هل حقاً أن الإجماع من الأدلة الشرعية؟

هذا المجلس لطرح الدراسات والأبحاث.
الشريف العلوي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 424
اشترك في: الثلاثاء يوليو 20, 2004 7:35 pm

مشاركة بواسطة الشريف العلوي »

الأخ الكريم حسن عزي .. تأذن لي بهذه المداخلة على ما تفضلت به ..

الإمام الشافعي واضع علم الأصول بمعنى جامعه, لا مخترعه .. والقصة تحتاج إلى إثبات صحتها , وعلى فرض ثبوتها لا يتجه سؤالك (هل كان يحتج بالإجماع بدون دليل ؟) لأن بحثه كان في القرآن لا السنة , وللإجماع مستند من السنة , وعليها كان يبني الشافعي.

أيضاً فالآية لا تحتمل معنى آخر كما أشرتَ إلا مضعفاً .. والاحتمال المعتبر يُشترط فيه القوة من المساواة أو الرجحان .. وبيانه في تضعيف إيراداتك على دلالة الآية الكريمة :

- فقولك: (ولكن لا يسلم له بأن شرط عدم اتباع سبيل المؤمنين كشرط منفرد).
إيراد غير صحيح , لأنه يخلي الآية من معناها فيصبح ذكره لسبيل المؤمنين من اللغو , إذ لا بديل لمعنى استحقاق العذاب بمخالفتهم .. بالإضافة إلى أن المنهي والمباح لا يجتمعان في باب الوعيد.

- وقولك: (لأنه قد يكون في المندوب أو الأولى أو الواجب المفترض فعلى كونه في المندوب لا يحرم لأنه مندوب وكذا في الأولى)
إيراد لا يصح أيضاً .. لأن الكلام في اعتقاد الحكم لا العمل به .. ففي المندوب يجب الاعتقاد بندبه بدليل الإجماع, ومثله في الأولى.

- أما الإيراد بدليل قطعية تخصيص مجتهدي المؤمنين.
فإن تخصيصهم قطعي , لأن عوام المؤمنين مأمورون بالأخذ عن مجتهديهم بأدلة قطعية كقوله تعالى (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) .. أيضاً فإدخالهم في سبيل المؤمنين من المتعذر عقلاً إذ لا يُتصور نقل إجماع أفرادهم عقلاً , وعلى فرض تصوره فإن الإصابة منهم غير متوقع إذ أن اعتمادهم ليس على الحكم الشرعي المجهول لديهم لعدم امتلاك آلة الاستدلال والنظر.

- ثم إن الحجج في الاستدلال مراتب لا واحدة ولا يشترط فيها اليقين بل يكفي فيها الشهرة أو غلبة الظن بتتابعها .. فقولكم: بوجوب أن يكون مستند الإجماع قطعي الدلالة والورود فيه نظر ..
على أن إثبات قطعية حجة الإجماع ليس بمتعسر ولا متعذر ..

وفقك الله ,,

حسن عزي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 102
اشترك في: الأربعاء يونيو 08, 2005 1:45 pm
مكان: العالم الإسلامي

الأخ العلوي جزاك الله خير

مشاركة بواسطة حسن عزي »

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الأخ الشريف العلوي

أشكرك على اهتمامك وعلى المداخلة . قرأتها جيدا وسوف أقوم ان شاء الله بالتعليق وإيضاح بعض الأمور الهامة حين أجد فسحة من الوقت (قريبا ان شاء الله).

أحسن الله إليك وإلينا

حسن عزي
آخر تعديل بواسطة حسن عزي في الجمعة ديسمبر 29, 2006 5:40 pm، تم التعديل مرتين في المجمل.

حسن عزي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 102
اشترك في: الأربعاء يونيو 08, 2005 1:45 pm
مكان: العالم الإسلامي

مشاركة بواسطة حسن عزي »

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الأخ الكريم الشريف العلوي بارك الله فيك

سٍيدي الفاضل ..

الإجماع ليس حكما من أحكام الفقه ولكنه أصل لأحكام الفقه وهو بحسب الدعوى أصل مجمع عليه عند أهل السنة ولم يختلف عليه معهم غير الإمامية والإباضية ومن مشى على طريقة النظام.

وهو عندهم الأصل الثالث بعد القرآن والسنة المشرفة . وكأن المحتج بالإجماع يقول قال الله تعالى أو قال رسول الله كذا عليه وعلى آله الصلاة والسلام . فينبغي أن ترتاح أفئدة المؤمنين إلى أن الشرع ورد فعلا بإنزال الإجماع هذا المنزل بدليل قاطع في وروده وفي دلالته.

وبين السطور ، أحب أن أنبه إلى أنني لست بغافل عن سؤال مهم جدا وهو (ما هي أهمية إثبات حجية أو عدم حجية الإجماع ؟) وبودي أن ننظر إلى الحوار في هذا الموضوع ليس بغرض الوصول إلى معرفة حجية أو عدم حجية الإجماع فقط بل أهم من ذلك معرفة مسالك الاستدلال (بالذات عند مثبتي حجية الإجماع) ومعرفة قوة ما يسميه الأصوليون بالمدرك ومدى ظهوره أو خفائه و أرجو أن نتمكن من خلال هذا الحوار أن نستعرض التطور في طريقة الاستدلال للمتعاملين مع أدلة حجية الإجماع وتدرج ذلك تاريخيا وما هي أدلتهم في البداية ثم ماذا طرأ عليها وكيف توصلوا إلى حشد الأدلة التي نراها اليوم ولم تكن موجودة بالأمس ويبدو أن التعرف على مسالك دلالة الأدلة مهم جدا وواضح المعالم في قضية الإجماع إذ لا يتوفر دائما موضوع كمثل الإجماع تتجلى فيه هذه الأمور كما تجلت هنا. الذي أراه أن دراسة الإجماع من هذه الجوانب وتبينها أهم من معرفة حكم وحجية الإجماع نفسه . أرى التركيز على معرفة المنهج المتبع فسوف ينير الطريق لأمور كثيرة أخرى والله تعالى أعلم.

و أحب أن أشترك مع غيري ممن لا يرى ثبوت أصل كهذا إلا بدليل قاطع الورود وقاطع الدلالة لأن هذا الأصل يبنى عليه جزء كبير من أحكام الفقه فينبغي أن يكون راسخا ثابتا والحقيقة انهم (كثير من المتأخربن) رتبوا على إنكار حجيته الكفر باعتباره عندهم معلوما من الدين بالضرورة وأنا أتساءل إذا كان إنكار حجيته كفر لأنه معلوم من الدين بالضرورة أي أنه من مهمات الدين فلماذا لا يعامل أيضا باعتباره من مهمات الدين من ناحية إثبات حجيته التي تحتاجها في العادة مهمات الدين ؟ حيث لا يكتفى فيها إلا بقواطع الأدلة ورودا ودلالة ؟؟؟

سؤالي هو ما الذي يفرقه في المعاملة عن مهمات الدين بهذا الخصوص ؟ وهذا ليس بدعا من عندي وإنما هو جري على شاكلة وطريقة قواعد وأصول جمهور أهل السنة من أن مهمات الدين لا تثبت إلا بقطعي الورود والدلالة وقصدت بمهمات الدين تلك التي يجترىء الفقهاء على تكفير نافيها . وكما تعلم فإن الإجماع عند بعض متأخري جمهور أهل السنة كذلك ، فيكفر منكر حجيته واعتراضي هنا في هذه المسألة لذلك أرجو أن يكون التركيزعليها. و يمكن أن يكون سؤالي بطريقة أخرى هو هل يستساغ في الشرع تكفير الذي ينفي أمرا لم يثبت بدليل قطعي الدلالة؟ إلا إن ادعى المثبت أن ثبوت الإجماع جاء عن طريق الإجماع نفسه (وحصل هذا من بعضهم أو قارب) ولا يخفاكم ما في هذا من الدور وهو غير ملزم لأحد. ولا يفهم من كلامي عدم الأخذ بالإجماع بل إني آخذ بمادون الإجماع وهو كلام الجمهور إذا خلا من شبهات السياسة وأغراض الحكام التي تجعل كلام الجمهور أحيانا محل تساؤل وتحرير وتنقيح . بل إني آخذ بما دون كلام الجمهور (من ناحية العدد غالبا) وهو جمهور آل البيت فالذي أعمل به وأعتقده هو حجيته لصحة حديث الثقلين وأنهما لن يفترقا حتى يردا الحوض على رسول الله عليه وعلى آله الصلاة والسلام . ولايشترط أن يكون آل البيت من طائفة دون أخرى بل الشرط الإسلام عموما والعدالة والخلو من عوارض وشبهات السياسة وممالأة الحكام. فجمهور آل البيت وإن قلوا عددا بهذا الوصف أقوى حجية من جمهور سواهم مهما كثروا لأن الدليل على حجيتهم أقوى ورودا ودلالة بلا ريب وهو نص لا يصار إلى غيره إلا بدليل أقوى منه وقد رأينا من مشايخنا وأشياخ مشايخنا من السادة الغماريين وغيرهم (وهم من أهل السنة) من صرح بتواتر هذا النص . بل لا نشك أنه متواتر في المعنى على الأقل إن لم يكن نصا ومعنى. ورغم ذلك فلا أقول بتكفير منكر حجية الإجماع رغم أن الإجماع يعني اندراج إجماع آل البيت ضمنه لأننا نرى أن بعض الأمة لا يوافق على القول بحجية إجماع آل البيت فكل شبهة من هذا القبيل تنفي حكم التكفير وإلا لزم أن نكفر جزء من الأمة.

وبمناسبة ذكر حجية إجماع آل البيت فأحب أن أنوه بما ذكره آنفا الأخ السيد الأستاذ / ياسر الوزير حين قال : هذا السؤال هو الذي يفيد العالم والباحث والقارئ والحائر ؛ لماذا حجية إجماع أهل البيت (ع) !! . أشد على يده وأعتقد أنه ينبغي أن يتوجه كثير من همة البحث إلى ذلك.

وعودا على دليل أهل السنة والخطاب موجه للأخ الشريف العلوي ، فأقول : أقوى دليل عند السنة هو حديث "لا تجتمع أمتي على ضلالة" (بكافة طرقه ورواياته واختلاف ألفاظه) ولا أظن أنه يخفى عليكم كلام الحفاظ على هذا الحديث بادىء ذي بدء فأقصى ما وصل إليه قوة سند رواياته (منفردات) هو الحكم عليه بالحسن . وقد اجترىء بعض المعاصرين أو أشياخهم بالحكم عليه بالصحة وعلى كلا الحالتين فحتى لو تم إخراجه صحيحا ، يظل الحديث حديث آحاد لم يجتمع أهل السنة أنفسهم على صحة الحكم بمثله على مهمات الدين بل صرح جمهورهم بأن طريقها قواطع الأدلة ورودا ودلالة لا غير.وقد قرأت دعوى البعض (و منهم ما نسب إلى شيخنا وأستاذنا السيد الشريف الحافظ الأصولي عبدالله بن الصديق الغماري رحمه الله تعالى) بأن هذا الحديث لو لم يصح آحاد سنده منفردا فهو مما تواتر معناه ولعمري إن هذه الدعوى بخصوص تواتر معنى الحديث نقضها المحققون من أصوليي أهل السنة أنفسهم منذ القرن السابع فيما تحققت منه بل وقبل ذلك بكثير فكيف يستوي ثبوت عدم تواتره لا سندا ولا معنى في عصر متقدم ثم يدعى تواتر معناه في عصر متأخر كعصرنا هذا مع عدم وجود شبهة تمنع انتشار تواتره في العصر المتقدم ؟ بل هو مما يؤيد مذاهب حكامها في تلك الأوقات فحاله لو كان متواتر المعنى أن يكون منتشرا على الألسنة معلوما لدى الناس ولم نكن لنجد أحدا في ذلك العصر يجترؤ على نفي تواتره إن كان بالسند أو كان بالمعنى والحال أن نفي تواتره ثابت فهذا يدل بما لا يقبل الشك على معرفتهم به ومن ثم نفيهم لتواتره . وأعود إلى ما نسبه البعض إلى السيد الحافظ عبدالله الغماري رحمه الله تعالى من قوله بتواتره معنى لأقول إن لهذا الفقير كلام على مانسب إليه وينبغي التدقيق في عبارته وهو لم يصرح بتواتره معنى بل صحح كلام البيضاوي في منهاج الوصول حين قال البيضاوي (فإنها وإن لم تتواتر آحادها فإن المشترك بينهما متواتر) هكذا ذكرها البيضاوي بتثنية (المشترك بينهما) وهذا في رأي الفقير يصرف إلى المعاني المختلفة للحديث وفيها ذكر التزام جماعة المسلمين فينبغي التحقيق في المعنى المشترك وليس هذا مكانه .

وحيث ان جل استدلالات من استدل للإجماع تدور حول هذا الحديث إن لم تكن كلها مدارها عليه ، فاقرأ إن شئت كلام تاج الدين عبدالرحمن بن إبراهيم بن سباع الفزاري المصري الشافعي المشهور بابن الفركاح والمتوفى في نهاية القرن السادس في شرحه على الورقات ففيه شفاء الغليل بخصوص هذه المسألة. قال في شرحه رحمه الله تعالى :
((ومن ذلك الحديث المشهور "لا تجتمع أمتي على ضلالة" وهذا الحديث خبر واحد لا يفيد العلم ، والمسألة فيما زعم كثير من ظاهري الفقهاء يقينية ، وأجود طريق لهذا الحديث ما خرجه أبو داوود عن أبي مالك الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله أجاركم من ثلاث خصال : أن لا يدعو عليكم نبيكم فتهلكوا، وأن لا يظهر أهل الباطل على أهل الحق ، وألا تجتمعوا على ضلالة" وهذا خطاب للصحابة رضي الله عنهم لا يتناول من بعدهم)) (انتهى كلام ابن الفركاح)

أقول:
فأين قطعية الورود ؟؟؟
وأين قطعية الدلالة في هذا النص ؟؟؟
بل وأين تناول الخطاب فيه لمن بعد الصحابة من المكلفين ؟؟؟

هذا من ناحية دليل السنة . فإن لم يسلم هذا الدليل فلنعد إلى دليل القرآن حيث انك أخي الشريف العلوي ذكرت أن معول الإمام الشافعي في استدلاله على حجية الإجماع هو السنة أولا.

وأحب أن أنبه هنا إلى أنني تتبعت كلام الأصوليين وأصحاب المتون والشروح والحواشي فيما يتعلق بنسبة الاستدلال بهذه الآية إلى الإمام الشافعي رحمه الله تعالى فوجدت أنهم كانوا ينسبونها إليه على استحياء فهم ينسبونها إليه بصيغ التضعيف والتمريض كقولهه (وروي أو ويعزى ذلك ) ومثل هذه الصيغ ، هذا حتى امتلأت الكتب بنسبتها إليه رحمه الله تعالى وتوالت القرون فبدأت نسبتها إليه تأخذ عبارات أقوى من سابقتها حتى نجد اننا اليوم كثيرا ما نذكر أنها دليل الشافعي على حجية الإجماع.

بهذا الخصوص ، أنقل لك حرفيا عبارة ابن الفركاح في شرحه على الورقات بخصوص استدلالهم بالآية الكريمة "ومن يشاقق الرسول من بعد ماتبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم ..." . قال رحمه الله تعالى بعد أن ساق الآية :
((قالوا : ومخالفة الإجماع خروج عن سبيل المؤمنين فكان ممنوعا بهذه الآية ، ويعزى هذا التمسك إلى الشافعي رضي الله عنه ، وليس في هذه الآية قاطع على كون الإجماع حجة وإنما يفيد ظنا غير غالب ، فإن ظاهرها ترتيب الوعيد على المجموع من المشاقة ، وترك سبيل المؤمنين ومشاقة الرسول كفر ، وإذا توجه الوعيد إلى جملة لم يلزم الوعيد على أجزائها ، وكذلك يظهر من سياقها أن المراد الكفار الذين شاقوا الرسول وتركوا سبيل المؤمنين الذي صاروا به مؤمنين وذلك هو الإيمان ، فلا يدخل الاختلاف في الأحكام الفرعية في ذلك .)) فهذا شارح الورقات يخبرنا أن الآية لا تدل على ما ذكرتموه ياسيدي إلا دلالة مرجوحة وأنتم ادعيتم أنها قاطعة على المراد (حبذا لو أننا نطلع على نصوص وكتابات أهل السنة (والفقير منهم) قبل أن نذكر أنهم قالوا وصرحوا والنقل على خلاف ما قالوه . أين يا أخي في كتب أهل السنة دعوى قطعية دلالة هذه الآية على حجية الإجماع ؟ أقصى ما هنالك عندهم هو رجحان دلالتها لديهم على ماذكرت فليتق الله كل ناقل فيما يقول فهذا دين والقارىء كثيرا ما يستأمن الكاتب على نقله.

بل يا أخي العلوي حتى الإمام الجويني وهو من هو في مذهب الشافعية وفي العلوم العقلية وأصول الفقه على الخصوص رغم انه كان يقول في كتابه البرهان في أصول الفقه بأن (الإجماع حجة قاطعة) عنده وهنا لابد أن أنبه إلى أنه يعتبر الإجماع حجة قاطعة ولكن لا نتكلم هنا عن دليله على الإجماع (فليتنبه إلى ذلك) أقول هذا الجويني رحمه الله تعالى كان يقول في معرض مناقشته للاستدلال بهذه الآية على حجية الإجماع : ((بل أوجه سؤالا واحدا يسقط الاستدلال بالآية . فأقول : إن الرب تعالى أراد بذلك من أراد الكفر ، وتكذيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ، والحيد عن سنن الحق . وترتيب المعنى : ومن يشاقق الرسول ويتبع غير سبيل المؤمنين المقتدين به ، نوله ما تولى . فإن سلم ظهور ذلك فذلك وإلا فهو وجه في التأويل لائح ، ومسلك في الإمكان واضح ، فلا يبقى للمتمسك بالآية إلا ظاهر معرض للتأويل ، ولا يسوغ التمسك بالمحتملات ، في مطالب القطع ، وليس على المعترض إلا أن يظهر وجها في الإمكان ، ولا يقوم للمحصل عن هذا جواب إن أنصف )) هذه عبارة إمام الحرمين الجويني في كتابه البرهان وهو من مراجع علم الأصول لكل طوائف الإسلام.

وقوله : ((ولا يسوغ التمسك بالمحتملات ، في مطالب القطع)) دليل قوي لما ذكره الفقير أنفا من أن الآية ليست قاطعة الدلالة على حجية الإجماع !!

وطالما أننا في كلام إمام الحرمين فسوف أنقل لك ما قاله أيضا بخصوص حديث "لا تجتمع أمتي على ضلالة" . وعبارته ((فإن تمسك مثبتو الإجماع بما روي عن النبي عليه السلام أنه قال : لا تجتمع أمتي على ضلالة . وقد روى الرواة هذا المعنى بألفاظ مختلفة ، فلست أرى للتمسك بذلك وجها ، لأنها من أخبار الآحاد ، فلا يجوز التعلق بها في القطعيات ، وقد تكرر هذا مرارا)) هذه عبارته رحمه الله تعالى. وفيها في الحقيقة أيضا رد على من قال بأن معنى عدم اجتماع الأمة على ضلالة متواتر وإن لم يكن الحديث بسنده متواترا وإلا فإن كان معناه متواترا فلم يحتاج إمام الحرمين أن يسلك مسلكا عجيبا في الاستدلال على كونه حجة قاطعة ويترك متواتر المعنى ؟

إقرأ كلامه في حديثه عن مسلكه في إثبات الإجماع . ترك الآية والحديث ورد على من قال بدلالتهما على حجية الإجماع وقال رحمه الله تعالى : (( المسألة الثالثة في التنصيص على المسلك الذي ثبت الإجماع به ، إذ لا مطمع في إسناده إلى العقل وكذلك لا مطمع في إسناده إلى دليل قاطع سمعي هجوما عليه من غير اعتبار واسطة. فإذا الواسطة التي هي العمدة النظر في قضيات اطراد العادات كما تقرر ذلك في الصورتين . ثم إذا أنعم الباحث نظره كان متعلقه دليلا قاطعا سمعيا يشعر الإجماع به.))

وإن تعجب فاعجب لسلوكه مسلكا عقليا بحتا (في حقيقته) لإثبات أن الإجماع عنده حجة قاطعة فما ذكره من الصورتين المشار إليهما ليس إلا سلسلة من المقدمات العقلية منتهية بنتائج نفذ بها إلى إسناد دليل الإجماع إلى دليل سمعي لا يعرف ماهو وأين هو ولكنه متأكد من وجوده لأن هناك أجماعا فلابد من وجود دليل له. (أنا متعجب جدا)

على كل حال لا أريد أن أطيل بذكر مسلك إمام الحرمين وفيما ذكرته كفاية وزيادة.

أخي العلوي ... ومحصلة ملاحظاتكم على إيرادات هذا الفقير بخصوص دلالة الآية على قضية الإجماع أنكم ترونها قاطعة الدلالة بينما (في نفس الوقت) سلمتم بأنها ليست كذلك. فقولكم "أيضاً فالآية لا تحتمل معنى آخر كما أشرتَ إلا مضعفاً .. والاحتمال المعتبر يُشترط فيه القوة من المساواة أو الرجحان" قولك هذا غير صحيح البتة من ناحية علم الأصول فلا يشترط في الاحتمال المعتبر (كما عبرتم) أن يكون فيه القوة من المساواة والرجحان بل ينتفي القطع بدلالة النص على حكم إذا عارضه مساو له في القوة أو مرجوح في القوة من ناحية الدلالة.

أكتفي إلى هنا من نقل شرح ابن الفركاح وفيما نقلته من عبارته رد على كل ما علقت به أخي الشريف العلوي ولن أكرر كلامه بل أطلب منك أن تتأمله بعيدا عن عقلية اتباع الآباء والتقليد بدون إعمال للفكر والعقل فيما تسمع وترى وسوف تجد هذا الرجل منصفا معتدلا إن شاء الله وهو من أشهر وأعلم علماء أهل السنةومن أقواهم حجة ودليلا وتمسكا بالحق.

ثم إني قد قرأت وراجعت تعليقاتكم على ما أسميتموه إيرادات ولم أر فيما أوردتموه ما يعزز كلامكم بل لاحظت ابتعادكم في الفهم عن مرامي ومقاصد إيرادات هذا الفقير وأعتقد أنكم كنتم عل شيء من العجلة حين كتبتم إيراداتكم مما أوقعكم في بعض الأخطاء المنهجية الأساسية منها ادعاؤكم أن قطعي الدلالة لا ينقضه إلا مساو له أو راجح عليه في قوة الاستدلال وهذا كلام بعيد جدا جدا عن كلام أهل السنة وكافة طوائف الإسلام وهو بعيد عن المناطقة والأصوليين على اختلاف منابعهم ومشاربهم وهو في حد ذاته غير منطقي فهو نفي وإثبات للأمر في وقت واحد فمعنى قطعي الدلالة أن تكون دلالته قاطعة للشك باليقين وأن تكون دلالته غير معارضة بشيء والأمر ليس كما ذكرتم بل لوقلنا بما قلتم به فما الذي يعنيه راجح الدلالة ؟ والحق كما (لعلكم) تعلمون أن راجح الدلالة هو ما ينطبق عليه كلامكم فهو المعارض بدليل مرجوح (ضعيف) غير مساو له في القوة.

ومنها ... ملاحظاتكم على الإيراد بخصوص المندوب والأولى .
فقد قلتم بارك الله فيكم :

((وقولك): لأنه قد يكون في المندوب أو الأولى أو الواجب المفترض فعلى كونه في المندوب لا يحرم لأنه مندوب وكذا في الأولى) إيراد لا يصح أيضاً .. لأن الكلام في اعتقاد الحكم لا العمل به .. ففي المندوب يجب الاعتقاد بندبه بدليل الإجماع, ومثله في الأولى.))
وأقول يا سيدي : الإيراد صحيح لا يشوبه شيء مما ذكرتم على الإطلاق لأن قولكم (أن الكلام في اعتقاد الحكم لا العمل به) تحكم في اللفظ على مرادكم واللفظ يحتمل سواه . ما الذي يجعل الكلام في اعتقاد الحكم ؟ إن ما أريد المصير إليه هنا أن الكلام ليس في اعتقاد الحكم بل هو في الواقع في العمل بالحكم ولفظ الاتباع في قوله تعالى (ويتبع غير سبيل المؤمنين ...) حقيقة في العمل ومجاز في الاعتقاد ولا يصار إلى المجاز هنا بدون دليل صارف . وعليه فكلام هذا الفقير متجه وإيراده صحيح وصائب إذا حملت اللفظ على حقيقته وتجنبت التحكم في النص بغير دليل فإني أراك تصرف النص هنا إلى الكلام على الاعتقاد .

وأحب أن أورد عبارتي كما كتبتها هناك كاملة حتى يتضح المعنى الذي قصدته لكم يا أخي :
قلت هناك :
(ولكن لا يسلم له بأن شرط عدم اتباع سبيل المؤمنين (كشرط منفرد) ايضا محرم قطعا (لأنه قد يكون في المندوب أو الأولى أو الواجب المفترض فعلى كونه في المندوب لا يحرم لأنه مندوب وكذا في الأولى) ، بل قد يعنيه وقد لا يعنيه ففي الحقيقة بين الأمرين عموم وخصوص من وجه وعليه فإن الاستدلال بهذه الآية محتاج إلى مرجح لمعنى المحتج بل لعله محتاج إلى أكثر من ذلك فالكلام هنا على أصل من أصول الدين)
وحتى أزيدها بيانا فسوف أورد المعنى المقصود بعبارة أخرى : أقول ان سبيل المؤمنين هو اعتقاد وعمل وعبارة (يتبع) في الآية يمكن صرفها إلى الاثنين وصرفها إلى أحدهما تحكم بل إن كان ولابد فتصرف إلى الحقيقة أو إلى ما هو أقرب إلى الحقيقة وذلك هو العمل لا الاعتقاد. وسبيل المؤمنين في العمل فيه المفروض والواجب والسنة والأولى فالجزء المفترض على الأمة هو المفروض والواجب أما السنة والأولى فليستا مفترضتين بالاتباع من قبل المكلفين . فلو قلنا بأن الآية فيها وعيد لقلنا بأن الوعيد جاء على ترك المندوب وعلى ترك الأولى وهذا لا يصح لمصادمة النصوص الأخرى له.
فتأمل يا أخي المقصود من عبارة هذا الفقير .

ومنها قولكم :

((- أما الإيراد بدليل قطعية تخصيص مجتهدي المؤمنين.
فإن تخصيصهم قطعي , لأن عوام المؤمنين مأمورون بالأخذ عن مجتهديهم بأدلة قطعية كقوله تعالى (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) .. أيضاً فإدخالهم في سبيل المؤمنين من المتعذر عقلاً إذ لا يُتصور نقل إجماع أفرادهم عقلاً , وعلى فرض تصوره فإن الإصابة منهم غير متوقع إذ أن اعتمادهم ليس على الحكم الشرعي المجهول لديهم لعدم امتلاك آلة الاستدلال والنظر.))
أخي العلوي عبارتكم هذه لو راجعتها لوجدت فيها مجانبة واضحة للصواب . أرجوك أن تراجعها . ولكن أقول على كل حال : إن التخصيص ليس بقطعي كما ذكرتَه ولا يصح أن تقول عنه أنه قطعي طالما أن اللغة تحتمل خلافه حقيقة أو مجازا قريبا وقولك إن عوام المسلمين مأمورون بالأخذ عن مجتهديهم فهذا صحيح ولكن لو تأملت الآية لوجدت أنها لا تذكر أصلا المجتهدين بل أنت الذي خصصتها بالمجتهدين. فليس هناك لازم عقلي يمنع من أن يكون الحكم مستوعبا كافة أفراد اللفظ حقيقة وهم كل المؤمنين واحدا واحدا بمافيهم المجتهدين والعوام (ولو قلنا انه هنا طلبا للتأكيد ولبركة الاجتماع لخلو الواقعة عن دليل أصلي من القرآن أو السنة فناسب أن يكون هناك طلب باجتماع الكل لزيادة التأكيد) و هذا القول موجود وقد قال به بعض الأصوليين على قلتهم ولكنه يكفي لنقض احتجاجك بخلافه . أرجو أن تلاحظ أنك تريد أن تحتج بالدليل باعتباره دالا أصلا على مرادك وهو المجتهدين وهو ليس كذلك للزوم الدور هنا فتنبه يا أخي لذلك. لأن إيراد هذا الفقير ليس كما ركبته أنت ولكنه أصلا لنقض الاستدلال بهذا الدليل على حجية الإجماع فلا نرى يا أخي فيه حجة على الإجماع أصلا . ولا نرى الآية تدل على مجتهدين و موضوع الآية موضوع آخر. وظاهر الآية كذلك والله أعلم.

وهناك في كلامكم أشباه هذا مما لا أريد أن أخوض فيه فقد أبلغت ووصلت إلى المقصود إن شاء الله. وعليه فالذي أراه أن جميع إيرادات هذا الفقير متجهة وصحيحة إن شاء الله (فيما أرى) حتى نستمع إلى رد منهجي.


أحب قبل أن أنهي هذه القطعة من التعليق أن أذكر أن ما كان الكلام فيه يدور فقط في محيط أصل دليل ومسلك الاستدلال على الإجماع وحجيته لا غير وما يبقى في الحديث عن الإجماع كثير جدا وثبوت حجية الإجماع من عدمها ليس بأهمية تعريف الإجماع والخلاف فيه والفروق بين أنواع الإجماع وأخص منها الإجماع المطلق أو (الكامل) والإجماع السكوتي وليس بأهمية حقيقة إمكانية وقوع الإجماع المطلق وليس بأهمية معرفة مدى التطابق بين الإجماع السكوتي ورأي جمهور الفقهاء عموما أو من طوائف معينة كجمهور أل البيت أو جمهور أهل المدينة أو ما شابه ذلك وهل بين هذه الأشياء عمومات وخصوصات تجعل بعضها مطابقا للآخر بشكل من الأشكال أم لا. وليس كل ذلك بأقل أهمية من معرفة مسألة مهمة وهي أنه إذا كان أهل السنة يقولون بأن عصر الاجتهاد المطلق قد انتهى وتم إقرار المذاهب المعمول بها على ماهي عليه فما فائدة الإجماع كدليل من أدلة الأصول والاستنباط.

في الحقيقة كل ذلك وغيره مما يتبعه سوف يفتح أبوابا كان ينبغي أن تفتح منذ زمن حتى يتم مناقشة والاطلاع على أصول كل مدرسة ومدى قوة مسالك أدلتها حتى يمكن أن نبني بناء صحيحا قويا متينا لهذه الأمة بغض النظر عن اختلافاتها وانتماءاتها ومدارسها الفكرية.



أحب أن أختم ما كتبته بنقل عبارة إمام الحرمين الجويني التالية:
((فشا في لسان الفقهاء أن خارق الإجماع يكفر . وهذا باطل قطعا ، فإن من ينكر أصل الإجماع لا يكفر ، والقول في التكفير والتبرؤ ليس بالهين ، ولنا فيه مجموع فليتأمله طالبه . نعم . من اعترف بالإجماع وأقر بصدق المجمعين في النقل ثم أنكر ما أجمعوا عليه كان هذا التكذيب آيلا إلى الشارع عليه السلام . ومن كذب الشارع كفر. والقول الضابط فيه : أن من أنكر طريقا في ثبوت الشرع لم يكفر ، ومن اعترف بكون الشيء من الشرع ثم أنكره كان منكرا للشرع وإنكار جزئه كإنكار كله . والله أعلم.)) انتهت عبارة الجويني رحمه الله.

وإنما نقلتها لشيوع القول بكفر منكر حجية الإجماع عند بعض المتفقهين من المتأخرين.

نسأل الله حسن الختام.

وعلى كل حال فلنا إن شاء الله حديث آخر مطول بخصوص الإجماع عندم تكتحل أعيننا برؤية طروحات الأخ العلامة محمد عزان فلا أدري أين اختفاؤه ؟ والموضوع موضوعه ونحن في انتظاره.

وتحياتي الخالصة لجميع الإخوة حفظهم الله

حسن عزي

محمد الغيل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2745
اشترك في: الأحد إبريل 18, 2004 3:47 am
اتصال:

مشاركة بواسطة محمد الغيل »

احسن الله اليكم سيدي العلامة حسن العزي

في الحقيقة الموضوع هام للغاية وانا أود ان اطرح عليكم بعض الاستفسارات إن سمح وقتكم للاجابة عنها .

من خلال دراستي لفن اصول الفقه والذي يتظمن الدليل الثالث من الادلة الشرعية اعني الاجماع ودليله وشطرا من مسائله التنظيرية ظهر لي أن منكري الاجماع وهم كثر على فكرة ينطلقون في نكرانهم من خلال الحقيقة التى وضعها اهل هذا الفن كتعريف للاجماع ..
فهم يعرفونه كما ورد في بعض الكتب بهذا التعريف فيقولون الاجماع هو :" اتفاق المجتهدين العدول من امة محمد صلى الله عليه وآله وسلم في عصر على امر "
فمن خلال هذه الحقيقة اتصور ان المنكرين للاجماع كانوا يستشكلون اتفاق المجتهدين في مكان معين نظرا لصعوبة ذلك في عصورهم ايضا يوجد في الامة علماء كبار مجتهدين غير معروفين ومغمورين ومن المتعسر الوصول اليهم في حينه ايضا اختلاف الامة حول من يسمى مجتهد وغياب الضابط المنهجي لذلك و ايضا مجتهدي الامة من مدارس وتيارت فكرية مختلفة و قد ينظر بعض المجتهدين الي بعضهم من خلال منظور عقدي وانت تعرف ياسيدي بقية هذه الجزئية فقد تحرج بعض المجتهدين قبول رويات غيرهم من اخوانهم فكيف سيقبلون ان يكونوا في مقام واحد يختلفون ثم يتفقون على امر معين ..؟؟؟
والسؤال الآن
يا سيدي العزي
ارى والله اعلم ان ثمة وعي داخل المدارس الفكرية وثمة حراك وثمة تغيير يقود العلماء الكبار المجتهدين نحو القبول بالاخر مهما كنت مدرسته ثم ان فكرة التقريب بين المذاهب حاليا امر لا بد منه خصوصا وان اكثرنا قد اصبحنا يدرك الاخطار المحيطة بنا وبإمتنا ثم ان الوسائل الان اصبحت متاحة اعني أن اجتماع المجتهدين وعقد لهم مؤتمر سنوي أو دوري أو فصلي امر ميسر للغاية أما اظهار المغمور منهم فيضا اصبح امرا متاحا اليوم فما على هذا المغمور من المجتهدين أو على اتباعه سوى اظاهر نشاطاته الفكرية والاتصال بالجنة الخاصة بالمجتهدين لتصنيفه والنظر في مسألة عدالته ودراسة مشاريعه الفكرية الاجتهادية ومدى عمقها
نعم سيدي اذا حصل كل هذا واجتمع مجتهدي هذه الامة في مكان واحد وفي يوم واحد واتفقوا على ان من مكث ايام منى في خيمة نصبت في اخر حدود المزدلفة بسبب الزحام وكثرة الحجيج وهذه الخيمة متصلة بخيام منى لكنها نصبت في مزدلفة بسبب الزحام

نعم اذا اجمعوا على صحت المكث هناك بسبب الزحام فهل هذا الاجماع يعد في نظرك ملزم لمن لم يجد مكانا في منى أم انه غير ملزم ؟؟

ايضا هل الاجماع من خلال التصور يعد تطورا داخل البيت الاسلامي يجعل اقول المجتهدين ذات معنى ويكسبها شيئا من القداسة أم لا ؟؟
ثم ماذا عن حديث "الحج يوم بحج الناس أو الصوم يوم يصوم الناس "؟؟؟
الا يعتبر دليلا على حجية اجماع الامة ؟؟
تحاتي لكم سيدي حسن العزي ولا تبخلو على اخوكم بالتوضيح فمنكم انا والله من يستفيد..!
صورة
يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون
صورة

الشريف العلوي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 424
اشترك في: الثلاثاء يوليو 20, 2004 7:35 pm

مشاركة بواسطة الشريف العلوي »

أحسنت أخي الحبيب حسن عزي . أصبح الموضوع منطلقاً لحوارات بإسهاب طرحك . لكني انبهك إلى أنه ليس في كلامي قطعية دلالة الآية على الإجماع إطلاقاً فأرجو التأمل .. فإن رد هذا أخذ الكثير من كلامك . وكان مرادي الإجابة على إيراداتك .. بل قد صرحتُ أن الحجج في الاستدلال مراتب لا يشترط فيها اليقين والقطع .. على أن النص إذا كان ظني الدلالة بمفرده فمع اعتضاده بغيره من الأدلة يصبح قطعي الدلالة , والآية يعضدها في معناها عشرات الأدلة.

وأنت نفسك اعتبرت قول جمهور أهل البيت حجة . مع ما يرد في دلالته من احتمالات قوية صحيحة ومع أنك غير مسبوق لهذا القول إطلاقاً .. فلا أعلم من أهل العلم من احتج بالجمهرة .. أو أوردها على أنها دليل ناقض .. بل ولا العقل يُسلم لك بحجيته .. إذ لا مانع عقلاً من تفرد تلك القلة من الآل بالحق وخطأ الأكثر .
وهذا يجيب على قولكم (ينبغي أن ترتاح أفئدة المؤمنين إلى أن الشرع ورد فعلا بإنزال الإجماع هذا المنزل بدليل قاطع في وروده وفي دلالته) .. (ينبغي أن يكون دليله قاطعا بوروده ودلالته) . فما كل دليل صالح للاحتجاج قطعي .. وأكرر أن إثبات قطعية حجة الإجماع ليس بمتعذر ولا متعسر.. ونفيك لقطعية دلالة آية أو حديث لا يعني نفي قطعية حجة الإجماع فإن مستند الإجماع واسع لأدلة نقلية وعقلية كثيرة . ومن حكم بقطعيته لم يلزمه تكفير مخالفه بشبهة ..

أيضاً فصرفي الآية إلى الاعتقاد لا يعني إخراج العمل ولا هذا مفهوم كلامي .. وإنما المراد أن الخطاب يتجه للاعتقاد الذي يسبق العمل وهو أساسه .. والعمل مفتقرٌ إلى الاعتقاد .. ولا عمل إلا باعتقاد. فالاعتقاد داخلٌ جزماً في الآية لأن الدليل قام على اتباعهم في جميع الأمور كقيام الدليل على اتباع النبي صلى الله عليه وآله وسلم .. وهو في الاعتقاد والعمل. والتفريق بينهما هو التحكم .. ولا أسلم لك أن العمل حقيقة معنى الآية والاعتقاد مجاز , وهذا يجيبك أيضاً على مسألة الوعيد.

وبما أنك تقول بحجية الإجماع فاعتقد أن لديك الإجابة الكاملة على شبهات نفاته في بحثك للموضوع. واعذرني على ابتعاد الفهم لكنه جهد المقل .

وفقك الله ,,

حسن عزي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 102
اشترك في: الأربعاء يونيو 08, 2005 1:45 pm
مكان: العالم الإسلامي

مشاركة بواسطة حسن عزي »


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الأخ الحبيب الشريف العلوي

قلتم:

لكني انبهك إلى أنه ليس في كلامي قطعية دلالة الآية على الإجماع إطلاقاً فأرجو التأمل
ولكن عبارتكم :
أيضاً فالآية لا تحتمل معنى آخر كما أشرتَ إلا مضعفاً .. والاحتمال المعتبر يُشترط فيه القوة من المساواة أو الرجحان .. وبيانه في تضعيف إيراداتك على دلالة الآية الكريمة :
كلامكم هذا ليس له معنى غير قولكم بقطعية دلالة الآية على حجية الإجماع فقد ذكرتم أن الآية لاتحتمل معنى آخر إلا مضعفا ثم قلتم أن شرط المعارض ألا يكون مضعفا . إذن أنتم تقولون أن دلالة الآية غير معارضة بمعتبر فهي إذا ليس لها معنى إلا ما أردتم أن تدل عليه وهذا شبه تصريح بقولكم بقطعية دلالتها.

وقلتم أيضا :

أما الإيراد بدليل قطعية تخصيص مجتهدي المؤمنين. فإن تخصيصهم قطعي

بكلامكم هذا أنتم لاتقولون بقطعية دلالة الآية فحسب !! بل تقولون بقطعية دلالتها عل المجتهدين محصورين وهذا أبعد حتى من القول بدلالتها على قطعية إجماع المؤمنين فهي تدل (بحسب كلامكم) على إجماع فئة من المؤمنين هي مجتهديهم . فكلامكم هنا صريح بقولكم بقطعية دلالتها . ففيم الإنكار ؟

ثم يا سيدي أوضحوا لنا الأمر . هل تقولون بقطعية دلالتها أم لا ؟

ثم بعد ...

تأملت كلامكم ثم عدت وتأملته ولا يسعني إلا أن أحيلكم على ما كتبته قبلكم ففيه كل ما ذكرتم مردودا عليه بالتفصيل . الحقيقة لم أر جديدا !! . بشكل عام ألاحظ على تعليقاتكم عدم وجود هدف معين من التعليق على الموضوع وهذا يشتت الموضوع ويجعل المتابعة أمرا صعبا بل متعذرا. ولاحظت أنكم كثيرا ما تقفون على طرف أمر ما وتتركون الطريق مفتوحا للعودة . مثلا قولكم إن إثبات حجية الإجماع ليست أمرا متعذرا ومازلتم تكررونها . فلم لا تثبتوها إذن ؟ وهل تم إثباتها أم أنها لم تثبت بعد ولذلك فإن إثباتها ليس بمتعذر ؟ وإذا وُجِدت أدلةٌ كافية لها فهل يسع المرء أن ينتظر حتى تبدو القضية متعذرة فيخرج الأدلة ؟ شاركوا يا أخي بمالديكم من أدلة لهذا الأمر. ثم إنا لم نعرف من كلامكم وتعليقاتكم إلى الآن رأيا واضحا لكم بخصوص حجيته وقطعيته ودليله . إيرادتكم كثيرا ما تحتمل أوجها ولا تقطع بأمر يتضح منه رأيكم وهدفكم سوى التعليق والإيراد بحد ذاته في الغالب !! وعلى هذا فالحوار بهذه الطريقة مشتت ضائع ليس له هدف وليس لدى محاوركم رأي (لكم) متضح المعالم مكتمل بأدلته حتى يستفيد منه ويعرف هل هو متفق معه أم مختلف معه!

عموما أحيلكم مرة أخرى على ما كتبته وأحب أن أخبركم أني لا أرى في الآية إثباتا لحجية الإجماع بل لا أرى لها صلة أساسا بقضية الإجماع (دلالتها ظنية مرجوحة) . ولست بدعا في هذا القول فقد قال به قبلي كثير من أهل التحرير والتحقيق والسعي وراء الدليل الصحيح (بكل جوانب الصحة) . وعشرات الأدلة التي ذكرتم أنها تعضد الآية لم نر منها في كلام أهل القرنين الأولين شيئا إلا بالكاد فكبف ظهرت بعد ذلك وهو أمر من أصول الدين يقبح خفاؤه قرنا ثم يظهر مالم تكن هناك شبهة تمنع ظهوره وانتشاره والحال أن الأمر ليس كذلك ؟

الفقير متمسك بحجية إجماع و جمهور أهل البيت (بحد ذاته) كما ذكرنه وهو مختلف عن الإجماع الكامل وإن كان مشمولا به لأني لا أقول بإمكانية حصول الإجماع على النحو الذي عرفوه به عند أهل السنة. في رأيي تصور الإجماع أمر في منتهى الصعوبة. وإذا أضفنا إليه مسألة الإجماع على قولين أو أقوال في المسألة زدناه صعوبة وعقدنا المسألة على خلق الله حتى يكاد باب الاجتهاد أن ينغلق بشكل تلقائي . ومتابعة تاريخ دليل الإجماع لا يشعر بأنه أصل من أصول الدين بل هو في كلام المتقدمين ضعيف الأدلة السمعية وفي كلام المتأخرين عبارة عن تلك الأدلة المرجوحة الدلالة تم تقويتها بدلالات ظنية بل في الأغلب بعيدة جدا عن موضوع الإجماع حتى كونوا للإجماع حشدا من الأدلة القوية الورود والضعيفة الدلالة (تكثر بماليس له قوة) حتى يبدو أن له جيشا من الأدلة القوية حيث تم استخدام قوة ورود الأدلة وكثرتها كمؤثر نفسي لقبول دلالاتها الظنية البعيدة عن موضوع الإجماع وهو أمر تأباه العقول السليمة حين نتكلم على أصل قاطع من أصول الدبن. وهذا الأسلوب دارج في الحقيقة عند أهل السنة في بعض القضايا وخصوصا التاريخية منها كمسألة القعقاع بن عمرو و ابن سبأ وما شابه هذه القضايا البعيدة في الموضوع عن قضيتنا والقريبة منه في أسلوب حشد الأدلة .

بودي أن أرى أدلتك أخي العلوي حتى نستطيع أن ننظر فيها . كل ما رأيته منك كلام على أن هناك أدلة قوية على الإجماع ولكن لم تبرزها لنا .

أتمنى أن يكون هناك تركيز وسير نحو هدف محدد من الكلام ومشاركة بطرح راي متكامل بأدلته بدل انتظار آراء الآخرين والإيراد عليها بشكل دائم. الإيراد سهل والرد عليه يتطلب وقتا وجهدا كبيرا فما لم تكن الإيرادات أمرا مدروسا ومحررة بشكل دقبق فحبذا لو نستطيع تجاوزها.

أتمنى لك التوفيق

حسن عزي
آخر تعديل بواسطة حسن عزي في الأحد يناير 28, 2007 2:19 pm، تم التعديل 3 مرات في المجمل.

حسن عزي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 102
اشترك في: الأربعاء يونيو 08, 2005 1:45 pm
مكان: العالم الإسلامي

مشاركة بواسطة حسن عزي »

ثم رأيت أن أورد ما ذكرته وأعلق على أغلبه إتماما للفائدة

فقولك :
((بل قد صرحتُ أن الحجج في الاستدلال مراتب لا يشترط فيها اليقين والقطع .. على أن النص إذا كان ظني الدلالة بمفرده فمع اعتضاده بغيره من الأدلة يصبح قطعي الدلالة , والآية يعضدها في معناها عشرات الأدلة. ))
قولك هذا من جملة ما نعارضه لأني ذكرت لك أني أرى رأي من يذهب إلى أن الإجماع ليس كسواه بل هو أصل من أصول الدين والتشريع فيلزمه أن يكون ثابتا بدليل قطعي الدلالة والورود. وكنا نحب أن نراك تسوق أدلتك على ظنية معناه ثم تسوق ما يعضده في معناه حتى تبلغ به قطعية الدلالة ولكن إلى الآن أرى إيراداتك فقط على كلام هذا الفقير ولا أرى أدلة على الموضوع.

و قولك:
((وأنت نفسك اعتبرت قول جمهور أهل البيت حجة . مع ما يرد في دلالته من احتمالات قوية صحيحة ومع أنك غير مسبوق لهذا القول إطلاقاً .. فلا أعلم من أهل العلم من احتج بالجمهرة .. أو أوردها على أنها دليل ناقض .. بل ولا العقل يُسلم لك بحجيته .. إذ لا مانع عقلاً من تفرد تلك القلة من الآل بالحق وخطأ الأكثر . ))أقول إنك تتكلم هنا على عدة أمور وتخرج عن أساس القضية بدون نكتة لهذا
أولا : تقول : ((أنك لا تعلم من أهل العلم من احتج بالجمهرة )). وأقول : لا نقول بأن الجمهرة حجة قاطعة ولكنها حجة يصح اتباعها مع الاجتهاد وكلما اقتربت من الإجماع كانت أكمل وأقوى وأتم. بل و هناك من أهل العلم من احتج بالجمهرة ولكنه ليس موضوعنا الآن فنعود إليه لاحقا إن شاء الله حتى لا نشتت الحوار.
ثانيا : تقول : ((أو أوردها على أنها دليل ناقض )). أقول : دليل ناقض لماذا ؟ إن كنت تقصد الإجماع فأين قلنا انها كذلك؟ وإذا قصدت الدليل السمعي للإجماع فأين قلنا انها كذلك ؟
ثالثا : تقول : ((بل ولا العقل يُسلم لك بحجيته)) . وأقول : ولا العقل يمنعه . ولا أحتاج إلى العقل هنا لإثباته فاعتمادنا على دليل سمعي لا يخالف العقل وهو نص في المسألة و كثير من الحفاظ على تواتره . هذا مع وجود قرينة قوية لإخماده وكبته وتوافر الأسباب والإمكانية لذلك . وأنا على راي من قال بأنه قطعي الورود والدلالة . وأقل ما يقال فيه إن دلالته ظنية راجحة بنفسه وإذا أضيف إليها المعضدات (على قاعدتك) خرج قطعي الدلالة بلا ريب. وكلامنا هنا على حديث الثقلين برواياته وألفاظه المختلفة ومعه حديث سفن النجاة وغيره.
رابعا : تقول :((.. إذ لا مانع عقلاً من تفرد تلك القلة من الآل بالحق وخطأ الأكثر )). وأقول : نعم وهذا ما نقول به وهو يرد على كلامك واحتجاجك فلا أدري فيم سقته هنا !!

تقول : ((وهذا يجيب على قولكم(ينبغي أن ترتاح أفئدة المؤمنين إلى أن الشرع ورد فعلا بإنزال الإجماع هذا المنزل بدليل قاطع في وروده وفي دلالته) .. (ينبغي أن يكون دليله قاطعا بوروده ودلالته). فما كل دليل صالح للاحتجاج قطعي))
وأقول : وأين قلنا ان كل دليل صالح للاحتجاج قطعي ؟

تقول : ((وأكرر أن إثبات قطعية حجة الإجماع ليس بمتعذر ولا متعسر))
وأقول : نعم مازلت تكرر هذا ولكن لم نر أدلتك بعد!!

تقول : (( ونفيك لقطعية دلالة آية أو حديث لا يعني نفي قطعية حجة الإجماع فإن مستند الإجماع واسع لأدلة نقلية وعقلية كثيرة . ومن حكم بقطعيته لم يلزمه تكفير مخالفه بشبهة))
وأقول : بل نفي دلالة الآية أو الحديث ينفي قطعية حجية الإجماع ((إذا)) كان (كما الحال هنا) مستندُ قطعية الإجماع هو هذه الآية أو الحديث فلا يمكن أن تخرج بحكم قاطع إلا بدليل قاطع في دلالته ووروده وقد أسهبنا في الكلام على هذا وبينا مجمل استدلالات القوم على حجيته وبينا أقوال العلماء في أن دلالتها (الآية) ودلالة الحديث وورودها كلها تكلم فيها الأكابر حتى القرن السادس.

تقول : ((أيضاً فصرفي الآية إلى الاعتقاد لا يعني إخراج العمل ولا هذا مفهوم كلامي))
وأقول : بل هذا مفهومه ومنطوقه أيضاً. وألفاظكم يا سيدي واضحة وأنت قلت أن الكلام على الاعتقاد ولم تذكر حينها شيئا عن العمل ولو قصدت أن العمل غير مستثنى وقتها لأعدتك إلى نقض قطعية الدلالة بذلك ولسقطت حجتك منذ البداية.

وتقول : (( .. وإنما المراد أن الخطاب يتجه للاعتقاد الذي يسبق العمل وهو أساسه .. والعمل مفتقرٌ إلى الاعتقاد .. ولا عمل إلا باعتقاد. فالاعتقاد داخلٌ جزماً في الآية لأن الدليل قام على اتباعهم في جميع الأمور كقيام الدليل على اتباع النبي صلى الله عليه وآله وسلم .. وهو في الاعتقاد والعمل. والتفريق بينهما هو التحكم .. ))
وأقول : هذا سرد لمبادىء من علم الكلام ولسنا في حاجة إلى ذكر ذلك فالمقام هنا مقام احتجاج ورد ولا أرى ذلك فيما تسرد . وكون العمل يحتاج إلى الاعتقاد فهذا ما لم يختلف عليه أهل القبلتين ولم نقل بخلافه هنا وكلامنا كان على ما ذكرتَه من ناحية اللغة فلا أدري ما هو دخل ما ذكرته هنا بما رددنا عليك به !!ولو أردنا أن نسلك نفس مسلكك في الاستدلال بمجاز الألفاظ لقلبنا ماشئنا من المفاهيم رأسا على عقب ولذلك حصر الشارع إمكانية المصير إلى المجاز بقرينة صارفة عن الحقيقة والقرينة قد تكون أشياء كثيرة (منها العقل) . وليس ما نحن فيه في شيء من ذلك فإن كنت تدعي أن المعنى كما ذكره الفقير ليس حقيقة في اللفظ فهذا أمر آخر ، فصرح به وحينها نرد على دعواك من كتب اللغة ونقلب البحث إلى اللغة المجردة ودلالة الوضع الأصلي للكلمات لا أصول الفقه . و إن كنت تدعي أن المعنى كما تريده أنت جاء باصطلاح أهل علم أصول الفقه فهذا هو أصل ما نختلف معهم فيه والقول به بدون تسلسل الاستدلال بدءً من دلالة اللغة تحكم ولا يقول بخلاف ذلك من له مسكة من علم.

وتقول : ((ولا أسلم لك أن العمل حقيقة معنى الآية والاعتقاد مجاز , وهذا يجيبك أيضاً على مسألة الوعيد))
أولا مسألة الوعيد مقحمة هنا حتى تقوي ضعيف الاستدلال وهي بنفسها هزيلة فقد سقنا لك أقوال الأكابر (إمام الحرمين وابن الفركاح) في نقضها ونقض الاستدلال بها . وأما عدم تسليمك بأن العمل حقيقة معنى الآية فأقول لا يسعك ألا تسلم بدون حجة لأنك أنت الذي تصرف النص . نريد حجة من اللغة على عدم تسليمك فهذا تحكم منك بدون دليل وظاهر اللغة واللفظ هي ما نقول به فإن قلت لا كان هذا مصادرة منك للحجة وإن قلت نعم فأين دليلك من ظاهر اللغة واللفظ ؟. هذا وقد ذكرنا أنه لا يشترط أن يكون حقيقة اللفظ تعني ما نقول بل يكفي أن يكون مجازاً قريبا فراجع ما كتبناه هناك.

وتقول : ((وبما أنك تقول بحجية الإجماع فاعتقد أن لديك الإجابة الكاملة على شبهات نفاته في بحثك للموضوع))
وأقول : ما نقول به أن الإجماع حجة ليس بمعنى أنه أصل من أصول الدين كالقرآن والسنة بل هو حجة للفقيه في الاجتهاد يعضد به كلامه ويرجح به وهو في رأي هذا الفقير درجة أقرب إلى الكمال من درجات رأي الجمهور ولكن لا يصل إلى كونه قاطعاً بل يصح مخالفته ونقضه بالدليل والحجة وخصوصا الإجماع على قولين وثلاثة وأربعة وأكثر في المسألة . وبالنسبة لشبهات نفاة الإجماع فنعم اطلعنا عليها ونحن نقول بشيء منها .

وأسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا ويهدينا إلى سبيل الرشاد

حسن عزي
آخر تعديل بواسطة حسن عزي في الجمعة يناير 19, 2007 5:39 pm، تم التعديل 3 مرات في المجمل.

محمد الغيل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2745
اشترك في: الأحد إبريل 18, 2004 3:47 am
اتصال:

مشاركة بواسطة محمد الغيل »

فائدة وتمهيد
قال النظام احد عظماء المعتزلة "إن وقوع الاجماع غيرممكن "
وبقوله قال بعض الشيعة ورواه ابن الحاجب عن الامام أحمد بن حنبل وأنه قال " من ادعى الاجماع فقد كذب " و من علماء اليمن من نحى هذا المنحى
فقد ذهب الى استحالة وقوع الاجماع الشيخ المحقق صالح المقبلي والعلامة السيد الحسن الجلال والسيد العلامة محمد بن اسماعيل الامير والشيخ محمد الشوكاني والامام الخطير الحسن بن عز الدين قال في فتاويه الكبرى ما نصه : " وما الاجماع الا اسم بلا مسمى وأمر خالي لا حقيقة له "
ايضا قال الشيخ المحقق المقبلي في كتابه (نجاح الطالب) : "فما ابعد دعوى وقوع الاجماع المحقق في الصحابة وكذبها بعدهم ...." أهـ

اقول وانكار هولاء وغيرهم وقوع الاجماع العام لا يقتضي بالضرورة انكار وقوع الاجماع الخاص "اجماع العترة " وذلك بسبب قوة الدليل والذي يحتج به اهل البيت على غيرهم به .

التمهيد
كما إن انكار منكري الاجماع العام أو "الاجماع الاكبر" قائم على ما اشرت اليه سابقا في مداخلتي السابقة
اعني التعريف الاصطلاحي المتداول بين علماء هذا الفن للاجماع اذ أنه ومن خلال هذا التعريف تولدت اركان الاجماع - الاكبر -الاربعة اعني
• وجود عدد من المجتهدين في زمن ٍ
• واتفاقهم في مكان معين وفي ووقت معين
• وتصريحهم به بالفظ لا بالسكوت والايماء ..!
• ولا بد من أن يكون مستند اجماعهم امر شرعي إما قطعي الدلالة والثبوت أو ظني الدلا لة

اقول واختلفوا في كون الاجماع العام حجة فذهب الجمهورالى أن الاجمعاع العام حجة شرعية في نفسه وأن الحجة قاطنة فيه فيجب العمل به متى تحقق وقوعه على تلك الصفة اعني بحسب التعريف السابق الشامل لاركان الاجماع الاربعة سالفة الذكر وعليه فإن الاجماع عند الجمهور مكتسب للقداسة الشرعية في نفسه وصار بذلك دليلا شرعيا معتبرا تحرم مخالفته ومن فوائده سقوط البحث عن الدليل .!

بينما ذهب النظام من علماء المعتزلة والمدرسة الامامية وفرقة الخوارج وغيرهم الى ان الاجماع العام ليس بحجة شرعية وانما الحجة الشرعية قاطنة في مستنده التى ذكرها الشارع من قبل و سواء كان مستنده قطعي الدلالة أو ظني الدلالة

هذاالتمهيد ما لزم اظهاره هنا قبل الخوض في دليل الاجماع العام ومناقشة دليله وهل هي دلالة قطعية أم دلالة ظنية والله أعلم ..!!!!!!!!!!!
صورة
يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون
صورة

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الدراسات والأبحاث“