طلب ملاحظات على بحث: (الصحابة عند الزيدية)

هذا المجلس لطرح الدراسات والأبحاث.
أضف رد جديد
محمدعزان
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 167
اشترك في: الأربعاء يناير 21, 2004 10:59 pm
مكان: اليمن

مشاركة بواسطة محمدعزان »

إخوتي الكرام
أنا اتابع باستمرار كلما يكتب هنا، وأستفيد من أي كلام منطقي وموضوعي وأراعيه بالفعل.

غير أني لا أستطيع التعقيب على كل ما يقال خصوصا:
الكلام المكرر الذي سبق التعقيب عليه.والكلام المرتجل الناتج عن ثقافة المسلمات الموروثة.والكلام الموجه للنقد الشخصي فحسب. والكلام الجانبي وإن كان لا يخلوا من إشارات.

ولي وقفة مع كل واحد منكم بعد ان انتهي من مشاغل ألمت بي وأنا رغم ذلك أتابع باهتمام فاستمروا بارك الله في جهودكم، ولتكن النفوس صافية والنوايا حسنة، فلسنا في مبارات ، أسأل الله أن يوفقنا لما يحب ويرضى.
﴿وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا﴾ (الإسراء/53).

اليماني
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 127
اشترك في: الأربعاء فبراير 11, 2004 9:19 am

مشاركة بواسطة اليماني »

الأستاذ عزان
يجب عليك أن توسع كتابك في الصحابة وتناقش فيه أقوال الجارودية من الزيدية ، ثم تنشره على نطاق واسع ، فهنالك حملة لجعفرة الزيدية.
وعلى الزيدية أن يتنبهو لذلك ، لأنهم إذا قبلوا كلام الإمامية في الصحاب ورأوه صحيحا، إنقلبوا على أئمتهم وصاروا يتهمونهم أو يشكون في كتبهم ، فالموقف الوسط الذي أعلنه أئمة الزيدية هو الذي يجب أن يسود،ونقول على الأقل كما قال الهادي بن ابراهيم الوزير:

إلى الحاكم الديان يمضون عن يدٍ *** وموعدهم للحكم في موقف الحشرِ

ولست أرى التصويب رأياً ولا أرى *** من السب رأياً إن ذاك من الْهُجْرِ

ولكن أدين الله فيهم بأنهم *** أفاضل قد زلوا وربك ذو غُفْرِ

وانقم تأخير الوصي وقبضهم *** على فدك قبضاً بنوع من القهرِ

:
الحق احق أن يتبع

ياسر الوزير
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 404
اشترك في: الجمعة مارس 19, 2004 11:48 pm
مكان: النهرين

مشاركة بواسطة ياسر الوزير »

الحمد لله ؛
أوافق الأخ محمد ، ففعلاً لسنا في مباريات لكنا في نقاش علمي مفيد ، وعلى الأخوين الموسوي واليماني فهم ذلك ، وأرجو أن لا يلومني أحدهما على قولي هذا ، ففتح عدة مواضيع دفعة واحدة في نفس القضية خروج عن الحد المألوف فيما أعتقد .
أرجو أن تنتهي مشاغل الأخ محمد سريعاً ( التي ربما أقع فيها قريباً ) ،
والسلام عليكم ،،،

الإدارة
مدير مجالس آل محمد
مشاركات: 178
اشترك في: الاثنين ديسمبر 15, 2003 10:41 am
اتصال:

مشاركة بواسطة الإدارة »

المشترك اليماني قد كان أدرج ثلاثة مواضيع في مجلس الدراسات والأبحاث وكلها تخص موضوع الصحابة عن الزيدية
قامت الإدارة بحذف هذه المواضيع من الصفحة الرئيسية للمجلس وإدراجها في هذا الموضوع ،لجعل المواضيع في المجالس منظمة للحرص على عدم تشتت الزائرين والمشاركين في المنتدى في مواضيع كثيرة ومتشابهة .
تنبيه : نرجوا من كل المشتركين وخاصة اليماني أن يلتزم بإدراج مشاركاته التي تخص مواضيع قد طُرحت مسبقاً في نفس الصفحات الخاصة بها، وعدم إدراجها كمواضيع جديدة للأسباب الموضحة أعلاه....

اليماني كتب:

محبة الإمام الصادق لأبي بكر وعمر
* وروى عنه العلامة عبد الله بن زيد العنسي، والعلامة محمد بن الحسن الديلمي أنه قال: «من زعم أني أبرأ من أبي بكر وعمر فأنا منه بريء».
* وقال الإمام يحيى بن حمزة: « قال الصادق عليه السلام: اللهم إني أحبهما، وأودهما، وأتولاهما، وأحب من يحبهما، اللهم إن كنت تعلم خلاف ذلك من قلبي فلا تنلني شفاعة محمد صلى اللّه عليه وآله وسلم».
* قال الإمام يحيى بن حمزة رضي الله عنه: «وعن جعفر الصادق أنه كان شديد المحبة لأبي بكر وعمر. وقد روى عنه خلق عظيم أنه كان يترحم عليهما. وروي عنه أنه قيل له: ما تقول في أبي بكر؟ فقال: «ما أقول فيمن ولدني مرتين». أراد بذلك: أن أمه أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر وأم أمه بنت عبد الرحمن بن أبي بكر».





كلام جميل للأستاذ حميد الدين يتفق مع كلام الأستاذ عزان
هذا كلام للأستاذ عبدلله حميد الدين في كتابة الزيدية .. وهو كلام جميل يعكس بحق موقف الزيدية ويتفق مع ما ذكر الأستاذ عزان في كتابه الصحابة عند الزيدية.
وقد أحبت أن أذكره هنا ليعلم الموسوي وغيره أن باحثي الزيدية متفقون على قول واحد.. وهذا نص لكلام:

الزيدية والخلفاء
موضوع الخلفاء من المواضيع الحساسة، وكنت أفضل عدم التعرض له ولكن كثرة التساؤلات حول موقف الزيدية منهم أوجبت طرحه. المشترك بين الزيدية أن الإمام علياً كان الأولى بالخلافة، وأن أبا بكر ومن معه أخطأوا في صرفها عنه. وأن أبا بكر أخطأ أيضاً لما منع فاطمة من إرثها من النبي، كما أخذ منها أرض فدك والعوالي وهي أرض غنية جداً كان النبي أنحلها فاطمة بعد فتح خيبر. إلا أنه بعد هذا القدر المشترك فقد اشتهر رأيان:

الرأي الأول يرى أن الترضية عنهم لازمة باعتبار أن وقوفهم السابق مع النبي يكفر ذلك الخطأ.
الرأي الثاني يرى أن سابقتهم مع النبي توجب علينا الترضية عنهم، والخطأ منهم يوجب التوقف في شأنهم.
وهناك قلة قليلة كانت تصرح بالبراءة منهم، والدعاء عليهم.
وسأذكر نصين لإمامين أحدهما من أئمة الديلم، والآخر من أئمة اليمن، وهما من المتوقفين، وذلك لكي يعلم حقيقة معنى التوقف. قال الإمام الهادي علي بن جعفر بن الحسن الحقيني (490هـ): وأشهد أن أمير المؤمنين إمام المسلمين بعد رسول رب العالمين؛ لما خصه الله تعالى بمجموع الفضائل والمناقب، ووضعه في أشرف المناسب، بمنصوص التنزيل المعرض للتأويل، لتقابل الأشباه والأمثال، وتعارض المعاني والأشكال، سميناه نصًّا خفيًّا، وإن كان معناه عند الرُّساخ واضحاً جلياً. وأما كبار الصحابة الذين تصدروا للإمامة ونهضوا بالخلافة فلا أغضُّ نفوسهم وأغراضهم، ولا أقابل بالشتم أعراضهم، بل أجد موجدة الزاري عليهم، والمستريب منهم لتمسكهم بالمحتملات، وتعلقهم بالمتأوَّلات وَأَكِلُ أمرهم إلى الله تعالى كما قال القاسم: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ}[البقرة:134]. وأما الإمام عبدالله بن حمزة (614هـ) فقد جاءته مسألة فيمن تقدم الإمام علي بن أبي طالب فأجاب إجابة مطولة فيها تفصيل، وأهم ما فيها: إن الصحابة عندنا أفضل بعد الأئمة" قبل إحداثهم، وبعد الإحداث لنا أئمة نرجع إليهم في أمور ديننا ونقدم حيث أقدموا، ونحجم حيث أحجموا، وهم علي وولداه"، والحادث عليهم وغضبنا فيهم، ولم نعلم من أحد منهم سب أحدٍ من الصحابة ولا لعنه ولا شتمه لا في مدة حياتهم ولا بعد وفاتهم. فالذي تقرر عندنا أن علياً أفضل الأمة بعد رسول الله، وولديه أفضلهم بعد علي، لما تظاهر فيهم من الأدلة عن الله سبحانه وتعالى وعن رسول الله المتقدم عليهم من أبي بكر وعمر وعثمان نقول بتخطئتهم ومعصيتهم لترك الاستدلال على علي بالنصوص الواردة عن الله سبحانه وعن رسوله في إمامته، ونقول: إن النصوص استدلالية لأنها محتملة، ولذلك جرى فيها النزاع الطويل والجدال الشديد من ذلك اليوم إلى يوم الناس هذا وإلى انقطاع التكليف وكل يحتج بما له وجه.
وقولنا هو الأحق والأولى لما ظاهرنا عليه من البراهين، ونصبنا من الأدلة التي لا توجد مع خصومنا، وندَّعي عليهم انقطاع المرام في تصحيح ما توسموه، وتلك الخطايا والمعاصي بالتقدم فتنقطع العصمة، وإنما يجوز أن يكون كفرا وأن يكون صغيرة، ولما يظهر لنا على ذلك دليل ولا بلغنا عن سلفنا الصالح ما نعتمده في أمرهم، ولهم أعظم حرمة في الإسلام، لأنهم أول من أجاب دعوة جدنا، ونابز عنه، وعزَّ به الإسلام وقاتل الآباء والأبناء والأقارب في الله حتى قام عمود الإسلام، وأتى فيهم رسول الله ما لم يأت في غيرهم وكان فيهم حديث بدر وآية بيعة الرضوان فصار الإقدام في أمرهم شديداً. وإنما نقول: إن كانت معاصيهم كبيرة، فالله تعالى لا يتهم في حال، والكبائر تبطل الطاعات وإن عظمت، وإن كانت صغيرة فلبعض ما تقدم من عنايتهم في الإسلام وسبقهم إلى الدين ولا يمكن أحد من أهل العصر ولا من قبله من الأعصار أن يدعي مثل سعيهم ومثل عنايتهم في الدين، وعلي وولداه هم القدوة فلا نتجاوز ما بلغوه في أمر القوم، وهو نعي أفعالهم عليهم وإعلامهم لهم أنهم أولى بالأمر منهم، ولم يظهروا لنا أحكام أولئك أن خالفوهم ولا باينوهم مباينة الفاسقين في عصرهم... ثم قال بشأن فدك: وأما أمر فدك فقد كان فيها النـزاع وتأولوا خبر النبي: ((نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما خلفناه صدقة)) على غير ما تأولناه؛ لأن عندنا أن رسول الله بيَّن أن ما قبضه من الصدقة لا يكون إرثاً لوارثه، وإنما يكون مرجعه إلى بيت المال فما عندنا اسم ناقص بمعنى الذي، فكأنه قال الذي نتركه من الصدقات لا يورث عندنا معاشر الأنبياء، وأما أملاكهم فلم نعلم أن الله سبحانه فرَّق بينهم وبين غيرهم في ذلك. وقد وقعت أمور هنالك رددنا أمرها إلى الله عز وجل، ورضينا على الصحابة عموماً، فإن دخل المتقدمون على علي في صميمهم في علم الله سبحانه لم نحسدهم رحمة ربهم، وإن أخرجهم سبحانه بعلمه لاستحقاقهم فهو لا يتهم في بريته، وكنا قد سلمنا خطر الاقتحام، وأدّينا ما يلزمنا من تعظيم أهل ذلك المقام، الذين حموا حوزة الإسلام، ونابذوا في أمره الخاص والعام. وأما عثمان وإحداثه فلا شك في قبحها، وجوابنا فيها ما قال علي: إنه قد قدم على عمله فإن كان محسناً فقد لقي رباًّ شكوراً كافئه على إحسانه، وإن كان مسيئاً فقد أتى رباً غفوراً لا يتعاظم أن يعفو عن شأنه، وهذا كلام علي فيه مثل قوله: إنه استأثر فأساء في الأثرة، وجزعتم فأسأتم الجزع، ولله حكم في المستأثر والجازع، وهذا ما قضى به الدليل وأدى إليه النظر، ومن الله سبحانه نستمد التوفيق في البداية والنهاية والبلوغ إلى أسعد غاية)).
وقد نجد في كتب التواريخ الزيدية بعض الروايات التي قد تقتضي براءة منهم، ولكن لا يعمل بمقتضى تلك الأخبار وإن كانت تروى لأنها مجرد أخبار تاريخية آحادية لا يجوز الاعتماد عليها في شأن كهذا. وأما معاوية ومن كان معه ممن قاتل الإمام علي بن طالب، فلا يخفى أمرهم على من له أدنى اطلاع. انتهى

وأنا أقول رضي الله عنك وأرضاك فقد اجدت وانصفت .. وهكذا كان اهل البيت الكرام مترفعون عن الأحقاد والعصبيات.


الإمام علي بن الحسين يرد على من يسب أبا بكر وعمر
اتفق الزيدية والإمامية في الرواية عن الإمام زين العابدين أنه سمع رجلاً يسب أبا بكر وعمر، فقال له: «هل أنت من &هذه الرواية رواها من الزيدية: شيخ الزيدية في عصره أبو القاسم البستي. ومن الإمامية صاحب كتاب كشف الغمة في معرفة الأمة.
ويؤكدها ما رواه مسند الزيدية وحافظهم أحمد بن الحسن الكني، أن الإمام زيد بن علي سمع من يروي عن أبيه أنه تبرأ من أبي بكر وعمر، فقال: «لا تكذب على أبي، إن أبي كان يجنبني عن كل شر، حتى اللقمة الحارة، أفتراه يخبرك بأن دينك وإسلامك لا يتم إلا بالتبرئ منهما، ويهملني عن التعريف بذلك؟!» .

الإدارة
مدير مجالس آل محمد
مشاركات: 178
اشترك في: الاثنين ديسمبر 15, 2003 10:41 am
اتصال:

تنبيه

مشاركة بواسطة الإدارة »

المشترك الموسوي قد كان أدرج ثلاثة مواضيع في مجلس الدراسات والأبحاث وكلها تخص موضوع الصحابة عن الزيدية
قامت الإدارة بحذف هذه المواضيع من الصفحة الرئيسية للمجلس وإدراجها في هذا الموضوع ،لجعل المواضيع في المجالس منظمة للحرص على عدم تشتت الزائرين والمشاركين في المنتدى في مواضيع كثيرة ومتشابهة .
تنبيه : نرجوا من كل المشتركين وخاصة الموسوي أن يلتزم بإدراج مشاركاته التي تخص مواضيع قد طُرحت مسبقاً في نفس الصفحات الخاصة بها، وعدم إدراجها كمواضيع جديدة للأسباب الموضحة أعلاه....

الموسوي كتب:

وصية الامام المتوكل اسماعيل واجماع أهل البيت في أمر الصحابة

نقل العلامة الفقيه العزي محمد بن يحيى مداعس, في كتابه الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين (الموجود في مكتبة الموسسة على الاينترنت)وصية الامام المتوكل اسماعيل بن القاسم بن محمد و التي يبين فيها موقف الزيدية و ائمتهم في خصوص بعض من يسمى صحابة, ما هذا لفظه:

ولنختم هذا الكلام بما ذكره صاحب المنشورات الجليلة، فيما انطوت عليه الوصية المتوكلية وصية الإمام المتوكل على الله إسماعيل بن القاسم عليهما السلام وهو السيد العلامة جمال الإسلام علي بن عبد الله بن أمير المؤمنين القاسم بن محمد عليهم السلام جميعاً عن القاضي العلامة جمال الملة وحافظها أحمد بن سعد الدين المسوري رحمه الله تعالى عن القاضي العلامة فخر الدين عبد الله بن سعد الدين المسوري رحمه الله وأعاد من بركاته وجزاه خيراً في المحجة البيضاء بعد كلام له طويل في شأن فدك، ومنع المطهرة البتول حقها ما لفظه:

و اعلم أن الله تعالى عهد إلينا أن نحكم بالحق وبما أنزل الله وقال: &


سيدة النساء, أول من رفض أبا بكر وعمر

قال العلامة الفقيه العزي محمد بن يحيى مداعس في كتابه الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين الموجود في مكتبة الموسسة على الاينترنت و بعد بيان أن المراد من الروافض كل من تخلف متابعة العترة قال:
...لا كما يزعمه الحشوية وغيرهم ممن يتسم بالسنية أن الروافض من تبرأ من إمامة أبي بكر وعمر للزوم أن يصير جميع العترة عليهم السلام الطاهرة شموس الدنيا وشفعاء الآخرة كلهم روافض، لأن كلهم يتبرؤون من إمامة أبي بكر وعمر ويرونها باطلة
كما مر تقرير ذلك عنهم وقد مرت الأبيات في هذا المعنى:
سمَّيتم الآلَ والأتباعَ رافضةً* و رفضُكُم سابق يا عصبة البُكُمِ
إلى آخرها.
فلا يهولنك ما يزعمه هؤلاء القوم وانخدع لأجله بعض متأخري الزيدية، فروي عن الأصمعي أنه حكى أن سبب تلقيبهم بالرفض هو أن زيد بن علي عليهما السلام لما خرج لله تعالى جاءه قوم وسألوه البراءة عن الشيخين فأبى ذلك فرفضوه وعزلوا إمامته، وقيل: إنهم سموا بذلك لرفضهم أبا بكر وعمر إلى آخر ما ذكره.
وكيف يصح مثل هذا الكلام والحال أن أول من رفض أبا بكر وعمر سيدة النساء بإجماع الأمة، أنها هجرتهما وماتت وهي غاضبة عليهما، وكذلك أمير المؤمنين وولده الحسنان بلا خلاف بين عترتهم الأطهار خلفاً عن سلف, فيلزم عليه أن سيدة النساء وجميع أهل الكساء وجميع من اقتدى بهم وتأسى روافض، وكيف وقد تواترت الأحاديث أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يغضب على من أغضب بضعته الشريفة وفُصَّ تاج عترته المنيفة، ولله القائل رحمه الله تعالى:
يا من أتانا بقولٍ باطلٍ كذب* ومن يصد إلى العليا من الرُّتَبِ
هلا سلكت طريقاً كنت تعهدُها* إلى النجاةِ دليلاً لا إلى العَطَبِ
أعني بهم آلَ بيتِ المصطفى فبهِم* أرجو النجاةَ غداً إن متَّ في غَيبي
وأنهم وسواهم صح عندهمُ* في أمرِ فاطمَ قولاً ليس بالكَذِبِ
إلى قوله:
قالوا الرسول يقول الويل أجمعه* لمغضبِ فاطماً قد باءَ بالغَضَبِ
ومن به حسدٌ للآل صيره* من أفضل الخلقِ إقداماً بلا سَبَبِ
قلتم: له صحبَتَه في المصطفى سَبَقَتْ* فقلت ما كان في إبليس من عَجَبِ
قد كان طاووسُ أهل السبع يقدُمُهُم* و بعدُ ذاك بغى عن تلكمُ الرُّتَبِ
بل صار في الناسِ مطروداً وإنَّ له* لعناً وبيلاً كما قد صح عن كُتُبِ


كتاب تثبيت الامامة (الامام الهادي يحيى بن الحسين)
كتاب تثبيت الامامة

المقدمة
قال في الامّ المنسوخ منها: وهذه النسخة - أعني تثبيت الإمامة - انتسختها من نسخة قديمة ضخيمة مكتوبة من سنة اثنين وثمانين وسبعمائة، وفي هذه النسخة بخطّ السيد صلاح الجلال ما لفظه: هذا كتاب تثبيت الإمامة للهادي عليه السلام صحّ لي سماعه على الوالد جمال الدين بن الهادي بن يحيى، وأيضاً على الوالد صلاح الدين المهدي و يحيى وصلاح قدّس الله روحهما في الجنّة.كتبه صلاح بن الجلال عفا الله عنه. انتهى.

وقد روى تثبيت الإمامة هذا جميعه على هذه الصفة الإمام المنصور بالله الحسن بن بدر الدين عليه السلام في شرح أنوار اليفين، ونقل منه ايضاً الامام القاسم بن محمد عليه السلام في كتابه الإرشاد. انتهى ذلك وتمّ وكمل بحمد الله تعالى ومنه وعونه عصر يوم الاثنين الموافق (22 ربيع الاوّل 1399) سنة تسعة وتسعين وثلاثمائة والف هجرية على صاجبها أفضل الصلاة وأزكى التحيّة بحط الحقير الفقير المستجير من عذاب الله السعير أسير الخطايا والذنوب (عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن احمد بن محمد بن عبد القادر الشامي الملقّب «الأخفش» الكوكباني بلداً، والزيدي مذهباً، والشيعي اعتقاداً، وصلّى الله وسلّم على سيّدنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين، آمين اللهم آمين.
طبع هذا الكتاب ملحقاً بكتاب «المنتخب ويليه كتاب الفنون ص493-503» مما سأل محمد بن سليمان الكوفي من الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم بتقديم المحقق الزيدى محمد يحيى سالم عزّان - صعدة 1 / ربيع اول / 1413هـ .
دار الحكمة اليمانية ج. اليمن. صنعاء - شارع القصر الجمهوري. هاتف 272474-73584 - ص.ب 11041 - برقيا: حكمة - س ت 803-21 فاكس: 272433.

(كتاب تثبيت الإمامة)
إمامة مولانا أمير المؤ منين وسيّد الوصيّين ونفس رسول ربّ العالمين الصدّيق الأكبر والفاروق الأزهر أبي الحسين سمير بدر وخيبر أسد الله الغالب عليّ بن أبى طالب كرّم الله وجهه في الجنة.
تصنيف مولانا أمير المؤ منين وسيّد المسلمين الهادي إلى الحقّ المبين يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن أمير المؤمنين علىّ بن أبى طالب عليهم السلام وجزاهم عن الإسلام والمسلمين أفضل ما جازى ائمة الحقّ الهادين آمين اللهم آمين وصلّى الله وسلّم على سيّدنا محمّد خاتم النبيّين وآله العترة الأنجبين البررة المطهّرين ولاحول ولاقوّة إلاّ بالله العليّ العظيم.

الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
(الْحَمْدُ للهِِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالاَْرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ).
لا نُشرك بالله ولا نتّخذ من دونه إلهاً ولا وليّاً، نحمدُه على ما خصّنا به من نعمه، ودلَّنا عليه من طاعته، واستنقذنا به من الهلكة برحمته، وبصَّرنا من سبيل النّجاة.
وابتدأنا به من الفضل العظيم والإحسان الجسيم بِمُحَمَّد البرِّ الرؤوف الرحيم(صلى الله عليه وآله وسلم) أرسله إلينا فكان كما قال عزّوجلّ: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)
فبلّغ ـ عليه وعلى آله الصلاة والسلام ـ رسالةَ ربِّه، ونصحَ لأُمّته، وأدّى ما أُؤتُمِنَ عليه، واحتجّ لله ودعا اليه بالموعظة البالغة والحكمة الجامعة، واجتهد بنفسه، واجتهد في أمره، واحتمل الأذى في دينه، واصطبرَ على كلّ محنة وبلوى حتى قبضه اللهُ عزّ وجلّ إليه وقد رضيَ فعله وشكرَ سعيه وغفرَ ذنبه; فقال سبحانه: (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً ليَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّر)
فمضى (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد بيَّن للاُمة وأدّى إليهم جميع ما يحتاجون إليه ممّا فرضَ اللهُ عليهم في محكم تنزيله على لسان نبيّه من الحلال والحرام والحدود والمواريث والأمر والنهي.
فقبض وليس لأحد على الله حجة بعدما كان منه (صلى الله عليه وآله وسلم)من البيان والشرح والأمر والنهي والترغيب والتحذير، وكذلك قال سبحانه فيه وفي مَنْ كان قبله من الأنبياء:: (رُسُلا مبشّرينَ ومُنْذرينَ لئلاّ يكونَ للناسِ على اللهِ حجّةٌ بعدَ الرُسُل).

ما تركه النبيّ من بعده
فترك (صلى الله عليه وآله وسلم) بين أظهرهم من كتاب الله الكريم حجةً عليهم وما فيه بيان ما يحتاجون إليه وما يعملون به هُدىً وشفاءٌ لما في الصدور فيه أصلُ كلّ شيء وفرعه.
كما قال سبحانه: (مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْء).
وكيف يجوز أن يكون فيه تفريطٌ وهو جامع لما افترض اللهُ سبحانه على عباده، وفي كلّ آية منه للهِ حجةٌ وبيانٌ لما حرَّم وأحلّ وحدّد وفرض.
وقد حفظه الله، فلم تَزُلْ منه آيةٌ، ولم تذهبْ منه سورةٌ; لما ذكرنا من إكمال الحجّة على عباده، وذلك قوله عزّوجلّ: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ )وقال: (فِي لَوْح مَحْفُوظ)وقال سبحانه: (وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيم حَمِيد ) فما حفظه الله سبحانه وتعالى فغير ضائع وما حاط فغير ذاهب.

تضييع الكتاب الكريم
فعند فقد الاُمة لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ضُيِّع الكتابُ، وما افترضَ اللهُ عزّ وجلّ عليهم، فلم يُعملْ بما أنزلَ اللهُ تعالى فيه، ولم يُلتفتْ إلى شيء مما جرتْ به الأحكام عليه.

الاختلاف
واختلفت الاُمور عند قبضه عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام، و انقصمت الظهور، وبدتْ من الأقوام عليه وعلى عترته عليهم السلام ما كانوا يُخفون من ضغائن الصدور، وتكلّم كلٌّ بهواه.

وضع الحديث
وجاء كلّ بحديث ينقضُ به حديثَ صاحبه وكلّ يزعمُ أنّه سمعه من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مع ما في ذلك من خلاف محكم التنزيل لما في كتاب الله الجليل، يعلمون ذلك، وهم راضون بغير ما فيه.
وقد أجمعوا أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)قال لهم: إنّه سيُكذبُ عَلَيَّ كما كُذِبَ على من كان قبلي من الأنبياء: فما جاءكم عنّي فاعرضوهُ على كتاب الله عزّوجلّ فما وافقَ كتابَ الله عزّوجلّ فهو منّي وأنا قلته; وإن قالوا: لم يقله، وما خالف كتاب الله عزّوجلّ فليس منّي ولم أقله; وإن قالوا: قاله.

نشوء الفرق
ثم افترقت هذه الاُمة - بعد ما كان منها ممّا ذكرنا - على أربع فرق; كلّ فرقة تكفّر الاُخرى; في من يقوم مقام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
فرقة تقول: نصبَ رسولُ الله (صلى الله عليه وآله وسلم)عليَّ بن أبي طالب للمسلمين إماماً، نصبه نصباً، ونصّه نصّاً باسمه ونسبه، ودعا إليه، وحثّ عليه، وافترضَ طاعته.
وفرقة اُخرى تقول: أومى رسولَ الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى أمير المؤمنين عليٍّ (عليه السلام) إيماءً و دَلَّ عليه وأشار إليه، وقال فيه أقاويل يشهد له بالعدالة ويستوجب بأقلّها الإمامة، واحتجّ بحجج كثيرة فيه، قد ذكرناها لك في كتاب غير هذا.
وفرقة قالتْ: إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أمر أبا بكر أن يصلّي بالناس، والصلاة عمادُ الدين، فقلنا عندما انتخبه رسولُ الله (صلى الله عليه وآله وسلم)ورضي به إماماً للصلاة: إنّه خيرُ أصحابه، وإنّه حقيقٌ بالإمامة!
وأكثروا الحجج والخطب في أمر الصلاة، وسأذكر ذلك والحجّة عليهم فيه في موضعه إن شاء الله تعالى.
وقالت الفرقة الرابعة - وهي جلُّ الناس -: لا نعرف من هذه الأقاويل شيئاً; لإنّ رسولَ الله (صلى الله عليه وآله وسلم)قُبِضَ - يوم قبض - ولم ينصبْ أحداً، ولم يومِ إلى أحد، ولم يأمرْ أحداً بالصلاة ولا غيرها، فتركَ الاُمّة تختارُ لأنفسها مَنْ رأوا أنّه أفضلُهم وأحسبُهم وأعلمُهم عن الله وعن رسوله وعن كتابه، وزعموا أنّ ذلك فرضٌ على كلّ إمام واجبٌ، وأنّه لا يحلّ للإمام أنْ يعقد الإمامةَ لأحد بعده; لأنّ في ذلك خلافاً لرسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ولِما فعلَ، وأنّ مَن فعل ذلك كان ضالماً مخطئاً.
واحتجّوا في ما ادّعوه بأحاديث عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)منها: زعموا أنّ النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)قال: لأن تختاروا لأنفسكم أحبُّ إليَّ من أنْ أُوَلِّيَ عليكم وَالِياً، إنْ أحسنَ كان لنفسه وإنْ أساء كان منّي، وكانت الحجّةُ لكم غداً(1).
واحتجوا بأحاديث مثل هذا; يغني ذكر هذا عن ذكرها.

دعوى الاجماع على أبي بكر
ثمّ زعموا أنّ الناس اجتمعوا على أبي بكر فقلّدوه الأمرَ، وأقاموه مقامَ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)وادّعوا له قياماً بأمر الله تعالى، واستصلاحاً لما تحتاج إليه الاُمّةُ.
فسألنا هذه الفرق الأربع: هل أجمعتم على ما ادعتْ هذه الفرقةُ من إمامة أبي بكر؟
فقالت فرقتان: معاذَ الله! كيف؟ ونحن نقول: إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)قد نصبَ إماماً وأشار إليه.
وادعت فرقتان منهم الإجماعَ معهما.
فبطلَ قولَ مَن قال بالإجماع; بخلاف هاتين الفرقتين.
ثمّ سألناهم: عن الاختيار لأبي بكر: أكان أمَرَ رسولُ الله وعَهِدَ إلى قوم بأعيانهم ليختاروا إمَاماً منهم يقوم مقامه، أم جعل الاختيار عَامّاً إلى الناس كلّهم؟ قالوا: بل إلى الناس كلّهم.
فقلنا: فهذا الاختيار كان ممّن كان بالمدينة وغائباً عنها باليمامة والبحرين واليمن؟
قالوا: لا، لكن من أهل المدينة.
قلنا: فأين الإجماع؟ وإنّما كان بالمدينة من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)اثنا عشر ألفاً، وغائباً بالمواضع التي ذكرناها أُلوفٌ لا تُحصى، وأهل الدار، والمهاجرون إليها الذين حضروا مختلفون لم يجتمعوا، أو لم يحضروا; وعددهم ما رسمنا. ولقد حضر السقيفة من أصحابه (صلى الله عليه وآله وسلم)ثلاثمائة جُلُّهم من الأنصار، وذلك ربع عشر أصحابه، فهل اجتمعوا؟.
فإنْ قالوا: نعم.
قلنا: فياسبحانَ الله!
كيف يكون الإجماعُ؟ والأنصار تقول: منّا أميرٌ ومنكم أميرٌ؟
وأين الإجماعُ؟ وسعدُ بن عبادة وابنه وعصابةٌ معهما أنكروا البيعةَ، وسعدٌ يصيح بأعْلَى صوته عند البيعة: يامعاشرَ الأنصار، املكوا أيديكم قليلا.
والناس كلّهم - الذين حضروا السقيفة - يهرجون، لم يقع الرضا من جميعهم، حتى وَثَبَ أوسُ بن خولي، فقال لأبي بكر: «ابسطْ(2) يدك أُبايعْك» عندما سمع قولَ الأنصار: «مِنّا أميرٌ ومنكم أميرٌ» مخافةَ أنْ يتمَّ هذا القول; فَتُقَدِّمُ الأنصار سعدَ بن عبادة، فيكونُ أميراً، أو يكونَ الأمرُ في الخزرج ويبقى أوسُ بن خولي وعشيرته سُوْقَةً وهم الأوسُ، فدخلهُ الحسدُ للخزرج ولسعد; لِما كانَ بينهم من الضغائن في الحروب التي كانت في الجاهلية، التي رفعها اللهُ تعالى عنهم بمحمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) و كان سعدٌ عظيمَ القدر في الأنصار وفي العرب، وكانت إذا اجتمعت الأنصارُ قدمتْ سعداً، وإذا افترقتْ قدّمت الخزرجُ سعداً، وقدّمت الأوسُ أوْساً، فداخلَ أوساً الحَسَدُ لسعد وللخزرج، وخافَ إنْ تمَّ ذلك أنْ يَخْمُلَ هو وعشيرته، فبادر بالتسليم والبيعة; ليكون أقطعَ للكلام الذي يخافه: «منّا أميرٌ ومنكم أميرٌ» وتابعه الأوسُ ومن حضر، ثمّ نهض أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجرّاح ومن نهضَ معهم من أهل السقيفة محتزمين بالأزُر، معهم المخاصر لا يمرُّون بأحد ولا يلقونه إلاّ خبطوه، وقالوا: بايعْ، من غير أنْ يُشَاوَرَ أويعلمَ خبراً.
فأين الإجماعُ من هذا الفعل؟
وأين الإجماعُ؟ وعمر بن الخطاب يقول على المنبر: «إنَّ بيعةَ أبي بكر كانت فَلْتةً وقى اللهُ شرّها; فمَنْ عادَ لمثلها فاقتلوه».
والفلتةُ: فهي النهزة والخلسة والاغترار والمبادرة.
فكيف يكون إجماعٌ على شيء انتُهِزَ وبُودِرَ واختلِسَ من أهله اختلاساً، ثمّ يُوجب على فاعل ذلك القتلَ، فلا يجبُ إلاّ على أحد ثلاثة: إمَّا كافر بعد إيمان، أو زان بعد إحصان، أو قاتل النفس بغير حقٍّ؟.
ولم يكن في هذا الفعل شيءٌ من الخصلتين الأخيرتين، وإنّما أوجب القتل على مَنْ كانتْ بيعتُه مثلَ بيعة أبي بكر; لأنّه عنده قد كفرَ وخرجَ من الإسلام بفعله.
فأوجب بهذا القول - على نفسه، وعلى صاحبه - الكفرَ بالله، والقتلَ، لأنّهما أصلُ هذا الفعل وفرعُه.
فيا لَلْعجب! من يسمعُ مثل هذه الاُمور المتناقضة; ولا ينفعه سمعُه!
وأين الإجماعُ؟ وقد طلعَ أبو بكر المنبرَ - بعدما عُقد له - فوثبَ إثنا عشر رجلا من خيار أصحاب محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) منهم عمّار بن ياسر، والمقداد بن الأسود الكندي، وأبو ذرّ الغِفاري، وسلمان الفارسي، وأبو الهيثم بن التيِّهان، وسهل بن حُنيف، وأخواه الأنصاريان، ومعهم غيرهم ممّن اختُلِف في اسمه رضي الله عنهم ; فقالوا لأبي بكر:
الله الله!! في سلطان محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) لا تخرجه من بيته إلى بيوتكم، ولا تأخذْ ما ليس لك، ولا تقعدْ في غير موضعك; فإنّ أهل بيت النبوّة أحقُّ بهذا الأمر منك، ولم تأخذه من أيدي العرب الذين هم أشدُّ عناءً في الإسلام إلاّ بقرباك إلى محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم)وهم أقربُ منك!
مع كلام كثير تكلّمَ به كلُّ رجل منهم; يعنّفونه فيه ويوبِّخُونَه، فعند فراغهم من كلامهم أرسلَ نفسه من المنبر، ولزمَ بيته يومه ذلك، فلم يأمرْ ولم ينْهَ، فلّما كان من الغد غدا إليه عمرُ وسعدٌ وعبدُالرحمن وطلحةُ وغيرهم من قريش; كلُّ رجل منهم في أهل بيته في السلاح الشاكِ، وأخرجوه حتّى أقعدوه على المنبر، ثمّ قالوا: «قُلْ ما بدا لك» ثمّ سلُّوا السيوفَ وقعدوا تحتَ المنبر، ثمّ قالوا: «والله! لئنْ عادَ أحدٌ يتكلّمُ بشئ ممّا تكلّمَ به رعاعٌ بالأمس; لنضعنَّ أسيافَنا فيه!»
فأحجمَ الناسُ وكرهوا الموتَ; فلم يتكّلمْ أحدٌ.
وأين الإجماعُ؟ وبنو هاشم - إليهم يرجعُ الشرفُ والذكرُ والقولُ في الجاهليّة والإسلام - ولم يُبايعْ منهم أحدٌ، ولم يشهدوا، ولم يُشاوَروا؟!
وأميرُ المؤمنين عليٌّ (عليه السلام) لازمٌ بيته، قد أبى أنْ يخرجَ معهم، وأبى أنْ يحضرَ. وقد أرسلوا إليه ثلاثةَ رسل رسولاً بعد رسول: «أنِ اخرجْ; فبايعْ خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)».
فردّ عليهم: «ما كانَ أسرعَ ما كذبتمْ على رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)»
ثمّ عادَ الرسولُ ثانيةً; فقالَ: أجِبْ أميرَ المؤمنين!
فقال (عليه السلام): «يا سبحانَ الله! ما أجرأَ مَنْ تسمّى بما ليسَ له!؟»
ثمّ رجعَ ثالثةً; فقالَ: أجِبْ أبا بكر; فقد أجمعَ عليه المسلمون وبايعوه; فبايعْهُ أنْتَ ، وادخُلْ في ما دَخَلَ فيه الناسُ!؟
فقال أبو بكر لعمر: انْهضْ في جماعة واكْسِرْ بابَ هدا الرجلِ، وجئنا به يدخلْ في ما دخلَ فيه الناسُ!
فنهضَ عمرُ ومَنْ معه إلى باب عليّ (عليه السلام) فدقُّوا البابَ; فدافعتْهُ فاطمةٌ صلواتُ الله عليها، فدفَعَها،وطَرَحَها.
فصاحتْ: يا عمرُ! أُحرجُ بحرج الله أنْ لا تدخلَ عليَّ بيتي فإنّي مكشوفةُ الشَعْر مبتذلة!
فقالَ لها: خُذي ثوبَكِ!
فقالتْ: ما لي؟ ولَكَ؟
ثمّ قال لها: خُذي ثوبَك فإنّي داخلٌ!
فأعادتْ عليه البتولُ.
فدفَعَها، وَدَخَلَ هو وأصحابُه!؟
فحالتْ بينَهم وبينَ البيت الذي فيه عليّ (عليه السلام) وهي ترى أنّها أوجبُ عليهم حقّاً من عليّ(عليه السلام) لضعفها، وفرابتها من رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) .
فوثبَ إليها خالدُ بن الوليد; فضَرَبَها بالسوطِ على عَضُدِها; حتّى كانَ أثرُهُ في عضدها مثلُ الدُمْلُج!
وصاحتْ عندَ ذلك؟
فخَرَجَ عليهم الزُبَيْرُ بالسيف!؟
فصاحَ عمرُ: دونَكم الليث!
فدحلَ في صدره عبدُ الله بن أبي ربيعة، فعانقه، وأخذَ السيفَ من يده، وضربَ به حتّى كسره.
فدخلوا البيتَ; فأخرجوا عليّاً(عليه السلام) ملبُوباً; فتعلّقَ به جماعةٌ منهم حتّى انتُهِيَ به إلى أبي بكر!
فقال له أبو بكر: بايعْ؟!
فقال(عليه السلام): ما أفعلُ.
فقال عمرُ: ما تُفارقُنا أو تفعلَ!؟
فقال له أمير المؤمنين(عليه السلام): احْلبْ حلباًلك شطرُه; شُدّها له اليومَ يردُّها لك غداً؟!
فأينَ الإجماعُ من هذا الخبر؟
وأينَ الإجماعُ؟ وكثيرٌ من أصحاب محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) قد أبَوا البيعةَ:
منهم خالد بن سعيد: كان ولّاه رسولُ الله(صلى الله عليه وآله وسلم) زبيداً حينَ ارتدَّ عمرو بن معدي كرب; فأخرجَ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) أمير المؤمنين (عليه السلام) لحربهم، فلمّا هزمهم وأمكنَ اللهُ منهم ولّى عليهم خالد بن سعيد رضي الله عنه وأرضاه، وكانَ على مقدّمتهم، فلم يزلْ فيهم حتّى قُبِضَ رسولُ الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، ثمّ قدمَ بزكواتهم; فدَفَعَها إلى أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) وأبى أنْ يُسلّمَها إلى أبي بكر; فأرسلَ أبو بكر إلى عليّ(عليه السلام); فقبضَ منه الزكاةَ، ودعا أبو بكر خالد بن سعيد رضي الله عنه للبيعة; فأبى ; فأمره أنْ يلحقَ بأطراف الشام!!ثمّ زعمَ أصحاب الحديث والأخبار: أنّه أمر بقتله، وزعم بعضهم: أنّه قُتِلَ في وفعة كانت هُناك، والصحيحُ: أنّه لم يكنْ ثَمَّ وقعةٌ.
وغيره ممّن لم يبايعْ كثيرٌ.
وكيفَ تنعقدُ بيعةٌ لمن هو في بيعة غيره؟
ألم يكن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وجّهَ أبا بكر وعمرَ وغيرهما في جيش اُسامة بن زيد قبلَ وفاته صلواتُ الله عليه، وأمرهم: يسمعونَ له ويطيعونَ؟ ويصلونَ بصلاته ؟ ويأتمرونَ بأمره؟ وقال(صلى الله عليه وآله وسلم): «أنفذوا جيش اُسامة ولا يتخلف إلّا من كان عاصياً لله ولرسوله».
فلمّا صار اُسامةُ بعسكره على أميال من المدينة بلغهم مرضُ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)فرجعَ أبو بكر وعمر وعبيدة بن الجرّاح; فلمّا دخلوا على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)تغيّرَ لونُه، وفال: «اللهمّ إنّي لا آذنُ لأحد أنْ يتخلّفَ عن جيش اُسامة»
وهمّ أبو بكر بالرجوع إلى اُسامة واللحوق به; فمنعَهُ عمرُ!
ولهما أخبارٌ كثيرةٌ موجودةٌ في خبر جيش اُسامة.
فلمّا قُبِضَ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) اشتغل أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) في جهازه.
ودعا عمرُ إلى بيعة أبي بكر ولم يلتفتوا إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)حتّى فرغوا من اُمورهم.
دعوتهم اُسامة بن زيد وكتاب أبي بكر إليه.
وقال عمرُ لأبي بكر: اكتبْ إلى اُسامة بن زيد يُقدمْ عليك، فإنّ في قدومه عليك قطعُ الشنعة عنّا!
فكتب إليه أبو بكر:
بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله أبي بكر خليفة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) إلى اُسامة بن زيد: أمّا بعد ُ، فانظ ر إذا أتاك كتابي هذا فأقْبِلْ إليّ أنْتَ ومَنْ مَعَكَ; فإنَّ المسلمين قد اجتمعُوا عليّ; وولَّوني أمرهم; فلا تتخلّفنّ فتعصيني ويأتيك ماتكره.والسلام.

ردّ اُسامة على أبي بكر
فأجابه اُسامة بن ريد، وكتبَ إليه:
بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله اُسامة بن ريد عامل رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)على غزوة الشام، إلى أبي بكر بن أبي قُحافة، أمّا بعدُ: فقد أتاني كتابُك ينقضُ أوّلُه آخرَه; ذكرتَ في أوّله: أنّك خليفةُ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وذكرتَ في آخره: أنّ الناسَ قد اجتمعوا عليك وولَّوك أمرهم ورضُوا بك!
واعلم أني ومَنْ معي من المهاجرين والأنصار وجميع المسلمين ما رضيناك ولا ولّيناك أمرنا، فاتّقِ اللهَ ربّك، وإذا فرأتَ كتابي هذا فاقدمْ إلى ديوانك الذي بعثكَ فيه النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا تعصه، وأنْ تدفعَ الحقَّ إلى أهله; فإنّهم أحقُّ به منك، وقد علمتَ ما فال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في عليّ (عليه السلام) يومَ الغدير! وما طالَ العهدُ فتنسى؟!
فانظرْ أنْ تلحقَ بمركزك، ولاتتخلّفْ قتعصي اللهَ سبحانه وتعالى ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) وتعصي مَن استخلفه رسولُ الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عليك وعلى صاحبك ; فإنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) استخلفني عليكم ولم يعزلني، وقد علمتَ كراهةَ رسول الله لرجوعكم منّي إلى المدينة، وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): «لايتخلفنّ احد عن جيش اُسامة الّا كان عاصياً لله ولرسوله» صلواتُ الله عليه وعلى آله.
فيالَكَ الويلُ! يابن أبي قُحافة، تعدلُ نفسك بعليّ بن أبي طالب (عليه السلام) وهو وارثُ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ووصيُّه وابنُ عمّه وأبو ولديه!
فاتَّقِ اللهَ - أنْتَ وصاحبُك - فإنَّه لكما بالمِرْصاد!وأنْتُما منه في غُرُور!
والذي بعثَ محمّداً (صلى الله عليه وآله وسلم) بالحقِّ نبيّاً ما تركتْ امّةٌ وصيَّ رسولها ولا نقضوا عهده إلّا استوجَبُوا من الله اللعنةَ والسخطَ!.
فلمّا وصلَ الكتاب إلى أبي بكر همَّ أنْ يخلعها من عنقه; فقال عمر: لاتفعل ْ قميص ٌ قمّصك الله تعالى لا تخلعْه!فتندم!
فقال له: يا عمرُ! أكفرٌ بعد إسلام؟
فألحّ عليه عمر، وقال: اكتب ْ إليه وإلى فلان واءْمُرْ فلاناً وفلاناً وفلاناً - جماعة من أصحاب رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) - يكتبوا إليه: أن اقْدمْ، ولا تفرّقْ جماعةَ المسلمين!؟
فلمّا وصلتْ كتبُهم; قدمَ المدينة ودخلَ إلى على(عليه السلام)فعزّاهُ عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وبكى بكاءً شديداً، وضَمَّ الحسن والحسين عليهما السلام إلى صدره، وقال: يا عليّ، ما هذا؟!
قال(عليه السلام): هو ما أنتَ ترى!
قال: فما تأمرني؟
فأخبرهُ بما عهدَ إليه رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) من تركهم حتّى يجد أعواناً.
ثمّ أتى أبو بكر إلى اُسامة، وسأله البيعة؟
فقال له اُسامةُ: إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أمّرني عليك! فمنْ أمّرَكَ عليَّ؟؟ واللهَ لا اُبايعك أبداً، ولا حلَلْتُ لك عهدي; فلا صلاةَ لك إلّا بصلاتي!
أفلا يرى من عَقِلَ أنّ اُسامة أميرٌ على أبي بكر، وهو أحقُّ يهذا الأمر وأولى منه; لأنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ماتَ وهو عليه أميرٌ، لم يعزله عن إمرته؟!
فأينَ الإجماع ُ؟ والرضا؟؟ معَ هذه الأخبار؟
ولقد قال أبو قُحافة - حينَ ذَكَرَ عليّاً(عليه السلام) فقالوا له: ابنُك أسنُّ من علي(عليه السلام) - فقال: أنا أسنُّ من ابني; فبايعوني! ودَعُوهُ!
ثمّ رجعَ القولُ إلى الفرقة التي أثبتتْ إمامة أبي بكر من جهة الصلاة بالناس:

صلاة أبي بكر مكان النبىّ(صلى الله عليه وآله وسلم)
فسألناهم البيّنة من غير أهل مقالتهم على أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أمرَ أبا بكر بالصلاة بالناس؟
فلم يأتوا بالبيّنة على ذلك!
وأجمعت الثلاثُ الفرقُ التي خالفتْهم: أنّ عائشة هي التي أمرتْ بلالا عندما أذَّنَ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)فقالت: مُرْ أبا بكر أنْ يصلّيَ بالناس.
فبطلتْ حجّةُ مَنْ زعمَ أنّ رسولَ الله أمرَ أبا بكر بالصلاة، ولم تجد أحداً يشهدُ له على هذا الادّعاء!
ثمّ أجمع جميعُ أصحاب محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) أنَّه لمّا أفاقَ من غشيته; سألَ: مَن المتولّي للصلاة؟
فقالوا: أبو بكر.
فنهض (صلى الله عليه وآله وسلم) - مُتَوَكِّئاً على أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب - كرم الله وجهه فى الجنة - بالإجماع، والرجل الآخر مختلفٌ فيه، قد قيل: الفضل بن العبّاس، وقيل غيره ـ تخطُّ الأرضَ قدماه; حتّى جرَّ أبا بكر من المحراب; فأخّره وتقدّمَ(صلى الله عليه وآله وسلم) فصلّى بالناس قاعداً، والناس وراءه قيام، ثمّ قال: «ألا إنّ هذه الصلاةٌ لا تحلّ لأحد من بعدي».
فزعمت هذه الفرقةُ: أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان إماماً لأبي بكر، وإنّ أبابكر إمامٌ للناس!
فقلنا لهم: أخبرونا هلْ كان أحدٌ من الناس يحتاج إلى إمامة أحد مع رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)؟
أو هل كان بإمامة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)نقصٌ أو تقصيرٌ!؟ حتى تُضمَ معه إمامةُ أبي بكر؟!
أو هل سمعتم - في ما مضى؟ أو يصلح في ما يُستأنَف - إمَامَانِ في صلاة واحدة؟
قالوا: لا.
قلنا: فما معنى ذكركم: أنّه كان مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إمامٌ غيره؟
قالوا: لأنّه كان قد أمَّ الناسَ كلّهم!
قلنا: فإذن لم يصلحُ أنْ يكونَ إماماً، وإنّما منزلته في ذلك المقام منزلة أوّل صفِّ!؟
قالوا: قد كانت له فضيلةً; لأنّه قد كان يُسمع الناسَ بالتكبير عند ركوع رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) سجوده; لضعف رسول الله (عليه السلام).
قلنا: ياسبحانَ الله! ما أقبحَ ما تُسنِدُون إلى أبي بكر! تزعمونَ أنّه كان يرفع صوتَهُ فوقَ صوت النبيّ، والله عزّوجلّ يقول: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِىِّ )
فإنْ كان أبو بكر فعل ما قد ذكرتم عنه; فهي خطيئةٌ لا فضيلةٌ; يجب أنْ يُستَغفرَ له منها; ورسولُ الله (صلى الله عليه وآله وسلم)في حال ضعفه أقوى من أبي بكر في حال قوته.
وقد مرض صلوات الله عليه وعلى آله مِرَاراً، منها: حين صرعه فرسُهُ; فاعتلَّ من ذلك - عليه وعلى آله الصلاة والسلام - علةً شديدةً، فلم يحتجْ إلى مُسمع، كان يُسمعُ مَن في أقصى المسجد وأدْناهُ; لأنّه كان لطيفاً، حدوده اليومَ معروفةٌ.

تأخير النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) لأبي بكر
ثمّ قلنا لهم: أخبرونا عن تأخير رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) لأبي بكر؟ هل يخلو عندكم من أحد وجهين:
إمَّا أن يكون اللهُ أمرهُ بتأخيره عن ذلك المقام; بوحي أنزل عليه في تلك الساعة; فأزعجه ذلك، وأخرجه مع شدّة الحال والعلّة وضعفه الذي كان فيه!؟
أو يكون رأياً رآه رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) في أبي بكر، حينَ أُخبِرَ بتوليته الصلاةَ; فأخّرَهُ; لعلمه أنّه لا يصلحُ لذلك المقام!
فيا لها من فضيحة على أبي بكر، وعلى مَن قال بهذه المقالة بتأخير رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) له عن ذلك المقام! على أيِّ الوجهين كانَ؟!
فكيف يجوز عندكم أنْ يؤخّرهُ رسولُ الله(صلى الله عليه وآله وسلم) عن الصلاة؟ وتقدّمونهُ - أنتم - للإمامة؟
والإمامةُ تجمع الصلاة وغيرها من شرائع الإسلام؟
والإمامةُ مُلاَكُ دين ربّ العالمين؟! والحجّة لله ولرسوله على جميع المسلمين؟!
وقد قدّم عمرُ صُهَيْباً; فصلّى بالناس ثلاثة أيام.
فلو(3) كانت الصلاةُ حجّةً - توجبُ لأبي بكر الإمامةَ - فلم يصلِ أبو بكر إلّا صلاةً واحدةً! وصهيبُ صلّى بالناس خمس عشرة صلاة; فيجبُ على قياسكم أن يكونَ صهيبُ أولى بالإمامة من الستّة الذين جعلها عمر شورى بينهم؟!
فنسأل الله التوفيق والهدى، ونعوذ به من الضلالة والعمى.
وقد وجدنا أبا بكر قد أقام نفسه مقامَ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)وأقامه مَنْ أقامه مَن أقامه من هذه الفرق ذلك المقامَ; مستيقنين منه ـ زعموا! - بالصلاح والرشاد والقيام بما في كتاب الله ومحكم تنزيله من فرائضه والترجمة عنه، والقيام بالقسط في عباده وبلاده، وإمضاء سنن نبيّه(صلى الله عليه وآله وسلم) والاقتداء بفعله!؟
مافعله أفكان أوّل ما نقض أبو بكر ما أُسْنِدَ إليه: ما فعلَ بمحمّد وأهل بيته (صلى الله عليه وآله وسلم)بعد شهادته وشهادة مَن أقامه ذلك المقام لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)بالإبلاغ والأداء لِما حمّله الله تعالى إليهم وأنه (عليه السلام) من خيرهم نفساً وحسباً ونسباً، وأنّ ما جاء به عن الله حقٌّ وصدقٌ لا يحلّ لأحد من المسلمين أنْ يحكم بغير ما في كتاب الله عزّ وجلّ، ولا يغيّر ما صحّ من سنن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
فمَن تعدّى ذلك إلى غيره; فمخطىءٌ جاهلٌ ضالٌّ، ومَن تركه - وهو يعلم أنّ الحقَّ العمل به مستخفّاً به مطروحاً عنده - فكافرٌ ملعونٌ.
فكان من أبي بكر أن اطّرح ما في كتاب الله،وحكمَ بغيره; لأنّ الله سبحانه يقول: (يُوصِيكُمْ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الاُْنثَيَيْنِ) إلى قوله سبحانه: ( وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ) آيةً جامعةٌ، لم يُخرجْ منها نبيّاً ولا غيره.
فقال أبو بكر: إنّي سمعتُ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: «إنَّا معاشرَ الأنبياء لا نُورّثْ ، ما تركناه فهو صدقةٌ».
فكانَ رسولُ الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أوّلَ مَن قُصِدَ بالأذى في نفسه وأقاربه! و أوّلَ مَن شُهِدَ عليه بالزور! و أوّلَ مَن اُخِذَ مالُهُ! و أوّلَ مَن رُوّع أهْلُه واستخفَّ بحقّهم. فَرُوِّعوا وأُوذوا!
وهم يروون أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: مَن روَّعَ مُسلماً فقد برئتُ، وخرجَ من ربقة الإسلام.
وقال الله فيهم: (قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ).
وقد فُعِلَ بفاطمة عليها السلام ما ذكرنا في كتابنا هذا، ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)يقول: «فاطمةٌ بضعةٌ منّي يؤذيني ما يؤذيها ويؤذيها ما يؤذيني».
فآذوها أشدّ الأذى، ولم يلتفت فيها ولا في أقاربه إلى شيء ممّا ذكرنا.
فكانت حرمةُ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أوّلَ حرمة انتهكت بعده في الإسلام!
وكان أوّلَ مشهود شُهِدَ عليه بالزور!
وكان ماله أوّلَ مال أُخذ غصباً من ورثته بالدعوى التي ذكرها أبو بكر!
والله عزّوجلّ يقول غير ذلك:
قال الله سبحانه: (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ).
وقال تعالى - في ما يحكي عن زكريا(عليه السلام) -: ( فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً).
فحكم الله سبحانه لأولاد الأنبياء عليهم السلام بالميراث من آبائهم.
وقال أبو بكر سمعتُ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: «إنّا معاشر الأنبياء لا نورِّث ما تركناه فهو صدقة»!
فتبَّتْ وترِحتْ أيدي قوم رفضوا كتابَ الله تعالى، وقَبِلُوا ضِدَّهُ!
ولو سَألْنَا جميعَ مَن نقلَ من أصحاب محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم)(عليهم السلام) هلْ روى أحدٌ منكم عن أحد من أصحاب محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه سمعَ من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مثل قال أبو بكر؟
لقالوا: اللهمّ، لا.
ثمّ جاءت - بعد ذلك - أسانيد كثيرة قد جمّعها الجهّال لحبّ التكثُّر بما لا ينفع: عن عائشة، وعن ابن عمر،
فنظرنا عند ذلك الى أصل المُسندِين لها عن النبي (عليه السلام) فإذا عائشة تقول: سمعتُ أبا بكر، وابن عمر يقول: سمعتُ أبا بكر يقول: سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): إنّا معاشر الأنبياء لا نورّث ما تركنا فهو صدقة!!.
وإذا هذه الأسانيد المختلفة ترجع إلى أصل واحد، ولم يوجد أحدٌ من أصحاب محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) يشهدُ بمثل شهادة أبي بكر في الميراث!
فدفع أبو بكر فاطمة (عليها السلام) عن ميراثها; بهذا الخبر الذي أسندَ إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وهذا الخبر ينقضُ كتابَ الله وحكمه في عباده!
فويلٌ لمن يُوهِمُ أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)بنقضُ ما جاء به محكماً عن الله عزّ وجلّ.
ولقد كانَ في كلام فاطمة(عليها السلام) لأبي بكر بيانٌ لمن خاف الله سبحانه وتعالى: «أفي كتاب الله أنْ ترثَ أباك ولا أرثَ أبي، لقد جئتَ شيئاً فريّاً» ثم انصرفت عنه.
ومن أعجب العجائب: أنّ جميع هذه الاُمّة:
أجْمعتْ: أنّ من ادّعى دعوى لنفسه أو دعوى له فيها حقّ أنّه (خصمٌ) (4)شهادتُه لا تُقبل حتّى يشهد له على ذلك شاهدانِ عدلانِ لا دعوى لهما في ما شهدا فيه.
وأجمعوا أيضاً: أنّ الإمام لا يحكمُ لنفسه بحقّه دون أن يشهدَ له به غيرُه، واحتجوا في ذلك بدرع أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه في الجنّة التي سقطتْ منه يوم الجمل (فعرفها مع رجل) (5) من النصارى، فقال: درعي لم أبعْ ولم أهبْ .
فقال الرجل: درعي; اشتريتُها.
فقال أمير المؤمنين (عليه السلام)(عليهم السلام) فخاصمني وحاكمني إلى شُريح.
فتحاكما إليه، فقال شُريح: مَن كان في يده شيءٌ فهو أحقُّ به حتى يُقيم المدّعي البيّنة، شاهديك ياأمير المؤمنين.
فضحك أميرُ المؤمنين (عليه السلام)وقال: والله لو غيرها قلتَ لما حكمتَ بين اثنين، وأحضر أميرُ المؤمنين(عليه السلام)شاهديه فاستحقّ درعه ثمّ وهبها للذي وجدها معه بعد الاستحقاق.
ثمّ الناسُ على ذلك إلى يومنا هذا، لا تُقبل شهادةُ الرجل لنفسه ولا يُحكم لأحد على أحد في دعوى يدّعيها عليه إلاّ بشاهدين عدلين; غير فاطمة(عليها السلام) فإنّه حُكِمَ عليها بخلاف ما حُكمَ به على جميع الخلق، وانتزع من يدها ما كانت تملكه وتحوزه - من ميراث أبيها صلوات الله عليه، وما لها من فدك المعروف بها لها - بلا شهود! إلاّ بما ادّعى أبو بكر لنفسه وللمسلمين من الصدقة عليهم بأموال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
فكان أبو بكر المدّعي لنفسه ولأصحابه أموال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم).
ولو أنّ رجلاً من سلاطين الجور - في وقتنا هذا - ادّعى مَالا لنفسه ولأصحابه، ثمّ قال: «أنا أشهدُ لنفسي ولهم; إذْ لم أجدْ شاهداً غيري، وأنا أحكمُ لنفسي ولهم; إذْ لم أجدْ حَكَماً غيري، وأنا أقبضُ هذا المالَ لي ولهم، ممّن يحوزُهُ ومّمن هو معه» ثمّ يسمعُ بهذا الخبر مجنونٌ لا يعقل أو صبيٌ لا يفقه، لأنكرَ ذلك ولعَلِمَ أنّه أظلمُ الظلم وأجورُ الجور!
وقد جوّزَ هذا (6) مَن ينتحلُ المعرفةَ والدينَ!! أفَتَرى أنّهم جهلوا ما في هذا من المنكر والفضيحة!؟
لا جهلوا ذلك! ولكنّهم أغْضَوْا على ما عملوا بُغضاً لله ولرسوله(صلى الله عليه وآله وسلم)وأهل بيته، وتحاملا عليهم (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَىَّ مُنقَلَب يَنقَلِبُونَ)
ثمّ إنَّ أبا بكر عَمَدَ إلى هذا الذي (أخذَ من أيدي أصحابه بما ذكر)(7) فأوقفه على نفسه وولده وولد ولده، وعلى أصحابه وأولادهم وأولاد أولادهم; مؤبَّداً إلى أنْ تقومَ الساعةُ! وتركَ أهلَه - أجمعين - جياعاً ضارعين!! فتداولَ ذلك الظالمون ; ظالماً بعد ظالم - عليهم لعنة الله من يومهم ذلك إلى يومنا هذا - يصرفونه حيثُ شاؤوا، ويعيش فيه الفاجرون; ويتّخذونه مغنماً للفاسقين: تُشرب به الخمور! ويركب به الذكور! ويستعان به على الشرور!
وأهلُه - أهل بيت الحكمة، وموضع الخير، وموضع الفضل، ومنزل الوحي ومختلف الملائكة - مُبْعَدون عنه!؟ مظلومون فيه!؟ مأخوذٌ من أيديهم ظلماً! ومغتصبٌ غصباً!؟
ثم يقولُ همجٌ من الناس ورَعاعٌ: «صدقات رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)أعطونا منها شيئاً نتباركُ به» مستبصرين في الحيرة والعمى!
يالهم الويلُ! متى تصدّق بها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟
ومَنْ رواه عنه؟
أمْ مَنْ شهد؟
أمْ مَنْ قرَّ بهذه الصدقة من أهل بيته صلوات الله عليه؟
فيأخذون ـ زعموا!ـ ما يتباركون به منها، مستبصرين في الجهالة والخطأ!
وتاللهِ، لو قد كان رسولُ الله(صلى الله عليه وآله وسلم)تصدّقَ بها ما أخفى ذلك عن أُمته.
ولكان الشاهدُ بها كثيرٌ من أصحابه وأهل بيته:.
وما خفي هذا الفعلُ لمن هو دونَ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)فكيف به؟ وأثره يُقَصُّ، وفعلُه يُتّبَعُ في الدقيق والجليل.
ولكان علم ذلك عند عليٍّ وفاطمةَ والحسنِ والحسينِ صلوات الله عليهم أجمعين.
ولقد كان فيهم من الفضل والورع والدين والمعرفة بالله سبحانه وتعالى والاقتداء برسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)ما لا يطلبونَ ما ليس لهم.
ومع هذا شهادة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) لهم بالثقة والأمانة، وأنّهم من أهل الجنّة
وكيف يجوز على مَنْ هذه صفته: أنْ يطلبَ ما ليس له؟! وهم الذين أذهبَ اللهُ عنهم الرجسَ وطهّرهم تطهيراً؟
فقطعَ أبو بكر حقّهم، ودفعهم عن ميراثهم، وطلبَ من فاطمة عليها الصلاة والسلام الشهودَ على أنَّ فَدَكاً لها، في شىء هو في يدها!! ولم يطلبْ من نفسه ولا من أصحابه شهوداً على ميراث محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم) حين قبضه، وحازه من أصحابه!
فيا للعجب من قبضه ما ليس بيده، ولا شهودَ له، ولا بيّنة!؟ وطلبُه الشهودَ والبيّنةَ من فاطمة(عليها السلام) على ما هو بيدها ولها!؟
وقد أجمعت الاُمّةُ على أنّ مَنْ كان في يده شيءٌ فهو أحقُّ به حتى يُستَحَقَّ بالبينة العادلة.
فقلبَ أبوبكر الحجّةَ(8 ) عليها في ما كان في يدها. وإنّما تجبُ عليه هو وعلى أصحابه في ما ادّعاه له ولهم، فحكم على فاطمة(عليها السلام)بما لم يُحكمْ به على أحد من المسلمين! وطلب منها البيّنة على ما في يدها، ومُنِعَتْ ميراثَ أبيها، وشهد على رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه لم يورّثها! واللهُ تعالى قد وَرَّثَ الولد من والده; نبيّاً كان أو غيره، وذلك قوله تعالى: (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ)وقوله (عن) زكريّا(عليه السلام): (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ).
فلم يجدْ بُدّاً من أن يُركبها من العُنف ما أرْكبها!!!
جاءت بعليٍّ والحسن والحسين(عليهم السلام)وأُمّ أيمن رضوان الله عليها.
فقال: لا أقبلُ شهادتهم، لأنَّهم يجُرُّون بها المالَ إلى أنفسهم، وأُم أيمن امرأة لا أقبلها وحدها!!
وقد سمع رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يشهد لهم بالعدالة والثقة والخيروالعفّة والأمانة والجنّة، فأيُ تزكية أو تعديل بعد تعديل رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وتزكيته؟
وقد أجمعت الاُمةُ عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه جاءه رجلٌ فقال: يارسول الله، أوصي بمالي كله؟
فقال: لا.
فقال الرجل: فبنصفه؟
قال: لا.
قال: فبثلثه؟
قال صلوات الله عليه: نعم، والثلثُ كثيرٌ.
فكيف ينهى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الناسَ عن الوصية بالمال كلّه، ويحرِّمُ ذلك عليهم رأفةً ورحمةً لمن يُخلّفون من أولادهم؟ ويُوصي هو (صلى الله عليه وآله وسلم) بماله كلّه، وهو أرأفُهم وأرحمهم؟!
فيا سبحان الله العظيم! ما أقبحَ هذا الذي أَسْنَدَ إلى رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله، وأفسدَه!
فيا للضلالة والعمى بقول أبي بكر: «يجرّون المال لأنفسهم» وهم يشهدون لغيرهم!! ولا حقَّ لهم في مال فاطمة عليها أفضل الصلاة والسلام إلّا من بعد موتها! وإنّما يجرُّ إلى نفسه مَنْ شهدَ مثل شهادة أبي بكر لنفسه بشىء هو في يد غيره.
وأمير المؤمنين (عليه السلام) ومَنْ شهد معه لا حقَّ لهم في مال فاطمة(عليها السلام)إلاّ بعد موتها.
فأيُّ عجب أعجبُ ممّا ذكرنا!

و في عهد عمر
فمضى حكم أبي بكر، وثبتتْ ولايته على ما وصفنا وحدّدنا من تلاعُبه بالدين والمسلمين، حتى إذا حضر يومه عقدها لعمر من بعده، وأمر المسلمين بالبيعة له والطاعة، وأجلسه مجلسه، وأقامه مقامه، وقال للمسلمين: هذا إمامكم بعدي!
وهو بالأمس وصاحبه ومن قال بإمامته يقولون: إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يولِّ أحداً بعده; لانصّاً، ولا إشارةً، وترك المسلمين يختارون لأنفسهم.; فإنّ الواجبَ على كلّ إمام أنْ يفعل ما فعل رسولُ الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في ترك الناس يختارون لأنفسهم، وإنّ رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله الأُسوةُ وبه الفدوة; فمن رغبَ عن سنّته، وتعدّى عن فعله; فمخطىءٌ ضالٌّ، وإنّه ليس لأحد من الناس - إماماً كان أو غيره - أنْ يتعدّى ما فعله رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أو يقول بغيره.
( وكانوا بهذا يحتجون على من قال: إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)نصب أمير المؤمنين علياً بعينه)(9).
فخالف أبو بكر (10) رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وفعل بغير فعله، وصوّبه عمرُ وجميعُ أصحابه، وأطاعوه على ذلك.
فإذا به وبعمر وأصحابهما قد أحلّوا ما حرّموا، وتركوا ما أصّلوا، وشهدوا على أنفسهم جميعاً بالخطأ والضلالة والخلاف لرسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) فأفسدوا بفعلهم عقدَهم الذي عقدوه، و أصلهم الذي أصّلوه، واستغنى مَنْ خالفهم عن الطعن عليهم بطعنهم على أنفسهم.
فأيُّ بليّة أشدّ و عظيمة أجلّ مما أسندَ هؤلاء القوم إلى أنفسهم من الضلالة والعمى؟
فلمّا هلك أبو بكر; نَهَضَ صاحبُه الذي نصبَه، فنظرَ في ما سار أبو بكر وحكم به; فلم يرضَ بكلّ سيرته ولا بكلّ حكمه، فردّ مما حكم به كثيراً،
من ذلك: السبيُ الذي كان سباه أبو بكر; حتّى تخلّصه من أيدي الناس بعد البيع والشراء، وبعدأنْ وُلِدَ كثيرٌ منهم، (وخلّى سبيلهم ورأى عمرُ أنّه لا يحلّ)(11)ذلك السبيُ، ورأى أنّ أبا بكر مخطىء في سَبْيِهم!
فأيُّ بلية أو عظيمة أجسم! وأكبر! وأجلّ وأعظم! ممّا أتى به أبو بكر، إنْ كان الأمر في أبي بكر على ما ذكر عمر!!؟
و(من العجب أنّ)(12) عمر إذ ذاك يصوّبُ أبا بكر في سَبْيه وفعله، في حياته! ثمّ يطعنُ عليه بذلك الفعل بعد وفاته!؟
وكثيرٌ من أحكام أبي بكر قد ردَّها عمرُ في ولايته وعابها عليه; يغني هذا الخبر عن ذكرها، إذْ كان فعلا وُطِئَ فيه الفرجُ الحرامُ! وأخِذَ فيه المالُ الحرامُ! وسُفِكَ به الدمُ الحرامُ!
فالويلُ والثبورُ لمن فعل ذلك.
فياللعجب! هل يخلو أمرُ عمر في طعنه على أبي بكر من أحد وجهين:
إمَّا أنْ يكون أعمى خلقِ الله قَلْباً! وأقلّهم عقلا! وأسخفهم ديناً!( وأقلّهم فهماً!) إذْ خفيَ عليه أفعالُ أبي بكر في حياته التي ثَلَبَهُ بها(13) بعد وفاته!
أو يكونُ بها عالماً وهو يستعمل النفاقَ مع أبي بكر في دين الله، ويصوبُ أبا بكر في أمور يفعلها; وهى عند الله سحظٍّ!
فأن كان هكذا فليس لعمر في الإسلام حظٌ إنْ كان رِضَا أبي بكر (أحبَّ إليه من رِضَا الله، و سخط أبي بكر أشدَّ عليه)(14) من سخط الله وخط رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم).
فالله المستعان على هذه الاُمور.
وكان ممّا أمضى عمر من أحكام أبي بكر أخذه أموال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وإنفاذها على ما فعلَ و دقع ورثة فاطمة(عليها السلام) عن ميراثها وعن فدك.
وكان يكثر الطعن على أبي بكر في جميع أشيائه حتى حضر يومه فرأى عند ذلك أنّ ما كان من فعل رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) الذي شهدَ به أنّ الأمّة تتختارُ لأنفسها خطأٌ من رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ورأى أنّ خلافَهُ في ذلك أحزم! وأنّ الذي فعله صاحبُه فيه من تقليده الاُمور ونصبه له خطأٌ أيضاً، وأنّ غيره خيرٌ منه (أصوب )(15) فعزم على ترك الاقتداء برسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وبصاحبه الذي كان يتمنّى في حياته أنْ يكون شعرةً في صدره!! وجعلها عمر شُورى بين ستّة نفر، زعم أنّهم خيرُ مَنْ على وجه الأرض من أصحاب محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم) وغيرهم، وأنَّ هذا الأمر لا يصلحُ إلاّ لهم وفيهم، لأنّهم بقيّةُ العشرة السابقين الأوّلين الذين حضروا بيعة الرضوان تحت الشجرة، وأنّ الله عزّ وجلّ أنزل فيهم: (لَقَدْ رَضِىَ اللهُ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ )وزكّاهم، ومدحهم، وشهد لهم بالثقة والأمانة.
تى إذا فرغ ممّا ذكرنا قال لهم: «احفظوا وصيّتي ـ يامعشر المسلمين ولا تضيّعوها ـ (إنْ أقام هؤلاء النفر الستّة أكثرَ من ثلاثة أيام لم ينصبوا لهم رجلا منهم ويسمعوا له ويطيعوا)(16) فأضربوا أعنافهم، وإن اختلفوا وأجمع منهم ثلاثة ولم يجمع معهم الباقون; فاضربوا أعناق الثلاثة الذين ليس فيهم عبدالرحمن بن عوف، وإن اجتمع أربعة وخالف إثنان فأضربوا أعناق الاثنين»!
وذلك بعدما شهد لهم بما ذكرنا من الإيمان بالله والمعرفة به، ثمّ يأمرُ بضرب أعناقهم على غير جرم اجترموه!
ولم يُحلّ اللهُ سبحانه وتعالى دمَ مؤمن كما أحلّه عمرُ بن الخطاب!
قال الله تعالى: ( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً).
وقال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): «من شرك في دم مؤمن ولو بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينيه آيسٌ من رحمة الله».
ويقول(صلى الله عليه وآله وسلم): «من راع مسلماً برئتُ منه وخلع ربقةُ الإسلام». «من راع مسلماً برئتُ منه وخلع ربقةُ الإسلام».
وعمرُ إذْ ذاك غيرُ ملتفت إلى شيء من ذلك، ويقتل خيرَ مَنْ على وجه الأرض بزعمه!
فيا للعجب!! من هذه الأحكام المختلفة والأقاويل التي هي غير مؤتلفة والتلاعُب بالدين حتى كأنهم أنسوا!
فبأي حجّة أو بأيّ معنىً أو خطيئة أراد عمرُ قتلَ هؤلاء الستّة؟!؟
وما كانت حجّتُه عند الله ورسوله(صلى الله عليه وآله وسلم) لو وقع القتلُ؟
وكيف يكون حال الأمة التي تبقى بعدهم؟
(ومَنْ كان يريدُ أنْ يُجعلَ لهم إماماً إذْ كان المعمول عليه يومئذ الإمامة بزعمه عليهم؟)(17)
وزُعِمَ: أنّه أراد بقوله: «اقتلوهم» ما هو أصلحُ للاُمّة،
أفلا ترى على قوله وقياسه أنّ الأمر لو تمّ لكان فيه دمار الأُمة وهلاكها; إذ بقيتْ سائبةً بلا راع!!
فيا لله العجب! فما أقرب النظر! وأكثر العمى والتخليط!! وأبينَ فضيحة القوم عند مَن عرفَ وفهمَ وأنصفَ!
نسألُ الله التثبيتُ واليقينُ إنّه على كلّ شيء قديرٌ، آمين.
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في المطبوعة: (عليَّ) دل: غداً
(2) كذا في نسخة وهامش المخطوط، وفي متنه: امددْ.
(3) وفي نسخة (ب) فلو كانت الصلاة تمت لأبي بكر لكانت صلاةً واحدةً، وصهيب صلّى بالناس خمس عشرة صلاة؟!
4) كلمة (خصم) من المطبوعة .
(5) في المخطوطة: فاعترفها على رجل.
(6) كتب في المطبوعة: «بين» مشكلاً عليها في الأصل.
(7) في المخطوطة بدل ما بين القوسين: له ولأصحابه!
(8 ) في المخطوطة «البيّنة» بدل: الحجة.
9) في المطبوعة بدل ما بين القوسين: فهذا من قوله وقول أصحابه ممّا يحتجّون به على من قال إنّ رسول الله نصبَ عليّاً بعينه.
(10) في المطبوعة: ( ثمّ لم يرعنا بعد هذه الشهادة إلاّ بأبي بكر قد خالف).
(11) في المخطوطة هنا : فخلاهم عمرأنه لا يأخذ .
(12) ما بين القوسين من المطبوعة.
(13) في المخطوطة: تنبّه لها.
(14) ما بين الفوسين ليس في المخطوطة، وفيها: أعظم، بدل: أشد.
(15) كلمة (أصوب) من المطوعة، بدلاً من (خير منه).
(16) في المخطوطة بدل ما بين القوسين: إن ْابى هؤلاء النفر الستّة أن ينصبوا رجلا منهم....في ثلاثة أيّام
(17) ما بين القوسين لم يرد في المخطوطة.


المفيد
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 54
اشترك في: الأربعاء مايو 12, 2004 7:05 pm

مشاركة بواسطة المفيد »

قال الامام الهادى فى كتاب الاحكام :
((فأذا فهم ذلك ، و كان في ضمير قلبه كذلك ، وجب عليه أن يعرف و يفهم ، و يعتقد و يعلم ، أن ولاية أمير المؤمنين و إمام المتقين علي بن أبي طالب رحمة الله عليه واجبة على جميع المسلمين فرض من ا لله رب العالمين ، و لا ينجو أحد من عذاب الرحمن ، و لا يتم له اسم الايمان ، حتى يعتقد ذلك بايقن الايقان ))

اقول : فاذا كان هذا موقفه من الذى لا يؤمن بامامة على ع - انه لا ينجو من عذاب الرحمن و لا يتم له اسم الايمان -فكيف بموقفه من المتقدمين على على ع اذن ؟
ننتظر جوابا من الاستاذ عزان حفظه الله ,,

محمدعزان
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 167
اشترك في: الأربعاء يناير 21, 2004 10:59 pm
مكان: اليمن

مشاركة بواسطة محمدعزان »

أخي الكريم المفيد
صدق الإمام الهادي .. وهل أحد من المسلمين لا يتولى الإمام علي ؟؟؟
﴿وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا﴾ (الإسراء/53).

المفيد
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 54
اشترك في: الأربعاء مايو 12, 2004 7:05 pm

مشاركة بواسطة المفيد »

استاذنا الجليل

الولاية التى يتحدث عنها الامام الهادى هى الامامة بقرينة قوله بعد ذلك ((و لا ينجو أحد من عذاب الرحمن ، و لا يتم له اسم الايمان ، حتى يعتقد ذلك بايقن الايقان ، لان الله سبحانه يقول : ( إنما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكوة و هم راكعون ) ( 16 ) فكان ذلك أمير المؤمنين رحمة الله عليه ، ( 17 ) دون جميع المسلمين ، إذ كان المتصدق في صلاته ، المؤدي لما يقربه من ربه من زكاته ، و فيه ما يقول الرحمن فيما نزل من واضح القرآن ( و السابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم ) ( 18 ) فكان السابق إلى ربه غير مسبوق ، و فيه ما يقول تبارك و تعالى : ( أ فمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أم من لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون ) ( 19 ) فكان الهادي إلى الحق غير مهدي ، و الداعي إلى الصراط السوي ، و السالك طريق الرسول الزكي ، و من سبق إلى الله ، و كان الهادي إلى غامض أحكام كتاب الله ، فهو أحق بالامامة ، لان أسبقهم أهداهم ، و اهداهم أتقاهم ، و اتقاهم خيرهم ، و خيرهم بكل خير أولاهم ))

فتامل قوله : فهو احق بالامامة , اى نتيجة ما ذكره قبل ذلك من ادلة على ولاية على ع انه : احق بالامامة

--------

ثم قال بعد ذلك :
(( و ما جاء له من الذكر الجميل في واضح التنزيل فكثير قليل ، و فيه أنزل الله على رسوله بغديرخم : ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك و إن لم تفعل فما بلغت رسالاته و الله يعصمك من الناس ) ( 20 ) فوقف صلى الله عليه و آله و سلم و قطع سيره ، و لم يستجزأن يتقدم خطوة واحدة ، حتى ينفذماعزم به عليه في علي عليه السلام ، فنزل تحت الدوحة مكانه و جمع الناس ثم قا ل : ( يا أيها الناس ألست أولى بكم من أنفسكم قالوا : بلى يا رسول الله فقال : أللهم اشهد ، ثم قال : أللهم اشهد ، ثم قال : فمن كنت مولاه ، فعلي مولاه ، أللهم وال من والاه ، و عاد من عاداه ، و اخذل من خذله ، و انصر من نصره ) ، و فيه يقول صلى الله عليه و آله و سلم : ( علي مني بمنزلة هرون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ) و في ذلك دليل على أنه قد أوجب له ما كان يجب لهرون مع موسى ما خلا النبؤة .
و هرون صلى الله عليه فقد كان يستحق مقام موسى ، و كان شريكه في كل أمره ، و كان أولى الناس بمقامه ، و فى ذلك ما يقول موسى عليه السلام حين سأل ذا الجلال و الاكرام فقال : ( و اجعل لي وزيرا من أهلى هرون اخي أشدد به أزري و أشركه في أمري كي نسبحك كثيرا و نذكرك كثيرا إنك كنت بنا بصيرا ) ( 21 ) فقال الله سبحانه ( قد أوتيت سؤلك يا موسى ) ( 22 ) فأعطاه الله سؤله في إشراكه لهرون في أمر موسى ، فمن أنكر أن يكون علي أولى الناس بمقام الرسول صلى الله عليه و آله فقد رد كتاب الله ذي الجلال و الاكرام و الطول ، و أبطل قول رب العالمين ، و خالف في ذلك ما نطق به الكتاب المبين ، و أخرج هارون من أمر موسى كله ، و أكذب رسول الله صلى الله عليه و آله في قوله ، و أبطل ما حكم به في أمير المؤمنين ، فلابدأن يكون من كذب بهذين المعنيين في دين الله فاجرا ، و عند جميع المسلمين كافرا .
حدثني أبي عن أبيه أنه سئل عن إمامة علي بن أبي طالب رحمة الله عليه أفرض هي من الله ؟ فقال : كذلك نقول و كذلك يقول العلماء من آل الرسول عليه و على آله السلام ، قولا واحدا لا يختلفون فيه .))

فسياق الكلام عن الامامة لا مجرد ولاية المحبة

و على اى حال هذا ما افهمه من كلامه و قد اكون مخطئا و الامر متروك لنظر القارىء
و دمتم موفقين

محمدعزان
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 167
اشترك في: الأربعاء يناير 21, 2004 10:59 pm
مكان: اليمن

مشاركة بواسطة محمدعزان »

أخي المفيد..
بعد أن ذكر الإمام الهادي وجوب تولي الإمامام على واستدل على ذلك وحكم فيه بما حكم .. انتقل إلكلام على إمامته مبينا سبب استحقاقه الإمامة، فقال (فهو أحق بالامامة ، لان أسبقهم أهداهم ، و اهداهم أتقاهم ، و اتقاهم خيرهم ، و خيرهم بكل خير أولاهم)..
تأمل وأنت من العرفين ..
﴿وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا﴾ (الإسراء/53).

ياسر الوزير
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 404
اشترك في: الجمعة مارس 19, 2004 11:48 pm
مكان: النهرين

مشاركة بواسطة ياسر الوزير »

الحمد لله رب العالمين ؛
الأخ محمد عزان ، أوَلا يمكن الاستدلال على أمر واحد بأكثر من دليل !!
وكلامك يوحي بأن الإمام الهادي (ع) لم يستدل إلا بدليل الأفضلية والسبق ، وأنه إنما قال بأحقية أمير المؤمنين (ع) لا باستحقاقه ، وهذا مخالف لما علم من الإمام الهادي (ع) .
وأحب أن أنبه أن أئمتنا لم يقولوا بأن أمير المؤمنين (ع) أولى بالإمامة دون وجوب كون الإمامة فيه كما يقول بعض علماء المعتزلة ، يعني ليست المسألة هي إمامة المفضول مع وجود الأفضل ، بل يقولوا إن الأهلية للإمامة واكتمال الشروط لم تتوفر في غيره أصلاً ، حتى تصح إمامته مع وجود من هو أفضل منه ، هذا مذهب أئمتنا (ع) .
انتظر تعليق المؤلف على مالحظاتي ، والسلام عليكم ،،،

محمدعزان
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 167
اشترك في: الأربعاء يناير 21, 2004 10:59 pm
مكان: اليمن

مشاركة بواسطة محمدعزان »

أخي ياسر
كلام الإمام الهادي واضح .. واحقية الإمام علي أو أولويته او وجوب إمامته ما جاءت إلا لأنه استحقها .
﴿وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا﴾ (الإسراء/53).

ياسر الوزير
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 404
اشترك في: الجمعة مارس 19, 2004 11:48 pm
مكان: النهرين

مشاركة بواسطة ياسر الوزير »

الحمد لله رب العالمين ؛
الأخ محمد عزان ؛ أعرف أن كلام الإمام الهادي واضح ولم أخالف في ذلك ، وكلامي أيضاً أعتقد أنه واضح .
فقد قصدت بالأحقية التفاضل مع إمكان استحقاق الإمامة عند الكل ، وهذا قول بعض المعتزلة ، وبالاستحقاق كون الإمامة خاصة به دون غيره ، فتأمل .
والإمام الهادي قصد إبراز دليل من الأدلة على أولوية الإمام علي (ع) ، لا سبب تعيين الله له كما أعتقد ، وستجد هذا الدليل في مجموع السيد حميدان (ع) كذلك بنوع من التوسع .
والسلام عليكم ،،،

عبدالواحد العمدي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 67
اشترك في: الأربعاء فبراير 11, 2004 8:58 pm
مكان: اليمن - صنعاء
اتصال:

مشاركة بواسطة عبدالواحد العمدي »

بسم الله الرحمن الرحيم

ــــــ( نقلت التعقيب الى هنا لارتباطه المباشر بموضوع الحوار )ـــــــ

سيدي الكريم الاستاذ الموسوي سلام الله تعالى عليك وبعد
هذه بعض التوضيحات التي تساءلت عنها بخصوص وجود اقوال مناقضة لما جمعه العلامة عزان في بحثه الصحابة عند الزيدية، وبعد ان اطرحها هنا سأنقلها في ملف الحوار السابق لكي يكون الموضوع متصل مع بعضه هناك .

أولا : العلامة عزان لم ينكر الأقوال التي تمثل الخط الجارودي في مسألة الصحابة ، وإنما يؤكد على أنها لا تمثل رأي الزيدية في الصحابة ، كونها لم تظهر إلا من أبي الجارود ومن تابعه ، وقد تلكم عن ذلك أكثر أئمة علماء الزيدية ، ولذلك فكل رأي ظهر مخالفاً لما أجمع عليه أئمة الزيدية ، فإنه لا يخلو من توجهين :
الأول: إما موافق ومتابع لرأي أبي الجارود بن زياد بن المنذر وهم قلة محدودة .
الثاني: أو متأثر بالإمامية وهذا لا يكاد يذكر .

ثانيا : إجماع أئمة وعلماء الزيدية مشهور ومعروف، ويتجلى فيما جمعه العلامة عزان من أقوالهم وأرائهم ، وكل قول مخالف لتوجهم في المسألة يعد خروجاً عن الإجماع ولا يعتبر به رأيا للزيدية.

ثالثا : كل من حاول أن يعمم توجة الرأي الجارودي على عموم الزيدية فهو مخطئ ، وإن كان من الزيدية ، وذلك لمخالفته واقع الحال المعروف عنهم والمشهور في أقوالهم وكتبهم .

وعموماً فإن العلامة عزان قد بين ذلك وأوضحه في المبحث الرابع من كتابه ( الصحابة عند الزيدية ) وهو مبحث بعنوان (موقف الجارودية) وإليك ما جاء في المبحث:


المبحث الرابع: موقف الجارودية :
قد يشكل على كثير من الناس وجود كلام لأشخاص معروفين بانتماهم للزيدية يتضمن شيئاً من السباب والتجريح، فيتصور أن ذلك رأياً معتبراً لدى الزيدية، والحقيقة أن ذلك الموقف هو موقف الجارودية فحسب.
والجارودية لقب يطلق على من ذهب من الزيدية إلى القول بأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نص على الإمام علي بصفات لا توجد إلا فيه، واعتبروا تلك الصفات كالنص عليه باسمه، لذلك يرون أن الصحابة ظلوا بصرف الأمر إلى غيره(1 ).
وسموا جارودية لأن أبا الجارود زياد بن المنذر الخارفي (150 هـ)، كأن أول من قال بذلك القول من الزيدية، وقد كان إمامياً ثم انظم إلى أصحاب الإمام زيد وصار من أنصاره، وبعد مقتل الإمام أظهر أبا الجارود رأيه في الإمامة والصحابة، ووافقه بعض الزيدية فقيل لهم جارودية.
وهذا لا يعني أن الجارودية فرقة مستقلة لها آراء في مختلف المسائل الفكرية، كما هو حال الفرق المشهورة، كما لا يعني أن من وصف من الزيدية بأنه جارودي قد انسخ من الزيدية في كل شيء، ولكن ذلك مجرد لقب يُميز به من وافق أبا الجارود في مسألة الإمامة والصحابة فقط، وهم قلة قليلة. وقد بلغ ظهور رأيهم - في اليمن - أقصاه في القرنين السادس الهجري، حتى قال نشوان بن سعيد الحميري (573 هـ) : "ليس في اليمن من فرق الزيدية غير الجاروية وهم بصنعاء وصعدة وما يليهما"( 2). ثم اختفى ليعود بعد ذلك في القرن الثاني عشر وما بعده ولكن بشكل محدود.
ومن أقوال علماء الزيدية في تمييز موقف الجارودية في الصحاية عن موقفهم العام، ما يأتي:
* قال العلامة علي بن الحسين الزيدي في (المحيط بالإمامة)( 3): "ذهبت (الجارودية) إلى التبرؤ من القوم"
وحكى الإمام أحمد بن سليمان في (حقائق المعرفة)(4 ) مذهبهم وتبناه، فقال: «وعندنا أن من تقدم على أمير المؤمنين علي عليه السلام أو قدم عليه بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقد ظلمه، وجحد حقه، وهو كافر نعمة فاسق ظالم، وقد تهدد الله الظالمين بالنار والخزي والبوار، وقد صح أنهم ظلموه حقه وأنكروه سبقه غير جاهلين ولا شاكّين».
قال العلامة يحيى بن الحسين: ولم يتابع من الأئمة مقالة الجارودية إلا الإمام أحمد بن سليمان( 5).
* وذكر العلامة الدواري في (تعليق الشرح)( 6) أن القول بتفسيق المتقدمين على علي أشهر الروايات عن الجارودية، قال وإليه ذهب بعض الإمامية.
* وقال السيد حميدان في (المجموع)( 7) بعد حكاية التوقف عن أكثر العترة: "وإن كان الطعن والسب من بعض الجارودية ظاهراً".
* وقال العلامة ابن حابس في (شرح الثلاثين)( 8 ) : "تتفق رواية أصحابنا عنهم أنهم يفسقون المشائخ".
* وقال العلامة يحيى بن الحسين في (المستطاب)( 9) بعد أن نسب البراءةمن الشيخين إلى الجارودية:"وقد اختلف اتباع أبي الجارود، فمنهم من قال بمقالته من الزيدية وقد انقرضوا، ومنهم من يتوقف فلا يقول بترضية ولا سب".
وذكر العلامة إسحاق بن محمد العبدي في (الاحتراس)( 10): أن مذهب الزيدية واحد في حق الشيخين؛ ولم يخالف في ذلك إلا أبا الجارود، حين ذهب إلى أن الناس في إنكار تلك النصوص بين: مقصر فاسق، ومكابر كافر.

وهنالك أقوال أخرى تؤكد أن القول بالبراءة والسب قول خاص بالجارودية، وأن عموم الزيدية منَزهون منه.
ومع ذلك يلاحظ المتتبع أن بعض الجارودية وخصوصاً المتأخرين منهم يعملون على تعميم موقفهم من الصحابة على جميع الزيدية، حتى أن بعضهم، قاموا بجمع ما أمكنهم من كلام الأئمة، وزعموا أنها تؤيد موقفهم، ومنها:
* ما تضمن كتاب (أنوار اليقين) للإمام الحسن بن بدر الدين ( 670هـ)، من أخبار وحكايات توحي بوقف حاد من الخلفاء، غير أن تلك الأشياء إما منقولة من كتب الإمامية وإما ليس لها مستند يعتمد عليه.
* ما تضمن كتاب (المجموع) للسيد حميدان بن يحيى القاسمي ( القرن 7هـ)، وهي قليلة، وقد نبه المؤلف على أن موقف الزيدية التوقف، وأن السب والتبري هو رأي بعض الجارودية فقط كما تقدم.
* كتاب بعنوان: (الياقوتة المضيئة في معرفة الإمامة) للقاسم بن نجم الدين القاسمي ( 1064هـ)، أورد فيه بعض ما جاء في (أنوار اليقين) و(مجموع) السيد حمدان، مع ذكر بعض النصوص من نهج البلاغة. وقد سأل نفسه في آخر الكتاب إن كان يتبنى السب والبراءة فلم يجزم بذلك.
* كتاب بعنوان (مناظرة الشيعي والناصبي) لإبراهيم بن يحيى الأخفش (1142هـ)، جمع فيه روايات عن الأئمة وزعم بأنها تؤيد قول الجارودية، وقد رد عليه من الزيدية علي بن عبد الله الوزير (1144هـ)، بكتاب سماه (إرسال الذؤابة بين جنبي مسألة الصحابة)، ولم أطع على ذلك الرد.
* كتاب بعنوان (السيف الباتر المضيء لكشف الإبهام والتمويه في إرشاد الغبي) لإسماعيل بن عز الدين النعمي (1220هـ). رد فيه على كتاب الشوكاني (إرشاد الغبي)، وقد اطلعت عليه فوجدت فيه من التخبط ما لا يتسع المقام لذكره، ومن ذلك أن المؤلف أنه نقد الشوكاني على تلميحة إلى موقف الجاروية منكرا أن يكون هنالك من يقدم على سب أو براءة أو يتطاول بتكفير أو تفسيق، ويصرح بتوقفه في المسألة، ثم يعود ليحكم بالفسق ويتطاول في التجريح ويحشد لذلك القوال والحجج. وقد رأيت الدكتور (بيرنار هيكل) يقوم تحقيق الكتابين معاً.
* كتاب بعنوان: (العسجد المذاب في منهج الآل في الأصحاب) لإسماعيل بن حسين جغمان (1256هـ)، يقال إنه رد على كتاب (إرسال الذؤابة) للوزير، وقد بذل ما بوسعه من إيراد أقوال الأئمة، ولكن معظم ما روى عنهم لا يتجاوز ذكر أولوية الإمام علي وتخطئة متقدميه، وذلك أمر مختلف عن السب والبراءة .


ـــــ( الهوامش )ــــــــــــــــــــ
( 1) ذكر ذلك الإمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضى في (المنية والأمل) 97. ونشوان الحميري في شرح رسالة الحور العين 207.
( 2) شرح رسالة الحور العين 208.
(3 ) المحيد بأصول الإمامة ـ مخطوط.
( 4) حقائق المعرفة ـ مخطوط 231.
( 5) المستطاب - مخطوط.
( 6) حكاه عنه الإما عز الدين في ( المعراج) مخطوط.
( 7) مجموع السيد حميدان.
( 8 ) شرح الثلاثين المسئلة ، عند الكلام في إمامة الإمام علي .
( 9) كما في (طبقات الزيدية الصغرى ) ترجمة أبي الجارود.
( 10) الاحتراس من نار النبراس 1/207 - 209 مخطوطة الجامع الكبير.
لا عقيدة أسمى من الحقيقة

الموسوي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 427
اشترك في: الجمعة ديسمبر 19, 2003 12:19 am

هل وقع هناك كذب و خيانة؟!

مشاركة بواسطة الموسوي »

هل وقع هناك كذب و خيانة؟!

قال الأخ محمد يحيى في عداد استبعاداته في نسبة كتاب تثبيت الإمامة الى الإمام الهادي يحيى بن الحسين و لعله أهمها:
إن تلك الرسالة ليست رسالة الإمام الهادي في تثبيت الإمامة، وإنما هي رسالة أخرى منسوبة خطأ إليه، فرسالة الإمام الهادي في (تثبيت الإمامة) أولها: "إن سأل سائل أو تعنت متعنت جاهل عن تثبيت إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب.
وهي مطبوعة ضمن مجموع كتب الإمام الهادي عليه السلام وموجودة في جمع نسخه المخطوطة، وهي التي ذكرها مترجموه ولم يذكروا له غيرها.
1- قال محمد أحمد محمد الرازحي في مقدمة المجموعة الفاخرة:
وصف المخطوطات:
... نسخة قديمة ... و مجموع ما فيها من كتب و رسائل الإمام على الترتيب الآتي:
...كتاب تثبيت إمامة أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه.... كتاب تثبيت الإمامة...
(المجموعة الفاخرة, تحقيق محمد أحمد محمد الرازحي, دار الحكمة اليمانية, الطبعة الأولى, 1420/2000, ص 38-39).

2- و قال محمد أحمد الرازحي أيضا في وصف المخطوطات المعتمدة عنده:
نسخة ثالثة جيدة الخط صحيحة اللفظ... و مجموع كتبها و رسائلها على الترتيب كالآتي:
....تثبيت إمامة أميرالمؤمنين...كتاب تثبيت الإمامة و قيل إنه لزيد بن علي!...
(المجموعة الفاخرة, تحقيق محمد أحمد محمد الرازحي, دار الحكمة اليمانية, الطبعة الأولى, 1420/2000, ص 40).

3- و يذكر الأستاذ عبدالسلام الوجيه في كتابه القيّم, مصادر التراث في المكتبات الخاصة, و في جملة كتب مكتبة آل الهاشمي:
265: مجموع من مؤلفات الإمام الهادي الى الحق يحيي بن الحسين و يحتوي على العناوين التالية:...
9- تثيبت إمامة أمير المؤمنين...58- تثبيت الإمامة...
(مصادر التراث في المكتبات الخاصة في اليمن, مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية, الطبعة الأولى, 1422/2002, المجلد الأول, الصفحة 383).
*و راجعت مجموع رسائل الإمام الهادي فرأيت أن النسخة هي بنفسها المعتمدة في المجموع المطبوع و الموجود في مكتبة المؤسسة!

أولا, كيف يقول محمد يحيى عزان: ... و لم يذكروا غيرها!!!
ثانيا, أين ذهب العنوان الثاني عند طباعة المجموعة الفاخرة و مجموع رسائل الإمام الهادي؟!
ثالثا, أليس الكتاب المكرر إسمه نفس تثبيت الإمامة الذي تكلمنا عنه؟

قد يفهم الخبير العاقل ما حدث و لكن أرجو الجواب صريحا ممن له الإطلاع خصوصا الأستاذ عبدالسلام عباس الوجيه.
لن تنالوا خيراً لا يناله أهلُ بيتِ نبيكم ولا أصبتم فضلاً إلا أصابوه (الامام زيد بن علي)

صقر اليمن
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 339
اشترك في: الأربعاء ديسمبر 03, 2003 11:21 pm
مكان: صنعاء- اليمن

مشاركة بواسطة صقر اليمن »

الذي أعرفه أن اشمل مجموع لكتب الإمام الهادي هو الموجود في مكتبة الأخ محمد قاسم الهاشمي .وفيه أكثر من كتاب حول تثبيت الإمامة ولاأدري أيها محل إنكار الأخ محمد يحى فهلا تفضل علينا بماهية الكتاب الذي يشكك فيه ؟!!؟

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الدراسات والأبحاث“