ولا نسرق ولا نظلم ولا ولا الخ)) ثم قلت ((ثم هناك من خالف أمر الله فسرق وزنى وظلم))
أي كأنك تقول:
((فأمر أن لا نزني ولا نسرق ولا نظلم ولا ولا الخ)) ثم ((ثم هناك من خلق فيه مخالفة أمر الله، فخلق فيه السرقة والزنا والظلم))
يعني أجبني هل الله تعالى خلق مخالفة من خالف أم لا؟

تبقى أمور أخرى ولكن ما سبق يغطي أهم المسائل.

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الدراسات والأبحاث“