رجعة عيسى عليه السلام العلامة اسماعيل الكبسي

هذا المجلس لطرح الدراسات والأبحاث.
أضف رد جديد
لن نذل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 862
اشترك في: السبت مايو 28, 2005 9:16 pm

رجعة عيسى عليه السلام العلامة اسماعيل الكبسي

مشاركة بواسطة لن نذل »

رجعة عيسى عليه السلام للعلامة اسماعيل الكبسي منتزع من كتابه (هنا القرآن).

وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا
أهلا بك أيها القارئ المتتبع بإمعان لهذا الموقع الخاص بالقرآن. إننا ندعوك باحتفاء وتلطف، إلى آية أخرى من سورة الزخرف، إنها الآية التي يقول الله فيها: (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ) [61] كثير من المفسرين قالوا إن الضمير في (أنه ) يعود إلى (ابن مريم) المذكور في قوله تعالى قبل ذلك: (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ) [57]وليت شعري ما الذي دعاهم إلى ذلك وما الذي خدعهم بذلك؟ إنه الوهم الذي تسرب إلى أذهانهم من الإسرائيليات بأن المسيح عليه السلام عائد إلى الدنيا وأنه حي وما مات، ولعمري إنها لفرية انخدع بها الغافلون من ضعفاء المسلمين الذين لم يتأملوا القرآن المبين ولم يتمعنوا في كلام رب العالمين، الذي يقول مخاطباً لخاتم النبيين هو خطاب للناس أجمعين: (وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِيْنْ مِتَّ فَهُمْ الْخَالِدُونَ) [الأنبياء:34]والفكرة في سياق النص تفيد العموم فلقد عمت كلمة (البشر) كل الناس بلا استثناء ولو كان المسيح مستثنى من البشر لأوضحه الله ولكنه أكد موته فقال: (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) لقد توفاه الله ورفع جسده إليه ليطهره من الكافرين وحماه من الذين أرادوا قتله وصلبه حاقدين فهو ميت وليس من الخالدين.

وعليه: فإن عيسى عليه السلام لن يعود إلى الحياة إلا في يوم البعث والقيام واقرأوا الدليل في قول الجليل: (وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ)إذن فالمتبعون له لن يجدوه إلا يوم القيامة، فلن يروه في الدنيا؟ ولن يكون على الساعة علامة، ثم اقرأوا قول الله في ختام الآية: (ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ)

فلم يقل إن الحكم بينهم سيكون حين يعود المسيح وينزل في الدنيا بل إن الحكم بينه وبين الماكرين به إنما سيكون في الأخرى وهذا يؤكد أنه لن يعود في الدنيا أبداً.
فكيف يقول الناس: إنه علم للساعة، إنه كلام لا يقوله إلا الذي لا يعرف اللغة وليس له من لبنها رضاعة، ولا يزجيه للناس إلا فاسد البضاعة. وكيف لا والله يقول عن المسيح ما يحكيه المسيح عن نفسه (وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا) [مريم:33]إنه تحديد لمراحل رحلته في الوجود بثلاث نقلات لا تزيد فهو كغيره من الناس ولادة ثم موت ثم بعث، وليس قبل الآخرة خلود، ولو كان له حالة زائدة أو حياة خالدة لقال الله: والسلام علي يوم ولدت (ويوم أعود) ويوم أموت ويوم أبعث حيا، لأن الله لا يفرط في الكتاب من شيء ولا يخفى على الناس من الحقائق الضرورية شيء فكيف يخفى على الناس عودة المسيح بن مريم. إن هذا لا يليق بالله الذي يعلم ما لا نعلم، ومن ادعى علماً لم يأت من الله فقد افترى وأجرم، وهو في الناس الأضل الأظلم،

ثم إن أردتم المزيد من التأكيد على أن المسيح لن يعود فإليكم الخبر الشافي المفيد. إنه اجتماع للرسل أجمعين أمام رب العالمين، ملك يوم الدين، في هذا اليوم يوجه إليهم السؤال عن نتائج الإرسال، فاسمعوا الكلام باهتمام واصغوا لقول الله العلام، (يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ) [المائدة:109]

ثم يتوجه الكلام في ذلك اليوم إلى عيسى بن مريم من ربه الذي أرسله وهو به أعلم، فيذكره بالذي أعطاه له ربه وعليه وعلى أمه أنعم، وهو كلام حق لا ينكر وهو واقع محتم ولهذا فإن عيسى لا يجيب ولا يتكلم لأنه يدري أن قول الله الحق وهو الأعلم. إنه حوار يدور في يوم القيامة فيه تذكير بأحوال ونعم نالها وعايشها رسول الله عيسى في حياة واحدة في الدنيا ، فلو كان له عودة لذكرت في هذا الحوار الرباني الأعظم مع عبده عيسى بن مريم ولو كانت له حياة ثانية ونزول قبل يوم القيامة لأوضحها الله العليم الجليل في هذا الحوار الجميل. ثم لماذا نتوه وننساق في التطويل، والكلام بين أيدينا يحسم الجدال ويفحم الضلال، ذلك هو ما يقوله يوم القيامة ذو الجلال، موجها إلى رسوله عيسى هذا السؤال: (وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إلا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنْ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [المائدة:116و117] إن هذا السؤال والجواب لا يدل إلا على حياة واحدة لعيسى بلا شك وبلا ارتياب. فلو كان له عودة إلى الدنيا قبل يوم القيامة لما صح أن يوجه إليه هذا السؤال من ربه ذي الجلال فهو يعلم أن الذين جعلوا عيسى إلهاً قد ضلوا منتهى الضلال وأنهم سيبقون على ضلالهم إلى يوم القيامة ولقد استمروا كذلك بلا جدال ولهذا صح توجيه السؤال إلى عيسى عليه السلام فكان جوابه هو الحق الذي يجب أن يقال، وعليه فإن القول بعودته إلى الدنيا قبل يوم القيامة هو الغفول الذي يتبع أوهامه فلا دليل له إلا الغوى ولا علم لديه ولا هوى فليس عيسى علماً للساعة، ولن يعود قبلها ولو حتى بنصف ساعة، بل هو إنسان كغيره من الرجال كما أخبر الله عنه وقال بحصر وقصر يقفل المجال: (إِنْ هُوَ إلا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ) [59]أفهمتم ما قاله ذو الجلال؟ لقد وصف الله عبده عيسى بأنه لبني إسرائيل فقال والله قادر على أن يخلق ما يشاء في كل حال، ولهذا أردف الآية بالبيان فقال: (وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الأرْضِ يَخْلُفُونَ) [60]أي لو شاء لجعل بدلاً عن الناس في الأرض ملائكة يعيشون فيها ويموتون ويخلف بعضهم بعضاً كما هو حال الناس في هذه الدنيا. فكيف لا يقدر أن يخلق عبداً من عباده بلا أب ولكن بأم، ألم يخلق من التراب آدم؟ فكيف تستنكر حال عيسى بن مريم وعلى هذا الأساس جعله الناس إلهاً فضلوا وعلى ضلالهم جادلوا وفي الخصام العنيد استرسلوا فهم للعقول بالباطل أبطلوا.

بهذا أكتفي في التدليل على عدم عودة عيسى إلى الدنيا ولو استرسلت لطال الكلام وثقل على القراء، ولكني رغم ذلك قد أسمعهم يقولون: إذا كنت تقول: إن قوله تعالى: (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ) لا تخص عيسى ولا يعود إليه الضمير. فإلى أين يعود الضمير في قوله (وإنه) مع أن الذي يسبق الضمير في الآية إنما هو اسم عيسى عليه السلام. والمعروف لغوياً أن الضمير يعود إلى أقرب مذكور. نعم قد يقول البعض هذا المقال وهو متوقع لمن تعود على اتباع الأقوال، واعتمد على المنقول، وهجر العقل والمعقول، لكن المتأمل بإمعان والمتمرس بأساليب البيان، يدرك أن الضمير في الآية يعود إلى القرآن. ولي على ذلك أدلة راسية البنيان، قوية البرهان:

الدليل الأول:

بقية الآية وما بينها فاقرأوا معي: (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ* وَلا يَصُدَّنَّكُمْ الشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ). [61و62]إن النهي عن الامتراء في الساعة يدل على أن المراد أن القرآن الكريم المنزل من الله العليم، فيه علم بل هو العلم للساعة فلا يصح ولا يقبل بعده الامتراء بها، ثم لا يصح أبداً من المسلم المتبع للرسول الأمين الصادق أن يبعده الشيطان عن اليقين بالساعة فإنه رجيم مارق، هذا أول الأدلة فهو يؤكد أن القرآن فيه العلم اليقين بالساعة، وهو علم من الله الذي عنده علم الساعة، فلا يمتري بها إلا خاسر البضاعة.

أما الدليل الثاني:
فهو قوله تعالى بعد ذلك: (وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ) . . الخ الآية63.إن ذكر اسم عيسى ظاهراً غير مضمر يدل على أن ما جاء من آيات تتحدث عن عيسى قبل هذه الآية وبعدها قد دخلها وقد طرأ عليها استطراد عن موضوع آخر هو موضوع الساعة والتي تبدأ بقوله: (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ) إنها الآيتان 61و62، التي تنتهي بقوله: (إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ)إن هذا الاستطراد الجملي خلال الآيات المتحدثة عن عيسى قد أوجب إعادة اسم عيسى ظاهراً غير مضمر فقال: (وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ . . الخ). ولو كانت الآية التي نحن بصددها وهي : (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ) تعني المسيح لما احتاج الموضوع إلى ذكر اسم عيسى ظاهراً بل كان يكفي أن يقول: (وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ) بالضمير فقط وذلك على فرض أن الضمائر كلها تعود إلى عيسى. لكن لما كان ضمير (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ) لا يعني عيسى بل يعني القرآن كان لا بد أن يعاد اسم عيسى وبشكل ظاهر غير مضمر ليدل على أن الكلام عاد إليه بعد انقطاعه عنه بالاستطراد عن الساعة، أليس هذا ما يدل على ما ذهبت إليه.

وهذا أسلوب معروف في اللغة العربية لا يجهله أحد ثم لكي تتأكدوا من جديد بأن عيسى إلى الدنيا لن يعود فاقرأوا بقية الآيات بعناية من أولها إلى النهاية لتجدوا أن من خالف من الأحزاب موعودون معه جميعاً إلى يوم الحساب وفي هذا فصل الخطاب، فلنقرأ معاً بعناية من أول الآيات إلى النهاية، (وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِي * إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ) [63و64]هذه هي عقيدة عيسى ودعوته فليس ابناً لله ولا إلهاً بل عبداً يدعو قومه إلى عبادة الله ربهم وربه، فماذا حدث بعد هذا: (فَاخْتَلَفَ الأحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ) [65]فمتى هذا اليوم؟ وماذا ينتظر القوم: (هَلْ يَنظُرُونَ إلا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) [66]إن الموعد المنتظر للجميع إنما هو قيام الساعة لا قبلها ولو بنصف ساعة، فمن يدعي عودة المسيح كذاب وهو من جملة الأحزاب الذين اختلفوا فيما بينهم فالويل لهم من عذاب ربهم فالساعة تبغت المنتظرين لعيسى والعذاب يبهت من افترى، إن هذه الآيات تمحو لكل قائل أوهامه، فلا عودة لعيسى قبل يوم القيامة. إن الله يقول: (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ) بسكون اللام في كلمة (علم) ولم تكن بفتح اللام كما يدعي أولوا الأوهام، فالعلم بالساعة خاص بالله وهو عنده لا سواه، ولكنه رحمة بالعباد جعل القرآن يحتوي على بعض ما يجري لهم يوم المعاد، وبشكل مجمل قليل. وليس موغلاً في التفصيل ذلك أن علم الساعة عظيم مهيل لا يحيط به إلا الله الجليل. ولهذا جاءت كلمة علم في الآية نكرة لتدل على التقليل (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ) إنه علم قليل ولكنه عظيم مهيل، والارتياب به وبيل، فيجب التصديق واليقين لأنه نبأ عظيم من الله رب العالمين، ملك يوم الدين، واليقين بيوم الدين هو طريق المفلحين.

هناك دليل ثالث فيه الإيضاح فلنعد إلى بداية السورة والافتتاح فإن فيها الدليل والمفتاح، ولنقرأ أجمعين، (حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) [1-4]إن السورة واضحة البيان من بدايتها بأن القرآن موضوعها في بدايتها ونهايتها، بل وفي ثناياها وأوسطها فلقد جاء في وسطها: (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ) ثم قال: (وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ)وعلى هذا الأساس سيقت بعد هذا قصة فرعون مع موسى حتى انتهت بقوله عن المكذبين والمشركين بالله: (فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلا لِلْآخِرِينَ فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلا لِلْآخِرِينَ) ثم قال: (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ) إذن فهو قصص يؤكد على وحدانية الله وأنه لا يعبد سواه. وهنا يأتي الاستطراد عن القرآن بقوله: (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ). . الخ. ثم عاد من جديد ليتحدث عن عيسى فأعاد اسمه الظاهر ليؤكد أن الكلام قبل هذا قد انقطع بالاستطراد فقال: (وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ). . الخ.ولكنه هنا في هذا المقطع المستأنف أكد على قضية التوحيد بشكل شديد فردي عن عيسى قوله: (إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ) إن كلمة (هو) في قوله: (إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي) لم تأت في غيرها في أمثالها من قول عيسى لقومه، فلقد وردت في آل عمران وفي سورة مريم بدون (هو) مما يدل على أن التأكيد هنا شديد وأن القصة مسوقة لتأييد أن الله لم يجعل من دون الرحمن آلهة يعبدون،

وهكذا تستمر الآيات، لتصل إلى الإخبار عما سيحدث يوم الحساب لمختلف الناس والأحزاب وتبدأ بقوله: (الأخلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إلا الْمُتَّقِينَ) حتى يقول عن أهل الجنة: (لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ)ثم ينتقل إلى الإخبار عن المجرمين حتى ينتهي بقول: (وَنَادَوْا يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ) وبعد: أليس هذا (علم للساعة) أليس هذا ما يؤكد على أنه القرآن فيه علم الساعة المشتمل على البيان الذي لا يعلمه الإنسان إلا من ربه الرحمن والذي تفضل به وفصله في القرآن،

وإذا جلنا سريعاً في هذا الكتاب العزيز وبإمعان سنجد علم الساعة والخبر قد ورد في كثير من السور ليعتبر من اعتبر وليتذكر من تذكر وليكون الناس على علم يقين بها ليستعدوا لقدومها. ولن أعدد السور، كلا بل أختار ما العلم بالساعة واضح فيها، ومنها: الوقعة، القارعة، الحاقة، التكوير، الانفطار، المدثر، القيامة، الزمر، بل وهناك: النبأ، والنازعات، والإنسان، والمرسلات. هذه نماذج من السور التي العلم فيها عن الساعة مكرس مكرر، وهناك سور أخرى لم تخل عن التذكير بالأخرى، ولم تخل عن علم للساعة وتكريس للذكرى. فهل بعد هذا تأكدتم أن القرآن علم للساعة وبيان،؟ وأنه لولا القرآن لما علم بها الإنسان؟ (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)فهل بعد هذا البيان اتضح الأمر لكم أيها الإخوان؟ والآن وبعد التأكد أن الضمير في الآية التي في سورة الزخرف هو للقرآن أنتقل بكم إلى سؤال قد يخطر بالأذهان هو:هل هناك أمثال في الآيات القرآنية يعود فيها الضمير للقرآن بهذا الأسلوب وبهذه الصورة؟ والجواب هو: نعم نعم، وبشكل واضح لن يفهم. لنقرأ البقرة لنجد قوله تعالى: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ) [121]ومع أن هذه الآية تأتي بعد مائة آية من قوله: (يُؤْمِنُونَ بِهِ) فالضمير في يتلونه حق تلاوته يعود للكتاب الذي لأهل الكتاب، أما الضمير في قوله: (يُؤْمِنُونَ بِهِ) وقوله: (وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ) فإنما تعود للقرآن فمعنى الآية أن الذين يتلون الكتاب المنزل قبل القرآن تلاوة الحق واليقين يعلمون أن القرآن من نفس المشكاة فهم به يؤمنون.ولنقرأ في سورة الأنعام آيات يعود فيها الضمير إلى القرآن مع أنه لم يذكر بلفظة قبلها بل بمعناه ومع ذلك عاد إليه الضمير فلنقرأ مثلاً : (وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) [51](قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ) [57](وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ) [66]

ولنقرأ في سورة هود لفتة سريعة عن القرآن خلال الحديث عن نوح فقال قبل أن تنتهي قصة نوح بل في بدايتها بشكل مفاجئ: أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ) . . الخ، ثم عاد من جديد ليواصل الحديث عن نوح، وإذا كان في سورة الزخرف قد جاءت الآية منفردة فلقد عاد الضمير في آية هود إلى القرآن خلال آية لم تكتمل بعد، ولنقرأ في سورة يوسف قوله تعالى: (وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إلا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ) [104]فإلى أين يعود الضمير؟ لا شك أنه إلى القرآن، مع أنه لم يذكر إلا في أولها (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)، بل وفي سورة الحج ورد قوله: (وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ)[16]في حين لم يتقدم في السورة أي ذكر للقرآن بلفظة. بل لقد اختتمت سورة مريم بقوله: (فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا) [97] فالضمير في يسرنا للقرآن، مع أنه لم يسبق له ذكر في السورة بلفظه بل بمعناه وفي مواقع متباعدة وختمت سورة ص بقوله: (قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُتَكَلِّفِينَ * إِنْ هُوَ إلا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ) [86و87] مع أن القرآن لم يذكر إلا في أولها، (ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ)[1] وجاء في أواخر سورة يس قوله تعالى: (إِنْ هُوَ إلا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ) [69]مع أنه لم يذكر إلافي أولها فكيف عاد الضمير بعد هذه الآيات المتوالية؟

ولن أطيل التمثيل، فالموضوع واضح لمن تأمل التنزيل؛ لكني أنبه إلى أنه قد جاء الحديث عن القرآن بشكل مفاجئ في سورة القيامة بدون أي ذكر له فيها ولا علامة، (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ) [16-19] بل جاءت سورة كاملة وبدأت بالضمير من البداية ولم يذكر فيها القرآن ولا قبلها، وكأنها تقول: إن القرآن هو الذي لا يخفى على أولي الدراية، (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) فإلى أين يعود الضمير في أنزلناه؟ إنه إلى القرآن بلا شك.فكيف نستغرب ونضطرب في الضمير الذي في سورة الزخرف؟ إن الاضطراب إنما هو قصور عن فهم القرآن وانحياز إلى الوهم بدون برهان وإعطاء لعيسى ما لم يقل به الرحمن، فهو ليس علم للساعة ولكنه كما يقول الله عنه في نفس السورة: (إِنْ هُوَ إلا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ) [59]وبعد: فهذا تنبيه احتوى على تصحيح لقضية عيسى بن مريم وتصحيح لمعنى الآيات وتوضيح لأسلوب القرآن الذي جاء بالبينات. وعليه: فإن عودة عيسى بن مريم إلى الدنيا أمر متوهم، ألقاه اليهود في أذهان من لم يفهم، ولم يقدر ربه الأكرم، ولا تدبر القرآن ولا تعلم. لكن من تدبر فإنه يعلم علم اليقين بأن عيسى بن مريم رسول قد خلت من قبله الرسل وهو قد خلا مثلهم ولن يعود إلا يوم يقوم الناس كلهم ليوم المعاد، وفيه سيسأل أمام الأشهاد، وسيجيب بما يدحض كل الأوهام والعناد، ويوضح الأمر للغافلين من العباد، الذين اتخذوا الأهواء آلهة تعبد، وجعلوا العباد أنداداً لله الواحد الأحد، تعالى الله وتمجد، (لا إِلَهَ إلا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إلا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [القصص:88] (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ) [الرحمن:26و27]

فهل بعد هذا البيان يرتاب أولوا الألباب؟ وهل بعد آيات القرآن يتردد عقل أو يرتاب؟ كلا كلا إنما هو الحديث الذي يصدق، واليقين الذي يهدي إلى الحق، (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ) .
سأجعل قلبي قدساً، تغسله عبراتي، تطهره حرارة آهاتي، تحييه مناجاة ألآمي، سامحتك قبل أن تؤذيني، وأحبك بعد تعذيبي..

ناصر محمد أحمد
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 146
اشترك في: الثلاثاء نوفمبر 13, 2007 4:40 pm

Re: رجعة عيسى عليه السلام العلامة اسماعيل الكبسي

مشاركة بواسطة ناصر محمد أحمد »

الأخ الكريم لن نذل ،شكرا علي هذه التحفة التي نقلتها وأفدتنا بها

وهذا يؤكد علي أهمية إعمال العقل في التعامل مع نصوص القرآن الكريم
وعلى مكانة العقل عند الزيدية

لا الركون الى احاد الاحاديث و الحشو والاسرائيليات
التي أدت بالكثير من المسلمين الى القدح فى الأنبياء والتجسيم والعياذ بالله
والحقيقة انه بنقض نزول المسيح ينهدم ثالوث (عودة السيح ـ الدجال ـ المهدي)
فهناك شبهات كثيرة حول مدى صحة قدوم الدجال والمهدي المنتظر الذي يقال بأن الله يعده في ليلة ؟

اللهم إنا نعوذ بك أن نكون كغيرنا الذين صح فيهم قول الله تعالي

( وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا) سورة الفرقان/ ٢٩


عبدالسلام
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 74
اشترك في: الاثنين إبريل 06, 2009 7:08 pm

Re: رجعة عيسى عليه السلام العلامة اسماعيل الكبسي

مشاركة بواسطة عبدالسلام »

وماهي الفائده المرجوه من انكار رجعه عيسى عليه السلام ؟؟

ما الهدف من البحث ؟؟

وما فائده انكار ظهور المهدي ومخالفه اجماع الامه ؟؟

رجع عيسى حيى به على العين والراس
مارجعش ماخسرنا حاجه :))

القاسمى
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 292
اشترك في: الجمعة يوليو 30, 2010 9:14 am

Re: رجعة عيسى عليه السلام العلامة اسماعيل الكبسي

مشاركة بواسطة القاسمى »

طرح طيب
و قد كان مسلك ائمتنا مع روايات العامة:دع ما يريبك
فاسباب الريب فى رواياتهم متعددة ومنها انتشار الاسرائيليات
و لست اقطع ببطلان روايات نزول المسيح لكنها مريبة لاحتمال ان تكون رد فعل للاسرائيليات
فاليهود يعتقدون ان لهم مسيحا سيظهر فى اخرالزمان بل ان حاخاماتهم اعلنوا قريبا انه على وشك الظهور عام 2012 !! و العامة قالوا انه مسيح دجال و كثرت الروايات حوله و حول خوارقه و منها روايات نزول المسيح بن مريم عليهما السلام فهى مرتبطة بقضية الدجال حيث تزعم الروايات انه سيقتله
اما روايات المهدى فمتلقاة بالقبول عند ائمة العترة

علي محمد الحسني
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2
اشترك في: السبت سبتمبر 25, 2010 8:30 am

Re: رجعة عيسى عليه السلام العلامة اسماعيل الكبسي

مشاركة بواسطة علي محمد الحسني »

ليس خفياً على المسلمين رجوع النبي عيسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام في اخر الزمان مع الامام المهدي (عليه السلام) فقد اجمعت على ذلك أحاديث وروايات كلا الفريقين السنة والشيعة وليس هناك أدنى شك في ذلك فالكل مجمعون على انه(ع) يخرج في اخر الزمان ويصلي خلف الامام المهدي كما أن المسيحيين متفقون هم ايضاً على رجعة عيسى بن مريم التي يسمونها عندهم بالقيام الثاني فهم يعتقدون بأن المسيح عليه السلام قد قتل وانه قام في اليوم الثالث من قتله وأختفى بعد ذلك وأنه يقوم في أخر الزمان كما أن اليهود ايضاً ينتظرون ظهور المسيح الذي وعدهم به موسى (عليه السلام) لانهم لا يعتقدون بأن عيسى بن مريم هو المسيح الموعود وبهذا يتضح ان الديانات السماوية الثلاثة قد اجمعت على ظهور السيد المسيح في أخر الزمان الا ان الاختلاف بينهم حول ظهور السيد المسيح في أخر الزمان يتركز في ثلاث محاور لا رابع لها فالمسلمين يقولون ان عيسى (عليه السلام) لم يقتل بل أن الله عز وجل قد رفعه الى السماء والقى شبهه على أحد تلاميذه سواء أكان التلميذ يهوذا الاسخريوطي الذي سلمه ام غيره وأنه بقي حياً طوال هذه الفترة استناداً الى قوله تعالى {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً }النساء157. ثم أنهم يقولون ان الله تبارك وتعالى سوف ينزله في أخر الزمان عند بيت المقدس اثناء اقامة الامام المهدي عليه السلام لصلاة الجماعة وعندئذ سوف يصلي خلف المهدي عليه السلام وقد استدلوا بأحاديث وروايات كثيرة في ذلك ففي الحديث الشريف المروي عن رسول الله (ص) انه قال : (لا تقوم الساعة حتى ينزل عيسى بن مريم حكماً مقسطاً واماماً عدلاً فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويقبض المال) الكنز ج14. وقال رسول الله (ص): ( فعند ذلك ينزل أخي عيسى بن مريم من السماء على جبل أفيق إماماً هادياً وحكماً عدلاً عليه برنس له مربوع الخلق أصلت سبط الشعر بيده حربه يقتل الدجال ) الكنز ج14 . والروايات في هذا الصدد كثيرة جداً نتركها مراعاة للاختصار أما المسيحيين فأنهم يعتقدون ان عيسى بن مريم (عليهما السلام) قد قتل وصلب ثم قام بعد ثلاثة ايام من ذلك وراه تلاميذه ولم يتطرقوا الى كيفية موته بعد ذلك وأكتفوا بالقول أنه يقوم مرة اخرى في اخر الزمان ويكون خلاص الناس وصلاحهم على يديه فقد ورد في انجيل متى (( 40 فكما بقي يونان ثلاثة أيام بلياليها في بطن الحوت ، كذلك يبقى ابن الانسان ثلاثة ايام بلياليها في جوف الارض )) متى 12. يريد بيونان النبي يونس عليه السلام وأنه سيجري على عيسى ما جرى على يونس في بطن الحوت .وجاء فيه ايضاً (( ولما مضى السبت وطلع فجر الاحد جاءت مريم المجدلية ومريم الاخرى لزيارة القبر . وفجأة وقع زلزال عظيم ، حين نزل ملاك الرب من السماء ودحرج الحجر عن باب القبر وجلس عليه . وكان منظره كالبقرة وثوبه ابيض كالثلج . فأرتعب الحرس لما رأوه وصاروا مثل الاموات . فقال الملاك للمراتين : (( لا تخافا انا أعرف انكما تطلبان يسوع المصلوب . ما هو هنا لانه قام كما قال . تقدما وأنظرا المكان الذي كان موضوعاً فيه . وأذهبا في الحال الى تلاميذه وقولا لهم : قام من بين الاموات ، وها هو يسبقكم الى الجليل ، وهناك ترونه . ها انا قلت لكما )) متى 28. وجاء ايضاً : (( أما التلاميذ الاحد عشر ، فذهبوا الى الجليل ، الى الجبل ، مثلما امرهم يسوع ، فلما رأوه سجدوا له ، ولكن بعضهم شكوا . فدنا منهم يسوع وقال لهم : نلت كل سلطان في السماء والارض فاذهبوا وتلمذوا جميع الامم )) متى 28. وبهذا يتبين لنا امرين مهمين: الامر الاول : هو ان المسيحيين مطلقا يؤمنون بالرجعة اي قيامة الاموات كما يسمونها. الامر الثاني هو ان عيسى بن مريم عليه السلام لابد ان يرجع في اخر الزمان اي يقوم كما يقولون القيام الثاني. أما بالنسبة لليهود فهم ينقسمون الى فئتين فئة تقول بالرجعة اي قيامة الاموات ورجوعهم الى الحياة الدنيا وفئة تنكر ذلك فالذين يقولون بالرجعة وقيامة الاموات هم الفريسيون وأما من ينكرون ذلك فهم الصديقيون.
أذن فالقول في رجعة عيسى بن مريم(عليهما السلام) ينقسم الى قولين : فالمسلمين يقولون ان رجعة عيسى بن مريم ليست بمعنى انه مات ودفن وسيرجع الى الحياة الدنيا بعد الموت لأنهم استدلوا على ذلك بالايات القرآنية التي تنفي القتل والصلب عن النبي عيسى (ع) والاحاديث والروايات التي تشير الى نزول عيسى (ع) من السماء في اخر الزمان مع الامام المهدي (ع) . أما المسيحيين فأنهم يؤمنون برجعة عيسى او قيامته كما يسمونها (( القيام الثاني )) وهي رجعة بعد الموت لأنهم أستدلوا ببعض الايات الواردة في الانجيل التي تشير الى ان عيسى عليه السلام قتل وصلب وأنه قام بعد ثلاثة ايام وسيقوم مرة ثانية في اخر الزمان وهذا الامر في الواقع من أهم نقاط الخلاف بين المسلمين والمسيحيين وأستمر هذا الخلاف منذ فجر الاسلام الاول والى يومنا هذا.
ماهية هذه الاطروحة
نعتقد ان هذه الاطروحة المعاصرة في مسألة رجعة عيسى بن مريم (عليهما السلام) متكفلة برفع الخلاف بين الديانتين في هذه المسالة والحقيقة ان هذه الاطروحة قد أوردنا على صحتها ادلة عديدة جعلت منها ممكنة الوقوع والصحة والاطروحة الجديدة تقوم على اساس مناقشة الايات القرأنية التي تشير على عدم قتل وصلب النبي عيسى (ع) او ان ذلك لم يقع الا انه عليه السلام قد توفاه الله عزوجل ومعنى ذلك انه ليس كل ما قاله المسلمون صحيحاً فالصحيح ان عيسى بن مريم عليهما السلام لم يقتل ولم يصلب كما اخبر المولى تبارك وتعالى في القرأن { وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ} الا ان ذلك لا يعني انه حي وانه ينزل في أخر الزمان من السماء بنفس ذلك الجسد الذي عاش فيه قبل اكثر من الفي سنة بل انه مات عليه السلام ورفع الله روحه الى السماء
ابن الله وابن الانسان
أما بالنسبة لما جاء في الاحاديث والروايات التي ذكرت نزوله في أخر الزمان من السماء في وقت خروج الامام المهدي (ع) فانه سيكون بحسب الرجعة الروحية اي نزول روح عيسى بن مريم عليهما السلام ورجوعها الى هذه الحياة الدنيا لتسدد شخصاً مؤمناً له شبه كبير بعيسى بن مريم من حيث الخَلق والخُلق وسوف يكون ذلك الشخص مولود من أم و اب أدميين لذلك فأنه يدعي (( ابن الانسان )) وبذلك نفهم السر في اطلاق الانجيل لهذا اللقب بكثرة حينما يتحدث عن قيامة عيسى عليه السلام في أخر الزمان بينما كان يطلق ابن الله على عيسى (ع) في ذلك الزمان وقد وقع خلاف كبير ما زال مستمراً الى يومنا هذا حول هذا اللقب فالكثير من المسيحيين يعتقدون ان عيسى (ع) هو ابن الله لأنه لم يولد من اب ، بينما يرفض المسلمون ذلك بشدة ايماناً بان الله سبحانه وتعالى واحد أحد فرد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له صاحبة أو ولد كما ذكرت ذلك الايات القرآنية الكثيرة ، والحقيقة هناك شبهة وقع بها المسيحيين فالحق ان عيسى (ع) ابن الله بالتبني وليس بالمعنى المعهود في الابوة والبنوة اي بالمعنى المادي لانه(ع) لم يكن له اب يرعاه فكان المربي له والمتكفل به بصورة مباشرة هو المولى تبارك وتعالى وذلك من خلال تأييده بالروح القدس ومنذ صغره قال تعالى{ إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ إِنْ هَـذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ }المائدة110. وبناءاً على هذا فيكون الكلام مقبولاً ولا اشكال فيه فان الخلق كلهم ابناء الله او على الاقل ان الانبياء هم ابناء الله الا ان هذا اللقب أشتهر به عيسى (ع) لهذا المعنى المذكور أنفاً . اما مسألة ابن الانسان فأننا لو تتبعنا الاناجيل لوجدنا اكثر الايات التي ذكرت ابن الانسان تتحدث عن مجيئه في اخر الزمان وهذا اللقب لا يكون منطبقاً انطباقاً تاماً وكاملاً الا ان يكون الشخص مولود من اب وام عندها يمكن ان نطلق عليه ابن الانسان ويكون الاطلاق حينها مناسباً تماماً نعم يصح ان يطلق هذا اللقب على مولود من ام فقط كما حصل مع عيسى (ع) الا ان اطلاقه كاملاً وتاماً لا يستقيم لو كان المولود لام فقط. وبهذا يتبين ان ابن الانسان حقيقة الذي هو عيسى اخر الزمان يكون مولود من اب وام ويكون مسدداً من قبل روح عيسى (ع) ومؤيداً بها ، والواقع ان اطلاق ابن الله على ابن الانسان ليس مقبول تماماً بل ان ابن الله غير ابن الانسان كما تبين ثم انه لا ادري كيف يعتقد المسيحيين وفيهم المثقفين والعلماء والباحثين بأن النبي عيسى هو ابن الله بالمعنى المتعارف عندهم كيف قبلوا ان يكون لله ولد كما كان من شأن خلقه الذين جعلهم يتزاوجون ويولدون . ومما يؤكد ان ابن الانسان الذي يأتي في أخر الزمان هو شخص اخر شبيه لعيسى في الخلق والخلق ويكون مسدداً من روح عيسى (ع) وليس هو عيسى (ع) نفسه ما جاء في رؤيا دانيال حيث جاء فيها (( كنت أرى في رؤى الليل واذا مع سحب السماء مثل ابن انسان اتى وجاء الى القديم الايام ، فقربه قدامه )) فأنه رأى مثل ابن الانسان ولم ير ابن الانسان نفسه على فرض ان ابن الانسان هو عيسى فلو كان ابن الانسان عيسى (ع) فمن هو الذي رأه دانيال وقال عنه مثل ابن انسان . وهذا النص الموجود في التوراة يثبت عدم صحة من أعتقد من المسلمين ان ابن الانسان هو الامام المهدي (ع) لأنه جاء فيه (( مثل ابن اانسان جاء الى القديم الايام )) فلو كان ابن الانسان هو الامام المهدي (ع) فمن هو قديم الايام يا ترى ؟! واذا فرضنا ان قديم الايام شخص اخر فكيف يستقيم المعنى ان الامام المهدي (ع) على فرض هو ابن الانسان يأتي ويسلم الى شخص اخر علماً ان عقيدتنا ان الامام المهدي (ع) هو القائد والمنقذ في اخر الزمان وليس هناك ثمة شخص اعلى مقاماً منه . وللأسف فقد أخطأ الكثير من المسلمين بل من العلماء حينما اعتقدوا ان ابن الانسان هو الامام المهدي (ع) وقد وقع في يدي كتيب أسمه (( المهدي في الانجيل وعقائد اخرى )) وهو من تأليف احد طلبة الحوزة كما ذكر اسمه محمد صقر حيث قال تحت عنوان الوجه الثاني نصوص الانجيل ص24 ما هذا نصه ( وفي النص الانجيلي (( عندئذ يرون ابن الانسان أتياً في السحاب بقوة ومجد عظيم )) - الى ان قال معلقاً على هذا النص - ومن يكون ابن الانسان المذكور في الانجيل غير الامام المهدي عليه السلام . والحقيقة ان هذه الاستنتاج غير صحيح أطلاقاً لأن الامام المهدي (ع) هو قديم الايام كما ذكرنا في رؤيا دانيال وأن ابن الانسان يسلم له . الاغرب والاعجب من ذلك ان الذي كتب مقدمة الكتاب هو احد العلماء الحوزة ومما يؤيد ويؤكد ما قلناه ما جاء في الروايات الشريفة التي تحدثت عن كيفية أجتماع اصحاب الامام المهدي (ع) لمبايعته بين الركن والمقام فقد جاء عن المفضل بن عمر قال : (( قال ابو عبد الله عليه السلام : اذا اذن الامام دعا الله بأسمه العبراني فأتيحت له صحابته الثلاثمائة والثلاثة عشر قزع كقزع الخريف ، فهم اصحاب الالوية ، منهم من يفقد من فراشة ليلاً فيصبح بمكة ، ومنهم من يرى يسير في السحاب نهاراً يعرف باسمه واسم ابيه وحليته ونسبه . قلت : جعلت فداك ، أيهم أعظم ايماناً ؟ قال : الذي يسير في السحاب نهاراً ، وهم المفقودون وفيهم نزلت هذه الاية { أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً } تفسير العياشي ج1 ، أثبات الهداة ج3 ، بحار الانوار ج52 ، فالذي يتبين من الرواية الشريفة ان الذي يسير في السحاب ليس هو الامام المهدي (ع) بل هو احد اصحابه وممهديه بل هو اعظمهم ايماناً كما قال الصادق (ع) . اذن فهذا الممهد هو ابن الانسان الوارد ذكره في الانجيل وهو اعظم ممهدي الامام (ع) ايماناً كما قال الصادق (ع) ومن الطرافة اننا ذات يوم كنا نتحدث عن هذه الرواية مع السيد القحطاني وكيفية مسير هذا الشخص في السحاب فقال لربما تكون هناك طائرة يركبها اسمها السحاب ولما احتملنا ذلك قمنا بالبحث في الانترنيت فوجدنا ان هناك طائرة مصنوعة حديثاً اطلقوا عليها اسم (( السحاب )) واما من يقول بأن ذلك معجزة ولا تكون المعجزة في اخر الزمان الا للامام (ع) فاقول جاء في الرواية عن امير المؤمنين (ع) : ( يركب المهدي الهواء لا بسحر ولا بفتنة عين ، بل بعلم يعرفة من سبقوه ..) المفاجأة صفحة47 . وبهذا يتبين ان المسير في السحاب يكون عن طريق العلم الحديث .
من هو ابن الانسان اذن ؟
والظاهر ان الشخص الذي يسير في السحاب هو احد من يقومون بأمر الامام المهدي (ع) فهو ( قائم) وهو شبيه عيسى بن مريم وقد جاء في الرواية الشريفة التي اوردها الحر العاملي في الجزء الثالث من كتابه اثبات الهداة والتي جاء فيها : (( ان القائم المهدي من ولد علي أشبه الناس بعيسى بن مريم خلقاً وخلقاً وسمتاً وهيبة ...)) وكما هو معلوم ان الامام المهدي (ع)محمد (ص) وليس شبيه عيسى (ع) فقد جاء في الرواية الشريفة عن ابي وائل : نظر امير المؤمنين علي (ع) الى الحسين (ع) فقال : ان ابني هذا سيد كما سماه رسول الله (ص) سيداً وسيخرج من صلبه رجلاً باسم نبيكم يشبهه في الخلق والخلق ...) غيبة النعماني . ومعنى هذا ان هذا الممهد الذي يسير في السحاب يكون من ولد علي (ع) وهو شبيه عيسى (ع) لذلك فهو من يطلق عليه عيسى اخر الزمان ويسدد بروحه (ع)ومما يؤكد ذلك ماجاء عن امير المؤمنين (ع) : ( هناك ينادي مناد من السماء أظهر يا ولي الله الى الاحياء وسمعه اهل المشرق والمغرب فيظهر قائمنا المتغيب يتلألأ نوره يقدمه الروح الامين وبيده الكتاب المستبين ثم مواريث النبيين والشهداء والصالحين يقدمهم عيسى بن مريم فيبايعونه في البيت الحرام ...) ينابيع المودة ج3 . فمن هذه الرواية يتبين لنا ان عيسى (ع) يبايع الامام في مكة المكرمة والمعلوم عندنا والذي دلت عليه الروايات ان الذين يبايعون الامام في مكة هم أصحابه الثلاثمائة والثلاثة عشر ومعنى هذا لابد ان يكون عيسى (ع) احدهم وهو افضلهم وان خروجه قد سبق قيام الامام في مكة ومعنى هذا انه احد الممهدين للأمام بل هو افضل الممهدين على الاطالق . ونختم الكلام في هذه الفقرة حول ما جاء في الرواية الواردة عن امير المؤمنين (ع) فقد قال : (( … بعد ذلك يموت المهدي ويدفنه عيسى بن مريم في المدينة بقرب قبر جده رسول الله (ص) ...)) الزام الناصب ج2 . فمن هذه الرواية يتبين ان الذي يلي تجهيز المهدي عند وفاته هو عيسى بن مريم (ع) الا ان هناك روايات تؤكد ان الحسين (ع) هو من يتولى تجهيز المهدي (ع) فقد جاء عن ابي عبد الله : ( ويقبل الحسين (ع) في اصحابه الذين قتلوا معه ، ومعه سبعون نبياً كما بعثوا مع قوم موسى بن عمران فيدفع اليه القائم (ع) الخاتم فيكون الحسين (ع) هو الذي يلي غسله وكفنه وحنوطه ويواريه في حفرته ) بحار الانوار ج53 . بينما تؤكد روايات اخرى ان الذي يخلف المهدي (ع) هو وزيره اليماني وهنا لابد من القول بأن عيسى هو نفسه الحسين وهما نفسهما اليماني وزير المهدي (ع) الذي يكون مسدداً بروحيهما كما اثبتنا ذلك سابقاً في مبحث الرجعة الروحية .
الادلة على موت عيسى(ع) في اخر الزمان
وسنورد الان الادلة التي تؤكد موت النبي عيسى (عليه السلام) وان المرفوع الى السماء هي روحه وليس روحاً وجسدا ًعلماً إننا على يقين تام ومطلق من ان عيسى المسيح عليه السلام لم يقتل ولم يصلب كما اخبر عن ذلك المولى عز وجل في كتابه وهذا مما لا يحتاج الى نقاش الا اننا نقول ان الايات القرآنية والاحاديث الشريفة نفت عن عيسى عليه السلام القتل والصلب ولكنها لم تنف الموت بل ان المتتبع للآيات القرآنية يظهر له واضحاً ان عيسى عليه السلام ميت وان المرفوع الى السماء هي روحه بعد ان مات وفارقت روحه جسده لا انه حي ومرفوع الى السماء كما لو كان في الارض قال تعالى {إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ }آل عمران55. فمن الاية الشريفة يتبين لنا ان عيسى عليه السلام مات لأن معنى قوله ( متوفيك ) من الاستيفاء وهو قبض الروح ولا يكون ذلك الا عند الموت ومما يؤكد هذا المعنى قوله تعالى { وَرَافِعُكَ إِلَيَّ}فلا يكون الرفع الى الله تبارك وتعالى رفعاً مادياً اي ان المرفوع بدن عيسى وروحه اي انه رفع الى الله او السماء وهو حي لأن الله سبحانه وتعالى لا يؤين بأين ولا يكيف بكيف فهو لا تحده الحدود بل هو في كل مكان ولا يحل بمكان فلا يصح ان يقال انه في السماء انما اقترن ذكر الله مع السماء للاشارة الى العلو والارتفاع والمعنى وبذلك فمن غير الصحيح ان يكون رفع عيسى كما يفهمه البعض رفعاً مادياً وقد انكر ذلك المفسرون وعلماء الكلام فقد قال صاحب الميزان السيد الطباطبائي في تفسيره ما هذا نصه : ( قوله تعالى { وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ } الرفع خلاف الوضع ، والطهارة خلاف القذارة ، وقد مر الكلام في معنى الطهارة - وحيث قيد الرفع بقوله : { الي } أفاد ذلك ان المراد بالرفع الرفع المعنوي دون الرفع الصوري اذ لا مكان له تعالى من سنخ الامكنة الجسمانية التي تتعاورها الاجسام والجسمانيات بالحلول والقرب والبعد من قبيل قوله تعالى في ذيل الاية : { ثم الي مرجعكم } وخاصة لو كان المراد بالتوفي هو القبض لظهور ان المراد حينئذ هو رفع الدرجة والقرب من الله سبحانه نظير ما ذكره تعالى في حق المقتولين في سبيل الله { احياء عند ربهم } ال عمران 169 ، وما ذكره في حق ادريس عليه السلام {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً }مريم57) انتهى كلام صاحب الميزان. وبهذا يتبين لنا واضحاً ان رفع عيسى (ع) رفعاً معنوياً اي ان المرفوع الى الله والسماء هي روحه الطاهرة لا جسده الشريف كما يعتقد البعض فمن غير الممكن ان تسري قوانين عالم الملك على عالم الملكوت فعالم الملكوت عالماً معنوياً وروحياً وليس عالماً مادياً جسمانياً وقد حاول بعض المفسرن تفسير الوفاة تفسيراً لغوياً من قبيل المجازات وماشابه لكي يتلائم مع تصورهم بأن عيسى (عليه السلام) حي لم يمت فقالوا ان الوفاة من الاستيفاء اي قبض الشيء واستيفاءه كاملاً من دون نقص فيه وما الى ذلك من المعاني اللغوية للكلمة الا انهم لم يلتفتوا ان المولى عزوجل قرن ذكره للوفاة في القرآن بالموت فكلما ذكر الوفاة اشار الى الموت من قبيل قوله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }الزمر42. وقال تعالى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ }الأنعام61. وقال تعالى :{ إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} آل عمران 55.وقوله عزوجل: {وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً} النساء 15.وقوله تعالى {قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ} السجدة11. وقوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيراً}النساء 97.وقوله تعالى {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ فَأَلْقَوُاْ السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} النحل 28. وقوله تعالى { الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}النحل 32. وقوله تعالى {وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلآئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ} الانفال 50. وقوله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاء إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} الحج 5. وقال تعالى {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى مِن قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلاً مُّسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} غافر67. وقال تعالى {مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} المائدة 117. فهذه هي الايات التي ذكرت الوفاة في القرآن وكلها كما هو واضح تتحدث عن الموت ولم ترد اية واحدة تحدثت عن الوفاة في غير حال الموت وهذا ان دل على شيء فانما يدل على ان المولى عندما يذكر الوفاة ويتحدث عنها انما يريد الموت ليس الا فلا مبرر ولامسوغ للمفسرين في تفسير الوفاة بحسب المعاني اللغوية كأستيفاء الشيء وغيره . ثم اننا وبالرجوع الى نفس الاية يتبين لنا من قوله تعالى {الي مرجعكم} ان المقصود هنا هو الموت لانه اشارة الى القيامة والحساب في (مرجعكم) ولاتكون القيامة والحساب الا بعد الموت . وبهذا تبين لنا واضحاً ان الايات التي تحدثت عن وفاة النبي عيسى(عليه السلام) كانت تشير الى موته سلام الله عليه اما اذا قيل فما معنى قوله عزوجل ورافعك الي اليس في ذلك دلالة على انه لم يمت ؟ فاقول : ليس في ذلك دلالة على ان عيسى رفع حياً الى السماء بل العكس هو الصحيح والحق ان المرفوع الى السماء روحه دون بدنه (ع) على نحو العروج كما كان في عروج روح النبي محمد (ص) ليلة الاسراء والمعراج وهذا ما جاء في الروايات فقد جاء في الرواية لشريفة الواردة عن ابي أسحاق السبيعي وغيره قال خطب الحسن بن علي (ع) في صبيحة الليلة التي قبض فيها امير المؤمنين (ع) فحمد الله واثنى عليه وصلى على رسول الله (ص) ثم قال لقد قبض في هذه اليلة رجل لم يسبقه الاولون بعمل ولم يدركه الاخرون بعمل - الى ان قال - ولقد توفي في الليلة التي عرج فها عيسى بن مريم والتي قبض فها يوشع بن نون وصي موسى . بحار الانوار ج43 ، الارشاد ج2 . وفي أثناء هذا العروج قبض الله عز وجل روح نبيه عيسى (ع) بين السماء والارض بينما كان جسده في الارض كما كان من شأن ادريس النبي (ع) حيث قبضت روحه في السماء كما ذكرت ذلك الاخبار واليك ما يؤكد ذلك فعن علي بن الحسن الفضال عن ابيه عن الرضا (ع) انه قال في حديث طويل في وصف الائمة (عليهم السلام) وانهم يقتلون بالسيف او بالسم وساق الحديث الى ان قال (ع) ما شبه امر احد من انبياء الله وحججه عليهم السلام للناس الا امر عيسى ابن مريم وحده لانه رفع من الارض حياً - اشار الى عروج روحه(ع) وهو حي - وقبض روحه بين السماء والارض ثم رفع الى السماء ورد عليه روحه وذلك قوله عزوجل ((اذ قال الله ياعيسى اني متوفيك ورافعك الي ومطهرك من الذين كفروا)) وقال عزوجل حكاية لقول عيسى(ع) وكنت عليهم شهيداً مادمت فيهم فلما توفيتني كنت انت الرقيب عليهم وانت على كل شيء شهيد ). بحار الانوار ج14. اما اذا قيل فما معنى قول الامام الرضا(ع) ((رد عليه روحه)). والصحيح ان معنى (رد عليه روحه) اي اطلقها بعد ان قبضها ملك الموت واعوانه على غرار اطلاق ارواح الانبياء والائمة والاولياء (عليهم لسلام) لتنعم في الجنان التي اعدها الله للانبيائه ورسله وعباده المتقين كما اطلق ارواح الانبياء عليهم السلام من قبل وليس في ذلك دليل على احياءه بعد موته كما قد يتصور البعض وهو ما لم يقل به احد اطلاقاً وهذا المعنى يظهر واضحاً وجلياً في حديث الاسراء والمعراج حيث عاين النبي محمد (ص) اخوانه من انبياء الله ورسله في السموات وسلم عليهم وسلموا عليه فقد عاين نوح وابراهيم وموسى وعيسى(عليهم السلام). والسؤال الذي يطرح نفسه الان بقوة هو عن معنى وماهية وجود الانبياء المذكورين والذين رائهم الرسول الكريم (ص) في السماء هل ان وجودهم بارواحهم وابدانهم ام بارواحهم فقط ؟ علماً ان الاول مخالف لما عليه عقائد المسلمين ثم ان هؤلاء الانبياء ماعدا عيسى عليه لسلام لانقاش في موتهم ودفن اجسادهم في الارض وبهذا يتعين ان الذين رائهم النبي (ص)في السماء هي ارواح الانبياء عليهم السلام وبهذا يتبين ان النبي محمد(ص) رأى ايضاً روح عيسى عليه السلام لا روحه وبدنه كما عاش في الدنيا لانه اما ان نقول كل الانبياء في السماء احياء بارواحهم وابدانهم كما عاشوا في الدنيا وهذا قد تبين بطلانه اما ان نقول ان جميع من في السماء من الانبياء هم احياء بارواحهم فقط من دون وجود لهذه الابدان لان طبيعة وماهية العوالم التي تمر بها الروح مختلفة وليست هي طبيعية وماهية واحدة . وتلك الحياة على غرار حياة الذين قتلوا في سبيل الله فهم قد دفنت ابدانهم في الارض الا ان المولى تبارك وتعالى عبر عنهم بانهم احياء عند ربهم يرزقون ومعنى ذلك حياتهم بارواحهم في الجنان قال تعالى {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ }آل عمران169 وبهذا يتبين لنا ان النبي عيسى عليه وعلى نبينا افضل الصلاة والسلام حي عند الله يرزق على غرار حياة الانبياء والائمة والاولياء والصالحين والشهداء الذين قتلوا في سبيل ، وقد يسئل سائل لماذا اقترن ذكرعيسى عليه السلام بالحياة دون باقي المقتولين في سبيل الله ممن ذكر انفاً لو كان الامر كما تقولون ؟ فاقول : خص بذلك لانه سلام الله تعالى عليه لم يقتل بل ان الله توفاه واماته من دون ان يتدخل في ذلك انسان كأن قتله او سمه او ما الى ذلك، فلكي لايتوهم البعض ان عيسى عليه السلام دون غيره من الانبياء في المرتبة وعلو المقام اشعرت بعض الايات والاحاديث والروايات بانه حي لم يمت كما هو الحال في ادريس (ع) فقد توفاه الله وقبض روحه في السماء كما دلت الاحاديث على ذلك وقال الله عزوجل عنه (ورفعناه مكاناً علياً) . اما بالنسبة لمسألة نزوله عليه السلام في اخر الزمان من السماء في عصر الظهور الشريف فاقول : ان معنى ذلك هو نزول روحه الطاهرة الى الارض لكي تسدد وتؤيد شخص يدعو المسيحين لنصرته بحسب مفهوم الرجعة الروحية التي تقدم الكلام عنها وقد اثباتنا صحة وقوعها وتحققها .
الخلاصة :-
وأخيراً نورد اقوال بعض العلماء الذين اعتقدوا بموت عيسى بن مريم (ع) فقد قال العالم والعارف ابن العربي ما هذا نصه : (( ولما كان مرجعه الى مقره الاصلي ولم يصل الى الكمال الحقيقي وجب نزوله في آخر الزمان ببدن أخر )) هامش عرائس البيان ج1 . وفي هذا القول اشارة واضحة الى الرجعة الروحية وقال ابن الوردي : (( ان نزول عيسى خروج رجل يشبهه في الفضل والشرف )) فريدة العجائب وفريد الغرائب . وذكر الرازي في تفسير قوله تعالى {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} اي رافعك الى محل كرامتي ، وجعل ذلك رفعاً اليه للتفخيم والتعظيم . وقال تعالى { مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ }المائدة75. وهذه الاية نزلت في المسيح وأمه بدون استثناء والمعلوم ان امه (ع) قد ماتت وقال تعالى { وما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ }آل عمران144. أليس في ذلك دلالة على موت عيسى (ع) . واما ما جاء في الرواية الواردة والتي تقول (( لا مهدي الا عيسى بن مريم )) والتي حاول البعض التشكيك فيها وردها بدلاً من محاولة فهمها ومعرفتها فنقول ان هناك نقطة أستدلال لجميع البشر في العالم فأن المسلمين ينقسمون الى سنة وشيعة فأمام السنة فأنهم ينتظرون المهدي الحسني الذي يولد في أخر الزمان فهم لا يؤمنون بالامام المهدي (ع) الا عن طريق هذه النقطة اما الشيعة فانهم موعودين منتظرين لليماني الموعود صاحب دعوة الامام والممهد له اما بالنسبة للمسيحيين فأنهم ينتظرون المسيح عيسى بن مريم (ع) اما اليهود فانهم ينتظرون المسيح المنتظر والحقيقة ان نقطة الاستدلال لابد ان تكون واحدة والا لما امكن توحيد الشعوب وايمانهم بقضية المنقذ الالهي الامام المهدي (ع) فلا بد ان يكون المهدي الحسني الذي ينتظره السنة هو نفسه اليماني الذي تنتظره الشيعة وهو نفسه شبيه عيسى بن مريم (ع) والذي يدعو المسيحيين ويؤمن بدعوته الكثير منهم كما أنه هو من يقيم الحجة على اليهود ويثبت لهم انه هو من ينتظرونه وليس ثمة شخص اخر فاذا اجتمعت كلمة الناس وأمنوا بأنه هو من كان ينتظرون عندئذ سوف يقوم بتسليم الامر للامام المهدي (ع) ويجمع الامم تحت رايته وبهذا يتضح ان هناك نقطة استدلال للامام (ع) على الامم والشعوب وهذه النقطة لا بد ان تكون واحدة تستدل بها كل امة على امر المنقذ في اخر الزمان وبهذا يتضح لنا معنى الرواية المتقدمة (( لا مهدي الا عيسى بم مريم )) اي ان المهدي الحسني اليماني هو نفسه عيسى بن مريم في اخر الزمان على حسب مفهوم الرجعة الروحية . ويكون ذلك الشخص حتماً هو ابن الانسان في اخر الزمان لانه مولود من ام واب وله شبه خلقي وخلقي كبير من النبي عيسى(ع) كما سبق ان قلنا وهذا الشخص هو من يتكفل بدعوة المسيحيين في اخر الزمان ويكون مسدداً بروح القدس كما كان عيسى عليه السلام وان كان بنسبة متفاوتة وتكون دعوته للمسيحية الحقة التي دعى لها عيسى بن مريم عليهما السلام من قبل والتي هي في الواقع منبثقة من الاسلام الحقيقي كما قال تعالى :{ فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}ال عمران52. وقال تعالى{وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي قَالُوَاْ آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ} المائدة111. وسوف يؤمن البعض من المسيحين بدعوة هذا الشخص بل انهم سوف يعتقدون بانه هو عيسى بن مريم عليه السلام كما يعتقد المسلمين ذلك الا انه سوف يبين لهم حقيقة الامر الذي بات خافياً على الناس طوال هذه العقود من الزمن .
من فكر السيد ابو عبد الله القحطاني

لن نذل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 862
اشترك في: السبت مايو 28, 2005 9:16 pm

Re: رجعة عيسى عليه السلام العلامة اسماعيل الكبسي

مشاركة بواسطة لن نذل »

حياكم الله اخواني الأعزاء .. احب ان اوضح انه لا يوجد اجماع عند المسلمين بخصوص رجعة عيسى عليه السلام وهي مسألة فرعية بالنسبة لأئمة أهل البيت وشيعتهم من الزيدية، و لم يهتم بها الكثير منهم .
وعليكم بالرجوع لأمهات كتب أئمة الزيدية ومراجعة رواياتهم للتأكد من ذلك .
وبالنسبة لموضوع مالفائدة من انكار الرجعة ، فلأن من ينكرها يرد السؤال لمن يثبتها ، كيف يثبت شي غير واقعي ومالفائدة من اثبات شي غير صحيح .
وعلى كل حال كنت كتبت بحث متواضع حول الموضوع ووضحت فيه مالاضرار الناتجة عن الايمان والاعتقاد بهذه القضية الخيالية وكيف تسربت الى الزيدية التي لا يشوبها في العقائد شيء من خزعبلات بعض الفرق الأخرى.
بالنسبة للأخوة الجعفرية اتفهم لماذا دفاعهم المستميت لاثبات رجعة عيسى عليه السلام وذلك لجعله استدلالا لعقيدة الرجعة عندهم ، ولكن لا اتفهم استماتة بعض الزيدية في الدفاع عن عقيدة لم يقطع بصحتها حتى أئمتهم.

البحث لمن يريد الاطلاع على الرابط التالي :
http://www.almajalis.org/forums/viewtop ... =2&t=13259

شكرا لكم
سأجعل قلبي قدساً، تغسله عبراتي، تطهره حرارة آهاتي، تحييه مناجاة ألآمي، سامحتك قبل أن تؤذيني، وأحبك بعد تعذيبي..

برهان
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 24
اشترك في: الأحد يناير 27, 2008 9:03 am

Re: رجعة عيسى عليه السلام العلامة اسماعيل الكبسي

مشاركة بواسطة برهان »

×××××××××××××××××××

لا يسمح رمي التهم ومحاولة التشهير في المجالس .. المشرف

عبدالسلام
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 74
اشترك في: الاثنين إبريل 06, 2009 7:08 pm

Re: رجعة عيسى عليه السلام العلامة اسماعيل الكبسي

مشاركة بواسطة عبدالسلام »

اخي الفاضل لن نذل

من انكر رجعه عيسى عليه السلام من ائمه الزيديه ؟

وفي اي كتاب من امهات كتب الزيديه وجدت انكار رجعته ؟

خبر من اخبار الغيب تلقته الامه بالقبول ولا دليل يركن اليه في انكاره
واذا كنت ستتبع كل ماذكر من اخبار الساعه وتنكره لان بعض الائمه عليهم السلام لم يذكره فلن يبقى شيء من اخبار الساعه الا وشككنا فيه ورددناه

علامات الساعه المذكوره عند اهل السنه لايجب ردها وتكذيبها لان ائمه الزيديه لم يذكروها فليس كل شيء يجب ان يورده الائمه عليهم السلام ويناقشوه
هذه مسائل لامصلحه لاحد في اختلاقها وخارجه عن اطار الخلاف المذهبي

واعتقد ان الاصل في مثل هذه القضايا القبول او التوقف وهي كلها فرعيه ليس عند الزيديه فحسب بل عند كل المذاهب الاسلاميه


هذا بالاضافه الى ان رجعه عيسى عليه السلام مرويه عن الائمه كما ذكر ذلك الامام الحسين بن القاسم
يقول الإمام الحسين بن القاسم العياني عليه السلام في تفسير قوله تعالى {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ}[النساء:159] :-

((يحتمل أن يريد إلا مَن قد آمن، وأتى بالمستقبل بمعنى الماضي. ويحتمل إن ما روي عن الأئمة عليهم السلام يُظهره في آخر الزمان، يدعو إلى طاعته وطاعة المهدي، ويصلي خلفه)) .

لن نذل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 862
اشترك في: السبت مايو 28, 2005 9:16 pm

Re: رجعة عيسى عليه السلام العلامة اسماعيل الكبسي

مشاركة بواسطة لن نذل »

حياك الله أخي عبدالسلام

لم أقل في كلامي في الأعلى ولا في بحثي الذي نشرته عن هذا الموضوع أن هناك من أنكر من الأئمة ، ولكن قلت لا يوجد إمام من أئمة الزيدية أثبت رجعة عيسى بشكل صريح وقاطع، وإنما بعض الأئمة الذين ذكروا مرويات تتحدث عن الرجعة اعتبروا المسألة فرعية ولم يثبتوها، وهؤلاء الأئمة قد لا يتجاوز عددهم الاربعة او الأقل حسب علمي المتواضع.

ويمكن ان اعيد لك السؤال فأقول من من أئمة الزيدية أثبت رجعة عيسى عليه السلام ؟

وأتمنى منك مادامك مهتم بهذا الموضوع أن تتكرم وتقرأ البحث الذي وضعت رابطه في المشاركة السابقة ، بحيث نناقش المسألة بشكل مفيد أكثر ومفصل ، وقد أوردت فيه كل الروايات التي وجدتها في امهات كتب أئمة الزيدية ، وفي حال لديك روايات أخرى اتمنى إدراجها هناك ، مع مناقشة المسائل التي طرحتها.

القضية لا يمكن نقاشها بإلزام الآخر برواية او برأي وإنما يكون بطرح الأدلة والحجج ، وفي البحث الذي في الأعلى للعلامة الكبسي طرح أدلة وحجج على كلامة من المهم نقاشها وليس انكارها بشكل عام فقط ، وكذلك في بحثي ايضا طرحت كثيرا من التساؤلات استناداً لشبهات كثيرة وأتمنى أن يرد عليها ويوضحها الاساتذة والعلماء .

لك خالص الود
سأجعل قلبي قدساً، تغسله عبراتي، تطهره حرارة آهاتي، تحييه مناجاة ألآمي، سامحتك قبل أن تؤذيني، وأحبك بعد تعذيبي..

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الدراسات والأبحاث“